فصل: قال الماوردي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمواتِ وَالأَرْضِ} فيه وجهان:
أحدهما: أن رزق السموات المطر ورزق الأرض النبات، قاله الكلبي.
الثاني: أن رزق السموات ما قضاه من أرزاق عباده، ورزق الأرض ما مكنهم فيه من مباح.
{قُلِ اللَّهُ} وهذا جواب قل من يزرقكم من السموات والأرض، ويحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون للمشركين حين سئلوا عن ذلك لأنهم لا يجحدون أن الله رازقهم.
الثاني: أن يكون أمرًا في أمر الله أي يجابوا به لأنهم لا يجحدونه لتقوم به الحجة عليهم.
{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: معناه: إننا نحن لعلى هدى وإنكم أنتم لفي ضلال مبين، قاله عكرمة وأبو عبيدة وزياد بن أبي مريم. قال الفراء: أو بمعنى الواو.
الثاني: أن أحدنا لعلى هدى والآخر لفي ضلال مبين، دفعًا لأنقصهما، ومنعًا من أرذلهما كقول القائل: إن أحدنا لكاذب، دفعا للكذب عن نفسه وإِضافته إلى صاحبه وإن أحدنا لصادق، إضافة للصدق إلى نفسه ودفعًا عن صاحبه، قاله مجاهد.
الثالث: معناه: الله رزقنا وإياكم لعلى هدى كنا أو في ضلال مبين حكاه النقاش.
قوله عز وجل: {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا} يعني يوم القيامة.
{ثُمُّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ} أي يقضي بيننا لأنه بالقضاء يفتح وجه الحكم، وقال السدي هي لغة يمانية.
قوله: {بِالْحَقِّ} قال مجاهد: بالعدل.
{وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَليمُ} أي القاضي العليم وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها: العليم بما يخفون، قاله محمد بن إسحاق.
الثاني: العليم بالحكم، قاله ابن زياد.
الثالث: العليم بخلقه، قاله مقاتل.
قوله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: يعني أنه رسول إلى كافة الناس أي إلى جميعهم، قال ابن عباس.
الثاني: معناه أنك رسول الله إلى جميع الناس وتضمهم، ومنه كف الثوب لأنه ضم طرفيه.
الثالث: معناه إنا أرسلناك كافًا للناس أي مانعًا لهم من الشرك وأدخلت الهاء للمبالغة، قاله ابن بحر.
قوله عز وجل: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} يعني كفار العرب، {لَن نُّؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْءانِ وَلاَ بِالَّذي بَيْنَ يَدَيْهِ} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: التوراة، والإِنجيل، قاله السدي.
الثاني: من الأنبياء والكتب، قاله قتادة.
الثالث: من أمر الآخرة، قاله ابن عيسى. قال ابن جريج: قائل ذلك أبو جهل ابن هشام.
قوله عز وجل: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: معناه بل غركم اختلاف الليل والنهار، قاله السدي.
الثاني: بل عملكم من الليل والنهار، قاله سفيان.
الثالث: بل معصية الليل والنهار، قاله قتادة.
الرابع: بل مر الليل والنهار، قاله سعيد بن جبير.
الخامس: بل مكرهم في الليل والنهار، قاله الحسن.
{إذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا} فيه وجهان:
أحدهما: أشباهًا، قاله سعيد بن جبير.
الثاني: شركاء، قاله أبو مالك.
قوله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ} يعني من نبي ينذرهم بعذاب الله.
{إلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا} فيهم ثلاثة تأويلات:
أحدها: يعني جبابرتها، قاله ابن جريج.
الثاني: أغنياؤها، قاله يحيى بن سلام.
الثالث: ذوو النعم والبطر، قاله ابن عيسى.
قوله عز وجل: {نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وأَوْلاَدًا} قالوا ذلك للأنبياء والفقراء ويحتمل قولهم ذلك وجهين:
أحدهما: أنهم بالغنى والثروة أحق بالنبوة.
الثاني: أنهم أولى بما أنعم الله عليهم من الغنى أن يكونوا على طاعة.
{وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} يحتمل وجهين:
أحدهما: أي ما عذبنا بما أنتم فيه من الفقر.
الثاني: أي ما أنعم الله علينا بهذه النعمة وهو يريد عذابنا، فرد الله تعالى عليهم ما احتجوا من الغنى فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم.
{قُلْ إنَّ رَبِّي يُبْسُطُ الرّزْقَ لِمَن يَشَاء} أي يوسعه.
{وَيَقْدِرُ} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: أن يقترعليه، قال الحسن يبسط لهذا مكرًا به، ويقدر لهذا نظرًا له.
الثاني: بنظره له، رواه حصين بن أبي الجميل.
الثالث: بخير له، رواه حارث بن السائب.
{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} أن الله يوسع على من يشاء ويقتر على من يشاء.
قوله عز وجل: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلاَدُكُمْ بالتَّي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى} قال مجاهد: أي قربى والزلفة القربة، ويحتمل وجهين:
أحدهما: أن أموالكم في الدنيا لا تدفع عنكم عذاب الآخرة.
الثاني: أن إنعامنا بها عليكم في الدنيا لا يقتضي إنعامنا عليكم بالجنة في الآخرة.
{إلاَّ مَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} روى ليث عن طاووس أنه كان يقول اللهم ارزقني الإيمان والعمل، وجنبني المال والولد، فإني سمعت فيما أوحيْتَ {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بَالَّتِي تُقَرِّبْكْمُ عِندَنَا زُلْفَى إلاَّ مَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صالِحًا}.
{فَأُوْلئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُواْ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه أضعاف الحسنة بعشر أمثالها، وأضعاف الدرهم بسبعمائة، قاله ابن زيد.
الثاني: أن المؤمن إذا كان غنيًا تقيًا آتاه الله أجره مرتين بهذه الآية، قاله محمد بن كعب.
الثالث: يعني فله جزاء مثل عمله لأن الضعف هو المثل ويقتضي ذلك المضاعفة، قاله بعض المتأخرين.
{وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ ءَامِنُونَ} يعني غرفات الجنة.
{ءَامِنُونَ} فيه أربعة أقاويل:
أحدها: آمنون من النار، قاله يحيى ابن سلام.
الثاني: من انقطاع النعم، قاله النقاش.
الثالث: من الموت، قاله مقاتل.
الرابع: من الأحزان والأسقام.
قوله عز وجل: {وَما أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: فهو يخلفه إن شاء إذا رأى ذلك صلاحًا كإجابة الدعاء، قاله ابن عيسى.
الثاني: يخلفه بالأجر في الآخرة إذا أنفقه في طاعة، قاله السدي.
الثالث: معناه فهو أخلفه لأنه نفقته من خلف الله ورزقه، قاله سفيان بن الحسين.
ويحتمل رابعًا: فهو يعني عنه.
قوله عز وجل: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا} يعني المشركين ومن عبدوه من الملائكة.
{ثُمَّ نَقُولُ لِلْمَلآَئِكَةِ أَهَؤلاء إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ} وهذا السؤال للملائكة تقرير وليس باستفهام، وإن خرج مخرج الاستفهام.
{قََالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم} فيه وجهان:
أحدهما: أنت الذي توالينا بالطاعة دونهم.
الثاني: أنت ناصرنا دونهم.
{بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ الْجِنَّ} يعني أنهم أطاعوا الجن في عبادتنا، وصاروا بطاعتهم عابدين لهم دوننا.
{أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ} أي جميعهم بهم مؤمنون، وهذا خروج عن الظاهر.
قوله عز وجل: {وََمَا ءَاتَينَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا} يعني مشركي قريش ما أنزل الله تعالى عليهم كتابًا قط يدرسونه، فيه وجهان:
أحدهما: فيعلمون بدرسه أن ما جئت به حق أم باطل، قاله السدي.
الثاني: فيعلمون أن الله تعالى شريكًا على ما زعموه، قاله ابن زيد.
{وَمَا أَرْسَلْنَا إلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ} أي ما بعثنا إليهم رسولًا غيرك.
قوله عز وجل: {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} يعني من قبل أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
{وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَا ءاتَيْنَاهُمْ} فيه أربعة:
أحدها: يعني أنهم ما عملوا معشار ما أمروا به، قاله الحسن.
الثاني: أنه يعني ما أعطى الله سبحانه قريشًا ومن كذب محمدًا صلى الله عليه وسلم من أمته معشار ما أعطى من قبلهم من القوة والمال، قاله ابن زيد.
الثالث: ما بلغ الذين من قبلهم معشار شكر ما أعطيناهم، حكاه النقاش.
الرابع: ما أعطى الله من قبلهم معشار ما أعطاهم من البيان والحجة والبرهان. قال ابن عباس فليس أمة أعلم من أمته ولا كتاب أبين من كتابه.
وفي المعشار ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه العشر وهما لغتان.
الثاني: أنه عشر العشر وهو العشير.
الثالث: هو عشير العشير، والعشير عشر العشر، فيكون جزءًا من ألف جزء، وهو الأظهر، لأن المراد به المبالغة في التقليل.
{فَكَذَّبُواْ رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} أي عقابي وفي الكلام إضمار محذوف وتقديره: فأهلكناهم فكيف كان نذير.
قوله عز وجل: {قُلْ إنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ} فيه قولان:
أحدهما: يعني بطاعة الله عز وجل، قاله مجاهد.
الثاني: بالا إله إلا الله، قاله السدي.
ويحتمل ثالثًا: بالقرآن لأنه يجمع كل المواعظ.
{أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى} يعني أن تقوموا لله بالحق، ولم يُرد القيام على الأرجل كما قال تعالى: {وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسطِ} [النساء: 127].
وفي قوله: {مَثْنَى وَفُرَادَى} ثلاثة أوجه:
أحدها: معناه جماعة وفرادى، قاله السدي.
الثاني: منفردًا برأيه ومشاورًا لغيره، وهذا قول مأثور.
الثالث: مناظرًا مع غيره ومفكرًا في نفسه، قاله ابن قتيبة.
ويحتمل رابعًا: أن المثنى عمل النهار، والفرادى عمل الليل، لأنه في النهار. مُعانٌ وفي الليل وحيد.
{ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ} قال قتادة أي ليس بمحمد جنون.
{إنْ هُوَ إلاَّ نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} يعني في الآخرة، قال مقاتل: وسبب نزولها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل كفار قريش ألا يؤذوه ويمنعوا منه لقرابته منهم حتى يؤدي رسالة ربه، فسمعوه يذكر اللات والعزى في القرآن فقالوا يسألنا ألا نؤذيه لقرابته منا ويؤذينا بسبب آلهتنا فنزلت هذه الآية.
قوله عز وجل: {قُلْ مَا سأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ} فيه قولان:
أحدهما: من مودة قاله ابن عباس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأل قريشًا أن يكفوا عن أذيته حتى يبلغ رسالة ربه.
الثاني: من جُعْل قاله قتادة، ويشبه أن يكون في الزكاة.
ويحتمل ثالثاُ: أن أجر ما دعوتكم إليه من إجابتي فهو لكم دوني.
{إنْ أَجْرِيَ إلاَّ عَلَى اللَّهِ} أي ما ثوابي إلا على الله في الآخرة.
{وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٍ} فيه وجهان:
أحدهما: شهيد أن ليس بي جنون.
الثاني: شهيد أني لكم نذير بين يدي عذاب شديد.
قوله عز وجل: {قُلْ إنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ} فيه تأويلان:
أحدهما: بالوحي، قاله قتادة.
الثاني: بالقرآن، رواه معمر.
وفي قوله: {يَقْذِفُ} ثلاثة أوجه:
أحدها: يتكلم.
الثاني: يوحي.