فصل: قال البيضاوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال البيضاوي:

{قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السموات والأرض}.
يريد به تقرير قوله: {لاَّ يَمْلِكُونَ} {قُلِ الله} إذ لا جواب سواه، وفيه إشعار بأنهم إن سكتوا أو تلعثموا في الجواب مخافة الإِلزام فهم مقرون به بقلوبهم.
{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لعلى هُدًى أَوْ في ضلال مُّبِينٍ} أي وإن أحد الفريقين من الموحدين المتوحد بالرزق والقدرة الذاتية بالعبادة، والمشركين به الجماد النازل في أدنى المراتب الإِمكانية لعلى أحد الأمرين من الهدى والضلال المبينين، وهو بعد ما تقدم من التقرير البليغ الدال على من هو على الهدى ومن هو في الضلال أبلغ من التصريح لأنه في صورة الانصاف المسكت للخصم المشاغب، ونظيره قول حسان:
أَتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بكفْءٍ ** فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الفِدَاء

وقيل إنه على اللف والنشر وفيه نظر، واختلاف الحرفين لأن الهادي كمن صعد منارًا ينظر الأشياء ويتطلع عليها أو ركب جوادًا يركضه حيث يشاء، والضال كأنه منغمس في ظلام مرتبك لا يرى شيئًا أو محبوس في مطمورة لا يستطيع أن يتفصى منها.
{قُل لاَّ تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} هذا أدخل في الإِنصاف وأبلغ في الإِخباث حيث أسند الإجرام إلى أنفسهم والعمل إلى المخاطبين.
{قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا} يوم القيامة.
{ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بالحق} يحكم ويفصل بأن يدخل المحقين الجنة والمبطلين النار.
{وَهُوَ الفتاح} الحاكم الفاصل في القضايا المتغلقة.
{العليم} بما ينبغي أن يقضى به.
{قُلْ أَرُونِىَ الذين أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاء} لأرى بأي صفة ألحقتموهم بالله في استحقاق العبادة، وهو استفسار عن شبهتهم بعد إلزام الحجة عليهم زيادة في تبكيتهم.
{كَلاَّ} ردع لهم عن المشاركة بعد إبطال المقايسة.
{بَلْ هُوَ الله العزيز الحكيم} الموصوف بالغلبة وكمال القدرة والحكمة، وهؤلاء الملحقون به متسمون بالذلة متأبية عن قبول العلم والقدرة رأسًا، والضمير لله أو للشأن.
{وَمَا أرسلناك إِلاَّ كَافَّةً لّلنَّاسِ} إلا إرسالة عامة لهم من الكف فإنها إذا عمتهم قد كفتهم أن يخرج منها أحد منهم، أو إلا جامعًا لهم في الإِبلاغ فهي حال من الكاف والتاء للمبالغة، ولا يجوز جعلها حالًا من الناس على المختار.
{بَشِيرًا وَنَذِيرًا ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ} فيحملهم جهلهم على مخالفتك.
{وَيَقُولُونَ} من فرط جهلهم.
{متى هذا الوعد} يعنون المبشر به والمنذر عنه أو الموعود بقوله تعالى: {يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا} {إِن كُنتُمْ صادقين} يخاطبون به رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.
{قُل لَّكُم مّيعَادُ يَوْمٍ} وعد يوم أو زمان وعد، وإضافته إلى اليوم للتبيين ويؤيده أنه قرىء {يَوْمٍ} على البدل، وقرىء {يَوْمٍ} بإضمار أعني.
{لاَّ تَسْتَئَخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ} إذا فاجأكم وهو جواب تهديد جاء مطابقًا لما قصدوه بسؤالهم من التعنت والإِنكار.
{وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لَن نُّؤْمِنَ بهذا القرءان وَلاَ بالذى بَيْنَ يَدَيْهِ} ولا بما تقدمه من الكتب الدالة على النعت. قيل إن كفار مكة سألوا أهل الكتاب عن الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبروهم أنهم يجدون نعته في كتبهم فغضبوا وقالوا ذلك، وقيل الذي بين يديه يوم القيامة.
{وَلَوْ ترى إِذِ الظالمون مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبّهِمْ} أي في موضع المحاسبة.
{يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ القول} يتحاورون ويتراجعون القول.
{يَقُولُ الذين استضعفوا} يقول الأتباع.
{لِلَّذِينَ استكبروا} للرؤساء.
{لَوْلاَ أَنتُمْ} لولا إضلالكم وصدكم إيانا عن الإِيمان.
{لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم.
{قَالَ الذين استكبروا لِلَّذِينَ استضعفوا أَنَحْنُ صددناكم عَنِ الهدى بَعْدَ إِذْ جَاءكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُّجْرِمِينَ} أنكروا أنهم كانوا صادّين لهم عن الإِيمان وأثبتوا أنهم هم الذين صدوا أنفسهم حيث أعرضوا عن الهدى وآثروا التقليد عليه، ولذلك بنوا الإِنكار على الإِسم.
{وَقَالَ الذين استضعفوا لِلَّذِينَ استكبروا بَلْ مَكْرُ اليل والنهار} إضراب عن إضرابهم أي: لم يكن إجرامنا الصاد بل مكركم لنا دائبًا ليلًا ونهارًا حتى أعورتم علينا رأينا.
{إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بالله وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا} والعاطف يعطفه على كلامهم الأول وإضافة ال {مَكَرَ} إلى الظرف على الاتساع، وقرىء {مَكْرَ اليل} بالنصب على المصدر و {مَكْرُ اليل} بالتنوين ونصب الظرف و {مَكْرُ اليل} من الكرور.
{وَأَسَرُّواْ الندامة لَمَّا رَأَوُاْ العذاب} وأضمر الفريقان الندامة على الضلال والإضلال وأخفاها كل عن صاحبه مخافة التعيير، أو أظهروها فإنه من الأضداد إذ الهمزة تصلح للإثبات والسلب كما في أشكيته.
{وَجَعَلْنَا الأغلال في أَعْنَاقِ الذين كَفَرُواْ} أي في أعناقهم فجاء بالظاهر تنويهًا بذمهم وإشعارًا بموجب أغلالهم.
{هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} أي لا يفعل بهم ما يفعل إلا جزاء على أعمالهم، وتعدية يجزي إما لتضمين معنى يقضي أو بنزع الخافض.
{وَمَا أَرْسَلْنَا في قَرْيَةٍ مّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا} تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما مني به من قومه، وتخصيص المتنعمين بالتكذيب لأن الداعي المعظم إليه التكبر والمفاخرة بزخارف الدنيا والانهماك في الشهوات والاستهانة بمن لم يحظ منها، ولذلك ضموا التهكم والمفاخرة إلى التكذيب فقالوا: {إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافرون} على مقابلة الجمع بالجمع.
{وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَرُ أموالا وأولادا} فنحن أولى بما تدعونه إن أمكن.
{وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} إما لأن العذاب لا يكون، أو لأنه أكرمنا بذلك فلا يهيننا بالعذاب.
{قُلْ} ردًا لحسبانهم.
{إِنَّ رَبّى يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ} ولذلك يختلف فيه الأشخاص المتماثلة في الخصائص والصفات، ولو كان ذلك لكرامة وهوان يوجبانه لم يكن بمشيئته.
{ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ} فيظنون أن كثرة الأموال والأولاد للشرف والكرامة وكثيرًا ما يكون للاستدراج كما قال: {وَمَا أموالكم وَلاَ أولادكم بالتى تُقَرّبُكُمْ عِندَنَا زلفى} قربة والتي إما لأن المراد وما جماعة أموالكم وأولادكم، أو لأنها صفة محذوف كالتقوى والخصلة. وقرىء {بالذي} أي بالشيء الذي يقربكم.
{إِلاَّ مَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} استثناء من مفعول {تُقَرّبُكُمْ} أي الأموال والأولاد لا تقرب أحدًا إلا المؤمن الصالح الذي ينفق ماله في سبيل الله ويعلم ولده الخير ويربيه على الصلاح، أو من {أموالكم} و {أولادكم} على حذف المضاف.
{فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاُ الضعف} أن يجازوا الضعف إلى عشر فما فوقه، والإِضافة إضافة المصدر إلى المفعول، وقرىء بالأعمال على الأصل وعن يعقوب رفعهما على إبدال الضعف، ونصب الجزاء على التمييز أو المصدر لفعله الذي دل عليه لهم.
{بِمَا عَمِلُواْ وَهُمْ في الغرفات ءامِنُونَ} من المكاره، وقرىء بفتح الراء وسكونها، وقرأ حمزة {في الغرفة} على إرادة الجنس.
{والذين يَسْعَوْنَ في ءاياتنا} بالرد والطعن فيها.
{معاجزين} مسابقين لأنبيائنا أو ظانين أنهم يفوتوننا.
{أُوْلَئِكَ في العذاب مُحْضَرُونَ}.
{قُلْ إِنَّ رَبّى يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ} يوسع عليه تارة ويضيق عليه أخرى، فهذا في شخص واحد باعتبار وقتين وما سبق في شخصين فلا تكرير.
{وَمَا أَنفَقْتُمْ مّن شيء فَهُوَ يُخْلِفُهُ} عوضًا إما عاجلًا أو آجلًا.
{وَهُوَ خَيْرُ الرزقين} فإن غيره وسط في إيصال رزقه لا حقيقة لرازقيته.
{وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا} المستكبرين والمستضعفين.
{ثُمَّ نَقُولُ للملائكة أَهَؤُلاء إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ} تقريعًا للمشركين وتبكيتًا لهم وإقناطًا لهم عما يتوقعون من شفاعتهم، وتخصيص الملائكة لأنهم أشرف شركائهم والصالحون للخطاب منهم، ولأن عبادتهم مبدأ الشرك وأصله. وقرأ حفص ويعقوب بالياء فيهما.
{قَالُواْ سبحانك أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ} أنت الذي نواليه من دونهم لا موالاة بيننا وبينهم، كأنهم بينوا بذلك براءتهم من الرضا بعبادتهم ثم أضربوا عن ذلك ونفوا أنهم عبدوهم على الحقيقة بقولهم: {بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ الجن} أي الشياطين حيث أطاعوهم في عبادة غير الله. وقيل كانوا يتمثلون لهم ويخيلون إليهم أنهم الملائكة فيعبدونهم.
{أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ} الضمير الأول للإِنس أو للمشركين، والأكثر بمعنى الكل والثاني ل {الجن}.
{فاليوم لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعًا وَلاَ ضَرًّا} إذ الأمر فيه كله له لأن الدار دار جزاء وهو المجازي وحده.
{وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ النار التي كُنتُم بِهَا تُكَذّبُونَ} عطف على {لاَ يَمْلِكُ} مبين للمقصود من تمهيده.
{وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ ءاياتنا بَيّنَاتٍ قَالُواْ مَا هذا} يعنون محمدًا عليه الصلاة والسلام.
{إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤكُمْ} فيستتبعكم بما يستبدعه.
{وَقَالُواْ مَا هذا} يعنون القرآن.
{إِلاَّ إِفْكٌ} لعدم مطابقة ما فيه الواقع.
{مُّفْتَرًى} بإضافته إلى الله سبحانه وتعالى.
{وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لِلْحَقّ لَمَّا جَاءهُمْ} لأمر النبوة أو للإسلام أو للقرآن، والأول باعتبار معناه وهذا باعتبار لفظه وإعجازه.
{إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} ظاهر سحريته، وفي تكرير الفعل والتصريح بذكر الكفرة وما في اللامين من الإِشارة إلى القائلين والمقول فيه، وما في {لَّمًّا} من المبادهة إلى البت بهذا القول إنكار عظيم له وتعجيب بليغ منه.
{وَمَا ءاتيناهم مّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا} فيها دليل على صحة الإِشراك.
{وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مّن نَّذِيرٍ} يدعوهم إليه وينذرهم على تركه، وقد بان من قبل أن لا وجه له فمن أين وقع لهم هذه الشبهة، وهذا في غاية التجهيل لهم والتسفيه لرأيهم ثم هددهم فقال: {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ} كما كذبوا.
{وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَا ءاتيناهم} وما بلغ هؤلاء عشر ما آتينا أولئك من القوة وطول العمر وكثرة المال، أو ما بلغ أولئك عشر ما آتينا هؤلاء من البينات والهدى.
{فَكَذَّبُواْ رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} فحين كذبوا رسلي جاءهم إنكاري بالتدمير فكيف كان نكيري لهم فليحذر هؤلاء من مثله، ولا تكرير في كذب لأن الأول للتكثير والثاني للتكذيب، أو الأول مطلق والثاني مقيد ولذلك عطف عليه بالفاء.
{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بواحدة} أرشدكم وأنصح لكم بخصلة واحدة هي ما دل عليه: {أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ} وهو القيام من مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو الانتصاب في الأمر خالصًا لوجه الله معرضًا عن المراء والتقليد.
{مثنى وفرادى} متفرقين اثنين اثنين وواحدًا واحدًا، فإن الازدحام يشوش الخاطر ويخلط القول.
{ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ} في أمر محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به لتعلموا حقيقته، ومحله الجر على البدل أو البيان أو الرفع أو النصب بإضمار هو أعني.
{مَا بصاحبكم مّن جِنَّةٍ} فتعلموا ما به من جنون يحمله على ذلك، أو استئناف منبه لهم على أن ما عرفوا من رجاحة عقله كاف في ترجيح صدقه، فإنه لا يدعه أن يتصدى لادعاء أمر خطير وخطب عظيم من غير تحقق ووثوق ببرهان، فيفتضح على رءوس الأشهاد ويلقي نفسه إلى الهلاك، فكيف وقد انضم إليه معجزات كثيرة. وقيل {مَا} استفهامية والمعنى: ثم تتفكروا أي شيء به من آثار الجنون: {إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} قدامه لأنه مبعوث في نسيم الساعة.
{قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مّن أَجْرٍ} أي شيء سألتكم من أجر على الرسالة.
{فَهُوَ لَكُمْ} والمراد نفي السؤال عنه، كأن جعل التنبي مستلزمًا لأحد الأمرين إما الجنون وإما توقع نفع دنيوي عليه، لأنه إما أن يكون لغرض أو لغيره وأيًا ما كان يلزم أحدهما ثم نفى كلًا منهما. وقيل {مَا} موصولة مراد بها ما سألهم بقوله: {مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إلى رَبّهِ سَبِيلًا} وقوله: {لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ المودة في القربى} واتخاذ السبيل ينفعهم وقرباه قرباهم.
{إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى الله وَهُوَ على كُلّ شيء شَهِيدٍ} مطلع يعلم صدقي وخلوص نيتي، وقرأ ابن كثير وأبو بكر وحمزة والكسائي بإسكان الياء.
{قُلْ إِنَّ رَبّى يَقْذِفُ بالحق} يلقيه وينزله على من يجتبيه من عباده، أو يرمي به الباطل فيدمغه أو يرمي به إلى أقطار الآفاق، فيكون وعدًا بإظهار الإِسلام وإفشائه. وقرأ نافع وأبو عمرو بفتح الياء.
{علام الغيوب} صفة محمولة على محل {إِن} واسمها، أو بدل من المستكن في {يَقْذِفُ} أو خبر ثان أو خبر محذوف. وقرىء بالنصب صفة ل {رَبّي} أو مقدرًا بأعني. وقرأ حمزة وأبو بكر {الغيوب} بالكسر كالبيوت وبالضم كالعشور، وقرىء بالفتح كالصبور على أنه مبالغة غائب.
{قُلْ جَاء الحق} أي الإِسلام.
{وَمَا يُبْدِىء الباطل وَمَا يُعِيدُ} وزهق الباطل أي الشرك بحيث لم يبق له أثر مأخوذ من هلاك الحي، فإنه إذا هلك لم يبق له إبداء ولا إعادة قال:
أَقْفَر مِنْ أَهْلِهِ عبيد ** فَالْيَوْمَ لاَ يُبْدِي وَلاَ يُعِيد