فصل: بحث في الآية: {وللرجال عليهن درجة}:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.بحث في الآية: {وللرجال عليهن درجة}:

الحمد لله خالق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى، وأشهد أن لا إله إلا الله يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير، وبعد:
يقول تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم} [البقرة: 228]، وحول آخر الآية يقول ابن كثير رحمه الله: أي ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن، فليؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف لحديث مسلم عن جابر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في خطبة الوداع: «فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف».
ولحديث بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري عن أبيه عن جده قال: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: «أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت».
وقوله تعالى: {وللرجال عليهن درجة} أي في الفضيلة والخلق والخلق والمنزلة والطاعة والانفاق والقيام بالمصالح والفضل في الدنيا والآخرة كما قال تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم}.
فها هو الحافظ ابن كثير يستدل بالقرآن لتفسير القرآن وهو أصح التفسير؛ أن يفسر القرآن بالقرآن، فقد بدأ القرآن بحق المرأة أولًا فقال: {ولهن}، ثم ثنى بحق الرجال وقال: {عليهن} ومع التساوي في الحقوق والواجبات والتساوي في الخضوع لأحكام رب الأرض والسماوات، يبقى التقرير الإلهي: وللرجال عليهن درجة، وقوله تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض} فلابد من وجود هذه الدرجة لا لتستمر المعركة بين الرجل والمرأة، ولا لتحقيق مكاسب لصالح طرف؛ وإنما لصالح النفس الإنسانية بشقيها الرجل والمرأة على السواء، وهذه الدرجة للرجال ليست من كسبهم وإنما هي من عطاءات الله لهم لعلمه سبحانه بهم وبما يصلح من شأنهم وشأن من تولوا أمرهم.
للرجل على المرأة درجة:
وإليك أيها الكريم شيئًا من تفاصيل هذه الدرجة كما قال ابن كثير أي في الفضيلة والخلق والخلق والمنزلة وطاعة الأمر والإنفاق.
أولًا في الفضيلة: فقد اختار الله سبحانه وتعالى أنبياءه من الرجال ليحملوا كلامه ورسالاته إلى الناس ولم يختر رسلًا من النساء كما قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون} [يوسف: 109]، يقول ابن كثير في تفسيره إنما أرسل رسله من الرجال لا من النساء، وهذا قول جمهور العلماء، وأن الله تعالى لم يوحِ إلى امرأة من بنات آدم، وحي تشريع، والذي عليه أهل السنة والجماعة أنه ليس في النساء نبيةٌ وإنما فيهن صِدِّيقات، كما قال تعالى: {ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام} فوصفها في أشرف مقاماتها بالصديقية، فلو كانت نبية لذكر ذلك في مقام التشريف والإعظام، فهي صديقة بنص القرآن.
ويقول ابن حجر باب وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك ليس بصريح أنها نبية ولا يمنع وصفها بأنها صديقة، فقد وصف يوسف بذلك.
ونقل النووي أن إمام الحرمين نقل الإجماع على أن مريم ليست نبية، وعن الحسن ليس في النساء نبية ولا في الجن. انتهى بتصرف.
ثانيًا: للرجال درجة في الخَلْق والخُلُق:
فالذي خَلَق هو الذي لم يجعل النوعين شيئًا واحدًا، فقد قال تعالى: {فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم} [آل عمران: 36]، ومن الأسرار العجيبة أن كلمة وضعتُ قرئت بالضمة في التاء من قراءة ابن عامر فيكون من جملة كلام امرأة عمران وهي التي تشهد وتقول: ليس الذكر كالأنثى، وعلى قراءة الجمهور بسكون التاء يكون تقرير رب العالمين: ليس الذكر كالأنثى لا في الخلق ولا التكوين ولا الاستعداد الفطري، فقد زودت المرأة بالرقة والعطف وسرعة الانفعال، والاستجابة العاجلة لمطالب الطفولة بغير وعي ولا سابق تفكير بل بغير إرادة أحيانًا، وهذه ليست خصائص سطحية وإنما هي غائرة في التكوين العضوي والعصبي للمرأة وفي كل خلية من خلاياها، وزود الرجل بالخشونة والصلابة وبطء الانفعال والاستجابة واستخدام الوعي والتفكير قبل الحركة، لأن وظائفه كلها تحتاج إلى قدر من التروي قبل الإقدام.
كذلك ليس الذكر كالأنثى في التركيب البدني والهرموني والدماغي ليس الذكر كالأنثى في فرض بعض الأمور الشرعية مثل الجهاد، فإنه لم يُفرض على النساء ولله تعالى الحكمة في ذلك؛ لأن المرأة هي التي تلد الرجال الذين يجاهدون، وهي مهيأة لولادة الرجال بكل تكوينها العضوي والنفسي ومهيأة لإعدادهم للجهاد وللحياة على حد سواء، فالحرب حين تحصد الرجال وتستبقي الإناث تدع للأمة مراكز إنتاج الذرية، فرجل واحد مع أربع نساء يعوض الأمة الكثير من الرجال، ولكن ألف رجل لا يملكون أن يجعلوا امرأة واحدة تنتج أكثر مما تنتج من رجل واحد، فهذا باب من أبواب حكمة الله التي لم تجعل الذكر كالأنثى وأعفت المرأة من فريضة الجهاد إلا في حالات الضرورة القصوى.
ثالثًا: للرجال درجة في المنزلة والتقديم:
فهو إمامها في الصلاة ولم يعرف التاريخ الإسلامي منذ فجره أن امرأةً مهما بلغ علمها وحفظها لكتاب الله تعالى وفقهها أن المسلمين قدموها لتصلي بهم، ولا طلبت المرأة هذا. والكل يحفظ حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عند مسلم عن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «يؤُم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواءً فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواءً فأقدمهم سِلْمًا ولا يَؤُمَّنَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه».
أليس هذا فضلا ودرجةً من قبيل تفضيل الرسول صلى الله عليه وسلم الأقرأ من الرجال وتقديمه وإن كان في القوم من هو أقرأ منه من النساء وأفقه؟!
رابعًا: هو رئيسها والحاكم عليها وليس العكس:
لقوله تعالى: {بما فضل الله بعضهم على بعض} يقول ابن كثير في تفسيره: لأن الرجال أفضل من النساء والرجل خير من المرأة، ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال، وكذلك الملك الأعظم لقوله صلى الله عليه وسلم: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة». رواه البخاري.
وكذا منصب القضاء، فالرجل أفضل من المرأة في نفسه وله الفضل عليها والإفضال، فناسب أن يكون قيمًا عليها كما قال تعالى: {وللرجال عليهن درجة} وعن ابن عباس: {الرجال قوامون على النساء} يعني: أمراء عليهن.
أقول: وأكبر شاهد على عدم الفلاح الوارد في حديث البخاري: «ولن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» ما ذكره القرآن من شأن ملكة سبأ: {إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم (23) وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون} [النمل: 23، 24]، فهو يحكمها ولا تحكمه ويسوسها ولا تسوسه، فهل عرفنا {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون} [الروم: 30]. والحمد لله رب العالمين. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)}.
أخرج أبو داود وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن أسماء بنت يزيد بن السكن الانصارية قالت: طلقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن للمطلقة عدة، فأنزل الله حين طلقت العدة للطلاق {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} فكانت أول من أنزلت فيها العدة للطلاق.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} قال: كان أهل الجاهلية يطلق أحدهم ليس لذلك عدة.
وأخرج أبو داود والنسائي وابن المنذر عن ابن عباس {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر} [الطلاق: 4] فنسخ واستثنى، وقال: {ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها} [الأحزاب: 49].
وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والدارقطني والبيهقي في السنن عن عائشة قالت: إنما الأقراء الأطهار.
وأخرج مالك والشافعي والبيهقي من طريق ابن شهاب عن عروة عن عائشة. أنها انتقلت حفصة بنت عبد الرحمن حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة. قال ابن شهاب: فذكرت ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن فقالت: صدق عروة، وقد جادلها في ذلك ناس قالوا: إن الله يقول: {ثلاثة قروء} فقالت عائشة: صدقتم، وهل تدرون ما الإِقراء؟ الإِقراء الإِطهار. قال ابن شهاب: سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول: ما أدركت أحدًا من فقهائنا إلا وهو يقول: هذا يريد الذي قالت عائشة.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير والبيهقي عن ابن عمر وزيد بن ثابت قالا: الإِقراء الإِطهار.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن عمرو بن دينار قال: الإِقراء الحيض عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن ابن عباس في قوله: {ثلاثة قروء} قال: ثلاث حيض.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} قال: حيض.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} فجعل عدة الطلاق ثلاث حيض، ثم أنه نسخ منها المطلقة التي طلقت ولم يدخل بها زوجها فقال في سورة الأحزاب {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها} [الأحزاب: 49] فهذه تزوّج إن شاءت من يومها. وقد نسخ من الثلاثة فقال: {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم} [الطلاق: 4] فهذه العجوز التي لا تحيض والتي لم تحض فعدتهن ثلاثة أشهر، وليس الحيض من أمرها في شيء، ونسخ من الثلاثة قروء الحامل فقال: {أجلهن أن يضعن حملهن} [الطلاق: 4] فهذه ليست من القروء في شيء إنما أجلها أن تضع حملها.
وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد والبيهقي من طريق عروة وعمرة عن عائشة قالت: إذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها وحلت للأزواج. قالت عمرة: وكانت عائشة تقول: إنما القرء الطهر، وليس بالحيضة.
وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق وعبد بن حميد والبيهقي عن زيد بن ثابت قال: إذا دخلت المطلقة في الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها وحلت للأزواج.
وأخرج مالك والشافعي والبيهقي عن ابن عمر قال: إذا طلق الرجل امرأته فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ منها، ولا ترثه ولا يرثها.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبيهقي عن علقمة. أن رجلًا طلق امرأته ثم تركها، حتى إذا مضت حيضتان والثالثة أتاها وقد قعدت في مغتسلها لتغتسل من الثالثة، فأتاها زوجها فقال: قد راجعتك قد راجعتك ثلاثًا. فأتيا عمر بن الخطاب فقال عمر لابن مسعود وهو إلى جنبه: ما تقول فيها؟ قال: أرى أنه أحق بها حتى تغتسل من الحيضة الثالثة وتحل لها الصلاة. فقال عمر: وأنا أرى ذلك.
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق وعبد بن حميد والبيهقي عن علي بن أبي طالب قال: تحل لزوجها الرجعة عليها حتى تغتسل من الحيضة الثالثة، وتحل للأزواج.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود قال: أرسل عثمان بن عفان إلى أبي يسأله عن رجل طلق امرأته ثم راجعها حين دخلت في الحيضة الثالثة، قال أبي: كيف يفتي منافق؟ فقال عثمان: نعيذك بالله أن تكون منافقًا، ونعوذ بالله أن نسميك منافقًا، ونعيذك بالله أن يكون منك هذا في الإِسلام ثم تموت ولم تبينه. قال: فإني أرى أنه أحق بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة وتحل لها الصلاة.
وأخرج البيهقي من طريق الحسن عن عمر وعبدالله وأبي موسى، في الرجل يطلق امرأته فتحيض ثلاث حيض فراجعها قبل أن تغتسل، قال: هو أحق بها ما لم تغتسل.
وأخرج وكيع عن الحسن قال: تعتد بالحيض وإن كانت لا تحيض في السنة إلا مرة.
وأخرج مالك والشافعي عن محمد بن يحيى بن حيان أنه كان عند جده هاشمية وانصارية، فطلق الانصارية وهي ترضع، فمرت بها سنة ثم هلك ولم تحض، فقالت: أنا أرثه ولم أحض. فاختصموا إلى عثمان فقضى للأنصارية بالميراث، فلامت الهاشمية عثمان فقال: هذا عمل ابن عمك هو أشار علينا بهذا، يعني علي ابن أبي طالب.
وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال: إذا طلقها وهي حائض لم تعتد بتلك الحيضة.
وأخرج عبد الرزاق عن عكرمة قال: الاقراء الحيض ليس بالطهر. قال الله تعالى: {فطلقوهن لعدتهن} ولم يقل لقرؤئهن.
وأخرج الشافعي عن عبد الرحمن بن أبي بكر، أن رجلًا من الأنصار يقال له حيان بن منقذ طلق امرأته وهو صحيح وهي ترضع ابنته، فمكثت سبعة عشر شهرًا لا تحيض يمنعها الرضاع أن تحيض، ثم مرض حيان فقلت له: إن امرأتك تريد أن ترث؟ فقال لأهله: احملوني إلى عثمان فحملوه إليه، فذكر له شأن امرأته وعنده علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، فقال لهما عثمان: ما تريان؟ فقالا: نرى أنه إن مات ترثه ويرثها إن ماتت، فإنها ليست من القواعد اللاتي قد يئسن من المحيض، وليست من الأبكار اللاتي لم يبلغهن بالمحيض، ثم هي على عدة حيضها ما كان من قليل أو كثير. فرجع حيان إلى أهله وأخذ ابنته، فلما فقدت الرضاع حاضت حيضة ثم حاضت حيضة أخرى، ثم توفي حيان قبل أن تحيض الثالثة، فاعتدت عدة المتوفى عنها زوجها وورثته.
وأخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة والدارقطني والحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «طلاق الأمة تطليقتان، وقرؤها حيضتان، وفي لفظ وعدتها حيضتان».
وأخرج ابن ماجة والبيهقي من حديث ابن عمر مرفوعًا. مثله.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن زيد بن ثابت قال: الطلاق بالرجال، والعدة بالنساء.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن علي وابن مسعود وابن عباس قالوا: الطلاق بالرجال، والعدة بالنساء.
وأخرج مالك والبيهقي عن سعيد بن المسيب قال: الطلاق للرجال، والعدة للنساء.
وأخرج مالك عن سعيد بن المسيب قال: عدة المستحاضة سنة.
أما قوله تعالى: {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن}.
أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله: {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن} قال: كانت المرأة تكتم حملها حتى تجعله لرجل آخر، فنهاهن الله عن ذلك.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن} قال: علم الله أن منهن كواتم، يكتمن ضرارًا ويذهبن بالولد إلى غير أزواجهن، فنهى عن ذلك وقدم فيه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عمر {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن} قال: الحمل والحيض، لا يحل لها إن كانت حاملًا أن تكتم حملها، ولا يحل لها إن كانت حائضًا أن تكتم حيضها.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي عن مجاهد {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن} قال: الحيض والولد، لا يحل للمطلقة أن تقول: أنا حائض. وليست بحائض. ولا تقول: إني حبلى. وليست بحبلى، ولا تقول: لست بحبلى. وهي حبلى.
وأخرج ابن جرير عن ابن شهاب في قوله: {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن} قال: بلغنا أن ما خلق الله في أرحامهن الحمل، وبلغنا أنه الحيض.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي عن إبراهيم في الآية قال: أكبر ذلك الحيض، وفي لفظ: أكثر ما عنى به الحيض.
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن عكرمة قال: الحيض.
أما قوله تعالى: {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك}.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله: {وبعولتهن أحق بردهن} يقول: إذا طلق الرجل امرأته تطليقة أو تطليقتين وهي حامل فهو أحق برجعتها ما لم تضع حملها، ولا يحل لها أن تكتمه يعني حملها، وهو قوله: {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن}.
وأخرج ابن المنذر عن مقاتل بن حبان في قوله: {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك} يعني المراجعة في العدة، نزلت في رجل من غفار، طلق امرأته ولم يشعر بحملها، فراجعها وردها إلى بيته فولدت وماتت ومات ولدها، فأنزل الله بعد ذلك بأيام يسيرة {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} [البقرة: 229] فنسخت الآية التي قبلها، وبين الله للرجال كيف يطلقون النساء وكيف يتربصن.
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن مجاهد {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك} قال: في القروء الثلاث.
وأخرج ابن جرير عن الربيع {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك} قال: في العدة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك} قال: في العدة ما لم يطلقها ثلاثًا.
أما قوله تعالى: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله: {ولهن مثل الذي عليهن} قال: إذا أطعن الله وأطعن أزواجهن، فعليه أن يحسن خطبتها ويكف عنها أذاه، وينفق عليها من سعته.
وأخرج الترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة عن عمرو بن الأحوص «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا إن لكم على نسائكن حقًا، ولنسائكم عليكم حقًا. فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم من تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن».
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي عن معاوية بن حيدة القشيري «أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما حق المرأة على الزوج؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وأن تكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت».
وأخرج ابن عدي عن قيس بن طلق عن أبيه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا جامع أحدكم أهله فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها، كما يحب أن يقضي حاجته».
وأخرج عبد الرزاق وأبو يعلى عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جامع أحدكم أهله فليصدقها، فإن سبقها فلا يعجلها. ولفظ عبد الرزاق: فإن قضى حاجته ولم تقض حاجتها فلا يعجلها».
وأخرج وكيع وسفيان بن عيينة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين المرأة لي، لأن الله يقول: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} وما أحب أن استوفي جميع حقي عليها لأن الله يقول: {وللرجال عليهن درجة}.
وأخرج ابن ماجة عن أم سلمة «أن النبي صلى الله عليه وسلم أطلى وولى عانته بيده». وأخرج الخرائطي في كتاب مساوئ الأخلاق عن أم سلمة «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينوره الرجل فإذا بلغ مراقه تولى هو ذلك».
وأخرج الخرائطي عن محمد بن زياد قال «كان ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم جارًا لي، فكان يدخال الحمام فقلت: وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم تدخل الحمام. فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الحمام ثم يتنور». وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن ابن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنور كل شهر، ويقلم أظفاره كل خمس عشرة».
وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن عائشة أنها سئلت بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك.
قوله تعالى: {وللرجال عليهن درجة}.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {وللرجال عليهن درجة} قال: فضل ما فضله الله به عليها من الجهاد، وفضل ميراثه على ميراثها، وكل ما فضل به عليها.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي مالك {وللرجال عليهن درجة} قال: يطلقها وليس لها من الأمر شيء.
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم {وللرجال عليهن درجة} قال: الإِمارة. اهـ.