فصل: قال أبو جعفر النحاس:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



يفتح: يعطى، ورحمة: أي نعمة حسية كانت أو معنوية، كرزق وصحة وأمن وعلم وحكمة، إلى نحو ذلك مما لا يحاط به.
أنى تؤفكون: أي كيف تصرفون عن توحيد الخالق، مع الاعتراف بأنه وحده هو الرازق. وتشركون المنحوت: بمن له الملك والملكوت.
الحسرات: واحدها حسرة، وهى الغم على ما فات والندم عليه.
أرسل: أي أطلق وأوجد من العدم، تثير أي تحرك، ميت وميّت بمعنى قاله محمد بن يزيد وأنشد:
ليس من مات فاستراح ** بميت إنما الميت ميّت الأحياء

إنما الميت من يعيش كئيبا ** كاسفا باله قليل الرجاء

ويرى بعضهم أن الميت بالتخفيف هو الذي مات، والميت بالتشديد، والمائت هو الذي لم يمت بعد وأنشد:
ومن يك ذا روح فذلك ميّت ** وما الميت إلا من إلى القبر يحمل

والمراد أنه لا نبات فيه، والنشور: إحياء الأموات يقال نشر اللّه الميت وأنشره، أي أحياه، العزة: أي الشرف والمنعة من قولهم أرض عزاز: أي صلبة، والكلم الطيب: هو التوحيد أو الذكر أو قراءة القرآن، وصعوده إلى اللّه: قبوله، والعمل الصالح: هو ما كان بإخلاص، يرفعه: أي يقبله، يمكرون: أي يعملون على وجه المكر والخديعة، والسيئات: المكرات السيئات كأن يراءوا المؤمنين في أعمالهم يوهمونهم أنهم في طاعة اللّه، يبور: أي يفسد من البوار وهو الهلاك، أزواجا: أي أصنافا ذكرانا وإناثا، يعمر من معمر: أي يمدّ في عمر أحد، في كتاب: أي في صحيفة المرء.
عذب: أي حلو لذيذ طعمه، فرات: أي كاسر للعطش مزيل له، سائغ: أي سهل انحداره لخلوه مما تعافه النفس، أجاج: أي شديد الملوحة والحرارة، حلية: أي لؤلؤا ومرجانا، مواخر: أي شاقات للماء حين جريانها، يولج: أي يدخل، والقطمير: لفافة النبواة، وهى القشرة البيضاء الرقيقة التي تكون بين التمرة والنواة، يكفرون بشرككم: أي يجحدون بإشراككم إياهم وعبادتكم لهم، ولا ينبئك مثل خبير: أي ولا يخبرك بالأمر مخبر مثل الخبير به.
ولا تزر: أي ولا تحمل، وازرة: أي نفس آثمة، وزر أخرى: أي إثم نفس أخرى، والمثقلة: النفس التي أثقلتها الذنوب والأوزار، ذا قربى: أي ذا قرابة من الداعي، بالغيب: أي غائبا عنهم، وتزكى: أي تطهر من دنس الأوزار والذنوب، والمصير: المرجع والعاقبة.
الحرور: السموم إلا أن السموم يكون بالنهار والحرور بالليل والنهار، خلا: أي سلف ومضى، ونذير: أي منذر مخوف وهو النبي، والبينات: أي المعجزات الدالة على صدقهم فيما يدعون، والزبر: واحدها زبور وهو الكتاب، النكير: الإنكار بالعقوب.
ألوانها: أي من أحمر إلى أصفر إلى أخضر إلى نحو ذلك، الجدد: واحدها جدة بالضم وهى الطريق المختلفة الألوان في الجبل ونحوه، والغرابيب: واحدها غربيب وهو شديد السواد يقال أسود غربيب، وأبيض يقق، وأصفر فاقع، وأحمر قان. وفي الحديث: «إن اللّه يبغض الشيخ الغربيب».
يعنى الذي يخضب بالسواد، وقال امرؤ القيس في وصف فرسه:
العين طامحة واليد سابحة ** والرجل لافحة والوجه غربيب

يتلون: أي يتّبعون من قولهم تلاه إذا تبعه، لأن التلاوة بلا عمل لا نفع فيها، وقد ورد: «ربّ قارئ للقرآن والقرآن يلعنه».
والمراد من التجارة المعاملة مع اللّه لنيل الثواب، وتبور: أي تكسد.
الكتاب: هو القرآن، مصدقا لما بين يديه: أي لما تقدمه من الكتب السماوية، خبير بصير: أي محيط ببواطن أمورهم وظواهرها، مقتصد: أي عامل به تارة، ومخالف له أخرى، سابق: أي متقدم إلى ثواب اللّه راج دخول جنته، بالخيرات: أي بسبب ما يعمل من الخيرات والأعمال الصالحة، بإذن اللّه: أي بتوفيقه وتيسيره، والحزن: هو الخوف من محذور يقع في المستقبل، دار المقامة: أي دار الإقامة التي لا انتقال عنها أبدا وهى الجنة، نصب: أي تعب، ولغوب: أي كلال وفتور.
لا يقضى عليهم: أي لا يحكم عليهم بموت ثان، يصطرخون: أي يصيحون أشد الصياح للاستغاثة، نعمركم: أي نمهلكم، للظالمين: أي للكافرين، نصير: أي معين يدفع عنهم العذاب.
ذات الصدور: هي المعتقدات والظنون التي في النفوس، والخلائف: واحدهم خليفة، وهو الذي يقوم بما كان قائما به سلفه، مقتا: أي بغضا واحتقارا، خسارا: أي خسارة، فالعمر كرأس مال إذا اشترى به صاحبه رضا اللّه ربح، وإذا اشترى به سخطه خسر.
أرأيتم: أي أخبرونى، شرك: أي شركة، يمسك: أي يحفظ، وتزول: أي تضطرب وتنتقل من أماكنها.
وأقسموا: أي حلف المشركون، جهد أيمانهم: أي غاية اجتهادهم فيها، نذير: أي رسول منذر أهدى من إحدى الأمم: المراد بها اليهود أو النصارى، نفورا: أي تباعدا عن الحق، مكر السيّء: أي المكر السيّء الذي فيه خداع وكيد لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ولا يحيق: أي ولا يصيب ولا ينزل، سنة الأولين: أي سنة اللّه فيهم بتعذيب مكذبيهم، تبديلا: بوضع الرحمة موضع العذاب، تحويلا: بأن ينقل عذابه من المكذبين إلى غيرهم. اهـ. باختصار.

.قال أبو جعفر النحاس:

تفسير سورة فاطر:
مكية وآياتها 45 آية.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة فاطر:
وهي مكية.
من ذلك قوله جل وعز {الحمد لله فاطر السموات والأرض} آية 1 قال ابن عباس ما كنت أدري ما فاطر حتى اختصم إلي أعرابيان في بئر فقال أحدهما أنا فطرتها أي ابتدأتها ثم قال جل وعز {جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع} آية 1 الرسل منهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت صلى الله عليهم وقوله تعالى {أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع} أي أصحاب أجنحة اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة في كل جانب.
3- ثم قال جل وعز {يزيد في الخلق ما يشاء} آية 1 أي يزيد في خلق الملائكة ما يشاء وقال الزهري يزيد في الخلق ما يشاء حسن الصوت والأول أولى.
4- وقوله جل وعز {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها} آية 2 أي ما يأتي به الله جل وعز من الغيث والرزق فلا يقدر أحد على رده وقال قتادة من رحمة من خير فلا يقدر أحد على حبسه.
5- وقوله تعالى {لا إله إلا هو فأنى تؤفكون} آية 3 أي فمن أين تصرفون عن التوحيد والإيمان بالبعث بعد البراهين والآيات.
6- وقوله جل وعز {فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور} آية 5 روى معمر عن قتادة قال الغرور الشيطان.
وروى شعبة عن سماك بن حرب الغرور بضم الغين فقيل إن هذا لا يجوز لأنه إنما يقال غره غرا ولا يكاد يأتي على فعول فيما يعتدى إلا شاذا قال أبو جعفر يجوز أن يكون غرور جمع غار أو جمع غر أو يشبه بقولهم نهكه المرض نهوكا ولزمه لزوما.
7- وقوله جل وعز {أفمن رين له سوء عمله فرآه حسنا} آية 8 الجواب محذوف لعلم السامع فيجوز أن يكون المعنى أفمن زين له سوء علمه كمن هداه الله جل وعز ويكون يدل على هذا المحذوف فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء.
ويجوز أن يكون المعنى أفمن زين له سوء عمله ذهبت نفسك عليه ويكون يدل عليه فلا تذهب نفسك عليهم حسرات.
8- وقوله جل وعز {من كان يريد العزة فلله العزة جميعا} آية 10 روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال من كان يريد العزة بعبادة الأوثان قال الفراء من كان يريد علم العزة ثم قال فلله العزة جميعا أي فالله عز وجل يعز من يشاء بطاعته.
وقال قتادة فليتعزز بطاعة الله جل وعز قال أبو جعفر وأولاها الأول لأن الآيات التي قبلها وبخ فيها المشركون بعبادة الأوثان فكان أولى بهذه أن تكون من جنس الحث على فراق ذلك أيضا.
9- ثم قال جل وعز {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} آية 10 في معناه ثلاثة أقوال:
أ- من ذلك ما حدثنا بكر بن سهل قال حدثنا أبو صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} قال الكلام الطيب ذكر الله جل وعز والعمل الصالح أداء فرائضه فمن ذكر الله سبحانه في أداء فرائضه حمل عمله ذكر الله فصعد إلى الله سبحانه ومن ذكر الله ولم يؤد فرائضه رد كلامه على عمله فكان أولى به قال أبو جعفر وكذلك قال الحسن وسعيد بن جبير ومجاهد وأبو العالية والضحاك قالوا العمل الصالح يرفع الكلام الطيب قال الحسن فإذا كان كلام طيب وعمل سئ رد القول على العمل فكان عملك أولى بك من قولك.
ب- وقال شهر بن حوشب إليه يصعد الكلم الطيب القرآن والعمل الصالح يرفعه القرآن وروى معمر عن قتادة قال {والعمل الصالح يرفعه} الله عز وجل قال أبو جعفر قول قتادة ليس ببعيد في المعنى لأن الله عز وجل يرفع الأعمال وقول شهر بن حوشب معناه أن العمل الصالح لا ينفعك إلا مع التوحيد فكأن التوحيد يرفعه إلا أن القول الأول أولاها وأصحها لعلو من قال به وأنه في العربية أولى لأن القراء على رفع العمل ولو كان المعنى والعمل الصالح يرفعه الله أو والعمل الصالح يرفعه الكلم الطيب لكان الاختيار نصب العمل ولا نعلم أحدا قرأه منصوبا إلا شيئا روي عن عيسى بن عمر أنه قال قرأه أناس والعمل الصالح يرفعه.
10- وقوله جل وعز {والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور} آية 10 روى معمر عن قتادة يبور قال يفسد قال أبو جعفر وقد بين الله جل وعز هذا المكر في قوله {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك}.
وروى قيس عن منصور عن مجاهد ومكر أولئك هو يبور قال الرياء.
11- وقوله جل وعز {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب} آية 11 في معنى هذه الآية أقوال:
أ- فمن أحسنها وأشبهها بظاهر التنزيل قول الضحاك قال من قضيت له أن يعمر حتى يدركه الهرم أو يعمر دون ذلك فكل ذلك بقضاء وكل في كتاب قال أبو جعفر والمعنى على هذا وما يعمر من معمر أي هرم وفلان معمر أي كبير ولا ينقص آخر من عمره من عمر الهرم إلا بقضاء من الله عز وجل.
ب- وروى عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله جل وعز {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب} قال يكتب عمره كذا وكذا سنة وكذا وكذا شهر وكذا وكذا يوما ثم يكتب نقص من عمره يوم ونقص من عمره شهر ونقص من عمره سنة في كتاب آخر إلى أن يستوفي أجله فيموت.
ج- قال سعيد بن جبير فيما مضى من عمره فهو النقصان وما يستقبل فهو الذي يعمر.
د- وروى الزهري عن سعيد بن المسيب عن كعب الأحبار أنه قال لما طعن عمر بن الخطاب لو دعا الله لزاد في أجله فأنكر ذلك عليه المسلمون وقالوا إن الله عز وجل يقول {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} فقال وإن الله تعالى يقول {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب}.
ه- قال الزهري نرى أنه يؤخر ما لم يحضر الأجل فإذا حضر الإجل لم يزد في العمر ولم يقع تأخير قال أبو جعفر وقيل في معنى الآية إنه يكون أن يحكم أن عمر الإنسان مائة سنة إن أطاع وتسعون إن عصى فأيهما بلغ فهو في كتاب إن ذلك على الله يسير أي إحصاء طويل الأعمار وقصيرها لا يتعذر عليه.
12- وقوله جل وعز {وما يستوي البحران هذا عذب فرات} آية 12 قال أبو عبيدة الفرات أعذب العذوبة والأجاج أملح الملوحة.
13- ثم قال جل وعز {ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها} آية 12 الحلية اللؤلؤ والمرجان كما قال تعالى {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} وإنما يخرج من الملح قال أبو جعفر وهذا كثير في كلام العرب لأن البحرين مختلطان فجاز أن يقال يخرج منهما وإنما يخرج من أحدهما على قول بعض أهل اللغة.
14- ثم قال جل وعز {وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله} آية 12 قال قتادة أي تجري الفلك مقبلة ومدبرة قال أبو جعفر مخرت السفينة تمخر وتمخر مخرا ومخورا إذا خرقت الماء.
15- وقوله جل وعز {والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير} آية 13 روى خصيف عن عكرمة عن ابن عباس قال القطمير القشرة التي على النواة أي بينها وبين التمرة والفتيل الذي في شق النواة قال والنقير الحبة التي في وسط النواة.
16- وقوله جل وعز {ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينتئك مثل خبير} آية 14 أي يتبرءون منهم ومن عبادتهم إياهم ويوبخونهم على ذلك ثم قال تعالى {ولا ينبئك مثل خبير} وهو الله جل وعز خبير بما يكون لا يعلمه غيره.
17- وقوله جل وعز {ولا تزر وازرة وزر أخرى} آية 18 روى سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال لا يؤاخذ أحد بذنب أحد.
18- ثم قال جل وعز {وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء} آية 18 قال مجاهد إلى حملها أي إلى الذنوب فقال قال أبو جعفر المعنى وإن تدع نفس قد أثقلته الذنوب إلى حملها وهو ذنوبها لا يحمل من حملها وهو ذنوبها شيء، ولو كان ذا قربى أي ولو كان الذي تدعوه إلى ذلك أبا أو إبنا أو ما أشبههما.
19- وقوله جل وعز {وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور} آية 20 قال قتادة أي كما لا يستوي الأعمى والبصير لا يستوي المؤمن والكافر وقال غيره المعنى وما يستوي الأعمى عن الحق وهو الكافر ولا البصير بالهدى وهو المؤمن ولا الظلمات وهي الضلالات ولا النور وهو الهدى ثم قال تعالى {ولا الظل ولا الحرور}.
قال: أبو عبيدة الحرور في هذا الموضع إنما يكون بالنهار مع الشمس وقيل يعني الجنة والنار وقيل لا يستوي من كان في ظل من الحق ومن كان في الحرور وقال الفراء الحرور الحر الدائم ليلا أو نهارا والسموم بالنهار خاصة وقال رؤبة بن العجاج الحرور بالليل خاصة والسموم بالنهار.
قال أبو جعفر وقول أبي عبيدة أشبه لأن الظل إنما يستعمل في اليوم الشمس.
20- ثم قال جل وعز {وما يستوي الأحياء ولا الأموات} آية 22 أي العقلاء والجهال والمراد بالأحياء الأحياء القلوب بالإيمان والمعرفة والأموات الأموات القلوب بغلبة الكفر عليها حتى صارت لا تعرف الهدى من الضلال.