فصل: فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



1064- قَوْله:
وَفِي حَدِيث أبي بكر ذُو بطن خَارجه جَارِيَة.
قلت رَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ عَن ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت إِن أَبَا بكر كَانَ نَحَلَنِي جدَاد عشْرين وسْقا من مَاله بِالْعَالِيَةِ فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة قَالَ مَا من النَّاس أحد أحب إِلَيّ عني بعدِي مِنْك وَلَا أعز عَلّي فقرا مِنْك وَإِنِّي كنت نحلتك جدَاد عشْرين وسْقا فَلَو كنت حُزْته لَكَانَ لَك وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْم مَال وَارِث وَإِنَّمَا هُوَ أَخَوَاك وَأُخْتَاك فَاقْتَسمُوهُ عَلَى كتاب الله قَالَت يَا أَبَت وَالله لَو كَانَ كَذَا وَكَذَا لتركته وَإِنَّمَا هِيَ أَسمَاء فَمن الْأُخْرَى قَالَ ذُو بطن بنت خَارِجَة أَرَاهَا جَارِيَة فَولدت جَارِيَة أَخُوهَا عبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد وَبنت خَارِجَة هِيَ حَبِيبَة بنت خَارِجَة بن زيد زَوْجَة أبي بكر كَانَت ذَلِك الْوَقْت حَامِلا فَولدت أم كُلْثُوم. انْتَهَى.
وَعَن مَالك رَوَاهُ مُحَمَّد بن الْحسن فِي موطئِهِ بِسَنَدِهِ وَمَتنه، وَتقدم بعضه فِي سُورَة الْإِسْرَاء.
1065- قَوْله:
عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ لرجل مقبل من الشَّام من لقِيت بِهِ قَالَ كَعْب قَالَ مَا سمعته يَقُول قَالَ سمعته يَقُول إِن السَّمَوَات تَدور عَلَى منْكب ملك قَالَ كذب كَعْب أما ترك يَهُودِيَّته بعد ثمَّ قَرَأَ {إِن الله يمسك السَّمَوَات وَالْأَرْض أَن تَزُولَا} الْآيَة.
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار ثَنَا عبد الرَّحْمَن ثَنَا سُفْيَان عَن الْأَعْمَش عَن أبي وَائِل قَالَ جَاءَ رجل إِلَى ابْن مَسْعُود فَقَالَ من أَيْن جِئْت قَالَ من الشَّام قَالَ من لقِيت قَالَ لقِيت كَعْبًا قَالَ مَا حَدثَك كَعْب قَالَ حَدثنِي أَن السَّمَوَات تَدور عَلَى منْكب ملك قَالَ لقد كذب كَعْب إِن الله يَقُول {إِن الله يمسك السَّمَوَات وَالْأَرْض أَن تَزُولَا} الْآيَة وَهَذَا سَنَد صَحِيح وَهُوَ كَمَا ترَاهُ عَن ابْن مَسْعُود لَا عَن ابْن عَبَّاس وَلعلَّة اشْتبهَ عَلَى المُصَنّف عبد الله بِعَبْد الله وَقد تقدم لَهُ نَحْو هَذَا وَلَيْسَ فِيهِ أَيْضا قَوْله أما ترك يَهُودِيَّته.
وَرَوَى ابْن وهب عَن مَالك أَن السَّمَاء لَا تَدور وَاحْتج بِهَذِهِ الْآيَة وَبِحَدِيث إِن بالمغرب بَابا للتَّوْبَة لَا يزَال مَفْتُوحًا حَتَّى تطلع الشَّمْس مِنْهُ وَهُوَ فِي الصَّحِيح وَالله أعلم.
1066- الحَدِيث الثَّالِث عشر:
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ: «لَا تَمْكُرُوا وَلَا تعينُوا مَاكِرًا فَإِن الله يَقُول: {وَلَا يَحِيق الْمَكْر السَّيئ إِلَّا بأَهْله} وَلَا تَبْغُوا وَلَا تعينُوا بَاغِيا فَإِن الله يَقُول: {إِنَّمَا بَغْيكُمْ عَلَى أَنفسكُم}».
قلت رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك فِي كتاب الزّهْد وَقد تقدم أَوله فِي يُونُس.
1067- قَوْله:
عَن ابْن مَسْعُود أَن الْجعل يعذب فِي جُحْره بذنب ابْن آدم.
1068- قَوْله:
وَعَن أنس قَالَ إِن الضَّب ليَمُوت هزلا فِي حجره بذنب ابْن آدم.
قلت الأول رَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقد تقدم فِي النَّحْل.
وَالثَّانِي لم أَجِدهُ عَن أنس وَإِنَّمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة كَمَا عزاهُ المُصَنّف فِي سُورَة النَّحْل وَقد تقدم هُنَاكَ.
1069- الحَدِيث الرَّابِع عشر:
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من قَرَأَ سُورَة الْمَلَائِكَة دَعَتْهُ ثَمَانِيَة أَبْوَاب الْجنَّة أَن أَدخل من أَي بَاب شئت».
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ من حَدِيث سَلام بن سليم الْمَدَائِنِي ثَنَا هَارُون بن كثير عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن أبي أُمَامَة عَن أبي بن كَعْب قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «من قَرَأَ سُورَة الْمَلَائِكَة دَعَتْهُ يَوْم الْقِيَامَة ثَمَانِيَة أَبْوَاب الْجنَّة» إِلَى آخِره.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه فِي آل عمرَان، وَرَوَاهُ الواحدي فِي الْوَسِيط بِسَنَدِهِ فِي يُونُس. اهـ.

.فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

قال إلكيا هراسي:
سورة فاطر:
قوله تعالى: {وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها} الآية 12.
فيه دليل على أن من حلف لا يلبس الحلي، حنث بلبس اللؤلؤ.
وقوله تعالى: {وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ} الآية 37.
يجوز أن يكون هو النبي صلّى اللّه عليه وسلم، ويجوز أن يكون الدلائل على التوحيد، وصفات اللّه تعالى وصدق الرسل. اهـ.

.من مجازات القرآن في السورة الكريمة:

.قال ابن المثنى:

سورة الملائكة:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
{مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ} مجازه: اثنين وثلاثة وأربعة فزعم النحويون أنه مما صرف عن وجهه لم ينوّن فيه قال صخر بن عمرو:
ولقد قتلتكم ثناء وموحدا ** وتركت مرّة مثل أمس المدبر

{أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ} مجازه مجاز المكفوف عن خبره لتمامه عند السامع فاختصر ثم استأنف فقال: {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ}.
ف {أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحابًا فَسُقْناهُ} تثير أي تجمع وتجيء به وتخرجه ومجاز {فسقناه} مجاز فنسوقه والعرب قد تضع فعلنا في موضع نفعل قال الشاعر:
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا ** منى وما يسمعوا من صالح دفنوا

فى موضع يطيروا ويدفنوا.
النُّشُورُ مصدر الناشر قال الأعشى:
حتّى يقول الناس ممّا رأوا ** يا عجبا للميّت الناشر

{يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ} (10) يكسبون ويجترحو.
{هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ} (12) الفرات أعذب العذب والأجاج أملح الملوح.
{فِيهِ مَواخِرَ} (12) تقديرها فواعل من مخرت السفن الماء والمعنى: شقّ.
{كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى} (13) مجازه مجاز ما خرج من الحيوان والموات مخرج الآدميّي.
{ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (13) وهو الفوقة التي فيها النّواة.
{وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى} (18) مجازه: ولا تحمل آثمة إثم أخرى، وزرته أي فعلته أي أئمته هى.
{الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ} (21) الحرور بالنهار مع الشمس هاهنا وكان رؤبة يقول: الحرور بالليل والسموم بالنهار.
ونسجت لوامع الحرور ** برقرقان آلها المسجور

بائبا كسرق الحرير.
{ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (26) أي فعاقب.
{فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ} (26) أي تغييرى وعقوبت.
{وَغَرابِيبُ سُودٌ} (27) مقدّم ومؤخّر لأنه يقال: أسود غربيب.
{وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ} (28) مجازه: من هؤلاء جميع مختلف ألوانه ومن أولئك جميع، كذاك وقد جاءت الدواب جملة لجميع الناس والحيوان في آية أخرى قال: {وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها} (11/ 6) ثم هذه الآية ملخصة مفرقة فجاءت الدواب ما خلا الناس والإبل.
{وَأَقامُوا الصَّلاةَ} (29) مجازه: ويقيمون الصلاة ومعناه: وأداموا الصلاة لمواقيتها وحدوده.
{تِجارَةً لَنْ تَبُورَ} (29) أي لن تكسد وتهلك ويقال: نعوذ باللّه من بوار الأيّم ويقال: بار الطعام وبارت السو.
{مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ} (31) أي لما كان قبله وما مض.
{أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} (34) وهو الحزن مثل البخل والبخل والنّزل والنّز.
{لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} (36) منصوب لأن معناه: ليموتوا وليس مجازه مجاز الإخبار لأنهم أحياء لا يموتون فيقضى عليهم. وقال الخليل لم ينصب فعل قط إلا على معنى أن وموضعها وإن أضمروها فقيل له قد نصبوا ب حتى وكى و لن واللام المكسورة فقال: العامل فيهن أن.
{أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ} (37) مجاز الألف هاهنا مجاز التقرير وليس باستفهام والواو التي بعدها مفتوحة لأنها ليست بواو أو ومجاز ما هاهنا مجاز المصدر: أو لم نعمّركم عمرا يتذكر فيه {مَنْ تَذَكَّرَ} (37) أي يتوب ويراج.
{إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا} (41) مجازه مجاز قوله: {أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقًا فَفَتَقْناهُما} (21/ 30) ثم جاء.
{وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ} (41) مجازه: لا يمسكهما أحد وإن في موضع آخر معناه معنى ما {وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ} (14/ 6) معناه: ما كان مكرهم لتزول منه الجبال.
{وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} (43) مجازه: لا ينزل ولا يجاوز ولا يحيط إلّا بأهل.
{فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ} (43) مجازه: إلّا دأب الأولين وفعلهم وصنيعهم وله موضع آخر كقولك: هل ينظرون إلّا أن يلقوا مثل ما لقى الأولون من الموت وصنوف العذاب والتغيير.
{فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ} (43) أي في خلقه الأولين والآخرين {تبديلا}.
{وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ} (44) أي ليسبقه ولا يفوته ولا يخفى علي.
{وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى} (45) مجاز {يؤاخذ} يعاقب ويكافئ ومجاز دابة هاهنا إنسان و من من حروف الزوائد {على ظهرها} أي ظهر الأرض ولم يظهرها وأظهر كنايتها. اهـ.

.قال الشريف الرضي:

ومن السورة التي يذكر فيها الملائكة عليهم السلام:

.[سورة فاطر: آية 10]:

{مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ والْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ والَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ ومَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ (10)}.
قوله سبحانه: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ والْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} وهذه استعارة. وليس المراد أن هناك على الحقيقة شيئا يوصف بالصعود، ويرتقى من سفال إلى علو. وإنما المراد أن القول الطيب والعمل الصالح متقبلان عند اللّه تعالى، واصلان إليه سبحانه. بمعنى أنهما يبلغان رضاه، وينالان زلفاه. وأنه تعالى لا يضيعهما ولا يهمل الجزاء عليهما. وهذا كقول القائل لغيره: قد ترقّى الأمر إلى الأمير. أي بلغه ذلك على وجهه، وعرفه على حقيقته. وليس يريد به الارتقاء الذي هو الارتفاع، وضده الانخفاض.
ووجه آخر: قيل إن معنى ذلك صعود الأقوال والأعمال إلى حيث لا يملك الحكم فيه إلا اللّه سبحانه. كما يقال: ارتفع أمر القوم إلى القاضي. إذا انتهوا إلى أن يحكم بينهم، ويفصل خصامهم. ووجه آخر: قيل إن اللّه سبحانه لما كان موصوفا بالعلو على طريق الجلال والعظمة، لا على طريق المدى والمسافة، فكل ما يتقرب به إليه من قول زكى، وعمل مرضى فالإخبار عنه يقع بلفظ الصعود والارتفاع، على طريق المجاز والاتساع.

.[سورة فاطر: آية 18]:

{وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شيء ولَوْ كانَ ذا قُرْبى إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وأَقامُوا الصَّلاةَ ومَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18)}.
وقوله سبحانه: {ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شيء ولَوْ كانَ ذا قُرْبى}.
وقد مضى نظير هذا الكلام في الأنعام، وفي بنى إسرائيل، وتركنا الإشارة إليه هناك لما جاءت في هذا الموضع زيادة حققت الكلام بالاستعارة، فاحتجنا إلى العبارة عنها أسوة بنظائرها. فنقول: إن قوله سبحانه: {وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى} أي لا تحمل حاملة حمل غيرها يوم القيامة. يقال: وزر، يزر وزرا. إذا حمل. والاسم الوزر. ومن ذلك أخذ اسم الوزير، لأنه حامل الثّقل عن الأمير. والمعنى: ولا يحمل مذنب ذنب غيره، ولا يؤخذ بجرمه وجنايته.
والزيادة في هذا الموضع قوله تعالى: {وإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شيء ولَوْ كانَ ذا قُرْبى} فشبّه تعالى استغاثة المثقّل من الآثام باستغاثته من الإعياء.
لأن من عادة من تلك حاله أن يطلب من يشاطره الحمل، ويخفف عنه الثّقل. فأما في ذلك اليوم فلا يهم كلّ امرئ إلا نفسه، ولا يعنيه إلا أمره، ولا يعين أحد أحدا، ولا يخفف مدعوّ من داع ثقلا، ولو كان أولى الناس بأمره، وأقربهم التياطا به، وانتياطا بنسبه.
وإنما قاله سبحانه: مثقلة. ولم يقل: مثقل. لأنه ردّ ذلك إلى النفس، ولم يردده إلى الشخص.

.[سورة فاطر: آية 43]:

{اسْتِكْبارًا فِي الْأَرْضِ ومَكْرَ السَّيِّئِ ولا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ولَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43)}.
وقوله سبحانه: {ولا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} وهذه استعارة.
والمراد أن اللّه سبحانه يعاقب المشركين على مكرهم بالمؤمنين، فكأنما مكروا بأنفسهم، ووجّهوا الضرر إليهم، لا إلى غيرهم، إذ كان المكر عائدا بالوبال عليهم. ومعنى لا يحيق أي لا يحلّ، ولا ينزل، ولا يحيط إلا بهم، وهذه الألفاظ كلها بمعنى واحد. اهـ.