فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الألوسي:

{والله الذي أَرْسَلَ الرياح} مبتدأ وخبر، وقرأ حمزة والكسائي وابن كثير {الريح} وصيغة المضارع في قوله تعالى: {أَقَلَّتْ سَحَابًا} لحكاية الحال الماضية استحضارًا لتلك الصورة البديعة الدالة على كمال القدرة والحكمة وكثيرًا ما يفعلون ذلك بفعل فيه نوع تميز وخصوصية بحال تستغرب أو تهم المخاطب أو غير ذلك، ومنه قول تأبط شرا:
ألا من مبلغ فتيان فهم ** بما لاقيت عند رحى بطان

بأني قد رأيت الغول تهوى ** بسهب كالصحيفة صحصحان

فقلت لها كلانا نضو أرض ** أخوسفر فخلى لي مكاني

فشدت شدة نحوي فأهوت ** لها كفي بمصقول يماني

فأضربها بلا دهش فخرت ** صريعًا لليدين وللجران

ولأن الإثارة خاصية للرياح وأثر لا ينفك في الغالب عنها فلا يوجد إلا بعد إيجادها فيكون مستقبلًا بالنسبة إلى الإرسال، وعلى هذا يكون استعمال المضارع على ظاهره وحقيقته من غير تأويل لأن المعتبر زمان الحكم لا زمان التكلم، والفاء دالة على عدم تراخي ذلك وهو شيء آخر وجوز أن يكون الإتيان بما يدل على الماضي ثم بما يدل على المستقبل إشارة إلى استمرار الأمر وأنه لا يختص بزمان دون زمان إذ لا يصح المضي والاستقبال في شيء واحد إلا إذا قصد ذلك، وقال الإمام: اختلاف الفعلين لأنه لما أسند فعل الإرسال إلى الله تعالى وما يفعل سبحانه يكون بقوله عز وجل: {كُنَّ} فلا يبقى في العدم زمانًا ولا جزء زمان جىء بلفظ الماضي دون المستقبل لوجوب وقوعه وسرعة كونه كأنه كان ولأنه تعالى فرغ من كل شيء فهو سبحانه قدر الإرسال في الأوقات المعلومة وإلى المواضع المعينة والتقدير كالإرسال ولما أسند فعل الإثارة إلى الرياح وهي تؤلف في زمان قال سبحانه: {تُثِيرُ} بلفظ المستقبل. اهـ.
وأورد عليه قوله تعالى في سورة الروم [الروم: 48] {الله الذي يُرْسِلُ الرياح فَتُثِيرُ سَحَابًا} وفي سورة الأعراف [الأعراف: 57] {وَهُوَ الذي يُرْسِلُ الرياح بُشْرًاَ بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ} حيث جىء في الإرسال فيها بالمضارع فتأمل.
{فَسُقْنَاهُ إلى بَلَدٍ مَّيّتٍ} قطعة من الأرض لا نبات فيها.
وقرىء {مَّيّتٍ} بالتخفيف وهما بمعنى واحد في المشهور.
وفي كليات أبي البقاء الكفوي الميت بالتخفيف هو الذي مات والميت بالتشديد والمائت هو الذي لم يمت بعد، وأنشد:
ومن يك ذا روح فذلك ميت ** وما الميت إلا من إلى القبر يحمل

والمعول عليه هو المشهور {فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأرض} أي بالمطر النازل منه المدلول عليه بالسحاب فإن بينهما تلازمًا في الذهن كما في الخارج أو بالسحاب فإنه سبب السبب وإحياء الأرض إِنبات الشجر والكلأ فيها {بَعْدَ مَوْتِهَا} يبسها وخلوها عن ذلك، وإيراد الفعلين بصيغة الماضي للدلالة على التحقيق، وإسنادهما إلى نون العظمة المنبىء عن الاختصاص به تعالى لما فيهما من مزيد الصنع ولتكميل المماثلة بين إحياء الأرض وبين البعث الذي شبه به بقوله تعالى: {كَذَلِكَ النشور} في كمال الاختصاص بالقدرة الربانية، وقال الإمام عليه الرحمة: أسند {أُرْسِلَ} إلى الغائب وساق {وأحيى} إلى المتكلم لأنه في الأول عرف سبحانه نفسه بفعل من الأفعال وهو الإرسال ثم لما عرف قال تعالى: أنا الذي عرفتني سقت السحاب وأحييت الأرض ففي الأول كان تعريفًا بالفعل العجيب وفي الثاني كان تذكيرًا بالنعمة فإن كمال نعمتي الرياح والسحب بالسوق والإحياء، وهو كما ترى.
وقال سبحانه: {فأحيينا به الأرض} دون فأحييناه أي البلد الميت به تعليقًا للإحياء بالجنس المعلوم عند كل أحد وهو الأرض ولأن ذلك أوفق بأمر البعث، وقال تعالى: {الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا} مع أن الأحياء مؤذن بذلك لما فيه من الإشارة إلى أن الموت للأرض الذي تعلق بها الإحياء معلوم لهم وبذلك يقوى أمر التشبيه فليتأمل.
والنشور على ما في البحر مصدر نشر الميت إذا حي قال الأعشى:
حتى يقول الناس مما رأوا ** يا عجبًا للميت الناشر

وفي نهاية ابن الأثير يقال نشر الميت ينشر نشورًا إذا عاش بعد الموت وأنشره الله تعالى أحياه، وقال الراغب: قيل نشر الله تعالى الميت وأنشره بمعنى والحقيقة أن نشر الله تعالى الميت مستعار من نشر الثوب أي بسطه كما قال الشاعر:
طوتك خطوب دهرك بعد نشر ** كذاك خطوبه طيًا ونشرًا

والمراد بالنشور هنا إحياء الأموات في يوم الحساب وهو مبتدأ والجار والمجرور قبله في موضع الخبر وقيل الكاف في حيز الرفع على الخبرية أي مثل ذلك الإحياء الذي تشاهدونه إحياء الأموات يوم القيامة في صحة المقدورية وسهولة التأتي من غير تفاوت بينهما أصلًا سوى الألف في الأول دون الثاني، وقال أبو حيان: وقع التشبيه بجهات لما قبلت الأرض الميتة الحياة اللائقة بها كذلك الأعضاء تقبل الحياة أو كما أن الريح تجمع قطع السحاب كذلك يجمع الله تعالى أجزاء الأعضاء وأبعاض الموتى أو كما يسوق سبحانه السحاب إلى البلد الميت يسوق عز وجل الروح والحياة إلى البدن، وقال بعضهم: التشبيه باعتبار الكيفية.
فقد أخرج ابن جرير وغيره عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: يقوم ملك بالصور بين السماء والأرض فينفخ فيه فلا يبقى خلق لله في السماوات والأرض إلا من شاء الله تعالى إلا مات ثم يرسل الله تعالى من تحت العرش ماء كمني الرجال فتنبت أجسامهم من ذلك الماء وقرأ الآية ثم يقوم ملك فينفخ فيه فتنطلق كل نفس إلى جسدها، وفي حديث مسلم مرفوعًا ينزل الله تعالى مطرًا كأنه الطل فينبت أجساد الناس.
ونبات الأجساد من عجب الذنب على ما ورد في الآثار وقد جاء أنه لا يبلى وهو العظم الذي في أسفل الصلب عند العجز، وقال أبو زيد الوقواقي: هو جوهر فرد يبقى من هذه النشأة لا يتغير، ولا حاجة إلى التزام أنه جوهر فرد، ووراء ذلك أقوال عجيبة في هذا العجب فقيل هو العقل الهيولاني، وقيل بل الهيولى، وعن الغزالي إنما هو النفس وعليها تنشأ النشأة الآخرة، وعن الشيخ الأكبر أنه العين الثابت من الإنسان، وعن بعض المتكلمين أنه الأجزاء الأصلية، وقال الملأ صدرا الشيرازي في أسفاره: هو عندنا القوة الخيالية لأنها آخر الأكوان الحاصلة في الإنسان من القوى الطبيعية والحيوانية والنباتية المتعاقبة في الحدوث للمادة الإنسانية في هذا العالم وهي أول الأكوان الحاصلة في النشأة الآخرة ثم بين ذلك بما بين وأنه لأضعف من بيت العنكبوت وأوهن.
والمعول عليه ما يوافق فهم أهل اللسان، وأي حاجة إلى التأويل بعد التصديق بقدرة الملك الديان جل شأنه وعظم سلطانه.
{مَن كَانَ يُرِيدُ العزة} الشرف والمنعة من قولهم أرض عزاز أي صلبة وتعريفها للجنس، والآية في الكافرين كانوا يتعززون بالأصنام كما قال تعالى: {واتخذوا مِن دُونِ الله ءالِهَةً لّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزًّا} [مريم: 1 8] والذين آمنوا بألسنتهم من غير مواطأة قلوبهم كانوا يتعززون بالمشركين كما قال سبحانه: {الذين يَتَّخِذُونَ الكافرين أَوْلِيَاء مِن دُونِ المؤمنين أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ العزة} [النساء: 139] ومن اسم شرط وما بعده فعل الشرط، والجمع بين كان ويريد للدلالة على دوام الإرادة واستمرارها، وقوله تعالى: {فَلِلَّهِ العزة جَمِيعًا} دليل الجواب ولا يصح جعله جوابًا من حيث الصناعة لخلوه عن ضمير يعود على من، وقد قالوا: لابد أن يكون في جملة الجواب ضمير يعود على اسم الشرط إذا لم يكن ظرفًا، والتقدير من كان يريد العزة فليطلبها من الله تعالى فلله وحده لا لغيره العزة فهو سبحانه يتصرف فيها كما يريد فوضع السبب موضع المسبب لأن الطلب ممن هي له وفي ملكه جميعها مسبب عنه، وتعريف العزة للاستغراق بقرينة {جَمِيعًا} وانتصابه على الحال، والمراد عزة الدنيا والآخرة، وتقديم الخبز على المبتدأ للاختصاص كما أشرنا إليه.
ولا ينافي ذلك قوله تعالى: {وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8] لأن ما لله تعالى وحده العزة بالذات وما للرسول صلى الله عليه وسلم العزة بواسطة قربه من الله تعالى وما للمؤمنين العزة بواسطة الرسول عليه الصلاة والسلام، وكأنه للإشارة إلى ذلك أعيد الجار، وقدر بعضهم الجواب فليطع الله تعالى، وأيد بما رواه أنس كما في مجمع البيان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن ربكم يقول كل يوم أنا العزيز فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز» ومن قدر فليطلبها من الله تعالى قال: إن الطلب منه تعالى إنما يكون بالطاعة والانقياد، وعن الفراء المعنى من كان يريد علم العزة أي القدرة على القهر لمن هي فلينسبها إلى الله تعالى فهي له تعالى وحده، وقيل: المعنى من كان يريد العزة أي الغلبة فهو مغلوب لأن الغلبة لله تعالى وحده ولا تتم إلا به عز وجل ونسب هذا إلى مجاهد، وقيل: تعريف العزة الأولى للاستغراق أيضًا أو للعهد والمراد الفرد الكامل، والمعنى من كان يريد العزة جميعها أو الفرد الكامل منها وهي العزة التي لا يشوبها ذلة من وجه فهو لا ينالها فإنها لله تعالى وحده، وهذا القول أحسن من القولين قبله، وأظهر الأقوال عندي الأول وهو منسوب إلى قتادة، وقوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكلم الطيب} إلى آخره كالبيان لطريق تحصيل العزة وسلوك السبيل إلى نيلها وهو الطاعة القولية والفعلية، وقيل: بيان لكون العزة كلها لله تعالى وبيده سبحانه لأنها بالطاعة وهي لا يعتد بها ما لم تقبل، وقيل: استئناف كلام، وعلى الأول المعول.
و{الكلم} اسم جنس جمعي عند جمع واحده كلمة، والمراد بالكلم الطيب على ما في الكشاف و البحر عن ابن عباس لا إله إلا الله، ومعنى كونه طيبًا على ما قيل أن العقل السليم يستطيبه ويستلذه لما فيه من الدلالة على التوحيد الذي هو مدار النجاة والوسيلة إلى النعيم المقيم أو يستلذه الشرع أو الملائكة عليهم السلام، وقيل: إنه حسن يقبله العقل ولا يرده، وإطلاق الكلم على ذلك إن كان واحده الكلمة بالمعنى الحقيقي ظاهر لتضمنه عدة كلمات لكن في وصفه بالطيب بالنظر إلى غير الاسم الجليل خفاء؛ ولعل ذلك باعتبار خصوصية التركيب، وإن كان واحده هنا الكلمة بالمعنى المجازي كما في قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبّكَ} [الأنعام: 5 11]؛ و{كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} [المؤمنون: 100] وقوله عليه الصلاة والسلام: «أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد» وقولهم لا إله إلا الله كلمة التوحيد إلى ما لا يحصى كثرة فإطلاق الكلم على ذلك لتعدده بتعدد القائل.
وكأن القرينة على إرادة المعنى المجازي للكلمة الصادق على الكلام الوصف بالطيب بناءً على أن ما يستطيب ويستلذ هو الكلام دون الكلمة العرية عن إفادة حكم تنبسط منه النفس أو تنقبض.
أو يقال: إن كثرة إطلاق الكلمة على الكلام وشيوعه فيما بينهم حتى قال بعضهم كما نقل الحمصي في حواشي التصريح عن بعض شراح الآجرومية أنه حقيقية لغوية تغني عن القرينة، وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن الحبر أنه فسر الكلم الطيب بذكر الله تعالى، وقيل: هو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وهو ظاهر أثر أخرجه ابن مردويه.
والديلمي عن أبي هريرة.
وقيل: هو سبحان الله وبحمده والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وتبارك الله، وهو ظاهر أثر أخرجه جماعة عن ابن مسعود، وأخرجه ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب أنه القرآن، وقيل: هو الثناء بالخير على صالحي المؤمنين، وقيل: هو الدعاء الذي لا ظلم فيه، وقال الإمام وبه اقتدى: المختار أنه كل كلام هو ذكر الله تعالى أو هو لله سبحانه كالنصيحة والعلم، وأما ما أفاده كلام الملأ صدرا في أسفاره من أنه النوس الطاهرة الزكية فإنه تطلق الكلمة على النفس إذا كانت كذلك كما قال تعالى في عيسى عليه السلام: {وَكَلِمَتُهُ ألقاها إلى مَرْيَمَ} [النساء: 171] فلا ينبغي أن يعد في عداد أقوال المفسرين كما لا يخفى؛ وصعود الكلم إليه تعالى مجاز مرسل عن قبوله بعلاقة اللزوم أو استعارة بتشبيه القبول بالصعود، وجوز أن يجعل الكلم مجازًا عما كتب فيه بعلاقة الحلول أو يقدر مضاف أي إليه يصعد صحيفة الكلم الطيب أو يشبه وجوده الخارجي هنا ثم الكتابي في السماء بالصعود ثم يطلق المشبه به على المشبه ويشتق منه الفعل على ما هو المعروف في الاستعارة التبعية، وقيل: لا مانع من اعتبار حقيقة الصعود للكلم فلله تعالى تجسيد المعاني، وكون الصعود إليه عز وجل من المتشابه والكلام فيه شهير، والكلام بعد ذلك كناية عن قبوله والاعتناء بشأن صاحبه، وتقديم الجار والمجرور لإفادة الحصر.
وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه وابن مسعود رضي الله تعالى عنه والسلمي وإبراهيم {يَصْعَدُ} من أصعد الكلام الطيب بالنصب، وقال ابن عطية: وقرأ الضحاك {يَصْعَدُ} بضم الياء ولم يذكر مبنيًا للفاعل ولا مبنيًا للمفعول ولا إعراب ما بعده، وفي الكشاف وقرىء {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكلم الطيب} على البناء للمفعول و{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكلم الطيب} من أصعد والمصعد هو الرجل أي يصعد إلى الله عز وجل الكلم الطيب، وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما {إِلَيْهِ يَصْعَدُ} من صعد الكلام بالرفع.
{والعمل الصالح يَرْفَعُهُ} مبتدأ وخبر على المشهور، واختلف في فاعل {يَرْفَعُ} فقيل ضمير يعود على العمل الصالح وضمير النصب يعود على {الكلم} أي والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب وروي ذلك عن ابن عباس والحسن وابن جبير ومجاهد والضحاك وشهر بن حوشب على ما أخرجه عنه سعيد بن منصور وغيره.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس أنه فسر العمل الصالح بأداء الفرائض ثم قال: فمن ذكر الله تعالى وأدى فرائضه حمل عمله ذكر الله تعالى فصعد به إلى الله تعالى ومن ذكر الله تعالى ولم يؤد فرائضه رد كلامه على عمله وكان عمله أولى به، وتعقب ذلك ابن عطية فقال: هذا قول يرد معتقد أهل السنة ولا يصح عن ابن عباس، والحق أن العاصي بترك فرائضه إذا ذكر الله تعالى وقال كلامًا طيبًا كتب له ذلك وتقبل منه وعليه وزر ترك الفرائض، والله تعالى يتقبل من كل من اتقى الشرك انتهى.
ولعل المراد برفع العمل الصالح الكلم الطيب رفع قدره وجعله بحيث يترتب عليه من الثواب ما لم يترتب عليه إذا كان بلا عمل، وحديث «لا يقبل الله قولًا إلا بعمل ولا يقبل قولًا وعملًا إلا بنية ولا يقبل قولًا وعملًا ونية إلا بإصابة السنة» المذكور في الكشاف لا أظن صحته، وقيل: إنه لو سلم صحته فالمراد نفي القبول التام؛ ويجوز أن يكون المراد برفعه إياه تحقيقه وتقويته وذلك باعتبار أن الكلام الطيب هو الإيمان فإنه لا شك أن العمل الصالح يثبت الإيمان ويحققه بإظهار آثاره إذ به يعلم التصديق القلبي، وقيل: الفاعل ضمير يعود على الكلم الطيب وضمير النصب يعود على العمل الصالح أي يرفع الكلم الطيب العمل الصالح.