فصل: قال ابن عطية في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن عطية في الآيات السابقة:

{وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا}.
هذه آية احتجاج على الكفرة في إنكار البعث من القبور، فدلهم تعالى على المثال الذي يعاينونه وهو سواء مع إحياء الموتى، و{البلد الميت} هو الذي لا نبت فيه قد اغبر من القحط فإذا أصابه الماء من السحاب اخضر وأنبت فتلك حياته، و{النشور} مصدر نشر الميت إذا حيي، ومنه قول الأعشى:
يا عجبا للميت الناشر

وقوله تعالى: {من كان يريد العزة} يحتمل ثلاثة معان: أحدها أن يريد {من كان يريد العزة} بمغالبة {فلله العزة} أي ليست لغيره ولا تتم إلا له وهذا المغالب مغلوب ونحا إليه مجاهد، وقال: {من كان يريد العزة} بعبادة الأوثان.
قال القاضي أبو محمد: وهذا تمسك بقوله تعالى: {واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزًا} [مريم: 81] والمعنى الثاني {من كان يريد العزة} وطريقها القويم ويحب نيلها على وجهها {فلله العزة} أي به وعن أوامره لا تنال عزته إلا بطاعته، ونحا إليه قتادة. والمعنى الثالث وقاله الفراء {من كان يريد} علم {العزة فلله العزة} أي هو المتصف بها، و{جميعًا} حال، وقوله تعالى: {إليه يصعد الكلم الطيب} أي التوحيد والتمجيد وذكر الله ونحوه، وقرأ الضحاك {إليه يُصعد} بضم الياء، وقرأ جمهور الناس {الكلم} وهو جمع كلمة، وقرأ أبو عبد الرحمن {الكلام}، و{الطيب} الذي يستحسن سماعه الاستحسان الشرعي، وقال كعب الأحبار: إن لسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لدويًا حول العرش كدوي النحل تذكر بصاحبها، وقوله تعالى: {والعمل الصالح يرفعه} اختلف الناس في الضمير في {يرفعه} على من يعود، فقالت فرقة يعود على {العمل}، واختلفت هذه الفرقة فقال قوم الفاعل ب {يرفع} هو {الكلم} أي والعمل يرفعه الكلم وهو قول لا إله إلا الله لأنه لا يرتفع عمل إلا بتوحيد، وقال بعضهم الفعل مسند إلى الله تعالى أي {والعمل الصالح يرفعه هو}.
قال القاضي أبو محمد: وهذا أرجح الأقوال، وقال ابن عباس وشهر بن حوشب ومجاهد وقتادة الضمير في {يرفعه} عائد على {الكلم} أي أن العمل الصالح هو يرفع الكلم.
قال القاضي أبو محمد: واختلفت عبارات أهل هذه المقالة فقال بعضها وروي عن ابن عباس أن العبد إذا ذكر الله وقال كلامًا طيبًا وأدى فرائضه ارتفع قوله مع عمله، وإذا قال ولم يؤد فرائضه رد قوله على عمله، وقيل عمله أولى به.
قال القاضي أبو محمد: وهذا قول يرده معتقد أهل الحق والسنة ولا يصح عن ابن عباس، والحق أن العاصي التارك للفرائض إذا ذكر الله تعالى وقال كلامًا طيبًا فإنه مكتوب له متقبل منه وله حسناته وعليه سيئاته، والله تعالى يتقبل من كل من اتقى الشرك، وأيضًا فإن {الكلم الطيب} عمل صالح وإنما يستقيم قول من يقول إن العمل هو الرافع ل {الكلم} بأن يتأول أنه يزيد في رفعه وحسن موقعه إذا تعاضد معه، كما أن صاحب الأعمال من صلاة وصيام وغير ذلك إذا تخلل أعماله كلم طيب وذكر لله كانت الأعمال أشرف.
قال القاضي أبو محمد: فيكون قوله: {والعمل الصالح يرفعه} موعظة وتذكرة وحضًا على الأعمال، وذكر الثعلبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا يقبل الله قولًا إلا بعمل ولا عمل إلا بنية} ومعناه قولًا يتضمن أن قائله عمل عملًا أو يعمله في الأنف، وأما الأقوال التي هي أعمال في نفوسها كالتوحيد والتسبيح فمقبولة على ما قدمناه، وقرأت فرقة {والعملَ} بالنصب {الصالحَ} على النعت وعلى هذه القراءة ف {يرفعه} مستند إما إلى الله تعالى وإما إلى {الكلم}، والضمير في {يرفعه} عائد على {العمل} لا غير، وقوله: {يمكرون السيئات} إما أنه عدى {يمكرون} لما أحله محل يكسبون، وإما أنه حذف المفعول وأقام صفته مقامه تقديره يمكرون المكرات السيئات، و{يمكرون} معناه يتخابثون ويخدعون وهم يظهرون أنهم لا يفعلون، و{يبور} معناه يفسد ويبقى لا نفع فيه، وقال بعض المفسرين يدخل في الآية أهل الربا.
قال القاضي أبو محمد: ونزول الآية أولًا في المشركين.
{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا} هذه آية تذكير بصفات الله تعالى على نحو ما تقدم، وهذه المحاورة إنما هي في أمر الأصنام وفي بعث الأجساد من القبور، وقال تعالى: {خلقكم من تراب} من حيث خلق آدم أبانا منه، وقوله: {ثم من نطفة} أي بالتناسل من مني الرجال، و{أزواجًا} قيل معناه أنواعًا، وقيل أراد تزويج الرجال النساء، وقوله تعالى: {ومن يعمر من معمر ولا ينقص من عمره} اختلف الناس في عود الضمير في قوله: {من عمره}، فقال ابن عباس وغيره ما مقتضاه أنه عائد على {معمر} الذي هو اسم جنس والمراد غير الذي يعمر، أي أن القول يتضمن شخصين يعمر أحدهما مائة سنة أو نحوها وينقص من عمر الآخر بأن يكون عامًا واحدًا أو نحوه، وهذا قول الضحاك وابن زيد لكنه أعاد ضميرًا إيجازًا واختصارًا، والبيان التام أن تقول ولا ينقص من عمر معمر لأن لفظة {معمر} هي بمنزلة ذي عمر.
قال القاضي أبو محمد: كأنه قال ولا يعمر من ذي عمر ولا ينقص من عمر ذي عمر، وقال ابن عباس أيضًا وأبو مالك وابن جبير المراد شخص واحد وعليه الضمير أي ما يعمر إنسان ولا ينقص من عمره بأن يحصي ما مضى منه إذا مر حول كتب ذلك، ثم حول، ثم حول، فهذا هو النقص، قال ابن جبير ما مضى من عمره فهو النقص وما يستقبل فهو الذي يعمر، وروي عن كعب الأحبار أنه قال المعنى {ولا ينقص من عمره} أي لا يخرم بسبب قدرة الله، ولو شاء لأخر ذلك السبب.
قال القاضي أبو محمد: وروي أنه قال: حين طعن عمر لو دعا الله تعالى لزاد في أجله، فأنكر عليه المسلمون ذلك وقالوا: إن الله تعالى يقول {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة} [الأعراف: 34، النحل: 61] فاحتج بهذه الآية وهو قول ضعيف مردود يقتضي القول بالأجلين، وبنحوه تمسكت المعتزلة، وقرأ الحسن والأعرج وابن سيرين {ينقِضُ} على بناء الفعل للفاعل أي ينقص الله، وقرأ {من عمْره} بسكون الميم الحسن وداود، و الكتاب المذكور في الآية اللوح المحفوظ، وقوله: {إن ذلك} إشارة إلى تحصيل هذه الأعمال وإحصاء دقائقها وساعاتها.
{وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ}.
هذه آية أخرى يستدل بها كل عاقل ويقطع أنها مما لا مدخل لصنم فيه، ويريد بهما جميع الماء الملح وجميع الماء العذب حيث كان، فهو يعني به جملة هذا وجملة هذا، و الفرات الشديد العذوبة، و الأجاج الشديد الملوحة الذي يميل إلى المرارة من ملوحته، قال الرماني هو من أججت النار كأنه يحرق من حرارته، وقرأ عيسى الثقفي {سيّغ شرابه} بغير ألف وبشد الياء، وقرأ طلحة {مَلِح} بفتح الميم وكسر اللام، و اللحم الطري الحوت وهو موجود في البحرين، وكذلك {الفلك} تجري في البحرين، وبقيت الحلية وهي اللؤلؤ والمرجان، فقال الزجاج وغيره هذه عبارة تقتضي أن الحلية تخرج منهما، وهي إنما تخرج من الملح وذلك تجوز كما قال في آية أخرى {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} [الرحمن: 22]، وكما قال: {يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم} [الأنعام: 128]، والرسل إنما هي من الإنس، وقال بعض الناس بل الحلية تخرج من البحرين، وذلك أن صدف اللؤلؤ إنما يلحقه فيما يزعمون ماء النيسان، فمنه ما يخرج ويوجد الجوهر فيه، ومنه ما ينشق في البحر عند موته وتقطعه، فيخرج جوهرة بالعطش وغير ذلك من الحيل، فهذا هو من الماء الفرات، فنسب إليه الإخراج لما كان من الحلية بسبب، وأيضًا فإن المرجان يزعم طلابه في البحر أنه إنما يوجد وينبت في موضع بإزائها انصباب ماء أنهار في البحر وأيضًا فإن البحر الفرات كل ينصب في البحر الأجاج فيجيء الإخراج منهما جميعًا.
قال القاضي أبو محمد: وقد خطىء أبو ذؤيب في قوله في صفة الجوهر: الطويل:
فجاء بها ما شئت من لطمية ** وجهها ماء الفرات يموج

وليس ذلك بخطإ على ما ذكرنا من تأويل هذه الفرقة، و{الفلك} في هذا الموضع جمع بدليل صفته بجمع، و{مواخر} جمع ماخرة وهي التي تمخر الماء أي تشقه، وقيل الماخرة التي تشق الريح، وحينئذ يحدث الصوت، والمخر الصوت الذي يحدث من جري السفينة بالريح، وعبر المفسرون عن هذا بعبارات لا تختص باللفظة، فقال بعضهم المواخر التي تجيء وتذهب بريح واحدة، وقال مجاهد الريح تمخر السفن ولا تمخر الريح من السفن إلا الفلك العظام.
قال القاضي أبو محمد: هكذا وقع لفظه في البخاري، والصواب أن تكون {الفلك} هي الماخرة لا الممخورة وقوله تعالى: {لتبتغوا} يريد بالتجارات والحج والغزو وكل سفر له وجه شرعي.
{يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى}.
{يولج} معناه يدخل، وهذه عبارة عن أن ما نقص من {الليل} زاد {في النهار}، فكأنه دخل فيه، وكذلك ما نقص من {النهار} يدخل {في الليل} والألف واللام في {الشمس والقمر} هي للعهد، وقيل هي زائدة لا معنى لها ولا تعريف وهذا أصوب، و الأجل المسمى هو قيام الساعة، وقيل آماد الليل وآماد النهار، ف {أجل} على هذا اسم جنس، وقرأ جمهور الناس {تدعون} بالتاء، وقرأ الحسن ويعقوب {يدعون} بالياء من تحت، و القطمير القشرة الرقيقة التي على نوى التمرة هذا قول الناس الحجة، وقال جوبير عن رجاله القطمير القمع الذي في رأس التمرة، وقاله الضحاك والأول أشهر وأصوب، ثم بين تعالى أمر الأصنام بثلاثة أشياء كلها تعطي بطلانها،: أولها أنها لاتسمع إن دعيت، والثاني أنها لا تجيب أن لو سمعت وإنما جاء بهذه لأن لقائل متعسف أن يقول عساها تسمع، والثالث أنها تتبرأ يوم القيامة من الكفار، ويكفرون بشركهم أي بأن جعلوهم شركاء لله فأضاف الشرك إليهم من حيث هم قرروه، فهو مصدر مضاف إلى الفاعل، وقوله: {يكفرون} يحتمل أن يكون بكلام، وعبارة يقدر الله الأصنام عليها ويخلق لها إدراكًا يقتضيها، ويحتمل أن يكون بما يظهر هناك من جمودها وبطولها عند حركة كل ناطق ومدافعة كل محتج فيجيء هذا على طريق التجوز كما قال ذو الرمة: الطويل:
وقفت على ربع لمية ناطق ** يخاطبني آثاره وأخاطبه

وأسقيه حتى كاد مما أبثه ** تكلمني أحجاره وملاعبه

وهذا كثير، وقوله: {ولا ينبئك مثل خبير} قال المفسرون قتادة وغيره الخبير هنا أراد به تعالى نفسه فهو الخبير الصادق الخبر نبأ بهذا فلا شك في وقوعه، ويحتمل أن يكون قوله: {ولا ينبئك مثل خبير} من تمام ذكر الأصنام، كأنه قال: ولا يخبرك مثل من يخبر عن نفسه أي لا أصدق في تبريها من شرككم منها فيريد بالخبير على هذا المثل له، كأنه قال: {ولا ينبئك مثل خبير} عن نفسه وهي قد أخبرت عن نفسها بالكفر بهؤلاء. اهـ.

.قال أبو حيان في الآيات السابقة:

{وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}.
القمطير: المشهور أنه القشرة الرقيقة التي على نوى التمرة، ويأتي ما قال المفسرون.
الجدد: جمع جدة، وهي الطريقة تكون من الأرض والجبل، كالقطعة العظيمة المتصلة طولًا.
وقال الزمخشري: والجدد: الخطط والطرائق.
وقال لبيد: أو مذهب جدد على الواحد، ويقال: جدة الحمار للخطة السوداء التي على ظهره، وقد يكون للظبي جدتان مسكيتان تفصلان بين لوني ظهره وبطنه. انتهى.
وقال الشاعر:
كأن مبرات وجدة ظهره ** كنائن يجري بينهن دليص

الجدة: الخط الذي في وسط ظهره، يصف حمار وحش.
الغربيب: الشديد السواد.
لغب يلغب لغوبًا: أعيا.
{والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابًا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور من كان يريد العزة فللّه العزة جميعًا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجًا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحمًا طريًا وتستخرجون حلية تلسبونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسعموا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير}.
لما ذكر أشياء من الأمور السماوية وإرسال الملائكة، ذكر أشياء من الأمور الأرضية: الرياح وإسالها، وفي هذا احتجاج على منكري البعث.
دلهم على المثال الذي يعاينونه، وهو وإحياء الموتى سيان.
وفي الحديث: أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف يحيي الله الموتى، وما آية ذلك في خلقه؟ فقال: «هل مررت بوادي أهلك محلًا، ثم مررت به يهتز خضرًا؟ فقالوا: نعم، فقال: فكذلك يحيي الله الموتى، وتلك آيته في خلقه».
قيل: {أرسل} في معنى يرسل، ولذلك عطف عليه {فتثير}.
وقيل: جيء بالمضارع حكاية حال يقع فيها إثارة الرياح السحاب، ويستحضر تلك الصورة البديعة الدالة على القدرة الربانية، ومنه فتصبح الأرض مخضرة.
قال الزمخشري: وكذا يفعلون بكل فعل فيه نوع تمييز خصوصية بحال يستغرب، أو يتهم المخاطب، أو غير ذلك، كما قال تأبط شرًا:
بأني قد لقيت الغول تهوي ** بشهب كالصحيفة صحصحان

فأضربها بلاد هش فخرت ** صريعًا لليدين وللجران

لأنه قصد أن يصور لقومه الحالة التي يشجع فيها ابن عمه على ضرب الغول، كأنه يبصرهم إياها ويطلعهم على كنهها، مشاهدة للتعجب من جراءته على كل هول، وثباته عند كل شدّة.
وكذلك سوق السحاب إلى البلد الميت، وإحياء الأرض بالمطر بعد موتها.
لما كان من الدلائل على القدرة الباهرة وقيل: فسقنا وأحيينا، معدولًا بهما عن لفظ الغيبة إلى ما هو أدخل في الاختصاص وأدل عليه. انتهى.
وقال أبو عبد الله الرازي ما ملخصه: أي أرسل بلفظ الماضي.
لما أسند إلى الله وما يفعله تعالى بقوله: كن، لا يبقى زمانًا ولا جزء زمان، فلم يأت بلفظ المستقبل لوجوب وقوعه وسرعة كونه، ولأنه فرغ من كل شيء، فهو قدر الإرسال في الأوقات المعلومة وإلى المواضع المعينة.
ولما أسند الإثارة إلى الريح، وهي تؤلف في زمان، قال: {فتثير}، وأسند {أرسل} إلى الغائب، وفي {فسقناه}، و{فأحيينا} إلى المتكلم، لأنه في الأول عرف نفسه بفعل من الأفعال وهو الإرسال، ثم لما عرف قال: أنا الذي عرفتني سقت السحاب فأحييت الأرض.
ففي الأول تعريف بالفعل العجيب، وفي الثاني تذكير بالبعث.