فصل: قال الخازن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والثالث: أن معناها: يا محمد، قاله ابن الحنفية، والضحاك.
والرابع: أن معناها: يا رجُل، قاله الحسن.
والخامس: اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة.
وقرأ الحسن، وأبو الجوزاء: {يس} بفتح الياء وكسر النون.
وقرأ أبو المتوكل، وأبو رجاء، وابن أبي عبلة: بفتح الياء والنون جميعًا.
وقرأ أبو حصين الأسدي: بكسر الياء وإظهار النون.
قال الزجاج: والذي عند أهل العربية أن هذا بمنزلة افتتاح السُّوَر، وبعض العرب يقول: {يسنَ والقرآن} بفتح النون.
وهذا جائز في العربية لوجهين:
أحدهما: أن {يس} اسم للسورة، فكأنه قال: اتْلُ يس، وهو على وزن هابيل وقابيل لا ينصرف.
والثاني: أنهُ فتح لالتقاء الساكنين، والتسكين أجود، لأنه حرف هجاء.
قوله تعالى: {والقرآن الحكيم} هذا قَسَم، وقد سبق معنى {الحكيم} [البقرة: 32]، قال الزجّاج: وجوابه: {إِنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ} وأحسنُ ما جاء في العربيّة أن يكون {لَمِنَ المَُرْسَلِينَ} خبر إنَّ، ويكون قوله: {على صِراطٍ مستقيمٍ} خبرًا ثانيًا، فيكون المعنى: إِنَكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ، إِنَّكَ على صِراطٍ مستقيم.
ويجوز أن يكون {على صِراطٍ} من صلة {المُرْسَلِين} فيكون المعنى: إِنَكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ الذين أُرسِلوا على طريقة مستقيمة.
قوله تعالى: {تنزيلَ العزيزِ} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: {تنزيلُ} برفع اللام.
وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي: {تنزيلَ} بنصب اللام.
وعن عاصم كالقراءتين.
قال الزجاج: من قرأ بالنصب، فعلى المصدر، على معنى: نزَّل اللهُ ذلك تنزيلاَ، ومن قرأ بالرفع، فعلى معنى: الذي أُنزلَ إليكَ تنزيلُ العزيز.
وقال الفراء: من نصب، أراد إِنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ تنزيلًا حَقاَ مُنزَلًا ويكون الرفع على الاستئناف، كقوله: {ذلك تنزيل العزيز} وقرأ أُبيُّ بن كعب، وأبو رزين، وأبو العالية، والحسن، والجحدري: {تنزيلِ} بكسر اللام.
وقال مقاتل: هذا القرآن تنزيل العزيز في ملكه، الرحيمِ بخَلْقه.
قوله تعالى: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا ما أُنْذِرَ آباؤهم} في ما قولان.
أحدهما: أنها نفي، وهو قول قتادة والزجاج في الأكثرين.
والثاني: أنها بمعنى كما، قاله مقاتل وقيل: هي بمعنى الذي.
قوله تعالى: {فَهُمْ غافلون} أي: عن حُجج التوحيد وأدلة البعث.
{لقد حَقَّ القولُ} فيه قولان.
أحدهما: وجب العذاب.
والثاني: سبق القول بكفرهم.
قوله تعالى: {على أكثرهم} يعني أهل مكة، وهذه إِشارة إِلى إِرادة الله تعالى السابقة لكفرهم {فهم لا يؤمنون} لِمَا سبق من القَدَر بذلك.
{إنَّا جَعَلْنا في أعناقهم أغلالًا} فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها مَثَلٌ، وليس هناك غُلٌّ حقيقة، قاله أكثر المحقِّقين، ثم لهم فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنها مَثَل لمنعهم عن كل خير، قاله قتادة.
والثاني: لحبسهم عن الإِنفاق في سبيل الله بموانع كالأَغلال، قاله الفراء، وابن قتيبة.
والثالث: لمنعهم من الإِيمان بالله، قاله أبو سليمان الدمشقي.
والقول الثاني: أنها موانع حسِّيَّة مَنَعَتْ كما يَمنع الغُلُّ؛ قال مقاتل بن سليمان: حلف أبو جهل لئن رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصليِّ لَيَدْمَغَنَّهُ، فجاءه وهو يصليِّ، فرفع حجرًا فيَبِسَتْ يدُه والتصق الحجر بيده، فرجَع إلى أصحابه فأخبرهم الخبر، فقام رجل منهم فأخذ الحجر، فلمَّا دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم طَمَسَ اللهُ على بصره فلم يره، فرجَع إلى أصحابه فلم يُبْصِرهم حتى نادَوْه، فنزل في أبي جهل: {إِنّا جَعَلْنا في أعناقهم أغلالًا} الآية.
ونزل في الآخر: {وجَعَلْنا مِنْ بين أيديهم سَدًّا}.
والقول الثالث: أنه على حقيقته، إلاَّ أنَّه وَصْفٌ لِمَا سيُنْزِلُه اللهُ تعالى بهم في النار، حكاه الماوردي.
قوله تعالى: {فهي إلى الأذقان} قال الفراء: {فهي} كناية عن الأيمان، ولم تُذْكَر، لأن الغُلَّ لا يكون إلاَّ في اليمين والعنق جامعًا لهما، فاكتُفيَ بذكر أحدهما عن صاحبه.
وقال الزجّاج: هي كناية عن الأيدي، ولم يذكرها إيجازًا، لأن الغُلَّ يتضمن اليد والعنق، وأنشد:
وما أدري إذا يَمَّمْتُ أرضًا ** أُريدُ الخَيْرَ أيُّهُما يَلِيني

وإنما قال: أَيُّهما، لأنه قد علم أن الخير والشرَّ معرَّضان للإنسان.
قال الفراء: والذَّقْن: أسفل اللَّحْيَيْن، والمُقْمَحُ: الغاضّ بصره بعد رفع رأسه، قال أبو عبيده: كل رافعٍ رأسَه فهو مُقَامِح وقَامِح، والجمع قِماح، فإن فُعل ذلك بإنسان فهو مُقْمَح، ومنه هذه الآية.
وقال ابن قتيبة: يقال بعيرٌ قامِحٌ وإبلٌ قِماحٌ: إذا رَوِيَتْ من الماء فقَمَحَتْ، قال الشاعر وذكر سفينة:
ونحنُ على جَوانِبِها قُعُودٌ ** نَغُضُّ الطَّرْفَ كالإِبِلِ القِمَاحِ

وقال الأزهري: المُراد أنَّ أيديهم لمّا غُلَّت عند أعناقهم، رَفَعَتْ الأغلالُ أذقانَهم ورءوسهم، فهم مرفوعو الرءوس برفع الأغلال إيَّاها.
قوله تعالى: {وجَعَلْنا مِنْ بينِ أيديهم سَدًّا} قرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: بفتح السين، والباقون بضمها، وقد تكلَّمنا على الفَرْق بينهما في [الكهف: 94].
وفي معنى الآية قولان:
أحدهما: منعناهم عن الإِيمان بموانع، فهم لا يستطيعون الخروج عن الكفر.
والثاني: حجبناهم عن أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظُّلمة لمّا قصدوه بالأذى.
قوله تعالى: {فأَغشيناهم} قال ابن قتيبة: أغشينا عيونَهم وأعميناهم عن الهُدىَ.
وقرأ ابن عباس، وعكرمة، وسعيد بن جبير، والحسن، وقتادة، ويحيى بن يعمر: {فأغشيناهم} بعين غير معجمة.
ثم ذكر أن الإِنذارَ لا ينفعهم لإِضلاله إيَّاهم بالآية التي بعد هذه.
ثم أخبر عمَّن ينفعُه الإِنذارُ بقوله: {إنَّما تُنْذِرُ} أي: إنَّما يَنفع إِنذارُك {مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ} وهو القرآن، فعمل به {وخَشي الرَّحمنَ بالغَيب} وقد شرحناه في [الأنبياء: 49]، والأجر الكريم: الحَسَن، وهو الجنة.
{إِنَّا نَحْنُ نُحْيي المَوْتى} للبعث {وَنكْتُبُ ما قدَّموا} من خير وشرٍّ في دنياهم.
وقرأ النخعي والجحدري: {ويُكْتُبُ} بياء مرفوعة وفتح التاء {وآثارُهم} برفع الراء.
وفي أثارهم ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها خُطاهم بأرجُلهم، قاله الحسن، ومجاهد، وقتادة.
قال أبو سعيد الخدري: شَكَت بنو سَلِمَةَ إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بُعْدَ منازلهم من المسجد، فأنزل الله تعالى: {ونَكَتُبُ ما قدَّموا وآثارهم} فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عليكم منازلَكم، فإنَّما تُكتَبُ آثارُكم»، وقال قتادة وعمر بن عبد العزيز: لو كان اللهُ مُغْفِلًا شيئًا، لأغفل ما تعفِّي الرِّياحُ من أثرَ قَدَم ابن آدم.
والثاني: أنها الخُطا إلى الجمعة، قاله أنس بن مالك.
والثالث: ما أثَروا من سُنَّة حسنة أو سيِّئة يُعْمَل بها بعدهم، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير، واختاره الفراء، وابن قتيبة، والزجاج.
قوله تعالى: {وكُلَّ شيء} وقرأ ابن السميفع، وابن أبي عبلة: {وكُلٌّ} برفع اللام، أي: مِنَ الأعمال {أحصيناه} أي: حَفِظْناه {في إِمامٍ مُبِينٍ} وهو اللوح المحفوظ.
قوله تعالى: {واضرب لهم مَثَلًا} المعنى: صف لأهل مكة مثلًا؛ أي: شِبْهًا.
وقال الزجاج: المعنى: مَثَلَ لهم مَثَلًا {أصحابَ القرية} وهو بدل من مَثَل، كأنه قال: اذكُرْ لهم أصحابَ القرية.
وقال عكرمة، وقتادة: هذه القرية هي أنطاكية.
{إذ أَرْسَلْنَا إليهم اثنين} وفي اسميهما ثلاثة أقوال:
أحدها: صادق وصدوق، قاله ابن عباس، وكعب.
والثاني: يوحنا وبولس، قاله وهب بن منبه.
والثالث: تومان وبولس، قاله مقاتل.
قوله تعالى: {فعزَّزْنا} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: {فعَزَّزْنا} بتشديد الزاي.
قال ابن قتيبة: المعنى: قوَّيْنَا وشدَّدْنَا، يقال: تعزَّز لحمُ النّاقة: إذا صَلُب.
وقرأ أبو بكر، والمفضَّل عن عاصم: {فعَزَزْنا} خفيفة، قال أبو علي: أراد: فغَلَبْنا.
قال مقاتل: واسم هذا الثالث شمعون، وكان من الحواريِّين، وهو وصيُّ عيسى عليه السلام.
قال وهب: وأوحى اللهُ إلى شمعون يُخبره خبر الاثنين ويأمره بنُصرتهما، فانطلق يؤمُّهما.
وذكرَ الفراء أن هذا الثالث كان قد أُرسل قبلَهما؛ قال: ونراه في التنزيل كأنه بعدهما، وإنما المعنى: فعزَّزنا بالثالث الذي قبلهما، والمفسرون على أنه إنما أُرسل لنُصرتهما، ثُمَّ إِنَّ الثالث إِنما يكون بعد ثانٍ، فأمَّا إِذا سبق الاثنين فهو أوَّل؛ وإنِّي لأتعجب من قول الفراء.
واختلف المفسِّرون فيمن أَرسلَ هؤلاء الرُّسل على قولين:
أحدهما: أن الله تعالى أرسلهم، وهو ظاهر القرآن، وهو مرويّ عن ابن عباس، وكعب، ووهب.
والثاني: أن عيسى أَرسلهم.
وجاز أن يُضاف ذلك إلى الله تعالى لأنهم رسل رسوله، قاله قتادة، وابن جريج.
قوله تعالى: {قالوا ما أنتم إلاَّ بَشَرٌ مِثْلُهنَا} أي: مالكم علينا فضل في شيء {وما أنزل الرَّحمنُ مِنْ شيءٍ} أي: لم يُنزِل كتابًا ولم يُرسِل رسولًا.
وما بعده ظاهر إلى قوله: {قالوا إِنَّا تطيَّرْنا بكم} وذلك أن المطر حُبس عنهم، فقالوا: إِنَّما أصابنا هذا من قِبلَكم {لئن لم تَنتهوا} أي: تسكتُوا عنا {لَنَرْجُمَنَّكُمْ} أي: لَنَقْتُلَنَّكم.
{قالوا طائرُكم معكم} أي: شُؤْمُكم معكم بكفركم، لا بنا {أئنْ ذُكِّرتُم} قرأ ابن كثير: {أين ذُكِّرْتم} بهمزة واحدة بعدها ياء؛ وافقه أبو عمرو، إلاَّ أنه كان يَمُدُّ.
قال الأخفش: معناه: حيث ذُكِّرتم، أي: وُعِظتم وخُوِّفتم، وهذا استفهام جوابه محذوف، تقديره: أئن ذُكِّرتم تطيَّرتم بنا؟! وقيل: أئن ذُكِّرتم قُلتم هذا القول؟ والمسِرفون هاهنا المشرِكون.
قوله تعالى: {وجاءَ مِنْ أقصى المدينة رَجُلٌ يسِعى} واسمه حبيب النجّار، وكان مجذومًا، وكان قد آمن بالرُّسل لمَّا وردوا القرية، وكان منزلهُ عند أقصى باب من أبواب القرية، فلمَّا بلغه أنَّ قومه قد كذَّبوا الرُّسل وهمُّوا بقتلهم، جاء يسعى، فقال ما قصَّه اللهُ علينا إلى قوله: {وهم مُهْتَدون} يعني الرُّسل، فأخذوه ورفعوه إلى الملِك.
فقال له الملِك: أفأنت تَتبعهم؟ فقال: {وماليَ} أسكن هذه الياء حمزة، وخلف، ويعقوب {لا أعبُدُ الذي فَطَرني} أي: وأيُّ شيء لي إِذا لم أعبُد خالقي {وإليه تُرْجَعونَ} عند البعث، فيَجزِيكم بكُفركم؟!
فإن قيل: لِمَ أضاف الفِطرةَ إلى نفسه والبعثَ إليهم وهو يَعلم أنَّ الله قد فطَرهم جميعًا كما يَبعثهم جميعًا؟
فالجواب: أن إيجاد الله تعالى نِعمة يوجب الشُّكر، والبعثُ في القيامة وعيدٌ يوجب الزَّجر، فكانت إِضافةُ النِّعمة إِلى نفسه أظهرَ في الشُّكر، وإِضافةُ البعث إِلى الكافر أبلغ في الزَّجر.
ثم أَنكر عبادة الأصنام بقوله: {أَأَتَّخِذُ مِنْ دونه آلهة}.
قوله تعالى: {لا تُغْنِ عنِّي شفاعتُهم} يعني أنه لا شفاعة لهم فتُغْني، {ولا يُنْقِذونِ} أثبت ها هنا الياء في الحالين يعقوب، وورش.
والمعنى: لا يخلِّصوني من ذلك المكروه.
{إنِّي إِذًا} فتح هذه الياء نافع، وأبو عمرو.
قوله تعالى: {إنّي آمنتُ بربِّكم} فتح هذه الياء أهل الحجاز وأبو عمرو.
وفيمن خاطبهم بإيمانه قولان:
أحدهما: أنه خاطب قومه بذلك، قاله ابن مسعود.
والثاني: أنه خاطب الرُّسل.
ومعنى {فاسمَعونِ} اشهَدوا لي بذلك، قاله الفراء.
وقال أبو عبيدة: المعنى: فاسمَعوا منِّي.
وأثبت ياء {فاسمَعوني} في الحالين يعقوب.
قال ابن مسعود: لمَّا خاطب قومه بذلك، وطئوه بأرجُلهم.
وقال السدي: رمَوْه بالحجارة، وهو يقول: اللهّم اهْدِ قَومي.
قوله تعالى: {قيل ادخُلِ الجَنَّة} لمَّا قتلوه فلقي الله، قيل له: {ادخُل الجَنَّة} فلمَّا دخلها {قال ياليت قَوْمِي يَعْلَمونَ بِما غَفَرَ لي ربِّي} وفي ما قولان:
أحدهما: أنها مع {غَفَرَ} في موضع مصدر؛ والمعنى: بغُفران الله لي.
والثاني: أنها بمعنى الذي، فالمعنى: ليتهم يَعلمون بالذي غَفَرَ لي به ربِّي فيؤمنون، فنصحهم حيًا وميتًا فلمَّا قتلوه عجَّل اللهُ لهم العذاب، فذلك قوله تعالى: {وما أَنزَلْنا على قومه}. اهـ.

.قال الخازن:

قول: {يس} قال ابن عباس: هو قسم، وعنه أن معناه يا إنسان بلغة طيىء يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم وقيل يا سيد البشر وقيل هو اسم للقرآن {والقرآن الحكيم} أي ذي الحكمة لأنه دليل ناطق بالحكمة وهو قسم وجوابه {إنك لمن المرسلين} أي أقسم بالقرآن أن محمدًا صلى الله عليه وسلم لمن المرسلين وهو رد على الكفار حيث قالوا لست مرسلًا {على صراط مستقيم} معناه وإنك على صرط مستقيم، وقيل معناه إنك لمن المرسلين الذين هم على طريقة مستقيمة {تنزيل العزيز الرحيم} يعني القرآن تنزيل العزيز في ملكه الرحيم بخلقه {لتنذر قومًا ما أنذر آباؤهم} يعني لم تنذر آباؤهم لأن قريشًا لم يأتهم نبي قبل محمد صلى الله عليه وسلم وقيل معناه لتنذر قومًا ما أنذر آباؤهم من العذاب {فهم غافلون} أي عما يراد بهم من الإيمان والرشد.
{لقد حق القول} أي وجب العذاب.
{على أكثرهم فهم لا يؤمنون} فيه إشارة إلى إرادة الله تعالى السابقة فيهم فهم لا يؤمنون لما سبق لهم من القدر بذلك.
قوله: {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالًا} نزلت في أبي جهل وصاحبيه المخزوميين وذلك أن أبا جهل حلف لئن رأى محمدًا صلى الله عليه وسلم يصلي ليرضخن رأسه بالحجارة فأتاه وهو يصلي ومعه حجر ليدمغه به فلما رفعه انثنت يده إلى عنقه ولزق الحجر، بيده فلما رجع إلى أصحابه وأخبرهم بما رأى سقط الحجر فقال له رجل من بني مخزوم أنا أقتله بهذا الحجر فأتاه وهو يصلي ليرميه بالحجر فأعمى الله تعالى بصره فجعل يسمع صوته ولا يراه فرجع إلى أصحابه فلم يرهم حتى نادوه فقالوا له ما صنعت فقال: ما رأيته ولقد سمعت صوته وحال بيني وبينه كهيئة الفحل يخطر بذنبه لو دنوت منه لأكلني.