فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا} برفع السين فيهما {فأغشيناهم} بالغين.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: اجتمعت قريش بباب النبي صلى الله عليه وسلم، ينتظرون خروجه ليؤذوه، فشق ذلك عليه، فأتاه جبريل بسورة {يس} وأمره بالخروج عليهم، فأخذ كفًا من تراب، وخرج وهو يقرأها ويذر التراب على رءوسهم، فما رأوه حتى جاز، فجعل أحدهم يلمس رأسه، فيجد التراب وجاء بعضهم فقال: ما يجلسكم؟ قالوا: ننتظر محمدًا فقال: لقد رأيته داخلًا المسجد قالوا: قوموا فقد سحركم.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال: اجتمعت قريش فبعثوا عتبة بن ربيعة فقالوا: أئتِ هذا الرجل، فقل له إن قومك يقولون: إنك جئت بأمرٍ عظيم، ولم يكن عليه آباؤنا، ولا يتبعك عليه أحلامنا، وإنك إنما صنعت هذا إنك ذو حاجة، فإن كنت تريد المال فإن قومك سيجمعون لك ويعطونك، فدع ما تريد وعليك بما كان عليه آباؤك، فانطلق عليه عتبة فقال له: الذي أمروه، فلما فرغ من قوله وسكت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم} [فصلت: 1- 2] فقرأ عليه من أولها حتى بلغ: {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود} [فصلت: 13] فرجع عتبة فأخبرهم الخبر، فقال: لقد كلمني بكلام ما هو بشعر، ولا بسحر، وإنه لكلام عجيب، ما هو بكلام الناس، فوقعوا به، وقالوا نذهب إليه بأجمعنا، فلما أرادوا ذلك، طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعمدهم حتى قام على رءوسهم، وقال بسم الله الرحمن الرحيم {يس والقرآن الحكيم} حتى بلغ {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالًا} فضرب الله بأيديهم على أعناقهم، فجعل من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا، فأخذ ترابًا، فجعله على رءوسهم، ثم انصرف عنهم، ولا يدرون ما صنع بهم، فعجبوا وقالوا: ما رأينا أحدًا قط أسحر منه أنظروا ما صنع بنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال: أئتمر ناس من قريش بالنبي صلى الله عليه وسلم ليسطوا عليه، فجاءوا يريدون ذلك، فجعل الله {من بين أيديهم سدًا} قال: ظلمة {ومن خلفهم سدًا} قال: ظلمة {فأغشيناهم فهم لا يبصرون} قال: فلم يبصروا النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال: كان ناس من المشركين من قريش يقول بعضهم لبعض: لو قد رأيت محمدًا لفعلت به كذا وكذا، فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم، وهم في حلقة في المسجد، فوقف عليهم فقرأ {يس والقرآن الحكيم} حتى بلغ {لا يبصرون} ثم أخذ ترابًا، فجعل يذره على رءوسهم، فما يرفع إليه رجل طرفه، ولا يتكلم كلمة، ثم جاوز النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلوا ينفضون التراب عن رءوسهم ولحاهم، والله ما سمعنا، والله ما أبصرنا، والله ما عقلنا.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا} قال: عن الحق {فهم} يترددون {فأغشيناهم فهم لا يبصرون} هدى، ولا ينتفعون به.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال: جعل هذا السد بينهم وبين الإِسلام والإِيمان، فلم يخلصوا إليه. وقرأ {وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} من منعه الله لا يستطيع.
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم النخعي، أنه كان يقرأ {من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا} بنصب السين.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أنه قرأ {فأغشيناهم}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {إنما تنذر من اتبع الذكر} قال: اتباع الذكر اتباع القرآن {وخشي الرحمن بالغيب} قال: خشي عذاب الله وناره {فبشره بمغفرة وأجر كريم} قال: الجنة.
{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)}.
أخرج عبد الرزاق والترمذي وحسنه والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي سعيد الخدري قال: كان بنو سلمة في ناحية من المدينة، فأرادوا أن ينتقلوا إلى قرب المسجد، فأنزل الله {إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم} فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إنه يكتب آثاركم، ثم قرأ عليهم الآية، فتركوا».
وأخرج عبد بن حميد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه {إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم} قال: الخطا.
وأخرج الفريابي وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت الأنصار منازلهم بعيدة من المسجد، فأرادوا أن ينتقلوا قريبًا من المسجد، فنزلت {ونكتب ما قدموا وآثارهم} فقالوا: بل نمكث مكاننا.
وأخرج مسلم وابن جرير وابن مردويه عن جابر بن عبدالله قال: إن بني سلمة أرادوا أن يبيعوا ديارهم، ويتحولوا قريبًا من المسجد، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن مردويه عن أنس قال: أراد بنو سلمة أن يبيعوا دورهم، ويتحوّلوا قريب المسجد، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فكره أن تعرى المدينة فقال «يا بني سلمة أما تحبون أن تكتب آثاركم إلى المسجد؟قالوا: بلى. فأقاموا».
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس رضي الله عنه في قوله: {ونكتب ما قدموا وآثارهم} قال: هذا في الخطو يوم الجمعة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود وابن ماجة وابن مردويه عن أُبيّ بن كعب قال: كان رجل ما يعلم من أهل المدينة ممن يصلي القبلة أبعد منزلًا منه من المسجد، فكان يشهد الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل له لو اشتريت حمارًا تركبه في الرمضاء والظلمات، فقال والله ما يسرني أن منزلي بلصق المسجد، فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك، فقال: يا رسول الله كيما يكتب أثري، وخطاي، ورجوعي إلى أهلي، وإقبالي، وإدباري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطاك الله ذلك كله، وأعطاك ما احتسبت أجمع».
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حين يخرج أحدكم من منزله إلى منزل رجل يكتب له حسنة، ويحط عنه سيئة».
وأخرج عبد بن حميد عن مسروق قال: ما خطا رجل خطوة إلا كتب الله له حسنة أو سيئة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرًا».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {ونكتب ما قدموا} قال: أعمالهم {وآثارهم} قال: خطاهم بأرجلهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال: لو كان مغفلًا شيئًا من أثر ابن آدم لأغفل هذا الأثر التي تعفها الرياح، ولكن أحصر على ابن آدم أثره، وعمله كله، حتى أحصى هذا الأثر فيما هو في طاعة الله أو معصيته، فمن استطاع منكم أن يكتب أثره في طاعة الله، فليفعل.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {ونكتب ما قدموا وآثارهم} قال: ما سنوا من سنة، فعملوا بها من بعد موتهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {نكتب ما قدموا} قال: ما قدموا من خير {وآثارهم} قال: ما أورثوا من الضلالة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن جرير بن عبدالله البجلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص من أوزارهم شيء. ثم تلا هذه الآية {ونكتب ما قدموا وآثارهم}».
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن الضريس في فضائل القرآن وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} قال: أم الكتاب.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} قال: كل شيء من امام عند الله محفوظ، يعني في كتاب.
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم رضي الله عنه {وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} قال: كتاب.
{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13)}.
أخرج الفريابي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {واضرب لهم مثلًا أصحاب القرية} قال: هي انطاكية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن بريدة {أصحاب القرية} قال: انطاكية.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون} قال: انطاكية.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون} قال: ذكر لنا أنها قرية من قرى الروم، بعث عيسى ابن مريم إليها رجلين، فكذبوهما.
وأخرج ابن سعد وابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان موسى بن عمران عليه السلام بينه وبين عيسى ألف سنة، وتسعمائة سنة ولم يكن بينهما، وانه أرسل بينهما ألف نبي من بني إسرائيل، ثم من أرسل من غيرهم، وكان بين ميلاد عيسى والنبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وتسع وستون سنة، بعث في أولها ثلاثة أنبياء. وهو قوله: {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث} والذي عزز به: شمعون. وكان من الحواريين، وكانت الفترة التي ليس فيها رسول أربعمائة سنة وأربعة وثلاثين سنة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إذ أرسلنا إليهم اثنين} قال: بلغني أن عيسى بن مريم بعث إلى أهل القرية- وهي انطاكية- رجلين من الحواريين، واتبعهم بثالث.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله: {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث} قال: لكي تكون عليهم الحجة أشد، فأتوا أهل القرية، فدعوهم إلى الله وحده وعبادته لا شريك له، فكذبوهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال: اسم الرسولين اللذين قالا {إذ أرسلنا إليهم اثنين} شمعون. ويوحنا. واسم الثالث: بولص.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {فعززنا بثالث} مخففة.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {إذ أرسلنا إليهم اثنين} قال: اسم الثالث الذي عزز به: سمعون بن يوحنا. والثالث بولص، فزعموا أن الثلاثة قتلوا جميعًا، وجاء حبيب وهو يكتم إيمانه {فقال يا قوم اتبعوا المرسلين} فلما رأوه أعلن بإيمانه فقال: {إني آمنت بربكم فاسمعون} وكان نجارًا ألقوه في بئر، وهي الرس، وهم أصحاب الرس.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {قالوا إنا تطيرنا بكم} قال: يقولون إن أصابنا شر فإنما هو من أجلكم {لئن لم تنتهوا لنرجمنكم} بالحجارة {قالوا طائركم معكم} أي أعمالكم معكم {أئن ذكرتم} يقول: ائن ذكرناكم بالله، تطيرتم بنا.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {لنرجمنكم} قال: لنشتمنكم قال والرجم في القرآن كله الشتم وفي قوله: {طائركم معكم أئن ذكرتم} يقول: ما كتب عليكم واقع بكم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {طائركم معكم} قال: شؤمكم معكم.
وأخرج عبد بن حميد عن يحيي بن وثاب أنه قرأها {أئن ذكرتم} بالخفض وقرأها زر بن حبيش {أن ذكرتم} بالنصب.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} قال: هو حبيب النجار.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد، مثله.
وأخرج ابن جرير عن أبي مجلز قال: كان اسم صاحب يس حبيب بن مري.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس قال: اسم صاحب يس حبيب وكان الجذام قد أسرع فيه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} قال: بلغني أنه رجل كان يعبد الله في غار، واسمه حبيب، فسمع بهؤلاء النفر الذين أرسلهم عيسى إلى أهل انطاكية، فجاءهم فقال: تسألون أجرًا فقالوا: لا، فقال لقومه {يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرًا وهم مهتدون} حتى بلغ {فاسمعون} قال: فرجموه بالحجارة فجعل يقول: رب اهد قومي {فإنهم لا يعلمون بما غفر لي ربي} حتى بلغ {إن كانت إلا صيحة واحدة} قال: فما نوظروا بعد قتلهم إياه حتى أخذتهم {صيحة واحدة فإذا هم خامدون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الحكم في قوله: {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} قال: بلغنا أنه كان قصارًا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {وجاء من أقصى المدينة رجل} كان حراثًا.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن كعب أن ابن عباس سأله عن أصحاب الرس فقال: إنكم معشر العرب تدعون البئر رسًا وتدعون القبر رسًا فخدوا خدودًا في الأرض، وأوقدوا فيها النيران للرسل الذين ذكر الله في {يس} {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث} وكان الله تعالى إذا جمع لعبد النبوة والرسالة منعه من الناس، وكانت الأنبياء تقتل، فلما سمع بذلك رجل من أقصى المدينة، وما يراد بالرسل أقبل يسعى ليدركهم، فيشهدهم على إيمانه، فأقبل على قومه فقال: {يا قوم اتبعوا المرسلين} إلى قوله: {لفي ضلال مبين} ثم أقبل على الرسل فقال: {إني آمنت بربكم فاسمعون} ليشهدهم على إيمانه فأُخِذَ فَقُذِفَ في النار فقال الله تعالى: {ادخل الجنة} قال: {يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين}.
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود قال: لما قال صاحب يس {يا قوم اتبعوا المرسلين} خنقوه ليموت فالتفت إلى الأنبياء فقال: {إني آمنت بربكم فاسمعون} أي فاشهدوا لي.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {قيل ادخل الجنة} قال: وجبت له الجنة {قال يا ليت قومي يعلمون} قال: هذا حين رأى الثواب. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَجَاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20)}.
في القصة أنه جاءُ من قرية فسمَّاها مدينة، وقال من أقصى المدينة، ولم يكن أقصاها وأدناها لِيَتَفَاوَتَا بكثيرٍ، ولكنه-سبحانه- أجرى سُنَّتَه في استكثار القليل من فِعْلِ عَبْدِهِ إذا كان يرضاه، ويستنزِرُ الكثيرَ من فَضْلِه إذا بَذَلَه وأعطاه.
{اتَّبِعُواْ مَن لاَّ يَسْئَلُكُمْ أَجْرًا} فأبْلَغَ الوَعْظَ وَصَدَقَ النُّصْحَ. ولكن كما قالوا:
وكم سُقْتُ في آثارِكم من نصيحةٍ ** وقد يستفيد البغضةَ المتنصِّحُ

فلمَّا صَدَقَ في حاله، وصَبَرَ على ما لَقِيَ من قومه، ورجع إلى التوبة، لقَّاه حُسْنَ أفضالِه، وآواه إلى كَنَفِ إقبالِه، ووَجَدَ ما وَعَدَه ربُّه من لُطْفِ أفضالِه.
{قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)}.
تَمَنَّى أن يعلم قومُه حاله، فَحَقَّقَ اللَّهُ مُنَاه، وأخبر عن حاله، وأنزل به خطابه، وعَرَفَ قومُه ذلك. وإنما تمنَّى وأراد ذلك إشفاقًا عليهم، ليعملوا مثلما عَمِلَ لِيَجدُوا مثلما وَجَدَ. اهـ.