فصل: قال أبو السعود:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو السعود:

{وَمَا أَنزَلْنَا على قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ} من بعد قتلِه أو رفعِه {مِن جُندٍ مّنَ السماء} لإهلاكِهم والانتقامِ منهم كما فعلناه يومَ بدرٍ والخندقِ كفينا أمرَهم بصيحةِ مَلَكٍ وفيه استحقارٌ لهم ولإهلاكهم وإيماء إلى تفخيمِ شأن الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم {وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ} وما صحَّ في حكمتِنا أنْ ننزلَ لإهلاكِ قومِه جُندًا من السَّماءِ لما أنَّا قَدَّرنا لكلِّ شيءٍ سَبَبًا حيثُ أهلكنا بعضَ مَن أهلكنا من الأُمم بالحاصبِ وبعضَهم بالصيحة وبعضَهم بالخسفِ وبعضَهم بالإغراقِ وجعلنا إنزالَ الجندِ من خصائصِك في الانتصارِ من قومك. وقيل: ما موصولةٌ معطوفةٌ على جندٍ أي وما كنَّا مُنزلين على مَن قبلهم من حجارةٍ وريحٍ وأمطارٍ شديدةٍ وغيرِها {إِن كَانَتْ} أي ما كانتْ الأخذةُ أو العقوبةُ {إِلاَّ صَيْحَةً واحدة} صاحَ بها جبريلُ عليه السَّلامُ. وقُرئ {إلاَّ صيحةٌ} بالرَّفعِ على أنَّ كانَ تامَّةٌ. وقُرئ {إلا زَقيةً واحدةً } من زَقَا الطَّائرُ إذا صاحَ {فَإِذَا هُمْ خامدون} ميِّتُون شُبِّهوا بالنَّارِ الخامدةِ رَمْزًا إلا أنَّ الحيَّ كالنَّارِ السَّاطعةِ في الحَرَكةِ والالتهابِ والميِّتُ كالرَّمادِ قال لَبيدٌ:
وَمَا المرءُ إلاَّ كالشَّهاب وضوئِه ** يحورُ رَمَادًا بعدَ إذْ هُو ساطعُ

{ياحسرة عَلَى العباد} تعالى فهذه من الأحوالِ التي حقُّها أنْ تحضرِي فيها، وهي ما دلُّ عليه قولُه تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ} فإنَّ المستهزئينَ بالنَّاصحينَ الذين نيطت بنصائِحهم سعادةُ الدَّارينِ أحقَّاءُ بأنْ يتحسَّروا ويتحسَّرُ عليهم المتحسِّرون. أو قد تلهَّفَ على حالهم الملائكةُ والمؤمنون من الثَّقلينِ. وقد جُوِّز أنْ يكون تحسُّرًا عليهم من جهةِ الله تعالى بطريق الاستعارةِ لتعظيم ما جنَّدوه على أنفسِهم. ويؤيِّده قراءةُ يَا حسرتَا لأنَّ المعنى يا حسرتِي ونصبُها لطولِها بما تعلَّق بها من الجارِّ وقيل: بإضمارِ فعلِها، والمنادى محذوفٌ وقُرئ {يا حسرةَ العبادِ } بالإضافةِ إلى الفاعلِ أو المفعولِ وياحسرة على العبادِ بإجراءِ الوصلِ مجرى الوقفِ.
{أَلَمْ يَرَوْاْ} أي ألم يعلمُوا وهو معلَّقٌ عن العمل في قوله تعالى: {كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّنَ القرون} لأنَّ كم لا يعملُ فيها ما قبلها وإنْ كانتْ خبريَّةً لأنَّ أصلَها الاستفهامُ خلا أنَّ معناه نافذٌ في الجُملةِ كما نفذَ في قولك ألم تَرَ إنَّ زيدًا لمنطلقٌ وإن لم يعملْ في لفظه {أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ} بدلٌ من كم أهلكنا على المعنى أيْ ألم يروا كثرةَ إهلاكِنا من قبلهم من المذكُورين آنِفًا ومن غيرهم كونهم غير راجعين إليهم. وقُرئ بالكسرِ على الاستئنافِ. وقُرئ {ألم يَرَوا من أهلكنا} والبدلُ حينئذٍ بدلُ اشتمالٍ.
{وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} بيانٌ لرجوع الكلِّ إلى المحشرِ بعد بيان عدم الرُّجوعِ إلى الدُّنيا وأنْ نافية وتنوينُ كلٌّ عِوضٌ عن المضافِ إليهِ ولمَّا بمعنى إلاَّ، وجميعُ فعيلٌ بمعنى مفعولٍ، ولدينا ظرفٌ له أو لما بعده. والمعنى ما كلُّهم إلاَّ مجموعون لدينا مُحضرون للحسابِ والجزاءِ وقيل: محضرُون معذَّبون فكل ذلك عبارةٌ عن الكَفَرة. وقُرئ {لما} بالتَّخفيفِ على أنَّ إنْ مخَّففةٌ من الثقيلة واللاَّمُ فارقةٌ وما مزيدةٌ للتأكيد والمعنى أنَّ كلهم مجموعون الخ. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَمَا أَنزَلْنَا على قَوْمِهِ} أي قوم الرجل الذي قيل له {ادخل الجنة} [يس: 26] {مِن بَعْدِهِ} أي من بعد قتله، وقيل: من بعد رفعه إلى السماء حيا {مِن جُندٍ} أي جندا فمن مزيدة لتؤكيد النفي، وقيل: يجوز أن تكون للتبعيض وهو خلاف الظاهر، والجند العسكر لما فيه من الغلظة كأنه من الجند أي الأرض الغليظة التي فيها حجارة، والظاهر أن المراد بهذا الجند جند الملائكة أي ما أنزلنا لاهلاكهم ملائكة {مّنَ السماء وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ} وما صح في حكمتنا أن ننزل الجند لاهلاكهم لما أنا قدرنا لكل شيء سببًا حيث أهلكنا بعض من أهلكنا من الأمم بالحاصب وبعضهم بالصيحة وبعضهم بالخسف وبعضهم بالاغراق وجعلنا إنزال الجند من خصائصك في الانتصار لك من قومك وكفينا أمر هؤلاء بصيحة ملك صاح بهم فهلكوا كما قال سبحانه: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحدة فَإِذَا هُمْ خامدون} وفي ذلك استحقار لهم ولا هلاكهم وإيماء إلى تفخيم شأن النبي صلى الله عليه وسلم، وفسر أبو حيان الجند بما يعم الملائكة فقال: كالحجارة والريح وغير ذللك والمتبادر ما تقدم، وقيل: الجند ملائكة الوحي الذين ينزلون على الأنبياء عليهم السلام أي قطعنا عنهم الرسالة حين فعلوا ما فعلوا ولم نعبأ بهم وأهلكناهم، وعن الحسن ومجاهد قالا قطع الله تعالى عنهم الرسالة حين قتلوا رسله، وهذا التفسبر بعيد جدًا، وقتل الرسل الثلاثة محكى في البحر بقيل وهو ظاهر هذا المروى لكن المعروف أنهم لم يقتلوا وإنما قتل حبيب فقط، وذهبت فرقة إلى أن ما في قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ} [يس: 28] موصولة معطوفة على {جُندٌ} والمراد ما أنزلنا على قومه من بعده جندًا من السماء وما أنزلنا الذي كنا منزليه على الذين من قبلهم من حجارة وريح وغير ذلك.
وتعقبه أبو حيان بأنه يلزم عليه زيادة {مِنْ} في المعرفة، ومن هنا قيل الأولى جعلها نكرة موصوفة، وأجيب بأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، ولا يخفى أن هذا لا يدفع بعده، ومن أبعد ما يكون قول أبي البقاء: يجوز أن تكون ما زائدة أي وقد كنا منزلين على غيرهم جندًا من السماء بل هو ليس بشيء، وإن نافية وكان ناقصة واسمها مضمر و{صَيْحَةٍ} خبرها أي ما كانت هي أي الأخذة أو العقوبة إلا صيحة واحدة، روى أن الله تعالى بعث عليهم جبريل عليه السلام حتى أخذ بعضادتي باب المدينة فصاح بهم صيحة واحدة فماتوا جميعًا، وإذا فجائية وفيها إشارة إلى سرعة هلاكهم بحيث كان مع الصيحة، وقد شبهوا بالنار على سبيل الاستعارة المكنية والخمود تخييل، وفي ذلك رمز إلى أن الحي كشعلة النار والميت كالرماد كما قال لبيد:
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه ** يحور رمادا بعد إذ هو ساطع

ويجوز أن تكون الاستعارة تصريحية تبعية في الخمود بمعنى البرودة والسكون لأن الروح لفزعها عند الصيحة تندفع إلى الباطن دفعة واحدة ثم تنحصر فتنطفىء الحرارة الغريزية لانحصارها، ولعل في العدول عن هامدون إلى {خامدون} رمزًا خفيًا إلى البعث بعد الموت، والظاهر أنه لم يؤمن منهم سوى حبيب وانهم هلكوا عن آخرهم، وفي بعض الآثار أنه إمن الملك وأمن قوم من حواشيه ومن لم يؤمن هلك بالصيحة، وهذا بعيد فإنه كان الظاهر أن يظاهر أولئك المؤمنون الرسل كما فعل حبيب ولكان لهم في القرآن الجليل ذكر ما بوجه من الوجوه اللهم إلا أن يقال: إنهم آمنوا خفية وكان لهم ما يعذرون به عن المظاهرة، ومع هذا لا يخلو بعد عن بعد، وقرأ أبو جعفر وشيبة ومعاذ بن الحرق القارىء {صَيْحَةٍ} بالرفع على أن كان تامة أي ما حدثت ووقعت إلا صيحة وينبغي أن لا تلحق الفعل تاء التأنيث في مثل هذا التركيب فلا يقال ما قامت إلا هند بل ما قام إلا هند لأن الكلام على معنى ما قام أحد إلا هند والفاعل فيه مذكر، ولم يجوز كثير من النحويين ألا لحاق إلا في الشعر كقول ذي الرمة:
طوى التحز والإجراز ما في غروضها ** وما بقيت ألا الضلوع الجراشع

وقول الآخر:
ما برئت من ريبة وذم ** في حربنا إلا بنات العم

ومن هنا أنكر الكثير كما قال أبو حاتم هذه القراءة، ومنهم من أجاز ذلك في الكلام على قلة كما في قراءة الحسن. ومالك بن دينار. وأبي رجاء. والجحدري. وقتادة. وأبي حيوة. وابن أبي عبلة. وأبي بحرية: {لاَّ ترى إِلاَّ مساكنهم} [الأحقاف: 25] بالتاء الفوقية، ووجهه مراعاة الفاعل المذكور، وكأني بك تميل إلى هذا القول، وقرأ ابن مسعود {إِلا} من زقي الطائر يزقو ويزقي زقا وزقاء إذا صاح، ومنه المثل أثقل من الزواقي وهي الديكة لأنهم كانوا يسمرون إلى أن تزقوا فإذا صاحت تفرقوا.
{يا حسرة عَلَى العباد} الحسرة على ما قال الراغب الغم على ما فات والندم عليه كأن المتحسر انحسر عنه قواه من فرط ذلك أو ادركه إعياء عن تدارك ما فرط منه، وفي البحر هي أن يركب الإنسان من شدة الندم ما لا نهاية بعده حتى يبقى حسيرًا، والظاهر أن {يا} للنداء و{عَلَيْهِمْ حَسْرَةً} هو المنادي ونداؤها مجاز بتنزيلها منزلة العقلاء كأنه قيل: يا حسرة احضري فهذا الحال من الأحوال التي من حقها أن تحضري فيها وهي ما دل عليها قوله تعالى: {مَا تَأْتِيهِم مّنْ رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ} والمراد بالعباد مكذبو الرسل ويدخل فيهم المهلكون المتقدمون دخولًا أوليًا، وقيل: هم المراد وليس بذاك وبالحسرة المناداة حسرتهم والمستهزئون بالناصحين المخلصين المنوط بنصحهم خير الدارين أحقاء بأن يتحسروا على أنفسهم حيث فوتوا عليها السعادة الأبدية وعوضوها العذاب المقيم، ويؤيد هذا قراءة ابن عباس وأبي وعلي بن الحسين والضحاك ومجاهد والحسن {حَكَمَ بَيْنَ العباد} بالإضافة، وكون المراد حسرة غيرهم عليهم والإضافة لأدنى ملابسة خلاف الظاهر؛ وأخرج ابن جرير وغيره عن قتادة أنه قال في بعض القرآن {حسابهم وَهُمْ في غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ مَا يَأْتِيهِمْ}. إلخ.
وجوز أن تكون حسرة الملائكة عليهم السلام والمؤمنين من الثقلين، وعن الضحاك تخصيصها بحسرة الملائكة عليهم السلام وزعم أن المراد بالعباد الرسل الثلاثة وأبو العالية فسر {العباد} بهذا أيضًا لكنه حمل الحسرة على حسرة الكفار المهلكين قال: تحسروا حين رأوا عذاب الله تعالى وتلهفوا على ما فاتهم، وقيل: المراد بالعباد المهلكون والتحسر الرجل الذي جاء من اقصى المدينة تحسر لما وثب القوم لقتله، وقيل: المراد بالعباد أولئك والمتحسر الرسل حين قتلوا ذلك الرجل وحل بهم العذاب ولم يؤمنوا، ولا يخفى حال هذه الأقوال وكان مراد من قال: المتحسر الرجل ومن قال المتحسر الرسل عني أن القول المذكور قول الرجل أو قول الرسل، في كلام أبي حيان ما هو ظاهر في ذلك، ومع هذا لا ينبغي أن يعول على شيء مما ذكر، وجوز أن يكون التحسر منه سبحانه وتعالى مجازًا عن استعظام ما جنوه على أنفسهم، وأيد بأنه قرئ {خامدون ياحسرة عَلَى العباد} فإن الأصل عليها يا حسرتي فقلبت الياء ألقًا، ونحوها قراءة ابن عباس كما قال ابن خالويه {خامدون ياحسرة عَلَى العباد} بغير تنوين فإن الأصل أيضًا يا حسرتي فقلبت الياء ألفًا ثم حذفت الألف واكتفى عنها بالفتحة، وقرأ أبو الزناد وابن هرمز وابن جندب {خامدون ياحسرة عَلَى العباد} بالهاء الساكنة، قال في المنتقى: وقف {على} وقفًا طويلًا تعظيمًا للأمر ثم قيل {ياحسرة عَلَى العباد}.
وفي اللوامح وقفوا على الهاء مبالغة في التحسر لما في الهاء من التأهه كالتأوه، ثم وصلوه على تلك الحال.
وقال الطيبي: إن العرب إذا أخبرت عن الشيء غير معتد به أسرعت فيه ولم تأت على اللفظ المعبر عنه نحو قلت لها قفي قالت لنا قاف أي وقفت فانتصرت من جملة الكلمة على حرف منها تهاونًا بالحال وتثاقلًا عن الإجابة، ولا يخفى أن هذا لا يناسب المقام، وينبغي على هذه القراءة أن لا يكون {عَلَى العباد} متعلقًا بحسرة أو صفة له إذ لا يحسن الوقف حينئذ بل يجعل متعلقًا بمضمر يدل عليه {حَسْرَةً} نحو يتحسر أو أتحسر على العباد، وتقدير انظروا ليس بذاك أو خبر مبتدأ محذوف لبيان المتحسر عليه أي الحسرة على العباد وتخريج قراءة {يا حسرتا} بالألف على هذا الطرز بأن يقال: قدر الوقف على المنصوب المنون فإنه يوقف عليه بالألف {كان الله على كل شيء قديرا} [الأحزاب: 27] وضرب زيد عمرًا ليس بشيء ولو سلم أنه شيء لا ينافي التأييد، وقيل {يا} للنداء والمنادي محذوف و{عَلَيْهِمْ حَسْرَةً} مفعول مطلق لفعل مضمر و{عَلَى العباد} متعلق بذلك الفعل أي يا هؤلاء تحسروا حسرة على العباد.
ولعل الأوفق للمقام المتبادر إلى الأفهام أن المراد نداء حسرة كل من يتأتى منه التحسر ففيه من المبالغة ما فيه.
وقوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ} الخ استئناف لبيان ما يتحسر منه، و{بِهِ} متعلق بيستهزئون.
وقدم عليه للحصر الادعائي وجوز أن يكون لمراعاة الفواصل.
{أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّنَ القرون} الضمير لأهل مكة والاستفهام للتقرير وكم خبرية في موضع نصب بأهلكنا و{مّنَ القرون} بيان لكم، وجوز بعض المتأخرين كون {كَمْ} مبتدأ والجملة بعده خبره وهو كلام من لا خبر عنده والجملة معمولة ليروا نافذ معناها فيها و{كَمْ} معلقة لها عن العمل في اللفظ لأنها وإن كانت خبرية لها صدر الكلام كالاستفهامية فلا يعمل فيها عامل متقدم على اللغة الفصيحة إلا إذا كان حرف جر أو اسمًا مضافًا نحو على كم فقير تصدقت أرجو الثواب وابن كم رئيس صحبته.
وحكى الأخفش على ما في الحبر جواز تقدم عامل عليها غير ذلك عن بعضهم نحو ملكت كم غلام أي ملكت كثيرًا من الغلمان عاملوها معاملة كثير؛ والرؤية علمية لا بصرية خلافًا لابن عطية لأنها لا تعلق على المشهور ولأن أهل مكة لم يحضروا إهلاك من قبلهم حتى يروه بل علموه بالأخبار ومشاهدة الآثار، والقرون جمع قرن وهم القوم المقترنون في زمن واحد كعاد وثمود وغيرهم {أَنَّهُمْ} الضمير عائد على معنى {كَمْ} وهي القرون أي إن القرون المهلكين {إِلَيْهِمُ} أي إلى أهل مكة {لاَ يَرْجِعُونَ} وأن وما بعدها في تأويل المفرد بدل من جلمة {كَمْ أَهْلَكْنَا} على المعنى كما نقل عن سيبويه وتبعه الزجاج أي ألم يروا كثرة اهلاكنا من قبلهم وكونهم غير راجعين إليهم.