فصل: تفسير الآيات (45- 50):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.تفسير الآيات (45- 50):

قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45) وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (46) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (47) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48) مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كان هذا الحال معلومًا لهم لا ينازعون فيه بوجه، بل إذا وقعوا فيه أخلصوا الدعاء وأمروا به وخلعوا الأنداد، وكان علم ذلك موجبًا لصاحبه أن لا يغفل عن القادر عليه وقتًا ما، بل لا يفتر عن شكره خوفًا من مكره، وكان العاقل إذا ذكر بأمر فعلمه يقينًا كان جديرًا بأن يقبله، فإذا لم يقبله وخوف عاقبته بأمر محتمل جد في الاحتراز منه، عجب منهم في إعراضهم عنه سبحانه مع قيام الأدلة القاطعة على وحدانيته وأنه قادر على ما يريد من عذاب وثواب، وإقبالهم على ما لا ينفعهم بوجه، فقال: {وإذا قيل} أي من أي قائل كان {لهم اتقوا} أي خافوا خوفًا عظيمًا تعالجون فيه أنفسكم {ما بين أيديكم} أي بما يمكن أن تقعوا فيه من العثرات المهلكة في الدارين {وما خلفكم} أي ما فرطتم فيه ولم تجاروا به ولابد من المحاسبة عليه لأن الله الذي خلقكم أحكم الحاكمين {لعلكم ترحمون} أي تعاملون معاملة المرحوم بالإكرام.
ولما كان التقدير: أعرضوا لأن الإعراض قد صار لهم خلقًا لا يقدرون على الانفكاك من أسره، عطف عليه قوله إشارة إليه: {وما تأتيهم} وعمم بقوله: {من آية} وبين قوله: {من آيات} ولفت الكلام للتذكير بالإنعام تكذيبًا لهم في أنهم أشكر الناس للمنعم فقال: {ربهم} أي المحسن إليهم {إلا كانوا عنها} أي مع كونها من عند من غمرهم إحسانه وعمهم فضله وامتنانه {معرضين} أي دائمًا إعراضهم.
ولما كانت الرحمة بالرزق والنصر إنما تنال بالرحمة للضعفاء «هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم» «إنما يرحم الله من عباده الرحماء» وكان الإنفاق خلق المؤمنين، قال مبينًا أنهم انسلخوا عن الإنسانية جملة فلا يخافون ما يجوز وقوعه من العذاب، ولا يرجون ما يجوز حلوله من الثواب: {وإذا قيل لهم} أي من أيّ قائل كان: {أنفقوا} أي على من لا شيء، شكرًا لله على ما أنجاكم منه ونفعكم به بنفع خلقه الذين هم عياله، وبين أنهم يبخلون بما لا صنع لهم فيه ولم تعمله أيديهم بل ببعضه فقال: {مما رزقكم} وأظهر ولم يضمر إشارة إلى جلالة الرزق بجلالة معطيه، وزاد في تقريعهم بجعل ذلك الظاهر اسم الذات لأنه لا ينبغي أن يكون عطاء العبد على قدر سيده فقال: {الله} أي الذي له جميع صفات الكمال {قال} وأظهر تبكيتًا لهم بالوصف الحامل لهم على البخل فقال: {الذين كفورا} أي ستروا وغطوا ما دلتهم عليه أنوار عقولهم من الخيرات {للذين آمنوا} أي القائلين بذلك المعتقدين له سواء كانوا هم القائلين لهم أو غيرهم منكرين عليهم استهزاء بهم عادلين عما اقتضى السؤال عن ذكر الإنفاق إلى ما يفيد التقريع بالفقر والحاجة إلى الأكل: {أنطعم} وعدلوا عن التعبير بالماضي لئلا يقال لهم: قد تولى سبحانه إطعامه من حين خلقه إلى الآن، فقالوا: {من لو يشاء} وأظهروا حدًّا له ومساعيه فقالوا: {الله} أي الذي له جميع العظمة كما زعمتم في كل وقت يريده {أطعمه} أي لكنا ننظره لا يشاء ذلك فإنه لم يطعمهم لما نرى من فقرهم فنحن أيضًا لا نشاء ذلك بموافقة لمراد الله فيه فتركوا التأدب مع الأمر وأظهروا التأدب مع بعض الإرادة المنهي عن الجري معها والاستسلام لها، وما كفاهم حتى قالوا لمن أرشدهم إلى الخير على طريق النتيجة لما تقدم: {إن} أي ما {أنتم إلا في ضلال} أي محيط بكم {مبين} أي في غاية الظهور، وما دروا أن الضلال إنما هو لهم لأنه سبحانه إنما جعل إطعام بعض خلقه بلا واسطة وبعضهم بواسطة امتحانًا منه للمطيع والعاصي والشاكر والكافر والجزع والصابر- وغير ذلك من حكمه.
ولما ذكر قلة خيرهم المستندة إلى تهكمهم باليوم الذي ذكروا به بالأمر بالاتقاء والتعليل بترجي الرحمة، أتبعه حكاية استهزاء آخر منهم دال على عظيم جهلهم بتكذيبهم بما يوعدون على وجه التصريح بذلك اليوم والتصوير له بما لا يسع من له أدنى مسكة غير الانقياد له فقال: {ويقولون} أي عادة مستمرة مضمونة إلى ما تقدم مما يستلزم تكذيبهم، وزادوا بالتعبير بأداة القرب في تقريعهم إشارة إلى أنكم زدتم علينا في التهديد به والتقريب له حتى ظن أنه مصبحنا أو ممسينا ولم نحس منه عينًا ولا أثرًا: {متى هذا} وزادوا في الاستهزاء بتسميته وعدًا فقالوا: {الوعد} أي الذي تهددوننا به تارة تلويحًا وتارة تصريحًا، عجلوه لنا.
وألهبوا وهيجوا زيادة في التكذيب بقولهم: {إن كنتم صادقين} ولما كان الحازم من لا يتهكم بشيء إلا إذا استعد له بما هو محقق الدفع، بين سفههم بإتيانها بغتة وبأنه لابد من وقوعها، وأنها بحيث تملأ السماوات والأرض، فكأنه لا شيء فيهما غيرها بقوله: {ما ينظرون} أي مما يوعدون ويجوز أن يكون بمعنى ينتظرون لأن استبطاءهم لها في صورة الانتظار وإن أرادوا به الاستهزاء وجرد الفعل تقريبًا لها لتحقق وقوعه {إلا صيحة} وبين حقارة شأنهم وتمام قدرته بقوله: {واحدة} وهي النفخة الأولى المميتة، واقتصر في تأكيد الوحدة على هذا بخلاف ما يأتي في المحيية لأنهم لا ينكرون أصل الموت {تأخذهم} أي تهلكهم؛ وبين غرورهم بقوله: {وهم يخصمون} أي يختصمون أي يتخاصمون في معاملاتهم على غاية من الغفلة، ولعله عبر بذلك إشارة بالإدغام اللازم عنه التشديد إلى تناهي الخصام بإقامة أسبابه أعلاها وأدناها إلى حد لا مزيد عليه لأن التاء معناه عند أهل الله انتهاء التسبيب إلى أدناه وكل ذلك إشارة إلى أنهم في وقت الصعق يكونون في أعظم الأمان منها لأن إعراضهم عنها بلغ إلى غاية لا مزيد عليها، ويشير الإدغام أيضًا إلى أن خصومتهم في غاية الخفاء بالنسبة إلى الصيحة، وأن بلغت الخصومة النهاية في الشدة، ولم يقرأ أحد يختصمون بالإظهار إشارة إلى أنه لا يقع في ذلك الوقت خصومه كاملة حتى تكون ظاهرة بل تهلكهم الصيحة قبل استيفاء الحجج وإظهار الدلائل، فمنها ما كان ابتدأ فيه اصحابه فأوجزوا- بما أشارت إليه قراءة حمزة بإسكان الخاء وكسر الصاد مخففًا، ومنها ما كان متوسطًا وفيه خفاء وعلو- بما أشار إليه تشديد الصاد مع اختلاس فتحة الخاء، ومنها ما هو كذلك وهو إلى الجلاء أقرب- بما أشار إليه إخلاص فتحة الخاء مع تشديد الصاد، وأشار من قرأه كذلك مع كسر الخاء إلى التوسط مع الخفاء والسفول، والله أعلم.
ولما كانت هذه النفخة المميتة، سبب عنها قوله: {فلا يستطيعون توصية} أي أن يوجدوا الوصية في شيء من الأشياء، والاستفعال والتفعيل يدلان على أن الموت ليس حين سماع أول الصوت بل عقبه من غير مهلة لتمام أمر ما.
ولما كان ذلك ليس نصًّا في نفي المشي قال: {ولا إلى أهلهم} أي فضلًا عن غيرهم {يرجعون} بل يموت كل واحد في مكانه حيث تفجأه الصيحة، وربنا أفهم التعبير ب إلى أنهم يريدون الرجوع فيخطون خطوة أو نحوها، وفي الحديث «ليقومن من الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يبيعانه ولا يطويانه، ولتقومن الساعة وقد رفع الرجل أكلته إلى فيه فلا يطعمها». اهـ.

.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{يخصمون} بفتحتين ثم كسر الصاد المشددة: ابن كثير وورش وسهل ويعقوب وأصله يختصمون أدغمت التاء في الصاد بعد نقل حركتها إلى الخاء، وقرأ أبو جعفر ونافع غير ورش بسكون الخاء، وقرأ أبو عمرو باشمام الفتحة قليلًا وقرأ حمزة بسكون الخاء وتخفيف الصاد من الخصم ثلاثيًا. الباقون بكسر الخاء للاتباع وتشديد الصاد. وروى خلف عن يحيى بكسر الياء والخاء والتشديد.
{شغل} بضمتين: عاصم وخلف وابن عامر ويزيد ويعقوب.
{فكهون} وبابه بغير ألف: يزيد.
{ظل} بضم الظاء وفتح اللام: حمزة وعلي وخلف على أنه جمع ظلة. الآخرون: {ظلال} جمع ظل {جبلًا} بضم الجيم وسكون الباء. ابن عامر وأبو عمرو. وقرأ أبو جعفر ونافع وعاصم وسهل بكسرتين واللام مشددة، وقرأ يعقوب بضمتين والتشديد. والباقون بضمتين والتخفيف {ننكسه} مشددًا: حمزة وعاصم غير مفضل. الآخرون: بالتخفيف من النكس.
{تعقلون} بتاء الخطاب: أبو جعفر ونافع وابن ذكوان وسهل ويعقوب {لتنذر} على الخطاب أبو جعفر ونافع وابن عامر وسهل ويعقوب {يقدر} على صيغة المضارع: يعقوب {كن فيكون} بالنصب: ابن عامر وعلي.

.الوقوف:

{ترحمون} o {معرضين} o {رزقكم الله} لا لأن ما بعده جواب إذا {أطعمه} لا كذلك لاتحاد المقول ولئلا يبتدأ بما لا يقوله مسلم. وجوز جار الله أن يكون قوله: {إن أنتم} قول الله أو حكاية قول المؤمنين لهم فالوقف جائز.
{مبين} o {صادقين} o {يخصمون} o {يرجعون} o {ينسلون} o {مرقدنا} o لئلا يوهم أن هذا صفة وما بعده منفي وفيه وجوه أخر نذكرها في التفسير {المرسلون} o {محضرون} o {تعملون} o {فاكهون} o ج لاحتمال أن {هم} تأكيد الضمير {أزواجهم} عطف عليه و{في ظلال} ظرف {فاكهون} ولاحتمال أن ما بعده مبتدأ وخبره {متكئون} {يدعون} o ج لأنه من المحتمل أن يكون {سلام} خبر محذوف اي عليهم سلام يقول قولًا، وأن يكون {سلام} بدل {ما يدعون} اي لهم ما يتمنون وهو سلام {سلام} ط ج لحق الحذف {رحيم} o {المجرمون} o {الشيطان} ج لأن التقدير فإنه {مبين} o لا للعطف {اعبدوني} ج {مستقيم} o {كثيرًا} o {تعقلون} o {توعدون} o {تكفرون} o {يكسبون} o {يبصرون} o {يرجعون} o {في الخلق} ط {يعقلون} o له ج {مبين} o {الكافرين} o {مالكون} o {يأكلون} o {مشارب} o {يشكرون} o {ينصرون} ج {نصرهم} لا لأن الواو للحال {محضرون} o {قولهم} o لئلا يوهم أن ما بعده مقول الكفار {يعلنون} o {مبين} o خلقه ط {رميم} o {مرة} ط {عليم} o لا لأن {الذي} بدل {توقدون} o {مثلهم} ط لانتهاء الاستفهام {العليم} o {فيكون} o {ترجعون} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45)}.
وجه تعلق الآية بما قبلها:
هو أن الله تعالى لما عدد الآيات بقوله: {وَءايَةٌ لَّهُمُ الأرض} {وَءايَةٌ لَّهُمُ الليل} {وَءايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرّيَّتَهُمْ} [يس: 33، 37، 41] وكانت الآيات تفيد اليقين وتوجب القطع بما قال تعالى ولم تفدهم اليقين، قال فلا أقل من أن يحترزوا عن العذاب فإن من أخبر بوقوع عذاب يتقيه، وإن لم يقطع بصدق قول المخبر احتياطًا فقال تعالى إذا ذكر لهم الدليل القاطع لا يتعرفون به وإذا قيل لهم اتقوا لا يتقون فهم في غاية الجهل ونهاية الغفلة، لا مثل العلماء الذين يتبعون البرهان، ولا مثل العامة الذين يبنون الأمر على الأحوط، ويدل على ما ذكرنا قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} بحرف التمني أي في ظنكم فإن من يخفى عليه وجه البرهان.
لا يترك طريقة الاحتراز والاحتياط، وجواب قوله: {إِذَا قِيلَ لَهُمْ اتقوا} محذوف معناه وإذا قيل لهم ذلك لا يتقون أو يعرضون، وإنما حذف لدلالة ما بعده عليه وهو قوله تعالى: {وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ ءَايَةٍ مّنْ آيات ربهم} [الأنعام: 4] وفي قوله تعالى: {مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ} وجوه أحدها: {مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ} الآخرة فإنهم مستقبلون لها {وَمَا خَلْفَكُمْ} الدنيا فإنهم تاركون لها وثانيها: {مَا بَيْنَ أَيْدِيكُم} من أنواع العذاب مثل الغرق والحرق، وغيرهما المدلول عليه بقوله تعالى: {وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ} [يس: 43] وما خلفكم من الموت الطالب لكم إن نجوتم من هذه الأشياء فلا نجاة لكم منه يدل عليه قوله تعالى: {ومتاعا إلى حِينٍ} [يس: 44] وثالثها: ما بين أيديكم من أمر محمد صلى الله عليه وسلم فإنه حاضر عندكم وما خلفكم من أمر الحشر فإنكم إذا اتقيتم تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم والتكذيب بالحشر رحمكم الله وقوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} مع أن الرحمة واجبة، فيه وجوه ذكرناها مرارًا ونزيد هاهنا وجهًا آخر وهو أنه تعالى لما قال: {اتقوا} بمعنى أنكم إن لم تقطعوا بناء على البراهين فاتقوا احتياطًا قال: {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} يعني أرباب اليقين يرحمون جزمًا وأرباب الاحتياط يرجى أن يرحموا، والحق ما ذكرنا من وجهين أحدهما: اتقوا راجين الرحمة فإن الله لا يجب عليه شيء وثانيهما: هو أن الاتقاء نظرًا إليه أمر يفيد الظن بالرحمة فإن كان يقطع به أحد لأمر من خارج فذلك لا يمنع الرجاء فإن الملك إذا كان في قلبه أن يعطي من يخدمه أكثر من أجرته أضعافًا مضاعفة لكن الخدمة لا تقتضي ذلك، يصح منه أن يقول افعل كذا ولا يبعد أن يصل إليك أجرتك أكثر مما تستحق.
{وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (46)}.
وهذا متعلق بما تقدم من قوله تعالى: {يا حسرةً على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ} [يس: 30] {وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ ءايَةٍ مّنْ ءايات رَبّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عنها معرضين} يعني إذا جاءتهم الرسل كذبوهم فإذا أتوا بالآيات أعرضوا عنها وما التفتوا إليها وقوله: {أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّنَ القرون} إلى قوله: {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [يس: 31- 45] كلام بين كلامين متصلين ويحتمل أن يقال هو متصل بما قبله من الآية وبيانه هو أنه تعالى لما قيل: {وإذا قيل لهم اتقوا} [يس: 45] وكان فيه تقدير أعرضوا قال ليس إعراضهم مقتصرًا على ذلك بل هم على كل آية معرضون أو يقال إذا قيل لهم اتقوا اقترحوا آيات مثل إنزال الملك وغيره فقال: {وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ ءَايَةٍ مّنْ ءايات رَبّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ} وعلى هذا كانوا في المعنى يكون زائدًا معناه إلا يعرضون عنها أي لا ينفعهم الآيات من كذب بالبعض هان عليه التكذيب بالكل.