فصل: قال الخازن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وعن عاصم كسر الياء والخاء.
وقرأ نافع بسكون الخاء وتشديد الصاد.
وقرأ حمزة بسكون الخاء وتخفيف الصاد، أي: يَخْصِمُ بعضهم بعضًا.
وقرأ أُبيٌّ بن كعب: {يختصمون} بزيادة تاء؛ والمعنى أن الساعة تأتيهم أَغفلَ ما كانوا عنها وهم متشاغلون في متصرَّفاتهم وبيعهم وشرائهم {فلا يستطيعون توصيةً} قال مقاتل: أُعجلوا عن الوصية فماتوا، {ولا إِلى أهلهم يَرْجِعُونَ} أي: لا يعودون من الأسواق إلى منازلهم؛ فهذا وصف ما يَلْقَون في النفخة الأولى.
ثم ذكر ما يَلْقَون في النفخة الثانية فقال: {ونُفِخَ في الصُّور فإذا هم من الأجداث} يعني القبور؛ {إِلى ربهم يَنْسِلُونَ} أي: يخرُجون بسرعة، وقد شرحنا هذا المعنى في سورة [الأنبياء: 96].
{قالوا يا وليلنا مَنْ بَعَثَنا من مرقدنا} وقرأ علي بن أبي طالب، وأبو رزين، والضحاك وعاصم الجحدري: {من بعثْنَا} بكسر الميم والثاء وسكون العين.
قال المفسرون: إنما قالوا هذا، لأن الله تعالى رفع عنهم العذاب فيما بين النفختين.
قال أُبيُّ بن كعب: ينامون نومة قبل البعث فإذا بُعثوا قالوا هذا.
قوله تعالى: {هذا ما وعد الرحمنُ} في قائلي هذا الكلام ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه قول المؤمنين، قاله مجاهد، وقتادة، وابن أبي ليلى.
قال قتادة: أول الآية للكافرين، وآخرها للمؤمنين.
والثاني: أنه قول الملائكة لهم، قاله الحسن.
والثالث: أنه قول الكافرين، يقول بعضهم لبعض: هذا الذي أخبرَنا به المرسَلون أننا نُبعث ونجازى، قاله ابن زيد.
قال الزجاج: {من مرقدنا} هو وقف التمام ويجوز أن يكون {هذا} من نعت {مرقدنا} على معنى: مَنْ بعثَنا مِنْ مرقدنا هذا الذي كنّا راقدين فيه؟ ويكون في قوله: {ما وعد الرَّحمنُ} أحد إِضمارين، إما {هذا} وإِما {حق} فيكون المعنى: حقُّ ما وَعد الرَّحمنُ.
ثم ذكر النفخة الثانية، فقال: {إن كانت إلاَّ صيحةً واحدةً} وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: {إنَّ أصحاب الجنة اليوم} يعني في الآخرة {في شُغُلٍ} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو {في شُغْلٍ} بإسكان الغين.
وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: {في شُغُلٍ} بضم الشين والغين.
وقرأ أبو هريرة، وأبو رجاء، وأيوب السختياني: {في شَغَلٍ} بفتح الشين والغين.
وقرأ أبو مجلز، وأبو العالية، وعكرمة، والضحاك، والنخعي، وابن يعمر، والجحدري: {في شَغْلٍ} بفتح الشين وسكون الغين.
وفيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن شغلهم افتضاض العذارى، رواه شقيق عن ابن مسعود، ومجاهد عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن المسيب، وقتادة، والضحاك.
والثاني: ضرب الأوتار، رواه عكرمة عن ابن عباس؛ وعن عكرمة كالقولين، ولا يثبت هذا القول.
والثالث: النِّعمة، قاله مجاهد.
وقال الحسن: شغلهم: نعيمهم عمَّا فيه أهل النار من العذاب.
قوله تعالى: {فاكِهونَ} وقرأ ابن مسعود، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو المتوكل، وقتادة، وأبو الجوزاء، والنخعي، وأبو جعفر: {فَكِهُون}.
وهل بينهما فرق؟ فيه قولان:
أحدهما: أن بينهما فرقًا.
فأما {فاكهون} ففيه أربعه أقوال:
أحدها: فَرِحون، قاله ابن عباس.
والثاني: مُعْجَبُون، قاله الحسن، وقتادة.
والثالث: ناعمون قاله أبو مالك، ومقاتل.
والرابع: ذوو فاكهة، كما يقال: فلانٌ لابِنٌ تامِرٌ، قاله أبو عبيدة، وابن قتيبة.
وأما {فَكِهون} ففيه قولان.
أحدهما: أن الفَكِه: الذي يتفكَّه، تقول العرب للرجل إذا كان يتفكَّه بالطعام أو بالفاكهة أو بأعراض الناس: إن فلانًا لفَكِهٌ بكذا.
ومنه يقال للمُزاح: فُكاهَة، قاله أبو عبيدة.
والثاني: أن فَكِهين بمعنى فَرِحين، قاله أبو سليمان الدمشقي.
والقول الثاني: أن فاكهين وفكهِين بمعنى واحد، كما يقال: حاذِرٌ وحَذِرٌ، قاله الفراء.
وقال الزجاج: فاكِهون وفكهِون بمعنى فَرِحين، وقال أبو زيد: الفَكِه: الطيِّب النَّفْس الضَّحوك، يقال رجل فاكِه وفَكِه.
قوله تعالى: {هم وأزواجهم} يعنى حلائلهم {في ظلال} وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف: {في ظُلَلٍ}.
قال الفراء: الظِّلال جمع ظِلٍّ والظُّلَل جمع ظُلَّة، وقد تكون الظِّلال جمع ظُلَّة أيضا، كما يقال: خُلَّة وخُلَل؛ فإذا كثرت فهي الخِلال والحِلال والقِلال.
قال مقاتل: والظِّلال: أكنان القصور.
قال أبو عبيدة: والمعنى أنهم لا يَضْحَوْنَ.
فأما الأرائك فقد بيَّنَّاها في سورة [الكهف: 31].
قوله تعالى: {ولهم ما يَدَّعون} قال ابن قتيبة: ما يَتَمَنَّوْنَ، ومنه يقول الناس: هو في خيرِ ما ادَّعى، أي: ما تَمَنَّى، والعرب تقول: ادَّع ما شئت، أي: تَمَنَّ ما شئت.
وقال الزجاج: هو مأخوذ من الدًّعاء؛ والمعنى: كلُّ ما يدعو به أهل الجنة يأتيهم وقوله: {سلامٌ} بدل من ما؛ المعنى: لهم ما يتمنَّون سلام، أي هذا مُنى أهل الجنة أن يُسلِّم اللهُ عليهم و{قولًا} منصوب على معنى: سلامٌ يقوله اللهُ قولًا.
قال أبو عبيدة: {سلامٌ} رفع على {لهم} فالمعنى: لهم فيها فاكهة ولهم فيها سلام.
وقال الفراء: معنى الكلام: لهم ما يدَّعون مسلَّم خالص، ونصب القول، كأنكَ قلتَ: قاله قولًا، وإِن شئت جعلتَه نصبًا من قوله: ولهم ما يدَّعون قولًا، كقولكَ: عِدَةً من الله.
وقرأ ابن مسعود، وًابيُّ بن كعب، والجحدري {سلامًا قولًا} بنصبهما جميعًا.
قوله تعالى: {وامتازوا اليومَ أيُّها المُجْرِمون} قال ابن قتيبة: أي: انقطِعوا عن المؤمنين وتميَّزوا منهم، يقال: مِزتُ الشيءَ من الشيء: إذا عزلتَه عنه، فانماز وامتاز وميّزتُه فتميَّز.
قال المفسرون: إذا اختلط الإِنس والجن في الآخرة، قيل: {وامتازوا اليوم أيُّها المجرمون} فيقال للمجرمين. اهـ.

.قال الخازن:

قوله تعالى: {وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء} يعني الملائكة {وما كنا منزلين} أي ما كنا لنفعل هذا بل الأمر في إهلاكهم كان أيسر مما تظنون ثم بيَّن عقوبتهم فقال تعالى: {إن كانت إلا صيحة واحدة} قال المفسرون أخذ جبريل بعضادتي باب المدينة وصاح بهم صيحة واحدة {فإذا هم خامدون} أي ميتون {يا حسرة على العباد} يعني يا لها حسرة وندامة وكآبة على العباد والحسرة أن يركب الإنسان من شدة الندم ما لا نهاية له حتى يبقى قلبه حسيرًا قيل تحسروا على أنفسهم لما عاينوا من العذاب حيث لم يؤمنوا بالرسل الثلاثة فتمنوا الإيمان حيث لم ينفعهم وقيل تتحسر عليهم الملائكة حيث لم يؤمنوا بالرسل وقيل يقول الله تعالى يا حسرة على العباد يوم القيامة حيث لم يؤمنوا بالرسل ثم بين سبب تلك الحسرة فقال تعالى: {ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون} قوله تعالى: {ألم يروا} أي ألم يخبروا خطاب لأهل مكة {كم أهلكنا قبلهم من القرون} أي من الأمم الخالية من أهل كل عصر سموا بذلك لاقترانهم في الوجود {أنهم إليهم لا يرجعون} أي لا يعودون إلى الدنيا أفلا يعتبرون بهم {وإن كل لما جميع لدينا محضرون} يعني أن جميع الأمم يحضرون يوم القيامة.
{وآية لهم} يعني تدلهم على كمال قدرتنا على إحياء الموتى {الأرض الميتة أحييناها} أي بالمطر {وأخرجنا منها} أي من الأرض {حبًا} يعني الحنطة والشعير وما أشبههما {فمنه يأكلون} أي من الحب {وجعلنا فيها} يعني في الأرض {جنات} يعني بساتين {من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره} يعني من الثمر الحاصل بالماء {وما عملته أيديهم} يعني من الزرع والغرس الذي تعبوا فيه وقرئ {عملت} بغير هاء وقيل ما للنفي والمعنى ولم تعمله أيديهم وليس من صنيعهم بل وجدوها معمولة وقيل أراد العيون والأنهار التي لم تعملها يد خلق مثل النيل والفرات ودجلة {أفلا يشكرون} يعني نعمة الله تعالى: {سبحان الذي خلق الأزواج كلها} يعني الأصناف كلها {مما تنبت الأرض} أي من الأشجار والثمار والحبوب {ومن أنفسهم} يعني الذكر والأنثى {ومما لا يعلمون} يعني مما خلق الله تعالى من الأشياء في البر والبحر من الدواب.
قوله: {وآية لهم} يعني تدلهم على قدرتنا {الليل نسلخ} أي ننزع ونكشط {منه النهار فإذا هم مظلمون} يعني فإذا هم في الظلمة وذلك أن الأصل هي الظلمة والنهار داخل عليها فإذا غربت الشمس سلخ النهار من الليل فتظهر الظلمة {والشمس تجري لمستقر لها} يعني إلى مستقر لها قيل إلى انتهاء سيرها عند انقضاء الدنيا وقيام الساعة وقيل تسير في منازلها حتى تنتهي إلى مستقرها الذي لا تجاوزه ثم ترجع إلى أول منازلها وهو أنها تسير حتى تنتهي إلى أبعد مغاربها ثم ترجع فذلك مستقرها وقيل مستقرها نهاية ارتفاعها في السماء في الصيف ونهاية هبوطها في الشتاء.
وقرأ ابن مسعود والشمس {تجري لا مستقر لها} أي لا قرار ولا وقوف فهي جارية أبدًا إلى يوم القيامة وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو ذر قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله {والشمس تجري لمستقر لها} قال «مستقرها تحت العرش» وفي رواية قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس «أتدري أين تذهب الشمس» قال الله ورسوله أعلم قال «إنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها فيقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها» فذلك قوله تعالى: {والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم} أخرجاه في الصحيحين قال الشيخ محيي الدين النووي اختلف المفسرون فيه فقال جماعة بظاهر الحديث.
قال الواحدي فعلى هذا القول إذا غربت الشمس كل يوم استقرت تحت العرش إلى أن تطلع وقيل تجري إلى وقت لها وأصل لا تتعداه وعلى هذا مستقرها انتهاء سيرها عند انقضاء الدنيا وأما سجود الشمس فهو تمييز وإدراك يخلقه الله تعالى فيها والله أعلم {ذلك} يعني الذي ذكر من جرى الشمس على ذلك التقدير والحساب الذي يكل النظر عن استخراجه وتتحير الأفهام عن استنباطه {تقدير العزيز} يعني الغالب بقدرته على كل شيء مقدور {العليم} يعني المحيط علمًا بكل شيء.
{وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم} يعني لا مغيث لهم {ولا هم ينقذون} يعني ينجون من الغرق قال ابن عباس ولا أحد ينقذهم من عذابي {إلا رحمة منا ومتاعًا إلى حين} يعني إلا أن يرحمهم الله ويمتعهم إلى انقضاء آجالهم {وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم} قال ابن عباس {ما بين أيديكم} يعني الآخرة فاعملوا لها {وما خلفكم} يعني الدنيا فاحذروها ولا تغتروا بها.
وقيل {ما بين أيديكم} يعني وقائع الله تعالى بمن كان من قبلكم من الأمم {وما خلفكم} يعني الآخرة {لعلكم ترحمون} أي لتكونوا على رجاء الرحمة وجواب إذا محذوف تقديره وإذا قيل لهم اتقوا أعرضوا ويدل على الحذف قوله تعالى: {وما تأتيهم من آية من آيات ربهم} أي دلالة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم {إلا كانوا عنها معرضين} قوله: {وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم} أي مما أعطاكم {الله} نزلت في كفار قريش وذلك أن المؤمنين قالوا لكفار مكة أنفقوا على المساكين مما زعمتم أنه لله تعالى من أموالكم وهو ما جعلوه لله من حروثهم وأنعامهم {قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم} أي أنرزق {من لو يشاء الله أطعمه} أي رزقه قيل كان العاص بن وائل السهمي إذا سأله المسكين قال له اذهب إلى ربك فهو أولى مني بك ويقول قد منعه أفأطعمه أنا ومعنى الآية أنهم قالوا لو أراد الله أن يرزقهم لرزقهم فنحن نوافق مشيئة الله فيهم فلا نطعم من لم يطعمه وهذا مما يتمسك به البخلاء يقولون لا نعطي من حرمه الله وهذا الذي يزعمون باطل لأن الله تعالى أغنى بعض الخلق وأفقر بعضهم ابتلاء فمنع الدنيا من الفقير لا بخلًا وأعطى الدنيا الغني لا استحقاقًا وأمر الغني بالإنفاق لا حاجة إلى ماله ولكن ليبلو الغني بالفقير فيما فرض له من مال الغني ولا اعتراض لأخذ في مشيئة الله وحكمته في خلقه والمؤمن يوافق أمر الله تعالى وقيل قالوا هذا على سبيل الاستهزاء {إن أنتم إلا في ضلال مبين} قيل هو من قول الكفار للمؤمنين ومعناه ما أنتم إلا في خطأ بيِّن باتباعكم محمدًا وترك ما نحن عليه وقيل هو من قول الله تعالى للكفار لما ردوا من جواب المؤمنين {ويقولون متى هذا الوعد} يعني يوم القيامة والبعث {إن كنتم صادقين} قال الله تعالى: {ما ينظرون} أي ينتظرون {إلا صيحة واحدة} قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يريد النفخة الأولى {تأخذهم وهم يخصمون} أي في أمر الدنيا من البيع والشراء ويتكلمون في الأسواق والمجالس وفي متصرفاتهم فتأتيهم الساعة أغفل ما كانوا عنها، وقد صح في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قوله تعالى: {فلا يستطيعون توصية} أي لا يقدرون على الإيصاء بل أعجلوا عن الوصية فماتوا {ولا إلى أهلهم يرجعون} يعني لا يقدرون على الرجوع إلى أهلهم لأن الساعة لا تمهلهم بشيء {ونفخ في الصور} هذه النفخة الثانية وهي نفخة البعث وبين النفختين أربعون سنة ق عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما بين النفختين أربعون قالوا يا أبا هريرة أربعين يومًا قال أبيت قالوا أربعين شهرًا قال أبيت قالوا أربعين سنة قال أبيت ثم ينزل من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل وليس من الإنسان شيء لا يبلى إلا عظمًا واحدًا وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة» {فإذا هم من الأجداث} أي القبور {إلى ربهم ينسلون} أي يخرجون منها أحياء {قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} قال ابن عباس إنما يقولون هذا لأن الله تعالى يرفع عنهم العذاب بين النفختين فيرقدون فإذا بعثوا بعد الثانية وعاينوا أهوال القيامة دعوا بالويل.
وقيل إذا عاين الكفار جهنم وأنواع عذابها صار عذاب القبر في جنبها كالنوم فقالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون} أقروا حين لا ينفعهم الإقرار.
وقيل قالت لهم الملائكة ذلك وقيل يقول الكفار من بعثنا من مرقدنا فيقول المؤمنون هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون {إن كانت إلا صيحة واحدة} يعني النفخة الأخيرة {فإذا هم جميع لدينا محضرون} أي للحساب {فاليوم لا تظلم نفس شيئًا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون} قوله تعالى: {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل} قال ابن عباس في افتضاض الأبكار وقيل في زيارة بعضهم بعضًا وقيل في ضيافة الله تعالى وقيل في السماع وقيل شغلوا بما في الجنة من النعيم عما فيه أهل النار من العذاب الأليم {فاكهون} قال ابن عباس فرحون وقيل ناعمون وقيل معجبون بما هم فيه.
{هم وأزواجهم في ظلال} يعني أكنان القصور {على الأرائك} يعني السرر في الحجال {متكئون} يعني ذوو اتكاء تحت تلك الظلال {لهم فيها فاكهة} أي في الجنة {ولهم ما يدعون} يعني ما يتمنون ويشتهون والمعنى أن كل ما يدعون أي أهل الجنة يأتيهم {سلام قولًا من رب رحيم} يعني يسلم الله عليهم روى البغوي بإسناد الثعلبي عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رءوسهم فإذا الرب قد أشرف عليهم من فوقهم فقال السلام عليكم يا أهل الجنة فذلك قوله: {سلام قولًا من رب رحيم} ينظر إليهم وينظرون إليه فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم فيبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم» وقيل تسلم الملائكة عليهم من ربهم وقيل تدخل الملائكة على أهل الجنة من كل باب يقولون سلام عليكم من ربكم الرحيم وقيل يعطيهم السلامة يقول اسلموا السلام الأبدية {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} يعني اعتزلوا وانفردوا وتميزوا اليوم من المؤمنين الصالحين وكونوا على حدة وقيل إن لكل كافر في النار بيتًا فيدخل ذلك البيت ويردم بابه فيكون فيه أبد الآبدين لا يرى ولا يرى فعلى هذا القول يمتاز بعضهم عن بعض. اهـ.