فصل: قال البيضاوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



يسيرون.
{وَءَايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ} {ذرياتهم} مدني وشامي {فِى الفلك المشحون} أي المملوء.
والمراد بالذرية الأولاد ومن يهمهم حمله وكانوا يبعثونهم إلى التجارات في بر أو بحر، أو الآباء لأنها من الأضداد.
والفلك على هذا سفينة نوح عليه السلام.
وقيل: معنى حمل الله ذرياتهم فيها أنه حمل فيها آباءهم الأقدمين وفي أصلابهم هم وذرياتهم.
وإنما ذكر ذرياتهم دونهم لأنه أبلغ في الامتنان عليهم {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ} من مثل الفلك {مَا يَرْكَبُونَ} من الإبل وهي سفائن البر {وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ} في البحر {فَلا صَرِيْخَ لَهُمْ} فلا مغيث أو فلا إغاثة {وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ} لا ينجون {إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعًا إلى حِينٍ} أي ولا ينقذون إلا لرحمة منا ولتمتيع بالحياة إلى انقضاء الأجل، فهما منصوبان على المفعول له.
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتقوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ} أي ما تقدم من ذنوبكم وما تأخر مما أنتم تعملون من بعد أو من مثل الوقائع التي ابتليت بها الأمم المكذبة بأنبيائها، وما خلفكم من أمر الساعة أو فتنة الدنيا وعقوبة الآخرة {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} لتكونوا على رجاء رحمة الله.
وجواب إذا مضمر أي أعرضوا، وجاز حذفه لأن قوله: {وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ ءَايَةٍ مِّنْ ءايات رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ} يدل عليه.
و من الأولى لتأكيد النفي والثانية للتبعيض أي ودأبهم الإعراض عند كل آية وموعظة {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ} لمشركي مكة {أَنفِقُواْ مِمَّا رِزَقَكُمُ الله} أي تصدقوا على الفقراء {قَالَ الذين كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاءُ الله أَطْعَمَهُ} عن ابن عباس رضي الله عنهما: كان بمكة زنادقة فإذا أمروا بالصدقة على المساكين قالوا: لا والله أيفقره الله ونطعمه نحن: {إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ في ضلال مُّبِينٍ} قول الله لهم أو حكاية قول المؤمنين لهم أو هو من جملة جوابهم للمؤمنين.
{وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد} أي وعد البعث والقيامة {إِن كُنتُمْ صادقين} فيما تقولون خطاب للنبي وأصحابه {مَا يَنظُرُونَ} ينتظرون {إِلاَّ صَيْحَةً واحدة} هي النفخة الأولى {تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ} حمزة بسكون الخاء وتخفيف الصاد من خصمه إذا غلبه في الخصومة، وشدد الباقون الصاد أي {يَخِصّمُونَ} بإدغام التاء في الصاد، لكنه مع فتح الخاء: مكي بنقل حركة التاء المدغمة إليها، وبسكون الخاء: مدني، وبكسر الياء والخاء: يحيى فأتبع الياء الخاء في الكسر، وبفتح الياء وكسر الخاء: غيرهم.
والمعنى تأخذهم وبعضهم يخصم بعضًا في معاملاتهم.
{فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً} فلا يستطيعون أن يوصوا في شيء من أمورهم توصية {وَلاَ إلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ} ولا يقدرون على الرجوع إلى منازلهم بل يموتون حيث يسمعون الصيحة {وَنُفِخَ فىلصور} هي النفخة الثانية والصور القرن أو جمع صورة {فَإِذَا هُم مِّنَ الأجداث} أي القبور {إلى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ} يعدون بكسر السين وضمها {قَالُواْ} أي الكفار {ياويلنا مَن بَعَثَنَا} من أنشرنا {مِن مَّرْقَدِنَا} أي مضجعنا، وقف لازم عن حفص وعن مجاهد للكفار مضجعة يجدون فيها طعم النوم فإذا صيح بأهل القبور قالوا من بعثنا {هَذَا مَا وَعَدَ الرحمن وَصَدَقَ المرسلون} كلام الملائكة أو المتقين أو الكافرين يتذكرون ما سمعوه من الرسل فيجيبون به أنفسهم أو بعضهم بعضًا، أو ما مصدرية ومعناه هذا وعد الرحمن وصدق المرسلين على تسلمية الموعود والمصدوق فيه بالوعد والصدق، أو موصولة وتقديره هذا الذي وعده الرحمن والذي صدقه المرسلون أي والذي صدق فيه المرسلون {إِن كَانَتْ} النفخة الأخيرة {إِلاَّ صَيْحَةً واحدة فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} للحساب.
ثم ذكر ما يقال لهم في ذلك اليوم {فاليوم لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّ أصحاب الجنة اليوم في شُغُلٍ} بضمتين: كوفي وشامي، وبضمة وسكون: مكي ونافع وأبو عمرو.
والمعنى في شغل في أي شغل وفي شغل لا يوصف، وهو افتضاض الأبكار على شط الأنهار تحت الأشجار أو ضرب الأوتار أو ضيافة الجبار {فاكهون} خبر ثان {فَكِهُونَ} يزيد، والفاكه والفكه: المتنعم المتلذذ ومنه الفاكهة لأنها مما يتلذذ به وكذا الفكاهة {هُمْ} مبتدأ {وأزواجهم} عطف عليه {فِى ظلال} حال جمع ظل وهو الموضع الذي لا تقع عليه الشمس كذئب وذئاب، أو جمع ظلة كبرمة وبرام دليله قراءة حمزة وعليّ، {ظُلَلٌ} جمع ظلة وهي ما سترك عن الشمس {على الأرآئك} جمع الأريكة وهي السرير في الحجلة أو الفراش فيها {مُتَّكِئُونَ} خبر أو {فِى ظلال} خبر و{على الأرائك} مستأنف {لَهُمْ فِيهَا فاكهة وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ} يفتعلون من الدعاء أي كل ما يدعو به أهل الجنة يأتيهم أو يتمنون من قولهم ادع علي ما شئت أي تمنه عليَّ، عن الفراء هو من الدعوى ولا يدعون ما لا يستحقون.
{سلام} بدل من {مَّا يَدَّعُونَ} كأنه قال لهم سلام يقال لهم {قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ} والمعنى أن الله يسلم عليهم بواسطة الملائكة أو بغير واسطة تعظيمًا لهم وذلك متمناهم ولهم ذلك لا يمنعونه.
قال ابن عباس: والملائكة يدخلون عليهم بالتحية من رب العالمين.
{وامتازوا اليوم أَيُّهَا المجرمون} وانفردوا عن المؤمنين وكونوا على حدة وذلك حين يحشر المؤمنون ويسار بهم إلى الجنة. اهـ.

.قال البيضاوي:

{وَمَا أَنزَلْنَا على قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ} من بعد هلاكه أو رفعه.
{مِن جُندٍ مّنَ السماء} لإِهلاكهم كما أرسلنا يوم بدر والخندق بل كفينا أمرهم بصيحة ملك، وفيه استحقار لإِهلاكهم وإيماء بتعظيم الرسول عليه السلام.
{وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ} وما صح في حكمتنا أن ننزل جندًا لإِهلاك قومه إذ قدرنا لكل شيء سببًا وجعلنا ذلك سببًا لانتصارك من قومك، وقيل {مَا} موصولة معطوفة على {جُندٌ} أي ومما كنا منزلين على من قبلهم من حجارة وريح وأمطار شديدة.
{إِن كَانَتْ} ما كانت الأخذة أو العقوبة.
{إِلاَّ صَيْحَةً واحدة} صاح بها جبريل عليه السلام، وقرئت بالرفع على كان التامة.
{فَإِذَا هُمْ خامدون} ميتون، شبهوا بالنار رمزًا إلى أن الحي كالنار الساطعة والميت كرمادها كما قال لبيد:
وَمَا المَرْءُ إِلاَّ كَالشّهَابِ وَضَوْئِه ** يَحُورُ رَمَادًا بَعْدَ إِذْ هُوَ سَاطِعُ

{يا حسرة عَلَى العباد} تعالي فهذه من الأحوال التي من حقها أن تحضري فيها، وهي ما دل عليها: {مَا يَأْتِيهِمْ مّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئونَ} فإن المستهزئين بالناصحين المخلصين المنوط بنصحهم خير الدارين أحقاء بأن يتحسروا ويتحسر عليهم، وقد تلهف على حالهم الملائكة والمؤمنون من الثقلين، ويجوز أن يكون تحسرًا من الله عليهم على سبيل الاستعارة لتعظيم ما جنوه على أنفسهم ويؤيده قراءة {يا حسرتا} ونصبها لطولها بالجار المتعلق بها، وقيل بإضمار فعلها والمنادى محذوف، وقرئ: {يا حسرة العباد} بالإِضافة إلى الفاعل أو المفعول، و{يا حسرة} بالهاء على العباد بإجراء الوصل مجرى الوقف.
{أَلَمْ يَرَوْاْ} ألم يعلموا وهو معلق عن قوله: {كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّنَ القرون} لأن {كَمْ} لا يعمل فيها ما قبلها وإن كانت خبرية لأن أصلها الاستفهام.
{أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ} بدل من {كَمْ} على المعنى أي ألم يروا كثرة إهلاكنا من قبلهم كونهم غير راجعين إليهم، وقرئ بالكسر على الاستئناف.
{وَإِنْ كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} يوم القيامة للجزاء، و{إِن} مخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة و ما مزيدة للتأكيد، وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة {لَّمًّا} بالتشديد بمعنى إلا فتكون إن نافية وجميع فعيل بمعنى مفعول، و{لَدَيْنَا} ظرف له أو ل {مُحْضَرُونَ}.
{وَءَايَةٌ لَّهُمُ الأرض الميتة} وقرأ نافع بالتشديد.
{أحييناها} خبر ل {الأرض} والجملة خبر {ءَايَةً} أو صفة لها إذ لم يرد بها معينة وهي الخبر أو المبتدأ والآية خبرها، أو استئناف لبيان كونها {ءايَةً}.
{وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا} جنس الحب.
{فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ} قدم الصلة للدلالة على أن الحب معظم ما يؤكل ويعاش به.
{وَجَعَلْنَا فِيهَا جنات مّن نَّخِيلٍ وأعناب} من أنواع النخل والعنب، ولذلك جمعهما دون الحب فإن الدال على الجنس مشعر بالاختلاف ولا كذلك الدال على الأنواع، وذكر النخيل دون التمور ليطابق الحب والأعناب لاختصاص شجرها بمزيد النفع وآثار الصنع.
{وَفَجَّرْنَا فِيهَا} وقرئ بالتخفيف، والفجر والتفجير كالفتح والتفتيح لفظًا ومعنى.
{مِنَ العيون} أي شيئًا من العيون، فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه، أو {العيون} و{مِنْ} مزيدة عند الأخفش.
{لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ} ثمر ما ذكر وهو الجنات، وقيل الضمير لله تعالى على طريقة الالتفات والإِضافة إليه لأن الثمر بخلقه، وقرأ حمزة والكسائي بضمتين وهو لغة فيه، أو جمع ثمار وقرئ بضمة وسكون.
{وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} عطف على الثمر والمراد ما يتخذ منه كالعصير والدبس ونحوهما، وقيل {مَا} نافية والمراد أن الثمر بخلق الله لا بفعلهم، ويؤيد الأول قراءة الكوفيين غير حفص بلا هاء فإن حذفه من الصلة أحسن من غيرها.
{أَفَلاَ يَشْكُرُونَ} أمر بالشكر من حيث أنه إنكار لتركه.
{سبحان الذي خَلَق الأزواج كُلَّهَا} الأنواع والأصناف.
{مِمَّا تُنبِتُ الأرض} من النبات والشجر.
{وَمِنْ أَنفُسِهِمْ} الذكر والأنثى.
{وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ} وأزواجًا مما لم يطلعهم الله تعالى عليه ولم يجعل لهم طريقًا إلى معرفته.
{وَءَايَةٌ لَّهُمُ اليل نَسْلَخُ مِنْهُ النهار} نزيله ونكشفه عن مكانه مستعار من سلخ الجلد والكلام في إعرابه ما سبق.
{فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ} داخلون في الظلام.
{والشمس تَجْرِى لِمُسْتَقَرّ لَّهَا} لحد معين ينتهي إليه دورها، فشبه بمستقر المسافر إذا قطع مسيره، أو لكبد السماء فإن حركتها فيه يوجد فيها بطء بحيث يظن أن لها هناك وقفة قال:
وَالشَّمْسُ حَيْرَى لَهَا بِالجَوِّ تَدْوِيمُ

أو لاستقرار لها على نهج مخصوص، أو لمنتهى مقدر لكل يوم من المشارق والمغارب فإن لها في دورها ثلثمائة وستين مشرقًا ومغربًا، تطلع كل يوم من مطلع وتغرب من مغرب ثم لا تعود إليهما إلى العام القابل، أو لمنقطع جريها عند خراب العالم. وقرئ: {لا مستقر لها} أي لا سكون فإنها متحركة دائمًا و{لا مستقر} على أن لا بمعنى ليس.
{ذلك} الجري على هذا التقدير المتضمن للحكم التي تكل الفطن عن إحصائها.
{تَقْدِيرُ العزيز} الغالب بقدرته على كل مقدور.
{العليم} المحيط علمه بكل معلوم.
{والقمر قدرناه} قدرنا مسيره.
{مَنَازِلَ} أو سيره في منازل وهي ثمانية وعشرون: السرطان، البطين، الثريا، الدبران، الهقعة، الهنعة، الذراع، النثرة، الطرف، الجبهة، الزبرة، الصرفة، العواء، السماك، الغفر، الزبانا، الإِكليل، القلب، الشولة، النعائم، البلدة، سعد الذابح، سعد بلع، سعدالسعود، سعد الأخبية، فرغ الدلو المقدم، فرغ الدلو المؤخر، الرشا، وهو بطن الحوت ينزل كل ليلة في واحد منها لا يتخطاه ولا يتقاصر عنه، فإذا كان في آخر منازله وهو الذي يكون فيه قبيل الإِجتماع دق واستقوس، وقرأ الكوفيون وابن عامر {والقمر} بنصب الراء.
{حتى عَادَ كالعرجون} كالشمراخ المعوج، فعلون من الانعراج وهو الاعوجاج، وقرئ {كالعرجون} وهما لغتان كالبزيون والبزيون.
{القديم} العتيق وقيل ما مر عليه حول فصاعدًا.
{لاَ الشمس يَنبَغِي لَهَا} يصح لها ويتسهل.
{أَن تدْرِكَ القمر} في سرعة سيره فإن ذلك يخل بتكون النبات وتعيش الحيوان، أو في آثاره ومنافعه أو مكانه بالنزول إلى محله، أو سلطانه فتطمس نوره، وإيلاء حرف النفي {الشمس} للدلالة على أنها مسخرة لا يتيسر لها إلا ما أريد بها.
{وَلاَ اليل سَابِقُ النهار} يسبقه فيفوته ولكن يعاقبه، وقيل المراد بهما آيتاهما وهما النيران، وبالسبق سبق القمر إلى سلطان الشمس فيكون عكسًا للأول وتبديل الإِدراك بالسبق لأنه الملائم لسرعة سيره.
{وَكُلٌّ} وكلهم والتنوين عوض عن المضاف إليه، والضمير للشموس والأقمار فإن اختلاف الأحوال يوجب تعددًا ما في الذات، أو للكواكب فإن ذكرهما مشعر بهما.
{فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} يسيرون فيه بانبساط.
{وَءَايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرّيَّتَهُمْ} أولادهم الذين يبعثونهم إلى تجاراتهم، أو صبيانهم ونساءهم الذين يستصحبونهم، فإن الذرية تقع عليهن لأنهن مزارعها. وتخصيصهم لأن استقرارهم في السفن أشق وتماسكهم فيها أعجب، وقرأ نافع وابن عامر {ذرياتهم}.
{فِى الفلك المشحون} المملوء، وقيل المراد فلك نوح عليه الصلاة والسلام، وحمل الله ذرياتهم فيها أنه حمل فيها آباءهم الأقدمين وفي أصلابهم هم وذرياتهم، وتخصيص الذرية لأنه أبلغ في الامتنان وأدخل في التعجب مع الإِيجاز.
{وَخَلَقْنَا لَهُمْ مّن مّثْلِهِ} من مثل الفلك.
{مَا يَرْكَبُونَ} من الإِبل فإنها سفائن البر أو من السفن والزوارق.
{وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ} فلا مغيث لهم يحرسهم عن الغرق، أو فلا إغاثة كقولهم أتاهم الصريخ.
{وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ} ينجون من الموت به.
{إِلاَّ رَحْمَةً مّنَّا وَمَتَاعًا} إلا لرحمة ولتمتيع بالحياة.
{إلى حِينٍ} زمان قدر لآجالهم.
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتقوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ} الوقائع التي خلت أو العذاب المعد في الآخرة، أو نوازل السماء ونوائب الأَرض كقوله: {أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إلى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مّنَ السماء والأرض} أو عذاب الدنيا وعذاب الآخرة أو عكسه، أو ما تقدم من الذنوب وما تأخر.
{لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} لتكونوا راجين رحمة الله، وجواب إذا محذوف دل عليه قوله: {وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ ءَايَةٍ مّنْ ءايات رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ} كأنه قال وإذا قيل لهم اتقوا العذاب أعرضوا لأنهم اعتادوه وتمرنوا عليه.
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمَّا رِزَقَكُمُ الله} على محاويجكم.
{قَالَ الذين كَفَرُواْ} بالصانع يعني معطلة كانوا بمكة.