فصل: قال الشنقيطي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} يعنون وعد البعث.
{مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ} أي: يتخاصمون في متاجرهم ومعاملاتهم؛ أي: أنها تبغتهم وهم في أمنهم وغفلتهم عنها. ويخصمون، بفتح الياء وكسر الخاء لالتقاء الساكنين. والصادر على الأصل، وأصله: يختصمون سكّنت التاء وأدغمت، ثم كسرت الخاء لالتقاء الساكنين.
{فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً} أي: أن يوصوا في شيء من أمورهم توصية: {وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ} أي: لا يقدرون على الرجوع إلى أهليهم، ليروا حالهم، بل يموتون حيث تفجؤهم الصيحة.
{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} أي: للبعث: {فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ} أي: من القبور: {إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ} أي: يعدون مسرعين، كما في قوله تعالى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا} [المعارج: 43]، ولا منافاة بين هذا وما في آية: {فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: 68]؛ لأنهما في زمان واحد متقارب.
{قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا} أي: رقادنا أو مكانه. فيقال لهم: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} أي: المخبرون عن ذلك الوعد.
{إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} أي: بمجرد تلك الصيحة. وفي كل ذلك تهوين أمر البعث والحشر، عليه تعالى.
{فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ} أي متنعمون متلذذون، وفي تنكير: {شُغُلٍ} تعظيم ما هم فيه وتفخيمه.
{هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ} أي: في ظلال الأشجار، أو في مأمن من الحرور: {عَلَى الْأَرَائِكِ} أي: السرر المزينة: {مُتَّكِئُونَ لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ}.
{سَلَامٌ قَوْلًا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ} أي: ولهم سلام يقال لهم قولًا كائنًا منه تعالى. فيكون: {سَلامٌ} مبتدأ محذوف الخبر، أو هو يدل من: {مَّا} أو خبر محذوف، أي: هو سلام، أو مبتدأ خبره الناصب ل: {قَوْلًا} أي: سلام يقال لهم قولًا، أو مبتدأ وخبره: {مّنْ رَّبٍ} و: {قَوْلًا} مصدر مؤكد لمضمون الجملة، وهو مع عامله معترض بين المبتدأ والخبر. والمعنى إنه تعالى يسلم عليهم تعظيمًا لهم، كقوله: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ} [الأحزاب: 44].
{وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} أي: عن المؤمنين في موقفهم. كقوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} [يونس: 28]. وقوله: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ} [الروم: 14] {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} [الروم: 43]، أي: يصيرون صدعين فرقتين: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 22- 23]. اهـ.

.قال الشنقيطي في الآيات السابقة:

{يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30)}.
بيّن جلّ وعلا أن العباد ما يأتيهم من رسول إلاّ كانوا به يستهزءون غير مكتفين بتكذبيه، بل جامعين معه الاستهزاء.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {مَا يَأْتِيهِمْ مِّن رَّسُولٍ} نص صريح في تكذيب الأمم لجميع الرسل لما تقرر في الأصول، من أن النكرة في سياق النفي إذا زيدت قبلها من، فهي نص صريح في عموم النفي، كما هو وهذا العموم الذي دلّت عليه هذه الآية الكريمة جاء موضحًا في آيات أخر، وجاء في بعض إخراج أمة واحدة عن حكم هذا العموم بمخصص متصل، وهوالاستثناء.
فمن الآيات الموضحة لهذا العموم قوله تعالى: {وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} [سبأ: 34] وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدْنَآ آبَاءَنَا على أُمَّةٍ وَإِنَّا على آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ} [الزخرف: 23] وقوله تعالى: {وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بالبأساء والضراء} [الأعراف: 94] {فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} [الأعراف: 95].
وقد قدمنا الكلام على هذا في سورة {قَدْ أفْلَحَ المؤْمِنُونَ} في الكلام على قوله تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ} [المؤمنون: 44] الآية.
وقدمنا طرفًا من الكلام عليه في سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى: {وكذلك جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا} [الأنعام: 123] الآية.
وأما الأمة التي أخرجت من هذا العموم فهي أمة يونس، والآية التي بينت ذلك هي قوله تعالى: {فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخزي فِي الحياة الدنيا وَمَتَّعْنَاهُمْ إلى حِينٍ} [يونس: 98]. وقوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إلى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ فَآمَنُواْ فَمَتَّعْنَاهُمْ إلى حِينٍ} [الصافات: 147148] والحسرة أشد الندامة، وهو منصوب على أنّه منادى عامل في المجرور بعده، فأشبه المنادى المضاف.
والمعنى: يا حسرة على العباد! تعالي واحضري، فإن الاستهزاء بالرسل هو أعظم الموجبات لحضورك.
قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَّهُمُ الأرض الميتة} إلى قوله: {أَفَلاَ يَشْكُرُونَ}.
قد قدمنا أنّ إحياء الأرض المذكور في هذه الآية، برهان قاطع على البعث في سورة البقرة في الكلام على قوله تعالى: {وَأَنزَلَ مِنَ السماء مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثمرات رِزْقًا لَّكُمْ} [البقرة: 22] وفي سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: {هُوَ الذي أَنْزَلَ مِنَ السماء مَاءً لَّكُم مَّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} [النحل: 10] الآية، وفي غير ذلك من المواضع وأوضحنا في المواضع المذكورة، بقية براهين البعث بعد الموت.
{وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42)}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: {وَهُوَ الذي سَخَّرَ البحر لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: 14] الآية.
{وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (46)} ذم جلّ وعلا في هذه الآية الكريمة الكفار بإعراضهم عن آيات الله.
وهذا المعنى الذي تضمنته هذه الآية جاء في آيات أخر من كتاب الله كقوله تعالى في أوّل سورة الأنعام: {وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ فَقَدْ كَذَّبُواْ بالحق لَمَّا جَاءَهُمْ} [الأنعام: 45] الآية. وقوله تعالى في آخر يوسف: {وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السماوات والأرض يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} [يوسف: 105] وقوله تعالى: {اقتربت الساعة وانشق القمر وَإِن يَرَوْاْ آيَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ} [القمر: 12] وقوله تعالى: {وَإِذَا ذُكِّرُواْ لاَ يَذْكُرُونَ وَإِذَا رَأَوْاْ آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ} [الصافات: 1314] وأصل الإعراض مشتق من العرض بالضم، وهو الجانب، لأن المعرض عن الشيء يوليه بجانب عنقه صادًا عنه.
{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51)}.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة النفخة الأخيرة، والصور قرن من نور ينفخ فيه الملك نفخة البعث، وهي النفخة الأخيرة، وإذا نفخها قام جميع أهل القبور من قبورهم، أحياء إلى الحساب والجزاء.
وقوله: {فَإِذَا هُم مِّنَ الأجداث} جمع جدث بفتحتين، وهو القبر، وقوله: ينسلون: أي يسرعون في المشي من القبور إلى المحشر، كما قال تعالى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجداث سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} [المعارج: 43] وقال تعالى: {يَوْمَ تَشَقَّقُ الأرض عَنْهُمْ سِرَاعًا} [ق: 44] الآية. وكقوله تعالى: {يَخْرُجُونَ مِنَ الأجداث كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ مُّهْطِعِينَ إِلَى الداع} [القمر: 78] الآية. وقوله: {مُّهْطِعِينَ إِلَى الداع} أي مسرعين مادِّي أعناقهم على أشهر التفسيرين، ومن إطلاق نسل بمعنى أسرع:
قوله تعالى: {حتى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ} [الأنبياء: 96] وقول لبيد:
عسلان الذئب أمسى قاربًا ** برد الليل عليه فنسل

وما تضمنته هذه الآية الكريمة، من أن أهل القبور يقومون أحياء عند النفخة الثانية، جاء موضحًا في آيات كثيرة في كتاب الله تعالى كقوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصور فَصَعِقَ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض إِلاَّ مَن شَاءَ الله ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ} [الزمر: 68]. وقوله تعالى: {إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس: 53]، وهذه الصيحة هي النفخة الثانية كقوله تعالى: {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصيحة بالحق ذَلِكَ يَوْمُ الخروج} [ق: 42] أي الخروج من القبور وقوله تعالى: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُم بالساهرة} [النازعات: 1314] والزجرة: هي النفخة الثانية. والساهرة: وجه الأرض، والفلاة الواسعة، ومنه قول أبي كبير الهذلي.
يرتدن ساهرة كأن جميمها ** وعميمها أسداف ليل مظلم

وقول لأشعث بن قيس:
وساهرة يضحى السراب مجللًا ** لأقطارها قد حببتها متلثما

وكقوله تعالى: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ} [الصافات: 19] وقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السماء والأرض بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الأرض إِذَآ أَنتُمْ تَخْرُجُونَ} [الروم: 25] وهذه الدعوة بالنفخة الثانية، وقوله تعالى: {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 52] الآية. إلى غير ذلك من الآيات.
{قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52)}.
قد قدّمنا الكلام عليه في سورة الروم، في الكلام على قوله تعالى: {وَقَالَ الذين أُوتُواْ العلم والإيمان لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ الله إلى يَوْمِ البعث} [الروم: 56] الآية. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ (28)}.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله: {وما أنزلنا على قومه} قال: ما استعنت عليهم جندًا من السماء ولا من الأرض.
وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن سيرين قال: في قراءة ابن مسعود {إن كانت إلا رتقة واحدة} وفي قراءتنا {إن كانت إلا صيحة واحدة}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {فإذا هم خامدون} قال: ميتون.
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «السبق ثلاثة: فالسابق إلى موسى يوشع بن نون، والسابق إلى عيسى صاحب يس. والسابق إلى محمد صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب».
وأخرج ابن عساكر من طريق صدقة القرشي عن رجل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبو بكر الصديق خير أهل الأرض إلا أن يكون نبي، وإلا مؤمن آل ياسين، وإلا مؤمن آل فرعون».
وأخرج ابن عدي وابن عساكر: ثلاثة ما كفروا بالله قط: مؤمن آل ياسين، وعلي بن أبي طالب، وآسية امرأة فرعون.
وأخرج البخاري في تاريخه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصديقون ثلاثة: حزقيل مؤمن آل فرعون، وحبيب النجار صاحب آل ياسين، وعلي بن أبي طالب».
وأخرج أبو داود وأبو نعيم وابن عساكر والديلمي عن أبي ليلى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصديقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل ياسين، الذي قال: {يا قوم اتبعوا المرسلين} وحزقيل مؤمن آل فرعون الذي قال: {أتقتلون رجلًا أن يقول ربي الله} [غافر: 28] وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم».
وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل عن عروة قال: قدم عروة بن مسعود الثقفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استأذن ليرجع إلى قومه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنهم قاتلوك؟ قال: لو وجدوني نائمًا ما أيقظوني، فرجع إليهم، فدعاهم إلى الإِسلام، فعصوه وأسمعوه من الأذى، فلما طلع الفجر قام على غرفة، فأذن بالصلاة. وتشهد، فرماه رجل من ثقيف بسهم فقتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه قتله: مثل عروة. مثل صاحب يس. دعا قومه إلى الله فقتلوه».
وأخرج ابن مردويه من حديث ابن شعبة موصولًا، نحوه.
وأخرج عبد بن حميد والطبراني عن مقسم عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عروة بن مسعود إلى الطائف إلى قومه ثقيف، فدعاهم إلى الإِسلام، فرماه رجل بسهم فقتله، فقال: «ما أشبهه بصاحب يس».
وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر الشعبي قال: شبه النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة نفر من أمته قال «دحية الكلبي يشبه جبريل، وعروة بن مسعود الثقفي يشبه عيسى ابن مريم، وعبد العزى يشبه الدجال».
{يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30)}.
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {يا حسرة على العباد} يقول: يا ويلًا للعباد.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس أنه قال: {يا حسرة على العباد}.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {يا حسرة على العباد} قال: كان حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {يا حسرة على العباد} يا حسرة العباد على أنفسها على ما ضيعت من أمر الله، وفرطت في جنب الله تعالى قال: وفي بعض القراءة {يا حسرة العباد على أنفسها ما يأتيهم من رسول}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {يا حسرة على العباد} قال: الندامة على العباد الذين {ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون} يقول: الندامة عليهم إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {يا حسرة على العباد} قال: يا حسرة لهم.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هارون قال: في حرف أبي بن كعب {يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون}.
{أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (31)}.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون} قال: عادا، وثمودا، وقرونًا بين ذلك كثيرًا {وإن كل لما جميع لدينا محضرون} قال: يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق هارون عن الأعرج وأبي عمرو في قوله: {أنهم إليهم لا يرجعون} قالا: ليس في مدة اختلاف هذا من رجوع الدنيا.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي إسحق قال: قيل لابن عباس أن ناسًا يزعمون أن عليًا مبعوث قبل يوم القيامة. فسكت ساعة ثم قال: بئس القوم نحن إن كنا أنكحنا نساءه، واقتسمنا ميراثه، أما تقرأون {ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون}.