فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن عاشور:

{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ}.
إقبال على جميع البشر الذين جَمَعهم المحشر غير أهل الجنة الذين عُجلوا إلى الجنة، فيشمل هذا جميع أهل الضلالة من مشركين وغيرهم، ولعله شامل لأهل الأعراف، وهو إشهاد على المشركين وتوبيخ لهم.
والاستفهام تقريري، وخوطبوا بعنوان {بني آدم} لأن مقام التوبيخ على عبادتهم الشيطان يقتضي تذكيرهم بأنهم أبناء الذي جعله الشيطان عدوًّا له، كقول النابغة:
لئن كان للقبرين قبرٍ بجلق ** وقبر بصيدا الذي عند حارب

وللحارث الجفني سيد قومه ** ليلتمس بالجيش دار المحارب

يعني بلاد من حارب أصوله.
والعهد: الوصاية، ووصاية الله بني آدم بألا يعبدوا الشيطان هي ما تقرر واشتهر في الأمم بما جاء به الرسل في العصور الماضية فلا يسع إنكاره.
وبهذا الاعتبار صح الإِنكار عليهم في حالهم الشبيهة بحال من يجحد هذا العهد.
واعلم أن في قوله تعالى: {أعْهَدْ} توالي العين والهاء وهما حرفان متقاربا المخرج من حروف الحلق إلاّ أن تواليهما لم يحدث ثقلًا في النطق بالكلمة ينافي الفصاحة بموجب تنافر الحروف لأن انتقال النطق في مخرج العين من وسط الحلق إلى مخرج الهاء من أقصى الحلق خفف النطق بهما، وكذلك الانتقال من سكون إلى حركة زاد ذلك خفة.
ومثله قوله تعالى: {وسبحه} [الإنسان: 26] المشتمل على حاء وهي من وسط الحلق وهاء وهي من أقصاه إلا أن الأولى ساكنة والثانية متحركة وهما متقاربا المخرج، ولا يعد هذا من تنافر الحروف، ومثل له بقول أبي تمام:
كريم متى أمْدَحْهُ أُمْدَحْهُ والورى ** معي وإذا ما لمته لمته وحدي

فإن كلمة أمْدَحْه لا تُعَدّ متنافرة الحروف على أن تكريرها أحدث عليها ثقلًا ما فلا يكون ذلك مثل قول امرىء القيس:
غدائرهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إلى العُلى

المجعول مثالًا للتنافر فإن تنافر حروفه انجرّ إليه من تعاقب ثلاثة حروف: السين والشين والزاي، ولولا الفصل بين السين والشين بالتاء لكان أشد تنافرًا.
وموجبات التنافر كثيرة ومرجعها إلى سرعة انتقال اللسان في مخارج حروف شديدة التقارب أو التباعد مع عوارض تعرض لها من صفات الحروف من: جهر وهمس، أو شدة ورخو، أو استعلاء واستفال، أو انفتاح وانطباق، أو إصمات وانذلاق.
ومن حركاتها وسكناتها وليس لذلك ضابط مطرد ولكنه مما يُرجع فيه إلى ذوق الفصحاء.
وقد حاول ابن سِنان الخفاجي إرجاعه إلى تقارب مخارج الحروف فردّه ابن الأثير عليه بما لا مخلص منه.
وإذا اقتضى الحال من حقّ البلاغة إيثار كلمة بالذكر إذ لا يعدِلُها غيرها فعرض من تصاريفها عارض ثقل لا يكون حقُّ مقتضى الحال البلاغي موجبًا إيرادها.
و{أنْ} تفسيرية، فسرت إجمال العهد لأن العهد فيه معنى القول دون حروفه ف {أَنْ} الواقعة بعده تفسيرية.
وعبادة الشيطان: عبادة ما يأمر بعبادته من الأصنام ونحوها.
وجملة {لكُم عدوٌّ مُبِينٌ} تعليل لجملة {لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ} وقد أغنت {أن} عن فاء السببية كما تقدم غير مرة.
و{مُبِينٌ} اسم فاعل من أبان بمعنى بان للمبالغة، أي عداوته واضحة، ووجه وضوحها أن المرء إذا راقب عواقب الأعمال التي توسوسها له نفسه واتهمها وعرضها على وصايا الأنبياء والحكماء وجدها عواقب نحسة، فوضح له أنها من الشيطان بالوسوسة وأن الذي وسوس بها عدوّ له لأنه لو كان ودودًا لما أوقعه في الكوارث ولا يظن به الإِيقاع في ذلك عن غير بصيرة لأن تكرر أمثال تلك الوساوس للمرء ولأمثاله ممن يبوح له بأحواله يدل ذلك التكرر على أنها وساوس مقصودة للإِيقاع في المهالك فعلم أن المشير بها عدوّ ألد، ولعل هذا المعنى هو المشار إليه بقوله تعالى: {ولقد أضلَّ مِنكم جِبلًا كثِيرًا أفَلَم تكُونوا تَعْقِلون}.
وجملة {وأننِ اعْبُدُوني} عطف على {أن لا تعْبُدُوا الشَّيْطانَ} بإعادة {أن} التفسيرية فهما جملتان مفسرتان لعهدين.
وعدل عن الإِتيان بصيغة قصر لأن في الإِتيان بهاتين الجملتين زيادة فائدة لأن من أهل الضلالة الدهريين والمعطلين فهم وإن لم يعبدوا الشيطان ولكنهم لم يعبدوا الله فكانوا خاسئين بالعهد.
والإِشارة في قوله: {هذا صِراطٌ مستقيم} للعهد المفهوم من فعل {أعْهَد} أو للمذكور في تفسيره من جملتي {لا تعبدوا الشيطان} {وأننِ اعْبُدُوني} أي هذا المذكور صراط مستقيم، أي كالطريق القويم في الإِبلاغ إلى المقصود.
والتنوين للتعظيم.
وقوله تعالى: {ولقد أضَلَّ مِنكم جِبِلًا كثيرًا} عطف على {إنَّهُ لكم عدوٌّ مبين} فعداوته واضحة بدليل التجربة فكانت علة للنهي عن عبادة ما يأمرهم بعبادتهم.
والمعنى: إن عداوته واضحة وضوح الصراط المستقيم لأنها تقررت بين الناس وشهدت بها العصور والأجيال فإنه لم يزل يُضلّ الناس إضلالًا تواتر أمره وتعذر إنكاره.
والجِبِلّ: بكسر الجيم وكسر الموحدة وتشديد اللام كما قرأه نافع وعاصم وأبو جعفر.
وقرأه ابن كثير وحمزة والكسائي وخلف ورويس عن يعقوب بضم الجيم وضم الباء الموحدة وتخفيف اللام.
وقرأه ابن عامر وأبو بكر بضم الجيم وسكون الباء.
والجبلّ: الجمع العظيم، وهو مشتق من الجَبْل بسكون الباء بمعنى الخلق.
وفرع عليه توبيخهم بقلة العقول بقوله: {أفَلَم تكونوا تَعْقِلونَ} فالاستفهام إنكاري عن عدم كونهم يعقلون، أي يدركون، إذ لو كانوا يعقلون لتفطنوا إلى إيقاع الشيطان بهم في مهاوي الهلاك.
وزيادة فعل الكون للإِيماء إلى أن العقل لم يتكون فيهم ولا هم كائنون به.
{هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63)}.
إقبال على خطاب الذين عبدوا معبودات يسوّلها لهم الشيطان، إذ تبدو لهم جهنم بحيث يشار إليها ويعرفون أنها هي جهنّم التي كانوا في الدنيا يُنذرون بها وتُذكر لهم في الوعيد مدة الحياة.
والأمر بقوله: {اصلَوْهَا} مستعمل في الإِهانة والتنكير.
و{اصلوها} أمر من صلي يصلى، إذا استدفأ بحرّ النار، وإطلاق الصلْي على الإِحراق تهكّم.
والتعريف في {اليومَ} تعريف العهد، أي هذا اليوم الحاضر وأريد به جواب ما كانوا يقولون في الحياة الدنيا من استبطاء الوعد والتكذيب إذ يقولون {متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} [يونس: 48].
والباء في {بِما كنتم تَكْفُرونَ} سببية، أي بسبب كفركم في الدنيا. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ}.
لو كان هذا القول من مخلوقٍ إلى مخلوقٍ لَكَانَ شِبْهَ اعتذار؛ أي لقد نصحتُكم ووعظتُكم، ومن هذا حَذَّرْتُكم، وكم أوصلتُ لكم القولَ، وذكَّرْتُكُم فلم تقبلوا وَعْظِي، ولم تعملوا بأمري، فأنتم خالَفْتُم، وعلى أنفسكم ظَلَمْتُم، وبذلك سبَقَت القضيةُ مِنَّا لكم. اهـ.

.تفسير الآيات (65- 68):

قوله تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65) وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66) وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67) وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ (68)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كان كأنه قيل: هل يحكم فيهم بعلمه أو يجري الأمر على قاعدة الدنيا في العمل بالبينة، بين أنه على أظهر من قواعد الدنيا، فقال مهولًا لليوم على النسق الماضي في مظهر العظمة لأنه أليق بالتهويل: {اليوم نختم} أي بما لنا من عجيب القدرة المنشعبة من العظمة، ولفت القول إلى الغيبة إيذانًا بالإعراض لتناهي الغضب فقال: {على أفواههم} أي لاجترائهم على الكذب في الأخرى كما كان ديدنهم في الدنيا، وكان الروغان والكذب والفساد إنما يكون باللسان المعرب عن القلب، وأما بقية الجوارح فمهما خرق العادة بإقدارها على الكلام لم تنطق إلا بالحق فلذلك قال: {وتكلمنا أيديهم} أي بما عملوا إقرارًا هو أعظم شهادة {وتشهد أرجلهم} أي عليهم بكلام بين هو مع كونه شهادة إقرار {بما كانوا} أي في الدنيا بجبلاتهم {يكسبون} فالآية من الاحتباك: أثبت الكلام للأيدي أولًا لأنها كانت مباشرة دليلًا على حذفه من حيز الأرجل ثانيًا، وأثبت الشهادة للأرجل ثانيًا لأنها كانت حاضرة دليلًا على حذفها من حيز الأيدي أولًا، وبقرينه أن قول المباشر إقرار وقول الحاضر شهادة، روى مسلم في صحيحه عن أنس رضى الله عنه قال: «يقول العبد: يا رب! ألم تجرني من الظلم، قال: فيقول: بلى، فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدًا مني، فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا، وبالكرام الكاتبين شهودًا، فيختم على فيه ويقال لأركانه: انطقي، فتنطق بأعماله، ثم يخلي بينه وبين الكلام فيقول: بعدًا لكن وسحقًا فعنكن كنت أناضل» وبالظاهر أن السر في الختم على فيه منعه من أن يلغط حال شهادتها عليه لئلا يسمع قولها، وكما هو دأب أهل العناد عند الخصام.
ولما أتم بضرب المثل وما بعده الدلالة على مضمون {إنما تنذر من اتبع الذكر} وما عللت به من إحياء الموتى، ودل على ذلك بما تركه كالشمس ليس فيه لبس، وزاد من بحو الفوائد وجميل العوائد ما ملأ الأكوان من موجبات الإيمان، وذكر ما في فريقي المتبعين والممتنعين يوم البعث، وختم بالحتم على الأفواه بعد البعث، أتبعه آية الختم بالطمس والمسخ قبل الموت تهديدًا عطفًا على ما رجع إليه المعنى مما قبل أول ذلك الخطاب من قوله: {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالًا} الآية، دفعًا لما ربما وقع في وهم أحد أن القدرة لا تتوجه إلى غير الطمس في المعاني بضرب السد وما في معناه، فأخبر أنه كما أعمى البصائر قادر على إذهاب الأبصار، فقال مؤكًا لما لهم من الإنكار أو الأفعال التي هي فعل المنكر: {ولو} وعبر بالمضارع في قوله: {نشاء} ليتوقع في كل حين، فيكون أبلغ في التهديد {لطمسنا} وقصر الفعل إشارة إلى أن المعنى: لو نريد لأوقعنا الطمس الذي جعلناه على بصائرهم {على أعينهم} فأذهبنا عينها وأثرها، وجعلناها مساوية للوجه بحيث تصير كأنها لم تكن أصلًا، وقد تقدم في النساء نقل معنى هذا عن ابن هشام.
ولما كان الجالس مع شخص في مجلس التنازع وهو يهدده إن لم يرجع عن غيه بقارعة يصيبه بها يبادر الهرب إذا فاجأته منه مصيبة كبيرة خوفًا من غيرها جريًا مع الطبع لما ناله من الدهش، ومسه من عظيم الانزعاج والوجل، كما اتفق لقوم لوط عليه السلام لما مسح جبريل عليه السلام أعينهم فأغشاها حين بادروا الباب هرابًا يقولون: عند لوط أسحر الناس، سبب عن ذلك قوله: {فاستبقوا} أي كلفوا أنفسهم ذلك وأوجدوه.
ولما كان المقصود بيان إسراعهم في الهرب، عدى الفعل مضمنًا له معنى {ابتدروا} كما قال تعالى: {واستبقوا الخيرات} [البقرة: 148] فقال: {الصراط} أي الطريق الواضح الذي ألفوه واعتادوه، ولهم به غاية المعرفة.
ولما كان الأعمى لا يمكنه في مثل هذه الحالة المشي بلا قائد فضلًا عن المسابقة، سبب عن ذلك قوله منكرًا: {فأنى} أي كيف ومن أين {يبصرون} أي فلم يهتدوا للصراط لعدم إبصارهم بل تصادموا فتساقطوا في المهالك وتهافتوا.
ولما كان هذا كله مع القدرة على الحركة قال: {ولو نشاء} أي أن نمسخهم {لمسخناهم} أي حولناهم إلى الجمادية فأبطلنا منهم الحركة الإرادية.
ولما كان المقصود المفاجأة بهذه المصائب بيانًا لأنه سبحانه لا كلفة عليه في شي من ذلك قال: {على مكانتهم} أي المكان الذي كان قبل المسخ كل شخص منه شاغلًا له بجلوس أو قيام أو غيره في ذلك الموضع خاصة قبل أن يتحرك منه، وهو معنى قراءة شعبة عن عاصم {مكانتهم} ودل على أن المراد التحويل إلى أحوال الجمادية بما سبب عن ذلك من قوله: {فما استطاعوا} أي بأنفسهم بنوع معالجة {مضيًّا} أي حركة إلى جهة من الجهات؛ ثم عطف على جملة الشرط قوله: {ولا يرجعون} أي يتجدد لهم بوجه من الوجوه رجوع إلى حالتهم التي كانت قبل المسخ دلالة على أن هذه الأمور حق لا كما يقولون من أنها خيال وسحر، بل ثباتها لا يمكن أحدًا من الخلق رفعه ولا تغيره بنوع تغيير هذا المراد إن شاء الله، ولو قيل: ولا رجوعًا- كما قال بعضهم إنه المراد، لم يفد هذا المعنى النفيس.
ولما كانت هذه أمورًا فرضية يتأتى لبعض المعاندين اللد الطعن فيها مكابرة، وكان كونه صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة مانعًا من المفأجاة بالتعذيب بعذاب الاستئصال بها، دل عليها بما يشاهدونه من باهر قدرته وغريب حكمته في صنعته، فقال دالًا بالعاطف على غير معطوف عليه ظاهر على أن التقدير: فقد خلقناهم نطفًا ثم علقًا ثم مضغًا ثم أولدناهم لا يعلمون شيئًا ولا يقدرون على شيء، ثم درجناهم في أطوار الأسنان معلين لهم في معارج القوى الظاهرة والباطنة إلى أن صاروا إلى حد الأشد- وهو استكمال القوى البشرية- فأوقفنا قواهم الظاهرة والباطنة، فلم نجر العادة بأن نحدث فيهم إذ ذاك قوة لم تكن أيام الشباب: {ومن نعمره} أي نطل عمره إطالة كبيرة منهم بعد ذلك {ننكسه} وقراءة عاصم وحمزة بضم أوله وفتح ثانيه وكسر الكاف مشددة دالة على تفاوت الناس في النكس، ولم يقل في خلقه لئلا يظن أن المراد أن المعمر له خلق أنشأه وأبدعه {في الخلق} أي فيما أبدعناه من تقدير بدنه وروحه أي نرده على عقبه نازلًا في المدارج التي أصعدناه فيها إلى أن تضمحل قواه الحسية فيكون كالطفل فلا يقدر على شيء والمعنوية فلا يعلم شيئًا، ومن قدر على مثل هذا التحويل من حالة إلى أخرى لم تكن طردًا وعكسًا قدر على مثل ما مضى من التحويل بلا فرق، غير أنهم لكثرة إلفهم لذلك صيره عندهم هينًا، ولقلة وجود الأول صيره عندهم بعيدًا، ولذلك سبب عن الكلام قوله: على الأسلوب الماضي في قراءة الجماعة ولفتًا إلى الخطاب عند المدنيين ويعقوب لأنه أقرب إلى الاستعطاف وإعلامًا بأن الوعظ عام لكل صالح للخطاب: {أفلا يعقلون} وقال بعض العارفين: قيد بالخلق احترازًا عن الأمر، فإن المؤتمر كلما زاد سنًّا ازداد لربه طاعة وبه علمًا، يعني أن النكس في البدن أمر لابد منه، وأما في المعارف فتارة وتارة.