فصل: قال الشوكاني في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الشوكاني في الآيات السابقة:

{إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55)}.
لما ذكر الله سبحانه حال الكافرين أتبعه بحكاية حال عباده الصالحين.
وجعله من جملة ما يقال للكفار يومئذٍ زيادة لحسرتهم، وتكميلًا لجزعهم، وتتميمًا لما نزل بهم من البلاء، وما شاهدوه من الشقاء، فإذا رأوا ما أعدّه الله لهم من أنواع العذاب، وما أعدّه لأوليائه من أنواع النعيم، بلغ ذلك من قلوبهم مبلغًا عظيمًا، وزاد في ضيق صدورهم زيادة لا يقادر قدرها.
والمعنى: {إِنَّ أصحاب الجنة} في ذلك {اليوم في شُغُلٍ} بما هم فيه من اللذات، التي هي ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، عن الاهتمام بأمر الكفار، ومصيرهم إلى النار، وإن كانوا من قراباتهم.
والأولى عدم تخصيص الشغل بشيء معين.
وقال قتادة، ومجاهد: شغلهم ذلك اليوم بافتضاض العذارى.
وقال وكيع: شغلهم بالسماع.
وقال ابن كيسان: بزيارة بعضهم بعضًا، وقيل: شغلهم كونهم ذلك اليوم في ضيافة الله.
قرأ الكوفيون وابن عامر: {شغل} بضمتين.
وقرأ الباقون بضم الشين، وسكون الغين: وهما لغتان كما قال الفراء.
وقرأ مجاهد، وأبو السماك بفتحتين.
وقرأ النحوي، وابن هبيرة بفتح الشين، وسكون الغين.
وقرأ الجمهور {فاكهون} بالرفع على أنه خبر إنّ، و{في شغل} متعلق به، أو في محل نصب على الحال، ويجوز أن يكون في محل رفع على أنه خبر إنّ، و{فاكهون} خبر ثانٍ.
وقرأ الأعمش، وطلحة بن مصرف {فاكهين} بالنصب على أنه حال، و{في شغل} هو: الخبر.
وقرأ الحسن، وأبو جعفر، وأبو حيوة، وأبو رجاء، وشيبة، وقتادة، ومجاهد {فكهون} قال الفراء: هما لغتان كالفاره، والفره، والحاذر، والحذر.
وقال الكسائي، وأبو عبيدة الفاكه: ذو الفاكهة مثل تامر ولابن، والفكه: المتفكه، والمتنعم.
وقال قتادة: الفكهون: المعجبون.
وقال أبو زيد: يقال رجل فكه: إذا كان طيب النفس ضحوكًا.
وقال مجاهد والضحاك كما قال قتادة.
وقال السدّي كما قال الكسائي.
{هُمْ وأزواجهم في ظلال عَلَى الأرائك مُتَّكِئُونَ} هذه الجملة مستأنفة مسوقة لبيان كيفية شغلهم، وتفكههم، وتكميلها بما يزيدهم سرورًا، وبهجة من كون أزواجهم معهم على هذه الصفة من الاتكاء على الأرائك، فالضمير، وهو: {هم} مبتدأ، {وأزواجهم} معطوف عليه، والخبر {متكئون} ويجوز أن يكون هم تأكيدًا للضمير في {فاكهون} وأزواجهم معطوف على ذلك الضمير، وارتفاع متكئون على أنه خبر لمبتدأ محذوف، و{في ظلال} متعلق به أو حال، وكذا على الأرائك، وجوّز، أبو البقاء: أن يكون {فِى ظلال} هو: الخبر، و{على الأرائك} مستأنف.
قرأ الجمهور: {في ظلال} بكسر الظاء، وبالألف، وهو: جمع ظلّ.
وقرأ ابن مسعود، وعبيد بن عمير، والأعمش، ويحيى بن وثاب، وحمزة، والكسائي، وخلف {في ظلل} بضم الظاء من غير ألف جمع ظلة، وعلى القراءتين، فالمراد: الفرش، والستور التي تظللهم كالخيام، والحجال، والأرائك جمع أريكة، كسفائن جمع سفينة، والمراد بها: السرر التي في الحجال.
قال أحمد بن يحيى ثعلب: الأريكة لا يكون إلا سريرًا في قبة.
وقال مقاتل: إن المراد بالظلال أكنان القصور.
وجملة {لَهُمْ فِيهَا فاكهة} مبينة لما يتمتعون به في الجنة من المآكل، والمشارب، ونحوها.
والمراد فاكهة كثيرة من كل نوع من أنواع الفواكه {وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ} ما هذه هي: الموصولة، والعائد محذوف، أو موصوفة، أو مصدرية، و{يدّعون} مضارع ادّعى.
قال أبو عبيدة: يدّعون: يتمنون، والعرب تقول: ادّع عليّ ما شئت: أي تمنّ، وفلان في خير ما يدّعي أي: ما يتمنى.
وقال الزجاج: هو من الدعاء، أي: ما يدعونه أهل الجنة يأتيهم، من دعوت غلامي، فيكون الافتعال بمعنى: الفعل كالاحتمال بمعنى: الحمل، والارتحال بمعنى: الرحل.
وقيل: افتعل بمعنى: تفاعل، أي: ما يتداعونه كقولهم: ارتموا، وتراموا.
وقيل: المعنى: إن من ادّعى منهم شيئًا، فهو له، لأن الله قد طبعهم على أن لا يدّعي أحد منهم شيئًا إلاّ وهو يحسن ويجمل به أن يدّعيه، وما مبتدأ، وخبرها {لهم} والجملة معطوفة على ما قبلها.
وقرئ: {يدعون} بالتخفيف، ومعناها واضح.
قال ابن الأنباري: والوقف على يدّعون وقف حسن، ثم يبتدىء {سلام} على معنى: لهم سلام، وقيل: إن سلام هو خبر ما أي: مسلم خالص، أو ذو سلامة.
وقال الزجاج: سلام مرفوع على البدل من ما أي: ولهم أن يسلم الله عليهم، وهذا مني أهل الجنة، والأولى أن يحمل قوله: {وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ} على العموم، وهذا السلام يدخل تحته دخولًا أوّليًا، ولا وجه لقصره على نوع خاص، وإن كان أشرف أنواعه تحقيقًا لمعنى العموم، ورعاية لما يقتضيه النظم القرآني.
وقيل: إن سلام مرتفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف، أي: سلام يقال لهم {قَوْلًا} وقيل: إن سلام مبتدأ، وخبره الناصب ل {قولا} أي سلام يقال لهم قولًا، وقيل: خبره من ربّ العالمين، وقيل: التقدير: سلام عليكم هذا على قراءة الجمهور، وقرأ أبيّ، وابن مسعود، وعيسى {سلامًا} بالنصب إما على المصدرية، أو على الحالية بمعنى: خالصًا، والسلام: إما من التحية، أو من السلامة.
وقرأ محمد بن كعب القرظي {سلم} كأنه قال: سلم لهم لا يتنازعون فيه، وانتصاب {قولًا} على المصدرية بفعل محذوف على معنى: قال الله لهم ذلك قولًا، أو يقوله لهم قولًا، أو يقال لهم قولًا: {مّن رَّبّ رَّحِيمٍ} أي: من جهته.
قيل: يرسل الله سحابة إليهم بالسلام.
وقال مقاتل: إن الملائكة تدخل على أهل الجنة من كل باب يقولون: سلام عليكم يا أهل الجنة من ربّ رحيم.
{وامتازوا اليوم أَيُّهَا المجرمون} هو على إضمار القول مقابل ما قيل للمؤمنين أي: ويقال للمجرمين: امتازوا أي: انعزلوا، من مازه غيره، يقال: مزت الشيء من الشيء: إذا عزلته عنه، ونحيته.
قال مقاتل: معناه اعتزلوا اليوم- يعني: في الآخرة- من الصالحين.
وقال السدّي: كونوا على حدة.
وقال الزجاج: انفردوا عن المؤمنين.
وقال قتادة: عزلوا عن كل خير.
وقال الضحاك: يمتاز المجرمون بعضهم من بعض، فيمتاز اليهود فرقة، والنصارى فرقة، والمجوس فرقة، والصابئون فرقة، وعبدة الأوثان فرقة.
وقال داود بن الجراح: يمتاز المسلمون من المجرمين إلا أصحاب الأهواء، فإنهم يكونون مع المجرمين.
ثم وبخهم الله سبحانه، وقرعهم بقوله: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يبَنِى آدَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ الشيطان} وهذا من جملة ما يقال لهم.
والعهد: الوصية، أي: ألم أوصكم، وأبلغكم على ألسن رسلي: أن لا تعبدوا الشيطان أي: لا تطيعوه.
قال الزجاج: المعنى: ألم أتقدّم إليكم على لسان الرسل يا بني آدم.
وقال مقاتل: يعني: الذين أمروا بالاعتزال.
قال الكسائي: لا للنهي، وقيل: المراد بالعهد هنا: الميثاق المأخوذ عليهم حين أخرجوا من ظهر آدم.
وقيل: هو ما نصبه الله لهم من الدلائل العقلية التي في سماواته، وأرضه، وجملة {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} تعليل لما قبلها من النهي عن طاعة الشيطان، وقبول وسوسته، وجملة {وَأَنِ اعبدونى} عطف على {أن لا تعبدوا} وأن: في الموضعين هي المفسرة للعهد الذي فيه معنى القول، ويجوز أن تكون مصدرية فيهما أي: لم أعهد إليكم بأن لا تعبدوا بأن اعبدوني، أو ألم أعهد إليكم في ترك عبادة الشيطان، وفي عبادتي {هذا صراط مُّسْتَقِيمٌ} أي: عبادة الله، وتوحيده، أو الإشارة إلى دين الإسلام.
ثم ذكر سبحانه عداوة الشيطان لبني آدم، فقال: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًا كَثِيرًا} اللام هي: الموطئة للقسم، والجملة مستأنفة للتقريع والتوبيخ، أي: والله لقد أضلّ إلخ.
قرأ نافع، وعاصم {جبلًا} بكسر الجيم، والباء، وتشديد اللام، وقرأ أبو عمرو، وابن عامر بضم الجيم، وسكون الباء، وقرأ الباقون بضمتين مع تخفيف اللام، وقرأ ابن أبي إسحاق، والزهري، وابن هرمز بضمتين مع تشديد اللام، وكذلك قرأ الحسن، وعيسى بن عمر، والنضر بن أنس، وقرأ أبو يحيى، وحماد بن سلمة، والأشهب العقيلي بكسر الجيم، وإسكان الباء، وتخفيف اللام قال النحاس: وأبينها القراءة الأولى.
والدليل على ذلك أنهم قد قرءوا جميعًا {والجبلة الأوّلين} [الشعراء: 184] بكسر الجيم، والباء، وتشديد اللام.
فيكون جبلًا جمع جبلة، واشتقاق الكل من جبل الله الخلق أي: خلقهم، ومعنى الآية: أن الشيطان قد أغوى خلقًا كثيرًا كما قال مجاهد.
وقال قتادة: جموعًا كثيرة، وقال الكلبي: أممًا كثيرة.
قال الثعلبي: والقراءات كلها بمعنى: الخلق، وقرئ: {جيلًا} بالجيم، والياء التحتية.
قال الضحاك: الجيل الواحد عشرة آلاف، والكثير ما يحصيه إلا الله عزّ وجلّ، ورويت هذه القراءة عن عليّ بن أبي طالب، والهمزة في قوله: {أَفَلَمْ تَكُونُواْ تَعْقِلُونَ} للتقريع، والتوبيخ، والفاء للعطف على مقدّر يقتضيه المقام كما تقدّم في نظائره أي: أتشاهدون آثار العقوبات؟ أفلم تكونوا تعقلون؟ أو أفلم تكونوا تعقلون عداوة الشيطان لكم؟ أو أفلم تكونوا تعقلون شيئًا أصلًا؟ قرأ الجمهور: {أفلم تكونوا تعقلون} بالخطاب، وقرأ طلحة، وعيسى بالغيبة.
{هذه جَهَنَّمُ التي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} أي: ويقال لهم عند أن يدنوا من النار: هذه جهنم التي كنتم توعدون بها في الدنيا على ألسنة الرسل، والقائل لهم الملائكة، ثم يقولون لهم: {اصلوها اليوم بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ} أي: قاسوا حرّها اليوم، وادخلوها، وذوقوا أنواع العذاب فيها بما كنتم تكفرون أي: بسبب كفركم بالله في الدنيا، وطاعتكم للشيطان، وعبادتكم للأوثان، وهذا الأمر أمر تنكيل، وإهانة كقوله: {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم} [الدخان: 49] {اليوم نَخْتِمُ على أفواههم} اليوم ظرف لما بعده، وقرئ: {يختم} على البناء للمفعول، والنائب الجار والمجرور بعده.
قال المفسرون: إنهم ينكرون الشرك، وتكذيب الرسل كما في قولهم: {والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23]، فيختم الله على أفواههم ختمًا لا يقدرون معه على الكلام، وفي هذا التفات من الخطاب إلى الغيبة للإيذان بأن أفعالهم القبيحة مستدعية للإعراض عن خطابهم، ثم قال: {وَتُكَلّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} أي: تكلمت أيديهم بما كانوا يفعلونه، وشهدت أرجلهم عليهم بما كانوا يعملون.
قرأ الجمهور {تكلمنا} و{تشهد} وقرأ طلحة بن مصرف {ولتكلمنا} و{لتشهد} بلام كي.
وقيل: سبب الختم على أفواههم ليعرفهم أهل الموقف.
وقيل: ختم على أفواههم لأجل أن يكون الإقرار من جوارحهم؛ لأن شهادة غير الناطق أبلغ في الحجة من شهادة الناطق لخروجه مخرج الإعجاز.
وقيل: ليعلموا أن أعضاءهم التي كانت أعوانًا لهم في معاصي الله صارت شهودًا عليهم، وجعل ما تنطق به الأيدي كلامًا، وإقرارًا؛ لأنها كانت المباشرة لغالب المعاصي، وجعل نطق الأرجل شهادة؛ لأنها حاضرة عند كل معصية، وكلام الفاعل إقرار، وكلام الحاضر شهادة، وهذا اعتبار بالغالب، وإلا فالأرجل قد تكون مباشرة للمعصية كما تكون الأيدي مباشرة لها.
{وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا على أَعْيُنِهِمْ} أي: أذهبنا أعينهم، وجعلناها بحيث لا يبدو لها شقّ، ولا جفن.
قال الكسائي: طمس يطمس، ويطمس، والمطموس، والطميس عند أهل اللغة الذي ليس في عينيه شقّ كما في قوله: {وَلَوْ شَاء الله لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وأبصارهم} [البقرة: 20].
ومفعول المشيئة محذوف أي: لو نشاء أن نطمس على أعينهم لطمسنا.
قال السدّي، والحسن: المعنى: لتركناهم عميًا يتردّدون لا يبصرون طريق الهدى، واختار هذا ابن جرير {فاستبقوا الصراط} معطوف على {لطمسنا} أي: تبادروا إلى الطريق ليجوزوه، ويمضوا فيه، والصراط منصوب بنزع الخافض أي: فاستبقوا إليه، وقال عطاء، ومقاتل، وقتادة: المعنى: لو نشاء لفقأنا أعينهم، وأعميناهم عن غيهم، وحوّلنا أبصارهم من الضلالة إلى الهدى، فأبصروا رشدهم، واهتدوا، وتبادروا إلى طريق الآخرة، ومعنى {فأنى يُبْصِرُونَ} أي: كيف يبصرون الطريق، ويحسنون سلوكه، ولا أبصار لهم.
وقرأ عيسى بن عمر {فاستبقوا} على صيغة الأمر، أي: فيقال لهم: استبقوا، وفي هذا تهديد لهم.
ثم كرّر التهديد لهم، فقال: {وَلَوْ نَشَاء لمسخناهم على مكانتهم} المسخ: تبديل الخلقة إلى حجر، أو غيره من الجماد، أو بهيمة، والمكانة: المكان، أي: لو شئنا لبدّلنا خلقهم على المكان الذي هم فيه.
قيل: والمكانة أخص من المكان كالمقامة، والمقام.
قال الحسن: أي: لأقعدناهم {فَمَا استطاعوا مُضِيًّا وَلاَ يَرْجِعُونَ} أي: لا يقدرون على ذهاب، ولا مجيء.
قال الحسن: فلا يستطيعون أن يمضوا أمامهم؛ ولا يرجعوا وراءهم، وكذلك الجماد لا يتقدّم، ولا يتأخر.
وقيل: المعنى لو نشاء لأهلكناهم في مساكنهم، وقيل: لمسخناهم في المكان الذي فعلوا فيه المعصية.
وقال يحيى بن سلام: هذا كله يوم القيامة.
قرأ الجمهور {على مكانتهم} بالإفراد.
وقرأ الحسن، والسلمي، وزرّ بن حبيش، وأبو بكر عن عاصم {مكاناتهم} بالجمع.
وقرأ الجمهور {مضيًا} بضم الميم، وقرأ أبو حيوة {مضيًا} بفتحها، وروي عنه: أنه قرأ بكسرها، ورويت هذه القراءة عن الكسائي.
قيل: والمعنى: ولا يستطيعون رجوعًا، فوضع الفعل موضع المصدر لمراعاة الفاصلة، يقال: مضى يمضي مضيًا: إذا ذهب في الأرض، ورجع يرجع رجوعًا: إذا عاد من حيث جاء.
{وَمَن نّعَمّرْهُ نُنَكّسْهُ في الخلق} قرأ الجمهور {ننكسه} بفتح النون الأولى، وسكون الثانية، وضم الكاف مخففة.
وقرأ عاصم، وحمزة بضم النون الأولى، وفتح الثانية، وكسر الكاف مشدّدة.
والمعنى: من نطل عمره نغير خلقه، ونجعله على عكس ما كان عليه أوّلًا من القوّة والطراوة.
قال الزجاج: المعنى: من أطلنا عمره نكسنا خلقه، فصار بدل القوّة الضعف، وبدل الشباب الهرم، ومثل هذه الآية قوله سبحانه: {وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ العمر لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} [الحج: 5]، وقوله: {ثُمَّ رددناه أَسْفَلَ سافلين} [التين: 5]، ومعنى {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} أفلا تعلمون بعقولكم أن من قدر على ذلك قدر على البعث، والنشور.