فصل: قال الفراء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقوله جل وعز: {وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين} [آية 99] هاجر إلى الأرض المقدسة.
وقوله جل وعز: {فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى} [آية 102] قال مجاهد {بلغ معه السعي} أي العمل أي شب وقال غيره بلغ ثلاث عشرة سنة قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى [آية 102] أي إني أرى في المنام أني سأذبحك أي أمرت بهذا في المنام وجعل علامة إذا رأيت ذلك أن أذبحك.
ويقرأ {ماذا تري} من الصبر قال أبو إسحاق لم يقل هذا أحد غيره وإنما قال العلماء المعنى ماذا تشير وقد روي في الذبيح احاديث عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بعض أهل العلم الدليل على أنه إسماعيل أن إسماعيل كان بمكة وكان الذبح بمنى وهذا لا يلزم روي عن ابن عباس انه قال كان الذبح بالشام وقال عبيد بن عمير كان بالشام وإن كان مجاهد قد قال كان بمنى وقال بعضهم في القرآن ما يدل على أنه إسماعيل صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل {فبشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} فدل بهذا على أن إسحاق سيعيش حتى يولد له فكيف يؤمر بذبحه؟
قال أبو جعفر وهذا ايضا لا يثبت حجة لأنه يجوز أن يؤمر بذبحه وقد علم أنه يولد له لأنه يجوز أن يحييه الله جل وعز بعد ذلك.
وقوله جل وعز: {فلما اسلما وتله للجبين} [آية 103].
قال مجاهد أي سلما لأمر الله جل وعز قال أبو جعفر وفي حرف عبد الله بن مسعود {فلما سلما} يقال سلم إذا أعطى بيده ورضي ثم قال تعالى: {وتله للجبين} أي صرعه وهما جبينان بين هما الجبهة وجواب {لما} عند البصريين محذوف كأنه قال سعد والواو عند الكوفيين زائدة كأنه قال ناديناه.
وقوله جل وعز: {وفديناه بذبح عظيم} [آية 107].
الذبح المذبوح والذبح المصدر روى ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال كبير متقبل قال أبو جعفر عظيم في اللغة يكون للكبير والشريف وأهل التفسير على أنه هاهنا للشريف أي المتقبل.
وقوله جل وعز: {ولقد مننا على موسى وهارون ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم} [آية 115] روى سعيد عن قتادة قال من فرعون.
ثم قال جل وعز: {ونصرناهم فكانوا هم الغالبين} [آية 116] ولم يقل ونصرناهما لأن الإثنين في الأصل جمع ويجوز أن يكون كما يخبر عن الواحد بفعل الجماعة وقيل المعنى ونصرنا موسى وهارون عليهما السلام وقومهما على فرعون وقومه وهذا هو الصواب لأن قبله {ونجيناهما وقومهما}.
ثم قال جل وعز: {وآتيناهما ما الكتاب المستبين} [آية 117] روى سعيد عن قتادة قال التوراة قال: {وهديناهما الصراط المستقيم} الإسلام.
وقوله جل وعز: {وإن إلياس لمن المرسلين} [آية 123].
قيل إلياس هو إدريس وقيل هو من ولد هارون صلى الله عليهما وسلم والله جل وعز أعلم.
وقوله جل وعز: {أتدعون بعلا وتذرونا لا أحسن الخالقين} [آية 125] قال مجاهد {أتدعون بعلا} أي ربا وقال الضحاك هو صنم لهم يسمى بعلا قال ابن زيد كانوا ببعلبك وسئل ابن عباس عن هذا فسكت فسمع رجلا ينشد ضالة فقال له آخر أنا بعلها أي ربها فقال ابن عباس للسائل.
هذا مثل قوله تعالى: {أتدعون بعلا} أي ربا وحكى ابن إسحاق أن بعلا امرأة كانوا يعبدونها قال أبو جعفر يقال هذا بعل الدار أي ربها فالمعنى أتدعون ربا اختلقتموه وتذرون أحسن الخالقين؟ وأصل هذا أنه يقال لكل ما علا وارتفع بعل ومنه قيل بعل المرأة ومنه قيل لما شرب بماء السماء بعل.
وقوله جل وعز: {فكذبوه فإنهم لمحضرون} [آية 127] قال قتادة أي في العذاب وقوله جل وعز: {سلام على إل ياسين} [آية 130] قال أبو جعفر من قرأ {سلام على إلياسين} ففي قراءته قولان أحدهما: أن يكون إلياسين وإلياس واحد كما يقال سيناء وسينين والثاني ويجوز أن يكون جمعه مع أهل دينه كما يقال مهالبة.
وقوله جل وعز: {وإن يونس لمن المرسلين إذ ابق إلى الفلك المشحون} [آية 140] أي هرب قال طاووس لما ركب السفينة ركدت فقالوا إن فيها رجلا مشئوما فقارعوه فوقعت القرعة عليه ثلاث مرات فرموا به فالتقمه الحوت.
وقوله جل وعز: {فساهم فكان من المدحضين} [آية 141] قال مجاهد فكان من المدحضين أي من المسهومين قال أبو جعفر أصل أدحضته أن أزلقته وقال ابن عيينة أي من المقمورين.
ثم قال جل وعز: {فالتقمه الحوت وهو مليم} [آية 142] قال قتادة أي مسئ، قال أبو جعفر يقال ألام الرجل إذا جاب ما يلام عليه.
وقوله جل وعز: {فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} [آية 144] روى أبو رزين عن ابن عباس {من المسبحين} قال من المصلين ثم قال: {للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} [آية 144] قال مجاهد أي في بطن الحوت.
ثم قال جل وعز: {فنبذناه بالعراء وهو سقيم} [آية 145] قال يعقوب بن إسحاق قال الفراء {العراء} المكان الخالي ومنه قول الله جل وعز {فنبذناه بالعراء وهو سقيم} قال وقال أبو عبيدة العراء وجه الأرض وأنشد لرجل من خزاعة:
رفعت رجلا لا أخاف عثارها ** ونبذت بالبلد العراء ثيابي

ثم قال جل وعز: {وأنبتنا عليه شجرة من يقطين} [آية 146] روى عمرو بن ميمون عن ابن مسعود قال هي القرع وقال مجاهد هي كل شجرة على وجه الأرض لا ساق لها.
قال أبو جعفر هذا الذي قاله مجاهد هو الذي تعرفه العرب يقع للقرع والحنظل والبطيخ والكل ما لم يكن على ساق وكأن اشتقاقه من قطن بالمكان أي أقام به وانشد سيويه: قواطنا مكة من ورق الحمي.
ثم قال جل وعز: {وأرسلناه إلى مائة الف أو يزيدون} [آية 147] قال أبو جعفر في معنى أو أربعة اقوال:
1- قال أبو عبيدة والفراء هي بمعنى بل وهذا خطأ عند أكثر النحويين الحذاق ولو كان كما قالا لكان وارسلناه إلى أكثر من مائة ألف واستغنى عن أو.
2- وقال القتبي أو بمعنى الواو وهذا ايضا خطا لأن فيه بطلان المعاني.
3- وقيل أو للإباحة.
4- وقال محمد بن يزيد أو على بابها والمعنى: أرسلناه إلى جماعة لو رأيتموهم لقلتم مائة ألف أو أكثر وروي عن ابن عباس قال أرسل إلى مائة ألف وثلاثين الفا قال أبو مالك اقام في بطن الحوت أربعين يوما قال ابن طاووس أنبت الله عليه شجرة من يقطين وهي الدباء فكانت تظله من الشمس ويأكل منها فلما سقطت بكى عليها فأوحى الله جل وعز إليه أتحزن على شجرة ولا تحزن على مائة ألف أو يزيد وتابوا فلم أهلكهم قال سعيد بن جبير أرسل الله جل وعز على الشجرة الأرضة فقطعت أصولها فحزن عليها وذكر الحديث قال مجاهد كانت الرسالة قبل أن يلتقمه الحوت.
قال أبو جعفر حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال حدثنا العباس بن محمد قال حدثنا أبو النعمان محمد بن الفضل قال حدثنا أبو هلال قال حدثنا شهر بن حوشب عن ابن عباس قال إنما كانت رسالة يونس صلى الله عليه وسلم بعد ما نبذه الحوت وتلا هذه الآية {وإن يونس لمن المرسلين} حتى بلغ إلى قوله: {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون} قال كانت الرسالة بعد ذلك.
قوله جل وعز: {فآمنوا فمتعناهم إلى حين} [آية 148].
روى معمر عن قتادة قال إلى الموت.
وقوله جل وعز: {فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون} [آية 149] أي فاسألهم سؤال توبيخ وروي عن جماعة من القراء انهم قرءوا {اصطفى البنات على البنين} بوصل الألف وانكر أبو حاتم هذه القراءة قال أبو جعفر وهي جائزة على أن يكون مردودا على القول وعلى أنه قد يكون التوبيخ بغير الف استفهام.
وقوله جل وعز: {أم لكم سلطان مبين فائتو بكتابكم إن كنتم صادقين} [آية 157] قال السدي {سلطان} أي حجة فائتوا بكتابكم قال بحجتكم أن كتابا جاءكم بهذا.
وقوله جل وعز: {وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا} [آية 158] قال الفراء الجنة هاهنا الملائكة أي قالوا الملائكة بنات الله وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال قالوا يعني كفار قريش الملائكة بنات الله فقال أبو بكر فمن أمهاتهن؟ قالوا مخدرات الجن وروى سعيد عن قتادة قال قالوا صاهر الله جل وعز الجن فولدت الملائكة وروى جويبر عن الضحاك في قوله تعالى: {وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا} قال قالوا إبليس أخو الرحمن جل وعز.
وقوله جل وعز: {ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون} [آية 158] أي ولقد علمت الجنة أن الذين قالوا هذا لمحضرون العذاب كذا قال السدي وهو صحيح وكذا كل ما في السورة من محضرين.
وقال مجاهد {لمحضرون} الحساب يعني الجن.
وقوله جل وعز: {فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين} [آية 162] أي ما أنتم به مضلين {إلا من هو صال الجحيم} قال ابن عباس أي لا تضلون إلا من سبق في قضائي أنه يضل قال الحسن وإبراهيم ومحمد بن كعب والضحاك هذا معنى قوله: {ما أنتم عليه بفاتنين} أي لن تفتنوا إلا من قضيت عليه بذلك.
ثم قال جل وعز: {وما منا إلا له مقام معلوم} [آية 164] قال الشعبي جاء جبرئيل أو ملك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه إن الملائكة لتصلي وتسبح ما في السماء ملك فارغ.
وقوله جل وعز: {وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون} [آية 166] قال مجاهد وقتادة هذا من قول الملائكة.
وقوله جل وعز: {وإن كانوا ليقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين} [آية 168] روي عن الضحاك قال هذا قول مشركي مكة فلما جاءهم ذكر الأولين وعلم الآخرين كفروا به فسوف يعلمون.
قال أبو إسحاق كان كفار قريش يقولون لو جاءنا ذكر كما جاء غيرنا من الأولين لأخلصنا العبادة لله عز وجل فلما جاءهم كفروا به فسوف يعلمون مغبة كفرهم وما ينزل بهم من العذاب والانتقام منهم في الدنيا والآخرة.
قوله جل وعز: {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين} [آية 171] أي سبق منا القول لرسلنا إنهم لهم المنصورون أي مضى بهذا من القضاء والحكم قال الفراء أي سبقت لهم السعادة وهي في قراءة عبد الله {ولقد سبقت كلمتنا على عبادنا المرسلين} وقيل أراد بالكلمة قوله عز وجل: {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي}.
وقوله جل وعز: {فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين} [آية 177] أي نزل بهم العذاب ومعنى بساحتهم أي بدارهم، والساحة في اللغة فناء الدار الواسع {فساء صباح المنذرين} أي فبئس صباح الذين أنذروا بالعذاب وفيه إضمار أي فساء الصباح صباحهم وفي الحديث «الله أكبر خربت خيبر إنا إذا انزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين».
وقوله جل وعز: {سبحانك ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين} [آية 182 180] نزه سبحانه نفسه عما أضاف إليه المشركون من الصاحبة والولد {رب العزة} على البدل ويجوز النصب على المدح والرفع بمعنى هو رب العزة وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى سبحان الله فقال هو تنزيه الله عن كل سوء تمت سورة الصافات. اهـ.

.قال الفراء:

سورة الصافات:
{وَالصَّافَّاتِ صَفَّا}.
وقوله: {وَالصَّافَّاتِ}.
تخفض التاء من {الصافات} ومن {التالياتِ} لأنه قَسَمٌ. وَكَانَ ابن مسعودٍ يُدغم {وَالصَّافَّاتِ صَفَّا} وكذلك {والتاليات} {والزاجرات} يدغم التاء منهن والتبيان أجود؛ لأن القراءة بنيت عَلَى التفصيل والبيان.
وهذه الأحرف- فيما ذكروا- الملائِكة.
{إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ}.
قوله: {إنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ}.
تضاف الزينة إلى الكواكب. وهى قراءة العَامّة. حدّثنا أبوالعباس، قال حدثنا محمد قال حدّثنا الفراء. قال: وحدّثنى قيس وأبو معاوية عن الأعمش عن أبى الضحى عن مسروق أنه قرأ {بِزِيَنَةٍ الكَوَاكبِ} يخفض الكواكب بالتكرير فيَرُدّ معرفة عَلى نكرة، كما قال: {لَنَسْفَعًا بِالنَاصِيةِ نَاصِيَةٍ كاذِبَةٍ خَاطِئةٍ} فردّ نكِرة على معرفةٍ. ولو نَصبت {الكواكب} إذا نَوَّنت في الزينة كان وجهًا صَوابًا. تريد: بِتَزْييننا الكواكبَ. ولو رفعت {الكواكب} تريد: زيَّناهَا بتزيينها الكواكبُ تجعل الكواكب هي التي زيَّنت السّمَاء.
{لاَّ يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإِ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ دُحُورًا وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ}.
وقوله: {لاَّ يَسَّمَّعُونَ} قرأهَا أصْحاب عبد الله بالتَّشديد عَلى مَعنى يتَسمعّونَ. وقرأهَا الناسُ {يَسْمَعُونَ} وكذلك قرأهَا ابن عباس؛ وقال: هم {يَتسَمَّعُون ولا يَسْمَعُون}.
وَمَعْنى {لا} كقوله: {كَذَلكَ سَلَكْنَاهُ في قُلُوبِ المُجْرِمِينَ لاَ يُؤمِنُون بِهِ} لو كان في موضع {لا} {أَنْ} صلح ذلكَ، كما قال: {يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} وكَمَا قَالَ{وَأَلْقىَ في الأَرْضِ رَوَاسِىَ أن تمِيدَ بكم} ويصلح في {لا} عَلى هذا المعْنَى الجزم. العرب تقول: ربطت الفرسَ لا ينفلتْ، وأوثقتُ عبدى لا يفرِرْ. وأنشدنى بعض بنى عُقَيلٍ:
وَحتّى رَأينا أحسَنَ الوُدِّ بينَنَا ** مساكتةً لا يَقْرِفِ الشرَّ قَارفُ

وبعضهم يقول: لا يَقرْفُ الشّر والرفع لغة أهل الحجاز. وبذلكَ جَاء القرآن.
وقوله: {مِن كُلِّ جَانِبٍ دُحُورًا}.
بضمّ الدال. ونَصَبها أبو عبدالرحمن السُلَمِىّ. فمنَ ضمَّها جَعَلها مصدرًا؛ كقولك: دَحرته دُحُورًا. ومن فتحها جَعَلها اسمًا؛ كأنه قالَ: يقذفون بداحرٍ وبما يَدْحرُ. وَلستُ أشتهيها؛ لأنها لو وُجِّهت عَلى ذلكَ على صحَّةٍ لكانت فيها البَاء: كما تقول: يُقذفون بالحجارة، ولا تقول يُقذفونَ الحجارةَ. وهوَ جائزِ؛ قال الشاعر:
نُغَالى اللحم للأضيافِ نِيئًا ** وتُرخصه إذا نضِجَ القدورُ

والكلام: نغالى باللحم.
وقوله: {عَذابٌ وَاصِبٌ} {وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} دائم خالصٌ.
{فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَآ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ}.
قوله: {مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ}.
اللازب: اللاصق. وقيس تقول: طين لاتب. أنشدنى بعضهم:
صُدَاعٌ وتَوْصيم العظام وفَتْرة ** وغَثْىٌ مع الإشراق في الجَوْف لاتب

والعرب تقول: ليس هذا بضربةِ لازب ولازم، يبدلون الباء ميمًا؛ لتقارب المخرج.
{بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ}.
وقوله: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ}.
قرأها الناس بنصب التاء ورَفْعها والرفع أحبّ إلىَّ لأنها قراءة عَلىٍّ وابن مسعودٍ وعبد الله بن عبّاسٍ. حدّثنا أبو العباس قال حَدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال: حدَّثنى مِنْدَل بن عَلىّ العَنَزىّ عن الأعمش قال: قال شقيق: قرأت عند شُرَيْحٍ {بَلْ عجبتُ ويَسْخَرُوَن} فقال: إن الله لا يَعْجب منْ شىءٍ، إنها يَعجب مَن لا يعلم. قال: فذكرت ذلكَ لإبراهيم النَخَعىّ فقال: إن شُريحًا شاعر يعجُبهُ عِلمه، وعبد الله أعلم بذلكَ منه. قرأَهَا {بل عجبتُ ويَسْخَرُونَ}.
قال أبو زكريّا: والعجب ب وإن أُسند إلى الله فليسَ مَعْنَاه من الله كمعنَاه مِنَ العباد، ألا ترى أَنه قال: {فيَسْخَرُونَ منهمْ سَخِر اللهُ مِنْهُمْ} وليسَ السُخْرِىّ من الله كمعناه {منَ العبَاد} وكذلك قوله: {اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} {ليسَ ذلك مِنَ الله كمعنَاه من العباد} ففى ذَابيان لكسر قول شُرَيح، وإن كان جَائِزًا لأنّ المفسرينَ قالوا: بل عجبتَ يا محمد ويَسخرونَ هم. فهذا وجهُ النصب.