فصل: قال الأخفش:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولثمت فاها آخذًا بقرونها ** شرب النزيف ببرد ماء الحشرج

{قاصرات الطرف} يقصرن طرفهن على أزواجهن. قال امرؤ القيس:
من القاصرات الطرف لو دب محول ** من الذر فوق الإتب منها لأثرا

{كأنهن بيض} في نقائها واستوائها. وبلغ من جهل ابن الرواندي بأشعار العرب، ومحاسن التشبيه أن قال: ما في بيض النعام من محاسن الجمال، حتى يصير موضع تشبيهها به؟! والعرب تناقلت ذكره، والقرآن على لسانهم، قال الراجز في الجاهلية:
كأن لون البيض في الأدحي

لونك إلا صفرة الجادي

وقال عروة:
وكأنهن وقد حسرن لواغبًا ** بيض بأكناف الحطيم مركم

وقال الفرزدق:
فجئن إلي لم يطمثن قبلي ** وهن أصح من بيض النعام

{سواء الجحيم} (55) وسطه، لاستواء البعد إليه من الجوانب.
وقال:
وصاحب غير ذي ظل ولا نفس ** هيجته في سواء البيد فاهتاجا

{شجرة الزقوم} أخبث شجر.
{طلعها} أي: ما يطلع منها وهو الثمر، وقبح صورة الشيطان متقرر في النفوس، فجرى التشبيه عليه وإن لم ير، كما قال امرؤ القيس:
اتقتلني والمشرفي مضاجعي ** ومسنونة زرق كأنياب أغوال

وقيل: إن الشياطين الحيات، وأنشد:
تلاعب مثنى حضرمي كأنه ** تعمج شيطان بذي خروع قفر

وما يشبه زمامًا مضفورًا من أدم بتلوي حية في غيضة.
{من حميم} من ماء حار. وقيل: من عرق. وجاء الشعر في معناه، قال:
وليس بها ريح ولكن وديقة ** يظل بها الساري يهل وينقع

وقال:
يبل بمعصور جناحي ضئيلة ** أفاويق منها هلة ونقوع

{ثم إن مرجعهم} معناه معنى الواو، وليس للتراخي، وهو كما قال عبدة بن الطبيب:
لما وردنا رفعنا ظل أخبية ** وفار باللحم للقوم المراجيل

وردًا وأشقر لم يهنئه طابخه ** ما غير الغلي منه فهو مأكول

ثم قمنا إلى جرد مسومة ** أعرافهن لأيدينا مناديل

لم يريدوا التراخي بدليل أنهم لم يهنئوا اللحم، أي: لم ينضجوه، ولم يتفرغوا للتنظف وغسل اليد.
{وتركنا عليه في الآخرين} أبقينا له الثناء الحسن.
{بقلب سليم} سالم من الشك والرياء.
{فما ظنكم برب العالمين} حين خلقكم ورزقكم وعبدتم غيره.
{فنظر نظرة في النجوم} للاستدلال بها على الصانع. وقال الحسن: ليس هو نجوم السماء، ولكنه ما نجم في قلبه من أمر الأصنام، وقصد إهلاكها.
وقيل: إن علم النجوم كان حقًا، وكان من النبوة ثم نسخ. قال الضحاك: إن علم النجوم كان ثابتًا إلى زمن عيسى عليه السلام. والنسخ في مثل هذا الموضع بعيد، وإنما النسخ في الأحكام والشرائع، وما كان من علم النجوم ثابتًا من تصريف الله على أمور في العالم، فذلك ثابت أبدًا.
وما ليس بثابت اليوم من فعلها في العالم بعلمها واختيارها، فلم يكن ثابتًا، إلا أن يقال: إن الاشتغال بمعرفتها والتوفر على ضبطها وتحصيلها نسخ، فيكون ذلك صحيحًا. وقيل: معناه أنه نبين بها أن الحركات العلوية معدة للتغيرات في السفلية، ولا بقاء مع دورانها على الأشخاص البالية، قال أسقف نجران:
منع البقاء تصرف الشمس ** وطلوعها من حيث لا تمسي

وطلوعها بيضاء صافية ** وغروبها صفراء كالورس

اليوم يعلم ما يجيء به ** ومضى بفصل قضائه أمس

وقال أمية بن أبي ال صلت:
وكيف أعد الشاء مالًا وربما ** أتى سبع يغدو عليها فتشعب

أو الإبل اللاتي إذا الشمس أشرقت ** عليها فماتت كلهن حين تغرب

{فقال إني سقيم} أي: خلقت للموت، فأنا سقيم أبدًا. وقيل: إنه استدل بها على حدوث سقم في بدنه. والأولى القول الأول، وذلك أنه أراد أن يتأخر عن عيد لهم، ليتم كيده في أصنامهم، فاعتذر بالسقم على تأويل أن المخلوق للموت والأسقام، سقيم أبدًا، صحته داء، وسلامته عناء قال لبيد:
كانت قناتي لا تلين لغامز ** فألانها الإصباح والإمساء

ودعوت ربي بالسلامة جاهدًا ** ليصحني فإذا السلامة داء

وقال حميد بن ثور:
أرى بصري قد رابني بعد صحة ** وحسبك داء أن تصح وتسلما

فلن يلبث العصران يوم وليلة ** إذا تمما أن يدركا ما تيمما

وقال آخر:
لعمرك ما الدنيا بدار إقامة ** إذا زال عن عين البصير غطاؤها

وكيف بقاء المرء فيها وإنما ** ينال بأسباب الفناء بقاؤها

وفي معاني هذه الأبيات، وفي قولهم:
كل يدور على البقاء بجهده ** وعلى الفناء يديره الأيام

وقولهم:
يميتك ما يحييك في كل ساعة ** ويحدوك حاد يريد بك الهزءا

وغير ذلك. قالت الحكماء: إن تحلل الرطوبة التي منها خلقنا- وهو المني- والرطوبة الخاصة منها لغذاء القلب- وهي رطوبة دهنية لذيذة ملساء هي لنار القلب كالدهن لشعلة السراج- دائم أبدًا، بسببين: بالهواء المحلل من خارج، وبالحرارة الغريزية وبالغريبة من داخل. وهذه الأسباب متعاونة على التجفيف أولًا أولًا.
بل هذا الجفاف ضرورة الاستكمال، والبلوغ من تتمة الأفعال. فإنا في أول الأمر ما نكون في غاية الرطوبة، وبحسب ذلك كثرة الحرارة، وإلا عفنت واحتنقت، فهي تستولي عليها، وتعمل في أكلها وتجفيفها حتى يبلغ البدن الحد المعتدل، ثم التجفيف يكون أقوى من الأول، لأن المادة تهي أقبل فلا يزال يزداد حتى يفني رطوبة القلب بحرارته، فتصير الحرارة الغريزية بالعرض سببًا لإطفاء نفسها، وعند ذلك يعرف، وجعل حياته بالفناء والآفات. فهو- وهو حي- ميت. كما قال عز من قائل: {إنك ميت وإنهم لميتون}.
{فراغ عليهم} مال إليهم. والروغ والروغان ذهاب في ختل وخفية.
{ضربًا باليمين} بالقوة. وقيل: باليمين التي هي خلاف الشمال.
وقيل: بالحلف التي تألى بها في قوله: {وتالله لأكيدن أصنامكم}. وقول الحادرة:
ولدى أشعث باسط ليمينه ** قسمًا لقد أنضجت لم يتورع

يحتمل اليمينين التي هي خلاف الشمال، والتي هي القسم.
{يزفون} يسرعون. زف يزف زفيفًا، وأزف يزف إزفافًا.
{فلما بلغ معه السعي} (102) أي: ألوان السعي في طاعة الله وعبادته.
{فانظر ماذا ترى} ليس ذلك على المؤامرة، ولكنه اختبر بذلك أيجزع أم يصبر، فقال: {ستجدني إن شاء الله من الصابرين}.
{وتله} (103) صرعه على جبينه. وقال قطرب: ضرب به على تل. وجواب {فلما أسلما} {وناديناه} فيكون الواو مقحمة، كما قال:
حتى إذا قملت بطونكم ** ورأيتم أبناءكم شبوا

وقلبتم ظهر المجن لنا ** إن اللئيم لعاجز خب

أي: قلبتم. ويجوز أن يكون الجواب: {إن هذا لهو البلاء} أي: لما بلغ الأمر بهما إلى ما ذكر، بلغ البلاء غايته. وقيل: إن البلاء هاهنا بمعنى النعمة، بدليل ما تقدمه من: {وناديناه} وما تعقبه من: {وفديناه}. وهذا كما قال أوس بن حجر:
وقد غبرت شهري ربيع كليهما ** بحمل البلايا والخباء الممدد

سنجزيك أو يجزيك عنا مثوب ** وحسبك أن يثنى عليك وتحمدي

{وبشرناه بإسحاق نبيا} أي: بشرناه بنبوته بعد ما بشرناه فيما مضى بولادته.
{آل ياسين} يجوز أن يكون ياسين محمدًا وأمته، لأنهم أهل سورة يس. ويجوز أن يكون ياسين لغة في ياس على قراءة من قرأ {وإن إلياس} موصولًا.
قال خداش بن زهير:^
......................
مثل إبراهيم وإبراهام.
ويجوز أن يكون لذلك النبي اسمان، مثل: يعقوب وإسرائيل، ومحمد وأحمد. وأما من قرأ {الياسين} بكسر الهمزة وسكون اللام، فيقول أبو عمرو: إن الياسين لغة في إلياس، مثل {وطور سينين} في {طور سيناء} ويدل عليه ما في أواخر قصص الأنبياء المتقدمة من إعادة ذكرهم بالسلام. وقيل: إنه جمع إلياس بعينه وأهل دينه بالياء والنون على العدد بغير إضافة، كما يقال: المهلبون والأشعرون. قال الراجز:
أنا ابن سعد سيد السعدينا

{أتدعون بعلًا} اسم صنم من ذهب يعبدونه. وبذلك الصنم سمي بعلبك، كما يقال: بغ داد، ولذلك غير فسمي مدينة المنصور، ومدينة السلام، إذ كان بغ اسم صنم.
وقيل: إنه الرب والسيد، ويقال: من بعل هذه الدار. وقيل: إن البعل اسم الله بلغة اليمن، وتقديره: أتدعون إلهًا غير الله.
{مغاضبًا} قيل: لقومه، لاستحالة مغاضبة الله. ولكن قوله: {وهو مليم} يمنع من هذا التأويل، لأن المليم هو المستحق للملام، كما قال الأسدي:
وإني أحب الخلد لو أستطيعه ** وكالخلد عندي أن أموت ولم ألم

وليست المغاضبة بمعنى المفاعلة بين الشيئين، ولكن المتسخط للشيء الكئيب به، يقال له: المغاضب، كما قال الهذلي:
يبيت إذا ما آنس الليل كانسًا ** مبيت الغريب ذي الكساء المغاضب

ولما ركب السفينة خافوا الغرق من الأمواج. وقيل: من الحوت الذي عارضهم. فقالوا: هاهنا عبد مذنب لا ننجوا أو نلقيه في البحر، فاقترعوا، فخرجت القرعة على يونس، فألقوه وذلك قوله: {فساهم} (141) أي: قارع بالسهام.
{فكان من المدحضين} أي: المقروعين المغلوبين.
{فنبذناه بالعراء} (145) بالفضاء.
{وهو سقيم} كالصبي المنفوس.
{من يقطين} (146) قرع. وقيل: إنه كل ما ينبسط ورقه على الأرض، وهو يفعيل من قطن بالمكان. قال مقاتل: كان تأتي إليه وعلة فيشرب لبنها في مثل تلك الشجرة.
{أو يزيدون} (147) على شك المخاطبين، أو للإبهام عليهم، كأنه قيل إلى أحد العددين.
{فئامنوا فمتعناهم إلى حين} (148) أي: إلى حين موتهم. وإنما آمنوا قبل حضور العذاب، ولكنهم استدلوا بخروج يونس على العذاب، فآمنوا قبل أن يبلغوا إلى حد اليأس والإلجاء.
{وجعلوا بينه وبين الجنة نسبًا} (158) قالوا: إن الملائكة بنات الله، حتى قال لهم أبو بكر: فمن أمهاتهم؟ وقيل: إنها الأصنام، والنسب الشركة، لأن الجن يكلمهم منها، ويغويهم فيها. وهذا القول أولى، لقوله: {إنهم لمحضرون} أي: مزعجوم في العذاب.
{ما أنتم عليه بفاتنين} مضلين.
{إنهم لهم المنصورون} قال الحسن: لم يقتل نبي أمر بالجهاد.

.قال الأخفش:

سورة الصافات:
{رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ}.
قال: {رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} على {أَنَّ ألَهَكُمْ رَبُّ} ونصب بعضهم {رَبَّ السَّماَواَتِ} {وَرَبُّ الْمَشَارِقِ} فجعله صفة للاسم الذي وقعت عليه {إِنَّ} والأول أجود لأن الأول في هذ المعنى وهو متناول بعيد في التفسير.
{إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ}.
وقال: {زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} فجعل {الكواكب} بدلا من الزينة وبعضهم يقول {بِزينةِ الكواكبِ} وليس يعني بعضها ولكن زينتها حسنها.
{وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ}.
وقال: {وَحِفْظًا} لأنه بدل من اللفظ بالفعل كانه قال: {وَحَفَظْناَهَا حِفْظًا}.
{يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ}.
وقال: {لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ} وثقل بعضهم وليس للتثقيل معنى انما معنى التثقيل {المُتَصَدِّقِين} وليس هذا بذاك المعنى. انما معنى هذا من التَّصْديق و ليس من التَصَدُّقِ و انما تضعّف هذه ويخفف ما سواها والصَّدَقَةُ تضعّف صادها وتلك غير هذه. انما سئل رجل من صاحبه فحكى عن قرينه في الدنيا فقال: {كَانَ لِي قَرِينٌ} (51) يقول: {أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ} انا لنبعث بعد الموت. أي: اتؤمن بهذا؟ أي: تصدق بهذا.
{فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ}.
وقال: {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} كما تقول: أكبَّهُ لوجهه وأَكْبَبْتُهُ لِوَجْهِه لأنه في المعنى شبه أَقْصَيْتهُ.
{وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} وقال: {مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} يقول: كانوا كذاك عندكم. اهـ.