فصل: قال ابن زنجلة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن زنجلة:

سورة الصافات:
{إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب} قرأ حمزة وحفص {بزينة} منون {الكواكب} جر جعلا الكواكب هي الزينة وهي بدل منها لأنها هي هي كما تقول مررت بأبي عبد الله زيد المعنى أنا زينا السماء بالكواكب وبدل المعرفة من النكرة جيد ونظير هذا في القرآن {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله} فأبدل المعرفة من النكرة.
وقرأ أبو بكر عن عاصم {بزينة} بالتنوين الكواكب نصب مفعول بها أعمل الزينة في الكواكب المعنى أنا زينا الكواكب فيها كقولك عجبت لعمرو من ضرب زيد أي من أن يضرب زيدا فهذا مجرى المصادر كما قال أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ومثله ما لا يملك لهم رزقا من السموات تقديره ما لا يملك أن يرزق شيئا وقرأ الباقون بزينة الكواكب مضافا أضافوا المصدر إلى المفعول به كقوله من دعاء الخير وبسؤال نعجتك المعنى بأن زينا الكواكب:
{وحفظا من كل شيطان مارد لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب} 7 و8.
قرأ حمزة والكسائي وحفص {لا يسمعون} بالتشديد وقرأ الباقون بالتخفيف وحجتهم ما روي عن ابن عباس أنه قرأ لا يسمعون وقال هم يسمعون ولكن لا يسمعون والدليل على صحة قول ابن عباس أنهم يسمعون ولكن لا يسمعون قوله وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا وقوله بعدها {إلا من خطف الخطفة} 10 فعلم بذلك انهم يقصدون للاستماع ومن حجتهم أيضا إجماع الجميع على قوله إنهم عن السمع لمعزولون وهو مصدر سمع والقصة واحدة وتأويل الكلام وحفظا من كل شيطان مارد لئلا يسمعوا بمعنى أنهم ممنوعون بالحفظ عن السمع فكفت لا من أن كما قال كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به بمعنى لئلا يؤمنوا به فكفت لا من أن كما كفت أن من لا في قوله تعالى {يبين الله لكم أن تضلوا} فإن قال قائل فلو كان هذا هو الوجه لم يكن في الكلام إلى ولكان الوجه أن يقال لا يسمعون الملأ الأعلى قلت العرب تقول سمعت زيدا وسمعت إلى زيد فكذلك قوله لا يسمعون إلى الملأ الأعلى وقد قال جل وعز {وإذا قريء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} وقال ومنهم من يستمع إليك فيعدي الفعل مرة ب إلى ومرة باللام.
كقوله {وهداه إلى صراط مستقيم} و{الحمد لله الذي هدانا لهذا} {وأوحى ربك إلى النحل} وقال أن {ربك أوحى لها}.
ومن قرأ {يسمعون} الأصل يتسمعون فأدغم التاء في السين لقرب المخرجين وحجتهم في أنهم منعوا من التسمع الأخبار التي وردت عن أهل التأويل بأنهم كانوا يتسمعون الوحي فلما بعث رسول الله صلى الله عليه رموا بالشهب ومنعوا فإذا كانوا عن التسمع ممنوعين كانوا عن السمع أشد منعا وأبعد منه لأن المتسمع يجوز أن يكون غير سامع والسامع قد حصل له الفعل قالوا فكان هذا الوجه أبلغ في زجرهم لأن الإنسان قد يتسمع ولا يسمع فإذا نفي التسمع عنه فقد نفى سمعهم من جهة التسمع ومن جهة غيره فهو أبلغ.
{بل عجبت ويسخرون}.
قرأ حمزة والكسائي {بل عجبت ويسخرون} بضم التاء وقرأ الباقون بفتح التاء أي بل عجبت يا محمد من نزول الوحي عليك ويسخرون ويجوز أن يكون بل عجبت من إنكارهم البعث وحجتهم قوله وإن تعجب فعجب قولهم أي إن تعجب يا محمد من قولهم فعجب قولهم عند من سمعه ولم يرد فإنه عجب عندي.
قال أبو عبيد قوله بل عجبت بالنصب بل عجبت يا محمد من جهلهم وتكذيبهم وهم يسخرون منك ومن قرأ {عجبت} فهو إخبار عن الله جل وعز وحجتهم ما روي في الحديث: «إن الله قد عجب من فتى لا صبوة له»، وقال صلى الله عليه:«عجب ربكم من إلكم وقنوطكم وسرعة إجابته إياكم».
قال أبو عبيد والشاهد لها مع هذه الأخبار قوله تعالى {وإن تعجب فعجب قولهم} فأخبر جل جلاله أنه عجيب ومما يزيده تصديقا الحديث المرفوع عجب الله البارحة من فلان وفلانة قال الزجاج وقد أنكر قوم هذه القراءة وقالوا إن الله جل وعز لا يعجب وإنكار هذا غلط لأن القراءة والرواية كثيرة فالعجب من الله خلاف العجب من الآدميين هذا كما قال جل وعز {ويمكر الله} ومثل قوله {سخر الله منهم} {وهو خادعهم} فالمكر من الله والخداع خلافه من الآدميين وأصل العجب في اللغة أن الإنسان إذا رأى ما ينكره ويقل مثله قال قد عجبت من كذا وكذا فكذلك إذا فعل الآدميون ما ينكره الله جاز أن يقول فيه عجبت والله قد علم الشيء قبل كونه ولكن الإنكار إنما يقع والعجب الذي تلزم به الحجة عند وقوع الشيء.
{أو ءاباؤنا الأولون} 17 قرأ نافع وابن عامر {أو آباؤنا الأولون} بإسكان الواو وقرأ الباقون بفتح الواو وهي واو نسق دخلت عليها همزة الاستفهام كما يقال فلان ينظر في النحو فتقول أو هو ممن ينظر في النحو معناه كنظره في غيره ومن سكن الواو فكأنه شك منه فيقولون أنحن نبعث أوآباؤنا الأولون وهم منكرون للبعث أي لا نبعث نحن ولا آباؤنا.
{لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون} 47 قرأ حمزة والكسائي {ولا هم عنها ينزفون} بكسر الزاي من أنزف ينزف إذا سكر ويجوز أن يكون من أنزف إذا أنفد شرابه فقوله ينزفون أي لا يسكرون من شربها ويجوز أن يراد لا ينفد شرابهم كما ينفد شراب أهل الدنيا وإذا كان معنى لا فيها غول لا تغتال عقولهم حمل قوله لا ينزفون على لا ينفد شرابهم لأنك إن حملته على أنهم لا يسكرون صرت كأنك كررت يسكرون مرتين وإن حملت لا فيها غول على لا تغتال صحتهم ولا تصيبهم عنها العلل التي تحدث من شربه في الدنيا حملت ينزفون على أنهم لا يسكرون.
وقرأ الباقون {ينزفون} بفتح الزاي أي لا تذهب عقولهم لشربها يقال نزف الرجل إذا ذهب عقله ويقال للسكران نزيف.
{فأقبلوا إليه يزفون} 94 قرأ حمزة {فأقبلوا إليه يزفون} بضم الياء وقرأ الباقون {يزفون} بفتح الياء من زففت وهو الاختيار والعرب تقول زف يزف زفيفا إذا أسرع ويقال زفت الإبل تزف إذا أسرعت وأما حمزة فإنه جعله لغتين زف وأزف ويجوز أن يكون زف الرجل بنفسه وأزف غيره فيكون المعنى فأقبلوا إليه يزفون أنفسهم ويجوز أن يكون المعنى يحملون غيرهم على الزفيف.
{فانظر ماذا ترى} 102 قرأ حمزة والكسائي {فانظر ماذا ترى} بضم التاء وكسر الراء أي ما تشير كذا قال الزجاج.
قال الفراء معناه ما تريني من صبرك والأصل ترئي فنقلنا كسرة الهمزة إلى الراء فصار تري.
وقرأ الباقون {ماذا ترى} أي ما الذي عندك من الرأي فيما أخبرتك به.
{وإن إلياس لمن المرسلين} 23 قرأ ابن عامر وإن إلياس بغير همز قال الفراء من قرأ: {وإن إلياس} بوصل الألف جعل اسمه ياسا ثم أدخل عله الألف واللام للتعريف.
وقرأ الباقون {وإن إلياس} بالهمز جعلوا أول الاسم على هذه القراءة الألف كأنه من نفس الكلمة تقول إلياس كما تقول إسحاق وإبراهيم وحجته قوله بعدها {سلام على إلياسين}.
{أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين الله ربكم ورب ءابائكم الأولين} قرأ حمزة والكسائي وحفص {الله ربكم ورب آبائكم} بفتح الهاء والباء على البدل المعنى وتذرون الله ربكم وربكم صفة لله والله نصب على البدل.
وقرأ الباقون {الله ربكم ورب} بالرفع على الابتداء والخبر وحسن الابتداء به لتمام الكلام الأول.
{سلم على إل ياسين} قرأ نافع وابن عامر سلام على {آل ياسين} بفتح الألف وكسر اللام قال ابن عباس {سلام على آل ياسين} أي على آل محمد صلى الله عليه وآله كما قيل في ياسين يا محمد وآل محمد صلى الله عليه كل من آل إليه بحسب أو بقرابة وقال قوم آل محمد كل من كان على دينه ومثله كما قال أدخلوا آل فرعون أشد العذاب يريد من كان على دينه وقال صلى الله عليه آل محمد كل تقي وأجمع النحويون على أن الآل اصله أهل فقلبوا الهاء همزة وجعلوها مدة لئلا تجتمع همزتان.
وقرأ الباقون {سلام} على إلياسين بكسر الألف ساكنة اللام قال الفراء إن شئت ذهبت ب إلياسين إلى أن تجعله جمعا فتجعل أصحابه داخلين في اسمه كما تقول لقوم رئيسهم المهلب جاءتكم المهالبة والمهلبون تريد المهلب ومن معه كما تقول رأيت المحمدين تريد محمدا وأمته صلى الله عليه وسلم قال الشاعر:
قدني من نصر الخبيبين قدي

هكذا رواه ثعلب أراد أبا خبيب وهو ابن الزبير ومن تابعه فجمع على ذلك وفيها وجه آخر يكون لغتين إلياس وإلياسين كما قالوا ميكال وميكائيل وجبريل وجبرئيل وحجة هذه القراءة أنه ذكره في صدر لآية فقال في آخر الآية سلام على إلياسين كما ذكر نوحا في صدر الآية ثم قال في آخر القصة سلام على نوح وكذلك إبراهيم وموسى وهارون إنما قال في آخر قصصهم سلام على فلان.
{ولد الله وإنهم لكاذبون أصطفى البنات على البنين} قرأ إسماعيل {لكاذبون اصطفى البنات} بوصل الألف على أن يكون حكاية عن قولهم ليقولون اصطفى ويجوز أن يكون المعنى وإنهم لكاذبون قالوا اصطفى البنات فحذف قالوا.
وقرأ الباقون {أصطفى} بفتح الألف وهو الاختيار لأن المعنى سلهم هل اصطفى البنات على البنين فالألف ألف استفهام ومعناها التوبيخ دخلت على ألف وصل والأصل أاصطفى فسقطت ألف الوصل. اهـ.

.فصل في فوائد لغوية وإعرابية وبلاغية في جميع آيات السورة:

.قال في الجدول في إعراب القرآن الكريم:

سورة الصّافات:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

.[سورة الصافات: الآيات 1- 4]:

{وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِراتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِياتِ ذِكْرًا (3) إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ (4)}.

.الإعراب:

الواو واو القسم للجرّ، والجارّ والمجرور متعلّق بفعل محذوف تقديره أقسم {صفّا} مفعول مطلق عامله الصافّات الفاء عاطفة في الموضعين {زجرا} مفعول مطلق عامله الزاجرات {ذكرا} مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو مرادفه، اللام لام القسم عوض من المزحلقة.
جملة: أقسم بالصافّات لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: {إنّ إلهكم لواحد} لا محلّ لها جواب القسم.

.الصرف:

{الصافّات} جمع الصّافّة مؤنّث الصافّ، اسم فاعل من فعل صفّ باب نصر وزنه فاعل جاءت عينه ولامه من حرف واحد، جمعة المذكّر صافّون، صافّين.. وجمع المؤنّث صوافّ زنة فواعل {الزاجرات} جمع الزاجرة مؤنث الزاجر اسم فاعل من الثلاثي زجر باب نصر، وزنه فاعل، جمعه المذكّر الزاجرون، الزاجرين.. والمؤنّث زواجر.
{زجرا} مصدر سماعيّ لفعل زجر، وزنه فعل بفتح فسكون.
{التاليات} جمع التالية مؤنّث التالي، اسم فاعل من الثلاثيّ تلا باب نصر، وزنه فاعل، وفيه إعلال بالقلب أصله التالو بكسر اللام، قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، جمعه المذكّر التالون، التالين وفيهما إعلال بالحذف لالتقاء الساكنين، أصله التاليون، التاليين، استثقلت الضمّة والكسرة على الياء فنقلتا إلى الحرفين قبلهما، فلمّا التقى ساكنان حذفت الياء لام الكلمة، وزنه فاعون، فاعين.