فصل: فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

قال إلكيا هراسي:
سورة الصافات:
قوله تعالى: {إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} الآية: 102، ظاهره أنه كان مأمورا بذبح الولد، ويجوز أن لا يكون في المأمور به سوى التل للجبين، ولكن ظن إبراهيم عليه السلام أنه يتعقبه الأمر بالذبح فقال: {إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ}.
أي ما يدل على أني أذبحك.
ويحتمل أن يكون قد أمر بذبحه حقيقة، ولكنه لو قدر ذلك، فلا يصح نسخه عند من لا يجوز النسخ، قبل إمكان الأمر، لأن الذبح متى كان حسنا في وقت، فلا يجوز أن يصير في ذلك الوقت قبيحا عندهم، فيصعب عليهم الخروج عند ذلك.
ويحتمل أن يكون قد ذبح ولكنه كان يلتئم ويبرأ، وهذا أبعد الاحتمالات، لأنه لو كان جرى ذلك، لكان قد نبه اللّه تعالى عليه تعظيما لرتبة إبراهيم وإسماعيل صلوات اللّه عليهما، وكان أولى بالشأن من هذا، ولو حصل الفراغ من امتثال الأمر الأول ما تحقق الفداء.
إذا ثبت ذلك، فقد احتج قوم من أصحاب أبي حنيفة بهذه الآية في مصيرهم، إلى من نذر ذبح ولده لزمه ذبح شاة عندهم، وقالوا: إن اللّه تعالى جعل الأمر بذبح الولد، في حالة حرم ذبح الولد سببا لوجوب ذبح شاة، فيجوز أن يكون إيجاب الواحد منا ذبح ولده على نفسه سببا لذبح شاة، ويجعل اللفظ عبارة عن ذبح شاة.
وهذا إغفال منهم، فإنه إن ثبت أن إبراهيم كان مأمورا بذبح الولد، فقد ارتفع الأمر إلى بدل جعل فداء، فكان الأمر متقررا في الأصل، ثم أزيل ونسخ إلى بدل، وفيما نحن فيه لا أمر بذبح الولد، بل هو معصية قطعا، فلم يكن للأمر تعلق بذبح الولد بحال، فإذا لم يتعلق به بحال، فلا يجوز أن يجعل له فداء وخلفا، وقد استقصينا هذا في كتب الفقه وهو مقطوع به.
قوله تعالى: {فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} الآية: 141.
يحتج به من يرى للقرعة أثرا في تعيين المستحق بعد تردد الحق في أعيان لا سبيل إلى نفيه عنها، ولا إثباته في جميعها، فتدعو الحاجة إلى القرعة، وهذا بين.
نعم في مثل واقعة يونس لا تجرى القرعة، لأن إلقاء مسلم في البحر لا يجوز، وفي ذلك الزمان جاز، فرجع الإختلاف إلى نفس الحق.
وأما قولنا الحق تردد في محال وأعيان فلا يجوز إخراجه منها، فذلك شيء ثابت، وهو موضع احتجاجنا. اهـ.

.من مجازات القرآن في السورة الكريمة:

.قال ابن المثنى:

سورة الصّافات:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
قوله: {وَالصَّافَّاتِ} (1) كل شيء بين السماء والأرض لم يضمّ قتريه فهو صافّ.
{فَالتَّالِياتِ ذِكْرًا} (3) أي القارئات والتالي القارئ.
{ذكرا} كتابا والتالي المتّبع في موضع آخر.
{وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ} (7) لم تعمل الباء فيها التي هي في {بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ} (6) فمجازها: وحفظناها قال كعب بن زهير:
يسعى الوشاة جنابيها وقيلهم ** إنك يا ابن أبى سلمى لمقتول

قيلهم بالنصب: ويقولون.
{دُحُورًا} مصدر دحرت تقول العرب: ادحر عنك الشيطان: أبعد عنك الشيطان.
{عَذابٌ واصِبٌ} أي دائم قال أبو الأسود الدّؤلي:
لا أشترى الحمد القليل بقاؤه ** يوما بذمّ الدهر أجمع واصبا

{ثاقِبٌ} الثاقب البيّن المضيء، يقال: أثقب نارك، وحسب ثاقب أي كثير مضىء مشهور وقال أبو الأسود:
أذاع به في الناس حتى كأنه ** بعلياء نار أوقدت بثقوب

{فَاسْتَفْتِهِمْ} أي فسلهم.
{مِنْ طِينٍ لازِبٍ} مجازها مجاز لازم قال نابغة بنى ذبيان:
ولا يحسبون الخير لا شرّ بعده ** ولا يحسبون الشرّ ضربة لازب

وقال النّجاشىّ:
بنى اللوم بيتا فاستقرت عماده ** عليكم بنى النّجّار ضربة لازب

{يَسْتَسْخِرُونَ} ويسخرون سواء.
{أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ} الواو متحركة لأن مجازها:
وآباؤنا، فأدخل فيها ألف الاستفهام وليست بواو التي تنتقل بها من شيء إلى شيء أو تجرى مجرى أم.
{وَأَنْتُمْ داخِرُونَ} صاغرون أشدّ الصغر، صاغر: داخر.
{هذا يَوْمُ الدِّينِ} الثواب والحساب، تقول العرب: كما تدين تدان.
{هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} الفصل قطع القضاء.
ثم خرجت {احْشُرُوا الَّذِينَ} مخرج المختصر.
{فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ} تقول العرب: هديت المرأة إلى زوجها أي دللتها ومنهم من يقول: أهديتها، جعلها من الهدية إليه.
{مُسْتَسْلِمُونَ} المستسلم الذي يعطى بيديه.
{إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ} مجازها: إذا قيل لهم: قولوا لا إله إلا اللّه.
{إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} [38- 40] تقول العرب: إنكم لذاهبون إلا زيدا.
{عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ} مضموم الأول والثاني وبعض العرب يفتحون الحرف الثاني من أشباه هذا من باب المضاعف.
{بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} الكأس الإناء بما فيه والمعين الماء الطاهر الجاري.
{لا فِيها غَوْلٌ} مجازه: ليس فيها غول والغول أن تغتال عقولهم قال الشاعر:
وما زالت الكأس تغتالنا ** وتذهب بالأول الأول

{وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ} تقول العرب: لا يقطع عنه وينزف سكرا قال الأبيرد الرّياحىّ من بنى محجل:
لعمرى لئن أنزفتم أو صحوتم ** لبئس النّدامى كنتم آل أبجرا

أبجر من بنى عجل.
{قاصِراتُ الطَّرْفِ} راضيات، اقتصر فلان على كذا.
{عِينٌ} العيناء واسعة العين.
{بَيْضٌ مَكْنُونٌ} أي مصون كل لؤلؤ أو بيض أو متاع صنته فهو مكنون وكل شيء أضمرته في نفسك فقد أكننته قال أبو دهبل:
وهى زهراء مثل لؤلؤة الغوّ ** اص ميزت من جوهر مكنون

{أَ إِنَّا لَمَدِينُونَ} أي مجزيّون، يقال: دنته أي جزيته بكذا وكذا.
{فِي سَواءِ الْجَحِيمِ} في وسط الجحيم، قال أبو عبيدة: سمعت عيسى ابن عمر يقول: كنت وأنا شاب أقعد بالليل فأكتب حتى ينقطع سوائى، أي وسطى.
{إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} أرديته أهلكته وردى هو أي هلك.
{أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا} النزل والنزل واحد وهو الفضل يقال: هذا طعام لا نزل ونزل أي ريع.
{ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ} تقول العرب: كل شيء خلطته بغيره فهو مشوب.
{أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ} وجدوا.
{يُهْرَعُونَ} يستحثون من خلفهم ويعطف أوائلهم.
{فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} [73- 74] نصبها للاستثناء، من {المنذرين}.
{فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ} أي أجال عليهم ضربا للآلهة.
{فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ} تقول العرب للنعامة: تزفّ وهو أول عدوها وآخر مشيها وجاءنى الرجل يزفّ زفيف النعامة أي من سرعته.
{فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} أي أدرك ما أن يسعى على أهله أدرك وأعانه.
{فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} أي صرعه وللوجه جبينان والجبهة بينهما قال ساعدة بنى جوءيّة الهذلي:
وطلّ تليلا للجبين

{وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} الذبح المذبوح والذّبح الفعل تقول العرب:
قد كان بين بنى فلان وبين بنى فلان ذبح عظيم قتلى كثيرة.
{وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ} حكاية أي تركناهم يقال لهم في الآخرين.
{سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ} أي يقال لهم هذا.
{أَ تَدْعُونَ بَعْلًا} أي ربا يقال: أنا بعل هذه الدابة أي ربّها، والبعل الزوج ويقال: لما استبعل واستغنى بماء السماء من النخل ولم يكن سقيا فهو بعل والبعل هو العذىّ أيضا ما لم يسق.
{فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} مجازها: لمهلكون.
{إِلَّا عِبادَ اللَّهِ} استثناء.
{سلام على آل ياسين} أي سلام على الياسين وأهله وأهل دينه جمعهم بغير إضافة الياء على العدد فقال سلام على الياسين قال الشاعر:
قدنى من نصر الخبيبين قدمى ** ليس أميرى بالشّحيح الملحد

فجعل عبد اللّه بن الزّبير أبا خبيب ومن كان على رأيه عددا ولم يضفهم بالياء فيقول الخبيبيّون قال أبو عبيدة يعنى بالخبيبين أبا خبيب ومصعبا أخاه وقال أبو عمرو بن العلاء: نادى مناد يوم الكلاب: هلك اليزيدون يعنى يزيد ابن عبد المدار ويزيد بن هو بر ويزيد بن مخرّم: الحارثيون ويقال جاءتك الحارثون والأشعرون وكذلك يقال في الاثنين وأسمائهما شتى قال قيس بن زهير:
جزانى الزّهدمان جزاء سوء ** وكنت المرء يجزى بالكرامه

وإنما هما زهدم وكردم العبسيّان أخوان. وقيل لعلى بن أبى طالب: نسلك فينا سنة العمرين، يعنون أبا بكر وعمر فإن قيل: كيف بدىء بعمر قبل أبى بكر وأبو بكر أفضل منه وهو قبله؟ فإن العرب تفعل هذا تقول: ربيعة ومضر وسليم يبدءون بالأخسّ وقيس وخندق، ولم يترك قليلا ولا كثيرا وزعم أن أهل المدينة يقولون: سلام على آل ياسين أي على أهل آل ياسين وقال أصحاب سعد ابن أبى وقاص وابن عمر وأهل الشام هم قومه ومن كان على دينه واحتجوا بالقرآن.
{أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ} [40- 46] فقال هم قومه ومن كان على دينه، وقالت الشيعة آل محمد أهل بيته واحتجّوا بأنك تصغر آل فتجعله أهيل.
{إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} فزع إلى الفلك.
{فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ}.
تقول العرب: أدحض اللّه حجته أي أبطلها والدّحض الماء والزّلق قال ذو الإصبع:
لبئس المرء في شيء من الإمرار والنقض ** غدوا ورواحا وهو في مزلقة دحض

{وَهُوَ مُلِيمٌ} (142) تقول العرب: ألام فلان في أمره وذلك إذا أتى أمرا يلام عليه قال لبيد بن ربيعة:
سفها عذلت ولمت غير مليم ** وهداك قبل اليوم غير حكيم

{فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ} تقول العرب: نبذته بالعراء أي الأرض الفضاء قال الخزاعىّ:
رفعت رجلا لا أخاف عثارها ** ونبذت بالبلد العراء ثيابى

البلد العراء الذي لا يواريه شيء من شجر ولا من غيره.
{شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ} كل شجرة لا تقوم على ساق فهى يقطين نحو الدبّا والحنظل والبطّيخ.
{إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} أو هاهنا ليس بشكّ وهى في موضع آخر {بل يزيدون} وفى القرآن {قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} [51- 52] ليس بشكّ وقد قالوهما جميعا فهى في موضع الواو التي للموالاة وقال جرير:
أثعلبة الفوارس أو رياحا ** عدلت بهم طهيّة والخشابا

والمعنى ثعلبة الفوارس ورياحا عدلت بهم طهيّة والخشابا وقال آخر:
إنّ بها أكتل أو رزاما ** خوير بين ينفقان إلهاما

ولو كان شكا أو اسما واحدا لما قال خوير بين ينقفان إنما هو أكتل ورزام. اهـ.