فصل: قال الماوردي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {والصافات صفًّا} فيها ثلاثة أوجه:
أحدها: أنهم الملائكة، قاله ابن مسعود وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة.
الثاني: أنهم عبّاد السماء، قاله الضحاك ورواه عن ابن عباس.
الثالث: أنهم جماعة المؤمنين إذا قاموا في صفوفهم للصلاة، حكاه النقاش لقوله تعالى: {صفًّا كأنهم بنيان مرصوص} [الصف: 4].
ويحتمل رابعًا: أنها صفوف المجاهدين في قتال المشركين.
واختلف من قال الصافات الملائكة في تسميتها بذلك على ثلاثة أقاويل:
أحدها: لأنها صفوف في السماء، قاله مسروق وقتادة.
الثاني: لأنها تصف أجنحتها في الهواء واقفة فيه حتى يأمرها الله تبارك وتعالى بما يريد، حكاه ابن عيسى.
الثالث: لصفوفهم عند ربهم في صلاتهم، قاله الحسن.
قوله عز وجل: {فالزاجرات زجرًا} فيه ثلاثة أقاول:
أحدها: الملائكة، قاله ابن مسعود ومسروق وقتادة وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد.
الثاني: آيات القرآن، قاله الربيع.
الثالث: الأمر والنهي الذي نهى الله تعالى به عباده عن المعاصي، حكاه النقاش.
ويحتمل رابعًا: أنها قتل المشركين وسبيهم.
واختلف من قال إن الزاجرات الملائكة في تسميتها بذلك على قولين:
أحدهما: لأنها تزجر السحاب، قاله السدي.
الثاني: لأنها تزجر عن المعاصي قاله ابن عيسى.
قوله عز وجل: {فالتاليات ذكرًا} أي فالقارئات كتابًا، وفيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: الملائكة تقرأ كتب الله تعالى، قاله ابن مسعود والحسن وسعيد بن جبير والسدي.
الثاني: ما يتلى في القرآن من أخبار الأمم السالفة، قاله قتادة.
الثالث: الأنبياء يتلون الذكر على قومهم، قاله ابن عيسى.
قوله عز وجل: {إنَّ إلهكم لواحد} كل هذا قَسَم أن الإِله واحد، وقيل إن القسم بالله تعالى على تقدير ورب الصافات ولكن أضمره تعظيمًا لذكره.
ثم وصف الإله الواحد فقال: {رب السموات والأرض وما بينهما} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: خالق السموات والأرض وما بينهما، قاله ابن إسحاق.
الثاني: مالك السموات والأرض وما بينهما.
الثالث: مدبر السموات والأرض وما بينهما.
{ورب المشارق} فيه وجهان:
الأول: قال قتادة: ثلاثمائة وستون مشرقًا، والمغارب مثل ذلك، تطلع الشمس كل يوم من مشرق، وتغرب في مغرب، قاله السدي.
الثاني: أنها مائة وثمانون مشرقًا تطلع كل يوم في مطلع حتى تنتهي إلى آخرها ثم تعود في تلك المطالع حتى تعود إلى أولها، حكاه يحيى بن سلام، ولا يذكر المغارب لأن المشارق تدل عليها، وخص المشارق بالذكر لأن الشروق قبل الغروب.
قوله عز وجل: {إنا زينا السماء الدنيا بزينةٍ الكواكب} يحتمل تخصيص سماء الدنيا بالذكر وجهين:
أحدهما: لاختصاصها بالدنيا.
الثاني: لاختصاصها بالمشاهدة، وقوله بزينة الكواكب لأن من الكواكب ما خلق للزينة، ومنها ما خلق لغير الزينة.
حكى عقبة بن زياد عن قتادة قال: خلقت النجوم لثلاث: رجومًا للشياطين ونورًا يهتدى به، وزينة لسماء الدنيا.
{وحفظًا مِن كُلِّ شيطان مارِدٍ} فيه وجهان:
أحدهما: يعني من الكواكب حفظًا من كل شيطان، قاله السدي.
الثاني: أن الله سبحانه حفظ السماء من كل شيطان مارد، قاله قتادة.
وفي المارد ثلاثة أوجه:
أحدها: الممتنع، قاله ابن بحر.
الثاني: العاتي مأخوذ من التمرد وهو العتو.
الثالث: أنه المتجرد من الخير، من قولهم شجرة مرداء، إذا تجردت من الورق.
قوله عز وجل: {لا يسمعون إلى الملإِ الأعلى} فيه قولان:
أحدهما: أنهم منعوا بها أن يسمعوا أو يتسمعوا، قاله قتادة.
الثاني: أنهم يتسمعون ولا يسمعون، قاله ابن عباس.
وفي الملإ الأعلى قولان:
أحدهما: السماء الدنيا، قاله قتادة.
الثاني: الملائكة، قاله السدي.
{ويُقذفون من كل جانب} قال مجاهد: يرمون من كل مكان من جوانبهم، وقيل من جوانب السماء.
{دُحورًا} فيه تأويلان:
أحدهما: قذفًا في النار، قاله قتادة.
الثاني: طردًا بالشهب، وهو معنى قول مجاهد.
قال ابن عيسى: والدحور: الدفع بعنف.
{ولهم عذابٌ واصبٌ} فيه وجهان:
أحدهما: دائم.
الثاني: أنه الذي يصل وجعه إلى القلوب، مأخوذ من الوصب.
قوله عز وجل: {إلا من خَطِفَ الخطفَة} فيه تأويلان:
أحدهما: إلا من استرق السمع، قاله سعيد بن جبير، مأخوذ من الاختطاف وهو الاستلاب بسرعة، ومنه سمي الخطاف.
الثاني: من وثب الوثبة، قاله علي بن عيسى.
{فأتبعه شهابٌ ثاقب} فيه وجهان:
أحدهما: أنه الشعلة من النار.
الثاني: أنه النجم.
وفي الثاقب ستة أوجه:
أحدها: أنه الذي يثقب، قاله زيد الرقاشي.
الثاني: أنه المضيء، قاله الضحاك.
الثالث: أنه الماضي، حكاه ابن عيسى.
الرابع: أنه العالي، قاله الفراء.
الخامس: أنه المحرق، قاله السدي.
السادس: أنه المستوقد، من قولهم: اثقب زندك أي استوقد نارك، قاله زيد بن أسلم والأخفش، وأنشد قول الشاعر:
بينما المرء شهابٌ ثاقب ** ضَرَبَ الدَّهر سناه فخمد

و{إلا} ها هنا بمعنى لكن عند سيبويه. وقيل: إن الشهاب يحرقهم ليندفعوا عن استراق السمع ولا يموتون منه.
قوله عز وجل: {فاستفتهم أهم أشد خلقًا} فيه وجهان:
أحدهما: فسلهم قال قتادة، مأخوذ من استفتاء المفتي.
الثاني: فحاجِّهم أيهم أشد خلقًا، قاله الحسن.
{أم مَنْ خلقنا} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: من السموات والأرض والجبال، قاله مجاهد.
الثاني: من الملائكة، قاله سعيد بن جبير.
الثالث: من الأمم الماضية فقد هلكوا وهم أشد خلقًا منهم، حكاه ابن عيسى.
{إنَّاخلقناهم مِن طينٍ لازبٍ} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: لاصق، قاله ابن عباس منه قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
تعلم فإن الله زادك بسطة ** وأخلاق خير كلها لك لازب

الثاني: لزج، قاله عكرمة.
الثالث: لازق، قاله قتادة.
والفرق بين اللاصق واللازق أن اللاصق هو الذي قد لصق بعضه ببعض، واللازق هو الذي يلزق بما أصابه.
الرابع: لازم، والعرب تقول طين لازب ولازم، وقال النابغة:
ولا تحسبون الخير لا شر بعده ** ولا تحسبون الشر ضربة لازب

نزلت هذه الآية في ركانة بن زيد بن هاشم بن عبد مناف وأبي الأشد ابن أسيد بن كلاب الجمحي.
قوله عز وجل: {بل عجبت ويسخرون} وفي {عجبت} قراءتان:
إحداهما: بضم التاء، قرأ بها حمزة والكسائي، وهي قراءة ابن مسعود، ويكون التعجب مضافًا إلى الله تعالى، وإن كان لا يتعجَّبُ من شيء لأن التعجب من حدوث العلم بما لم يعلم، واللَّه تعالى عالم بالأشياء قبل كونها.
وفي تأويل ذلك على هذه القراءة وجهان:
أحدهما: يعني بل أنكرت حكاه النقاش.
الثاني: هو قول علي بن عيسى أنهم قد حلّوا محل من يتعجب منه.
والقراءة الثانية: بفتح التاء قرأ بها الباقون، وأضاف التعجب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه قال: بل عجبت يا محمد، قاله قتادة.
وفيما عجبت منه قولان:
أحدهما: من القرآن حين أعطيه، قاله قتادة.
الثاني: من الحق الذي جاءهم به فلم يقبلوه، وهو معنى قول ابن زياد. وفي قوله: {وتسخرون} وجهان:
أحدهما: من الرسول إذا دعاهم.
الثاني: من القرآن إذا تلي عليهم.
قوله عز وجل: {وإذا ذكِّروا لا يذكرون} فيه وجهان:
أحدهما: وإذا ذكروا بما نزل من القرآن لا ينتفعون، وهو معنى قول قتادة.
والثاني: وإذا ذكروا بمن هلك من الأمم لا يبصرون، وهو معنى ما رواه سعيد.
قوله عز وجل: {وإذا رأوا آيةً يَسْتَسْخِرُونَ} وفي هذه الآية قولان: أحدهما: أنه انشقاق القمر، قاله الضحاك.
الثاني: ما شاهدوه من هلاك المكذبين، وهو محتمل.
وفي قوله: {يستسخِرون} وجهان:
أحدهما: يستهزئون، قاله مجاهد.
الثاني: هو أن يستدعي بعضهم من بعض السخرية بها لأن الفرق بين سخر واستسخر كالفرق بين علم واستعلم.