فصل: قال ابن جزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن جزي:

{والصافات صَفَّا}.
تقديره والجماعات الصافات ثم اختلف فيها فقيل: هي الملائكة التي تصف في السماء صفوفًا لعبادة الله، وقيل: هو من يصف من بني آدم في الصلوات والجهاد، والأول أرجح لقوله حكاية عن الملائكة [الآية: 165] {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصآفون} {فالزاجرات زَجْرًا} هي الملاكئة تزجر السحاب وغيرها، وقيل: الزاجرون بالمواعظ من بني آدم، وقيل: هي آيات القرآن المتضمنة للزجر عن المعاصي {فالتاليات ذِكْرًا} هي الملائكة تتلو القرآن والذكر، وقيل: هم التالون للقرآن والذكر من بني آدم، وهي كلها أشياء أقسم الله بها على أنه واحد.
{وَرَبُّ المشارق} يعني مشارق الشمس، وهي ثلاثمائة وستون مشرقًا، وكذلك المغارب فإنها تشرق كل يوم من أيام السنة في مشرق منها وتغرب في مغرب، واستغنى بذكر المشارق عن ذكر المغارب لأنها معادلة لها، فتفهم من ذكرها.
{بِزِينَةٍ الكواكب} وقرأ نافع وغيره بإضافة الزينة إلى الكواكب، والزينة تكون مصدرًا واسمًا لما يزان به، فإن كان مصدرًا فهو مضاف إلى الفاعل تقديره: بأن زينة الكواكب أسمًا أو مضاف إلى المفعول تقديره: بأن زينًا الكواكب، وإن كانت اسمًا فالإضافة بيان للزينة، وقرأ حفص وحمزة بتنوين زينة وخفض الكواكب على البدل، ونصب الكواكب على أنها مفعول بزينة أو بدل من موضع زينة.
{وَحِفْظًا} منصوب على المصدر تقديره: وحفظناها حفظًا، أو مفعول من أجله، والواو زائدة أو محمول على المعنى، لأن المعنى إنا جعلنا الكواكب زينة للسماء وحفظًا {مَّارِدٍ} أي شديد الشر.
{لاَّ يَسَّمَّعُونَ إلى الملإ الأعلى} الضمير في {يسمعون} للشياطين، والملأ الأعلى هم الملائكة الذين يسكنون في السماء، والمعنى أن الشياطين منعت من سماع أحاديث الملائكة. وقرأ حفص وعاصم وحمزة {يسمعون} بتشديد السين والميم ووزنة يتفعلون والسمع طلب السماع، فنفى السماع على القراءة الأولى، ونفى طلبه على القراءة بالتشديد، والأول أرجح لقوله: {إِنَّهُمْ عَنِ السمع لَمَعْزُولُونَ} [الشعراء: 212] ولأن ظاهر الأحاديث أنهم يستمعون، لكنه لا يسمعون شيئًا، منذ بعث محمد صلى الله عليه وسلم لأنهم يرجمون بالكواكب {وَيُقْذَفُونَ} أي يرجمون يعني بالكواكب وهي التي يراها الناس تقتضّ، قال النقاش ومكي: ليست الكواكب الراجمة للشياطين بالكواكب الجارية في السماء؛ لأن تلك لا ترى حركتها وهذه الراجمة ترى حركتها لقربها منا. قال ابن عطية: وفي هذا نظر {دُحُورًا} أي طردًا وإبعادًا وإهانة؛ لأن الدحر الدفع بعنف. وإعرابه مفعول من أجله أو مصدر من يقذفون على المعنى أو مصدر في موضع الحال تقديره: مدحورين {عَذابٌ وَاصِبٌ} أي دائم، لأنهم يرجمون بالنجوم في الدنيا، ثم يقذفون في جهنم، {إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الخطفة} {مَنْ} في وضع رفع بدل من الضمير في قوله: {لاَّ يَسَّمَّعُونَ} والمعنى لا تسمع الشياطين أخبار السماء إلا الشيطان الذي خطف الخطفة {شِهَابٌ ثَاقِبٌ} أي شديد الإضاءة.
{فاستفتهم أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَآ} الضمير لكفار قريش، والاستفتاء نوع من السؤال، وكأنه سؤال من يعتبر قوله ويجعل حجة؛ لأن جوابهم عن السؤال مما تقوم به الحجة عليهم و{مَّنْ خَلَقْنَآ} يراد به ما تقدم ذكره من الملائكة والسموات والأرض والمشارق والكواكب، وقيل: يراد به ما تقدم من الأمم والأول أرجح؛ لقراءة ابن مسعود أم من عددنا ومقصد الآية: إقامة الحجة عليهم في إنكارهم البعث في الآخرة كأنه يقول: هذه المخلوقات أشد خلقًا منكم، فكما قدرنا على خلقهم كذلك نقدر على إعادتكم بعد فنائكم {إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ} اللازب اللازم أي يلزم ما جاوره ويلصق به، ووصفه بذلك يراد به ضعف خلقة بني آدم.
{بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} أي عجب يا محمد من ضلالهم وإعراضهم عن الحق، أو عجبت من قدرة الله على هذه المخلوقات العظام المذكورة، وقرأ حمزة والكسائي {عجبتُ} بضم التاء وأشكال ذلك على من يقول: إن التعجيب مستحيل على الله فتأولوه بمعنى: أنه جعله على حال يتعجب منها الناس وقيل: تقديره قل يا محمد عجبت وقد جاء التعجب من الله في القرآن والحديث كقوله صلى الله عليه وسلم: «يعجب ربك من شاب ليس له صبوة» وهي صفة فعل وإنما جعلوه مستحيلًا على الله، لأنهم قالوا إن التعجب استعظام خفي سببه، والصواب أنه لا يلزم أن يكون خفّي السبب بل هو لمجرد الاستعظام؛ فعلى هذا لا يستحيل على الله {وَيَسْخَرُونَ} تقديره وهم يسخرون منكم أو من العبث.
{وَإِذَا رَأَوْاْ آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ} الآية هنا العلامة كانشاق القمر ونحوه، وروي أنها نزلت في مشرك اسمه ركانة، أراه النبي صلى الله عليه وسلم آيات فلم يؤمن و{يَسْتَسْخِرُونَ} معناه: يسخرون فيكون فعل واستعمل بمعنى واحد وقيل: معناه يستدعي بعضهم بعضًا لأن يسخر، وقيل يبالغون في السخرية.
{أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا} الآية: معناها استبعادهم البعث وقد تقدم الكلام على الاستفهامين في الرعد {أَوَ آبَآؤُنَا} بفتح الواو دخلت همزة الإنكار على واو العطف، وقرئ بالإسكان عطفًا بأو.
{قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ} أي قل: تبعثون. والداخر الصاغر الذليل.
{زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ} هي النفخة في الصور للقيام من القبور {فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ} يحتمل أن يكون من النظر بالأبصار، أو من الانتظار أي: ينتظرون ما يفعل بهم.
{هذا يَوْمُ الدين} يحتمل أن يكون من كلامهم مثل الذي قبله، أو مما يقال لهم مثل الذي بعده.
{احشروا} الآية: خطاب للملائكة خاطبهم به الله تعالى أو خاطب به بعضهم بعضًا {وَأَزْوَاجَهُمْ} يعني نساءهم المشركات وقيل يعني أصنامهم وقرناءهم من الجن والإنس {وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ} يعني الأصنام والآدميين الذي كانوا يرضون بذلك.
{فاهدوهم إلى صِرَاطِ الجحيم} أي دلوهم على طريق جهنم ليدخلوها.
{إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ} يعني إنهم يسألون عن أعمالهم، توبيخًا لهم وقيل: يسألون عن قول: لا إله إلا الله والأول أرجح، لأنه أهم ويحتمل أن يسألوا عن عدم تناصرهم، على وجه التهكم بهم، فيكون {مَّسْئُولُونَ} عاملًا فيما بعده والتقدير؛ يقال لهم: ما لكم لا ينصر بعضكم بعضًا وقد كنتم في الدنيا تقولون: {نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ} [القمر: 44] {مُسْتَسْلِمُونَ} أي منقادون عاجزون عن الانتصار.
{قالوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ اليمين} الضمير في {قالوا} للضعفاء من الكفار خاطبوا الكبراء منهم في جهنم، أو للإنس خاطبوا الجنّ، واليمين هنا يحتمل ثلاث معان: الأول أن يراد بها طريق الخير والصواب وجاءت العبارة عن ذلك بلفظ اليمين كما أن العبارة عن الشر بالشمال، والمعنى أنهم قالوا لهم: إنكم كنتم تأتوننا عن طريق الخير فتصدوننا عنه والثاني أن يراد به القوة، والمعنى على هذا أنكم كنتم تأتوننا بقوتكم وسلطانكم فتأمروننا بالكفر وتمنعوننا من الإيمان والثالث أن يراد بها اليمين التي يحلف بها أي كنتم تأتوننا بأن تحلفوا لنا أنكم على الحق فنصدقكم في ذلك ونتبعكم.
{قَالُواْ بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} الضمير في قالوا للكبراء من الكفار، أو للشياطين والمعنى أنهم قالوا لأتباعهم: ليس الأمر كما ذكرتم، بل كفرتم باختياركم.
{فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَآ إِنَّا لَذَآئِقُونَ} أي وجب العذاب علينا وعليكم، و{إِنَّا لَذَآئِقُونَ} معمول القول وحذف معمول ذائقون تقديره، وجب القول بأنا ذائقو العذاب.
{فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ} أي دعوناكم إلى الغي، لأنا كنّا على غي.
{فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي العذاب مُشْتَرِكُونَ} أي إن المتبوعين والأتباع مشتركون في عذاب النار.
{وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لتاركوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ} الضمير في يقولون لكفار قريش، ويعنون بشاعر مجنون: محمد صلى الله عليه وسلم، فردّ الله عليهم بقوله: {بَلْ جَاءَ بالحق} أي جاء بالتوحيد والإسلام، وهو لحق {وَصَدَّقَ المرسلين} الذين جاؤوا قبله: لأنه جاء بمثل ما جاؤوا به، ويحتمل أن يكون صدقهم لأنهم أخبروا بنبوّته فظهر صدقه لما بعث عليه الصلاة ولسلام.
{إِلاَّ عِبَادَ الله المخلصين} استثناء منقطع بمعنى لكن، وقرئ {مخلصين} بفتح اللام وكسرها في كل موضع، وقد تقدّم تفسيره.
{على سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} السرر جمع سرير، وتقابلهم في بعض الأحيان للسرور بالأنس، وفي بعض الأحيان ينفرد كل واحد بقصره.
{يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ} الذين يطوفون عليهم الولدان، حسبما ورد في الآية الآخرى، والكأس الإناء الذي فيه خمر قاله ابن عباس: وقيل: الكأس إناء واسع الفم، ليس له مقبض، سواء كان فيه خمر أم لا، والمعين: الجاري الكثير، لأنه فعيل، والميم فيه أصلية، وقيل: هو مشتق من العين والميم زائدة، ووزنه مفعول.
{لَذَّةٍ} أي ذات لذة، فوصفها بالمصدر اتساعًا.
{لاَ فِيهَا غَوْلٌ} الغول: اسم عام في الأذى والضير، ومنه يقال: غاله يغوله؛ إذا أهلكه، وقيل: الغول وجع في البطن، وقيل: صداع في الرأس، وإنما قدم المجرور هنا تعريضًا بخمر الدنيا لأن الغول فيها {وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ} أي لا يسكرون من خمر الجنة، ومنه النزيف، وهو السكران، وعن هنا سببية، كقولك فعلته عن أمرك، أي لا ينزفون بسبب شربها.
{قَاصِرَاتُ الطرف} معناه أنهن قصرن أعينهن على النظر إلى أزواجهن، فلا ينظرن إلى غيرهن {عِينٌ} جمع عيناء، وهي الكبيرة العينين في جمال {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ} قيل شبههن في اللون ببيض النعام، فإنه بياض خالطه صفرة حسنة، وكذلك قال امرؤ القيس:
كبكر مقناة البياض بصفرة

وقيل: إنما التشبيه بلون قشر البيضة الداخلي الرقيق، وهو المكنون المصون تحت القشرة الأولى، وقيل: أراد الجوهر المصون.
{فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} هذا إخبار عن تحدّث أهل الجنة. قال الزمخشري: هذه الجملة معطوفة على {يُطَافُ عَلَيْهِمْ} والمعنى: أنهم يشربون فيتحدّثون على الشراب، بما جرى لهم في الدنيا.
{إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ} قيل: إن هذا القائل وقرينه من البشر، مؤمن وكافر، وقيل: إن قرينه كان من الجن.
{يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ المصدقين} معناه أنه كان يقول له على وجه الإنكار: أتصدق بالدنيا والآخرة؟
{لَمَدِينُونَ} أي مجازون ومحاسبون على الأعمال، ووزنه مفعول، وهو من الدين، بمعنى الجمزاء والحساب.
{قَالَ هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ} أي قال ذلك القائل لرفقائه في الجنة، أو الملائكة أو لخدامه: هل أنتم مطلعون على النار لأريكم ذلك العزيز فيها؟ ورُوي أن في الجنة كوى ينظرون أهلها منها إلى النار.
{فِي سَوَاءِ الجحيم} أي في وسطها.
{قَالَ تالله إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ} أي تهلكني بإغوائك، والردى الهلاك، وهذا خطاب خاطب به المؤمن قرينه الذي في النار.
{المحضرين} في العذاب.
{أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ} هذا من كلام المؤمن، خطاب لقرينه، أو خطابًا لرفقائه في الجنة ولهذا قال نحن فأخبر عن نفسه وعنهم، ويحتمل أن يكون من كلامه وكلامهم جميعًا.
{إِنَّ هذا لَهُوَ الفوز العظيم} يحتمل أن يكون من كلام المؤمن، أو من كلامه وكلام رفقائه في الجنة أو من كلام الله تعالى، وكذلك يحتمل هذه الوجود في قوله: {لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون} والأول أرجح فيه أن يكون من كلام الله تعالى، لأن الذي بعده من كلام الله فيكون متصلًا به، ولأن الأمر بالعمل إنما هو حقيقة في الدنيا ففيه تحضيض على العمل الصالح.
{أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزقوم} الإشارة بذلك إلى نعيم الجنة، وكل ما ذكر من وصفها، وقال الزمخشري: الإشارة إلى قوله: {لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ} والنزل الضيافة، وقيل: الرزق الكثير وجاء التفضيل هنا بين شيئين، ليس بينهما اشتراك، لان الكلام تقرير وتوبيخ.
{إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ} قيل: سببها أن أبا جهل وغيره لما سمعوا ذكر شجرة الزقوم، قالوا: كيف يكون في النار شجرة، والنار تحرق الشجر، فالفتنة على هذا الابتلاء في الدنيا وقيل: معناه، عذاب الظالمين في الآخرة والمراد بالظالمين هنا الكفار.
{إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم} أي تنبت في قعر جهنم وترتفع أغصانها إلى دركاتها.
{طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشياطين} الطلع ثمر النخل فاستعير لشجرة الزقوم، وشبه برؤوس الشياطين مبالغة في قبحه وكراهته، لأنه قد تقرر في نفوس الناس كراهتها وإن لم يروها، ولذلك يقال للقبيح المنظر: وجه شيطان وقيل: رؤوس الشياطين شجرة معروفة باليمن، وقيل: هو صنف من الحيات.
{لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ} أي مزاجًا من ماء حار، فإن قيل: لم عطف هذه الجملة بثم، فالجواب من وجهين: أحدهما أنه لترتيب تلك الأحوال في الزمان، فالمعنى أنهم يملؤون البطون من شجرة الزقوم، وبعد ذلك يشربون الحميم والثاني أنه لترتيب مضاعفة العذاب، فالمعنى أن شربهم للحميم أشدّ مما ذكر قبله.
{يُهْرَعُونَ} الإهراع الإسراع الشديد.
{وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ} أي دعانا فالمعنى دعاؤه بإلاهلاك قومه ونصرته عليهم {مِنَ الكرب العظيم} يعني الغرق {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الباقين} أهل الأرض كلهم من ذرية نوح، لأنه لما غرق الناس في الطوفان ونجا نوح ومن كان معه في السفينة، تناسل الناس من أولاده الثلاثة، سام وحام ويافث {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين} معناه أبقينا عليها ثناء جميلًا في الناس إلى يوم القيامة {سَلاَمٌ على نُوحٍ فِي العالمين} هذا التسليم من الله على نوح عليه السلام، وقيل: إن هذه الجملة مفعول تركنا، وهي محكية أي تركنا هذه الكلمة، تقال له يعني أن الخلق يسلمون عليه فيبتدأ بالسلام على القول الأول، لا على الثاني والأول أظهر، ومعنى {فِي العالمين} على القول الأول تخصيصه بالسلام عليه بين العالمين، كما تقول: أحب فلانًا في الناس: أي أحبه خصوصًا من بين الناس ومعناه على القول الثاني: أن السلام عليه ثابت في العالمين، وهذا الخلاف يجري حيث ما ذكر ذلك في هذه السورة. اهـ.