فصل: قال القاسمي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقوله تعالى: {يتساءلون} حال من فاعل أقبل وتساؤلهم عن المعارف والفضائل وما جرى لهم وعليهم في الدنيا.
ولما ذكر تعالى أن أهل الجنة يتساءلون عند اجتماعهم على الشراب ويتحدثون كان من جملة كلماتهم أنهم يتذكرون ما كان حصل لهم في الدنيا مما يوجب الوقوع في عذاب الله تعالى ثم إنهم تخلصوا منه وهو ما حكاه الله تعالى عنهم بقوله: {قال قائل منهم} أي: من أهل الجنة في الجنة في مكالمتهم {إني كان لي قرين} أي: في الدنيا ينكر البعث.
{يقول أءِنك لمن المصدقين} أي: كان يوبخني على التصديق بالبعث ويقول تعجبًا.
{أءذا متنا وكنا ترابًا وعظامًا أءنا لمدينون} أي: مجزيون ومحاسبون من الدين بمعنى الجزاء وهذا استفهام إنكار.
تنبيه:
اختلف في ذلك القرين فقال مجاهد: كان شيطانًا، وقيل: كان من الإنس، وقال مقاتل: كانا أخوين، وقيل: كانا شريكين حصل لهما ثمانية آلاف دينار فتقاسماها واشترى أحدهما دارًا بألف دينار فأراها صاحبه، وقال: كيف ترى حسنها؟ فقال: ما أحسنها ثم خرج فتصدق بألف دينار وقال: اللهم إن صاحبي قد ابتاع هذه الدار بألف دينار وإني أسألك دارًا من دور الجنة، ثم إن صاحبه تزوج امرأة حسناء بألف دينار، فتصدق صاحبه بألف دينار لأجل أن يزوجه الله تعالى من الحور العين، ثم إن صاحبه اشترى بساتين بألفي دينار، فتصدق هذا بألفي دينار ثم إن الله تعالى أعطاه ما طلبه في الجنة، وقيل: كان أحدهما كافرًا اسمه ينطواوس والآخر مؤمن اسمه يهودا وهما اللذان قص الله تعالى خبرهما في سورة الكهف في قوله تعالى: {واضرب لهم مثلًا رجلين}.
{قال} أي: ذلك القائل لإخوته {هل أنتم مطلعون} أي: معي إلى النار لننظر حاله فيقولون: لا.
{فاطلع} ذلك القائل من بعض كوى الجنة قال ابن عباس رضي الله عنهما: أن في الجنة كوى ينظر أهلها منها إلى النار {فرآه} أي: رأى قرينه {في سواء الجحيم} أي: وسط النار وإنما يسمى وسط الشيء سواء لاستواء الجوانب منه.
{قال} له توبيخًا مقسمًا بقوله: {تالله إن كدت} أي: قاربت وإن مخففة من الثقيلة {لتردين} أي: لتهلكني بإغوائك إياي بإنكار البعث والقيامة.
{ولولا نعمة ربي} أي: إنعامه علي بالإيمان والهداية والعصمة {لكنت من المحضرين} معك في النار.
تنبيه:
أثبت الياء بعد النون في {لتردين} ورش، والباقون بالتخفيف.
ولما تم الكلام مع قرينه الذي هو في النار عاد إلى مخاطبة جلسائه من أهل الجنة وقال: {أفما نحن بميتين} وهذا عطف على محذوف أي: أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين أي: ممن شأنه الموت، وقال بعضهم: إن أهل الجنة لا يعلمون في أول دخولهم الجنة أنهم لا يموتون فإذا جيء بالموت على صورة كبش أملح وذبح يقول أهل الجنة للملائكة: أفما نحن بميتين؟ فتقول الملائكة: لا فعند ذلك يعلمون أنهم لا يموتون، وعلى هذا فالكلام حصل قبل ذبح الموت، وقيل: إن الذي تكاملت سعادته إذا عظم تعجبه بها يقول ذلك على جهة التحديث بالنعمة التي أنعم الله تعالى بها عليه، وقيل: يقوله المؤمن لقرينه توبيخًا له بما كان ينكره، وقوله: {إلا موتتنا الأولى} منصوب على المصدر والعامل فيه الوصف قبله ويكون استثناء مفرغًا، وقيل: هو استثناء منقطع أي: لكن الموتة الأولى كانت لنا في الدنيا وهي متناوله لما في القبر بعد الإحياء للسؤال وهذا قريب في المعنى من قوله تعالى: {لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى}.
{وما نحن بمعذبين} هو استفهام تلذذ وتحدث بنعمة الله تعالى من تأبيد الحياة وعدم التعذيب.
{إن هذا} أي: الذي ذكر لأهل الجنة {لهو الفوز العظيم} هو قول أهل الجنة عند فراغهم من هذه المحادثات وقوله تعالى: {لمثل هذا فليعمل العاملون} قيل: إنه من بقية كلامهم، وقيل: إنه ابتداء كلام من الله تعالى أي: لنيل مثل هذا يجب أن يعمل العاملون لا للحظوظ الدنيوية المشوبة بالآلام السريعة الإنصرام.
ولما ذكر تعالى ثواب أهل الجنة ووصفها وذكر مآكل أهل الجنة ومشاربهم وقال: {لمثل هذا فليعمل العاملون} أتبعه بقوله تعالى: {أذلك} أي: المذكور لأهل الجنة {خير نزلًا} وهو ما يعد للنازل من ضيف أو غيره {أم شجرة الزقوم} أي: المعدة لأهل النار نزلًا، وانتصاب نزلًا على التمييز أو الحال وفي ذكره دلالة على أن ما ذكر من النعيم لأهل الجنة بمنزلة ما يقدم للنازل ولهم ما وراء ذلك مما تقصر عنه الأفهام، وكذا الزقوم لأهل النار وهي: اسم شجرة صغيرة الورق زفرة مرة تكون بتهامة ثم سميت به: الشجرة الموصوفة، وإذا عرف هذا فالحاصل من الرزق المعلوم لأهل الجنة اللذة والسرور وحاصل شجرة الزقوم الألم والغم، ومعلوم أنه لا نسبة لأحدهما إلى الآخر في الخيرية إلا أنه جاء هذا الكلام على سبيل السخرية بهم أو لأجل أن المؤمنين لما اختاروا ما أوصلهم إلى الرزق الكريم والكافرون اختاروا ما أوصلهم إلى العذاب الأليم قيل لهم ذلك توبيخًا لهم على اختيارهم.
{إنا} أي: بما لنا من العظمة والقدرة البالغة {جعلناها فتنة} أي: محنة وعذابًا {للظالمين} أي: الكافرين قال الكلبي: في الآخرة وابتلاء في الدنيا لما سمعوا بأنها في النار قالوا: كيف ذلك والنار تحرق الشجر ولم يعلموا أن من قدر على خلق يعيش في النار ويتلذذ بها فهو أقدر على خلقه الشجر في النار وحفظه من الإحراق.
ولما نزلت هذه الآية قال ابن الزبعرى: أكثر الله في بيوتكم الزقوم فإن أهل اليمن يسمون التمر والزبد الزقوم، ثم أدخلهم أبو جهل بيته وقال لجاريته: زقمينا فأتته بزبد وتمر وقال: تزقموا فهذا ما يوعدكم به محمد، وهذا عناد منه وكذب فإنه من العرب العرباء وهم إنما يطلقونه على شجرة مسمومة يخرج لها لبن متى مس جسم أحد تورم فمات، والتزقم البلع الشديد للأشياء الكريهة وأما الزبد بالرطب فيسمى: ألوقة قاله ابن الكلبي وأنشد:
وإني لمن سالمتهم لألوقة ** وإني لمن عاديتهم سم أسود

ثم إن الله تعالى وصف هذه الشجرة بصفتين: الأولى: قوله تعالى: {إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم} قال الحسن: أصلها في قعر جهنم وأغصانها ترتفع إلى دركاتها.
الصفة الثانية قوله تعالى: {طلعها} أي: ثمرها قال الزمخشري: الطلع للنخلة فاستعير لما طلع من شجرة الزقوم من حملها إما استعارة لفظية أو معنوية قال ابن قتيبة: سمي طلعًا لطلوعه كل سنة فكذلك قيل: طلع النخل لأول ما يخرج من ثمره ثم وصف ذلك الطلع بقوله تعالى: {كأنه رؤوس الشياطين} وفيه وجهان: أحدهما: أنه حقيقة وأن رؤوس الشياطين شجرة معينة بناحية اليمن وتسمى: الأستن قال النابغة:
تحيد عن أستن سود أسافله ** مثل الإماء الغوادي تحمل الحزما

وهو شجر منكر الصورة مر، تسميه العرب بذلك تشبيهًا برؤوس الشياطين في القبح ثم صار أصلًا يشبه به، وقيل: الشياطين صنف من الحيات لهن أعراف قال الراجز:
عنجرد تحلف حين أحلف ** كمثل شيطان الحماط أعرف

وقيل: شجرة يقال لها: الصوم ومنه قول ساعدة بن حربة:
موكل بسروف الصوم يرقبها ** من المعارف محفوظ الحشا ورم

فعلى هذا خوطب العرب بما تعرفه وهذه الشجرة موجودة فالكلام حقيقة.
والثاني: أنه من باب النخيل والتمثيل، وذلك أن كل ما يستنكر ويستقبح في الطباع والصورة يشبه بما يتخيله الوهم وإن لم يكن يراه، والشياطين وإن كانوا موجودين غير مرئيين للعرب إلا أنه خاطبهم بما ألفوه من الاستعارات التخيلية وذلك كقول امرئ القيس:
أيقتلني والمشرفي مضاجعي ** ومسنونة زرق كأنياب أغوال

ولم ير أنيابها بل ليست موجودة البتة قال الرازي: وهذا هو الصحيح وذلك أن الناس لما اعتقدوا في الملائكة عليهم السلام كمال الفضل في الصورة والسيرة فكما حسن تشبيه يوسف عليه السلام بالملك عند إرادة الكمال والفضيلة في قول النسوة {إن هذا إلا ملك كريم}.
فكذلك حسن التشبيه برؤوس الشياطين في القبح وتشويه الخلقة، ويؤكد هذا أن العقلاء إذا رأوا شيئًا شديد الاضطراب منكر الصورة قبيح الخلقة قالوا: إنه شيطان وإذا رأوا شيئًا حسنًا قالوا: إنه ملك من الملائكة، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: هم الشياطين بأعيانهم.
{فإنهم} أي: الكفار {لآكلون منها} أي: من الشجرة أو من طلعها {فمالئون منها البطون} والملء حشو الوعاء بما لا يحتمل الزيادة عليه، فإن قيل: كيف يأكلونها مع نهاية خشونتها ونتنها ومرارة طعمها؟
أجيب: بأن المضطر ربما استروح من الضرر بما يقاربه في الضرر فإذا جوعهم الله تعالى الجوع الشديد فزعوا إلى إزالة ذلك الجوع بتناول هذا الشيء، أو يقال: إن الزبانية يكرهونهم على الأكل من تلك الشجرة لعذابهم.
ولما ذكر الله تعالى طعامهم بتلك الشناعة والكراهية وصف شرابهم بما هو أشنع منه بقوله تعالى: {ثم إن لهم عليها} أي: بعد ما شبعوا منها وغلبهم العطش {لشوبًا من حميم} أي: ماء حار يشربونه فيختلط بالمأكول منها فيصير شوبًا، وعطف بثم لأحد معنيين: إما لأنه يؤخر ما يظنونه يرويهم من عطشهم زيادة في عذابهم فلذلك أتى بثم المقتضية للتراخي، وإما لأن العادة تقتضي تراخي الشرب عن الأكل فعمل على ذلك المنوال، وأما ملء البطن فيعقب الأكل فلذلك عطف على ما قبله بالفاء قال الزجاج: الشراب اسم عام في كل ما خلط بغيره والشوب الخلط والمزج ومنه شاب اللبن يشوبه أي: خلطه ومزجه.
{ثم إن مرجعهم} أي: مصيرهم {لإلى الجحيم} قال مقاتل: أي: بعد أكل الزقوم وشرب الحميم وهذا يدل على أنهم عند شرب الحميم لم يكونوا في الجحيم وذلك بأن يكون الحميم في موضع خارج عن الجحيم فهم يردون الحميم لأجل الشرب كما ترد الإبل الماء ويدل عليه قوله تعالى: {يطوفون بينها وبين حميم آن}.
وقوله تعالى: {إنهم ألفوا} أي: وجدوا {آباءهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون} تعليل لاستحقاقهم تلك الشدائد قال الفراء: الإهراع الإسراع يقال: هرع وأهرع إذا استحث والمعنى: أنهم يتبعون آباءهم في سرعة كأنهم يزعجون إلى اتباع آبائهم، وفيه إشعار بأنهم بادروا إلى ذلك من غير توقف على نظر وبحث، ثم إنه تعالى ذكر لرسوله صلى الله عليه وسلم ما يسليه في كفرهم وتكذيبهم يقوله سبحانه: {ولقد ضل قبلهم} أي: قبل قومك {أكثر الأولين} أي: من الأمم الماضية.
{ولقد أرسلنا فيهم منذرين} أي: أنبياء أنذروهم من العواقب فبين تعالى أن إرساله الرسل قد تقدم والتكذيب لهم قد سلف فوجب أن يكون له صلى الله عليه وسلم أسوة بهم حتى يصبر كما صبروا ويستمر على الدعاء إلى الله تعالى وإن تمردوا فليس عليه إلا البلاغ، وقرأ قالون وابن كثير وعاصم بإظهار الدال، والباقون بالإدغام ثم قال تعالى: {فانظر كيف كان عاقبة المنذرين} أي: الكافرين كان عاقبتهم العذاب وهذا خطاب وإن كان ظاهره مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن المقصود منه خطاب الكفار؛ لأنهم سمعوا بالأخبار ما جرى على قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم من أنواع العذاب فإن لم يعلموا ذلك فلا أقل من ظن وخوفه يحتمل أن يكون زاجرًا لهم عن كفرهم وقوله تعالى: {إلا عباد الله المخلصين} استثناء من المنذرين استثناء منقطع؛ لأنه وعيد وهم لا يدخلون في هذا الوعيد، وقيل: استثناء من قوله تعالى: {ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين} والمراد بالمخلصين: الموحدون نجوا من العذاب وتقدمت القراءة في المخلصين، ثم شرع تعالى في تفصيل القصص بعد إجمالها بقوله تعالى: {ولقد نادانا نوح} أي: نادى ربه أن ينجيه مع من نجي من الغرق بقوله: رب إني مغلوب فانتصر فأجاب الله تعالى دعاءه وقوله تعالى: {فلنعم المجيبون} جواب قسم مقدر أي: فوالله ومثله: لعمري لنعم السيدان وجدتما، والمخصوص بالمدح محذوف أي: نحن أجبنا دعاءه وأهلكنا قومه.
{ونجيناه وأهله من الكرب العظيم} أي: من الغرق وأذى قومه وهذه الإجابة كانت من النعم العظيمة وذلك من وجوه أولها: أنه تعالى عبر عن ذاته بصيغة الجمع فقال: {ولقد نادانا نوح} فالقادر العظيم لا يليق به إلا الإحسان العظيم.
وثانيها: أنه تعالى أعاد صيغة الجمع فقال تعالى: {فلنعم المجيبون} وفي ذلك أيضًا ما يدل على تعظيم تلك النعمة لاسيما وقد وصف الله تعالى تلك الإجابة بأنها نعمت الإجابة.
وثالثها: أن الفاء في قوله تعالى: {فلنعم المجيبون} تدل على أن حصول تلك الإجابة مرتب على ذلك النداء وهذا يدل على أن النداء بالإخلاص سبب لحصول الإجابة وقوله تعالى: {وجعلنا ذريته هم الباقين} يفيد الحصر، وذلك يدل على أن كل من سواه وسوى ذريته قد فنوا فالناس كلهم من نسله عليه السلام قال ابن عباس رضي الله عنه: ذريته بنوه الثلاثة سام وحام ويافث، فسام أبو العرب وفارس وحام أبو السودان ويافث أبو الترك والخزرج ويأجوج ومأجوج وما هنالك قال ابن عباس رضي الله عنهما: لما خرج نوح من السفينة مات كل من كان معه من الرجال والنساء إلا ولده ونساءهم.
{وتركنا عليه في الآخرين} أي: أبقينا له ثناء حسنًا وذكرًا جميلًا فيمن بعده من الأنبياء والأمم إلى يوم القيامة، وقيل: أن نصلي عليه إلى يوم القيامة وقوله تعالى: {سلام على نوح} مبتدأ وخبر وفيه أوجه أحدها: أنه مفسر لتركنا، والثاني: أنه مفسر لمفعوله أي: تركنا عليه ثناء وهو هذا الكلام، وقيل: ثم قول مقدر أي: فقلنا سلام وقيل: ضمن تركنا معنى قلنا، وقيل: سلط تركنا على ما بعده {في العالمين} متعلق بالجار والمجرور ومعناه الدعاء بثبوت هذه التحية في الملائكة والثقلين جميعًا وقوله تعالى: {إنا كذلك نجزي المحسنين} تعليل لما فعل بنوح عليه السلام من التكرمة بأنه مجازاة له أي: إنما خصصناه بهذه التشريفات الرفيعة من جعل الدنيا مملوءة من ذريته ومن ترقية ذكره الحسن في ألسنة العالمين لأجل كونه محسنًا وقوله تعالى: {إنه من عبادنا المؤمنين} تعليل لإحسانه بالإيمان إظهارًا لجلالة قدره وأصالة أمره.
{ثم أغرقنا الآخرين} كفار قومه. اهـ.

.قال القاسمي:

سورة الصافات:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
{وَالصَّافَّاتِ صَفًّا فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ}.
افتتح تعالى هذه السورة بالقسم ببعض مخلوقاته، إظهارًا لعظم شأنها وكبر فوائدها، وتنبيهًا إلى الاعتبار بصفتها وما تستدعيه من سمتها. والصافات جمع صافة، أي: طائفة صافة، أو جماعة صافة.
فيكون في المعنى جمع الجمع، أو على تأنيث مفرده، باعتبار أنه ذات ونفس. والمراد بالصافات الملائكة؛ لقيامها مصطفة في مقام العبودية لمالك الملك. من قوله تعالى: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} [الصافات 165]، أو لصفها أجنحتها في الهواء واقفة منتظرة لأمر الله تعلى. و: {الزَّاجِرَاتِ} أي: الناس عن المعاصي، بإلهام الخير، من الزجر بمعنى المنع والنهي، أو الزاجرات الأجرام العلوية والسفلية بالتدبير المأمور به. من الزجر بمعنى السوق والحث. والتاليات، أي: آياته تعالى على أنبيائه عليهم السلام.