فصل: قال ابن القيم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وجملة {الله ربُّكُم وربُّ ءَابآئِكُمُ الأوَّلينَ} قرأ الأكثر برفع اسم الجلالة وما عطف عليه فهو مبتدأ والجملة مستأنفة استئنافًا ابتدائيًا والخبر مستعمل في التنبيه على الخطأ بأن عبدوا {بعلًا}.
وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم ويعقوب وخلف بنصب اسم الجلالة على عطف البيان ل {أحْسنَ الخالِقِينَ} والمقصود من البيان زيادة التصريح لأن المقام مقام إيضاح لأصل الديانة، وعلى كلتا القراءتين فالكلام مسوق لتذكيرهم بأن من أصول دينهم أنهم لا ربّ لهم إلا الله، وهذا أول أصول الدين فإنه ربّ آبائهم فإن آباءهم لم يعبدوا غير الله من عهد إبراهيم عليه السلام وهو الأب الأول من حيث تميزت أمتهم عن غيرهم، أو هو يعقوب قال تعالى: {وأوصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنيّ إن اللَّه اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون} [البقرة: 132]، واحتراز ب {الأوَّلِينَ} عن آبائهم الذين كانوا في زمان ملوكهم بعد سليمان.
وجمع هذا الخبر تحريضًا على إبطال عبادة بعل لأن في الطبع محبة الاقتداء بالسلف في الخير.
وقد جمع إلياس من معه من أتباعه وجعل مكيدة لسدنة بعل فقتلهم عن آخرهم انتصارًا للدّين وانتقامًا لمن قتلتهم إيزابل زوجة آخاب.
وفي مفاتيح الغيب: كان الملقب بالرشيد الكاتب يقول: لو قيل: أتدعُون بعلًا وتدَعون أحسن الخالقين، أوْهَم أنه أحسن، أي أوهم كلام الرشيد أنه لو كانت كلمة {تدعون} عوضًا عن {تذرون}.
وأجاب الفخر بأن فصاحة القرآن ليست لأجل رعاية هذه التكاليف بل لأجْل قوة المعاني وجزالة الألفاظ. اهـ.
وهو جواب غير مقنع إذ لا سبيل إلى إنكار حسن موقع المحسنات البديعية بعد استكمال مقتضيات البلاغة.
قال السّكّاكي: وأصل الحسن في جميع ذلك أي ما ذكر من المحسنات البديعية أن تكون الألفاظُ توابع للمعاني لا أن تكون المعاني لها توابع، أعني أن لا تكون متكلفة.
فإذا سلمنا أن {تذرون} و{تدعون} مترادفان لم يكن سبيل إلى إبطال أن إيثار {تدعون} أنسب.
فالوجه إما أن يجاب بما قاله سعد الله محشي البيضاوي بأن الجناس من المحسنات فإنما يناسب كلامًا صادرًا في مقام الرضى لا في مقام الغضب والتهويل.
يعني أن كلام إلياس المحكيَّ هنا محكي عن مقام الغضب والتهويل فلا تناسبه اللطائف اللفظية يعني بالنظر إلى حال المخاطَبين به لأن كلامه محكي في العربية بما يناسب مصدره في لغة قائله وذلك من دقائق الترجمة، وهو جواب دقيق، وإن كابر فيه الخفاجي بكلام لا يليق، وإن تأمّلتَه جزمت باختلاله.
وقد أجيب بما يقتضي منع الترادف بين فعلي {تذرون} و{تدعون} بأن فعل يدع أخص: إما لأنه يدل على ترك شيء مع الاعتناء بعدم تركه كما قال سعد الله، وإما لأن فعل يدع يدل على ترك شيء قبل العلم، وفعل يذر يدل على ترك شيء بعد العلم به كما حكاه سعد الله عن بعض الأيمة عازيًا إياه للفخر.
وعندي: أن منع الترادف هو الوجه لكن لا كما قال سعد الله ولا كما نُقل عن الفخر بل لأن فعل يدع قليل الاستعمال في كلام العرب ولذلك لم يقع في القرآن إلا في قراءة شاذّة لا سند لها خلافًا لفعل يذر.
ولا شك أن سبب ذلك أن فعل يذر يدل على ترك مع إعراض عن المتروك بخلاف يدع فإنه يقتضي تركًا مؤقتًا وأشار إلى الفرق بينهما كلام الراغب فيهما.
وهنالك عدة أجوبة أخرى، هي بالإِعراض عنها أَحْرى.
ومعنى {فكذَّبُوهُ} أنهم لم يطيعوه تملّقًا لملوكهم الذين أجابوا رغبة نسائهم المشركات لإِقامة هياكل للأصنام فإن إيزابل ابنة ملك الصيدونيين زوجة أخاب ملك إسرائيل لما بلغها ما صنع إلياس بسدنة بَعْل ثَأرًا لمن قتلته إيزابل من صالحي إسرائيل أرسلت إلى إلياس تتوعده بالقتل فخرج إلى موضع اسمه بئر سبع ثم ساح في الأرض وسأل الله أن يقبضه إليه فأمره بأن يعهد إلى صاحبه اليسع بالنبوءة مِن بعده، ثم قبضه الله إليه فلم يعرفَ أحد مكانه.
وفي كتاب إيلياء من كتب اليهود أن الله رفعه إلى السماء في مركبة يجرها فرسان، وأن اليسع شاهده صاعدًا فيها ولذلك كان بعض السلف يقول: إن إلياس هو إدريس الذي قال الله فيه: {إنه كان صديقًا نبيئًا ورفعناه مكانًا عليًّا} [مريم: 56- 57]، وقيل كان عبد الله بن مسعود يقرأ: {إن إدريس لمن المرسلين} عوض {وإنَّ إلياس} ويقرأ {سلام على إدراسين} على أنه لغة في إدريس.
ولا يقتضي ما في كتب اليهود من رفعه أن يكون هو إدريس لأن الرفع إذا صحّ قد يتكرر وقد رفع عيسى عليه السلام.
ومعنى {فإنَّهمُ لمُحضرونَ} أن الله يُحضرهم للعقاب، وقد تقدم عند قوله تعالى: {ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين} في هذه السورة [الصافات 57].
واستثني من ذلك عبادُ الله المخلَصون وهم الذين اتبعوا إلياس وأعانوه على قتل سدنة بعل.
وتقدم القول فيه عند قوله تعالى: {إلاَّ عِبَادَ الله المُخلصين} فيما سبق من هذه السورة (74).
وكذلك قوله: {وتركنا عليهِ في الآخرينَ سلامٌ على آل ياسينَ} إلى آخر الآية تقدم نظيره.
وقوله: {آلْ ياسينَ} قيل أريد به إلياس خاصة وعبر عنه ب {ياسين} لأنه يُدعَى به.
قال في الكشاف: ولعل لزيادة الألف والنون في لغتهم معنى ويكون ذكر {آل} إقحامًا كقوله: {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} [غافر: 46] على أحد التفسيرين فيه، وفي قوله: {فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة} [النساء: 54].
وقيل: إن ياسين هو أبو إلياس.
فالمراد: سلام على إلياس وذويه من آل أبيه.
وقرأ نافع وابن عامر {ءال يَاسِينَ} بهمزة بعدهَا ألف على أنهما كلمتان آل وياسين.
وقرأه الباقون بهمزة مكسورة دون ألف بعدها وبإسكان اللام على أنها كلمة واحدة هي اسم إلياس وهي مرسومة في المصاحف كلها على قطعتين {آل ياسينَ} ولا منافاة بينها وبين القراءتين لأن آل قد ترسم مفصولة عن مدخولها.
والأظهر أن المراد ب {آلْ ياسينَ} أنصاره الذين اتّبعوه وأعانوه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «آل محمد كلّ تَقي» وهؤلاء هم أهل جبل الكرمل الذين استنجدهم إلياس على سدنة بعل فأطاعوه وأنجدوه وذبحوا سدنة بعل كما هو موصوف بإسهاب في الإِصحاح الثامن عشر من سفر الملوك الأول.
فيكون المعنى: سلام على ياسين وآله، لأنه إذا حصلت لهم الكرامة لأنهم آلُهُ فهو بالكرامة أولى.
وفي قصة إلياس إنباء بأن الرسول عليه أداء الرسالة ولا يلزم من ذلك أن يشاهد عقاب المكذِّبين ولا هلاكَهم للرد على المشركين الذين قالوا: {متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} [يونس: 48] قال تعالى: {قل ربِّ إمَّا تُرينِّي ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون} [المؤمنون: 93- 95]، وقال تعالى: {فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون} [غافر: 77] وفي الآية الأخرى {وإلينا يرجعون} [مريم: 40]. اهـ.
فائدة:

.قال ابن القيم:

قوله تعالى: {سلام على آل ياسين}.
فهذه فيها قراءتان إحداهما إلياسين بوزن إسماعيل وفيه وجهان:
أحدهما أنه اسم ثان للنبي إلياس وإلياسين كميكال وميكائيل والوجه الثاني أنه جمع وفيه وجهان أحدهما أنه جمع إلياس وأصله إلياسيين بيائين كعبرانيين ثم خففت أحدى اليائين فقيل إلياسين والمراد أتباعه كما حكى سيبويه الأشعرون ومثله الأعجمون.
والثاني أنه جمع إلياس محذوف الياء.
والقراءة الثانية {سلام على آل ياسين} وفيه أوجه أحدها أن ياسين اسم لأبيه فأضيف إليه الآل كما يقال آل إبراهيم والثاني أن آل ياسين هو إلياس نفسه فيكون آل مضافة إلى يس والمراد بالآل يس نفسه كما ذكر الأولون والثالث انه على حذف ياء النسب فيقال يس واصله ياسيين كما تقدم وآلهم أتباعهم على دينهم.
والرابع أن يس هو القرآن وآله هم أهل القرآن.
والخامس أنه النبي وآله أقاربه وأتباعه كما سيأتي.
وهذه الأقوال كلها ضعيفة والذي حمل قائلها عليها استشكالهم إضافة آل إلى يس واسمه إلياس وإلياسين ورأوها في المصحف مفصولة وقد قرأها بعض القراء {آل ياسين} فقال طائفة منهم له أسماء يس وإلياسين وإلياس وقالت طائفة يس اسم لغيره ثم اختلفوا فقال الكلبي يس محمد سلم الله على آله وقالت طائفة هو القرآن وهذا كله تعسف ظاهر لا حاجة إليه والصواب والله أعلم في ذلك أن أصل الكلمة آل ياسين كآل إبراهيم فحذفت الألف واللام من أوله لاجتماع الأمثال ودلالة الاسم على موضع المحذوف وهذا كثير في كلامهم إذا اجتمعت الأمثال كرهوا النطق بها كلها فحذفوا منها ما لا إلباس في حذفه وإن كانوا لا يحذفونه في موضع لا تجتمع فيه الأمثال ولهذا لا يحذفون النون من إني وأني وكأني ولكني ولا يحذفونها من ليتني ولما كانت اللام في لعل شبيهة بالنون حذفوا النون معها ولاسيما عادة العرب في استعمالها للاسم الأعجمي وتغييرها له فيقولون مرة إلياسين ومرة إلياس ومرة ياسين وربما قالوا ياس ويكون على إحدى القراءتين قد وقع على المسلم عليه وعلى القراءة الأخرى على آله.
وعلى هذا ففصل النزاع بين أصحاب القولين في الآل أن الآل إن أفرد دخل فيه المضاف إليه كقوله تعالى {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} [غافر 46] ولا ريب في دخوله في آله هنا.
وقوله تعالى {ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين} [الأعراف 130] ونظائره.
وقول النبي اللهم صل على آل أبي أوفى ولا ريب في دخول أبي أوفى نفسه في ذلك وقوله اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم هذه أكثر روايات البخاري وإبراهيم هنا داخل في آله ولعل هذا مراد من قال آل الرجل نفسه.
وأما إن ذكر الرجل ثم ذكر آله لم يدخل فيهم ففرق بين المجرد والمقرون فإذا قلت أعط لزيد وآل زيد لم يكن زيد هنا داخلا في آله وإذا قلت أعطه لآل زيد تناول زيدا وآله وهذا له نظائر كثيرة قد ذكرناها في غير هذا الموضع وهي أن اللفظ تختلف دلالته بالتجريد والاقتران كالفقير والمسكين هما صنفان إذا قرن بينهما وصنف واحد إذا أفرد كل منهما ولهذا كانا في الزكاة صنفين وفي الكفارات صنف واحد وكالإيمان والإسلام والبر والتقوى والفحشاء والمنكر والفسوق والعصيان ونظائر ذلك كثيرة ولاسيما في القرآن. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
بصيرة في البعل:
وهو الزَّوج. الجمع بِعَال، وبُعُول. المرأَة بَعْل، وبَعْلة. بَعَل يَبْعَل بُعُولة: صار بعلًا. كذا اسْتَبْعَل. والبِعال. والتباعُل. والمباعلة: الجماع، وملاعبة الرّجل المرأَة.
وباعلت: اتخذتْ بعلًا، وتبعَّلتْ: أَطاعت بعلها، أَو تزيَّنَتْ له.
وذكر في القرآن البَعْل على وجهين:
الأَوّل: اسم صنم لقول إِلياس عليه السّلام: {أَتَدْعُونَ بَعْلًا}.
الثانى: بمعنى الأَزواج: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} {وَهذا بَعْلِي شَيْخًا} وله نظائر.
ولمَّا تُصوّر من الرّجل استعلاء على المرأَة، وأَن بسببه صار سائسَها، والقائم عليها، شُبّه كلّ مستعل على غيره به، فسمّى به.
فسمَّى قوم معبودهم الذي يتقَرَّبُون به إِلى الله تعالى بعلا لاعتقادهم ذلك فيه.
وقيل للأَرضِ المستعلية على غيرها: بَعْل، ولفَحْل النخل: بعل.
تشبيها بالبعل من الرّجال، وكذا سمّوا ما عَظُم من النخل حتى شرب بعروقه بعلًا، لاستعلائه واسغنائه عن السّاقى، ولمّا كانت وَطْأَة العالى على المستولَى عليه مستثقلة في النَّفس قيل: أَصبح فلان بَعْلًا على أَهله أي ثقيلًا، لعلوّه عليهم. اهـ.

.تفسير الآيات (133- 138):

قوله تعالى: {وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (133) إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (134) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (135) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (136) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (138)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما أتم ما أراد سبحانه من أمور المحسنين من ذرية إبراهيم عليه السلام المرسلين إلى ذريته في التسلية، والترجية وقدمهم لأن المنة عليهم منه عليه، والإنسان بابنه أسر منه بقريبه، وهم الذين أظهر الله بهم وما ترك عليه، من لسان الصدق في الآخرين.
أتبعهم قصة ابن أخيه مع أهل بلاد الأردن من غير قومهم، فقال مؤكدًا للتنبيه على نصر المؤمنين وإن كانوا في القلة والذلة على حال لا يظن انجباره وتكذيبًا لليهود المكذبين برسالته أو الشاكين فيها: {وإن لوطًا} أي الذي جرد نفسه من مألوفها من بلاده وعشائره بالهجرة مع عمه إبراهيم عليهما السلام {لمن المرسلين} ولما كان جل المقصود تبشير المؤمنين وتحذير الكافرين، وكان مخالفه كثيرًا، وكان هو غريبًا بينهم، قال في مظهر العظمة: {إذ نجيناه} أي على ما لمخالفيه من الكثرة والقوة، ولم يذكرهم لأنهم أكثر الناس انغماسًا في العلائق البشرية والقاذورات البهيمية التي لا تناسب مراد هذه السورة المنبني على الصفات الملكية {وأهله أجمعين} ولما كان الكفر قاطعًا للسبب القريب كما أن الإيمان واصلًا للسبب البعيد قال: {إلا عجوزًا} أي وهي امرأته فإن كفرها قطعها عن الدخول في حكم أهله فجردوا عنها، كائنة {في الغابرين} أي الباقين في غبرة العذاب ومساءة الانقلاب.
ولما ذكر نجاته وابتدأ بها اهتمامًا بالترجية قال مخوفًا معبرًا بأداة البعد إفادة مع الترتيب لعظيم رتبة ما دخلت عليه: {ثم دمرنا} أي أهلكنا بما لنا من العظمة {الآخرين} أي فجردنا الأرض من قاذوراتهم ونزهنا البلاد المقدسة منهم ومن أرجاس فعلاتهم، فلم نبق منهم أحدًا ولا احتجنا في إهلاكهم إلى استئذان أحد.
ولما كان المقصود من مثل هذا تحذير المخالفين، وكان تجار قريش يرون البقعة التي كانت فيها أماكن قوم لوط، وهي البحيرة المعروفة، ولا يعتبرون بهم، عدّوا منكرين للمرور عليهم فأبرز لهم الكلام في سياق التأكيد فقيل: {وإنكم} أي فعلنا بهم هذا والحال أنكم يا معشر قريش {لتمرون عليهم} أي مواضع ديارهم في تجاراتكم إلى الشام {مصبحين} أي داخلين في الصباح الوقت الذي قلبنا مدائنهم عليهم فيه، ونص عليه للتذكير بحالهم فيه.
ولما كان لليل منظر في الهول غير منظر النهار قال: {وبالليل} ولما كان أمرهم كافيًا للعاقل في التقوى، أنكر عليهم تماديهم فيما كان سبب أخذهم من تكذيب الناصح فقال: {أفلا تعقلون} أي يكون لكم عقول فتعتبروا بحالهم، فتخافوا مثل مآلهم، قتصدقوا رسولكم فإنكم أجدر منهم بالأخذ لأنه منكم وأنتم تعرفون من شرف أصله وكريم قوله وفعله ما لا يعرفه أولئك من رسولهم. اهـ.