فصل: من أقوال المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (133)}.
هذا هو القصة الخامسة، وإنه تعالى إنما ذكر هذه القصة ليعتبر بها مشركو العرب، فإن الذين كفروا من قومه هلكوا والذين آمنوا نجوا، وقد تقدم شرح هذه القصة، وقد نبههم بقوله تعالى: {وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ وباليل} وذلك لأن القوم كانوا يسافرون إلى الشام والمسافر في أكثر الأمر إنما يمشي في الليل وفي أول النهار، فلهذا السبب عين تعالى هذين الوقتين.
ثم قال تعالى: {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} يعني أليس فيكم عقول تعتبرون بها، والله أعلم. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ المرسلين إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عَجُوزًا فِي الغابرين} تقدم قصة لوط.
{ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخرين} أي بالعقوبة.
{وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ} خاطب العرب: أي تمرون على منازلهم وآثارهم {مُصْبِحِينَ} وقت الصباح {وبالليل} تمرون عليهم أيضًا.
وتم الكلام.
ثم قال: {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} أي تعتبرون وتتدبرون. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (133) إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (134) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (135) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (136)} سبق بيانه في الشعراء.
{وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137)}.
{وَإِنَّكُمْ} يا أهل مكة {لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ} على منازلهم في متاجركم إلى الشام فإن سذوم في طريقه {مُّصْبِحِينَ} داخلين في الصباح.
{وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (138)}.
{وَباللَّيْل} قيل أي ومساء بأن يراد بالليل أوله لأنه زمان السير ولوقوعه مقابل الصباح، وقيل: أي نهارًا وليلًا وهو تأويل قبل الحاجة ولذا اختير الأول، ووجه التخصيص عليه بأنه لعل سدوم وقعت قريب منزل يمر بها المرتحل عنه صباحًا والقاصد مساء، وقال بعض الأجلة: لو أبقى على ظاهره لأن ديار العرب لحرها يسافر فيها في الليل إلى الصباح خلا عن التكلف في توجيه المقابلة {} قيل أي ومساء بأن يراد بالليل أوله لأنه زمان السير ولوقوعه مقابل الصباح، وقيل: أي نهارًا وليلًا وهو تأويل قبل الحاجة ولذا اختير الأول، ووجه التخصيص عليه بأنه لعل سدوم وقعت قريب منزل يمر بها المرتحل عنه صباحًا والقاصد مساء، وقال بعض الأجلة: لو أبقى على ظاهره لأن ديار العرب لحرها يسافر فيها في الليل إلى الصباح خلا عن التكلف في توجيه المقابلة {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} أتشاهدون ذلك فلا تعقلون حتى تعتبروا به وتخافوا أن يصيبكم مثل ما أصابهم فإن منشأ ذلك مخالفتهم رسولهم ومخالفة الرسول قدر مشترك بينكم. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (133)}.
هذا ثاني الأنبياء الذين جمعهم التنظير في هذه الآية، ولوط كان رسولًا للقُرى التي كان ساكنًا في إحداها فهو رسول لا شريعةَ له سوى أنه جاء ينهى الأقوام الذين كان نازلًا بينهم عن الفاحشة وتلك لم يسبق النهي عنها في شريعة إبراهيم.
و{إذ} ظرف متعلق ب {المُرسلين}.
والمعنى: أنه في حين إنجاء الله إياه وإهلاك الله قومَه كان قائمًا بالرسالة عن الله تعالى ناطقًا بما أمره الله، وإنما خصّ حين إنجائه بجعله ظرفًا للكون من المرسلين لأن ذلك الوقت ظرف للأحوال الدالة على رسالته إذ هي مماثلة لأحوال الرسل من قبل ومن بعد.
وتقدمت قصة لوط في سورة الأنعام وفي سورة الأعراف.
والعجوز: امرأة لوط، وتقدم خبرها وتقدم نظيرها في سورة الشعراء.
{وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137)}.
الخطاب لقريش الذين سيقت هذه القصص لعظتهم.
والمرور: مجاوزة السائر بسيره شيئًا يتركه، والمراد هنا: مرورهم في السفر، وكان أهل مكة إذا سافروا في تجارتهم إلى الشام يمرّون ببلاد فلسطين فيمرون بأرض لوط على شاطىء البحر الميّت المسمّى بُحيرة لوط.
وتعدية المرور بحرف على يعيِّن أن الضمير المجرور بتقدير مضاف إلى: على أرضهم، كما قال تعالى: {أو كالذي مر على قرية} [البقرة: 259].
يقال: مر عليه ومرّ به، وتعديته بحرف على تفيد تمكّن المرور أشدّ من تعديته بالباء، وكانوا يمرّون بديار لوط بجانبها لأن قُراهم غمرها البحر الميت وآثارها باقية تحت الماء.
والمُصبح: الداخل في وقت الصباح، أي تمرّون على منازلهم في الصباح تارة وفي الليل تارة بحسب تقدير السير في أول النهار وآخره، لأن رحلة قريش إلى الشام تكون في زمن الصيف ويكون السيرُ بُكرة وعشيًّا وسُرىً؛ والباء في {وباللَّيلِ} للظرفية.
والخبر الذي في قوله: {وإنكم لتمُرُّون عليهم} مستعمل في الإِيقاظ والاعتبار لا في حقيقة الإِخبار، وتأكيدُه بحرف التوكيد وباللام تأكيد للمعنى الذي استعمل فيه، وذلك مثل قوله: {وإنها لبسبيل مقيم في سورة الحجر} (76).
وفرع على ذلك بالفاء استفهام إنكاري من عدم فطْنتهم لدلالة تلك الآثار على ما حلّ بهم من سخط الله وعلى سبب ذلك وهو تكذيب رسول الله لوط.
وقد أشرنا إلى وجه تخصيص قصة لوط مع القصص الخمس في أول الكلام على قصة نوح وتزيد على تلك القصص بأن فيها مشاهدة آثار قومه الذين كذبوا وأصرّوا على الكفر. اهـ.

.قال ابن عطية في الآيات السابقة:

قوله تعالى: {وَلَقَدْ مَنَنَّا على موسى وَهَارُونَ}.
والمنة، على موسى وهارون هي في النبوءة وسائر ما جرى معها من مكانتها عند الله تعالى و{الكرب العظيم} هو تعبد القبط لهم، ثم جيش فرعون لما قالت بنو إسرائيل {إنا لمدركون} [الشعراء: 61] ثم البحر بعد ذلك، والضمير في {نصرناهم} عائد على الجماعة المتقدم ذكرها وهم {موسى وهارون وقومهما} وقال قوم: أراد موسى وهارون ولكن أخرج ضميرهما مخرج الجميع تفخيمًا، وهذا مما تفعله العرب تكني عمن تعظم بكناية الجمع، و{الكتاب المستبين} هو التوراة.
{وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (118)}.
{الصراط المستقيم} يريد به في هذه الآية طريق الشرع والنبوءة المؤدي إلى الله تعالى وقد تقدم القول في مثل قوله: {وتركنا عليهما} و{إلياس} نبي من أنبياء الله تعالى، قال قتادة وابن مسعود: هو إدريس عليه السلام، وقالت فرقة: هو من ولد هارون عليه السلام، قال الطبري هو إلياس بن نسي بن فنحاص بن ألعيزار بن هارون، وقرأ الجمهور من القراء {وإن إلياس} بهمزة مكسورة، وهو اسم، وقرأ ابن عامر وابن محيصن وعكرمة والحسن والأعرج {وإن إلياس} بغير همز بصلة الألف، وذلك يتجه على أحد وجهين: إما أن يكون حذف الهمزة كما حذفها ابن كثير من قوله تعالى: {إنها لإحدى الكبر} [المدثر: 35] أراد {لإحدى} فنزل المنفصل منزلة المتصل، كما قد ينزل في كثير من الأمور، والآخر أن يجعلها الألف التي تصحب اللام للتعريف كاليسع، وفي مصحف أبي بن كعب {وإن ايِليَس} بألف مكسورة الهمزة وياء ساكنة قبل اللام المكسورة وياء ساكنة بعدها وسين مفتوحة، وكذلك في قوله: {سلام على إيليس} وقرأ نافع وابن عامر على {آل ياسين} وقرأ الباقون {سلام على إلياسين} بألف مكسورة ولام ساكنة، قرأ الحسن وأبو رجاء {على الياسين} موصولة فوجه الأولى أنها فيما يزعمون مفصولة في المصحف فدل ذلك على أنها بمعنى أهل و ياسين اسم أيضًا ل {إلياس} وقيل هو اسم لمحمد صلى الله عليه وسلم ووجه الثانية أنه جمع إلياسي كما قالوا أعجمي أعجميون، قال أبو علي: والتقدير إلياسين فحذف كما حذف من أعجميين، ونحوه من الأشعريين والنمريين والمهلبين، وحكى أبو عمرو أن مناديًا نادى يوم الكلاب، هلك اليزيديون، ويروي قول الشاعر:
قدني من نصر الخبيبين قدي

بكسر الباء الثانية نسبة إلى أبي خبيب، ويقال سمي كل واحد من آل ياسين إلياس كما قالوا شابت مفارقه فسمي كل جزء من المفرق مفرقًا، ومنه قولهم جمل ذو عثانين، وعلى هذا أنشد ابن جني: الرجز:
مرت بنا أول من أموس ** تميس فينا مشية العروس

فسمى كل جزء من الأمس أمس ثم جمع، وقال أبو عبيدة لم يسلم على آل أحد من الأنبياء المذكورين قبل فلذلك ترجح قراءة من قرأ {إلياسين} إذ هو اسم واحد له، وقرأ ابن مسعود والأعمش {وإن إدريس لمن المرسلين} و{سلام على إدريس} وروى هذه القراءة قطرب وغيره وإن إدراسين وإدراس لغة في إدريس كإبراهيم وإبراهام، وقوله: {أتدعون} معناه أتعبدون، والبعل الرب بلغة اليمن قاله عكرمة وقتادة، وسمع ابن عباس رجلًا ينشد ضالة فقال له رجل آخر: أنا بعلها، فقال ابن عباس الله أكبر أتدعون بعلًا، وقال الضحاك وابن زيد والحسن {بعلًا} اسم صنم كان لهم وله يقال بعلبك وإليه نسب الناس، وذكر ابن إسحاق عن فرقة أن {بعلًا} اسم امرأة كانت أتتهم بضلالة، وقوله: {أحسن الخالقين} من حيث قيل للإنسان على التجوز إنه يخلق وجب أن يكون تعالى: {أحسن الخالقين} إذ خلقه اختراع وإيجاد من عدم وخلق الإنسان مجاز كما قال الشاعر: الكامل:
ولأنت تفري ما خلقت ** وبعض القوم يخلق ثم لا يفري

{اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126)}.
قرأ حمزة والكسائي وعاصم {الله} بالنصب {ربَّكم وربَّ آبائكم} كل ذلك بالنصب على البدل من قوله: {أحسن الخالقين} [المؤمنين: 14، الصافات 125]، وقرأ الباقون وعاصم أيضًا {ربُّكم وربُّ آبائكم} كل ذلك بالرفع على القطع والاستئناف، والضمير في {كذبوه} عائد على قوم إلياس، و{محضرون} معناه مجمعون لعذاب الله وقد تقدم تفسير مثل ما بقي من الآية وتقدم القول أيضًا في قوله: {سلام على آل ياسين} و{لوط} عليه السلام هو ابن أخي إبراهيم عليه السلام وقيل ابن أخته وقد تقدم تفسير قصته بكاملها، وامرأته هي العجوز المهلكة، وكانت كافرة فإما كانت متسترة منه عليه السلام، وإما كانت معلنة وكان نكاح الوثنيات والإقامة عليهن جائزًا، و{الغابرون} الباقون، غبر بمعنى بقي ومعناه هنا بقيت في الهلاك، ثم خاطب تعالى قريشًا أو هو على معنى قل لهم يا محمد {وإنكم لتمرون عليهم} في الصباح وفي الليل فواجب أن يقع اعتباركم ونظركم ثم وبخهم تعالى بقوله: {أفلا تعقلون}. اهـ.

.قال أبو حيان في الآيات السابقة:

{وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (114)}.
{الكرب العيظم} تعبد القبط لهم، ثم خوفهم من جيش فرعون، ثم البحر بعد ذلك، والضمير في {ونصرناهم} عائد على موسى وهارون وقومهما؛ وقيل: عائد على موسى وهارون فقط، تعظيمًا لهما بكناية الجماعة.
و{هم} يجوز أن يكون فصلًا وتوكيدًا أو بدلًا.
و{الكتاب المستبين} التوراة، كما قال تعالى: {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور} و{الصراط المستقيم} هو الإسلام وشرع الله.
و{إلياس} قال ابن مسعود وقتادة: هو إدريس عليه السلام.
ونقلوا عن ابن مسعود، وابن وثاب، والأعمش، والمنهال بن عمر، والحكم بن عتيبة الكوفي أنهم قرأوا: {وإن إدريس لمن المرسلين}، وهو محمولة عندي على تفسيره، لأن المستفيض عن ابن مسعود أنه قرأ: {وإن إلياس} وأيضًا تفسيره إلياس بأنه إدريس لعله لا يصح عنه، لأن إدريس في التاريخ المنقول كان قبل نوح.
وفي سورة الأنعام ذكر إلياس، وأنه ذرية إبراهيم، أو من ذرية نوح على ما يحتمله قوله تعالى: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلًا هدينا} {ومن ذريته داود} وذكر في جملة هذه الذرية إلياس، وقيل: إلياس من أولاد هارون.
قال الطبري: هو إلياس بن ياسين ابن فنحاص بن العيزار بن هارون.
وقرأ الجمهور: {وإن إلياس} بهمزة قطع مكسورة.
وقرأ عكرمة، والحسن: بخلاف عنهما؛ والأعرج، وأبو رجاء، وابن عامر، وابن محيصن: بوصل الألف، فاحتمل أن يكون وصل همزة القطع، واحتمل أن يكون اسمه ياسا، ودخلت عليه أل، كما دخلت على أليسع.
وفي حرف أبيّ ومصحفه: وإن إيليس، بهمزة مكسورة، بعدها ياء ساكنة، بعدها لام مكسورة، بعدها ياء ساكنة وسين مفتوحة.
وقرئ: {وإن أدراس} لغة في إدريس، كأبراهام في إبراهيم.
{أتدون بعلًا} أي أتعبدون بعلًا، وهو علم لصنم لهم، قاله الضحاك والحسن وابن زيد.
قيل: وكان من ذهب، طوله عشرون ذراعًا، وله أربعة أوجه، فتنوا به وعظموه حتى أخدموه أربعمائة سادن وجعلوهم أنبياء، وكان الشيطان يدخل في جوف بعل ويتكلم بشريعة الضلالة، والسدنة يحفظونها ويعلمونها الناس، وهم أهل بعلبك من بلاد الشام، وبه سميت مدينتهم بعلبك.
وقال عكرمة، وقتادة: البعل: الرب بلغة اليمن.
وسمع ابن عباس رجلًا ينشد ضالة، فقال له رجل: أنا بعلها، فقال ابن عباس: الله أكبر، أتدعون بعلًا؟ ويقال: من بعل هذه الدار، أي ربها؟ والمعنى على هذا: أتعبدون بعض البعول وتتركون عبادة الله؟ وقالت فرقة: إن بعلًا اسم امرأة أتتهم بضلالة فاتبعوها.
وقرئ: {أتدعون بعلاء} بالمد على وزن حمراء، ويؤنس هذه القراءة قول من قال: إنه اسم امرأة.
وقرأ الكوفيون، وزيد بن عليّ: {الله ربَّكم وربَّ آبائكم} بالنصب في الثلاثة بدلًا من أحسن، أو عطف بيان إن قلنا إن إضافة التفضيل محضة؛ وباقي السبعة بالرفع، أي هو الله؛ أو يكون استئنافًا مبتدأ وربكم خبره.
وروي عن حمزة أنه إذا وصل نصب، وإذا قطع رفع.
{فكذبوه} أي كذبه قومه، إما في قوله: {الله ربكم} هذه النسب، أو فكذبوه فيما جاء به من عند الله من الأمر بالتوحيد وترك الصنم والايمان بما جاءت به الرسل.
ومحضرون: مجموعون للعذاب.
{إلا عباد الله المخلصين} استثناء يدل على أن من قومه مخلصين لم يكذبوه، فهو استثناء متصل من ضمير {فكذبوه} ولا يجوز أن يكون استثناء من {فإنهم لمحضرون} لأنهم كانوا يكونون مندرجين فيمن كذب، ويكونون {عباد الله المخلصين} وذلك لا يمكن ولا يناسب أن يكون استثناء منقطعًا، إذ يصير المعنى: لكن عباد الله المخلصين من غير قومه لا يحضرون للعذاب، ولا مسيس لهؤلاء الممسوسين بالآية التي فيها قصة إلياس هذه.
وقرأ زيد بن عليّ، ونافع، وابن عامر: {على آل ياسين}.
وزعموا أن آل مفصولة في المصحف، وياسين اسم لإلياس.
وقيل: اسم لأبي إلياس، لأنه إلياس بن ياسين، وآل ياسين هو ابنه إلياس.
وقيل: ياسين هو اسم محمد صلّى اللّه عليه وسلم.
وقرأ باقي السبعة: {على الياسين} بهمزة مكسورة، أي الياسين، جمع المنسوبين إلى إلياس معه، فسلم عليهم.
وهذا يدل على أن من قومه من كان اتبعه على الدين، وكل واحد ممن نسب إليه كأنه إلياس، فلما جمعت، خففت ياء النسبة بحذف إحداهما كراهة التضعيف، فالتفى ساكنان: الياء فيه وحرف العلة الذي للجمع، فحذفت لالتقائهما، كما قالوا: الأشعرون والأعجمون والخبيبون والمهلبون.
وحكى أبو عمرو أن مناديًا نادى يوم الكلاب: ههلك اليزيديون.
وقال الزمخشري: لو كانا جمعًا، لعرف بالألف واللام.
وقرأ أبو رجاء، والحسن: {على الياسين}، بوصل الألف على أنه جمع يراد به إلياس وقومه المؤمنون، وحذفت ياء النسب، كما قالوا: الأشعرون، والألف واللام دخلت على الجمع، واسمه على هذا ياس.
وقرأ ابن مسعود، ومن ذكر معه أنه قرأ إدريس {سلام على إدراسين} .
وعن قتادة: وإن إدريس.
وقرأ: {على إدريس}.
وقرأ ابن عليّ: {إيليس} كقراءته {وإن إيليس لمن المرسلين}.
{إلا عجوزًا} هي امرأة لوط، وكانت كافرة، إما مستترة بالكفر، وإما معلنة به.
وكان نكاح الوثنيات عندهم جائزًا.
{مصبحين} أي داخلين في الأصباح.
والخطاب في {وإنكم} لقريش، وكانت متاجرهم إلى الشأم على مدائن قوم لوط.
{أفلا تعقلون} فتعتبرون بما جرى على من كذب الرسل. اهـ.