فصل: قال أبو حيان في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فلما علم أن دليل العقل غير مفروض هنا انحصر الكلام معهم في دليل السمع وهو الخبر الصادق لأن أسباب العلم للخلق منحصرة في هذه الأدلة الثلاثة: أشير إلى دليل الحس بقوله: {وهُم شاهِدونَ} وإلى دليلي العقل والسمع بقوله: {أم لكم سلطانٌ مبين} ثم فرع عليه قوله: {فأتوا بكتابِكم إن كنتم صادقين} وهو دليل السمع.
فأسقط بهذا التفريع احتمال دليل العقل لأن انتفاءه مقطوع إذ لا طريق إليه وانحصر دليل السمع في أنه من عند الله كما علمت إذ لا يعلم ما في غيب الله غيرُه.
ثم خوطبوا بأمر التعجيز بأن يأتوا بكتاب أي بكتاب جاءهم من عند الله.
وإنما عيّن لهم ذلك لأنهم يعتقدون استحالة مجيء رسول من عند الله واستحالة أن يكلم الله أحدًا من خلقه، فانحصر الدليل المفروض من جانب السمع أن يكون إخبارًا من الله في أن ينزَّل عليهم كتاب من السماء لأنهم كانوا يجوّزون ذلك لقولهم: {ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابًا نقرؤه} [الإسراء: 93]، ولن يستطيعوا أن يأتوا بكتاب.
فذكر لفظ {كتابكم} إظهار في مقام الإِضمار لأن مقتضى الظاهر أن يقال: فأتوا به، أي السلطان المبين فإنه لا يحتمل إلا أن يكون كتابًا من عند الله.
وإضافة كتاب إلى ضميرهم من إضافة ما فيه معنى المصدر إلى معنى المفعول على طريقة الحذف والإِيصال، والتقدير: بكتاب إليكم، لأن ما فيه مادة الكتابة لا يتعدّى إلى المكتوب إليه بنفسه بل بواسطة حرف الجر وهو إلى.
فلا جرم قد اتضح إفحامهم بهذه المجادلة الجارية على القوانين العقلية ولذلك صاروا كالمعترفين بأن لا دليل لهم على ما زعموه فانتقل السائل المستفتي من مقام الاعتراض في المناظرة إلى انقلابه مستدلًا باستنتاج من إفحامهم وذلك هو قوله: {ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد اللَّه وإنهم لكاذبون}.
[الصافات 151- 152] الواقععِ معترضًا بين الترديد في الدليل.
وأما قوله: {أصطفى البنات على البنين} فذلك بمنزلة التسليم في أثناء المناظرة كما علمت عند الكلام عليه، وهذا يسمى المعارضة.
وإنما أقحم في أثناء الاستدلال عليهم ولم يجعل مع حكاية دعواهم ليكون آخرُ الجدل معهم هو الدليلَ الذي يجرف جميع ما بنوه وهو قوله: {أم لكم سلطانٌ مبين فأتوا بكتابكم إن كنتم صادِقينَ}.
فهذا من بديع النسيج الجامع بين أسلوب المناظرة وأسلوب الموعظة وأسلوب التعليم.
وقرأ الجمهور {تَذَكَّرُونَ} بتشديد الذال على أن أصله تتذكرون فأدغمت إحدى التاءين في الذال بعد قلبها ذالًا لقرب مخرجيهما.
وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم وخلف بتخفيف الذال على أن إحدى التاءين حذفت تخفيفًا. اهـ.

.قال أبو حيان في الآيات السابقة:

{وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139)}.
العراء: الأرض الفيحاء لا شجر فيها ولا يعلم، قال الشاعر:
رفعت رجلًا لا أخاف عثارها ** ونبذت بالمين العراء ثيابي

اليقطين: يفعيل كاليفصيد، من قطن: أقام بالمكان، وهو بالمكان، وهو ما كان من الشجر لا يقوم على ساق من عود، كشجر البطيخ والحنظل والقثاء.
الساحة: الفناء، وجمعها سوح، قال الشاعر:
فكان سيان أن لا يسرحوا نعما ** أو يسرحوه بها واغبرت السوح

{وإن يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلك المشحون فساهم فكان من المدحضين فالتقمه الحوت وهو مليم فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون فنبذناه بالعراء وهو سقيم وأنبتنا عليه شجرة من يقطين وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون أم خلقنا الملائكة إناثًا وهم شاهدون ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكاذبون أصطفى البنات على البنين ما لكم كيف تحكمون أفلا تذكّرون أم لكم سلطان مبين فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين}.
يونس بن متى من بني إسرائيل.
وروي أنه نبىء وهو ابن ثمان وعشرين سنة، بعثه الله إلى قومه، فدعاهم للإيمان فخالفوه، فوعدهم بالعذاب، فأعلمهم الله بيومه، فحدده يونس لهم.
ثم إن قومه لما رأوا مخايل العذاب قبل أن يباشرهم تابوا وآمنوا، فتاب الله عليهم وصرف العذاب عنهم.
وتقدم شرح قصته، وأعدنا طرف منها ليفيد ما بين الذكرين.
قيل: ولحق يونس غضب، فأبق إلى ركوب السفينة فرارًا من قومه، وعبر عن الهروب بالإباق، إذ هو عبد الله، خرج فارًا من غير إذن من الله.
وروي عن ابن مسعود أنه لما أبعدت السفينة في البحر، ويونس فيها، ركدت.
فقال أهلها: إن فيها لمن يحبس الله السفينة بسببه، فلنقترع.
فأخذوا لكل سهمًا، على أن من طفا سهمه فهو، ومن غرق سهمه فليس إياه، فطفا سهم يونس.
فعلوا ذلك ثلاثًا، تقع القرعة عليه، فأجمعوا على أن يطرحوه.
فجاء إلى ركن منها ليقع منها، فإذا بدابة من دواب البحر ترقبه وترصد له.
فانتقل إلى الركن الآخر، فوجدها حتى استدار بالمركب وهي لا تفارقه، فعلم أن ذلك من عند الله، فترامى إليها فالتقمته.
ففي قصة يونس عليه السلام هنا جمل محذوفة مقدرة قبل ذكر فراره إلى الفلك، كما في قصته في سورة الأنبياء في قوله: {إذ ذهب مغاضبًا} هو ما بعد هذا، وقوله: {فنادى في الظلمات} جمل محذوفة أيضًا.
وبمجموع القصص يتبين ما حذف في كل قصة منها.
{فساهم فكان من المدحضين} من المغلوبين، وحقيقته من المزلقين عن مقام الظفر في الاستهام.
وقرئ: {وهو مليم} بفتح الميم، وقياسه ملوم، لأنه من لمته ألومه لومًا، فهو من ذوات الواو، ولكنه جيء به على أليم، كما قالوا: مشيب ومدعى في مشوب، ومدعو بناء على شيب ودعى.
{من المسبحين} من الذاكرين الله تعالى بالتسبيح والتقديس.
والظاهر أنه يريد ما ذكر في قوله في سورة الأنبياء: {فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} وقال ابن جبير: هو قوله سبحان الله.
وقالت فرقة: تسبيحه صلاة التطوع؛ فقال ابن عباس، وقتادة، وأبو العالية: صلاته في وقت الرخاء تنفعه في وقت الشدة.
وقال الضحاك بن قيس على منبره: اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة، إن يونس كان عبدًا ذاكرًا، فلما أصابته الشدة نفعه ذلك.
قال الله عز وجل: {فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون}.
وقال الحسن: تسبيحه: صلاته في بطن الحوت.
وروي أنه كان يرفع لحم الحوت بيديه يقول: لأبنين لك مسجدًا حيث لم ينبه أحد قبلي.
وروي أن الحوت سافر مع السفينة رافعًا رأسه ليتنفس ويونس يسبح، ولم يفارقهم حتى انتهوا إلى البر، فلفظه سالمًا لم يتغير منه شيء، فأسلموا.
والظاهر أن قوله للبث في بطنه إلى يوم البعث، وعن قتادة: لكان بطن الحوت له قبرًا إلى يوم القيامة.
وذكر في مدة لبثه في بطن الحوت أقوالًا متكاذبة، ضربنًا عن ذكرها صفحًا.
{وهو سقيم} روي أنه عاد بدنه كبدن الصبي حين يولد، قاله ابن عباس والسدي.
وقال ابن عباس، وأبو هريرة، وعمرو بن ميمون: اليقطين: القرع خاصة، قيل: وهي التي أنبتها الله عليه، وتجمع خصالًا، برد الظل، ونعومة الملمس، وعظم الورق، والذباب لا يقربها.
قيل: وماء ورقه إذا رش به مكان لم يقربه ذباب، وقال أمية بن أبي الصلت:
فأنبت يقطينًا عليه برحمة ** من الله لولا الله ألفى ضياعيا

وفيما روي: إنك لتحب القرع، قال: أجل، هي شجرة أخي يونس.
وقيل: هي شجرة الموز، تغطى بورقها، واستظل بأغصانها، وأفطر على ثمارها.
ومعنى {أنبتنا عليه شجرة} في كلام العرب: ما كان على ساق من عود، فيحتمل أن يكون الله أنبتها ذات ساق يستظل بها وبورقها، خرقًا للعادة، فنبت وصح وحسن وجهه، لأن ورق القرع أنفع شيء لمن ينسلخ جلده.
{وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون} قال الجمهور: رسالته هذه هي الأولى التي أبق بعدها، ذكرها آخر القصص تنبيهًا على رسالته، ويدل عليه: {فآمنوا فمتعناهم} وتمتيع تلك الأمة هو الذي أغضب يونس عليه السلام حتى أبق.
وقال ابن عباس، وقتادة: هي رسالة أخرى بعد أن نبذه بالعراء، وهي إلى أهل نينوى من ناحية الموصل.
وقال الزمخشري: المراد به ما سبق من إرساله إلى قومه، وهم أهل نينوى.
وقيل: هو إرسال ثان بعد ما جري إليه إلى الأولين، أو إلى غيرهم.
وقيل: أسلموا فسألوه أن يرجع إليهم فأبى، لأن النبي إذا هاجر عن قومه لم يرجع إليهم مقيمًا فيهم، فقال لهم: إن الله باعث إليكم نبيًا.
وقرأ الجمهور: {أو}، قال ابن عباس بمعنى بل.
وقيل: بمعنى الواو وبالواو، وقرأ جعفر بن محمد^.
وقيل: للإبهام على المخاطب.
وقال المبرد وكثير من البصريين: المعنى على نظر البشر، وحزرهم أن من وراءهم قال: هم مائة ألف أو يزيدون، وهذا القول لم يذكر الزمخشري غيره.
قال: أو يزيدون في مرأى الناظر، إذا رآها الرائي قال: هي مائة ألف أو أكثر.
والغرض الوصف بالكثرة، والزيادة ثلاثون ألفًا، قاله ابن عباس؛ أو سبعون ألفًا، قاله ابن جبير؛ أو عشرون ألفًا، رواه أبي عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم، وإذا صح بطل ما سواه.
{فآمنوا} روي أنهم خرجوا بالأطفال والأولاد والبهائم، وفرقوا بينها وبين الأمهات، وناحوا وضجوا وأخلصوا، فرفع الله عنهم.
والتمتع هنا هو بالحياة، والحين آجالهم السابقة في الأزل، قاله قتادة والسدي.
والضمير في {فاستفتهم} قال الزمخشري: معطوف على مثله في أول السورة، وإن تباعدت بينهما المسافة.
أمر رسوله باستفتاء قريش عن وجه إنكار البعث أولًا، ثم ساق الكلام موصولًا بعضه ببعض، ثم أمر باستفتائهم عن وجه القسمة الضيزى. انتهى.
ويبعد ما قاله من العطف.
وإذا كانوا عدوا الفصل بجملة مثل قولك: كل لحمًا واضرب زيدًا وخبزًا، من أقبح التركيب، فكيف بجمل كثيرة وقصص متباينة؟ فالقول بالعطف لا يجوز، والاستفتاء هنا سؤال على جهة التوبيخ والتقريع على قولهم البهتان على الله، حيث جعلوا لله الإناث في قولهم: الملائكة بنات الله، مع كراهتهم لهن، ووأدهم إياهن، واستنكافهم من ذكرهن.
وارتكبوا ثلاثة أنواع من الكفر: التجسيم، لأن الولادة مختصة بالأجسام؛ وتفضيل أنفسهم، حيث نسبوا أرفع الجنسين لهم وغيره لله تعالى؛ واستهانتهم بمن هو مكرم عند الله، حيث أنثوهم، وهم الملائكة.
بدأ أولًا بتوبيخهم على تفضيل أنفسهم بقوله: {ألربك البنات} وعدل عن قوله: {ألربكم} لما في ترك الإضافة إليهم من تحسينهم وشرف نبيه بالإضافة إليه.
وثنى بأن نسبة الأنوثة إلى الملائكة يقتضي المشاهدة، فأنكر عليهم بقوله: {أم خلقنا الملائكة إناثًا وهم شاهدون} أي خلقناهم وهم لا يشهدون شيئًا من حالهم، كما قال في الأخرى: {أشهدوا خلقهم} وكما قال: {ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم} ثم أخبر عنهم ثالثًا بأعظم الكفر، وهو ادعاؤهم أنه تعالى قد ولد، فبلغ إفكهم إلى نسبة الولد.
ولما كان هذا فاحشًا قال: {وإنهم لكاذبون}.
واحتمل أن تخص هذه الجملة بقولهم ولد الله، ويكون تأكيد لقوله: {من إفكهم} واحتمل أن يعم هذا القول.
فإن قلت: لم قال: {وهم شاهدون} فخص علمهم بالمشاهدة؟ قلت: ما هو إلا استهزاء وتجهيل كقوله: {أشهدوا خلقهم} وذلك أنهم كما لم يعلموا ذلك بطريق المشاهدة، لم يعلموه بخلق الله علمه في قلوبهم ولا بإخبار صادق، لا بطريق استدلال ولا نظر.
ويجوز أن يكون المعنى أنهم يقولون ذلك، كالقائل قولًا عن ثلج صدر وطمأنينة نفس لإفراط جهلهم، كأنهم قد شاهدوا خلقه.
وقرأ: {ولد الله} أي الملائكة ولده، والولد فعل بمعنى مفعول يقع على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث.
تقول: هذه ولدي، وهؤلاء ولدي. انتهى.
وقرأ الجمهور: {أصطفى} بهمزة الاستفهام، على طريقة الإنكار والاستبعاد.
وقرأ نافع في رواية إسماعيل وابن جماز وجماعة، وإسماعيل عن أبي جعفر وشيبة: بوصل الألف، وهو من كلام الكفار.
حكى الله تعالى شنيع قولهم، وهو أنهم ما كفاهم أن قالوا ولد الله، حتى جعلوا ذلك الولد بنات الله، والله تعالى اختارهم على البنين.
وقال الزمخشري: بدلًا عن قولهم ولد الله، وقد قرأ بها حمزة والأعمش، وهذه القراءة، وإن كان هذا محملها، فهي ضعيفة؛ والذي أضعفها أن الإنكار قد اكتنف هذه الجملة من جانبيها، وذلك قوله: {وإنهم لكاذبون} {ما لكم كيف تحكمون}.
فمن جعلها للإثبات فقد أوقعها دخيلة بين سببين، وليست دخيلة بين نسيبين، بل لها مناسبة ظاهرة مع قولهم ولد الله.
وأما قوله: {وإنهم لكاذبون} فهي جملة اعتراض بين مقالتي الكفر، جاءت للتشديد والتأكيد في كون مقالتهم تلك هي من إفكهم.
{ما لكم كيف تحكمون} تقريع وتوبيخ واستفهام عن البرهان والحجة.
وقرأ طلحة بن مصرف: {تذكرون} بسكون الذال وضم الكاف.
{أم لكم سلطان} أي حجة نزلت عليكم من السماء، وخبر بأن الملائكة بنات الله.
{فأتوا بكتابكم} الذي أنزل عليكم بذلك، كقوله: {أم أنزلنا عليهم سلطانًا} فهو يتكلم بما كانوا به يشركون. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
بصيرة في الاصطفاء:
وقد ورد في التنزيل لثمانية:
الأَوّل: لآدم عليه السّلام: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى ءَادَمَ}.
الثانى: للخليل إِبراهيم: {وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا}.
الثالث: للكليم موسى: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي}.
الرّابع: لجبريل عليه السّلام: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلًا}.
الخامس: لِمَرْيَمَ بنة عِمران: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ}.
السّادس لجملة الأَنبياءِ عليهم الصّلاة والسلام: {وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ}.
السّابع لأَخيار أُمّة محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم: {عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى}.
الثَّامن: لسيّد المرسلين صلَّى الله عليه وسلَّم: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا}.
والاصطفاءُ لغة: تناول صَفْو الشيءِ؛ كما أَنَّ الاختيار: تناول خَيره والاجتباءُ تناول جِبايته أي جُمْلَته.
واصطفاءُ الله بعض عباده قد يكون بإِيجاده صافيا عن الشَّوْب الموجود في غيره.
وقد يكون باعتباره وحكمه، وإِن لم يتعرّ ذلك من الأَوّل.
واصطفيت كذا على كذا أي اخترته.
قال تعالى: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ}. والصّفِىّ والصّفِيّة: ما يصطفيه الرئيس من الغنيمة لنفسه.
قال:
لك المِرباع منها والصَّفايا ** وحَظُّك والنَّشيطة والفضُول

. اهـ.