فصل: قال ابن جزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأما الزيادة فقال ابن عباس كانوا عشرين ألفًا ويعضده ما روي عن أبي بن كعب قال سألت رسول الله صلّى اللّه عليه وسلم عن قوله تعالى: {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون} قال «يزيدون عشرين ألفًا» أخرجه الترمذي وقال حديث حسن وقيل يزيدون بضعًا وثلاثين ألفًا وقيل سبعين ألفًا.
{فآمنوا} يعني الذين أرسل إليهم يونس بعد معاينة العذاب {فمتعناهم إلى حين} أي إلى انقضاء آجالهم.
قوله: {فاستفتهم} أي فسل يا محمد أهل مكة وهو سؤال توبيخ {ألربك البنات ولهم البنون} وذلك أن جهينة وبني سلمة بن عبد الدار زعموا أن الملائكة بنات الله.
والمعنى جعلوا لله البنات ولهم البنين وذلك باطل لأن العرب كانوا يستنكفون من البنات والشيء الذي يستنكف منه المخلوق كيف ينسب للخالق {أم خلقنا الملائكة إناثًا وهم شاهدون} أي حاضرون خلقنا إياهم {ألا إنهم من إفكهم} أي من كذبهم {ليقولون ولد الله} أي في زعمهم {وإنهم لكاذبون} أي فيما زعموا {أصطفى البنات} أي في زعمكم {على البنين} وهو استفهام توبيخ وتقريع {ما لكم كيف تحكمون} أي بالبنات لله ولكم بالبنين {أفلا تذكرون} أي أفلا تتعظون {أم لكم سلطان مبين} أي برهان بين على أن لله ولدًا {فأتوا بكتابكم} يعني الذي لكم فيه حجة {إن كنتم صادقين} أي في قولكم {وجعلوا بينه وبين الجنة نسبًا} قيل أراد بالجنة الملائكة سموا جنة لاجتنانهم عن الأبصار.
قال ابن عباس هم حي من الملائكة يقال لهم الجن ومنهم إبليس قالوا هم بنات الله فقال لهم أبو بكر الصديق فمن أمهاتهم قالوا سروات الجن.
وقيل معنى النسب أنهم أشركوا في عبادة الله تعالى.
وقيل هو قول الزنادقة الخير من الله والشر من الشيطان {ولقد علمت الجنة إنهم} يعني قائلي هذا القول {لمحضرون} أي في النار {سبحان الله عما يصفون} نزه الله تعالى نفسه عما يقولون {إلا عباد الله المخلصين} هذا استثناء من المحضرين والمعنى أنهم لا يحضرون.
{فإنكم} يعني يا أهل مكة {وما تعبدون} أي من الأصنام {ما أنتم عليه} أي على ما تعبدون {بفاتنين} أي بمضلين أحدًا {إلا من هو صال الجحيم} أي إلا من سبق له في علم الله تعالى الشقاوة وأنه سيدخل النار.
قوله تعالى إخبارًا عن حال الملائكة {وما منا إلا له مقام معلوم} يعني أن جبريل قال للنبي صلّى اللّه عليه وسلم وما منا معشر الملائكة ملك إلا له مقام معلوم يعبد ربه فيه.
وقال ابن عباس ما في السموات موضع شبر إلا وعليه ملك يصلي أو يسبح.
وروى أبو ذر عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال «أطت السماء وحق لها أن تئط والذي نفسي بيده ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله ساجدًا» أخرجه الترمذي.
وهو طرف من حديث قيل الأطيط أصوات الأقتاب وقيل أصوات الإبل وحنينها ومعنى الحديث ما في السماء من الملائكة قد أثقلها حتى أطت وهذا مثل مؤذن بكثرة الملائكة وإن لم يكن ثم أطيط وقيل معنى إلا له مقام معلوم أي في القرب والمشاهدة وقيل يعبد الله على مقامات مختلفة كالخوف والرجاء والمحبة والرضا {وإنا لنحن الصافون} يعني الملائكة صفوا أقدامهم في عبادة الله تعالى كصفوف الناس في الصلاة في الأرض {وإنا لنحن المسبحون} أي المصلون لله تعالى وقيل المنزهون لله تعالى عن كل سوء يخبر جبريل النبي صلّى اللّه عليه وسلم أنهم يعبدون الله بالصلاة والتسبيح وأنهم ليسوا بمعبودين كما زعمت الكفار قوله: {وإن كانوا ليقولون} يعني كفار مكة قبل بعثة النبي صلّى اللّه عليه وسلم {لو أن عندنا ذكرًا من الأولين} يعني كتابًا مثل كتاب الأولين {لكنا عباد الله المخلصين} أي لأخلصنا العبادة لله {فكفروا به} أي فلما أتاهم الكتاب كفروا به {فسوف يعلمون} فيه تهديد لهم قوله: {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين} يعني تقدم وعدنا لعبادنا المرسلين بنصرهم.
{إنهم لهم المنصورون} أي بالحجة البالغة {وإن جندنا} أي حزبنا المؤمنين {لهم الغالبون} أي لهم النصرة في العاقبة {فتول} أي أعرض {عنهم حتى حين} قال ابن عباس يعني الموت وقيل إلى يوم بدر وقيل حتى آمرك بالقتال وهذه الآية منسوخة بآية القتال وقيل إلى أن يأتيهم العذاب {وأبصرهم} أي إذا نزل بهم العذاب {فسوف يبصرون} أي ذلك فعند ذلك قالوا متى هذا العذاب قال الله: {أفبعذابنا يستعجلون فإذا نزل} يعني العذاب {بساحتهم} أي بحضرتهم وقيل بفنائهم {فساء صباح المنذرين} أي فبئس صباح الكافرين الذين أنذروا العذاب ق عن أنس أن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلم غزا خيبر فلما دخل القرية قال: «الله أكبر خربت خيبر إنا إذا أنزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين قالها ثلاث مرات» ثم كرر ذكر ما تقدم تأكيدًا لوعيد العذاب فقال تعالى: {وتولى عنهم حتى حين} وقيل المراد من الآية الأولى ذكر أحوالهم في الدنيا وهذه ذكر أحوالهم في الآخرة فعلى هذا القول يزول التكرار {وأبصر} أي العذاب إذا نزل بهم {فسوف يبصرون} ثم نزه نفسه فقال تعالى: {سبحان ربك رب العزة} أي الغلبة والقدرة وفيه إشارة إلى كمال القدرة وأنه القادر على جميع الحوادث {عما يصفون} أي عن اتخاذ الشركاء والأولاد {وسلام على المرسلين} أي الذين بلغوا عن الله التوحيد والشرائع لأن أعلى مراتب البشر أن يكون كاملًا في نفسه مكملًا لغيره وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فلا جرم يجب على كل أحد الاقتداء بهم والاهتداء بهداهم {والحمد لله رب العالمين} أي على هلاك الأعداء ونصرة الأنبياء وقيل الغرض من ذلك تعليم المؤمنين أن يقولوه ولا يخلوا به ولا يغفلوا عنه لما روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال «من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه إذا قام من مجلسه سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين» والله أعلم بمراده وأسرار كتابه. اهـ.

.قال ابن جزي:

{وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ}.
الشيعة الصنف المتفق، فمعنى من شيعته: من على دينه في التوحيد، والضمير يعود على نوح وقيل: على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والأول أظهر {إِذْ جَاءَ رَبَّهُ} عبارة عن إخلاصه وإقباله على الله تعالى، بكليته وقيل: المراد المجيء بالجسد {بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} أي سليم من الشرك، والشك وجميع العيوب.
{أَإِفْكًا آلِهَةً دُونَ الله تُرِيدُونَ} الإفك الباطل وإعرابه هنا مفعول من أجله، وآلهة مفعول به وقيل: أئفكا مفعول به، وآلهة بدل منه وقيل: أئفكا مصدر في موضع الحال، تقديره: آفكين أي كاذبين والأول أحسن.
{فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ العالمين} المعنى أي شيء تظنون برب العالمين أن يعاقبكم به، وقد عبدتم غيره؟ أو أي شيء تظنون أنه هو حتى عبدتم غيره كما تقول ما ظنك بفلان؟ إذا قصدت تعظيمه، فالمقصد على المعنى الأول تهديد وعلى الثاني تعظيم لله وتوبيخ لهم.
{فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النجوم فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} روي أن قومه كان لهم عيد يخرجون إليه فدعوه إلى الخروج معهم، فحينئذ قال: إن سقيم ليمتنع عن الخروج معهم، فيكسر أصنامهم إذا خرجوا ليعدهم وفي تأويل ذلك ثلاثة أقوال: الأول أنها كانت تأخذه الحمى في وقت معلوم، فنظر في النجوم ليرى وقت الحمى، واعتذر عن الخروج لأنه سقيم من الحمى، والثاني أن قومه كانوا منجمين وكان هو يعلم أحكام النجوم فأوهمهم أنه استدل بالنظر في علم النجوم أنه يسقم، فاعتذر بما يخاف من السقم عن الخروج معهم والثالث أن معنى نظر في النجوم أنه نظر وفكر فيما يكون من أمره معهم فقال: إني سقيم والنجوم على هذا ما ينجم من حاله معهم، وليست بنجوم السماء، وهذا بعيد وقوله: إني سقيم على حسب هذه الأقوال يحتمل أن يكون حقًا لا كذب فيه، ولا تجوّز أصلًا، ويعارض هذا ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن إبراهيم كذب ثلاث كذبات، أحدها: قوله إني سقيم» ويحتمل أن يكون كذبا صراحًا، وجاز له ذلك لهذا الاحتمال، لأنه فعل ذلك من أجل الله إذ قصد كسر الأصنام، ويحتمل أن يكون من المعارضين، فإن أراد أنه سقيم فيما يستقبل، لأن كل إنسان لابد له أن يمرض، أو أراد أنه سقيم النفس من كفرهم وتكذبيهم له، وهذان التأويلان أولى، لأن نفي الكذب بالجملة معارض للحديث، والكذب الصراح لا يجوز على الأنبياء، عند أهل التحقيق، أما المعاريض فهي جائزة.
{فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ} أي تركوه إعراضًا عنه وخرجوا إلى عيدهم، وقيل: إنه أراد بالسقم الطاعون وهو داء يُعدي، فخافوا منه وتباعدوا عنه مخافة العدوى {فَرَاغَ} أي مال {فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ} إنما قال ذلك على وجه الاستهزاء بالذين يعبدون تلك الأصنام {ضَرْبًا باليمين} أي يمين يديه وقيل بالقوة وقيل: الحلف، وهو قوله: تالله لأكيدن أصنامكم، والأول أظهر وأليق بالضرب، وضربًا مصدر في موضع الحال {يَزِفُّونَ} أي يسرعون.
{قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} أي تنجرون والنحت النجارة إشارة إلى صنعهم من الحجارة والخشب {والله خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} ذهب قوم إلى ما مصدرية والمعنى: الله خلقكم وأعمالكم، وهذه الآية عندهم قاعدة في خلق أفعال العباد، وقيل: إنها موصولة بمعنى الذي والمعنى: الله خلقكم وخلق أصنامكم التي تعملونها، وهذا أليق بسياق الكلام، وأقوى في قصد الاحتجاج على الذين عبدوا الأصنام، وقيل: إنها نافية، وقيل: إنها استفهامية، وكلاهما باطل.
{قَالُواْ ابنوا لَهُ بُنْيَانًا} قيل: البنيان في موضع النار، وقيل: بل كان للمنجنيق، الذي رمى عنه {فَأَرَادُواْ بِهِ كَيْدًا} يعني حرقه بالنار {فَجَعَلْنَاهُمُ الأسفلين} أي المغلوبين.
{وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إلى رَبِّي سَيَهْدِينِ} قيل: إنه قال هذا بعد خروجه من النار، وأراد أنه ذاهب إلى ربه بالموت، لأنه ظن أن النار تحرقه، وسيهدين على القول الأول يعني إلى صلاح الدين والدنيا، وعلى القول الثاني إلى الجنة، وقالت المتصوفة: معناه إني ذاهب إلى ربي بقلبي، أي مقبل على الله بكليتي تاركًا سواه.
{رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصالحين} يعني ولدًا من الصالحين {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ} أي عاقل واختلف الناس في هذا الغلام المبشر به في هذا الموضع وهو الذبيح، هل هو إسماعيل أو إسحاق؟ فقال ابن عباس وابن عمر وجماعة من التابعين هو إسماعيل: وحجتهم من ثلاثة أوجه الأول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا ابن الذابحين يعني إسماعيل عليه السلام، ووالده عبد الله، حين نذر والده عبد المطلب أن ينحر أحد أولاده وأصابت القرعة عبد الله إن يسر الله له أمر زمزم، ففداه بمائة من الإبل والثاني أن الله تعالى قال بعد تمام قصة الذبيح {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ} فدل ذلك على أن الذبيح غيره والثالث أنه روي أنه إبراهيم جرت له قصة الذبح بمكة، وإنما كان معه بمكة إسماعيل. وذهب عليّ بن أبي طالب وابن مسعود وجماعة من التابعين إلى أن الذبيح إسحاق وحجتهم من وجهين الأول أن البشارة المعروفة لإبراهيم بالوادي إنما كانت بإسحاق لقوله: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ} ومن وراء إسحاق يعقوب، والثاني أنه روي أن يعقوب كان يكتب من يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله.
{فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي} يريد بالسعي هنا العمل والعبادة، وقيل: المشي وكان حينئذ ابن ثلاثة عشرة سنة {قَالَ يابني إني أرى فِي المنام أَنِّي أَذْبَحُكَ} يحتمل أن يكون رأى في المنام الذبح وهو الفعل، أو أمر في المنام أن يذبحه، والأول أظهر في اللفظ هنا، والثاني أظهر في قوله: {افعل مَا تُؤمَرُ} ورؤيا الأنبياء حق، فوجب عليه الامتثال على الوجهين {فانظر مَاذَا ترى} إن قيل: لم شاوره في أمر هو حتم من الله؟ فالجواب: أنه لم يشاوره ليرجع إلى رأيه، ولكن ليعلم ما عنده فيثبت قلبه ويوطن نفسه على الصبر، فأجابه بأحسن جواب {فَلَمَّا أَسْلَمَا} أي إستسلما وانقيادا لأمر الله {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} أي صرعه بالأرض على جبينه وللإنسان جبينان حول الجبهة، وجواب لما محذوف عند البصريين تقديره، فلما أسلما كان ما كان من الأمر العظيم، وقال الكوفيون: جوابها تله والواو زائدة، وقال بعضهم: جوابها: ناديناه والواو زائدة {قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيآ} يحتمل أنه يريد بقلبك أي كانت عندك رؤيا صادقة فعملت بحسبها، ويحتمل أن يريد بعملك أي وفيت حقها من العمل، فإن قيل: إنه أمر بالذبح ولم يذبح، فكيف قيل له: صدقت الرؤيا؟ فالجواب أنه قد بذل جهده إذ قد عزم على الذبح ولو لم يَفْدِه الله لذبحه، ولكن الله هو الذي منعه من ذبحه لما فداه، فامتناع ذبح الولد إنما كان من الله وبأمر الله، وقد مضى إبراهيم ما عليه {البلاء المبين} الذي يظهر به طاعة الله أو المحنة البينة الصعوبة.
{وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} الذبح اسم لما يذبح، وأراد به هنا الكبش الذي فدى به، وروي أنه من كباش الجنة، وقيل: إنه الكبش الذي قرب به ولد آدم، ووصفه بعظيم لذلك، أو لأنه من عند الله أو لأنه متقبل، وروي في القصص أن الذبيح قال لإبراهيم: أشدد رباطي لئلا أضطرب، وأصرف بصرك عني لئلا ترحمني، وأنه أمر الشفرة على حلقه فلم تقطع، فحينئذ جاء الكبش من عند الله، وقد أكثر الناس في قصص هذه الآية وتركناه لعدم صحته {كَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين} إن قيل: لم قال هنا في قصة إبراهيم كذلك دون قوله إنا، وقال في غيرها إنا، فالجواب أنه قد تقدم في قصة إبراهيم نفسها، إنا كذلك فأغنى عن تكرار أنا.
{وَلَقَدْ مَنَنَّا على موسى وَهَارُونَ} يعني بالنبوة وغير ذلك {مِنَ الكرب العظيم} يعني الغرق أو تعذيب فرعون إذلاله لهم {وَنَصَرْنَاهُمْ} الضمير يعود على موسى وهارون وقومهما وقيل: على موسى وهارون خاصة، وعاملهما معاملة الجماعة للتعظيم، وهذا ضعيف {وَآتَيْنَاهُمَا الكتاب المستبين} يعني: التوراة ومعنى {المستبين} البين، وفي هذه الآية وما بعدها نوع من أدوات البيان وهو الترصيع.
{وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ المرسلين} إلياس من ذرية هارون وقيل إنه أدريس، وقد أخطأ من قال: إنه إلياس المذكور في أجداد النبي صلى الله عليه وسلم.
{أَتَدْعُونَ بَعْلًا} البعل في اللغة الرب بلغة أهل اليمن، وقيل: بعل اسم صنم يقال له بعلبك.
{سَلاَمٌ على إِلْ يَاسِينَ} آل هنا على هذه القراءة بمعنى أهل ياسين اسم لإلياس، وقيل: لأبيه وقيل: لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقرئ {إلياسين} وبكسر الهمزة ووصل اللام ساكنة على هذا جمع إلياس، أو منسوب لإلياس حذفت منه الياء كما حذفت من أعجمين، وقيل سمى كل واحد من آل ياسين إلياس ثم جمعهم وقيل هو لغة في إلياس.
{عَجُوزًا فِي الغابرين} قد ذكر.
{وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ المرسلين} قد ذكرنا قصته في يونس و[الأنبياء: 87] {إِذْ أَبَقَ إِلَى الفلك المشحون} أي هرب إلى السفينة والفلك هنا واحد والمشحون المملوء، وسبب هروبه غضبه على قومه حين لم يؤمنوا، وقيل: إنه أخبرهم أن العذاب يأتيهم في يوم معين حسبما أعلمه الله، فلما رأى قومه مخايل العذاب آمنوا، فرفع الله عنهم العذاب فخاف أن ينسبوه إلى الكذب فهرب {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ المدحضين} معنى ساهم ضارب القرعة والمدحض المغلوب في القرعة والمحاجة، وسبب مقارعته أنه لما ركب السفينة، وقفت ولم تجر، فقالوا: إنما وقفت من حدث أحدثه أحدنا، فنقترع لنرى على من تخرج القرعة فنطرحه فاقترعوا فخرجت القرعة على يونس فطرحوه في البحر {فالتقمه الحوت وَهُوَ مُلِيمٌ} أي فعل ما يلام عليه، وذلك خروجه بغير أن يأمره الله بالخروج {فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين} تسبحه هو قوله: {لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين} [الأنبياء: 87]، حسبما حكى الله عنه في الأنبياء وقيل: هو قوله سبحانه الله وقيل: هو الصلاة، واختلف على هذا على يعني صلاته في بطن الحوت أو قبل ذلك، واختلف في مدة بقائه في بطن الحوت فقيل: ساعة وقيل: ثلاثة أيام وقيل: سعبة أيام وقيل: أربعون يومًا {فَنَبَذْنَاهُ بالعراء} العراء الأرض الفضاء التي لا شجر فيها، ولا ظل، وقيل يعني الساحل {وَهُوَ سَقِيمٌ} روي أنه كان كالطفل المولود بضعة لحم.