فصل: قال بيان الحق الغزنوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{هَاذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لاَ مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُواْ النَّارِ}.
وقوله: {هَاذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ} هي الأُمَّة تدخل بعد الأُمَّة النار.
ثم قَالَ: {لاَ مَرْحَبًا بِهِمْ} الكلام متَّصل، كأنه قول واحِدٍ، وإنما قوله: {لاَ مَرْحَبًا بِهِمْ} من قول أهل النار، وهو كقوله: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لعَنَتْ أُخْتَهَا} وهو في اتّصاله. كقوله: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُم بسحره فمَاذَا تَأْمُرُونَ} فاتصل قول فرعون بقولِ أصحَابه.
{قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَاذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ}.
وقوله: {قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَاذَا} معناهُ: من شرع لَنا وسَنّهُ {فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ}.
{أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَار}.
وقوله: {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} قال زهير عن أبان عن مجاهِدِ- قال الفَراء ولم أسْمَعه من زهير- {اتَّخَذْنَاهُمْ سخريًّا} ولم يكونوا كذلكَ. فقرأ أصْحَابُ عبد الله بغير استفهَامٍ، واستفهم الحسن وعاصم وأهل المدينة، وهو من الاستفهام الذي معناه التعجّب والتوبيخ فهو يجوز بالاستفهام وبطرحِهِ.
{إِن يُوحَى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}.
وقوله: {إِن يُوحَى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} إن شئتَ جَعَلت {أنّما} في موضع رَفع، كأنك قلت: ما يوحى إلى إلاّ الإنذار. وإن شئتَ جعلت المعنى: ما يوحى إلىّ لأنى نذير ونبىّ؛ فإذا ألقيت اللام كان موضع {أَنَّما} نصبًا. ويكون في هذا الموضع: ما يوحى إلىّ إلاّ أنك نذير مبين لأن المعنى حكاية، كما تقول في الكلام: أخبرونى أنى مسىء وأخبرنى أنك مسىء، وهو كقوله:
رَجْلاَن من ضَبّةَ أخبرانَا ** أنّا رأَينا رجلاُ عُرْيانَا

والمعْنى: أخبرانا أنهما رأيَا، فجاز ذلك لأن أصله الحكاية.
وقوله: {بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ} اجتمع القراء على التثنية ولو قرأ قارئ {بيدِى} يريد يدًا عَلَى واحدة كان صَدابًا؛ كقول الشاعر:
أيها المبتغى فناء قريشٍ ** بيد الله عُمرهَا والفناء

والواحد من هذا يكفى من الاثنين، وكذلك العينان والرجلان واليدان تكتفى إحداهما منَ الأخرى؛ لأن مَعْنَاهما واحد.
{قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ}.
وقوله: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ} قرأ الحسن وأهل الحجاز بالنصب قيهما. وقرأ الأعْمَش وعاصم وأكبر منهم: ابن عباسٍ ومجاهد بالرفع في الأولى والنصب في الثانية.
حدّثنا أبو العباس قال حدّثنا محمد قال حدثنا الفراء قال: حدّثنى بِهرام- وكان شيخًا يُقرئ في مسجد المطمورة ومسجد الشعبيين- عن أبانَ بن تَغْلِب عن مجاهد أنه قرأ {فالحقُّ منى والحقَّ أقولُ} وأقول الحقَّ. وهو وجه: ويكون رفعه على إضمار: فهو الحقّ.
وذُكر عن ابن عبّاس أنه قال: فأنا الحَقُّ وأقولُ الحَقَّ. وقد يكون رَفعه بتأويل جَوَابه؛ لأن العرب تقول: الحقُّ لأقومَنَّ، ويقولون: عَزْمَةٌ صَادقة لآتينَّك؛ لأن فيه تأويل: عَزْمة صَادقة أن آتيك.
ويبّين ذلك قوله: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ} أَلا ترى أنه لابد لقوله: {بَدَا لَهُمْ} من مرفوع مضمرٍ فهو في المعْنى يكون رَفعًا ونصبًا. والعرب تنشد بيت امرئ القيس:
فقلتُ يَمينُ الله أبرحُ قاعدًا ** ولو قطَّعوا رَأْسِى لديكَ وَأوصَالى

والنصب في يمين أكثر. والرفع عَلَى ما أَنبَأتك به من ضمير {أن} وعَلَى قولك عَلَىَّ يمين. وانشدونا:
فإنّ علىّ اللهَ إنْ يحملوننى ** عَلَى خُطّة إلا انطلقت أَسيرها

ويروى لا يحملوننى.
فلو ألقيت إن لقلت علىّ الله لأضربنك أي علىّ هذه اليمين. ويكون عَلَىّ اللهُ أن أضربك فترفع {الله} بالجواب. ورفعه بعلى أحَبُّ إلىَّ. ومن نصَبَ {الحقَّ والحقَّ} فعَلى معنى قولك حقًّا لآتينّكَ، والألف واللام وطرحهما سواء. وهو بمنزلة قولك حمدًا لله والحمدَ لله. ولو خفض الحقّ الأوّل خافِضٌ يجعله الله تعالى يعْنى في الإعراب فيقسم به كان صَوَابًَا والعرب تُلقى الواو من القسم ويَخفضونه سمعناهم يقولون: اللهِ لتَفعَلنّ فيقولُ المجيب: أَلله لأفعلنّ؛ لأن المعنى مستعمل والمستعمل يجوز فيه الحذف، كما يقول القائل للرجل: كيف أصْبحت؟ فيقول: خيرٍ يريد بخيرٍ، فلمّا كثرت في الكلام حُذِفت.
{وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ}.
وقوله: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ} نبأ القرآن أنه حَقّ، ونبأ محمَّدٍ عليه السلام أنه نبىّ.
وقوله: {بَعْدَ حِينِ} يقول: بعدَ الموت وقبله: لمَّا ظهر الأمر علمُوه، ومن ماتَ علمِه يَقينَا. اهـ.

.قال بيان الحق الغزنوي:

سورة ص:
{ذي الذكر} ذي الشرف. وقيل: ذكر ما قبله من أحاديث الأمم، وأقاصيص الأنبياء عليهم السلام. وقيل: ذكر ما فيه من جميع أغراض القرآن. وجواب القسم محذوف، ليذهب فيه القلب إلى كل مذهب، فيكون دليله أغزر وبحره أزخر. وقيل: جوابه: {كم أهلكنا}.
وقيل: {إن كل إلا كذب} وقيل: {بل الذين كفروا} وبل للإضراب عن الأول من غير إبطال.
{في عزة} (2) حمية الجاهلية.
{وشقاق} خلاف وعداوة.
{ولات حين} (3) ليس حين، ولا تعمل {لات} بالنصب إلا في الحين وحده، لأنها مشبهة بليس فلا تقوى قوة المشبه به، قال أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب:
يا نبي الهدى إليك لجا ** حي قريش ولات حين لجاء

حين ضاقت عليهم سعة ** الأرض وعاداهم إله السماء

{مناص} (3) ملجأ. وقيل: مفر.
قال:
ولقد شهدت تغاؤرًا ** يوم اللقاء على أبوص

إني لأروع ماجد ** سمح الخلائق لا أنوص

{في الملة الأخرة} (7) ملة النصرانية، لأنها آخر الملل. وقال مجاهد: في ملة قريش.
{فليرتقوا في الأسباب} (10) أي: أبواب السماء وطرقها، فليأتوا منها بالوحي إلى من شاؤوا.
{مهزوم من الأحزاب} (11) بشره الله بهزيمتهم، فكانت يوم بدر.
{وفرعون ذو الأوتاد} ذو الأبنية العالية، كالجبال التي هي الأوتاد في الأرض. وقيل: ذو الملك الثابت كثبوت ما يشدد بالأوتاد. كما قال الأسود بن يعفر:
ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة ** في ظل ملك ثابت الأوتاد

فإذا النعيم وكل ما يلهي ** به يومًا يصير إلى بلى ونفاد

{ما لها من فواق} بالفتح والضم، مثل غمار الناس وغمارهم. وقيل: الفواق- بالضم-: ما بين الحلبتين، مقدار ما يفوق اللبن فيه إلى الضرع ويجتمع، والفواق: مصدر كالإفاقة، مثل: الجواب والإجابة، فالأول يرجع إلى مقدار وقت الراحة. والثاني: إلى نفي الإفاقة عن الغشية. ويحتمل المعنيين قول الهذلي:
إذا ماتت من الدنيا حياتي ** فيا ليت القيامة عن فواق

وفي معنى الفواق- بالضم- قول الجعدي:
وبنو فزارة إنها ** لا تلبث الحلب الحلائب

أي: لا تلبث الحلائب قدر حلب ناقة حتى تهزمهم.
{عجل لنا قطنا} (16) ما كتب لنا من الرزق. وقيل: من الجنة ونعيمها. وقيل: من العذاب.
وأصله القطع، ومنه قط القلم، وما رأيته قط، أي: قطعًا، ثم سمي الكتاب قطًا، لأنه يقطع ثم يكتب. قال أمية بن أبي الصلت:
قوم لهم ساحة العراق وما ** يجبى إليه والقط والقلم

{ذا الأيد} (17) ذا القوة في الدين، فكان يقوم نصف كل ليلة، ويصوم نصف كل شهر.
{إنه أواب} مسبح. كقوله: {يا جبال أوبي} وكذلك قوله: {كل له أواب} (19) أي: مطيع له مسبح معه.
{وفصل الخطاب} (20) علم الحكم بين الناس، كأنه قطع المخاطبة، وفصل ما خاطب به بعض بعضًا.
{وهل أتاك نبأ الخصم} (21) الخصم يتناول العدد والواحد، لأن لفظه لفظ المصدر، والمصدر للجنس.
{تسوروا} (21) أتوه من أعلى سوره، وقال: {تسوروا} بلفظ الجمع، وهما اثنان، لأن الاثنين جمع في الحقيقة، إذ الجمع ليس إلا ضم عدد إلى عدد.
{ولا تشطط} (22) أشط في الحكم، إذا عدل عن العدل، متباعدًا من قولهم: شطت به النوى، أي: تباعدت، قال الأحوص:
ألا يالقوم قد أشطت عواذلي ** ويزعمن قد أودى بحقي باطلي

وقد كثر اختلاف المفسرين في هذه الآيات، وأوسطها طريقة: ما ذكر في كتاب عصمة الأنبياء: أن جماعة من أعدائه تسوروا محرابه الذي يصلي فيه، وقصدوه بسوء في وقت غفلته، فلما رأوه متيقظًا انتقض عليهم تدبيرهم، فاخترع بعضهم خصومة، وأوهموه أنهم قصدوه لأجلها، ففزع منهم، فقالوا: لا بأس {خصمان} إلى قوله: {ولي نعجة واحدة}. فقال داود: {لقد ظلمك بسؤال نعجتك} أي: إن كان الأمر كما تقول، فحلم عنهم وصبر مع القدرة والأيد، وشدة الملك.
{وخر راكعًا} (24) وقع من ركوعه إلى سجوده.
{وأناب} إلى الله شكرًا لما وفقه له من الصبر والحلم. واستغفر لذنوب القوم، أو قال: اللهم اغفر لي ولهم. وقوله: {فغفرنا له ذلك} (25) أي: لأجله. ويجوز أن يكون استغفاره على مذهب الصالحين إذا دهمهم مكروه، رجعوا إلى أنفسهم، وقالوا: إنما أخذنا بذنوبنا.
وإن ثبت حديث أوريا فخطيئته: خطبته على خطبته، أو استكثاره من النساء. وإن كانت القصة من الملكين- كما يقوله القصاص- فلابد من أن يكون في كلامهما من المعاريض ما يبعد عن الكذب، ولكن استغنى عن ذكرها، إذ كان الغرض اقتصاص غيرها.
وعلى أنهم لم يقولوا: نحن خصمان، وإنما ذكر ذلك على طريق المثل والسؤال، فظن داود أنهم عرضوا له بكثرة أزواجه، وميله إلى الشهوات الدنيا، فاستغفر ربه.
{وعزني في الخطاب} (23) غلبني. قال الشاعر- أنشده المبرد-:
لقد علمت أم الصبيين أنني ** إلى الضيف قوام السنات خروج

إذ المرغث العوجاء بات يعزها ** على ضرعها ذو تو متين لهوج

{الصافنات} (31) الخيل القائمة على ثلاث قوائم، الثانية رابعتها.
{أحببت حب الخير} (32) آثرت حب المال على ذكر ربي.
{فطفق مسحا بالسوق والأعناق} (33) قيل: كواها في الأعناق والقوائم، وجعلها حبيسًا في سبيل الله مسومة بها، كفارة لصلاته الفائتة. وقيل: ذبحها وعرقبها، وتصدق بلحومها كفارة أيضًا.
{توارت بالحجاب} أي: الشمس، وإن لم يجر لها ذكر، كما قال لبيد:
حتى إذا ألقت يدًا في كافر ** وأجن عورات الثغور ظلامها

{ولقد فتنا سليمان} (34) قيل: خلصناه. وقيل: ابتليناه.
وسبب فتنته قربانه بعض نسائه في حالة الحيض عن الحسن.
وعن ابن المسيب: احتجابه عن الناس ثلاثة أيام.
{وألقينا على كرسيه جسدًا} أي: ألقيناه، لأنه مرض فكان على كرسيه كالجسد الملقى. وتفسير النقاش: ولد له شق إنسان فألقي على كرسيه ميتًا.
وعن ابن عباس: أنه كان على شاطئ البحر يعبث بخاتمه فوقع في البحر، ثم بعد أربعين يومًا من زوال أمره، أخذ سمكة أجرًا على عمله، فوجد الخاتم في جوفها، فأناب إلى ملكه. وعلى القول الأول: أناب إلى الصحة.
{لا ينبغي} (35) لا يكون. قال ابن أحمر:
في رأس خلقاء من عنقاء مشرفة ** لا ينبغي دونها سهل ولا جبل

وإنما سأل بهذا أن لا يسلب الملك مرة ثانية. وعلى القول الأول: أنه لما مرض عرض لقلبه زوال ملك الدنيا عنه إلى غيره، فسأل ملك الآخرة.
{حيث أصاب} (36) قصد وأراد. كما يقال: أصاب الصواب، فأخطأ الجواب، قال بشر:
وغيرها ما غير الناس قبلها ** فبانت وحاجات الفؤاد يصيبها

{بنصب وعذاب} (41) بضر. والنصب- بالفتح-: التعب. وقيل: هما واحد كالضعف والضعف. قال طرفة:
من عائدي الليلة أم من نصيح ** بت بنصب ففؤادي قريح

وإنما اشتكى أيوب وسوسة الشيطان لا المرض، لقوله: {إنا وجدناه صابرًا}. وقيل: إن الشيطان كان يوسوس إلى الناس أن داءه يعدي، حتى أخرجوه واستقذروه وتركت امرأته تعهدها.
{اركض برجلك} (42) حركها، واضرب بها الأرض، فضرب فنبعت عينان، اغتسل في إحداهما، فذهب ظاهر دائه، وشرب من الأخرى فذهب باطن دائه.
{ووهبنا له أهله} (43) كانوا مرضى فشفاهم. وقيل: غائبين فردهم. وقيل: موتى فأحياهم.
{ومثلهم معهم} الخول والمواشي. وعن الحسن: وهب لهم من أولادهم مثلهم.
{وخذ بيدك ضغثًا} (44) جاءته بأكثر مما كانت تأتيه من خبز الخبز، فخاف خيانتها.
وقيل: إن الشيطان وسوس لها ببعض التبرم والكراهية لما قضى الله عليهم. والضغث: الحزمة من الحشيش. وقيل: عثكال النخل الجامع لشماريخه.
{أولي الأيدي والأبصار} (45) أي: القوى في العبادة، والبصائر في الدين.
{بخالصة ذكرى الدار} (46) إذا نونت الخالصة، كانت ذكرى الدار بدلًا عنها، أي: أخلصناهم بذكرى الدار. أو يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: بخالصة هي ذكرى الدار.
وإذا لم تنون الخالصة، كانت الخالصة صفة لموصوف محذوف، أي: بخصلة خالصة ذكرى الدار. ويجوز أن يكون المصدر أو الخالصة بمعنى الخلوص، والإضافة إلى الفاعل، كما تقول: عجبت من ضرب زيد أي من أن ضرب زيد، وتقديره: بخلوص ذكرى الدار لهم وهم في الدنيا. وفي الخبر تفسير {إنا أخلصناهم بخالصة} هي الكتب المنزلة التي فيها ذكرى الدار. وعن مقاتل: أخلصناهم بالنبوة، وذكرى الدار الآخرة، والرجوع إلى الله عز وجل.
{وغساق} (57) بالتخفيف والتشديد، لغتان، ومعناهما:
المنتن المظلم، من غسق الجرح: سال، وغسق الليل: أظلم. والمشدد: صفة لموصوف محذوف، أي: وصديد غساق. والمخفف: يجوز اسمًا كالشراب والنكال، ويجوز مصدرًا كالذهاب والثبات، ثم وصف بالمصدر، أي: ذو غساق.
{وءاخر من شكله} (58) أي: وعذاب آخر.
و{أزواج} نعت للثلاثة، أو لآخر، فإن آخر بمعنى الجنس، أو العذاب يكون أنواعًا في نفسه، أو كل خرزة منه عذاب. كما قال الشاعر:
أيا ليلة خرس الدجاج طويلة ** ببغداد ما كادت عن الصبح تنجلي

فقال: خرس الدجاج وإن كانت الليلة واحدة، لأنه ذهب إلى الدجاج، أو جعل كل جزء من الليلة أخرس الدجاج. ومن متعلقة بالأزواج، أي: وعذاب آخر أزواج من شكله، أي: شكل ما تقدم ذكره، ويجوز أن يتعلق بآخر أي: وعذاب آخر كائن من هذا الشكل، ثم أزواج صفة بعد صفة.
{هذا فوج مقتحم معكم} (59) هم فوج بعد فوج يقتحمون النار. وقال الحسن: الفوج الأول: بنو إبليس، والثاني: بنو آدم. وقيل: الأول: الرؤساء، والثاني: الأتباع.
{أتخذناهم سخريا} (63) على الاستفهام.
{أم زاغت عنهم الأبصار} فلا نراهم وهم معنا. وهذا من الاستفهام الذي معناه التعجب، أو التوبيخ. أي: كانوا من السقوط بحيث يسخر منهم، فما لهم لم يدخلوا معنا النار.
{لما خلقت بيدي} (75) توليت خلقه بنفسي. أو خلقته، فتكون اليد بمعنى التأكيد والصلة، كقوله: {ويبقى وجه ربك}. وقيل: خلقت بقوتي وقدرتي، وتثنيتها على هذا ليس بخارج عن عادة العرب.
كما قال:
فإن تزجراني يا ابن عفان أنزجر ** وإن تدعاني أحم عرضًا ممنعا

وقال آخر:
وقلت لصاحبي لا تحبسانا ** بنزع أصوله واجتز شيحا

{فالحق} (84) نصبه على التفسير فقدمه، أي: لأملأن جهنم حقًا، {والحق أقول} اعتراض.
وكذلك من قال: إنه قسم، والمقسم عليه: {لأملأن} كان {والحق أقول} أيضًا اعتراضًا. وقيل: إنه نصب على الإغراء، أي: فاتبعوا الحق، {والحق أقول} كلام آخر. تمت سورة ص. اهـ.