فصل: الفوائد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الفوائد:

فتنة سليمان عليه الصلاة والسلام:
ذكر أصحاب الأخبار، عن سليمان عليه الصلاة والسلام، أمورا لا تليق بمقام النبوة، ولا يصدقها عقل سليم، وتبدو هذه الأخبار من نسج اليهود، الذين دأبوا على تشوية سمعة الأنبياء والنيل من كرامتهم، ومن هذه الأخبار ما ذكروه، بأن سليمان عليه الصلاة والسلام، غزا ملكا في البحر، وتزوج ابنته، فجعلت تبكي والدها، فصنع له الشياطين تمثالا لصورة والدها، وألبسوا التمثال ثيابا تشبه ثياب والدها، ثم صارت تسجد له مع ولائدها أربعين يوما، دون أن يعلم سليمان. ثم إنه دخل على زوجته- أمينة، فنسي خاتمه، فجاء الشيطان صخر، وتمثل بصورة سليمان عليه الصلاة والسلام، وأخذ الخاتم، وجلس على سرير ملكه أربعين يوما، وبعد أن كشف أمره هب وألقي الخاتم في البحر، فابتلعته سمكة، فأخذها سليمان وبقر بطنها، وأخذ الخاتم، وعاد إلى ملكه، وأمر بالشيطان صخر، فأدخله في جوف صخرة وسدّ عليه بأخرى، ثم أوثقها بالحديد والرصاص، ثم أمر به فقذفوه في البحر. إلى آخر الأسطورة، التي تبدو- بما لا يدع مجالا للشك- من نسج الخيال، ومن افتراءات اليهود الذين ما برحوا ينالون من الأنبياء والأطهار. قال القاضي عياض وغيره من المحققين: لا يصح ما نقله الأخباريون من تشبيه الشيطان بسليمان صلّى اللّه عليه وسلم وتسليطه على ملكه، وتصرفه في أمته بالجور في حكمه، وإن الشياطين لا يسلطون على مثل هذا، وقد عصم اللّه تعالى الأنبياء من مثل هذا. والذي ذهب إليه المحققون، أن سبب فتنته ما أخرجاه في الصحيحين، من حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: قال سليمان: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل اللّه تعالى. فقال له صاحبه: قل إن شاء اللّه، فلم يقل: إن شاء اللّه، فطاف عليهن جميعا، فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة، جاءت بشق رجل، وايم اللّه الذي نفسي بيده، لو قال إن شاء اللّه لجاهدوا في سبيل اللّه فرسانا أجمعون، وفي رواية لأطوفن بمئة امرأة، فقال له الملك: قل إن شاء اللّه فلم يقل ونسي. قال العلماء: والشق هو الجسد الذي ألقي على كرسيه، وهي عقوبته ومحنته، لأنه لم يستثن لما استغرقه من الحرص، وغلب عليه من التمني.
وقيل: نسي أن يستثني، كما صح في الحديث، لينفذ أمر اللّه ومراده فيه. واللّه أعلم. ومعنى: لم يستثن أي لم يقل إن شاء اللّه.

.[سورة ص: آية 35]:

{قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35)}.

.الإعراب:

{ربّ} منادى مضاف منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل الياء المحذوفة للتخفيف... والياء مضاف إليه {لي} متعلّق ب {اغفر} {لي} الثاني متعلّق ب {هب} لا نافية {لأحد} متعلّق ب {ينبغي} {من بعدي} متعلّق بنعت لأحد {أنت} ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ خبره {الوهّاب}.
جملة: {قال} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة النداء وجوابها.. في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {اغفر} لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: {هب} لا محلّ لها معطوفة على جملة اغفر.
وجملة: {لا ينبغي} في محلّ نصب نعت ل {ملكا}.
وجملة: {إنّك أنت الوهّاب} لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: {أنت الوّهاب} في محلّ رفع خبر إنّ.

.[سورة ص: الآيات 36- 40]:

{فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ (36) وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (38) هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ (39) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (40)}.

.الإعراب:

الفاء عاطفة {له} متعلّق ب {سخّرنا} {بأمره} متعلّق بحال من فاعل تجري {رخاء} حال منصوبة من الريح {حيث} ظرف مكان مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب متعلّق ب {تجري}.
جملة: {سخّرنا} لا محلّ لها معطوفة على جملة قال.
وجملة: {تجري} في محلّ نصب حال من الريح.
وجملة: {أصاب} في محلّ جرّ مضاف إليه.
(37- 39) الواو عاطفة {الشياطين} معطوف على الريح منصوب {كلّ} بدل من الشياطين بعض من كلّ.
الواو عاطفة {آخرين} معطوف على كلّ بناء {في الأصفاد} متعلّق بمقرّنين الفاء رابطة لجواب شرط مقدّر {أو} حرف عطف للتخيير {بغير} متعلّق بحال من {عطاؤنا}.
وجملة: {هذا عطاؤنا} لا محلّ لها استئنافيّة مقرّرة لمضمون ما سبق.
وجملة: {امنن} في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن أردت أن تمنن فامنن.
وجملة: {أمسك} معطوفة على جملة امنن.
(40) الواو حاليّة {إنّ له} {مآب} مرّ إعرابها.
وجملة: {إنّ له}... {لزلفى} في محلّ نصب حال من فاعل سخّرنا.

.الصرف:

(36) رخاء: صفة مشبّهة من الثلاثيّ رخا باب نصر وباب فرح وباب كرم، وزنه فعال بضمّ الفاء، وفيه إبدال حرف العلّة- لام الكلمة- همزة لمجيئه متطرّفا بعد ألف ساكنة، أصله رخاو أو رخاي.
(37) بنّاء: مبالغة اسم الفاعل من فعل بنى باب ضرب، وزنه فعّال بفتح الفاء، وفيه إبدال حرف العلّة همزة بعد الألف الساكنة.
{غوّاص} مبالغة اسم الفاعل من الثلاثيّ غاص باب نصر، وزنه فعّال بفتح الفاء.

.[سورة ص: آية 41]:

{وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ (41)}.

.الإعراب:

الواو استئنافيّة {أيوب} عطف بيان على عبدنا منصوب {إذ} ظرف في محلّ نصب بدل من عبدنا {بنصب} متعلّق ب {مسّني}.
والمصدر المؤوّل {أنّي مسّني الشيطان} في محلّ جرّ ب باء محذوفة متعلّق ب {نادى}.
جملة: {اذكر} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {نادى} في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: {مسّني الشيطان} في محلّ رفع خبر أنّ.

.الصرف:

{نصب} قيل هو جمع نصب بفتحتين، وقيل هو لغة في النصب كالحزن والحزن بضمّ فسكون في الأول وفتحتين في الثاني، مصدر سماعيّ لفعل نصب ينصب باب فرح بمعنى تعب.

.[سورة ص: آية 42]:

{ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ (42)}.

.الإعراب:

{برجلك} متعلّق ب {اركض} بتضمينه معنى اضرب.
{شراب} معطوف على مغتسل مرفوع مثله.
جملة: {اركض برجلك} في محلّ نصب مقول القول لقول مقدّر أي: قلنا اركض.
وجملة: {هذا مغتسل} في محلّ نصب مقول القول لقول مقدّر آخر. أي فقلنا هذا مغتسل.. وبين القولين كلام مقدّر أي: فضرب الأرض فنبعت عين ماء فقلنا.

.الصرف:

{مغتسل} اسم مفعول بمعنى الماء من الخماسيّ اغتسل، وزنه مفتعل بضمّ الميم وفتح العين.. وقد يكون اسم مكان.
{بارد} اسم فاعل من برد الثلاثيّ باب نصر، وزنه فاعل.

.[سورة ص: الآيات 43- 44]:

{وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (43) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)}.

.الإعراب:

الواو عاطفة في المواضع الثلاثة {له} متعلّق ب {وهبنا} {مثلهم} معطوف على أهله منصوب {معهم} ظرف منصوب متعلّق بحال من مثلهم {رحمة} مفعول لأجله منصوب {منّا} متعلّق بنعت لرحمة {لأولي} متعلّق بذكرى.
جملة: {وهبنا} لا محلّ لها معطوفة على مقدّر مستأنف أي: كشفنا ما به ووهبنا.
(44) الواو عاطفة في الموضعين {بيدك} متعلّق بحال من {ضغثا} الفاء عاطفة {به} متعلّق ب {اضرب} لا ناهية جازمة {إنّا} حرف مشبّه بالفعل واسمه {صابرا} مفعول به ثان منصوب {نعم العبد إنّه أوّاب} مرّ إعرابها.
وجملة: {خذ} في محلّ نصب مقول القول لقول مقدّر أي:
قلنا خذ.. وجملة القول المقدّرة لا محلّ لها معطوفة على جملة وهبنا.
وجملة: {اضرب} في محلّ نصب معطوفة على جملة خذ.
وجملة: {لا تحنث} في محلّ نصب معطوفة على جملة اضرب.
وجملة: {إنّا وجدناه} لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو تعليليّة- وجملة: {وجدناه} في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: {نعم العبد} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {إنّه أوّاب} لا محلّ لها تعليليّة.

.الصرف:

{ضغثا} اسم للحزمة الصغيرة من الحشيش أو القضبان، وزنه فعل بكسر فسكون.

.الفوائد:

البرّ بالقسم:
يروى أن زوجة أيوب- عليه الصلاة والسلام- أبطأت عليه يوما في حاجة له، فحلف ليضربن امرأته مائة سوط إذا برى ء، فحلل اللّه يمينه بأهون شيء عليه وعليها، لحسن خدمتها، فأمره بأن يأخذ ضغثا حزمة من حشيش يشتمل على مائة عود صغار، فيضربها به ضربة واحدة، ففعل ولم يحنث في يمينه. وهل هذا الحكم الفقهي لأيوب خاصة أمّ لنا عامّة؟ هناك قولان: أحدهما أن هذا الحكم عام، وبه قال ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، وثانيهما: أنه خاص بأيوب، قاله مجاهد. واختلف الفقهاء فيمن حلف أن يضرب عبده مائة سوط، فجمعها وضربه بها ضربة واحدة.
فقال مالك والليث بن سعد وأحمد: لا يبر بقسمه، وقال أبو حنيفة والشافعي: إذا ضربه ضربة واحدة فأصابه كل سوط على حدة فقد برّ بقسمه، واحتجوا بعموم هذه الآية، والقول الثاني هو الأرجح في هذه المجال، لعموم الآية، إذ ليست العبرة بخصوص السبب، وإنما بعموم المعنى. واللّه أعلم. وفي قصة أيوب درس بليغ لتربية النفس وتعويدها الصبر، والتمرس بمواجهة الصعاب، والصبر على الشدائد، وإحياء الأمل المشعّ أبدا في أعماق قلوب الصابرين.

.[سورة ص: الآيات 45- 47]:

{وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ (47)}.

.الإعراب:

الواو استئنافيّة {إبراهيم} بدل من عبادنا- أو عطف بيان عليه- منصوب الواو عاطفة في المواضع الثلاثة {أولي} نعت للأسماء المتقدّمة منصوب وعلامة النصب الياء ملحق بجمع المذكّر {الأبصار} معطوف على الأيدي مجرور.
جملة: {اذكر} لا محلّ لها استئنافيّة.
(46) {إنّا} حرف مشبّه بالفعل واسمه {بخالصة} متعلّق ب {أخلصناهم} {ذكرى} بدل من خالصة مجرور مثله، وجملة: {إنّا أخلصناهم} لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: {أخلصناهم} في محلّ رفع خبر إنّ.
(47) الواو عاطفة {عندنا} ظرف منصوب متعلّق بالمصطفين اللام المزحلقة للتوكيد {من المصطفين} متعلّق بخبر إنّ.
ويجوز أن يكون {ذكرى} خبرا لمبتدأ محذوف تقديره هي، والجملة نعت لخالصة.
وجملة: {إنّهم}... {لمن المصطفين} لا محلّ لها معطوفة على جملة إنّا أخلصناهم.

.الصرف:

{المصطفين} جمع المصطفى، اسم مفعول من الخماسيّ اصطفى، وزنه مفتعل بضمّ الميم وفتح العين، وفيه إعلال بالحذف، حذفت الألف لالتقائها ساكنة مع الياء الساكنة وتركت الفتحة على الفاء دلالة على الألف المحذوفة فوزنه المفتعين.. وفيه إبدال تاء الافتعال طاء لمجيئها بعد الصاد أصله المصتفين.
{الأخيار} جمع خيّر صفة مشبّهة من خار يخير باب ضرب وزنه فيعل، وقد أدغمت ياء فيعل مع عين الكلمة، ووزن أخيار أفعال.

.البلاغة:

المجاز المرسل: في قوله تعالى: {أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ}.
الأيد مجاز مرسل عن القوة، والأبصار جمع بصر بمعنى بصيرة وهو مجاز أيضا.
أو أولي الأعمال الجليلة والعلوم الشريفة، على أن ذكر الأيدي من ذكر السبب وإرادة المسبب، والأبصار بمعنى البصائر مجاز عما يتفرع عليها من العلوم.