فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



البحث الثالث: المناص المنجا والغوث، يقال ناصه إذا أغاثه، واستناص طلب المناص، والله أعلم.
{وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4)} اعلم أنه تعالى لما حكى عن الكفار كونهم في عزة وشقاق أردفه بشرح كلماتهم الفاسدة فقال: {وَعَجِبُواْ أَن جَاءهُم مٌّنذِرٌ مّنْهُمْ} في قوله: {مِنْهُمْ} وجهان الأول: أنهم قالوا: إن محمدًا مساو لنا في الخلفة الظاهرة والأخلاق الباطنة والنسب والشكل والصورة، فكيف يعقل أن يختص من بيننا بهذا المنصب العالي والدرجات الرفيعة والثاني: أن الغرض من هذه الكلمة التنبيه على كمال جهالتهم، وذلك لأنه جاءهم رجل يدعوهم إلى التوحيد وتعظيم الملائكة والترغيب في الآخرة، والتنفير عن الدنيا، ثم إن هذا الرجل من أقاربهم يعلمون أنه كان بعيدًا من الكذب والتهمة؛ وكل ذلك مما يوجب الاعتراف بتصديقه، ثم إن هؤلاء الأقوام لحماقتهم يتعجبون من قوله، ونظيره قوله: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُواْ رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ} [المؤمنون: 69] فقال: {وَعَجِبُواْ أَن جَاءهُم مٌّنذِرٌ مّنْهُمْ} ومعناه أن محمدًا كان من رهطهم وعشيرتهم وكان مساويًا لهم في الأسباب الدنيوية فاستنكفوا من الدخول تحت طاعته ومن الانقياد لتكاليفه، وعجبوا أن يختص هو من بينهم برسالة الله وأن يتميز عنهم بهذه الخاصية الشريفة، وبالجملة فما كان لهذا التعجب سبب إلا الحسد.
ثم قال تعالى: {وَقَالَ الكافرون هذا ساحر كَذَّابٌ} وإنما لم يقل وقالوا بل قال: {وَقَالَ الكافرون} إظهارًا للتعجب ودلالة على أن هذا القول لا يصدر إلا عن الكفر التام، فإن الساحر هو الذي يمنع من طاعة الله ويدعو إلى طاعة الشيطان ودلالة على أن هذا القول لا يصدر إلا عن الكفر التام، فإن الساحر هو الذي يمنع من طاعة الله ويدعو إلى طاعة الشيطان وهو عندكم بالعكس من ذلك والكذاب هو الذي يخبر عن الشيء لا على ما هو عليه وهو يخبر عن وجود الصانع القديم الحكيم العليم وعن الحشر والنشر وسائر الأشياء التي تثبت بدلائل العقول صحتها فكيف يكون كذابًا، ثم إنه تعالى حكى جميع ما عولوا عليه في إثبات كونه كاذبًا وهي ثلاثة أشياء أحدها: ما يتعلق بالإلهيات وثانيها: ما يتعلق بالنبوات وثالثها: ما يتعلق بالمعاد، أما الشبهة المتعلقة بالإلهيات فهي قولهم: {أَجَعَلَ الآلهة إلها واحدا إِنَّ هذا لَشَيْء عُجَابٌ} روي أنه لما أسلم عمر فرح به المسلمون فرحًا شديدًا وشق ذلك على قريش فاجتمع خمسة وعشرون نفسًا من صناديدهم ومشوا إلى أبي طالب وقالوا أنت شيخنا وكبيرنا وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء يعنون المسلمين فجئناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك فاستحضر أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا ابن أخي هؤلاء قومك يسألونك السؤال فلا تمل كل الميل على قومك، فقال صلى الله عليه وسلم «ماذا يسألونني» قالوا ارفضنا وارفض ذكر آلهتنا وندعك وإلهك، فقال صلى الله عليه وسلم: «أرأيتم إن أعطيتكم ما سألتم أتعطوني أنتم كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم العجم؟ قالوا نعم، قال تقولوا لا إله إلا الله» فقاموا وقالوا: {أَجَعَلَ الآلهة إلها واحدا وَأَنَّ هذا لَشَيْء عُجَابٌ} أي بليغ في التعجب وأقول منشأ التعجب من وجهين الأول: هو أن القوم ما كانوا من أصحاب النظر والاستدلال بل كانت أوهامهم تابعة للمحسوسات فلما وجدوا في الشاهد أن الفاعل الواحد لا تفي قدرته وعلمه بحفظ الخلق العظيم قاسوا الغائب على الشاهد، فقالوا: لابد في حفظ هذا العالم الكثير من آلهة كثيرة يتكفل كل واحد منهم بحفظ نوع آخر الوجه الثاني: أن أسلافهم لكثرتهم وقوة عقولهم كانوا جاهلين مبطلين، وهذا الإنسان الواحد يكون محقًا صادقًا، وأقول لعمري لو سلمنا إجراء حكم الشاهد على الغائب من غير دليل وحجة، لكانت الشبهة الأولى لازمة، ولما توافقنا على فسادها علمنا أن إجراء حكم الشاهد على الغائب فاسد قطعًا، وإذا بطلت هذه القاعدة فقد بطل أصل كلام المشبهة في الذات وكلام المشبهة في الأفعال، أما المشبهة في الذات فهو أنهم يقولون لما كان كل موجود في الشاهد يجب أن يكون جسمًا ومختصًا بحيز وجب في الغائب أن يكون كذلك، وأما المشبهة في الأفعال فهم المعتزلة الذين يقولون إن الأمر الفلاني قبيح منا، فوجب أن يكون قبيحًا من الله، فثبت بما ذكرنا أنه إن صح كلام هؤلاء المشبهة في الذات وفي الأفعال لزم القطع بصحة شبهة هؤلاء المشركين، وحيث توافقنا على فسادها علمنا أن عمدة كلام المجسمة وكلام المعتزلة باطل فاسد.
وأما الشبهة الثانية فلعمري لو كان التقليد حقًا لكانت هذه الشبهة لازمة وحيث كانت فاسدة علمنا أن التقليد باطل بقي هاهنا أبحاث:
البحث الأولى: أن العجاب هو العجيب إلا أنه أبلغ من العجيب كقولهم طويل وطوال وعريض وعراض وكبير وكبار وقد يشدد للمبالغة كقوله تعالى: {وَمَكَرُواْ مَكْرًا كُبَّارًا} [نوح: 22].
الثاني: قال صاحب الكشاف قرئ {عجاب} بالتخفيف والتشديد فقال والتشديد أبلغ من التخفيف كقوله تعالى: {مَكْرًا كُبَّارًا}.
ثم قال تعالى: {وانطلق الملأ مِنْهُمْ أَنِ امشوا وَاْصْبِرُواْ على ءالِهَتِكُمْ} قد ذكرنا أن الملأ عبارة عن القوم الذين إذا حضروا في المجلس فإنه تمتلىء القلوب والعيون من مهابتهم وعظمتهم، قوله: {مِنْهُمْ} أي من قريش انطلقوا عن مجلس أبي طالب، بعد ما بكتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجواب العتيد قائلين بعضهم لبعض {أَنِ امشوا واصبروا على آلهتكم} وفيه مباحث:
البحث الأول: القراءة المشهورة {أن امشوا} وقرأ ابن أبي عبلة امشوا بحذف أن، قال صاحب: الكشاف {أن} بمعنى أي لأن المنطلقين عن مجلس التقاول لابد لهم من أن يتكلموا ويتفاوضوا فيما يجري في المجلس المتقدم، فكان انطلاقهم مضمنًا معنى القول، وعن ابن عباس: وانطلق الملأ منهم يمشون.
البحث الثاني: معنى أن امشوا أنه قال بعضهم لبعض امشوا واصبروا، فلا حيلة لكم في دفع أمر محمد، إن هذا لشيء يراد، وفيه ثلاثة أوجه أحدها: ظهور دين محمد صلى الله عليه وسلم ليس له سبب ظاهر يثبت أن تزايد ظهوره، ليس إلا لأن الله يريده، وما أراد الله كونه فلا دافع له وثانيها: أن الأمر كشيء من نوائب الدهر فلا انفكاك لنا منه وثالثها: أن دينكم لشيء يراد أي يطلب ليؤخذ منكم، قال القفال هذه كلمة تذكر للتهديد والتخويف وكأن معناها أنه ليس غرض محمد من هذا القول تقرير الدين، وإنما غرضه أن يستولى علينا فيحكم في أموالنا وأولادنا بما يريد.
ثم قال: {مَّا سَمِعْنَا بهذا فِي الملة الأخرة} والملة الآخرة هي ملة النصارى فقالوا إن هذا التوحيد الذي أتي به محمد صلى الله عليه وسلم ما سمعناه في دين النصارى، أو يكون المراد بالمراد بالملة الآخرة ملة قريش التي أدركوا آباءهم عليها، ثم قالوا: {إِنْ هذا إِلاَّ اختلاق} افتعال وكذب، وحاصل الكلام من هذا الوجه أنهم قالوا نحن ما سمعنا عن أسلافنا القول بالتوحيد، فوجب أن يكون باطلًا، ولو كان القول بالتقليد حقًا لكان كلام هؤلاء المشركين حقًا، وحيث كان باطلًا علمنا أن القول بالتقليد باطل.
{أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8)} اعلم أن هذا هو الشبهة الثالثة لأولئك الكفار وهي الشبهة المتعلقة بالنبوات وهي قولهم إن محمدًا لما كان مساويًا لغيره في الذات والصفات والخلقة الظاهرة والأخلاق الباطنة فكيف يعقل أن يختص هو بهذه الدرجة العالية والمنزلة الشريفة؟ وهو المراد من قولهم: {أأنزل عَلَيْهِ الذكر مِن بَيْنِنَا} فإنه استفهام على سبيل الإنكار، وحكى الله تعالى عن قوم صالح أنهم قالوا مثل هذا القول فقالوا: {أألقي الذّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِر} [القمر: 25] وحكى الله تعالى عن قوم محمد صلى الله عليه وسلم أيضًا أنهم قالوا: {لَوْلاَ نُزّلَ هذا القرءان على رَجُلٍ مّنَ القريتين عَظِيمٍ} [الزخرف: 31] وتمام الكلام في تقرير هذه الشبهة: أنهم قالوا النبوة أشرف المراتب، فوجب أن لا تحصل إلا لأشرف الناس ومحمد ليس أشرف الناس، فوجب أن لا تحصل له والنبوة، والمقدمتان الأوليان حقيتان لكن الثالثة كاذبة وسبب رواج هذا التغليط عليهم أنهم ظنوا أن الشرف لا يحصل إلا بالمال والأعوان وذلك باطل، فإن مراتب السعادة ثلاثة أعلاها هي النفسانية وأوسطها هي البدنية وأدونها هي الخارجية وهي المال والجاه، فالقوم عكسوا القضية وظنوا بأخس المراتب أشرافها فلما وجدوا المال والجاه عند غيره أكثر ظنوا أن غيره أشرف منه، فحينئذ انعقد هذا القياس الفاسد في أفكارهم، ثم إنه تعالى أجاب عن هذه الشبهة من وجوه الأول: قوله تعالى: {بْل هُمْ في شَكّ مّن ذِكْري بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ} وفيه وجهان أحدهما: أن قوله: {بْل هُمْ في شَكّ مّن ذِكْرِي} أي من الدلائل التي لو نظروا فيها لزال هذا الشك عنهم وذلك لأن كل ما ذكروه من الشبهات فهي كلمات ضعيفة وأما الدلائل التي تدل بنفسها على صحة نبوته، فهي دلائل قاطعة فلو تأملوا حق التأمل في الكلام لوقفوا على ضعف الشبهات التي تمسكوا بها في إبطال النبوة، ولعرفوا صحة الدلائل الدالة على صحة نبوته، فحيث لم يعرفوا ذلك كان لأجل أنهم تركوا النظر والاستدلال، فأما قوله تعالى: {بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ} فموقعه من هذا الكلام أنه تعالى يقول هؤلاء إنما تركوا النظر والاستدلال لأني لم أذقهم عذابي، ولو ذاقوه لم يقع منهم إلا الإقبال على أداء المأمورات والانتهاء عن المنهيات وثانيها: أن يكون المراد من قوله: {بْل هُمْ في شَكّ مّن ذِكْرِى} هو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخوفهم من عذاب الله لو أصروا على الكفر، ثم إنهم أصروا على الكفر، ولم ينزل عليهم العذاب، فصار ذلك سببًا لشكهم في صدقه، وقالوا: {اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ السماء} [الأنفال: 32] فقال: {بَلْ هُمْ في شَكّ مّن ذِكْرِي} معناه ما ذكرناه، وقوله تعالى: {بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ} معناه أن ذلك الشك إنما حصل بسبب عدم نزول العذاب. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {ص} قراءة العامة {صا} بجزم الدال على الوقف؛ لأنه حرف من حروف الهجاء مثل: الاما والامار.
وقرأ أبيّ بن كعب والحسن وابن أبي إسحاق ونصر بن عاصم {صادِ} بكسر الدال بغير تنوين.
ولقراءته مذهبان: أحدهما أنه من صادى يصادي إذا عارض، ومنه {فَأَنتَ لَهُ تصدى} [عبس: 5] أي تعرّض.
والمصاداة المعارضة، ومنه الصَّدَى وهو ما يعارض الصوت في الأماكن الخالية.
فالمعنى صادِ القرآنَ بعملك؛ أي عارضه بعملك وقابله به، فاعمل بأوامره، وانته عن نواهيه.
النحاس: وهذا المذهب يروى عن الحسن أنه فسر به قراءته رواية صحيحة.
وعنه أن المعنى اتله وتعرّض لقراءته.
والمذهب الآخر أن تكون الدال مكسورة لالتقاء الساكنين.
وقرأ عيسى بن عمر {صاد} بفتح الدال مثله: (قافَ) و(نونَ) بفتح آخرها.
وله في ذلك ثلاثة مذاهب: أحدهنّ أن يكون بمعنى اتل.
والثاني أن يكون فتح لالتقاء الساكنين واختار الفتح للإتباع؛ ولأنه أخفّ الحركات.
والثالث أن يكون منصوبًا على القسم بغير حرف؛ كقولك: اللَّه لأفعلنّ، وقيل: نصب على الإغراء.
وقيل: معناه صادَ محمدٌ قلوب الخلق واستمالها حتى آمنوا به.
وقرأ ابن أبي إسحاق أيضًا {صادٍ} بكسر الدال والتنوين على أن يكون مخفوضًا على حذف حرف القسم، وهذا بعيد وإن كان سيبويه قد أجاز مثله.
ويجوز أن يكون مشبهًا بما لا يتمكن من الأصوات وغيرها.
وقرأ هارون الأعور ومحمد بن السَّمَيْقَع: (صاد) و(قافُ) و(نونُ) بضم آخرهن؛ لأنه المعروف بالبناء في غالب الحال، نحو منذُ وقطُ وقبلُ وبعدُ.
وصا إذا جعلته اسما للسورة لم ينصرف؛ كما أنك إذا سميت مؤنثًا بمذكر لا ينصرف وإن قلّت حروفه.
وقال ابن عباس وجابر بن عبد اللّه وقد سئلا عن صا فقالا: لا ندري ما هي.
وقال عكرمة: سأل نافع بن الأزرق ابن عباس عن صا فقال: صا كان بحرًا بمكة وكان عليه عرش الرحمن إذ لا ليل ولا نهار.
وقال سعيد بن جبير: صا بحر يُحيي اللّه به الموتى بين النفختين.
وقال الضحاك: معناه صدق اللّه.
وعنه أن صا قسم أقسم اللّه به وهو من أسمائه تعالى.
وقال السدي، وروي عن ابن عباس.
وقال محمد بن كعب: هو مفتاح أسماء اللّه تعالى صمدُ وصانعُ المصنوعات وصادقُ الوعد.
وقال قتادة: هو اسم من أسماء الرحمن.
وعنه أنه اسم من أسماء القرآن.
وقال مجاهد: هو فاتحة السورة.
وقيل: هو مما استأثر اللّه تعالى بعلمه، وهو معنى القول الأوّل.
وقد تقدّم جميع هذا في البقرة.
قوله تعالى: {والقرآن} خفض بواو القسم والواو بدل من الباء؛ أقسم بالقرآن تنبيهًا على جلالة قدره؛ فإن فيه بيان كل شيء، وشفاء لما في الصدور، ومعجزة للنبي صلى الله عليه وسلم.
{ذِي الذكر} خفض على النعت وعلامة خفضه الياء، وهو اسم معتل والأصل فيه ذَوَى على فَعَل.
قال ابن عباس ومقاتل معنى {ذِي الذِّكْرِ} ذي البيان.
الضحاك: ذي الشرف أي من آمن به كان شرفًا له في الدارين؛ كما قال تعالى: {لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ} أي شرفكم.
وأيضًا القرآن شريف في نفسه لإعجازه واشتماله على ما لا يشتمل عليه غيره.
وقيل: {ذِي الذِّكْرِ} أي فيه ذكر ما يحتاج إليه من أمر الدين.
وقيل: {ذِي الذِّكْرِ} أي فيه ذكر أسماء اللّه وتمجيده.
وقيل: أي ذي الموعظة والذكر.
وجواب القسم محذوف.
واختلف فيه على أوجه: فقيل جواب القسم صا؛ لأن معناه حقّ فهي جواب لقوله: {والقرآن} كما تقول: حقًّا واللّهِ، نزل واللّهِ، وجب واللّهِ،؛ فيكون الوقف من هذا الوجه على قوله: {والقرآن ذِي الذكر} حسَنّا، وعلى {في عِزَّةِ وَشِقَاقٍ} تماما.
قاله ابن الأنباري.
وحكى معناه الثعلبي عن الفراء.
وقيل: الجواب {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا في عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} لأن {بل} نفي لأمر سبق وإثبات لغيره؛ قاله القتبيّ؛ فكأنه قال: {والقرآن ذِي الذكر بَلِ الذين كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} عن قبول الحق وعداوة لمحمد صلى الله عليه وسلم.
أو {وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} ما الأمر كما يقولون من أنك ساحر كذاب؛ لأنهم يعرفونك بالصدق والأمانة بل هم في تكبر عن قبول الحق.