فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قوله تعالى: {وانطلق الملأ مِنْهُمْ أَنِ امشوا} {الملأ} الأشراف، والانطلاق الذهاب بسرعة؛ أي انطلق هؤلاء الكافرون من عند الرسول عليه السلام يقول بعضهم لبعض: {أَن امشوا} أي امضوا على ما كنتم عليه ولا تدخلوا في دينه {وَاْصْبِرُواْ على آلِهَتِكُمْ}.
وقيل هو إشارة إلى مشيهم إلى أبي طالب في مرضه كما سبق.
وفي رواية محمد بن إسحاق أنهم أبو جهل بن هشام، وشيبة وعُتبة أبناء ربيعة بن عبد شمس، وأميّة بن خلف، والعاص بن وائل، وأبو مُعيط؛ جاءوا إلى أبي طالب فقالوا: أنت سيدنا وأنصفنا في أنفسنا، فاكفنا أمر ابن أخيك وسفهاء معه، فقد تركوا آلهتنا وطعنوا في ديننا؛ فأرسل أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إن قومك يدعونك إلى السواء والنَّصَفَة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما أدعوهم إلى كلمة واحدة» فقال أبو جهل وعشرا. قال: تقولون لا إله إلا اللّه. فقاموا وقالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إلها وَاحِدًا} الآيات.
{أَنِ امشوا} في موضع نصب والمعنى بأن امشوا.
وقيل: {أن} بمعنى أي؛ أي {وانطلق الْمَلأُ مِنْهُمْ} أي امشوا؛ وهذا تفسير انطلاقهم لا أنهم تكلموا بهذا اللفظ.
وقيل: المعنى انطلق الأشراف منهم فقالوا للعوام: {امشوا واصبروا عَلَى آلِهَتكُمْ} أي على عبادة آلهتكم {إِنَّ هَذَا} أي هذا الذي جاء به محمد عليه السلام {لَشَيْءٌ يُرَادُ} أي يراد بأهل الأرض من زوال نعم قوم وغير تنزل بهم.
وقيل: {إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرَادُ} كلمة تحذير؛ أي إنما يريد محمد بما يقول الانقياد له ليعلو علينا، ونكون له أتباعًا فيتحكم فينا بما يريد، فاحذروا أن تطيعوه.
وقال مقاتل: إن عمر لما أسلم وقوي به الإسلام شقّ ذلك على قريش فقالوا: إن إسلام عمر في قوّة الإسلام لشيء يراد.
قوله تعالى: {مَا سَمِعْنَا بهذا في الملة الآخرة} قال ابن عباس والقرظيّ وقتادة ومقاتل والكلبيّ والسديّ: يعنون ملّة عيسى النصرانية وهي آخر الملل.
والنصارى يجعلون مع اللّه إلها.
وقال مجاهد وقتادة أيضًا: يعنون ملة قريش.
وقال الحسن: ما سمعنا أن هذا يكون في آخر الزمان.
وقيل: أي ما سمعنا من أهل الكتاب أن محمدًا رسول حقّ.
{إِنْ هذا إِلاَّ اختلاق} أي كذب وتخرّص؛ عن ابن عباس وغيره.
يقال: خلق واختلق أي ابتدع.
وخلق اللّه عز وجل الخلق من هذا؛ أي ابتدعهم على غير مثال.
قوله تعالى: {أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذكر مِن بَيْنِنَا} هو استفهام إنكار، والذكر هاهنا القرآن.
أنكروا اختصاصه بالوحي من بينهم؛ فقال اللّه تعالى: {بْل هُمْ فَي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي} أي من وحي القرآن.
أي قد علموا أنك لم تزل صدوقًا فيما بينهم، وإنما شكُّوا فيما أنزلته عليك هل هو من عندي أم لا.
{بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ} أي إنما اغتروا بطول الإمهال، ولو ذاقوا عذابي على الشرك لزال عنهم الشك، ولما قالوا ذلك؛ ولكن لا ينفع الإيمان حينئذ.
و{لَمَّا} بمعنى لم وما زائدة كقوله: {عَمَّا قَلِيلٍ} [المؤمنون: 40] و{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مَّيثَاقَهُمْ} [النساء: 155]. اهـ.

.قال الألوسي:

{ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1)} {ص} بالسكون على الوقف عند الجمهور، وقرأ أبي والحسن وابن أبي إسحاق وأبو السماء وابن أبي عبلة ونصر بن عاصم {صاد} بكسر الدال؛ والظاهر أنه كسر لالتقاء الساكنين وهو حرف من حروف المعجم نحو {تَعْمَلُونَ ق} و{ن}.
وأخرج ابن جرير عن الحسن أنه أمر من صادي أي عارض، ومنه الصدى وهو ما يعارض الصوت الأول ويقابله بمثله في الأماكن الخالية والأجسام الصلبة العالية، والمعنى عارض القرآن بعملك أي إعمل بأوامره ونواهيه، وقال عبد الوهاب: أي أعرضه على عملك فانظر أين عملك من القرآن، وقيل هو أمر من صادى أي حادث، والمعنى حادث القرآن، وهو رواية عن الحسن أيضًا وله قرب من الأول.
وقرأ عيسى ومحبوب عن أبي عمرو وفرقة {صاد} بفتح الدار، وكذا قرؤا (قاف) و(نون) بالفتح فيهما فقيل هو لالتقاء الساكنين أيضًا طلبًا للخفة، وقيل هو حركة إعراب على أن {صاد} منصوب بفعل مضمر أي اذكر أو اقرأ صاد أو بفعل القسم بعد نزع الخافض لما فيه من معنى التعظيم المتعدي بنفسه نحو الله لأفعلن أو مجرور بإضمار حرف القسم، وهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث بناء على أنه علم للسورة، وقد ذكر الشريف أنه إذا اشتهر مسمى بإطلاق لفظ عليه يلاحظ المسمى في ضمن ذلك اللفظ وأنه بهذا الاعتبار يصح اعتبار التأنيث في الاسم.
وقرأ ابن أبي إسحاق في رواية {صاد} بالجر والتنوين، وذلك إما لأن الثلاثي الساكن الوسط يجوز صرفه بل قيل إن الأرجح، وإما لاعتبار ذلك اسمًا للقرآن كما هو أحد الاحتمالات فيه فلم يتحقق فيه العلتان فوجب صرفه، والقول بأن ذاك لكونه علمًا لمعنى السورة لا للفظها فلا تأنيث فيه مع العلمية ليكون هناك علتان لا يخلو عن دغدغة.
وقرأ ابن السميقع وهرون الأعور والحسن في رواية {صاد} بضم الدال، وكأنه اعتبر اسمًا للسورة وجعل خبر مبتدأ محذوف أي هذه صاد، ولهم في معناه غير متقيدين بقراءة الجمهور اختلاف كاضرابه من أوائل السور، فأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح قال: سئل جابر بن عبد الله وابن عباس عن {العالمين ص} فقالا: ما ندري ما هو، وهو مذهب كثير في نظائره، وقال عكرمة: سئل نافع بن الأزرق عبد الله بن عباس عن {ص} فقال: ص كان بحرًا بمكة وكان عليه عرش الرحمن إذ لا ليل ولا نهار.
وقال ابن جبير: هو بحر يحيي الله تعالى به الموتى بين النفختين، والله تعالى أعلم بصحة هذين الخبرين.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: {ص} صدق الله، وأخرج ابن مردويه عنه أنه قال: {ص} يقول إني أنا الله الصادق، وقال محمد بن كعب القرظي: هو مفتاح أسماء الله تالى صمد وصانع المصنوعات وصادق الوعد.
وقيل هو إشارة إلى صدور الكفار عن القرآن، وقيل حرف مسرود على منهاج التحدي، وجنح إليه غير واحد من أرباب التحقيق، وقيل اسم للسورة وإليه ذهب الخليل وسيبويه والأكثرون، وقيل اسم للقرآن وقيل غير ذلك باعتبار بعض القراآت كما سمعت عن قريب، ومن الغرييب أن المعنى صاد محمد صلى الله عليه وسلم قلوب الخلق واستمالها حتى آمنوا به، ولعل القائل به اعتبره فعلًا ماضيًا مفتوح الآخر أو ساكنه للوقف، وأنا لا أقول به ولا أرتضيه وجهالً، وهو على بعض هذه الأوجه لا حظ له من الإعراب، وعلى بعضها يجوز أن يكون مقسمًا به ومفعولًا لمضمر وخبر مبتدأ محذوف، وعلى بعضها يتعين كونه مقسمًا به، وعلى بعض ما تقدم في القراءات يتأتى ما يتأتى مما لا يخفى عليك، وبالجملة إن لم يعتبر مقسمًا به فالواو في قوله سبحانه: {ص والقرءان ذِى} للقسم وإن اعتبر مقسمًا به فهي للعطف عليه لكن إذا كان قسمًا منصوبًا على الحذف والإيصال يكون العطف عليه باعتبار المعنى والأصل، ثم المغايرة بينهما قد تكون حقيقية كما إذا أريد بالقرآن كله و{بص} السورة أو بالعكس أو أريد {بص} البحر الذي قيل به فيما مر وبالقرآن كله أو السورة، وقد تكون اعتبارية كما إذا أريد بكل السورة أو القرآن على ما قيل، ولا يخفى ما تقتضيه الجزالة الخالية عن التكلف.
وضعف جعل الواو للقسم أيضًا بناء على قول جمع أن توارد قسمين على مقسم عليه واحد ضعيف، والذكر كما أخرج ابن جرير عن ابن عباس الشرف ومه قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: 44] أو الذكرى والموعظة للناس على ما روى عن قتادة والضحاك، أو ذكر ما يحتاج إليه في أمر الدين من الشرائع والأحكام وغيرها من أقاصيص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأخبار الأمم الدارجة والوعد والوعيد على ما قيل، وجواب القسم قيل مذكور فقال الكوفيون والزجاج: هو قوله تعالى: {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ الناس} [ص: 64] وتعقبه الفراء بقوله: لا نجده مستقيمًا لتأخر ذلك جدًّا عن القسم، وقال الأخفش هو {إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرسل} وقال قوم: {كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مّن قَرْنٍ} [ص: 6] وحذفت اللام أي لكم لما طال الكلام كما حذفت من {قَدْ أَفْلَحَ} [الشمسِ: 9] بعد قوله تعالى: {والشمس} [الشمس: 1] حكاه الفراء وثعلب، وتعقبه الطبرسي بأنه غلط لأن اللام لا تدخل على المفعول و{كَمْ} مفعول.
وقال أبو حيان: إن هذه الأقوال يجب إطراحها، ونقل السمرقندي عن بعضهم أنه {بَلِ الذين كَفَرُواْ} [ص: 2] الخ فإن {بَلِ} لنفي ما قبله وإثبات ما بعده فمعناه ليس الذين كفروا إلا في عزة وشقاق.
وجوز أن يريد هذا القائل أن {بَلِ} زائدة في الجواب أو ربط بها الجواب لتجريدها لمعنى الإثبات، وقيل هو صاد إذ معناه صدق الله تعالى أو صدق محمد صلى الله عليه وسلم ونسب ذلك إلى الفراء وثعلب، وهو مبني على جواز تقدم جواب القسم واعتقاد أن {ص} تدل على ماذكر، ومع هذا في كون ص نفسه هو الجواب خفاء، وقيل هو جملة هذه صاد على معنى السورة التي أعجزت العرب فكأنه: قيل هذه السورة التي أعجزت العرب والقرآن ذي الذكر وهذا كما تقول: هذا حاتم والله تريد هذا هو المشهور بالسخاء والله، وهو مبني على جواز التقدم أيضًا، وقيل هو محذوف فقدره الحوفي لقد جاءكم الحق ونحوه، وابن عطية ما الأمر كما تزعمون ونحوه، وقدره بعض المحققين ما كفر من كفر لخلل وجده ودل عليه بقوله تعالى: {بَلِ الذين} الخ، وآخر إنه لمعجز ودل عليه ما في {ص} من الدلالة على التحدي بناء على أنه اسم حرف من حروف المعجم ذكر على سبيل التحدي والتنبيه على الإعجاز أو ما في أقسم بص أو هذه ص من الدلالة على ذلك بناء على أنه اسم للسورة أو أنه لواجب العمل به دل عليه {ص} بناء على كونه أمرًا من المصاداة، وقدره بعضهم غير ذلك، وفي البحر ينبغي أن يقدر هنا ما أثبت جوابًا للقسم بالقرآن في قوله تعالى: {يس والقرءان الحكيم إِنَّكَ لَمِنَ المرسلين} [يس 1- 3].
ويقوى هذا التقدير ذكر النذارة هنا في قوله تعالى: {وَعَجِبُواْ أَن جَاءهُم مٌّنذِرٌ مّنْهُمْ} [ص: 4] وهناك في قوله سبحانه: {لِتُنذِرَ قَوْمًا} فالرسالة تتضمن النذارة والبشارة.
وجعل بل في قوله تعالى: {بَلِ الذين كَفَرُواْ في عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} للانتقال من هذا القسم والمقسم عليه إلى ذكر حال تعزز الكفار ومشاقتهم في قبولهم رسالته صلى الله عليه وسلم وامتثال ما جاء به وهي كذلك على كثير من الوجوه السابقة، وقد تجعل على بعضها للإضراب عن الجواب بأن يقال مثلًا: إنه لمعجز بل الذين كفروا في استكبار من الإذعان لإعجازه أو هذه السورة التي أعجزت العرب بل الذين كفروا لا يذعنون، وجعلها بعضهم للإضراب عما يفهم مما ذكر ونحوه من أن من كفر لم يكفر لخلل فيه فكأنه قيل: من كفر لم يكفر لخلل فيه بل كفر تكبرًا عن اتباع الحق وعنادًا، وهو أظهر من جعل ذلك إضرابًا عن صريحه، وإن قدر نحو هذا المفهوم جوابًا فالإضراب عنه قطعًا.
وفي الكشف عد هذا الإضراب من قبيل الإضراب المعنوي على نحو زيد عفيف عالم بل قومه استخفوا به على الإضراب عما يلزم الأوصاف من التعظيم كما نقل عن بعضهم عدول عن الظاهر، ويمكن أن يكون الجواب الذي عنه الإضراب ما أنت بمقصر في تذكير الذين كفروا وإظهار الحق لهم، ويشعر به الآيات بعد وسبب النزول الآتي ذكره إن شاء الله تعالى فكأنه قيل ص والقرآن ذي الذكر ما أنت بمقصر في تذكير الذين كفروا وإظهار الحق لهم بل الذين كفروا مقصرون في اتباعك والاعتراف بالحق، ووجه دلالة ما في النظم الجليل على قولنا بل الذين كفروا مقصرون الخ ظاهر، وهذه عدة احتمالات بين يديك وإليك أمر الاختيار والسلام عليك.
والمراد بالعزة ما يظهرونه من الاستكبار عن الحق لا العزة الحقيقية فإنها لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، وأصل الشقاق المخالفة وكونك في شق غير شق صاحبك أو من شق العصا بينك وبينه، والمراد مخالفة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، والتنكير للدلالة على شدتهما، والتعبير بفي على استغراقهم فيهما.
وقرأ حماد بن الزبرقان وسورة عن الكسائي وميمونة عن أبي جعفر والجحدري من طريق العقيلي في {غرة} بالغين المعجمة المكسورة والراء المهملة أي في غفلة عظيمة عما يجب عليهم من النظر فيه، ونقل عن ابن الأنباري أنه قال في كتاب الرد على من خالف الإمام: إنه قرأ بها رجل وقال: إنها أنسب بالشقاق وهو القتال بجد واجتهاد وهذه القراءة افتراء على الله تعالى. اه. وفيه ما فيه.
{كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مّن قَرْنٍ} وعيد لهم على كفرهم واستكبارهم ببيان ما أصاب اضرابهم، و{كَمْ} مفعول {أَهْلَكْنَا} و{مّن قَرْنٍ} تمييز، والمعنى، قرنًا كثيرًا أهلكنا من القرون الخالية {فَنَادَوْاْ} عند نزول بأسنا وحلول نقمتنا استغاثة لينجوا من ذلك، وقال الحسن وقتادة: رفعوا أصواتهم بالتوبة حين عاينوا العذاب لينجو منه {وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ} حال من ضمير {نَادُواْ} والعائد مقدر وإن لم يلزم أي مناصهم ولات هي لا المشبهة بليس عند سيبويه زيدت عليها تاء التأنيث لتأكيد معناها وهو النفي لأن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى أو لأن التاء تكون للمبالغة كما في علامة أو لتأكيد شبهها بليس بجعلها على ثلاثة أحرف ساكنة الوسط، وقال الرضى: إنها لتأنيث الكلمة فتكون فتأكيد التأنيث واختصت بلزوم الأحيان ولا يتعين لفظ الحين إلا عند بعض وهو محجوج بسماع دخولها على مرادفه، وقول المتنبي:
لقد تصبرت حتى لات مصطبر ** والآن أقحم حتى لات مقتحم

وإن لم يهمنا أمره مخرج على ذلك بجعل المصطبر والمقتحم اسمي زمان أو القول بأنها داخلة فيها على لفظ حين مقدر بعدها؛ والتزموا حذف أحد الجزأين والغالب حذف المرفوع كما هنا على قراءة الجمهور أي ليس الحين حين مناص، ومذهب الأخفش أنها لا النافية للجنس العاملة عمل إن زيدت عليها التاء فحين مناص اسمها والخبر محذوف أي لهم، وقيل إنها لا النافية للفعل زيدت عليها التاء ولا عمل لها أصلًا فإن وليها مرفوع فمبتدأ حذف خبره أو منصوب كما هنا فبعدها فعل مقدر عامل فيه أي ولا ترى حين مناص، وقرأ أبو السمال {وَّلاَتَ حِينَ} بضم التاء ورفع النون فعلى مذهب سيبويه {حِينٍ} اسم {لأَتٍ} والخبر محذوف أي ليس حين مناص حاصلًا لهم، وعلى القول الأخير مبتدأ خبره محذوف وكذا على مذهب الأخفش فإن من مذهبه كما في البحر أنه إذا ارتفع ما بعدها فعلى الابتداء أي فلاحين مناص كائن لهم.