فصل: قال صاحب روح البيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقد أخرج البخاري في تاريخه عن أبي الدرداء قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر داود وحدث عنه قال: «كان أعبد البشر»، وأخرج الديلمي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا ينبغي لأحد أن يقول إني أعبد من داود» وروي أنه كان يصوم يومًا ويفطر يومًا وكان يقوم نصف الليل وفي ذلك دلالة على قوته في العبادة لما في كل من الصيام والقيام المذكورين من ترك راحة تذكرها قريبًا.
{إِنَّا سَخَّرْنَا الجبال مَعَهُ} استئناف لبيان قصته عليه السلام، وجوز كونه لتعليل قوته في الدين وأوا بيته إلى الله عز وجل، ومع متعلقة بسخر، وإيثارها على اللام لأن تسخير الجبال له عليه السلام لم يكن بطريق تفويض التصرف الكلي فيها إليه كتسخير الريح وغيرها لسليمان عليه السلام بل بطريق الاقتداء به في عبادة الله تعالى.
وأخر الظرف المذكور عن {الجبال} وقدم في سورة الأنبياء فقيل: {وَسَخَّرْنَا مَعَ داود الجبال} [الأنبياء: 79] قال بعض الفضلاء: لذكر داود وسليمان ثمت فقدم مسارعة للتعيين ولا كذلك هنا، وجوز تعلقها بقوله تعالى: {يُسَبّحْنَ} وهو أقرب بالنسبة إلى آية الأنبياء، وتسبيحهن تقديس بلسان قال لائق بهن نظير تسبيح الحصى المسموع في كف النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: تقديس بلسان الحال وتقييد بالوقتين المذكورين بعد يأباه إذ لا اختصاص لتسبيحهن الحالي بهما وكذا لا اختصاص له بكونه معه، وقيل المعنى يسرن معه على أن يسبحن من السباحة، والجملة حال من {الجبال} والعدول عن مسبحات مع أن الأصل في الحال الأفراد للدلالة على تجدد التسبيح حالًا بعد حال نظير ما في قول الأعشى:
لعمري لقد لاحت عيون كثيرة ** إلى ضوء نار في يفاع تحرق

وجوز أن تكون مستأنفة لبيان كيفية التسخير ومقابلتها بمحشورة هنا كالمعينة للحالية {بالعشى} هو كما قال الراغب: من زوال الشمس إلى الصباح أي يسبحن بهذا الوقت وليس ذلك نصًا في استيعابه بالتسبيح {والإشراق} أي ووقت الإشراق، قال ثعلب: يقال شرقت الشمس إذا طلعت وأشرقت إذا أضاءت وصفت فوقت الإشراق وقت ارتفاعها عن الأفق الشرقي وصفاء شعاعها وهو الضحوة الصغرى، وروي عن أم هانىء بنت أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الضحى وقال: هذه صلاة الإشراق، وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء الخراساني أن ابن عباس قال: لم يزل في نفسي من صلاة الضحى شيء حتى قرأت هذه الآية {يُسَبّحْنَ بالعشى والإشراق} وفي رواية عنه أيضًا ما عرفت صلاة الضحى إلا بهذه الآية، ووجه فهم الحبر إياها من الآية أي كل تسبيح ورد في القرآن فهو عنده ما لم يرد به التعجب والتنزيه بمعنى الصلاة فحيث كانت صلاة لداود عليه السلام وقصت على طريق المدح علم منه مشروعيتها.
وفي الكشف وجهه أن الآية دلت على تخصيصه عليه السلام ذينك الوقتين بالتسبيح وقد علم من الرواية أنه كان يصلي مسبحًا فيهما فحكى في القرآن ما كان عليه وإن لم يذكر كيفيته فيكون في الآية ذكر صلاة الضحى وهو المطلوب أو نقول: إن تسبيح الجبال غير تسبيح داود عليه السلام لأن الأول مجاز فحمل تسبيح داود على المجاز أيضًا لأن المجاز بالمجاز أنسب. اهـ.
وتعقب بأنه إذا علم من الرواية فكيف يقال إنه أخذه من الآية والتجوز ينبغي تقليله ما أمكن، وهذا بناءً على أن {مَعَهُ} متعلق بيسبحن حتى يكون هو عليه السلام مسبحًا أي مصليًا وإلا فتسبيح الجبال لا دلالة له على الصلاة، ومع هذا ففيه حينئذٍ جمع بين معنيين مجازيين إلا أن يقال به، أو يجعل بمعنى يعظمن ويجعل تعظيم كل محمولًا على ما يناسبه، وبعد اللتيا والتي لا يخلو عن كدر، وارتضى الخفاجي الأول وأراه لا يخلو عن كدر أيضًا.
وقال الجلبي: في ذلك يجوز أن يقال: تخصيص هذين الوقتين بالذكر دل على اختصاصهما بمزيد شرف فيصلح ذلك الشرف سببًا لتعيينهما للصلاة والعبادة فإن لفضيلة الأزمنة والأمكنة أثرًا في فضيلة ما يقع فيهما من العبادات، وهذا عندي أصفى مما تقدم، ويشعر به ما أخرجه الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن ابن عباس قال: كنت أمر بهذه الآية {يُسَبّحْنَ بالعشى والإشراق} فما أدري ما هي حتى حدثتني أم هانىء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم فتح مكة صلاة الضحى ثمان ركعات فقال ابن عباس: قد ظننت أن لهذه الساعة صلاة لقوله تعالى: {يُسَبّحْنَ بالعشى والإشراق} هذا ولهم في صلاة الضحى كلام طويل والحق سنيتها وقد ورد فيها كما قال الشيخ ولي الدين ابن العراقي: أحاديث كثيرة صحيحة مشهورة حتى قال محمد بن جرير الطبري أنها بلغت مبلغ التواتر.
ومن ذلك حديث أم هانىء الذي في الصحيحين وزعم أن تلك الصلاة كانت صلاة شكر لذلك الفتح العظيم صادفت ذلك الوقت لا أنها عبادة مخصوصة فيه دون سبب أو أنها كانت قضاء عما شغل صلى الله عليه وسلم تلك الليلة من حزبه فيها خلاف ظاهر الخبر السابق عنها.
وكذا ما رواه أبو داود من طريق كريب عنها أنها قالت صلى عليه الصلاة والسلام سبحة الضحى، ومسلم في كتاب الطهارة من طريق أبي مرة عنها أيضًا ففيه ثم صلى ثماني ركعات سبحة الضحى.
وابن عبد البر في التمهيد من طريق عكرمة بن خالد أنها قالت: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فصلى ثمان ركعات فقلت ما هذه الصلاة؟ قال: هذه صلاة الضحى»، واحتج القائلون بالنفي بحديث عائشة إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم وما سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحة الضحى قط وإني لأسبحها، رواه البخاري ومسلم وأبو داود وأبو مالك، وحمله القائلون بالإثبات على نفي رؤيتها ذلك لما أنه روي عنها مسلم وأحمد وابن ماجه أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعًا ويزيد ما شاء الله تعالى، وقد شهد أيضًا بأنه عليه الصلاة والسلام كان يصليها على ما قال الحاكم أبو ذر الغفاري وأبو سعيد وزيد بن أرقم وأبو هريرة وبريدة الأسلمي، وأبو الدرداء وعبد الله بن أبي أوفى وعتبان بن مالك وعتبة بن عبد السلمي ونعيم بن همام الغطفاني وأبو أمامة الباهلي وأم هانىء وأم سلمة ومن القواعد المعروفة أن المثبت مقدم على النافي مع أن رواية الإثبات أكثر بكثير من رواية النفي وتأويلها أهون من تأويل تلك، وذكر الشافعية أنها أفضل التطوع بعد الرواتب لكن النووي في شرح المهذب قدم عليها صلاة التراويح فجعلها في الفضل بين الرواتب والضحى والمذهب عنهم وجوبها عليه صلى الله عليه وسلم وأن ذلك من خصوصياته عليه الصلاة والسلام، واحتج له بما أخرجه ابن العربي بسنده عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كتب على النحر ولم يكتب عليكم وأمرت بصلاة الضحى ولم تؤمروا بها» رواه الدارقطني أيضًا، وقال شيخ الحفاظ أبو الفضل بن حجر: إنه لم يثبت ذلك في خبر صحيح، وفي الأخبار ما يعكر على القول به، وذكر أن أقلها ركعتان لخبر البخاري عن أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام أوصاه بهما وأن لا يدعهما، وأدنى كمالها أربع لما صح كان صلى الله عليه وسلم يصلى الضحى أربعًا ويزيد ما شاء فست فثمان وأكثرها اثنتا عشرة ركعة لخبر ضعيف يعمل به في مثل ذلك، وذهب الكثير إلى أن الأكثر ثمان.
وذكروا أنها أفضل من اثنتي عشرة والعمل القليل قد يفضل الكثير فما يقتضيه أجرك على قدر نصبك أغلبي^.
وصرح ابن حجر الهيتمي عليه الرحمة بالمغايرة بين صلاة الضحى وصلاة الإشراق قال: ومما لا يسن جماعة ركعتان عقب الإشراق بعد خروج وقت الكراهة وهي غير الضحى، وتقدم لك ما يفيد اتحادهما ويدل عليه غير ذلك من الأخبار، وصح إطلاق صلاة الأوابين على صلاة الضحى كإطلاقها على الصلاة المعروفة بعد المغرب، هذا وتمام الكلام فيها في كتب الفقه والحديث.
{والطير} عطف على {الجبال} [ص: 18] على ما هو الظاهر.
{مَحْشُورَةً} حال من {الطير} والعامل {سخرنا} [ص: 18] أي وسخرنا الطير حال كونها محشورة، عن ابن عباس كان عليه السلام إذا سبح جاوبته الجبال بالتسبيح واجتمعت إليه الطير فسبحت وذلك حشرها، ولم يؤت بالحال فعلًا مضارعًا كالحال السابقة ليدل على الحشر الدفعي الذي هو أدل على القدرة وذلك بتوسط مقابلته للفعل أو لأن الدفعية هي الأصل عند عدم القرينة على خلافها.
وقرأ ابن أبي عبلة والجحدري {والطير مَحْشُورَةً} برفعهما مبتدأ وخبرًا، ولعل الجملة على ذلك حال من ضمير {يسبحن} [ص: 18] {كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ} استئناف مقرر لمضمون ما قبله مصرح بما فهم منهم إجمالًا من تسبيح الطير، واللام تعليلية، والضمير لداود أي كل واحد من الجبال والطير لأجل تسبيحه رجاع إلى التسبيح، ووضع الأواب لأن الأواب موضع المسبح إما لأنها كانت ترجع التسبيح والمرجع رجاع لأنه يرجع إلى فعله رجوعًا بعد رجوع وإما لأن الأواب هو التواب الكثير الرجوع إلى الله تعالى كما هو المشهور ومن دأبه إكثار الذكر وإدامة التسبيح والتقديس، وقيل يجوز أن يكون المراد كل من الطير فالجملة للتصريح بما فهم، وكذا يجوز أن يراد كل من داود عليه السلام ومن الجبال والطير والضمير لله تعالى أي كل من داود والجبال والطير لله تعالى أواب أي مسبح مرجع للتسبيح.
{وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ} قويناه بالهيبة والنصرة وكثرة الجنود ومزيد النعمة، واقتصر بعضهم على الهيبة، والسدي على الجنود، وروى عنه ابن جرير والحاكم أنه كان يحرسه كل يوم وليلة أربعة آلاف.
وحكي أنه كان حول محرابه أربعون ألف مستلئم يحرسونه، وهذا في غاية البعد عادة مع عدم احتياج مثله عليه السلام إليه، وكذا القول الأول كما لا يخفى على منصف، وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: ادعى رجل من بني إسرائيل عند داود عليه السلام رجلًا ببقرة فجحده فسئل البينة فلم تكن بينة فقال لهما عليه السلام: قومًا حتى أنظر في أمركما فقاما من عنده فأتى داود في منامه فقيل له: اقتل الرجل المدعى عليه فقال: إن هذه رؤيا ولست أعجل فأتى الليلة الثانية فقيل له: اقتل الرجل فلم يفعل ثم أتى الليلة الثالثة فقيل له: اقتل الرجل أو تأتيك العقوبة من الله تعالى فأرسل عليه السلام إلى الرجل فقال: إن الله تعالى أمرني أن أقتلك فقال: تقتلني بغير بينة ولا ثبت قال نعم؛ والله لأنفذن أمر الله عز وجل فيك فقال له الرجل لا تعجل علي حتى أخبرك إني والله ما أخذت بهذا الذنب ولكنني كنت اغتلت والد هذا فقتلته فبذلك أخذت فأمر به داود عليه السلام فقتل فعظمت بذلك هيبته في بني إسرائيل وشد به ملكه.
وقرأ ابن أبي عبلة بشد الدال {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ} النبوة وكمال العلم وإتقان العمل، وقيل الزبور وعلم الشرائع، وقيل كل كلام وافق الحكمة فهو حكمة {وَفَصْلَ الخطاب} أي فصل الخصام بتمييز الحق عن الباطل فالفصل بمعناه المصدري والخطاب الخصام لاشتماله عليه أو لأنه أحد أنواعه خص به لأنه المحتاج للفصل أو الكلام الذي يفصل بين الصحيح والفاسد، والحق والباطل، والصواب والخطأ وهو كلامه عليه السلام في القضايا والحكومات وتدابير الملك والمشورات، فالخطاب الكلام المخاطب به والفصل مصدر بمعنى اسم الفاعل أو الكلام الذي ينبه المخاطب على المقصود من غير التباس يراعى فيه مظان الفصل والوصل والعطف والاستئناف والاضمار والحذف والتكرار ونحوها فالخطاب بمعنى الكلام المخاطب به أيضًا والفصل مصدر إما بمعنى اسم الفاعل أي الفاصل المميز للمقصود عن غيره أو بمعنى اسم المفعول أي المقصود أي الذي فصل من بين أفراد الكلام بتلخيصه مراعاة ما سمعت فيه أو الذي فصل بعضه عن بعض ولم يجعل ملبسًا مختلطًا.
وجوز أن يراد بفصل الخطاب الخطاب القصد الذي ليس فيه اختصار مخل ولا إشباع ممل كما جاء في وصف كلام نبينا صلى الله عليه وسلم: «لا نزر ولا هذر» فالخطاب بمعنى الكلام المخاطب به كام سلف والفصل إما بمعنى الفاصل لأن القصد أي المتوسط فاصل بين الطرفين وهما هنا المختصر المخل والمطنب الممل أو لأن الفصل والتمييز بين المقصود وغيره أظهر تحققًا في الكلام القصد لما في أحد الطرفين من الإخلال وفي الطرف الآخر من الاملال المفضي إلى إهمال بعض المقصود وإما بمعنى المفصول ون الكلام المذكور مفصول مميز عند السامع على المخل والممل بسلامته عن الاخلال والإملال، والإضافة على الوجه الأول من إضافة المصدر إلى مفعوله وعلى ما عداه من إضافة الصفة لموصوفها، وما روي عن علي كرم الله تعالى وجهه والشعبي وحكاه الطبرسي عن الأكثرين من أن فصل الخطاب هو قوله: البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه فقيل هو داخل في فصل الخطاب على الوجه الثاني فإن فيه الفصل بين المدعى عليه وهو من الفصل بين الحق والباطل، وجاء في بعض الروايات هو إيجاب البينة على المدعى عليه فلعله أريد أن فصل الخطاب على الوجه الأول أعني فصل الخصام كان بذاك وجعله نفسه على سبيل المبالغة، وما روي عن ابن عباس ومجاهد والسدى من أنه القضاء بين الناس بالحق والإصابة والفهم فهو ليس شيئًا وراء ما ذكر أولًا، وأخرج ابن جرير عن الشعبي وابن أبي حاتم والديلمي عن أبي موسى الأشعري أن فصل الخطاب الذي أوتيه عليه السلام هو أما بعد، وذكر أبو موسى أنه عليه السلام أول من قال ذلك فقيل: هو داخل في فصل الخطاب وليس فصل الخطاب منحصرًا فيه لأنه يفصل المقصود عما سيق مقدمة له من الحمد والصلاة أو من ذكر الله عز وجل مطلقًا، وظاهره اعتبار فصل الخطاب بمعنى الكلام الذي ينبه المخاطب على المقصود إلى آخر ما مر، ويوهم صنيع بعضهم دخوله فيه باعتبارالمعنى الثاني لفصل الخطاب ولا يتسنى ذلك، وحمل الخبر على الانحصار مما لا ينبغي إذ ليس في إيتاء هذا اللفظ كثير امتنان، ثم الظاهر أن المراد من أما بعد ما يؤدي مؤداه من الألفاظ لا نفس هذا اللفظ لأنه لفظ عربي وداود لم يكن من العرب ولا نبيهم بل ولا بينهم فالظاهر أنه لم يكن يتكلم بالعربية، والذي يترجح عندي أن المراد بفصل الخطاب فصل الخصام وهو يتوقف على مزيد علم وفهم وتفهيم وغير ذلك فايتاؤه يتضمن إيتاء جميع ما يتوقف هو عليه وفيه من الامتنان ما فيه، ويلائمه أتم ملاءمة قوله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21)}. اهـ.

.قال صاحب روح البيان:

{اصْبِرْ} يا محمد {عَلَى مَا يَقُولُونَ} أي: ما يقوله كفار قريش من المقالات الباطلة التي من جملتها قولهم في تعجيل العذاب ربنا عجل لنا. إلخ، فعن قريب سينزل الله نصرك ويعطيهم سؤلهم.
قال شاه الكرماني: الصبر ثلاثة أشياء ترك الشكوى وصدق الرضا وقبول القضاء بحلاوة القلب.
قال البقلي: كان خاطر النبي عليه السلام أرق من ماء السماء بل ألطف من نور العرش والكرسي من كثرة ما ورد عليه من نور الحق فلكمال جلاله في المعرفة كان لا يحتمل مقالة المنكرين وسخرية المستهزئين، لا أنه لم يكن صابرًا في مقام العبودية.
{وَاذْكُرْ} من الذكر القلبي؛ أي: وتذكر.
{عَبْدَنَآ} المخصوص بعنايتنا القديمة.
{دَاوُادُ} ابن إيشا من سبط يهودا بن يعقوب عليه السلام بينه وبين موسى عليه السلام خمسمائة وتسع وستون سنة.