فصل: قال صاحب روح البيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{فَغَفَرْنَا لَهُ ذلك} أي ما استغفرنا منه.
أخرج أحمد وعبد بن حميد عن يونس بن حبان أن داود عليه السلام بكى أربعين ليلة حتى نبت العشب حوله من دموعه ثم قال: يا رب قرح الجبين ورقأ الدمع وخطيئتي على كما هي فنودي يا داود أجائع فتطعم؟ أم ظمآن فتسقي؟ أم مظلوم فينتصر لك؟ فنحب نحبة هاج ما هنالك من الخضرة فغفر له عند ذلك، وفي رواية عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن مجاهد أنه خر ساجدًّا أربعين ليلة حتى نبت من دموع عينيه من البقل ما غطى رأسه ثم قال الخ، وروي أنه لم يشرب ماء إلا وثلثاه من دمعه وجهد نفسه راغبًا إلى الله تعالى في العفو عنه حتى كاد يهلك واشتغل بذلك عن الملك حتى وثب ابن له يقال له إيشا على ملكه ودعا إلى نفسه فاجتمع إليه أهل الزيغ من بني إسرائيل فلما غفر له حاربه فهزمه.
وأخرج أحمد عن ثابت أنه عليه السلام اتخذ سبع حشايا وحشاهن من الرماد حتى أنفذها دموعًا ولم يشرب شرابًا إلا مزجه بدمع عينيه، وأخرج عن وهب أنه اعتزل النساء وبكى حتى رعش وخددت الدموع في وجهه، ولم ينقطع خوفه عليه السلام وقلقه بعد المغفرة، فقد أخرج أحمد والحكيم الترمذي وابن جرير عن عطاء الخراساني أن داود نقش خطيئته في كفه لكي لا ينساها وكان إذا رآها اضطربت يداه.
وأخرج أحمد وغيره عن ثابت عن صفوان وعبد بن حميد من طريق عطاء بن السائب عن أبي عبد الله الجدلي ما رفع داود رأسه إلى السماء بعد الخطيئة حتى مات {وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لزلفى} قرية بعد المغفرة.
{وَحُسْنُ مَئَابٍ} وحسن مرجع في الجنة، وأخرج عبد بن حميد عن عبيد بن عمير أنه قال في الآية: يدنو من ربه سبحانه حتى يضع يده عليه، وهو إن صح من المتشابه.
وأخرج أحمد في الزهد والحكيم الترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مالك بن دينار أنه قال فيها: يقام داود عليه السلام يوم القيامة عند ساق العرش ثم يقول الرب عز وجل: يا داود مجدني بذلك الصوت الحسن الخرمي الذي كنت تمجدني به في الدنيا فيقول: يا رب كيف وقد سلبته؟ فيقول: إني راده عليك اليوم فيندفع بصوت يستغرق نعيم أهل الجنة.
هذا واختلف في أصل قصته التي ترتب عليها ما ترتب فقيل إنه عليه السلام رأى امرأة رجل يقال له أوريا من مؤمني قومه وفي بعض الآثار أنه وزيره فمال قلبه إليها فسأله أن يطلقها فاستحى أن يرده ففعل فتزوجها وهي أم سليمان وكان ذلك جائزًا في شريعته معتادًا فيما بين أمته غير مخل بالمروءة حيث كان يسأل بعضهم بعضًا أن ينزل له عن امرأته فيتزوجها إذا أعجبته، وقد كان الرجل من الأنصار في صدر الإسلام بعد الهجرة إذا كانت له زوجتان نزل عن إحداهما لمن اتخذه أخًا له من المهاجرين لكنه عليه السلام لعظم منزلته وارتفاع مرتبته وعلو شأنه نبه بالتمثيل على أنه لم يكن ينبغي له أن يتعاطى ما يتعاطاه آحاد أمته ويسأل رجلًا ليس له إلا امرأة واحدة أن ينزل عنها فيتزوجها مع كثرة نسائه بل كان يجب عليه أن يغالب ميله الطبيعي ويقهر نفسه ويصبر على ما امتحن به، وقيل إنه أضمر في نفسه إن قتل أوريا تزوج بها وإليه مال ابن حجر في تحفته.
وقيل لم يكن أوريا تزوجها بل كان خطبها ثم خطبها هو فآثره عليه السلام أهلها فكان ذنبه أن خطب على خطبة أخيه المؤمن، وفي بعض الآثار أنه فعل ذلك ولم يكن عالمًا بخطبة أخيه فعوتب على ترك السؤال هل خطبها أحد أم لا؟ وقيل إنه كان في شريعته أن الرجل إذا مات وخلف امرأة فأولياؤه أحق بها إلا أن يرغبوا عن التزوج بها فلما قتل أوريا خطب امرأته ظانًا أن أولياءه رغبوا عنها فلما سمعوا منعتهم هيبته وجلالته أن يخطبوها.
وقيل أنه كان في عبادة فأتاه رجل وامرأة متحاكمين إليه فنظر إلى المرأة ليعرفها بعينها وهو نظر مباح فمالت نفسه ميلًا طبيعيًا إليها فشغل عن بعض نوافله فعوتب لذلك، وقيل إنه لم يتثبت في الحكم وظلم المدعى عليه قبل سؤاله لما ناله من الفزع وكانت الخصومة بين المتخاصمين وكانا من الإنس على الحقيقة إما على ظاهر ما قص أو على جعل النعجة فيه كناية عن المرأة، ونقل هذا عن أبي مسلم، والمقبول من هذه الأقوال ما بعد من الإخلال بمنصب النبوة، وللقصاص كلام مشهور لا يكاد يصح لما فيه من مزيد الإخلال بمنصبه عليه السلام.
ولذا قال علي كرم الله تعالى وجهه على ما في بعض الكتب: من حدث بحديث داود عليه السلام على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين وذلك حد الفرية على الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين، وهذا اجتهاد منه كرم الله تعالى وجهه، ووجه مضاعفة الحد على حد الأحرار أنهم عليهم السلام سادة السادة وهو وجه مستحسن إلا أن الزين العرافي ذكر أن الخبر نفسه لم يصح عن الأمير كرم الله تعالى وجهه، وقال أبو حيان: الذي نذهب إليه ما دل عليه ظاهر الآية من أن المتسورين المحراب كانوا من الإنس دخلوا عليه من غير المدخل وفي غير وقت جلوسه للحكم وأنه فزع منهم ظانًا أنهم يغتالونه إذ كان منفردًا في محرابه لعبادة ربه عز وجل فلما اتضح له أنهم جاؤا في حكومة وبرز منهم اثنان للتحاكم كما قص الله تعالى وأن داود عليه السلام ظن دخولهم عليه في ذلك الوقت ومن تلك الجهة ابتلاء من الله تعالى له أن يغتالوه فلم يقع ما كان ظنه فاستغفر من ذلك الظن حيث أخلف ولم يكن ليقع مظنونه وخر ساجدًّا ورجع إلى الله تعالى وأنه سبحانه غفر له ذلك الظن فإنه عز وجل قال: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذلك} ولم يتقدم سوى قوله تعالى: {وَظَنَّ داود أَنَّمَا فتناه} [ص: 42] ونعلم قطعًا أن الأنبياء عليهم السلام معصومون من الخطايا لا يمكن وقوعهم في شيء منها ضرورة إنا لو جوزنا عليهم شيئًا من ذلك بطلت الشرائع ولم يوثق بشيء مما يذكرون أنه وحي من الله تعالى فما حكى الله تعالى في كتابه يمر على ما أراده الله تعالى وما حكى القصاص مما فيه نقص لمنصب الرسالة طرحناه، ونحن كما قال الشاعر:
ونؤثر حكم العقل في كل شبهة ** إذا آثر الأخبار جلاس قصاص

انتهى؛ ويقرب من هذا من وجه ما قيل إن قومًا قصدوا أن يقتلوه عليه السلام فتسوروا المحراب فوجدوا عنده أقوامًا فتصنعوا بما قص الله تعالى من التحاكم فعلم غرضهم فقصد أن ينتقم منهم فظن أن ذلك ابتلاء من الله تعالى وامتحان له هل يغضب لنفسه أم لا فاستغفر ربه مما عزم عليه من الانتقام منهم وتأديبهم لحق نفسه لعدوله عن العفو الأليق به، وقيل: الاستغفار كان لمن هجم عليه وقوله تعالى: {فَغَفَرْنَا لَهُ} على معنى فغفرنا لأجله، وهذا تعسف وإن وقع في بعض كتب الكلام، وعندي أن ترك الأخبار بالكلية في القصة مما لا يكاد يقبله المنصف، نعم لا يقبل منها ما فيه إخلال بمنصب النبوة ولا يقبل تأويلًا يندفع معه ذلك ولابد من القول بأنه لم يكن منه عليه السلام إلا ترك ما هو الأولى بعلى شأنه والاستغفار منه وهو لا يخل بالعصمة. اهـ.

.قال صاحب روح البيان:

{وَهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُا الْخَصْمِ} استفهام معناه التعجب والتشويق إلى استماع ما في حيزه للإيذان بأنه من الأخبار البديعة التي حقها أن لا تخفى على أحد.
والنبأ: الخبر العظيم والخصم بمعنى المخاصم وأصل المخاصمة أن يتعلق كل واحد بخصم الآخر بالضم؛ أي: جانبه ولما كان الخصم في الأصل مصدرًا متساويًا أفراده وجمعه، أطلق على الجمع في قوله تعالى: {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ}.
يقال: تسور المكان إذا علا سوره وسور المدينة حائطها المشتمل عليها.
وقد يطلق على حائط مرتفع وهو المراد هنا.
والمراد من المحراب البيت الذي كان داود عليه السلام يدخل فيه ويشتغل بطاعة ربه.
قيل: كان ذلك البيت غرفة وسمي ذلك البيت محرابًا لاشتماله على المحراب على طريقة تسمية الشيء بأشرف أجزائه وإذ متعلقة بمحذوف، وهو التحاكم؛ أي: نبأ تحاكم الخصم إذ تسوروا المحراب؛ أي: تصعدوا سور الغرفة ونزلوا إليه.
والمراد بالخصم المتسورين: جبرائيل وميكائيل بمن معهما من الملائكة على صورة المدعي والمدعى عليه، والشهود والمزكين من بني آدم.
{إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُادَ} بدل مما قبله.
{فَفَزِعَ مِنْهُمْ} الفزع انقباض ونفار يعتري الإنسان من الشيء المخيف وهو من جنس الجزع، ولا يقال: فزعت من الله كما يقال خفت منه وإنما فزع منهم، لأنه كان الباب مغلقًا وهو يتعبد في البيت فنزلوا عليه بغتة من فوق؛ أي: من غير الباب على خلاف العادة.
وفيه إشارة إلى كمال ضعف البشرية مع أنه كان أقوى إذ فزع منهم، ولعل فزع داود كان لاطلاع روحه على أنه تنبيه له وعتاب فيما سلف منه كما سيأتي فلما رأوه فزعًا {قَالُوا} إزالة لفزعه {لا تَخَفْ} منا.
قال في التأويلات النجمية: يشير إلى أنه لا تخف من صورة أحوالنا، فإنا جئنا لتحكم بيننا بالحق ولكن خف من حقيقة أحوالنا، فإنها كشف أحوالك التي جرت بينك وبين خصمك أوريا {خَصْمَانِ} أي: نحن فريقان متخاصمان على تسمية مصاحب الخصم خصمًا تجوزًا.
والحاصل أنه أطلق لفظ الخصم فيما سبق على الجمع بدليل تسوروا ثم ثنى بتأويل الفريق، وهم وإن لم يكونوا فريقين بل شخصين اثنين بدليل {إِنَّ هَذَآ أَخِى} الآية لكن جعل مصاحب الخصم خصمًا فكانا بمن معهما فريقين من الخصوم، فحصل الانطباق بين صيغة التثنية في قوله خصمان وبين ما مر من إرادة الجمع.
{بَغَى} ستم وجور كرد.^
{بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} هو على الفرض وقصد التعريض بداود لا على تحقيق البغي من أحدهما، فلا يلزم الكذب إذ الملائكة منزهون عنه، فلا يحتاج إلى ما قيل أن المتخاصمين كانا لصين دخلا عليه للسرقة، فلما رآهما اخترعا الدعوى كما في شرح المقاصد.
{فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ} بالعدل: وبالفارسية: بس حكم كن درميان ما براستى.
{وَلا تُشْطِطْ} من الشطط وهو مجاوزة الحد وتخطي الحق.
والمعنى: لا تجر في الحكومة وهو تأكيد للأمر بالحكم بالحق والمقصود من الأمر والنهي والاستعطاف.
{وَاهْدِنَآ إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ} إلى وسط طريق الحق بزجر الباغي عما سلكه من طريق الجور وإرشاده إلى منهاج العدل.
{إِنَّ هَذَآ} استئناف لبيان ما فيه الخصومة {أَخِى} في الدين أو في الصحبة والتعرض لذلك تمهيد لبيان كمال قبح ما فعل به صاحبه.
{لَه تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِىَ} قرأ حفص بن عاصم {ولي} بفتح الياء والباقون بإسكانها على الأصل.
{نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ} النعجة هي الأنثى من الضأن وقد يكنى بها عن المرأة والكناية والتعريض أبلغ في المقصود وهو: التوبيخ فإن حصول العلم بالمعرض به يحتاج إلى تأمل فإذا تأمله واتضح قبحه كان ذلك أوقع في نفسه وأجلب لخجالته وحيائه.
{فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا} أي ملكنيها وحقيقته: اجعلني أكفلها كما أكفل ما تحت يدي. والكافل: هو الذي يعولها وينفق عليها.
{وَعَزَّنِى في الْخِطَابِ} أي: غلبني في مخاطبته إياي محاجة بأن جاء بحجاج لم أقدر على رده.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما كان أعز مني وأقوى على مخاطبتي؛ لأنه كان الملك، فالمعنى: كان أقدر على الخطاب لعزة ملكه كما في الوسيط.
{قَالَ} داود بعد اعتراف المدعى عليه أو على تقدير صدق المدعي وإلا فالمسارعة إلى تصديق أحد الخصمين قبل سماع كلام الآخر لا وجه له في الحديث: «إذا جلس إليك الخصمان فلا تقض لأحدهما حتى تسمع من الآخر».
{لَقَدْ ظَلَمَكَ} جواب قسم محذوف قصد به عليه السلام المبالغة في إنكار فعل صاحبه وتهجن طعمه في نعجة من ليس له غيرها مع أن له قطيعًا منها.
{بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ} السؤال مصدر مضاف إلى مفعوله وتعديته إلى مفعول آخر بإلى لتضمنه معنى الإضافة والضم كأنه قيل بضم نعجتك إلى نعاجه على وجه السؤال والطلب.
وفي هذا إشارة إلى أن الظلم في الحقيقة من شيم النفوس، فإن وجدت ذا عفة، فالعلة كما قال يوسف: {وَمَآ أُبَرِّئُ نَفْسِى} [يوسف: 53] الآية.
فالنفوس جبلت على الظلم والبغي وسائر الصفات الذميمة ولو كانت نفوس الأنبياء عليهم السلام كذا، في التأويلات النجمية.
يقول الفقير: هذا بالنسبة إلى أصل النفوس وحقيقتها وإلا فنفوس الأنبياء مطمئنة لا أمارة إذ لم يظهر فيهم إلا آثار المطمئنة وهي أول مراتب سلوكهم.
وقد أشار الشيخ إلى الجواب بقوله، فإن وجدت. إلخ.
فاعرف ذلك، فإنه من مزالق الأقدام وقد سبق التحقيق فيه في سورة يوسف.
ثم قال داود عليه السلام حملًا للنعجة على حقيقتها لا على كونها مستعارة للمرأة {وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ} أي: الشركاء الذين خلطوا أموالهم. جمع: خليط، كظريف. والخلطة: الشركة، وقد غلبت في الماشية.
{لَيَبْغِى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} أي: ليتعدى غير مراعي لحق الصحبة والشركة: يعني: ازحق خودزياده مى طلبند.
{قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ} منهم فإنهم يجتنبون عن البغي والعدوان.
{وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ} وهم قليل فهم: مبتدأ وقليل خبره.
قدم عليه للاهتمام به وإنما أفرد تشبيهًا بفعيل بمعنى مفعول وما مزيدة لتأكيد القلة أو للإبهام، أو التعجب من قلة الموصوفين بالإيمان وصالح العمل.
{وَظَنَّ دَاوُادُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} الظن مستعار للعلم الاستدلالي لما بينهما من المشابهة.
يعني: أن الظن الغالب لما كان يقارب العلم استعير له فالظن يقين لكنه ليس بيقين عيان، فلا يقال فيه إلا العلم. وما في إنما كافة.
والمعنى: وعلم داود بما جرى في مجلس الحكومة أنما فعلنا به الفتنة والامتحان لا غير، بتوجيه الحصر إلى نفس الفعل بالقياس إلى ما يغايره من الأفعال.
{فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ} إثر ما علم أن ما صدر عنه ذنب كما استغفر آدم عليه السلام بقوله ربنا ظلمنا أنفسنا إلخ وموسى عليه السلام بقوله: تبت إليك وغيرهما من الأنبياء الكرام على ما بين في موضعه.
{وَخَرَّ} سقط حال كونه {رَاكِعًا} أي: ساجدًّا على تسمية السجود ركوعًا لأنه مبدأه؛ لأنه لا يكون ساجدًّا حتى يركع وفي كل من الركوع والسجود التحني والخضوع.
وبه استشهد أبو حنيفة وأصحابه في سجدة التلاوة على أن الركوع يقوم مقام السجود أو خرّ للسجود راكعًا؛ أي: مصليًا إطلاقًا للجزء، وإرادة الكل كأنه أحرم بركعتي الاستغفار والدليل على الأول؛ أي: على الركوع هاهنا بمعنى السجود ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي عليه السلام كان يقول في سجدة {ص} وسجدة الشكر: «اللهم اكتب لي عندك بها أجرًا، واجعلها لي عندك ذخرًا وضع عني بها وزرًا، واقبلها مني كما قبلت من عبدك داود سجدته».