فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



هذا تمام الكلام في الواقعة الأولى.
وأما الثانية وإليها الإشارة بقوله: {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدًا} فالمحققون يروونه على وجوه: أحدها: أن سليمان ولد له ابن بعد أن ملك عشرين سنة فقالت الشياطين: إن عاش لم نتخلص من البلاء والتسخير فسبيلنا أن نقتله أو نخبله، فعلم بذلك سليمان فأمر السحاب أن يحفظه ويغذوه خوفًا من مضرة الشياطين، فما راعه إلا أن ألقي على كرسيه ميتًا فتنبه على خطئه في أن لم يتوكل فيه على ربه فاستغفر ربه وأناب. وثانيها روي عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن سليمان قال ذات ليلة: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة» وفي رواية على مائة وفي رواية «على ألف كل واحدة تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله ولم يقل: إن شاء الله. فطاف عليهن فلم تحمل إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل. والذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانًا أجميعن فذلك قوله: {ولقد فتنا سليمان}».
وثالثها قال أبو مسلم: مرض سليمان مرضًا شديدًا امتحنه الله به حتى صار جسدًا على كرسيه ملقي كما جاء في الحديث «لحم على وضم وجسد بلا روح» لأن الجسد يطلق في الأكثر على ما لا روح له.
{ثم أناب} أي رجع إلى حالة الصحة. والمشهور عند الجمهور أن الجسد الملقى على كرسيه كان شيطانًا جلس على سرير ملكه اربعين يومًا، وذلك أن ملكه كان في خاتمة فأخذ شيطانًا يقال له آصف وقال: كيف تفتنون الناس؟ قال: أرني خاتمك أخبرك. فلما أعطاه إياه نبذه آصف في البحر فذهب ملكه وقعد آصف على كرسيه. وعن علي رضي الله عنه أنه قال: بينما سليمان جالس على شاطئ البحر وهو يعبث بخاتمه إذ سقط في البحر. وقيل: إنه وطئ امرأة في الحيض فذلك ذنبه. وقال في الكشاف: وغيره حكوا أن سليمان بلغه خبر صيدون وهي مدينة في بعض الجزائر وأن بها ملكًا عظيم الشأن. فخرج إليه تحمله الريح حتى أناخ بها جنوده من الجن والإنس فقتل ملكها وأصاب بنتًا له اسمها جرادة من أحسن الناس وجهًا، فاصطفاها لنفسه وأسلمت وأحبها وكانت لا يرقأ دمعها حزنا على أبيها. فأمر الشياطين فمثلوا لها صورة ابيها فكستها مثل كسوته وكانت تغدو إليها وتروح مع ولائدها يسجدون لها كعادتهن في ملكه، فأخبر آصف سليمان بذلك فكسر الصورة وكانت له أم ولد يقال لها أمينة إذا دخل للطهارة أو لإصابة امرأة وضع خاتمه عندها، فوضعه عندها يومًا فأتاها الشيطان صاحب البحر وهو الذي دل سليمان على الماس حين أمر ببناء بيت المقدس.
واسمه صخر- على صورة سليمان فقال: يا أمينة أعطيني خاتمي فتختم به وجلس على كرسي سليمان وعكفت عليه الطير والجن والإنس. وغير سليمان عن هيئته فأتى أمينة لطلب الخاتم فأنكرته وطردته فعرف أن الخطيئة قد أدركته، فكان يدور على البيوت يتكفف وإذا قال: أنا سليمان. حثوا عليه التراب وسبوه فمكث على ذلك أربعين يومًا عدد ما عبد الوثن في بيته. وكان ذلك الشيطان يقضي بين الناس ويتمكن من جميع ملكه إلا نساءه. وقيل: من جميع ملكه ونسائه وما يدع امرأة في دمها ولا يغتسل من جنابة، فلما أراد الله أن يرد الملك إليه أنكر علماء بني إسرائيل قضية قضاها الشيطان فأحضروا التةوراة، فلما قرؤها فرّ الشيطان وألقى الخاتم في البحر فابتلعته سمكة فصادها صائد ووهبها لسليمان وأعطاها على أجره عمله يومًا فأخرج من بطنها الخاتم {ثم أناب} أي رجع على ملكه أو ثاب ووقع ساجدًّا. ثم إن سليمان ظفر بالشيطان فجعله في تابوت وسده بالنحاس وألقاه في البحر. والعلماء المتقنون أبوا قبول هذه الرواية وقالوا: إنها من اباطيل اليهود، والشياطين لا يتمكنون من مثل هذه الأفاعيل وإلا ارتفع الأمان عن الشرائع والأديان، وكيف يسلطهم الله على آحاد عباده فضلًا عن أنبيائه حتى يغيروا أحكامهم ويفجروا بنسائهم. وأما اتخاذ التماثيل فيجوز أن تختلف فيه الشرائع والسجود للصورة إذا كان بغير إذنه فلا عتب عليه.
وحكى الثعلبي هذه القصة بوجه أقرب إلى القبول وهو أن سليمان لما افتتن بأخذ التمثال في بيته سقط الخاتم من يده فأخذه سليمان فأعاده إلى يده فسقط، فلما رآه لا يثبت في اليد ايقن بالفتنة فقال له آصف: إنك لمفتون فتب إلى الله واشتغل بالعبادة وأنا أقوم مقامك إلى أن يتوب الله عليك. فقام آصف في ملكه أربعة عشر يومًا وهو الجسد الذي ألقي على كرسيه، فردّ الله إليه ملكه وأثبت الخاتم في يده. وعن سعيد بن السميب أن سليمان احتجب عن الناس ثلاثة أيام فأوحى الله إليه: يا سليمان احتجبت عن عبادي وما أنصفت مظلومًا عن ظالم، ثم ذكر القصة وأخذ الشيطان الخاتم ورجوعه إليه. ثم حكى الله تعالى أن سليمان قال: {رب اغفر لي وهب لي ملكًا} قدم المغفرة على طلب الملك كما هو دأب الصالحين تقديمًا لأمر الدين على أمر الدنيا، ولأن الاستغفار يجر الرزق فإن الإنسان قلما ينفك عن ترك الأولى فإذا زال عنه شؤم ذلك ببركة الاستغفار انفتح عليه أبواب الخيرات. والذين حملوا الفتنة على صدور الذنب عنه فوجوب الاستغفار عندهم واضح وحملوا قوله: {لا ينبغي لأحد من بعدي} على أنه سأل ملكًا لا يقدر الشيطان على أن تقوم مقامه.
والأوّلون ذهبوا إلى أنه لم يقل ذلك حسدًا وإنما قصد به أن يكون معجزة له، ومن شرط المعجز أن لا يقدر غيره على معارضته ولاسيما أمته الذين بعث إليهم ولهذا قال بعضهم: أراد غيري ممن بعثت إليهم ولم يرد من بعده إلى يوم القيامة. وحقيقة لا ينبغي لا ينفعل من بغيت الشيء طلبته أي لا يصير مطلوبًا لأنه سماوي فوق طوق البشر، أو قصد أن الاحتراز عن طيبات الدنيا مع القدرة عليها أشق فإذا كان ملكه آية كان ثوابه على الصبر عنه غاية ونهاية، أو أراد أن يظهر للخلق أن حصول الدنيا لا يمنع من خدمة المولى، وأن ملك سليمان إذا كان عرضة للفناء فالأولى بالعاقل أن يشتغل بالعبودية ولا يلتفت إلى الدنيا وما فيها. وقيل: إنه لما مرض ثم عاد إلى الصحة عرف أن خيرات الدنيا زائلة منتقلة إلى الغير بإرث ونحوه فطلب ملكًا لا يتصور انتقاله إلى الغير وهو ملك الدين والحكمة. وقال أهل البيان: لم يقصد بذلك إلا عظم الملك وسعته كما تقول لفلان: ما ليس لأحد من الفضل والمال. وربما كان للناس أمثال ذلك. والأقوى هو الأوّل بدليل قوله عقيبه {فسخرنا له الريح} {والشياطين}. ولا ريب أن هذا معجزة وملك عجيب دال على نبوّته ويؤيده ما جاء في الحديث «أردت أن اربطه- يعني الشيطان- على سارية من سواري المسجد إلا أني تذكرت دعوة أخي سليمان» والضمير في {بأمره} لسليمان. وقيل: لله. والرخاء الرخوة اللينة ولا ينافي هذا وصفها بالعصوف في الأنبياء فلعلها تختلف باختلاف الأحوال والأوقات، أو هي طيبة في نفسها ولكنها عاصفة بالإضافة إلى الرياح المعهودة. ومعنى أصاب قصد واراد من إصابة السهم. وقوله: {والشياطين} معطوف على {الريح} وقوله: {كل بناء وغواص} بدل الكل من الشياطين. كانوا يبنون لأجله الأبنية الرفيعة ويستخرجون اللؤلؤ من البحر وهو أوّل من استخراج الدر من البحر {وآخرين} عطف على الشياطين أو على كل داخل في حكم البدل، وكان يقرن مردة الشياطين بعضهم مع بعض في القيود والسلاسل للتأديب والكف عن الفساد. والصفد القيد والعطاء لأنه ارتباط للمنعم عليه ومنه قول عليّ رضي الله عنه:
من برك فقد أسرك ** ومن جفاك فقد أطلقك

وقيل: حقيقته التفويض على الخير والشر. قال الجبائي: إن الشيطان كان كثيف الجسم في زمن سليمان ويشاهده الناس. ثم إنه لما توفي سليمان أمات الله ذلك الجنس وخلق نوعًا آخر لطيف الجسم بحيث لا يرى ولا يقوى على الأعمال الشاقة. قلت: هذا إخبار بالغيب إلا أن تكون رواية صحيحة. ولم لا يجوز أن تكون أجسامهم لطيفة بمعنى عدم اللون ولكنها صلبة بمعنى أنها لا تقبل التمزق والتفرق.
{هذا عطاؤنا} أي قلنا لسيلمان هذا الملك عطاؤنا والإضافة للتعظيم. وقوله: {بغير حساب} يتعلق بالعطاء يعني أنه جم كثير لا يدخل تحت الضبط والحصر فأعط منه ما شئت أو أمسك مفوّضًا إليك زمام التصرف فيه. ويجوز أن يتعلق بالأمرين أي ليس عليك في ذلك حرج ولا تحاسب على ما تعطي وتمنع يوم القيامة. عن الحسن: أن الله لم يعط أحدًا عطية إلا جعل عليه فيها حسابًا سوى سليمان فإنه أعطاته عطية هنيئة إن أعطى أجر وإن لم يعط لم يكن عليه تبعة. ويحتمل أن يراد هذا التسخير تسخير الشياطين عطاؤنا فامنن على من شئت منهم الإطلاق، أو أمسك منشئت منهم بالوثاق، فأنت في سعة من ذلك لا تحاسب في إطلاق من أطلقت وحبس من حبست وحين فرغ من تعداد النعم الدنيوية أردفه بما أنعم به عليه في الآخرة قائلًا: {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} كما في قصة داود وفيه أن ثوابه كفء ثواب أبيه كما أن سيرته سيرة أبيه. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَوَهَبْنَا لِداود سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30)} أخرج ابن أبي حاتم عن مكحول قال: لما وهب الله لداود سليمان قال له: يا بني ما أحسن؟ قال: سكينة الله والإِيمان قال: فما أقبح؟ قال: كفر بعد إيمان قال: فما أحلى؟ قال: روح الله بين عباده قال: فما أبرد؟ قال: عفو الله عن الناس، وعفو الناس بعضهم عن بعض قال داود عليه السلام: فأنت نبي.
وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أوحى الله تبارك وتعالى إلى داود عليه السلام. إني سائل ابنك عن سبع كلمات. فإن أخبرك فورِّثه العلمَ والنبوَّة فقال له داود عليه السلام: إن الله أوحى إليَّ أن أسألك عن سبع كلمات، فإن أخبرتني وَرَّثْتُكَ العلمَ والنبوَّة قال: سلني عما شئت قال: أخبرني ما أحلى من العسل، وما أبرد من الثلج، وما الين شيئًا من الخز، وما لا يرى أثره في الماء، وما لا يرى أثره في الصفاء، وما لا يرى أثره في السماء، ومن يسمن في الخصب والجدب. قال: أما ما أحلى من العسل فروح الله للمتحابين في الله. واما ما أبرد من الثلج فكلام الله إذا قرع أفئدة أولياء الله. وأما ما الين شيئًا من الخز فحكمة الله تعالى إذا أنشدها أولياء الله بينهم. وأما ما لا يرى أثره في الماء فالفلك تمر فلا يرى أثرها. وأما ما لا يرى أثره في الصفاء فالنملة تمر على الحجر فلا يرى أثرها. وأما ما لا يرى أثره في السماء فالطير يطير ولا يرى أثره في السماء وأما من يسمن في الجدب والخصب فهو المؤمن إذا أعطاه الله شكر، وإذا ابتلاه صبر، فقلبه أجرد أزهر.
قال: إنظر إلى ابنك فاسأله عن أربع عشرة كلمة، فإن أخبرك فورثه العلم والنبوّة، فسأله فقال: ما لي من ذي علم فقال داود لسليمان عليه السلام: أخبرني يا بني أين موضع العقل منك؟ قال: الدماغ قال: أين موضع الحياء منك؟ قال: العينان قال: أين موضع الباطل منك؟ قال: الأذنان قال: أين باب الخطايا منك؟ قال: اللسان قال: أين الطريق منك؟ قال: المنخران قال: أين موضع الأدب والبيان منك؟ قال: الكلوتان قال: أين باب الفظاظة والغلظة منك؟ قال: الكبد قال: أين بيت الريح منك؟ قال: الرئة قال: أين باب الفرح منك؟ قال: الطحال قال: أين باب الكسب منك؟ قال: اليدان قال: أين باب النصب منك؟ قال: الرجلان قال: أين باب الشهوة منك؟ قال: الفرج قال: أين باب الذرية منك؟ قال: الصلب قال: أين باب العلم والفهم والحكمة منك؟ قال: القلب. إذا صلح القلب صلح ذلك كله، وإذا فسد القلب فسد ذلك كله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب} قال: كان مطيعًا لله، كثير الصلاة {إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد} قال: يعني الخيل وصفونها قيامها وبسطها قوائمها {قال إني أحببت حب الخير} أي المال {عن ذكر ربي} عن صلاة العصر {حتى توارت بالحجاب}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه {الصافنات الجياد} قال: الخيل خيل خلقت على ما شاء.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {الصافنات} قال: صفون الفرس: رفع إحدى يديه حتى يكون على أطراف الحافر. وفي قوله الجياد قال: السراع.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن وقتادة رضي الله عنهما في قوله: {الصافنات الجياد} قال: الخيل إذا صفن قيامها عقرها تطلع أعناقها وسوقها. وفي قوله: {أحببت حب الخير عن ذكر ربي} قال: الخير المال والخيل من ذلك، فقوله شغلته عن الصلاة قال: لا والله لا تشغلني عن عبادة الله تعالى جرها عليك، فكشف عراقيبها، وضرب أعناقها وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عوف رضي الله عنه قال: بلغني أن الخيل التي عقر سليمان عليه السلام كانت خيلًا ذات أجنحة، أخرجت له من البحر، لم تكن لأحد قبله ولا بعده.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {حب الخير} قال: المال وفي قوله: {ردوها عليّ} قال: الخيل {فطفق مسحًا} قال: عقرًا بالسيف.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن علي رضي الله عنه قال: الصلاة التي فرط فيها سليمان عليه السلام صلاة العصر.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن كعب رضي الله عنه في قوله: {حتى توارت بالحجاب} قال: حجاب من ياقوت أخضر محيط بالخلائق، فمنه اخضرت السماء التي يقال لها السماء الخضراء، واخضر البحر من السماء، فمن ثم يقال: البحر الأخضر.
وأخرج أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر، فجئت فكشفت ناحية الستر عن بنات لعب لعائشة فقال: «ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي. ورأى بينهن فرسًا لها جناحان من رقاع فقال: ما هذا الذي أرى وسطهن؟ قالت: فرس له جناحان قال: وما هذا الذي عليه؟ فقلت: جناحان قال: فرس له جناحان! قالت: أما سمعت أن لسليمان عليه السلام خيلًا لها أجنحة، فضحك حتى رؤيت نواجذه».
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه في قوله: {إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد} قال: عشرين ألف فرس ذات أجنحة، فعقرها.
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله: {حتى توارت بالحجاب} قال: {توارت} من وراء قرية خضرة السماء منها.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان سليمان عليه السلام لا يكلم اعظامًا له، فلقد فاتته صلاة العصر، وما استطاع أحد أن يكلمه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {عن ذكر ربي} يقول: من ذكر ربي {فطفق مسحًا} يقول: يمسح اعراف الخبل وعراقيبها.
وأخرج الطبراني في الأوسط والاسماعيلي في معجمه وابن مردويه بسند حسن عن أُبيّ بن كعب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {فطفق مسحًا بالسوق والأعناق} قال: «قطع سوقها وأعناقها بالسيف».
{وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34)} أخرج الفريابي والحكيم الترمذي والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدًا} قال: هو الشيطان الذي كان على كرسيه يقضي بين الناس أربعين يومًا، وكان لسليمان عليه السلام امرأة يقال لها جرادة، وكان بين بعض أهلها وبين قوم خصومة، فقضى بينهم بالحق إلا أنه ودَّ أن الحق كان لأهلها؛ فأوحى الله تعالى إليه: أنه سيصيبك بلاء، فكان لا يدري يأتيه من السماء أم من الأرض.