فصل: قال المراغي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وفرق بعض الناس بين هذه الألفاظ والصواب أنها لغات بمعنى من قولهم أنصبني الأمر إذا شق علي انتهى.
والتنوين للتفخيم وكذا في قوله تعالى: {وَعَذَابٍ} وأراد به الألم وهو المراد بالضر في قوله: {أَنّى مَسَّنِىَ الضر}.
وقيل: النصب والضر في الجسد والعذاب في الأهل والمال، وهذا حكاية لكلامه عليه السلام الذي نادى به ربه عز وجل بعبارته وإلا لقيل إنه مسه الخ بالغيبة، وإسناد المس إلى الشيطان قيل على ظاهره وذلك أنه عليه اللعنة سمع ثناء الملائكة عليهم السلام على أيوب عليه السلام فحسده وسأل الله تعالى أن يسلطه على جسده وماله وولده ففعل عز وجل ابتلاءً له، والقصة مشهورة.
وفي بعض الآثار أن الماس له شيطان يقال له مسوط، وأنكر الزمخشري ذلك فقال: لا يجوز أن يسلط الله تعالى الشيطان على أنبيائه عليهم السلام ليقضي من إتعابهم وتعذيبهم وطره، ولو قدر على ذلك لم يدع صالحًا إلا وقد نكبه وأهلكه، وقد تكرر في القرآن أنه لا سلطان له إلا الوسوسة فحسب، وجعل إسناد المس أليه هنا مجازًا فقال: لما كانت وسوسته إليه وطاعته له فيما وسوس سببًا فيما مسه الله تعالى به من النصب والعذاب نسبه إليه، وقد راعى عليه السلام الأدب في ذلك حيث لم ينسبه إلى الله سبحانه في دعائه مع أنه جل وعلا فاعله ولا يقدر عليه إلا هو، وهذه الوسوسة قيل وسوسته إليه عليه السلام أن يسأل الله تعالى البلاء ليمتحن ويجرب صبره على ما يصيبه كما قال شرف الدين عمر بن الفارض:
وبما شئت في هواك اختبرني ** فاختياري ما كان فيه رضاكا

وسؤاله البلاء دون العافية ذنب بالنسبة لمقامه عليه لا حقيقة، والمقصود من ندائه بذلك الاعتراف بالذنب.
وقيل إن رجلًا استغاثه على ظالم فوسوس إليه الشيطان بترك إغاثته فلم يغثه فمسه الله تعالى بسبب ذلك بما مسه.
وقيل: كانت مواشيه في ناحية ملك كافر فداهنه ولم يغزه وسوسة من الشيطان فعاتبه الله تعالى بالبلاء، وقيل وسوس إليه فأعجب بكثرة ماله وولده فابتلاه الله تعالى لذلك وكل هذه الأقوال عندي متضمنة ما لا يليق بمنصب الأنبياء عليهم السلام.
وذهب جمع إلى أن النصب والعذاب ليسا ما كانا له من المرض والألم أو المرض وذهاب الأهل والمال بل أمران عرضا له وهو مريض فاقد الأهل والمال فقيل هما ما كانا له من وسوسة الشيطان إليه في مرضه من عظم البلاء والقنوط من الرحمة والإغراء على الجزع كان الشيطان يوسوس إليه بذلك وهو يجاهده في دفع ذلك حتى تعب وتألم على ما هو فيه من البلاء فنادى ربه يستصرفه عنه ويستعينه عليه {أَنّى مَسَّنِىَ الشيطان بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} وقيل كانا من وسوسة الشيطان إلى غيره فقيل: إن الشيطان تعرض لامرأته بصورة طبيب فقالت له: إن هاهنا مبتلى فهل لك أن تداويه فقال: نعم بشرط أن يقول: إذا شفيته أنت شفيتني فمالت لذلك وعرضت كلامه لأيوب عليه السلام فعرف أنه الشيطان وكان عليه ذلك أشد مما هو فيه {فنادى رَبَّهُ أَنّى مَسَّنِىَ} الخ؛ وقيل: إن الشيطان طلب منها أن تذبح لغير الله تعالى إذا عالجه وبرأ فمالت لذلك فعظم عليه عليه السلام الأمر فنادى، وقيل: إنه كان يعوده ثلاثة من المؤمنين فارتد أحدهم فسأل عنه فقيل له: ألقى إليه الشيطان أن الله تعالى لا يبتلي الأنبياء والصالحين فتألم من ذلك جدًّا فقال ما قال وفي رواية مر به نفر من بني إسرائيل فقال بعضهم لبعض: ما أصابه هذا إلا بذنب أصابه وهذا نوع من وسوسة الشيطان فعظم عليه ذلك فقال ما قال، والإسناد على جميع ما ذكر باعتبار الوسوسة، وقيل: غير ذلك والله تعالى أعلم.
وقوله سبحانه: {اركض بِرِجْلِكَ} إما حكاية لماق يل له أو مقول لقول مقدر معطوف على {نادى} [ص: 41] أي فقلنا له أركض برجلك أي اضرب بها وكذا قوله تعالى: {هذا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} فإنه أيضًا إما حكاية لما قيل له بعد امتثاله بالأمر ونبوع الماء أو مقول لقول مقدر معطوف على مقدر ينساق إليه الكلام كأنه قيل: فضربها فنبعت عين فقلنا له هذا مغتسل تغتسل به وتشرب منه فيبرأ ظاهرك وباطنك، فالمغتسل اسم مفعول على الحذف والإيصال وكذا الشراب، وعن مقاتل أن المغتسل اسم مكان أي هذا مكان تغتسل فيه وليس بشيء، وظاهر الآية اتحاد المخبر عنه بمغتسل وشراب، وقيل: إنه عليه السلام ضرب برجله اليمنى فنبعت عين حارة فاغتسل منها وبرجله اليسرى فنبعت باردة فشرب منها، وقال الحسن: ركض برجله فنبعت عين فاغتسل منها ثم مشى نحوًا من أربعين ذراعًا ثم ركض برجله فنبعت أخرى فشرب منها، ولعله عنى بالأولى عينًا حارة، وظاهر النظم عدم التعدد.
و{بَارِدٌ} على ذلك صفة {شَرَابٌ} مع أنه مقدم عليه صفة {مُغْتَسَلٌ} وكون هذا إشارة إلى جنس النابع أو يقدر وهذا بارد الخ تكلف لا يخرج ذلك عن الضعف، وقيل أمر بالركض بالرجل ليتناثر عنه كل داء بجسده.
وكان ذلك على ما روي عن قتادة والحسن ومقاتل بأرض الجابية من الشام، وفي الكلام حذف أيضًا أي فاغتسل وشرب فكشفنا بذلك ما به من ضر.
{وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ} بإحيائهم بعد هلاكهم على ما روي عن الحسن.
وروى الطبرسي عن أبي عبد الله رضي الله تعالى عنه أن الله تعالى أحيا له أهله الذين كانوا ماتوا قبل البلية وأهله الذين ماتوا وهو في البلية، وفي البحر الجمهور على أنه تعالى أحيا له من مات من أهله وعافى المرضى وجمع عليه من تشتت منهم، وقيل وإليه أميل وهبه من كان حيًا منهم وعافاه من الأسقام وأرغد لهم العيش فتناسلوا حتى بلغ عددهم عدد من مضى {وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ} فكان له ضعف ما كان، والظاهر أن هذه الهبة كانت في الدنيا، وزعم بعض أن هذا وعد وتكون تلك الهبة في الآخرة {رَحْمَةً مّنَّا} أي لرحمة عظيمة عليه من قبلنا.
{وذكرى لأوْلِى الألباب} وتذكيرًا لهم بذلك ليصيروا على الشدائد كما صبر ويلجؤا إلى الله تعالى فيما يصيبهم كما لجأ ليفعل سبحانه بهم ما فعل به من حسن العاقبة.
روي عن قتادة أنه عليه السلام ابتلي سبع سنين وأشهرًا وألقي على كناسة بني إسرائيل تختلف الدواب في جسده فصبر ففرج الله تعالى عنه وأعظم له الأجر وأحسن، وعن ابن عباس أنه صار ما بين قدميه إلى قرنه قرحة واحدة وألقى على الرماد حتى بدا حجاب قلبه فكانت امرأته تسعى إليه فقالت له يومًا: أما ترى يا أيوب قد نزل بي والله من الجهد والفاقة ما إن بعت قروني برغيف فأطعمتك فادع الله تعالى أن يشفيك ويريحك فقال: ويحك كنا في النعيم سبعين عامًا فاصبري حتى نكون في الضر سبعين عامًا فكان في البلاء سبع سنين ودعا فجاء جبريل عليه السلام فأخذ بيده ثم قال: قم فقام عن مكانه وقال: {اركض بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} [ص: 42] فاغتسل وشرب فبرأ وألبسه الله تعالى حلة من الجنة فتنحى فجلس في ناحية وجاءت امرأته فلم تعرفه فقالت: يا عبد الله أين المبتلى الذي كان ههنا؟ لعل الكلاب ذهبت به أو الذئاب وجعلت تكلمه ساعة فقال: ويحك أنا أيوب قد رد الله تعالى على جسدي ورد الله تعالى عليه ماله وولده ومثلهم معهم وأمطر عليه جرادًا من ذهب فجعل يأخذ الجراد بيده ويجعله في ثوبه وينشر كساءه فيجعل فيه فأوحى الله تعالى إليه يا أيوب أما شبعت؟ قال: يا رب من الذي يشبع من فضلك ورحمتك، وفي البحر روى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أن أيوب بقي في محنته ثماني عشرة سنة يتساقط لحمه حتى مله العالم ولم يصبر عليه إلا امرأته» وعظم بلائه عليه السلام مما شاع وذاع ولم يختلف فيه اثنان لكن في بلوغ أمره إلى أن ألقي على كناسة ونحو ذلك فيه خلاف قال الطبرسي: قال أهل التحقيق إنه لا يجوز أن يكون بصفة يستقذره الناس عليها لأن في ذلك تنفيرًا فأما الفقر والمرض وذهاب الأهل فيجوز أن يمتحنه الله تعالى بذلك.
وفي هداية المريد للقاني أنه يجوز على الأنبياء عليهم السلام كل عرض بشري ليس محرمًا ولا مكروهًا ولا مباحًا مزريًا ولا مزمنًا ولا مما تعافه الأنفس ولا مما يؤدي إلى النفرة ثم قال بعد ورقتين، واحترزنا بقولنا ولا مزمنًا ولا مما تعافه الأنفس عما كان كذلك كالإقعاد والبرص والجذام والعمى والجنون، وأما الإغماء فقال النووي لا شك في جوازه عليهم لأنه مرض بخلاف الجنون فإنه نقص، وقيد أبو حامد الإغماء بغير الطويل وجزم به البلقيني، قال السبكي: وليس كإغماء غيرهم لأنه إنما يستر حواسهم الظاهرة دون قلوبهم لأنها معصومة من النوم الأخف، قال: ويمتنع عليهم الجنون وإن قل لأنه نقص ويلحق به العمى ولم يعم نبي قط، وما ذكر عن شعيب من كونه كان ضريرًا لم يثبت، وأما يعقوب فحصلت له غشاوة وزالت. اهـ.
وفرق بعضهم في عروض ذلك بين أن يكون بعد التبليغ وحصول الغرض من النبوة فيجوز وبين أن يكون قبل فلا يجوز، ولعلك تختار القول بحفظهم مما تعافه النفوس ويؤدي إلى الاستقذار والنفرة مطلقًا وحينئذٍ فلابد من القول بأن ما ابتلي به أيوب عليه السلام لم يصل إلى حد الاستقذار والنفرة كما يشعر به ما روي عن قتادة ونقله القصاص في كتبهم، وذكر بعضهم أن داءه كان الجدري ولا أعتقد صحة ذلك والله تعالى أعلم.
{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} عطف على {اركض} أو على {وَهَبْنَا} [ص: 43] بتقدير قلنا خذ بيدك. إلخ.
والأول أقرب لفظًا وهذا أنسب معنى فإن الحاجة إلى هذا الأمر لا تمس إلا بعد الصحة واعتدال الوقت فإن امرأته رحمة بنت إفرائيم أو مشيا بن يوسف أوليًا بنت يعقوب أو ما خير بنت ميشا بن يوسف على اختلاف الروايات.
ولا يخفى لطف {رَحْمَةً مّنَّا} على الرواية الأولى ذهبت لحاجة فأبطأت أو بلغت أيوب عن الشيطان أن يقول كلمة محذورة فيبرأ وأشارت عليه بذلك فقالت له إلى متى هذا البلاء كلمة واحدة ثم استغفر ربك فيغفر لك أو جاءته بزيادة على ما كانت تأتي به من الخبز فظن أنها ارتكبت في ذلك محرمًا فحلف ليضربنها إن برىء مائة ضربة فأمره الله تعالى بأخذ الضغث وهو الحزمة الصغيرة من حشيش أو ريحان أو قضبان، وقيل: القبضة الكبيرة من القضبان، ومنه ضغث على إبالة والإبالة الحزمة من الحطب والضغث القبضة من الحطب أيضًا عليها، ومنه قول الشاعر:
وأسفل مني نهدة قد ربطتها ** وألقيت ضغثًا من خلى متطيب

وقال ابن عباس هنا: الضغث عثكال النخل، وقال مجاهد: الأثل وهو نبت له شوك، وقال الضحاك: حزمة من الحشيش مختلفة، وقال الأخفش: الشجر الرطب، وعن سعيد بن المسيب أنه عليه السلام لما أمر أخذ ضغثًا من ثمام فيه مائة عود، وقال قتادة: هو عود فيه تسعة وتسعون عودًا والأصل تمام المائة فإن كان هذا معتبرًا في مفهوم الضغث ولا أظن فذاك وإلا فالكلام على إرادة المائة فكأنه قيل: خذ بيدك ضغثًا فيه مائة عود {فاضرب بّهِ} أي بذلك الضغث {وَلاَ تَحْنَثْ} بيمينك فإن البر يتحقق به ولقد شرع الله تعالى ذلك رحمة عليه وعليها لحسن خدمتها إياه ورضاه عنها وهي رخصة باقية في الحدود في شريعتنا وفي غيرها أيضًا لكن غير الحدود يعلم منها بالطريق الأولى فقد أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن أبي إمامة بن سهل بن حنيف قال: حملت وليدة في بني ساعدة من زنا فقيل لها: ممن حملك؟ قالت: من فلان المقعد فسئل المقعد فقال: صدقت فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: خذوا عثكولا فيه مائة شمراخ فاضربوه به ضربة واحدة ففعلوا، وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن محمد بن عبد الرحمن عن ثوبان أن رجلًا أصاب فاحشة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريض على شفا موت فأخبر أهله بما صنع فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقنو فيه مائة شمراخ فضرب به ضربة واحدة، وأخرج الطبراني عن سهل بن سعد أن النبي عليه الصلاة والسلام أتى بشيخ قد ظهرت عروقه قد زنى بامرأة فضربه بضغث فيه مائة شمراخ ضربة واحدة، ولا دلالة في هذه الأخبار على عموم الحكم من يطيق الجلد المتعارف لكن القائل ببقاء حكم الآية قائل بالعموم لكن شرطوا في ذلك أن يصيب المضروب كل واحدة من المائة إما بأطرافها قائمة أو بأعراضها مبسوطة على هيئة الضرب.
وقال الخفاجي: إنهم شرطوا فيه الايلام أما مع عدمه بالكلية فلا فلو ضرب بسوط واحد له شعبتان خمسين مرة من حلف على ضربه مائة بر إذا تألم فإن لم يتألم لا يبر ولو ضربه مائة لأن الضرب وضع لفعل مئلم بالبدن بآلة التأديب، وقيل: يحنث بكل حال كما فصل في شروح الهداية وغيرها انتهى.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس لا يجوز ذلك لأحد بعد أيوب إلا الأنبياء عليهم السلام، وفي أحكام القرآن العظيم للجلال السيوطي عن مجاهد قال: كانت هذه لأيوب خاصة، وقال الكيا: ذهب الشافعي وأبو حنيفة وزفر إلى أن من فعل ذلك فقد بر في يمينه، وخالف مالك ورآه خاصًا بأيوب عليه السلام، وقال بعضهم: إن الحكم كان عامًا ثم نسخ والصحيح بقاء الحكم، واستدل بالآية على أن للزوج ضرب زوجته وأن يحلف ولا يستثنى وعلى أن الاستثناء شرطه الاتصال إذ لو لم يشترط لأمره سبحانه وتعالى بالاستثناء ولم يحتج إلى الضرب بالضغث.
واستدل عطاء بها على مسألة أخرى فأخرج سعيد بن منصور بسند صحيح عنه أن رجلًا قال له: إني حلفت أن لا أكسو امرأتي درعًا حتى تقف بعرفة فقال: احملها على حمار ثم اذهب فقف بها بعرفة فقال: إنما عنيت يوم عرفة فقال عطاء: أيوب حين حلف ليجلدن امرأته مائة جلدة أنوي أن يضربها بالضغث إنما أمره الله تعالى أن يأخذ ضغثا فيضربها به ثم قال: إنما القرآن عبر إنما القرآن عبر، وللبحث في ذلك مجال، وكثير من الناس استدل بها على جواز الحيل وجعلها أصلًا لصحته، وعندي أن كل حيلة أوجبت إبطال حكمة شرعية لا تقبل كحيلة سقوط الزكاة وحيلة سقوط الاستبراء وهذا كالتوسط في المسألة فإن من العلماء من يجوز الحيلة مطلقًا ومنهم من لا يجوزها مطلقًا، وقد أطال الكلام في ذلك العلامة ابن تيمية {إِنَّا وجدناه صَابِرًا} فيما أصابه في النفس والأهل والمال.
وقد كان عليه السلام يقول كلما أصابته مصيبة: اللهم أنت أخذت وأنت أعطيت ويحمد الله عز وجل، ولا يخل بذلك شكواه إلى الله تعالى من الشيطان لأن الصبر عدم الجزع ولا جزع فيما ذكر كتمني العافية وطلب الشفاء مع أنه قال ذلك على ما قيل خيفة الفتنة في الدين كما سمعت فيما تقدم، ويروى أنه قال في مناجاته: الهي قد علمت أنه لم يخالف لساني قلبي ولم يتبع قلبي بصري ولم يلهني ما ملكت يميني ولم آكل إلا ومعي يتيم ولم أبت شبعان ولا كاسيًا ومعي جائع أو عريان فكشف الله تعالى عنه {نِعْمَ العبد} أي أيوب {إِنَّهُ أَوَّابٌ} تعليل لمدحه وتقدم مهنى الأواب. اهـ.

.قال المراغي:

قصص أيوب عليه السلام:
[سورة ص: الآيات 41- 44].
{وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ (41)}.

.تفسير المفردات:

أيوب: هو أيوب بن أموص بن أروم بن عيص بن إسحاق عليه السلام، فهو من بنى إسرائيل قاله ابن جرير. والنّصب: بضم فسكون والنّصب بفتحتين كالرشد والرشد: المشقة والتعب، عذاب: أي ألم مضر كما جاء في قوله: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ} اركض برجلك: أي اضرب بها على الأرض، مغتسل: أي ماء تغتسل به وتشرب منه، والضغث: الحزمة الصغيرة من الكلأ والريحان، ويقال حنث في يمينه: إذا لم يفعل ما حلف عليه.