فصل: قال البيضاوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وإنما ظلّم الآخر بعدما اعترف به خصمه ولكنه لم يحك في القرآن لأنه معلوم.
ويُروى أنه قال: أنا أريد أن آخذها منه وأكمل نعاجي مائة فقال داود: إن رمت ذلك ضربنا منك هذا وهذا وأشار إلى طرف الأنف والجبهة.
فقال: يا داود أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا وأنت فعلت كيت وكيت.
ثم نظر داود فلم ير أحدًا فعرف ما وقع فيه {وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الخلطاء} الشركاء والأصحاب {لَيَبْغِى بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ إِلاَّ الذين ءَأمَنُوا وَعَملُوا الصالحات} المستنثى منصوب وهو من الجنس والمستثنى منه بعضهم {وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ} {مَا} للابهام و{هُمْ} مبتدأ و{قَلِيلٌ} خبره {وَظَنَّ دَاوُدُ} أي علم وأيقن وإنما استعير له لأن الظن الغالب يداني العلم {أَنَّمَا فتناه} ابتليناه {فاستغفر رَبَّهُ} لزلته {وَخَرَّ رَاكِعًا} أي سقط على وجهه ساجدًّا لله، وفيه دليل على أن الركوع يقوم مقام السجود في الصلاة إذا نوي لأن المراد مجرد ما يصلح تواضعًا عند هذه التلاوة والركوع في الصلاة يعمل هذا العمل بخلاف الركوع في غير الصلاة {وَأَنَابَ} ورجع إلى الله بالتوبة.
وقيل: إنه بقي ساجدًّا أربعين يومًا وليلة لا يرفع رأسه إلا لصلاة مكتوبة أو ما لابد منه، ولا يرقأ دمعه حتى نبت العشب من دمعه ولم يشرب ماء إلا وثلثاه دمع {فَغَفَرْنَا لَهُ ذلك} أي زلته {وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لزلفى} لقربة {وَحُسْنَ مَئَابٍ} مرجع وهو الجنة.
{يا داود إِنَّا جعلناك خَلِيفَةً في الأرض} أي استخلفناك على الملك في الأرض أو جعلناك خليفة ممن كان قبلك من الأنبياء القائمين بالحق، وفيه دليل على أن حاله بعد التوبة بقيت على ما كانت عليه لم تتغير {فاحكم بَيْنَ الناس بالحق} أي بحكم الله إذ كنت خليفته أو بالعدل {وَلاَ تَتَّبِعِ الهوى} أي هوى النفس في قضائك {فَيُضِلَّكَ} الهوى {عَن سَبِيلِ الله إِنَّ الذين يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ الله} دينه {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ الحساب} أي بنسيانهم يوم الحساب.
{وَمَا خَلَقْنَا السماء والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا} من الخلق {باطلا} خلقًا باطلًا لا لحكمة بالغة، أو مبطلين عابثين كقوله: {وَمَا خَلَقْنَا السماء والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ} [الأنبياء: 16] وتقديره ذوي باطل، أو عبثًا فوضع {باطلا} موضعه أي ما خلقناهما وما بينهما للعبث واللعب ولكن للحق المبين، وهو أنا خلقنا نفوسًا أودعناها العقل ومنحناها التمكين وأزحنا عللها ثم عرضناها للمنافع العظيمة بالتكليف وأعددنا لها عاقبة وجزاءً على حسب أعمالهم.
{ذلك} إشارة إلى خلقها باطلًا {ظَنُّ الذين كَفَرُواْ} الظن بمعنى المظنون أي خلقها للعبث لا للحكمة هو مظنون الذين كفروا، وإنما جعلوا ظانين أنه خلقها للعبث لا للحكمة مع إقرارهم بأنه خالق السماوات والأرض وما بينهما لقوله: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله} [لقمان: 25] لأنه لما كان إنكارهم للبعث والحساب والثواب والعقاب مؤديًا إلى أن خلقها عبث وباطل جعلوا كأنهم يظنون ذلك ويقولونه، لأن الجزاء هو الذي سبقت إليه الحكمة في خلق العالم، فمن جحده فقد جحد الحكمة في خلق العالم {فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ النار أَمْ نَجْعَلُ الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات كالمفسدين في الأرض أَمْ نَجْعَلُ المتقين كالفجار} أم منقطعة، ومعنى الاستفهام فيها الإنكار، والمراد أنه لو بطل الجزاء كما يقول الكفار لاستوت أحوال من أصلح وأفسد واتقى وفجر، ومن سوّى بينهم كان سفيهًا ولم يكن حكيمًا {كِتَابٌ} أي هذا كتاب {أنزلناه إِلَيْكَ} يعني القرآن {مُّبَارَكٌ} صفة أخرى {لِّيَدَّبَّرُواْ ءاياته} وأصله ليتدبروا قرئ به ومعناه ليتفكروا فيها فيقفوا على ما فيه ويعملوا به.
وعن الحسن: قد قرأ هذا القرآن عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله، حفظوا حروفه وضيعوا حدوده {لتدَبّروا} على الخطاب بحذف إحدى التاءين: يزيد {وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ الألباب} وليتعظ بالقرآن أولو العقول.
{وَوَهَبْنَا لِداود سليمان نِعْمَ العبد} أي سليمان.
وقيل: داود، وليس بالوجه فالمخصوص بالمدح محذوف {إِنَّهُ أَوَّابٌ} وعلل كونه ممدوحًا بكونه أوابًا أي كثير الرجوع إلى الله تعالى: {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ} على سليمان {بالعشى} بعد الظهر {الصافنات} الخيول القائمة على ثلاث قوائم وقد أقامت الأخرى على طرف حافر {الجياد} السراع جمع جواد لأنه يجود بالركض، وصفها بالصفون لأنه لا يكون في الهجان وإنما هو العراب.
وقيل: وصفها بالصفون والجودة ليجمع لها بين الوصفين المحمودين واقفة وجارية، يعني إذا وقفت كانت ساكنة مطمئنة في مواقفها، وإذا جرت كانت سراعًا خفافًا في جريها.
وقيل: الجياد الطوال الأعناق من الجيد.
ورُوي أن سليمان عليه السلام غزا أهل دمشق ونصيبين فأصاب ألف فرس.
وقيل: ورثها من أبيه وأصابها أبوه من العمالقة.
وقيل: خرجت من البحر لها أجنحة فقعد يومًا بعدما صلى الظهر على كرسيه واستعرضها فلم تزل تعرض عليه حتى غربت الشمس وغفل عن العصر وكانت فرضًا عليه، فاغتم لما فاته فاستردها وعقرها تقربًا لله وبقي مائة، فما في أيدي الناس من الجياد، فمن نسلها.
وقيل: لما عقرها أبدله الله خيرًا منها وهي الريح تجري بأمره.
{فَقَالَ إِنِّى أَحْبَبْتُ حُبَّ الخير عَن ذِكْرِ رَبِىِّ} أي آثرت حب الخيل عن ذكر ربي كذا عن الزجاج.
فأحببت بمعنى آثرت كقوله تعالى: {فاستحبوا العمى عَلَى الهدى} [فصلت: 17] وعن بمعنى على، وسمى الخيل خيرًا كأنها نفس الخير لتعلق الخير بها كما قال عليه السلام «الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة» وقال أبو علي: أحببت بمعنى جلست من إحباب البعير وهو بروكه.
حب الخير أي المال مفعول له مضاف إلى المفعول {حتى تَوَارَتْ} الشمس {بالحجاب} والذي دل على أن الضمير للشمس مررو ذكر العشي ولابد للضمير من جري ذكر أو دليل ذكر، أو الضمير للصافنات أي حتى توارت بحجاب الليل يعني الظلام {رُدُّوهَا عَلَىَّ} أي قال للملائكة: ردوا الشمس علي لأصلي العصر فردت الشمس له وصلى العصر، أو ردوا الصافنات {فَطَفِقَ مَسْحًا بالسوق والأعناق} فجعل يمسح مسحًا أي يمسح السيف بسوقها وهي جمع ساق كدار ودور وأعناقها، يعني يقطعها لأنها منعته عن الصلاة.
تقول: مسح عُلاوته إذا ضرب عنقه، ومسح المسفر الكتاب إذا قطع أطرافه بسيفه.
وقيل: إنما فعل ذلك كفارة لها أو شكرًا لرد الشمس، وكانت الخيل مأكولة في شريعته فلم يكن إتلافًا.
وقيل: مسحها بيده استحسانًا لها وإعجابًا بها.
{وَلَقَدْ فَتَنَّا سليمان} ابتليناه.
{وَأَلْقَيْنَا على كُرْسِيِّهِ} سرير ملكه {جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ} رجع إلى الله.
قيل: فتن سليمان بعد ما ملك عشرين سنة وملك بعد الفتنة عشرين سنة، وكان من فتنته أنه ولد له ابن فقالت الشياطين: إن عاش لم ننفك من السخرة فسبيلنا أن نقتله أو نخبله، فعلم ذلك سليمان عليه السلام فكان يغذوه في السحابة خوفًا من مضرة الشياطين، فألفى ولده ميتًا على كرسيه فتنبه على زلته في أن لم يتوكل فيه على ربه.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم «قال سليمان: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة كل واحدة منهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله ولم يقل إن شاء الله فطاف عليهن فلم تحمل إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل فجيء به على كرسيه فوضع في حجره، فوالذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانًا أجمعون» وأما ما يُروى من حديث الخاتم والشيطان وعبادة الوثن في بيت سليمان عليه السلام فمن أباطيل اليهود.
{قَالَ رَبِّ اغفر لِى وَهَبْ لِى مُلْكًا} قدم الاستغفار على استيهاب الملك جريًا على عادة الأنبياء عليهم السلام والصالحين في تقديم الاستغفار على السؤال {لاَّ يَنبَغِى} لا يتسهل ولا يكون {لأَِحَدٍ مّن بَعْدِى} أي دوني.
وبفتح الياء: مدني وأبو عمرو، وإنما سأل بهذه الصفة ليكون معجزة له لا حسدًا وكان قبل ذلك لم يسخر له الريح والشياطين، فلما دعا بذلك سخرت له الريح والشياطين ولن يكون معجزة حتى يخرق العادات {إِنَّكَ أَنتَ الوهاب فَسَخَّرْنَا لَهُ الريح} {الرياح} أبو جعفر.
{تَجْرِى} حال من {الريح} {بِأَمْرِهِ} بأمر سليمان {رُخَاءَ} لينة طيبة لا تزعزع وهو حال من ضمير {تَجْرِى} {حَيْثُ} ظرف {تَجْرِى} {أَصَابَ} قصد وأراد.
والعرب تقول: أصاب الصواب فاخطأ الجواب {والشياطين} عطف على {الريح} أي سخرنا له الشياطين {كُلَّ بَنَّاءٍ} بدل من {الشياطين} كانوا يبنون له ما شاء من الأبنية {وَغَوَّاصٍ} أي ويغوصون له في البحر لإخراج اللؤلؤ، وهو أول من استخرج اللؤلؤ من البحر.
والمعنى وسخرنا له كل بناء وغواص من الشياطين {وَءَاخَرِينَ} عطف على {كُلَّ بَنَّاء} داخل في حكم البدل {مُّقَرَّنِينَ في الأصفاد} وكان يقرن مردة الشياطين بعضهم مع بعض في القيود والسلاسل للتأديب والكف عن الفساد.
والصفد: القيد وسمي به العطاء لأنه ارتباط للمنعم عليه، ومنه قول علي رضي الله عنه: من برك فقد أسرك ومن جفاك فقد أطلقك {هذا} الذي أعطيناك من الملك والمال والبسطة {عَطَاؤُنَا فامنن} فأعط منه ما شئت من المنة وهي العطاء {أَوْ أَمْسِكْ} عن العطاء، وكان إذا أعطى أجر وإن منع لم يأتم بخلاف غيره {بِغَيْرِ حِسَابٍ} متعلق ب {عَطَاؤُنَا} وقيل: هو حال أي هذا عطاؤنا جمًا كثيرًا لا يكاد يقدر على حصره، أو هذه التسخير عطاؤنا فامنن على من شئت من الشياطين بالإطلاق أو أمسك من شئت منهم في الوثاق بغير حساب أي لا حساب عليك في ذلك {وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لزلفى وَحُسْنَ مَئَابٍ} {لزلفى} اسم إن والخبر {لَهُ} والعامل في {عِندَ} الخبر.
{واذكر عَبْدَنَآ أَيُّوبَ} هو بدل من {عَبْدَنَا} أو عطف بيان {إِذْ} بدل اشتمال منه {نادى رَبَّهُ} دعاه {إِنِّى مَسَّنِىَ} بأني مسني حكاية لكلامة الذي ناداه بسببه ولو لم يحك لقال بأنه مسه لأنه غائب {الشيطان بِنُصْبٍ} قراءة العامة {بِنُصُب} يزيد تثقيل نُصْب {بِنَصَب} كرشد ورشد، يعقوب {بِنصب} على أصل المصدر هبيرة والمعنى واحد وهو التعب والمشقة {وَعَذَابٍ} يريد مرضه وما كان يقاسي فيه من أنواع الوصب.
وقيل: أراد ما كان يوسوس به إليه في مرضه من تعظيم ما نزل به من البلاء ويغريه على الكراهة والجزع، فالتجأ إلى الله في أن يكفيه ذلك بكشف البلاء أو بالتوفيق في دفعه ورده بالصبر الجميل.
ورُوي أنه كان يعوده ثلاثة من المؤمنين فارتد أحدهم فسأل عنه فقيل: ألقى إليه الشيطان أن الله لا يبتلي الأنبياء والصالحين.
وذكر في سبب بلائه أنه ذبح شاة فأكلها وجاره جائع، أو رأى منكرًا فسكت عنه، أو ابتلاه الله لرفع الدرجات بلا زلة سبقت منه {اركض بِرِجْلِكَ} حكاية ما أجيب به أيوب عليه السلام أي أرسلنا إليه جبريل عليه السلام فقال له: اركض برجلك أي اضرب برجلك الأرض وهي أرض الجابية فضربها فنبعت عين فقيل: {هذا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} أي هذا ماء تغتسل به وتشرب منه فيبرأ باطنك وظاهرك.
وقيل: نبعت له عينان فاغتسل من إحداهما وشرب من الأخرى فذهب الداء من ظاهره وباطنه بإذن الله تعالى.
{وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ} قيل: أحياهم الله تعالى بأعيانهم وزاده مثلهم {رَحْمَةً مّنَّا وذكرى لأُِوْلِى الألباب} مفعول لهما أي الهبة كانت للرحمة له ولتذكير أولى الألباب، لأنهم إذا سمعوا بما أنعمنا به عليه لصبره رغبهم في الصبر على البلاء {وَخُذْ} معطوف على {اركض} {بِيَدِكَ ضِغْثًا} حزمة صغيرة من حشيش أو ريحان أو غير ذلك.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: قبضة من الشجر {فاضرب بِهِ وَلاَ تَحْنَثْ} وكان حلف في مرضه ليضربن امرأته مائة إذا برأ، فحلل الله يمينه بأهون شيء عليه وعليها لحسن خدمتها إياه، وهذه الرخصة باقية ويجب أن يصيب المضروب كل واحدة من المائة.
والسبب في يمينه أنها أبطأت عليه ذاهبة في حاجة فحرج صدره.
وقيل: باعت ذؤابتيها برغيفين وكانتا متعلق أيوب عليه السلام إذا قام {إِنَّا وجدناه} علمناه {صَابِرًا} على البلاء نعم قد شكا إلى الله ما به واسترحمه لكن الشكوى إلى الله لا تسمى جزعًا فقد قال يعقوب عليه السلام {إِنَّمَا أَشْكُو بَثّى وَحُزْنِى إِلَى الله} [يوسف: 86] على أنه عليه السلام كان يطلب الشفاء خيفة على قومه من الفتنة حيث كان الشيطان يوسوس إليهم أنه لو كان نبيًا لما ابتلي بمثل ما ابتلي به وإرادة القوة على الطاعة فقد بلغ أمره إلى أن لم يبق منه إلا القلب واللسان {نِعْمَ العبد} أيوب {إِنَّهُ أَوَّابٌ}. اهـ.

.قال البيضاوي:

{ص} وقرئ بالكسر لالتقاء الساكنين، وقيل إنه أمر من المصاداة بمعنى المعارضة، ومنه الصدى فإنه يعارض الصوت الأول أي عارض القرآن بعملك، وبالفتح لذلك أو لحذف حرف القسم وإيصال فعله إليه، أو إضماره والفتح في موضع الجر فإنها غير مصروفة لأنها علم السورة وبالجر والتنوين على تأويل الكتاب.
{والقرءان ذِى الذَّكْرِ} الواو للقسم إن جعل {ص} اسمًا للحرف أو مذكور للتحدي، أو للرمز بكلام مثل صدق محمد عليه الصلاة والسلام، أو للسورة خبر المحذوف أو لفظ الأمر، وللعطف إن جعل مقسمًا به كقولهم: الله لأفعلن بالجر والجواب محذوف دل عليه ما في {ص} من الدلالة على التحدي، أو الأمر بالمعادلة أي إنه لمعجز أو لواجب العمل به، أو إن محمدًا صادق أو قوله: {بَلِ الذين كَفَرُواْ} أي ما كفر به من كفر لخلل وجده فيه {بَلِ الذين كَفَرُواْ} به.
{فِى عِزَّةٍ} أي استكبار عن الحق.
{وَشِقَاقٍ} خلاف لله ورسوله ولذلك كفروا به، وعلى الأولين الإِضراب أيضًا من الجواب المقدر ولكن من حيث إشعاره بذلك والمراد بالذكر العظة أو الشرف والشهره، أو ذكر ما يحتاج اليه في الدين من العقائد والشرائع والمواعيد، والتنكير في {عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} للدلالة على شدتهما، وقرئ في {غرة} أي غفلة عما يجب عليهم النظر فيه.
{كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مّن قَرْنٍ} وعيد لهم على كفرهم به استكبارًا وشقاقًا.
{فَنَادَوْاْ} استغاثة أو توبة أو استغفارًا.
{وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ} أي ليس الحين حين مناص، ولا هي المشبهة بليس زيدت عليها تاء التأنيث للتأكيد كما زيدت على رب، وثم خصت بلزوم الأحيان وحذف أحد المعمولين، وقيل هي النافية للجنس أي ولا حين مناص لهم، وقيل للفعل والنصب بإضماره أي ولا أرى حين مناص، وقرئ بالرفع على أنه اسم لا أو مبتدأ محذوف الخبر أي ليس حين مناص حاصلًا لهم، أو لا حين مناص كائن لهم وبالكسر كقوله:
طَلَبُوا صُلْحَنَا وَلاَتَ أَوان ** فَأَجَبْنَا أَنَّ لاَتَ حِينَ بَقَاءِ