فصل: قال ابن عطية في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والمعنى عموم نفي سؤالِه الأجرَ منهم من يوم بعث إلى وقت نزول هذه الآية وهو قياس استقراء لأنهم إذا استقرَوْا أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم فيما مضى وجدوا انتفاء سؤاله أجرًا أمرًا عامًا بالاستقراء التام الحاصل من جميع أفراد المشركين في جميع مخالطاتهم إياه، فهو أمر متواتر بينهم فهذا إبطال لقولهم {كذاب} [ص: 4] المحكي عنهم في أول السورة وإقامة الحجة على صدق رسالته كما سيجيء.
وضمير {عَلَيْهِ} عائد إلى القرآن المعلوم من المقام فإن مبدأ السورة قوله: {والقراننِ ذي الذِكرِ} [ص: 1] فهذا من رد العجز على المصدر.
وعطف {وما أنا من المتكلفين} أفاد انتفاء جميع التكلف عن النبي صلى الله عليه وسلم والتكلف: معالجة الكلفة، وهي ما يشقّ على المرء عمله والتزامه لكونه يحرجه أو يشق عليه، ومادة التفعل تدل على معالجة ما ليس بسهل، فالمتكلف هو الذي يتطلب ما ليس له أو يدعي علم ما لا يعلمه.
فالمعنى هنا: ما أنا بمُدَّع النبوءة باطلًا من غير أن يوحى إليّ وهو رد لقولهم: {كذاب} [ص: 4] وبذلك كان كالنتيجة لقوله: {ما أسألكم عليه من أجْرٍ} لأن المتكلف شيئًا إنما يطلب من تكلُّفِه نفعًا، فالمعنى: وما أنا ممن يدعون ما ليس لهم.
ومنه حديث الدارقطني عن ابن عمر قال: خرج رسول الله في بعض أسفاره فمرّ على رجل جالس عند مقراة له أي حوض ماء، فقال عُمر: يا صاحبَ المَقراة أَوَلَغَتْ السباع الليلة في مَقراتك؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا صاحب المَقراة لا تخبره، هذا متكلف لها مَا حملتْ في بطونها ولنا ما بقي شراب وطهور.
وفي الصحيحين عن ابن مسعود أنه قال: يا أيها الناس من علِم منكم علمًا فليقل به ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، قال الله لرسوله: {قُلْ ما أسألُكُم عليهِ من أجْرٍ وما أنا مِن المتكلفين}.
وأخذ من قوله: {وما أنا من المتكلفين} أن ما جاء به من الدين لا تكلف فيه، أي لا مشقة في تكاليفه وهو معنى سماحة الإِسلام، وهذا استرواح مبني على أن من حكمة الله أن يجعل بين طبع الرسول صلى الله عليه وسلم وبين روح شريعته تناسبًا ليكون إقباله على تنفيذ شرعه بِشَرَاشِره لأن ذلك أنفى للحرج عنه في القيام بتنفيذ ما أمر به.
وتركيب {ما أنا من المتكلفين} أشدّ في نفي التكلّف من أن يقول: ما أنا بمتكلف، كما تقدم بيانه عند قوله تعالى: {قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين} في سورة البقرة (67).
وجملة {إن هُو إلا ذِكرٌ للعالمين} بدل اشتمال من جملة {وما أنا منَ المتكلفين} اشتمال نفي الشيء على ثبوت ضده، فلما نفَى بقوله: {وما أنا من المتكلفين} أن يكون تَقَوَّل القرآن على الله، ثبت من ذلك أن القرآن ذكرٌ للناس ذكّرهم الله به، أي ليس هو بالأساطير أو الترهات.
ولك أن تجعلها تذييلًا إذ لا منافاة بينهما هنا.
وهذا الإِخبار عن موقع القرآن لدى جميع أمة الدعوة لا خصوص المشركين الذين كان في مجادلتهم لأنه لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرجو من معانديه أجرًا.
وثبت بذلك أنه ليس بمتقول ما لم يُوحَ إليه انتقل إلى إثبات أن القرآن ذكر للناس قاطبة فيدخل في ذلك مشركو أهل مكة وغيرهم من الناس، فكأنه قيل يستغني الله عنكم بأقواممٍ آخرين كما قال تعالى: {إن تكفروا فإن الله غني عنكم} [الزمر: 7].
وعموم العالمين يكسب الجملة معنى التذييل للجملتين قبلها.
والقصر الذي اشتملت عليه جملة {إن هو إلا ذِكرٌ للعالمين} قصر قلب إضافي، أي هو ذكر لا أساطير ولا سِحر ولا شعر ولا غير ذلك للردّ على المشركين ما وسَموا به القرآن من غير صفاته الحقيقية.
وجملة {ولتعلمن نبأهُ بعد حينٍ} عطف على جملة {إن هُوَ إلا ذِكرٌ للعالمين} باعتبار ما يشتمل عليه القصر من جانب الإِثبات، أي وستعلمون خبر هذا القرآن بعد زمان علمًا جزمًا فيزول شكُّكُم فيه، فالكلام إخبار عن المستقبل كما هو مقتضى وجود نون التوكيد.
والنبأ: الخبر، وأصل الخبر: الصدق، أي الموافقة للواقع، فإذا قيل: أتاني نبأُ كذا، فمعناه الخبر عن حاله في الواقع، فإضافة النبأ إلى ما يضاف إليه على معنى اللام إذ معنى اللام هو أصل معاني الإِضافة، قال تعالى: {وهل أتاك نبأ الخصم} [ص: 21]، أي ستعلمون صدق وصف هذا القرآن أنه الحق، وهذا كما قال تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق} [فصلت: 53].
وفُسر النبأ بمعنى المفعول، أي ما أَنبأَ به القرآن من إنذاركم بالعذاب، فهو تهديد.
وكلا الاحتمالين واقع فإن من المخاطبين من عجّل له عذاب السيف يوم بدر، وبقيتهم رأوا ذلك رأي العين منهم مَن علموا دخول الناس في الإِسلام فماتوا بغيظهم ومنهم من شاهدوا فتح مكة وآمنوا، أو رأوا قبائل العرب تدخل في الدين أفواجًا فعلموا نبأ صدق القرآن وما وعد به بعد حين فازدادوا إيمانًا.
وحين كلِّ فريق ما مضى عليه من زمن بين هذا الخطاب وبين تحقق الصدق.
والحين: الزمن من ساعة إلى أربعينَ سنة.
فختم الكلام بتسجيل التبليغ وأن فائدة ما أبلغهم لهم لا للنبيء صلى الله عليه وسلم وختم بالمواعدة لوقتتِ يقينهم بنبيئه، وهذا مؤذن بانتهاء الكلام ومراعاة حسن الختام. اهـ.

.قال ابن عطية في الآيات السابقة:

{إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ} و: {إذ} في قوله: {إذ قال ربك} بدل من قوله: {إذ} الأولى على تأويل من رأى الخصومة في شأن من يستخلف في الأرض، وعلى الأقوال الأخر يكون العامل في {إذ} الثانية فعل مضمر تقديره: واذكر إذ قال. والبشر المخلوق من الطين. هو آدم عليه السلام و: {سويته} يريد به شخصه.
{ونفخت} هي عبارة عن إجراء الروح فيه، هي عبارة على نحو ما يفهم من إجراء الأشياء بالنفخ.
وقوله: {من روحي} هي إضافة ملك إلى مالك، لأن الأرواح كلها هي ملك لله تعالى، وأضاف إلى نفسه تشريفًا.
وقوله: {ساجدين} اختلف الناس فيه، فقالت فرقة: على السجود المتعارف. وقالت فرقة معناه: خاضعين على أصول السجود في اللغة. ثم أخبر تعالى أن الملائكة بأمره سجدوا {إلا إبليس} فإنه {استكبر} عن السجود.
وقوله تعالى: {وكان من الكافرين} يحتمل أن يريد به: وكان من أول أمره من الكافرين في علم الله تعالى، قاله ابن عباس، ويحتمل أن يريد: ووجد عند هذه الفعلة من الكافرين، وعلى القولين فقد حكم الله على إبليس بالكفر، وأخبر أنه كان عقد قلبه في وقت الامتناع.
{قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75)} القائل لإبليس هو الله عز وجل، وقوله: {ما منعك} تقرير وتوبيخ.
وقرأ عاصم والجحدري: {لَمَّا خلقت} بفتح اللام من: لمّا وشد الميم.
وقرأ جمهور الناس {بيديْ} بالتثنية. وقرأ فرقة: {بيديَّ} بفتح الياء، وقد جاء في كتاب الله: {مما عملت أيدينا} [يس: 71] بالجمع.
وهذه كلها عبارة عن القدرة والقوة، وعبر عن هذا المعنى بذكر اليد تقريبًا على السامعين، إذا المعتاد عند البشر أن القوه والبطش والاقتدار إنما هو باليد، وقد كانت جهالة العرب بالله تعالى تقتضي أن تنكر نفوسها أن يكون خلق بغير مماسة، ونحو هذا من المعاني المعقولة، وذهب القاضي ابن الطيب إلى أن اليد والعين والوجه صفات ذات زائدة على القدرة والعلم غير ذلك من متقرر صفاته تعالى، وذلك قول مرغوب عنه ويسميها الصفات الخبرية. وروي في بعض الآثار أن الله تعالى خلق أربعة أشياء بيده وهي: العرش والقلم وجنة عدن وآدم وسائر المخلوقات بقوله: {كن}.
قال القاضي أبو محمد: وهذا إن صح فإنما ذكر على جهة التشريف للأربعة والتنبيه منها، وإلا فإذا حقق النظر فكل مخلوق فهوة بالقدرة التي بها يقع الإيجاد بعد العدم.
وقرأت فرقة: {استكبرت} بصلة الألف على الخبر عن إبليس، وتكون {أم} بينة الانقطاع لا معادلة لها. وقرأت فرقة: {أستكبرت} بقطع الألف على الاستفهام، ف {أم} على هذا معادلة للألف، وذهب كثير من النحويين إلى أن أم لا تكون معادلة للألف مع اختلاف الفعلين، وإنما تكون معادلة إذا أدخلتا على فعل واحد، كقولك: أزيد قام أم عمرو؟ وقولك: أقام زيد أم عمرو؟ قالوا: وإذا اختلف الفعلان كهذه الآية فليست أم معادلة، ومعنى الآية: أحدث لك الاستكبار الآن أن كنت قديمًا ممن لا يليق أن تكلف مثل هذا لعلو مكانك، وهذا على جهة التوبيخ.
وقول إبليس: {أنا خير منه} قياس أخطأ فيه، وذلك أنه لما توهم أن النار أفضل من الطين، قاس أن ما يخلق من الأفضل فهو أفضل من الذي يخلق من المفضول، ولم يدر أن الفضائل تخصيصات من الله تعالى يسم بها من شاء، وفي قوله رد على حكمة الله تعالى وتجوير. وذلك بين في قوله: {أرأيتك هذا الذي كرمت علي} [الإسراء: 62] ثم قال: {أنا خير منه} وعند هذه المقالة اقترن كفر إبليس به إما عنادًا على قول من يجيزه، وإما بأن سلب المعرفة، وظاهر أمره أنه كفر عنادًا، لأن الله تعالى قد حكم عليه بأنه كافر، ونحن نجده خلال القصة يقول: يا رب بعزتك وإلى يوم يبعثون، فهذا كله يقتضي المعرفة، وإن كان للتأويل فيه مزاحم فتأمله، ثم أمر الله تعالى إبليس بالخروج على جهة الادخار له، فقالت فرقة: أمره بالخروج من الجنة.
وقالت فرقة: من السماء. وحكى الثعلبي عن الحسن وأبي العالية أن قوله: {منها} يريد به من الخلقة التي أنت فيها ومن صفات الكرامة التي كانت له، قال الحسين بن الفضل: ورجعت له أضدادها، وعلى القول الأول فإنما أمره أمرًا يقتضي بعده عن السماء، ولا خلاف أنه أهبط إلى الأرض. والرجيم: المرجوم بالقول السيىء. واللعنة الإبعاد. و: {يوم الدين} يوم القيامة. و{الدين} الجزاء، وإنما حد له اللعنة ب {يوم الدين} ولعنته إنما هي مخلدة ليحصر له أمد التوبة، لأن امتناع توبته بعد يوم القيامة، إذ ليست الآخرة دار عمل، ثم إن إبليس سأل النظرة وتأخير الأجل إلى يوم بعث الأجساد من القبور، فأعطاه الله تعالى الإبقاء {إلى يوم الوقت المعلوم}.
واختلف الناس في تأويل ذلك، فقال الجمهور: أسعفه الله في طلبته وأخره إلى يوم القيامة، فهو الآن حي مغو مضل، وهذا هو الأصح من القولين. وقالت فرقة: لم يسعف بطلبته، وإنما أسعف إلى الوقت الذي سبق من الله تعالى أن يموت إبليس فيه. وقال بعض هذه الفرقة: مات إبليس يوم بدر.
{قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82)} القائل هو إبليس، أقسم بعزة الله تعالى، قال قتادة: علم عدو الله أنه ليست له عزة فأقسم بعزة الله أنه يغوي ذرية آدم أجمع إلا من أخلص الله للإيمان به.
قال القاضي أبو محمد: وهذا استثناء الأقل عن الأكثر على باب الاستثناء لأن المؤمنين أقل من الكفرة بكثير، بدليل حديث بعث الناس وغيره. وجوز قوم أن يستثنى الكثير من الجملة ويترك الأقل على الحكم الأول، واحتجوا بقوله تعالى: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين} [الحجر: 42] وقال من ناقضهم: العباد هنا: يعم البشر والملائكة، فبقي الاستثناء على بابه في أن الأقل هو المستثنى.
وفتح اللام من {المخلصين} وكسرها، قد تقدم ذكره. والقائل: {فالحق} هو الله تعالى قال مجاهد: المعنى فالحق أنا.
وقرأ جمهور القراء: {فالحقَّ والحقَّ} بنصب الاثنين، فأما الثاني فمنصوب ب {أقول} وأما الأول فيحتمل أن ينتصب على الإغراء، ويحتمل أن ينتصب على القسم على إسقاط حرف القسم، كأنه قال: فوالحق، ثم حذف الحرف كما تقول: الله لأفعلن، تريد: والله، ويقوي ذلك قوله: {لأملأن} وقد قال سيبويه: قلت للخليل ما معنى لأفعلن إذا جاءت مبتدأة: قال هي بتقدير قسم منوي: وقالت فرقة: الحق الأول منصوب بفعل مضمر. وقال ابن عباس ومجاهد: {فالحقُّ والحقُّ} برفع الاثنين، فأما الأول فرفع بالابتداء وخبره في قوله: {لأملأن} لأن المعنى: أن أملأ، وأما الثاني فيرتفع على ابتداء أيضًا. وقرأ عاصم وحمزة: {فالحقُّ} بالرفع {والحقَّ} بالنصب، وهي قراءة مجاهد والأعمش وأبان بن تغلب وإعراب هذه بين. وقرأ الحسن: {فالحقِّ والحقِّ} بخفض القاف فيهما على القسم، وذكرها أبو عمرو الداني.
ثم أمر تعالى نبيه أن يخبرهم بأنه ليس بسائل أجر ولا مال، وأنه ليس ممن يتكلف ما لم يجعل إليه ولا يتحلى بغير ما هو فيه. وقال الحسين بن الفضل: هذه الآية ناسخة لقوله: {قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة في القربى} [الشورى: 23] وقال الزبير بن العوام: نادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم، اللهم اغفر للذين لا يدعون ولا يتكلفون، ألا إني بريء من التكلف، وصالحو أمتي، وقوله تعالى: {إن هو} يريد به القرآن. و: {ذكر} بمعنى: تذكرة، ثم توعدهم بقوله: {ولتعلمن نبأه بعد حين} وهذا على حذف تقديره: لتعلمن صدق نبإه بعد حين في توعدكم واختلف الناس في معنى قوله: {بعد حين} إلى أي وقت اشار، لأن الحين في اللغة يقع على القليل والكثير من الوقت، فقال ابن زيد: أشار إلى يوم القيامة. وقال قتادة والحسن في اللغة أشار إلى الآجال التي لهم، لأن كل واحد منهم يعرف الحقائق بعد موته. وقال السدي: أشار إلى يوم بدر، لأنه يوم عرف الكفار فيه صدق وعيد القرآن لهم. اهـ.

.قال أبو حيان في الآيات السابقة:

{قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (67)} الضمير في قوله: {قل هو نبأ} يعود على ما أخبر به صلّى اللّه عليه وسلم من كونه رسولًا منذرًا داعيًا إلى الله، وأنه تعالى هو المنفرد بالألوهية، المتصف بتلك الأوصاف من الوحدانية والقهر وملك العالم وعزته وغفرانه، وهو خبر عظيم لا يعرض عن مثله إلا غافل شديد الغفلة.
وقال ابن عباس: النبأ العظيم: القرآن.
وقال الحسن: يوم القيامة.
وقيل: قصص آدم والإنباء به من غير سماع من أحد.
وقال صاحب التحرير: سياق الآية وظاهرها أنه يريد بقوله: {قل هو نبأ عظيم} ما قصه الله تعالى من مناظرة أهل النار ومقاولة الأتباع مع السادات، لأنه من أحوال البعث، وقريش كانت تنكر البعث والحساب والعقاب، وهم عن ذلك معرضون.
وقوله: {ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون} احتجاج على قريش بأن ما جاء به من عند الله لا من قبل نفسه.
فإن من في الأرض ما له علم بمن في السماء إلا بإعلام الله تعالى؛ وعلم المغيبات لا يوصل إليه إلا بإعلام الله تعالى، وعلمه بأحوال أهل النار، وابتداء خلق آدم لم يكن عنه علم بذلك؛ فإخباره بذلك هو بإعلام الله والاستدلال بقصة آدم، لأنه أول البشر خلقًا، وبينه وبين الرسول عليه السلام أزمان متقادمة وقرون سالفة.