فصل: قال الأخفش:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الأخفش:

سورة الزمر:
{وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} قال: {وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ} أيْ: وبذلك أمرت.
{وَالَّذِينَ اجْتَنَبُواْ الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُواْ إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ} وقال: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُواْ الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا} لأَنَّ {الطاغوتَ} في معنى جماعة. وقال: {أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ} وإِنْ شئتَ جعلته واحدًا مؤنّثًا.
{أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ} وقال: {أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن} أَي: أفأَنْتَ تُنْقِذُهُ واسْتَغْنَى بقوله: {تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ} عن هذا.
{أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَائِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} وقال: {أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ} فجعل قوله: {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ} مكان الخبر.
{أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ} وقال: {أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ} فهذا لم يظهر له خبر في اللفظة ولكنه في المعنى- والله أعلم- كأنه: أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ أَفْضَلُ أمْ مَنْ لا يَتَّقِي.
{قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} وقال: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} لأن قوله: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هذا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ} (27) معرفة فانتصب خبره.
{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَائِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} وقال: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} ثم قال: {أُوْلَائِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} فجعل الذي في معنى جماعة بمنزلة {مَنْ}.
{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ} وقال: {وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} فرفع على الابتداء. ونصب بعضهم فجعلها على البدل. وكذلك {وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ} جعله بدلًا من {الخبيث} (164) ومنهم من قال: {بَعْضُه على بَعْض} فرفع على الابتداء. أو شغل الفعل بالأول. وقال بعضهم {مُسْوادَّةٌ} وهي لغة لأهل الحجاز يقولون: اِسْوادَّ وجهُهُ واِحْمارَّ يجعلونه اِفْعَالَّ كما تقول للاشهب قدِ اشْهَابَّ وللازرق قدِ ازْرَاقَّ. وقال بعضهم لا يكون اِفْعَالَّ في ذي اللون الواحد، وإِنَّما يكون في نحو الاشهب ولا يكون في نحو الاحمر وهما لغتان.
{قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} وقال: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} يريد أَفَغَيْرَ اللهِ أَعْبُدُ تَأْمُرُونَنِي كأنه اراد الالغاء- والله أعلم- كما تقول هَلْ ذَهَب فُلانٌ. تَدْرِي جعله على معنى ما تدري.
{وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} وقال: {وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}.
{وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} وقال: {وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} يقول: فِي قُدْرته نحو قوله: {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} أي: وما كانت لكم عليه قدرة، وليس الملك لليمين دون الشمال وسائر البدن. وأما قوله: {قَبْضَتُهُ} فنحو قولك للرجل: هذا في يدك وفي قبضتك.
{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى الّجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} وقال: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} فيقال أن قوله: {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا} في معنى {قالَ لَهُمْ} كأنه يلقي الواو. وقد جاء في الشعر شيء يشبه أن تكون الواو زائدة فيه. قال الشاعر: من الكامل وهو الشاهد الخامس بعد المئة:
فإذَا وذلِكَ يا كُبَيْشَةُ لَمْ يَكُنْ ** إِلاَّ كَلَمَّةِ حَالِمٍ بِخَيالِ

فيَُشْبِهُ أَنْ يكونَ يريدُ فإِذَا ذلكَ لَمْ يكُنْ. وقال بعضهم: أضمر الخبر وإِضمار الخبر احسن في الآية ايضًا وهو في الكلام.
{وَتَرَى الْمَلاَئِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وقال: {وَتَرَى الْمَلاَئِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} ف {مِنْ} أدخلت ها هنا توكيدا- والله أعلم- نحو قولك مَا جَاءَنِي منِْ أَحَدٍ. وثُقِّلَتْ الحافْينَ لأنها من حَفَفْتُ. اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة الزمر:
مكية إلا ثلاث آيات، وهي قوله: {يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} إلى {تَشْعُرُونَ}.
4- {لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ} أي لأختار ما يشاء من خلقه، لو كان فاعلا. {سُبْحانَهُ هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ}.
5- {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ} قال أبو عبيدة: يدخل هذا على هذا.
وأصل التكوير اللف والجمع. ومنه كور العمامة. ومنه قوله: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} أي جمعت ولفت.
6- {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ} أي ثمانية أصناف، وهي التي ذكرها اللّه- عز ذكره- في سورة الأنعام.
{يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ} أي علقة بعد نطفة، ومضغة بعد علقة. فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ يقال: ظلمة المشيمة، وظلمة الرحم، وظلمة البطن.
9- {أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ} أي مصل. وأصل القنوت: الطاعة {آناءَ اللَّيْلِ} أي ساعاته.
21- {فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ} أي أدخله فيها، فجعله ينابيع: عيونا تنبع.
{ثُمَّ يَهِيجُ} أي ييبس.
{ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطامًا} مثل الرّفات والفتات.
23- {كِتابًا مُتَشابِهًا} يشبه بعضه بعضا، ولا يختلف. {مَثانِيَ} أي تثني فيه الأنباء والقصص، وذكر الثواب والعقاب. {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} من آية العذاب، وتلين من آية الرحمة.
29- {رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ} أي مختلفون: يتنازعون ويتشاحون فيه. يقال: رجل شكس اي متعب الخلق.
قال قتادة: هو الرجل الكافر، والشركاء: الشياطين. {وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ} هو: المؤمن يعمل للّه وحده.
ومن قرأ: {سَلَمًا لِرَجُلٍ} أراد: سلم إليه، فهو سلم له.
33- {وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ} هو: النبي صلّى اللّه عليه وسلم {وَصَدَّقَ بِهِ} هم: أصحابه رضي اللّه عنهم.
قال أبو عبيدة: الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ في موضع جميع. وهي قراءة عبد اللّه: {والذين جاءوا بالصدق وصدقوا به}.
47- {وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} يقال: إنهم عملوا في الدنيا أعمالا كانوا يرون أنها تنفعهم، فلم تنفعهم مع شركهم.
61- {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ من العذاب} أي بمنجاتهم.
63- {لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي مفاتيحها وخزائنها، واحدها: إقليد يقال: هو فارسي، معرب إكليد.
68- {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} أي ماتوا. إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ يقال: الشهداء.
69- {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها} أضاءت.
74- {وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ} أي أرض الجنة {نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ} أي ننزل منها {حَيْثُ نَشاءُ}. اهـ.

.قال الغزنوي:

ومن سورة الزمر:
1- {لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ} ما لا رياء له. وقيل: الطاعة بالعبادة المستحق بها الجزاء لأنه لا يملكه إلّا هو.
{إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي} لحجته، أو لثوابه.
6- {فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ} ظلمة البطن والرحم والمشيمة.
9- {أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ} استفهام محذوف الجواب، أي: كمن هو غير قانت.
15- {خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} بإهلاكها في النّار، {وَأَهْلِيهِمْ} بأن لا يجدوا في النّار أهلا مثل ما يجد أهل الجنة. أو أهليهم الذين كانوا أعدّوا لهم من الحور.
16- {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ} الأطباق والسّرادقات.
{وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} الفرش والمهاد، وهي ظلل وإن كانت من تحت لأنّها ظلّل من هو تحتهم.
19- {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ} معنى الألف هنا التوقيف، وألف أَفَأَنْتَ مؤكدة معادة لما طال الكلام، ومعنى الكلام: إنّك لا تقدر على إنقاذ من أضلّه اللّه.
21- {يَهِيجُ} ييبس، حُطامًا: فتاتا متكسرا.
22- {فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} أي: للقاسية من ترك ذكر اللّه.
23- {كِتابًا مُتَشابِهًا} يشبه بعضه بعضا، {مَثانِيَ} ثنّي فيها أقاصيص الأنبياء، وذكر الجنّة والنّار. أو يثنّى فيها الحكم بتصريفها في ضروب البيان، أو يثنّى في القراءة فلا تملّ.
28- {غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} غير معدول به عن جهة الصّواب.
29- {مُتَشاكِسُونَ} متعاسرون، خلق شكس ورجلا سالما: خالصا ليس لأحد فيه شركة، ليطابق قوله: {رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ} و{سَلَمًا} مصدر سلم سلما: خلص خلوصا.
42- {وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها} أي: يقبضها عن الحسّ والإدراك مع بقاء الروح.
قال عليّ رضي اللّه عنه: الرؤيا من النّفس في السّماء، والأضغاث منها قبل الاستقرار في الجسد يلقيها الشّياطين.
وقال ابن عبّاس رضي اللّه عنهما: لكلّ جسد نفس وروح، فالأنفس تقبض في المنام دون الأرواح.
45- {اشْمَأَزَّتْ} انقبضت.
49- {إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ} أي: سأصيبه، أو بعلم علّمنيه اللّه.
أو على علم يرضاه عني.
56- {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ} لئلا تقول، أو كراهة أن تقول. {يا حَسْرَتى} الألف بدل ياء الإضافة لمدّ الصّوت بها في الاستغاثة.
{فِي جَنْبِ اللَّهِ} في طاعته، أو أمره.
يقال: صغر في جنب ذلك، أي: أمره وجهته لأنّه إذا ذكر بهذا الذكر دلّ على اختصاصه به من وجه قريب من معنى صفته.
{السَّاخِرِينَ} المستهزئين.
61- {بِمَفازَتِهِمْ} ما فازوا به من الإرادة.
67- {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ} في حكمه وتحت أمره.
68- {فَصَعِقَ} مات، أو غشي عليهم.
{إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ} من الملائكة.
{ثُمَّ نُفِخَ} يقال: بين النّفختين أربعون سنة.
71- {زُمَرًا} أمما.
73- {وَفُتِحَتْ أَبْوابُها} واو الحال، أي: يجدونها عند المجيء مفتّحة الأبواب، وأمّا النّار فمغلقة لا تفتح إلّا عند دخولهم.
71- {حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ} ظهر حقّها بمجيء مصداقها.
74- {وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ} أرض الجنّة لأنّها صارت لهم في آخر الأمر كما يصير الميراث.
75- {حَافِّينَ} محدقين مطيفين. اهـ.

.قال ملا حويش:

تفسير سورة الزمر:
عدد 9- 59- 39.
نزلت بمكة بعد سورة سبأ عدا الآيات 52 و53 و54 فإنهن نزلن بالمدينة.
وهي خمس وسبعون آية.
والف ومئة واثنتان وسبعون كلمة.
وأربعة آلاف وتسعمئة وثمانية أحرف.
وتسمى سورة تنزيل.
ولا يوجد سورة مبدوءة بما بدئت به.
ومثلها في عدد الآي الأنفال فقط.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى: هذا {تَنْزِيلُ الْكِتابِ} بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف أو مبتدأ والخبر مقدر وبالنصب على أنه مفعول لفعل مقدر أي اقرأ هذا التنزيل الذي ينزل عليك يا محمد من قبل ربك من القرآن المدون في اللوح المحفوظ الثابت في أزلنا والذي قدر قديما إنزاله عليك {مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ 1} الذي يجري أمره وينفذ نهيه بمقتضى الحكمة بلا مدافع ولا ممانع، واعلم يا سيد الرسل {إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ} هذا {الْكِتابَ بِالْحَقِّ} الصريح الواضح وبمقتضاه {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ 2} من شوائب الشرك والرياء، وهذا مما يراد به غيره صلى اللّه عليه وسلم من أمته لأنه لا شك بإخلاصه وبعده من الإشراك ولا مانع بأن يخاطب الأمير ما يراد به من الجند لأن الملك لا يولي أميرا إلا وهو يعتقد حزمه وأمانته وقد يحذره الهرب والخيانة أمام جنده ليكون أبلغ إمضاء فيهم {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ} من كل شائبة الكامل الذي لا أكمل منه {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ} سخفا بعقولهم يقولون {ما نَعْبُدُهُمْ} لذاتهم {إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى} يتمكنون به من الشفاعة لهم مع أنهم شابوا عبادة اللّه بعبادتهم، فاتركهم يا حبيبي الآن ولا تتعرض لهم بأكثر من النصح والترغيب {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} وبين معبوديهم عند ما يأمرك بقتالهم وقسرهم على الإيمان كما يفصل بينك وبينهم يوم القيامة وحذف الثاني بدلالة الأول عليه قال النابغة:
فما كان بين الخير لو جاء ** سالما أبو حجر إلا ليالي قلائل

أي بين الخير وبيني وقال بعض المفسرين بينهم وبين المخلصين بالعبادة للّه ويقرّب المعنى الأول قوله جل قوله {فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} لأنهم يوم القيامة يجحدون عبادتهم ويتبرأون منهم ويصير بينهم الرد والبدل في تكذيب بعضهم راجع الآية 41 من سورة سبأ والآية 44 من سورة الصافات والآية 130 من سورة الأنعام المارات والاختلاف على القول الثاني يكون في أمر التوحيد وأمر الشرك وادعاء كل صحة ما اتصف به ونتيجة حاله في إدخال المؤمنين الجنة والمشركين النار والكل جائز.
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ} بقوله إن الأصنام تشفع له أو تقربه من اللّه لأنه كذب محض ولذلك وصفه بقوله {كَفَّارٌ 3} كثير الكفر وإنما دحضه بلفظ المبالغة لأنه كفر من وجوه: جحود وحدانية اللّه واثبات الشريك له واتخاذه ربا دونه، ومن كان هذا شأنه فالهداية لا تناله لأنه غير قابل لها واللّه تعالى لا يفيض القوابل إلا بحسب القابليات كما يشير إليه قوله عز قوله: {قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى} الآية 50 من سورة طه في ج 1 وقوله: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ} الآية 84 من سورة الإسراء ج 1 أيضا وقولهَ: {ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} الآية 33 من سورة النحل، الآتية لسيىء استعداده على قبول الضلال وعدم استعداده لقبول الهدى ختم عليه بذلك لأنه خلقه كذلك.
قال تعالى: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} الآية 7 من الشورى الآتية وهذا من الأزل، لأنه حينما خلق الخلق قال هؤلاء إلى الجنة وهؤلاء إلى النار، وقال صلّى اللّه عليه وسلم: كل ميسر لما خلق له تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ، فهو: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} الآية 7 من سورة السجدة الآتية، وهو الذي لا يسأل عما يفعل.