فصل: (سورة الزمر: آية 53):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة الزمر: آية 53]:

{قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)}.

.الإعراب:

{عبادي} منادى مضاف منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل الياء، والياء مضاف إليه {الذين} موصول في محلّ نصب نعت ل {عبادي} {على أنفسهم} متعلّق ب {أسرفوا} لا ناهية جازمة {من رحمة} متعلّق ب {تقنطوا} {جميعا} حال منصوبة من الذنوب {هو} ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ، {الغفور} خبر المبتدأ هو.
جملة: {قل} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {يا عبادي} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {أسرفوا} لا محلّ لها صلة الموصول {الذين}.
وجملة: {لا تقنطوا} لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: {إنّ اللّه يغفر} لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: {يغفر} في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: {إنّه هو الغفور} لا محلّ لها تعليل للتعليل السابق.
وجملة: {هو الغفور} في محل رفع خبر إنّ.

.البلاغة:

في قوله تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا}. إلخ. الآية: فنون عديدة ومتنوعة من علمي البديع والبيان:
1- إضافة الرحمة إلى الاسم الجليل المحتوي على جميع معاني الأسماء على طريق الالتفات.
2- وضع الاسم الجليل فيه موضع الضمير، للإشعار بأن المغفرة من مقتضيات ذاته.
3- الالتفات من التكلم إلى الغيبة في قوله تعالى: {من رحمة اللّه} لتخصيص الرحمة بالاسم الكريم.
4- التعبير بالغفور فإنه صيغة مبالغة.
5- إبراز الجملة من قوله تعالى: {إنه هو الغفور الرحيم} مؤكدة بإن، وبضمير الفصل، وبالصفتين المودعتين للمبالغة.

.الفوائد:

رحمة اللّه واسعة:
قال المفسرون: هذه أرجى آية في كتاب اللّه عز وجل.
عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: بعث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى وحشي يدعوه إلى الإسلام، فأرسل إليه كيف تدعوني إلى دينك وأنت تزعم أن من قتل أو أشرك أو زنى يلق أثاما، يضاعف له العذاب، وأنا قد فعلت ذلك كله، فأنزل اللّه تعالى إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحًا فقال وحشي: هذا شرط شديد، لعلي لا أقدر عليه، فهل غير ذلك؟
فأنزل اللّه تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ فقال وحشي: أراني بعد في شبهة، فلا أدري أيغفر لي أم لا؟ فأنزل اللّه هذه الآية قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ فقال وحشي: نعم هذا، فجاء فأسلم.
وعن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: نزلت هذه الآيات في عياش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد ونفر من المسلمين، كانوا قد أسلموا ثم فتنوا وعذبوا فارتدوا عن الإسلام، فكنا نقول: لا يقبل اللّه من هؤلاء توبة، فأنزل اللّه عز وجل هذه الآية، فكتبها عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه بيده، ثم بعث بها إلى هؤلاء النفر فأسلموا جميعا وهاجروا. ولا يظن أحد أن مفهوم الآية يقتضي أن يطلق الإنسان لنفسه العنان ويجري وراء المعاصي والكبائر، فليس الأمر كذلك، وإنما المراد منها التنبيه على سعة رحمة اللّه عز وجل، وإحياء الأمل في نفوس المذنبين، والحث على التوبة، وعدم قطع حبل الرجاء من اللّه عز وجل.

.[سورة الزمر: الآيات 54- 59]:

{وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (55) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (58) بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (59)}.

.الإعراب:

الواو عاطفة {إلى ربّكم} متعلّق ب {أنيبوا} {له} متعلّق ب {أسلموا} {من قبل} متعلّق بالفعلين {أنيبوا وأسلموا} أن حرف مصدريّ ونصب {ثمّ} حرف عطف والواو في {تنصرون} نائب الفاعل.
والمصدر المؤوّل {أن يأتيكم} في محلّ جرّ مضاف إليه.
جملة: {أنيبوا} لا محلّ لها معطوفة على جملة لا تقنطوا.
وجملة: {أسلموا} لا محلّ لها معطوفة على جملة لا تقنطوا.
وجملة: {يأتيكم العذاب} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ أن.
وجملة: {لا تنصرون} لا محلّ لها معطوفة على جواب شرط مقدّر أي فإذا جاءكم عذّبتم ثم لا تنصرون.
(55) الواو عاطفة ما اسم موصول في محلّ جرّ مضاف إليه، ونائب الفاعل لفعل {أنزل} ضمير مستتر هو العائد {إليكم} متعلّق ب {أنزل} {من ربّكم} متعلّق ب {أنزل} {من قبل} {العذاب} مثل الأولى، والجارّ متعلّق ب {اتّبعوا} {بغتة} مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو ملاقيه في المعنى، الواو حاليّة لا نافية.
وجملة: {اتّبعوا} لا محلّ لها معطوفة على جملة أسلموا.
وجملة: {أنزل} لا محلّ لها صلة الموصول ما.
وجملة: {يأتيكم العذاب} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ أن.
وجملة: {أنتم لا تشعرون} في محلّ نصب حال.
وجملة: {لا تشعرون} في محلّ رفع خبر المبتدأ {أنتم}.
(56) أن حرف مصدريّ ونصب يا أداة نداء وتحسّر {حسرتا} منادى متحسّر به مضاف منصوب، وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل الألف المنقلبة عن الياء، وهي مضاف إليه.
ما حرف مصدريّ.
والمصدر المؤوّل {أن تقول} في محلّ نصب مفعول لأجله بحذف مضاف عامله أنيبوا..، أي: كراهة أن تقول نفس.
والمصدر المؤوّل {ما فرّطت} في محلّ جرّ ب {على} متعلّق ب {حسرتا}.
{في جنب} متعلّق ب {فرّطت} الواو حالية إن مخفّفة من الثقيلة وهي مهملة وجوبا اللام الفارقة {من الساخرين} متعلّق بخبر كنت.
وجملة: {تقول نفس} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ أن.
وجملة: {يا حسرتا} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {فرّطت} لا محلّ لها صلة الموصول ما.
وجملة: {كنت لمن الساخرين} في محلّ نصب حال.
(57) {أو} حرف عطف {تقول} مضارع منصوب معطوف على {تقول} السابق {لو} حرف شرط غير جازم اللام واقعة في جواب {لو}.
{من المتّقين} متعلّق بمحذوف خبر كنت.
والمصدر المؤوّل {أنّ اللّه هداني} في محلّ رفع فاعل لفعل محذوف تقديره ثبت أي لو ثبتت هدايتي لكنت.
وجملة: {تقول} الثانية لا محلّ لها معطوفة على جملة تقول نفس الأولى.
وجملة: لو ثبتت هدايتي في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {هداني} في محلّ رفع خبر أنّ.
وجملة: {كنت من المتّقين} لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
(58) {أو تقول} مثل السابق {حين} ظرف منصوب متعلّق ب {تقول} {لو} حرف تمنّ {لي} متعلّق بمحذوف خبر أنّ {كرّة} اسم أنّ منصوب الفاء فاء السببيّة {أكون} مضارع ناقص منصوب بأن مضمرة بعد الفاء، واسمه ضمير مستتر تقديره أنا {من المحسنين} متعلّق بخبر أكون.
والمصدر المؤوّل {أن أكون} معطوف على مصدر مأخوذ من التمنّي المتقدّم أي: ليت ثمّة رجوعا لي فكوني محسنا.
وجملة: {تقول} لا محلّ لها معطوفة على جملة تقول الثانية.
وجملة: {ترى} في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: {أكون} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ أن المضمر.
والمصدر المؤوّل {أنّ لي كرة} في محلّ نصب مقول القول.
(59) {بلى} حرف جواب لإيجاب السؤال المنفيّ قد حرف تحقيق الفاء عاطفة {بها} متعلّق ب {كذّبت} الواو عاطفة في الموضعين {من الكافرين} متعلّق بخبر كنت.
وجملة: {قد جاءتك آياتي} في محلّ نصب مقول القول لقول مقدّر.
وجملة: {كذّبت} في محلّ نصب معطوفة على جملة جاءتك آياتي.
وجملة: {استكبرت} في محلّ نصب معطوفة على جملة كذّبت.
وجملة: {كنت من الكافرين} في محلّ نصب معطوفة على جملة كذّبت.

.الصرف:

{الساخرين} جمع الساخر، اسم فاعل من الثلاثيّ سخر باب فرح وزنه فاعل.

.البلاغة:

1- الإيضاح: في قوله تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ}.
فإنه عطف على لا تقنطوا، لتتميم الإيضاح، كأنه قيل: لا تقنطوا من رحمة اللّه تعالى، فتظنوا أنه لا يقبل توبتكم، وأنيبوا إليه تعالى، وأخلصوا له عز وجل.
2- التنكير: في قوله تعالى: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ}.
ونكرّت {نفس} لأن المراد بها بعض الأنفس، وهي نفس الكافر، ويجوز أن يراد نفس متميزة من الأنفس، إما بلجاج في الكفر شديد، أو بعذاب عظيم، ويجوز أن يراد التكثير، كما قال الأعشى:
وربّ بقيع لو هتفت بجوّه ** أتاني كريم ينفض الرّأس مغضبا

وهو يريد: أفواجا من الكرام ينصرونه، لا كريما واحدا. ونظيره: ربّ بلد قطعت، ورب بطل قارعت، وهو يقصد بلادا وأبطالا.
3- الكناية: في قوله تعالى: {عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ}.
أصل الجنب الجارحة، ثم يستعار للناحية والجهة التي تليها، كعادتهم في استعارة سائر الجوارح لذلك، نحو اليمين والشمال، والمراد هاهنا الجهة مجازا.
والتفريط في جهة الطاعة، كناية عن التفريط في الطاعة نفسها، لأن من ضيع جهة ضيع ما فيها بطريق الأولى الأبلغ لكونه بطريق برهاني، ونظير ذلك قول زياد الأعجم:
إن السماحة والمروءة والندى ** في قبة ضربت على ابن الحشرج

يعني أنه مختص بهذه الصفات لا توجد في غيره، ولا خيمة هناك، ولا ضرب أصلا.