فصل: قال ابن عطية في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ومَن من قوله تعالى: {أفَمن حقَّ عليهِ كلمةُ العذَابِ} روي عن ابن عباس أن المراد بها أبو لهب وولدُه ومن تخلف عن الإِيمان من عشيرة النبي صلى الله عليه وسلم فيكون مَنْ مبتدأ حذف خبره.
والتقدير: تنقذه من النار، كما دل عليه ما بعده وتكون جملة {أفأنت تُنقِذُ من في النَّار} تذييلًا، أي أنت لا تنقذ الذين في النار.
والهمزة للاستفهام الإِنكاري، والهمزة الثانية كذلك.
وإحدَاهما تأكيد للأخرى التي قبلها للاهتمام بشأن هذا الاستفهام الإِنكاري على نحو تكرير أَنَّ في قول قس بن ساعدة:
لقد علم الحَي اليمانُون أنني ** إذ قلت أمّا بعد أَني خطيبها

والذي درج عليه صاحب الكشاف وتبعه شارحوه أن مَن في قوله: {أفَمَنْ حَقَّ علَيْهِ كَلِمَةُ العَذَابِ} شرطية، بناء على أن الفاء في قوله: {أفأنْتَ تُنْقِذُ مَن في النَّارِ} يحسن أن تكون لمعنى غيرِ معنى التفريع المستفاد من التي قبلها وإلا كانت مؤكدة للأولى وذلك ينقص معنىً من الآية.
ويجوز أن تكون مَن الأولى موصولة مبتدًا وخبرُه {أفأنْتَ تُنْقِذُ مَن في النَّارِ} وتكون الفاء في قوله: {أفأنْتَ تُنْقِذُ مَن في النَّارِ} مؤكدة للفاء الأولى في قوله: {أفَمَنْ حَقَّ} الخ فتكون الهمزة والفاء معًا مؤكدتين للهمزة الأولى والفاءِ التي معها لاتصالهما، ولأن جملة {أفأنْتَ تُنْقِذُ} صادقة على ما صدقت عليه جملة {أفَمَن حقَّ عليهِ كلِمَةُ العذَابِ} ويكون الاستفهام الإِنكاري جاريًا على غالب استعماله من توجهه إلى كلام لا شرط فيه.
وأصل الكلام على اعتبار مَن شرطية: أَمَن تَحْقُق عليه كلمة العذاب في المستقبل، فأنت لا تنقذه منه فتكون همزة {أفأنْتَ تُنْقِذُ مَن في النَّارِ} للاستفهام الإنكاري وتكون همزة {أفَمَن حقَّ عليه كلِمَةُ العَذَابِ} افتُتح بها الكلام المتضمن الإِنكار للتنبيه من أول الأمر على أن الكلام يتضمن إنكارًا، كما أن الكلام الذي يشتمل على نفي قد يفتتحونه بحرف نفي قبل أن ينطقوا بالنفي كما في قول مسلم بن معبد الوالبي من بني أسد:
فلاَ والله لا يُلفَى لما بي ** ولا لِما بهم أبدًا دَواء

ويفيد ذكرها توكيدَ مُفاد همزة الإِنكار إفادةً تبعية.
وأصل الكلام على اعتبار مَن الأولى موصولة: الذين تَحِقّ عليهم كلمة العذاب أنت لا تنقذهم من النار، فتكون الهمزة في قوله: {أفَمَن حقَّ عليه كلِمَةُ العَذَابِ} للاستفهام الإِنكاري وتكون همزة {أفأنْتَ تُنْقِذُ مَن في النَّارِ} تأكيدًا للهمزة الأولى.
و{مَن} من قوله: {مَن في النَّارِ} موصولة.
و{مَن في النَّارِ} هم من حقّ عليهم كلمة العذاب لأن كلمة العذاب هي أن يكونوا من أهل النار فوَقَع إظهار في مقام الإِضمار، والأصل: أفأنْتَ تُنقِذُه مَن النَّارِ.
وفائدة هذا الإِظهار تهويل حالتهم لما في الصلة من حَرف الظرفية المصوِّر لحالة إحاطة النار بهم، أي أفأنت تريد إنقاذهم من الوقوع في النار وهم الآن في النار لأنه محقق مصيرهم إلى النار، فشبه تحقق الوقوع في المستقبل بتحققه في الحال.
وقد صرح بمثل هذا الخبر المحذوف في قوله تعالى: {أفمن يلقى في النار خير أمن يأتي آمنًا يوم القيامة} في سورة [فصلت: 40] وقوله: {أفمن يمشي مُكِبًا على وجهِهِ أهدى أمَّن يَمشي سَويًا على صِراطٍ مُستَقيم} في سورة [الملك: 22].
والاستفهام تقريري كناية عن عدم التساوي بين هذا وبين المؤمن.
وكلمة {العَذَابِ} هي كلام الله المقتضي أن الكافر في العذاب، أي تقديرُ الله ذلك للكافر في وعيده المتكرر في القرآن.
وتجريد فعل {حَقَّ} من تاء التأنيث مع أن فاعله مؤنث اللفظ وهو {كلمة} لأن الفاعل اكتسب التذكير مما أضيف هو إليه نظرًا لإِمكان الاستغناء عن المضاف بالمضاف إليه، فكأنه قيل: أفمن حق عليه العذاب.
وفائدة إقحام {كَلِمَةُ} الإِشارة إلى أن ذلك أمر الله ووعيده.
وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي في {أفأنْتَ تُنْقِذُ} مفيد لتقوّي الحكم وهو إنكار أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم بتكرير دعوته يخلصهم من تحقق الوعيد أو يُحصل لهم الهداية إذا لم يقدرها الله لهم.
والخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم تهوينًا عليه بعض حرصه على تكرير دعوتهم إلى الإِسلام، وحزنَه على إعراضهم وضلالهم، وإلا فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم بالذي يظن أنه ينقذهم من وعيد الله، ولذلك اجتلب فعل الإِنقاذ هنا تشبيهًا لحال النبي صلى الله عليه وسلم في حرصه على هدْيهم وبلوغ جهده في إقناعهم بتصديق دعوته، وحالِهم في انغماسهم في موجبات وعيدهم بحال من يحاول إنقاذ ساقط في النار قد أحاطت النار بجوانبه استحقاقًا قضى به من لا يُردّ مرادُه، فحالهم تشبه حال وقوعهم في النار من الآن لتحقق وقوعه، وحذف المركب الدال على الحالة المشبه بها، ورمز إلى معناه بذكر شيء من ملائمات ذلك المركب المحذوف وهو فعل {تُنْقِذُ مَن في النَّارِ} الذي هو من ملائمات وقوعهم في النار على طريقة التمثيل بالمكنية، أيْ إجراء الاستعارة المكنية في المركب، ويكون قوله: {تُنْقِذُ مَن في النَّارِ} قرينة هذه المكنية وهو في ذاته استعارة تحقيقية كما في قوله تعالى: {ينقضون عهد اللَّه} [البقرة: 27].
وهذا مما أشار إليه الكشاف وبينه التفتازاني فيُعدّ من مبتكرات دقائق أنظارهما، وبه يتم تقسيم الاستعارة التمثيلية إلى قسمين مصرحة ومكنية.
وذلك كان مغفولًا عنه في علم البيان وبهذا تعلم أن الإِنقاذ أطلق على الإِلحاح في الإِنذار من إطلاق اسم المُسبب على السبب، وأن مَن في النار مَن هو صائر إلى النار، فلا متمسك للمعتزلة في الاستدلال بالآية على نفي الشفاعة المحمدية لأهل الكبائر؛ على أننا لو سلمنا أن الآية مسوقة في غرض الشفاعة فإنما نفت الشفاعة لأهل الشرك لأن مَن في النار يحتمل العهد وهم المتحدث عنهم في هذه الآية.
ولا خلاف في أن المشركين لا شفاعة فيهم قال تعالى: {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} [المدثر: 48]، على أن المنفي هو أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم منقذًا لمن أراد الله عدمَ إنقاذه، فأما الشفاعة فهو سؤال الله أن ينقذه.
وقد اشتملت هذه الآية على نكت بديعة من الإِعجاز إذ أفادت أن هذا الفريق من أهل الشرك الذين يكمن الكفر في قلوبهم حقت عليهم كلمة الله بتعذيبهم فهم لا يؤمنون، وأن حالهم الآن كحال من وقع في النار فهو هالك لا محالة، وحال النبي صلى الله عليه وسلم في حرصه على هديهم كحال من رأى ساقطًا في النار فاندفع بدافع الشفقة إلى محاولة إنقاذه ولكنه لا يستطيع ذلك فلذلك أنكرت شدة حرصه على تخليصهم فكان إيداع هذا المعنى في جملتين نهاية في الإِيجاز مع قرنه بما دَل عليه تأكيد الهمزة والفاء في الجملة الثانية من الإِطناب في مقام الصراحة.
ثم بما أودع في هاتين الجملتين من الاستعارة التمثيلية العجيبة بطريق المكنية ومن الاستعارة المصرحة في قرينة المكنية.
وحاصل نظم هذا التركيب: أفمن حقّ عليه كلمة العذاب فهو في النار أفأنت تنقذه وتنقذ من في النار.
وقد أشار إلى هذه الحالة الممثلة في هذه الآية حديث أبي هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارًا فلما أضاءت ما حوله جعل الفَراش وهذه الدوابُ التي تقع في النار يقعن فيها فجعل ينزعهن ويغلِبْنَه فيقتحمن فيها، فأنا آخذ بحُجزكم عن النار وأنتم تقتحمون فيها».
{لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20)} أعيدت بشارة الذين اجتنبوا الطاغوت تفصيلًا للإِجمال الواقع من قبل.
وافتتح الإِخبار عنهم بحرف الاستدراك لزيادة تقرير الفارق بين حال المؤمنين وحال المشركين والمضادة بينهما، فحرف الاستدراك هنا لمجرد الإِشعار بتضادّ الحالين ليعلم السامع أنه سيتلقى حكمًا مخالفًا لما سبق كمَا تقدم في قوله تعالى: {ولكن انظر إلى الجبل} في سورة [الأعراف: 143]، وقوله: {ولكن كره اللَّه انبعاثهم} في سورة [براءة: 46]، فحصل في قضية الذين اجتنبوا عبادة الطاغوت تقرير على تقرير ابتدىء بالإِشارتين في قوله: {أُولئِكَ الذينَ هداهُمُ الله وأُولئِكَ هم أُولوا الألبابِ} [الزمر: 18] ثم بما أعقب من تفريع حال أضدادهم على ذكر أحوالهم ثم بالاستدراك الفارق بين حالهم وحال أضدادهم.
والمراد بالذين اتقوا ربهم: هم الذين اجتنبوا عبادة الطاغوت وأنابوا إلى الله واتبعوا أحسن القول واهتدوا بهدي الله وكانوا أولي ألباب، فعدل عن الإِتيان بضميرهم هنا إلى الموصول لقصد مدحهم بمدلول الصلة وللإِيماء إلى أن الصلة سبب للحكم المحكوم به على الموصول وهو نوالهم الغرف.
وعدل عن اسم الجلالة إلى وصف الرب المضاف إلى ضمير المتقين لما في تلك الإِضافة من تشريفهم برضى ربهم عنهم.
واللام في {لَهُمْ} للاختصاص.
والمعنى: أَنها لهم في الجنة، أي أعدت لهم في الجنة.
والغُرف: جمع غُرفة بضم الغين وسكون الراء، وهي البيت المرتكز على بيت آخر، ويقال لها العُلِّيّة بضم العين وكسرها وبكسر اللام مشدّدة والتحتية كذلك وتقدمت الغرفة في آخر سورة الفرقان (75).
ومعنى {من فَوْقِهَا غُرَفٌ} أنها موصوفة باعتلاء غرف عليها وكل ذلك داخل في حيّز لام الاختصاص، فالغرف التي فوق الغرف هي لهم أيضًا لأن ما فوق البناء تابع له وهو المسمّى بالهواء في اصطلاح الفقهاء.
فالمعنى: لهم أطباق من الغُرف، وذلك مقابل ما جعل لأهل النار في قوله: {لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل} [الزمر: 16].
وخولف بين الحالتين: فجعل للمتقين غرف موصوفة بأنها فوقها غرف، وجعلت للمشركين ظُلل من النار، وعطف عليها أنّ مِن تحتهم ظللًا للإِشارة إلى أن المتقين متنعمون بالتنقل في تلك الغرف، وإلى أن المشركين محبوسون في مكانهم، وأن الظلل من النار من فوقهم ومن تحتهم لتتظاهر الظلل بتوجيه لفح النار إليه من جميع جهاتهم.
والمبنيّة: المسموكة الجدران بحَجر وجِصّ، أو حَجر وتراب، أو بطوب مُشمس ثم توضع عليها السُقُف، وهذا نعت لغرف التي فوقها غرف.
ويعلم منه أن الغرف المعتلَى عليها مبنية بدلالة الفحوى.
وقد تردد المفسرون في وجه وصف الغرف مع أن الغرفة لا تكون إلا من بناء، ولم يذهبوا إلى أنه وصف كاشف ولهم العذر في ذلك لقلة جدواه فقيل ذكر المبنية للدلالة على أنها غرف حقيقة لا أشياء مشابهة الغرف فرقًا بينهما وبين الظلل التي جعلت للذين خسروا يوم القيامة فإن ظللهم كانت من نار فلا يظن السامع أن غرف المتقين مجاز عن سحابات من الظلّ أو نحو ذلك لعدم الداعي إلى المجاز هنا بخلافه هنالك لأنه اقتضاه مقام التهكم.
وقال في الكشاف: {مَّبْنِيَةٌ} مثل المنازل اللاصقة للأرض، أي فذكر الوصف تمهيد لقوله: {تَجْرِي مِن تحتها الأنهَارُ} لأن المعروف أن الأنهار لا تجري إلا تحت المنازل السفلية أي لم يفت الغرف شيء من محاسن المنازل السفلية.
وقيل: أريد أنها مهيّأة لهم من الآن.
فهي موجودة لأن اسم المفعول كاسم الفاعل في اقتضائه الاتصاف بالوصف في زمن الحال فيكون إيماء إلى أن الجنة مخلوقة من الآن.
ويجوز عندي أن يكون الوصف احترازًا عن نوع من الغرف تكون نحتًا في الحَجر في الجبال مثل غرف ثمود، ومثل ما يسمّيه أهل الجنوب التونسي غرفًا، وهي بيوت منقورة في جبال مدنين ومطماطة وتطاوين وانظر هل تسمى تلك البيوت غرفًا في العربية فإن كتب اللغة لم تصف مسمّى الغرفة وصفًا شافيًا.
ويجوز أن يكون {مَّبْنِيَةٌ} وصفًا للغرف باعتبار ما دل عليه لفظها من معنى المبنيّ المعتلي فيكون الوصف دالًا على تمكن المعنى الموصوف، أي مبنية بناء بالغًا الغاية في نوعه كقولهم: لَيل أليل، وظلّ ظليل.
وجريُ الأنهار من تحتها من كمال حسن منظرها للمُطلّ منها.
ومعنى {منْ تَحْتِها} أن الأنهار تمرّ على ما يجاور تحتها، كما تقدم في قوله تعالى: {جنات تجري من تحتها الأنهار} في [آل عمران: 15]، فأطلق اسم تحت على مُجاورة.
ويجوز أن يكون المعنى: تجري من تحت أسسها الأنهار، أي تخترق أسسها وتمر فيها وفي ساحاتها، وذلك من أحسن ما يرى في الديار كديار دمشق وقصر الحمراء بالأندلس وديار أهل الترف في مدينة فاس فيكون إطلاق تحت حقيقة.
والمعنى: أن كل غرفة منها يجري تحتها نهر فهو من مقابلة الجمع ليُقسّم على الآحاد، وذلك بأن يصعد الماء إلى كل غرفة فيجري تحتها.
و{وعْدَ الله} مصدر منصوب على أنه مفعول مطلق مؤكد لنفسه لأن قوله: {لهُمْ غُرَفٌ} في معنى: وَعدهم الله غرفًا وعدًا منه.
ويجوز انتصابه على الحال من {غُرَفٌ} على حدّ قوله: {وعدًا علينا} وإضافة {وَعْدَ} إلى اسم الجلالة مؤذنة بأنه وعد موفىً به فوقعت جملة {لا يُخْلِفُ الله المِيعَادَ} بيانًا لمعنى {وَعْدَ الله}.
والميعاد: مصدر ميمي بمعنى الوعد. اهـ.

.قال ابن عطية في الآيات السابقة:

{وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ} {الإنسان} في هذه الآية يراد به الكافر بدلالة ما وصفه به آخرًا من اتخاذ الأنداد لله تعالى، وقوله: {تمتع بكفرك قليلًا} وهذه آية بين تعالى بها على الكفار أنهم على كل حال يلجؤون في حال الضرورات إليه وإن كان ذلك عن غير يقين منهم ولا إيمان فلذلك ليس بمعتد به. و{منيبًا} معناه مقاربًا مراجعًا بصيرته.
وقوله تعالى: {ثم إذا خوله نعمة} يحتمل أن يريد النعمة في كشف المذكور، ويحتمل أن يريد نعمة أي نعمة كانت، واللفظ يعم الوجهين: و{خوله} معناه ملكه وحكمه فيها ابتداء لا مجازاة، ولا يقال في الجزاء خول، ومنه الخول، ومنه قول زهير:
هنالك أن يستخولوا المال يخولوا

هذه الرواية الواحدة، ويروى يستخبلوا.
وقوله تعالى: {نسي ما كان يدعو إليه من قبل} قالت فرقة: {مصدرية} والمعنى نسي دعاءه إليه في حال الضرر ورجع إلى كفره. وقالت فرقة: بمعنى الذي، والمراد بها الله تعالى، وهذا كنحو قوله: {ولا أنتم عابدون ما أعبد} [الكافرون: 3- 5] وقد تقع ما مكان من فيما لا يحصى كثرة من كلامهم، ويحتمل أن تكون {ما} نافية، ويكون قوله: {نسي} كلامًا تامًا، ثم نفى أن يكون دعاء هذا الكافر خالصًا لله ومقصودًا به من قبل النعمة، أي في حال الضرر، ويحتمل أن تكون {ما} نافية ويكون قوله: {من قبل} يريد به: من قبل الضرر، فكأنه يقول: ولم يكن هذا الكافر يدعو في سائر زمنه قبل الضرر، بل ألجأه ضرره إلى الدعاء. والأنداد: الأضداد التي تضاد وتزاحم وتعارض بعضها بعضًا. قال مجاهد: المراد من الرجال يطيعونهم في معصية الله تعالى. وقال غيره: المراد الأوثان.