فصل: قال الشنقيطي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وهذه البشرى إما على ألسنة الرسل، أو عند حضور الموت، أو عند البعث {فَبَشّرْ عِبَادِ الذين يَسْتَمِعُونَ القول فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} المراد بالعباد هنا: العموم، فيدخل الموصوفون بالاجتناب، والإنابة إليه دخولًا أوليًّا، والمعنى: يستمعون القول الحقّ من كتاب الله، وسنّة رسوله، فيتبعون أحسنه، أي: محكمه، ويعملون به.
قال السدّي: يتبعون أحسن ما يؤمرون به، فيعملون بما فيه.
وقيل: هو الرجل يسمع الحسن، والقبيح، فيتحدّث بالحسن، وينكف عن القبيح، فلا يتحدّث به.
وقيل: يستمعون القرآن وغيره، فيتبعون القرآن، وقيل: يستمعون الرخص والعزائم، فيتبعون العزائم، ويتركون الرخص، وقيل: يأخذون بالعفو، ويتركون العقوبة.
ثم أثنى سبحانه على هؤلاء المذكورين، فقال: {أُوْلَئِكَ الذين هَدَاهُمُ الله وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُواْ الألباب} أي: هم الذين أوصلهم الله إلى الحق، وهم أصحاب العقول الصحيحة، لأنهم الذين انتفعوا بعقولهم، ولم ينتفع من عداهم بعقولهم.
ثم ذكر سبحانه من سبقت له الشقاوة، وحرم السعادة فقال: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العذاب} من هذه يحتمل أن تكون موصولة في محل رفع بالابتداء، وخبرها محذوف، أي: كمن يخاف، أو فأنت تخلصه، أو تتأسف عليه، ويحتمل أن تكون شرطية، وجوابه {أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن في النار} فالفاء فاء الجواب دخلت على جملة الجزاء، وأعيدت الهمزة الإنكارية لتأكيد معنى الإنكار.
وقال سيبويه: إنه كرّر الاستفهام لطول الكلام.
وقال الفراء: المعنى: أفأنت تنقذ من حقّت عليه كلمة العذاب، والمراد بكلمة العذاب هنا هي: قوله تعالى لإبليس: {لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 85]، وقوله: {لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلانَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأعراف: 18] ومعنى الآية: التسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه كان حريصًا على إيمان قومه، فأعلمه الله أن من سبق عليه القضاء، حقت عليه كلمة الله لا يقدر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينقذه من النار بأن يجعله مؤمنًا.
قال عطاء: يريد أبا لهب، وولده، ومن تخلف من عشيرة النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان، وفي الآية تنزيل لمن يستحقّ العذاب بمن قد صار فيه، وتنزيل دعائه إلى الإيمان منزلة الإخراج له من عذاب النار.
ولما ذكر سبحانه فيما سبق أن لأهل الشقاوة ظللًا من فوقهم النار، ومن تحتهم ظلل استدرك عنهم من كان من أهل السعادة، فقال: {لكن الذين اتقوا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ} وذلك لأن الجنة درجات بعضها فوق بعض، ومعنى {مَّبْنِيَّةٌ} أنها مبنية بناء المنازل في إحكام أساسها، وقوّة بنائها، وإن كانت منازل الدنيا ليست بشيء بالنسبة إليها {تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار} أي: من تحت تلك الغرف، وفي ذلك كمال لبهجتها، وزيادة لرونقها، وانتصاب {وَعَدَ الله} على المصدرية المؤكدة لمضمون الجملة، لأن قوله: {لَهُمْ غُرَفٌ} في معنى: وعدهم الله بذلك، وجملة: {لاَ يُخْلِفُ الله الميعاد} مقرّرة للوعد، أي: لا يخلف الله ما وعد به الفريقين من الخير، والشرّ.
وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {قُلْ إِنَّ الخاسرين الذين خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ} الآية.
قال: هم: الكفار الذين خلقهم الله للنار زالت عنهم الدنيا، وحرمت عليهم الجنة.
وأخرج ابن المنذر عنه في قوله: {خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ} قال: أهليهم من أهل الجنة كانوا أعدّوا لهم لو عملوا بطاعة الله، فغيبوهم.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال: كان سعيد بن زيد، وأبو ذرّ، وسلمان يتبعون في الجاهلية أحسن القول، والكلام لا إله إلا الله قالوا بها، فأنزل الله على نبيه: {يَسْتَمِعُونَ القول فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} الآية.
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال: لما نزل: {فَبَشّرْ عِبَادِ الذين يَسْتَمِعُونَ القول فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديًا فنادى: من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، فاستقبل عمر الرسول، فردّه، فقال: يا رسول الله خشيت أن يتكل الناس، فلا يعملون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم الناس قدر رحمة ربي لاتكلوا، ولو يعلمون قدر سخط ربي، وعقابه لاستصغروا أعمالهم» وهذا الحديث أصله في الصحيح من حديث أبي هريرة. اهـ.

.قال الشنقيطي في الآيات السابقة:

{تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)} قد دل استقراء القرآن العظيم، على أن الله جل وعلا، إذا ذكر تنزيله لكتابه، أتبع ذلك ببعض أسمائه الحسنى، المتضمنة صفاته العليا.
ففي أول هذه السورة الكريمة، لما ذكر تنزيله كتابه، بين أنَّ مبدأ تنزيله كائن منه جل وعلا، وذكر اسمه الله، واسمه العزيز، والحكيم، وذكر مثل ذلك في أول سورة الجاثية، في قوله تعالى: {حمتَنزِيلُ الكتاب مِنَ الله العزيز الحكيم إِنَّ فِي السماوات والأرض لآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [الجاثية: 13] وفي اول سورة الأحقاف في قوله تعالى: {حمتَنزِيلُ الكتاب مِنَ الله العزيز الحكيم مَا خَلَقْنَا السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بالحق} [الأحقاف: 13] الآية.
وقد تكرر كثيرًا في القرآن، ذكره بعض أسمائه وصفاته، بعد ذكر تنزيل القرآن العظيم، كقوله في أول سورة {حم تَنزِيلٌ مِّنَ الرحمن الرحيم} [فصلت: 12]. وقوله تعالى في أول هود {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود: 1] وقوله في فصلت {إِنَّ الذين كَفَرُواْ بالذكر لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لاَّ يَأْتِيهِ الباطل مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} وقوله تعالى في صدر يس {تَنزِيلَ العزيز الرحيم لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ} [يس: 56] وقوله تعالى: {تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ العالمين وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقاويل} [الحاقة: 43- 44] الآية.
ولا يخفى أن ذكره جل وعلا هذه المسألة الحسنى العظيمة، بعد ذكره تنزيل هذا القرآن العظيم، يدل بإيضاح، على عظمة القرآن العظيم، وجلالة شأنه وأهمية نزوله، والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: {فاعبد الله مُخْلِصًا لَّهُ الدين} {أَلاَ لِلَّهِ الدين الخالص}.
أمر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم. في هذه الآية الكريمة، أن يعبده في حال كونه، مخلصًا له الدين، أي مخلصًا له في عبادته، من جميع أنواع الشرك صغيرها وكبيرها، كما هو واضح من لفظ الآية.
والإخلاص، إفراد المعبود بالقصد، في كل ما أمر بالتقرب به إليه، وما تضمنته هذه الآية الكريمة، من كون الإخلاص في العبادة لله وحده، لابد منه، جاء في آيات متعددة، وقد بين جل وعلا، أنه ما أمر بعبادة، إلا عبادة يخلص له العابد فيها.
أما غير المخلص فكل ما أتى به من ذلك، جاء به من تلقاء نفسه، لا بأمر ربه، قال تعالى: {وَمَآ أمروا إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين} [البينة: 5] الآية، وقال جل وعلا {قُلْ إني أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله مُخْلِصًا لَّهُ الدين} [الزمر: 11- 12] إلى قوله تعالى: {قُلِ الله أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي فاعبدوا مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِه} [الزمر: 13- 15].
وقد قدمنا الكلام على العمل الصالح، وأنه لابد فيه من الإخلاص، في أول سورة الكهف، في الكلام على قوله تعالى: {وَيُبَشِّرَ المؤمنين الذين يَعْمَلُونَ الصالحات} [الكهف: 2] الآية. وفي غير ذلك من المواضع.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {أَلاَ لِلَّهِ الدين الخالص} [الزمر: 3] أي التوحيد الصافي من شوائب الشرك، أي هو المستحق لذلك وحده، وهو الذي أمر به.
وقول من قال من العلماء: إن المراد بالدين الخالص كلمة لا إله إلا الله موافق لما ذكرناه. والعلم عند الله تعالى.
ثم لما ذكر جل وعلا إخلاص العبادة له وحده، بين شبهة الكفار التي احتجوا بها، للإشراك به تعالى، في قوله تعالى هنا: {والذين اتخذوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى الله زلفى} فبين أنهم يزعمون أنهم ما عبدوا الأصنام، إلا لأجل أن تقربهم من الله زلفى، والزلفى القرابة.
فقوله: زلفى، ما ناب عن المطلق من قوله ليقربونا، أي ليقربونا إليه قرابة تنفعنا بشفاعتهم في زعمهم.
ولذا كانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك، إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك.
وقد قدمنا في سورة المائدة في الكلام على قوله تعالى: {وابتغوا إِلَيهِ الوسيلة} [المائدة: 35] أن هذا النوع من ادعاء الشفعاء، واتخاذ المعبودات من دون الله وسائط من أصول كفر الكفار.
وقد صرح تعالى بذلك في سورة يونس في قوله جل وعلا {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ الله قُلْ أَتُنَبِّئُونَ الله بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السماوات وَلاَ فِي الأرض سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: 18].
فصرح تعالى بأن هذا النوع، من ادعاء الشفعاء شرك بالله، ونزه نفسه الكريمة عنه، بقوله جل وعلا {سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: 18] وأشار إلى ذلك في آية الزمر هذه، لأنه جل وعلا لما قال عنهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى الله زلفى إِنَّ الله يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} أتبع ذلك بقوله تعالى: {إِنَّ الله لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}.
وقوله: كفار، صيغة مبالغة، فدل ذلك على أن الذين قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى جامعون بذلك، بين الكذب والمبالغة في الكفر بقولهم ذلك. وسيأتي إن شاء الله لهذا زيادة إيضاح في سورة الناس.
{لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4)} قد قدمنا الآيات الموضحة، بكثرة في سورة النحل، في الكلام على قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ البنات سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ} [النحل: 57].
قوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا}.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أنه خلق بني آدم من نفس واحدة هي أبوهم آدم، ثم جعل من تلك النفس، زوجها يعني حواء. أي وبث جميع بني آدم منهما، وأوضح هذا في مواضع أخر من كتابه، كقوله تعالى في أول سورة النساء {يا أيها الناس اتقوا رَبَّكُمُ الذي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: 1] وقوله في الأعراف: {هُوَ الذي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ} [الأعراف: 189] الآية، وتأنيث الوصف، بقوله واحدة، مع أن الموصوف به مذكر، وهو آدم نظرًا إلى تأنيث لفظ النفس، وإن كان المراد بها مذكرًا، ونظير ذلك من كلام العرب قوله:
أبوك خليفة ولدته أخرى ** وأنت خليفة ذاك الكمال

قوله تعالى: {وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ الأنعام ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} قد قدمنا إيضاح هذه الأزواج الثمانية بنص القرآن العظيم، في سورة آل عمران في الكلام على قوله تعالى: {والخيل المسومة والأنعام والحرث} [آل عمران: 14].
قوله تعالى: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِّن بَعْدِ خَلْقٍ}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الحج، في الكلام على قوله تعالى: {يا أيها الناس إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ البعث فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن} [الحج: 5] الآية وبينا هناك المراد بالظلمات الثلاث المذكورة هنا.
قوله تعالى: {إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنكُمْ}.
قد بين جل وعلا، في هذه الآية الكريمة، أنه غني عن خلقه الغنى المطلق، وأنه لا يضره كفرهم به، والآيات الموضحة لهذا المعنى كثيرة، كقوله تعالى: {وَقَالَ موسى إِن تكفروا أَنتُمْ وَمَن فِي الأرض جَمِيعًا فَإِنَّ الله لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} [إبراهيم: 8] وقوله تعالى: {فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ واستغنى الله والله غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [التغابن: 6]، وقوله تعالى: {قَالُواْ اتخذ الله وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الغني} [يونس: 68] الآية. وقوله تعالى: {يا أيها الناس أَنتُمُ الفقراء إِلَى الله والله هُوَ الغني الحميد} [فاطر: 15] وقوله تعالى: {والله الغني وَأَنتُمُ الفقراء} [محمد صلى الله عليه وسلم: 38]، وقد أوضحنا هذا بالآيات في مواضع متعددة من هذا الكتاب المبارك.
قوله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى} الآية.
قد قدمنا إيضاحه مع إزالة الإشكال، والجواب عن الأسئلة الواردة، علة تلك الآيات في سورة بني إسرائيل، في الكلام على قوله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] وأوضحنا ذلك، مع إزالة الإشكال في بعض الآيات، في سورة النحل، في الكلام على قوله تعالى: {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القيامة وَمِنْ أَوْزَارِ الذين يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل: 25] الآية.
قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الإنسان ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يدعوا إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة يونس، في الكلام على قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الإنسان الضر دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا} [يونس: 12] الآية.
قوله تعالى: {قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النار}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له مع الإشارة إلى بحث أصوله في سورة الحجر في الكلام على قوله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأمل فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر: 3].
قوله تعالى: {وَأَرْضُ الله وَاسِعَةٌ}.
الظاهر أن معنى الآية، أن الإنسان إذا كان في محل لا يتمكن فيه من إقامة دينه على الوجه المطلوب، فعليه أن يهاجر منه، في مناكب أرض الله الواسعة، حتى يجد محلًا تمكنه فيه إقامة دينه.
وقد أوضح تعالى في هذا المعنى في غير هذا الموضع كقوله تعالى: {إِنَّ الذين تَوَفَّاهُمُ الملائكة ظالمي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأرض قالوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا} [النساء: 97]. وقوله تعالى: {ياعبادي الذين آمنوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فاعبدون} [العنكبوت: 56]، ولا يخفى أن الترتيب بالفاء في قوله: {فَإِيَّايَ فاعبدون} على قوله: {إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَة} دليل واضح على ذلك.
قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ الخاسرين الذين خسروا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ القيامة أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الخسران المبين}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له، من أوجه في سورة يونس، في الكلام على قوله تعالى: {قَدْ خَسِرَ الذين كَذَّبُواْ بِلِقَاءِ الله وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ} [يونس: 45].
قوله تعالى: {لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النار وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ الله بِهِ عِبَادَهُ} الآية.
قد قدمنا الآيات الموضحة له، في سورة الأنبياء، في الكلام على قوله تعالى: {لَوْ يَعْلَمُ الذين كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النار وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ} [الأنبياء: 69] الآية، وذكرنا طرفًا من ذلك، في سورة بني إسرائيل، في الكلام على قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} [الإسراء: 8].