فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال سعيد بن جبير: إن الله يقبض أرواح الأموات إذا ماتوا، وأرواح الأحياء إذا ناموا، فتتعارف ما شاء الله أن تتعارف {فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأَخْرَى} أي يعيدها.
قال علي رضي الله عنه: فما رأته نفس النائم وهي في السماء قبل إرسالها إلى جسدها فهي الرؤيا الصادقة، وما رأته بعد إرسالها وقبل استقرارها في جسدها تلقيها الشياطين، وتخيل إليها الأباطيل فهي الرؤيا الكاذبة.
وقال ابن زيد: النوم وفاة والموت وفاة.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كما تنامون فكذلك تموتون وكما توقظون فكذلك تبعثون» وقال عمر: النوم أخو الموت.
وروي مرفوعًا من حديث جابر بن عبد الله قيل: يا رسول الله أينام أهل الجنة؟ قال: «لا، النوم أخو الموت والجنة لا موت فيها» خرجه الدارقطني.
وقال ابن عباس: في ابن آدم نفس وروح بينهما مثل شعاع الشمس، فالنفس التي بها العقل والتمييز، والروح التي بها النفس والتحريك، فإذا نام العبد قبض الله نفسه ولم يقبض روحه.
وهذا قول ابن الأنباري والزجاج.
قال القشيري أبو نصر: وفي هذا بُعْد إذ المفهوم من الآية أنّ النفس المقبوضة في الحالين شيء واحد؛ ولهذا قال: {فَيُمْسِكُ التي قضى عَلَيْهَا الموت وَيُرْسِلُ الأخرى إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى} فإذًا يقبض الله الروح في حالين في حالة النوم وحالة الموت، فما قبضه في حال النوم فمعناه أنه يغمره بما يحبسه عن التصرف فكأنه شيء مقبوض، وما قبضه في حال الموت فهو يمسكه ولا يرسله إلى يوم القيامة.
وقوله: {وَيُرْسِلُ الأخرى} أي يزيل الحابس عنه فيعود كما كان.
فتوفي الأنفس في حال النوم بإزالة الحس وخلق الغفلة والآفة في محل الإدراك.
وتوفيها في حالة الموت بخلق الموت وإزالة الحس بالكلية.
{فَيُمْسِكُ التي قضى عَلَيْهَا الموت} بألا يخلق فيها الإدراك كيف وقد خلق فيها الموت؟ {وَيُرْسِلُ الأخرى} بأن يعيد إليها الإحساس.
الثانية: وقد اختلف الناس من هذه الآية في النفس والروح؛ هل هما شيء واحد أو شيئان على ما ذكرنا.
والأظهر أنهما شيء واحد، وهو الذي تدل عليه الآثار الصحاح على ما نذكره في هذا الباب.
من ذلك حديث أمّ سلمة قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شَقَّ بصرُه فأغمضه، ثم قال: «إن الروح إذا قُبِض تَبِعه البصرُ» وحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألم تروا الإنسان إذا مات شَخَص بَصرُه قال: فذلك حين يَتْبعَ بَصرُه نَفْسَه» خرجهما مسلم.
وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تحضر الملائكة فإذا كان الرجل صالحًا قالوا اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيّب اخرجي حميدة وأبشري برَوح وريحان وربٍّ راضٍ غير غضبان فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء» وذكر الحديث وإسناده صحيح خرجه ابن ماجه؛ وقد ذكرناه في التذكرة.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: «إذا خرجت روح المؤمن تلقاها ملكان يصعدان بها» وذكر الحديث.
وقال بلال في حديث الوادي: أخذ بنَفْسي يا رسول الله الذي أخذ بنفسك.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مقابلًا له في حديث زيد بن أسلم في حديث الوادي: «يا أيها الناس إن الله قبض أرواحنا ولو شاء ردّها إلينا في حين غير هذا».
الثالثة: والصحيح فيه أنه جسم لطيف مشابك للأجسام المحسوسة، يُجذَب ويُخْرج وفي أكفانه يُلَف ويُدرَج، وبه إلى السماء يُعرَج، لا يموت ولا يفنى، وهو مما له أوّل وليس له آخر، وهو بعينين ويدين، وأنه ذو ريح طيبة وخبيثة؛ كما في حديث أبي هريرة.
وهذه صفة الأجسام لا صفة الأعراض؛ وقد ذكرنا الأخبار بهذا كله في كتاب التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة.
وقال تعالى: {فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الحلقوم} [الواقعة: 83] يعني النفس إلى خروجها من الجسد؛ وهذه صفة الجسم والله أعلم.
الرابعة: خرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليأخذ داخلة إزاره فلينفض بها فراشه وليسمّ الله فإنه لا يعلم ما خَلفه بعد على فراشه فإذا أراد أن يضطجع فليضطجع على شقّه الأيمن وليقل سبحانك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نَفْسي فاغفر لها» وقال البخاري وابن ماجه والترمذي: «فارحمها» بدل «فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين» زاد الترمذي «وإذا استيقظ فليقل الحمد لله الذي عافاني في جسدي وردّ عليّ روحي وأذن لي بذكره».
وخرج البخاري عن حُذَيْفة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خدّه؛ ثم يقول: «اللهم باسمك أموت وأحيا» وإذا استيقظ قال: «الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور».
قوله تعالى: {فَيُمْسِكُ التي قضى عَلَيْهَا الموت} هذه قراءة العامة على أنه مسمى الفاعل {الْمَوْتَ} نصبًا؛ أي قضى الله عليها وهو اختيار أبي حاتم وأبي عبيد؛ لقوله في أول الآية: {الله يَتَوَفَّى الأنفس} فهو يقضي عليها.
وقرأ الأعمش ويحيى بن وثّاب وحمزة والكسائي {قُضِيَ عَلَيْهَا الْمَوْتُ} على ما لم يسم فاعله.
النحاس، والمعنى واحد غير أن القراءة الأولى أبين وأشبه بنسق الكلام؛ لأنهم قد أجمعوا على {وَيُرْسِلُ} ولم يقرؤوا {ويُرسَل}.
وفي الآية تنبيه على عظيم قدرته وانفراده بالألوهية، وأنه يفعل ما يشاء، ويحيي ويميت، لا يقدر على ذلك سواه.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ} يعني في قبض الله نَفْس الميّت والنائم، وإرساله نَفْس النائم وحبسه نفس الميّت {لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.
وقال الأصمعي سمعت معتمرًا يقول: روح الإنسان مثل كُبَّة الغَزْل، فترسل الروح، فتمضي ثم تمضي ثم تطوى فتجيء فتدخل؛ فمعنى الآية أنه يرسل من الروح شيء في حال النوم ومعظمها في البدن متصل بما يخرج منها اتصالًا خفيًا، فإذا استيقظ المرء جذب معظم روحه ما انبسط منها فعاد.
وقيل غير هذا؛ وفي التنزيل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الروح قُلِ الروح مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: 85] أي لا يعلم حقيقته إلا الله، وقد تقدّم في سبحان.
قوله تعالى: {أَمِ اتخذوا مِن دُونِ الله شُفَعَاءَ} أي بل اتخذوا يعني الأصنام وفي الكلام ما يتضمن لم؛ أي {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} لم يتفكروا ولكنهم اتخذوا آلهتهم شفعاء.
{قُلْ أَوَلَوْ كَانُواْ لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئًا} أي قل لهم يا محمد أتتخذونهم شفعاء وإن كانوا لا يملكون شيئًا من الشفاعة {وَلاَ يَعْقِلُونَ} لأنها جمادات.
وهذا استفهام إنكار {قُل لِلَّهِ الشفاعة جَمِيعًا} نص في أن الشفاعة لله وحده كما قال: {مَن ذَا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255] فلا شافع إلا من شفاعته {وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارتضى} [الأنبياء: 28].
{جَمِيعًا} نصب على الحال.
فإن قيل: {جَميعًا} إنما يكون للاثنين فصاعدًا والشفاعة واحدة.
فالجواب أن الشفاعة مصدر والمصدر يؤدّي عن الاثنين والجميع {لَّهُ مُلْكُ السماوات والأرض ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}.
قوله تعالى: {وَإِذَا ذُكِرَ الله وَحْدَهُ} نصب على المصدر عند الخليل وسيبويه، وعلى الحال عند يونس.
{اشمأزت} قال المبرد: انقبضت وهو قول ابن عباس ومجاهد.
وقال قتادة: نفرت واستكبرت وكفرت وتعصت.
وقال المؤرِّج أنكرت.
وأصل الاشمئزاز النفور والازورار.
قال عمرو بِن كُلْثوم:
إذا عَضَّ الثِّقَافُ بِهَا اشْمَأَزَّتْ ** وَوَلَّتْهُمْ عَشَوْزَنَةً زَبُونَا

وقال أبو زيد: اشمأَز الرجل ذعر من الفزع وهو المذعور.
وكان المشركون إذا قيل لهم لا إله إلا الله نفروا وكفروا {وَإِذَا ذُكِرَ الذين مِن دُونِهِ} يعني الأوثان حين ألقى الشيطان في أمنية النبي صلى الله عليه وسلم عند قراءته سورة والنجم تلك الغَرَانِيقُ الْعُلَى وإن شفاعتهم تُرْتَجَى قاله جماعة المفسرين.
{إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} أي يظهر في وجوههم البشر والسرور. اهـ.

.قال الألوسي:

{الله يَتَوَفَّى الأنفس} أي يقبضها عن الإبدان بأن يقطع تعلقها تعلق التصرف فيها عنها {حِينَ مِوْتِهَا} أي في وقت موتها {والتى لَمْ تَمُتْ} أي ويتوفى الأنفس التي لم تمت {فِى مَنَامِهَا} متعلق بيتوفى أي يتوفاها في وقت نومها على أن مناما اسم زمان، وجوز فيه كونه مصدرًا ميميًا بأن يقطع سبحانه تعلقها بالأبدان تعلق التصرف فيها عنها أيضًا فتوفى الأنفس حين الموت وتوفيها في وقت النوم بمعنى قبضها عن الأبدان وقطع تعلقها بها تعلق التصرف إلا أن توفيها حين الموت قطع لتعلقها بها تعلق التصرف ظاهرًا وباطنًا وتوفيها في وقت النوم قطع لذلك ظاهرًا فقط، وكأن التوفي الذي يكون عند الموت لكونه شيئًا واحدًا في أول زمان الموت وبعد مضي أيام منه قيل: {حِينَ مِوْتِهَا} والتوفي الذي يكون في وقت النوم لكونه يتفاوت في أول وقت النوم وبعد مضي زمان منه قوة وضعفًا قيل: {فِى مَنَامِهَا} أي في وقت نومها كذا قيل فتدبره ولمسلك الذهن السليم اتساع، وإسناد الموت والنوم إلى الأنفس قيل: مجاز عقلي لأنهما حالا ابدانها لا حالاها، وزعم الطبرسي أن الكلام على حذف مضاف أعني الأبدان، وجعل الزمخشري الأنفس عبارة عن الجملة دون ما يقابل الأبدان، وحمل توفيها على إماتتها وسلب صحة أجزائها بالكلية فلا تبقى حية حساسة داركة حتى كأن ذاتها قد سلبت، وحيث لم يتحقق هذا المعنى في التوفي حين النوم لأن ليس إلا سلب كمال الصحة وما يترتب عليه من الحركات الاختيارية وغيرها قال في قوله تعالى: {والتى لَمْ تَمُتْ في مَنَامِهَا} أي يتوفاها حين تنام تشبيهًا للنائمين بالموتى، ومنه قوله تعالى: {وَهُوَ الذي يتوفاكم باليل} [الأنعام: 60] حيث لا تميزون ولا تتصرفون كما أن الموتى كذلك، وما يتخايل فيه من الجمع بين الحقيقة والمجاز يدفع بالتأمل؛ وتقديم الاسم الجليل وبناء {يَتَوَفَّى} عليه للحصر أو للتقوى أو لهما، واعتبار الحصر أوفق بالمقام من اعتبار التقوى وحده أي الله يتوفى الأنفس حقيقة لا غيره عز وجل {فَيُمْسِكُ التى} أي الأنفس التي {قَضَى} في الأزل {عَلَيْهَا الموت} ولا يردها إلى أبدانها بل يبقيها على ما كانت عليه وينضم إلى ذلك قطع تعلق التصرف باطنًا، وعبر عن ذلك بالإمساك ليناسب التوفي.
وقرأ حمزة والكسائي وعيسى وطلحة والأعمش وابن وثاب {قَضَى} على البناء للمفعول ورفع {الموت}.
{وَيُرْسِلُ الاخرى} أي الأنفس الأخرى وهي النائمة إلى أبدانها فتكون كما كانت حال اليقظة متعلقة بها تعلق التصرف ظاهرًا وباطنًا، وعبر بالإرسال رعاية للتقابل {إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى} هو الوقت المضروب للموت حقيقة وهو غاية لجنس الارسال الواقع بعد الإمساك لا لفرد منه فإني آتي لا امتداد له فلا يغيا، واعتبر بعضهم كون الغاية للجنس لئلا يرد لزوم أن لا يقع نوم بعد اليقظة الأولى أصلًا وهو حسن، وقيل: {يُرْسِلُ} مضمن معنى الحفظ والمراد يرسل الأخرى حافظًا إياها عن الموت الحقيقي إلى أجل مسمى، وروي عن ابن عباس أن في ابن آدم نفسًا وروحًا بينهما مثل شعاع الشمس فالنفس هي التي بها العقل والتمييز والورح هي التي بها النفس والتحرك فيتوفيان عند الموت وتتوفى النفس وحدها عند النوم، وهو قول بالفرق بين النفس والروح، ونسبه بعضهم إلى الأكثرين ويعبر عن النفس بالنفس الناطقة وبالورح الامرية وبالروح الالهية، وعن الروح بالروح الحيوانية وكذا بالنفس الحيوانية، والثانية كالعرش للأولى، قال بعض الحكماء المتألهين: إن القلب الصنوبري فيه بخار لطيف هو عرش للروح الحيوانية وحافظ لها وآلة يتوقف عليها آثارها، والروح الحيوانية عرش ومرآة للروح الإلهية التي هي النفس الناطقة وواسطة بينها وبين البدن بها يصل حكم تدبير النفس إليه، وإلى عدم التغاير ذهب جماعة، وهو قول ابن جبير واحد قولين لابن عباس، وما روي عنه أولًا في الآية يوافق ما ذكرناه من حيث إن النفس عليه ليست بمعنى الجملة كما قال الزمخشري وادعى أن الصحيح ما ذكره دون هذا المروى بدليل موتها ومنامها، والضمير للأنفس وما أريد منها غير متصف بالموت والنوم وإنما الجملة هي التي تتصف بهما.
وقال في الكشف: ولأن الفرق بين النفسين رأى يدفعه البرهان، وإيقاع الاستيفاء أيضًا لابد له من تأويل أيضًا فلا ينبغي أن يعدل عن المشهور الملائم يعني حمل التوفي على الإماتة فإن أصله أخذ الشيء من المستوفي منه وافيًا كملا وسلبه منه بالكلية ثم نقل عن ذلك إلا الإماتة لما أنه موجود فيها حتى صارت المتبادرة إلى الفهم منه، وفيه دغدغة، والذي يشهد له كثير من الآثار الصحيحة أن المتوفى الأنفس التي تقابل الإبدان دون الجملة.
أخرج الشيخان في صحيحهما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه ثم ليقل اللهم باسمك ربي وضعت جنبي وباسمك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به الصالحين من عبادك» وأخرج أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي وابن أبي شيبة عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم ليلة الوادي: «إن الله تعالى قبض أرواحكم حين شاء وردها عليكم حين شاء» وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فقال: «من يكلؤنا الليلة؟» فقلت: أنا فنام ونام الناس ونمت فلم نستيقظ إلا بحر الشمس فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: «أيها الناس إن هذه الأرواح عارية في أجساد العباد فيقبضها الله إذا شاء ويرسلها إذا شاء».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن سليم بن عامر أن عمر بن الخطاب قال: العجب من رؤيا الرجل أنه يبيت فيرى الشيء لم يخطر له على بال فتكون رؤياه كأخذ باليد ويرى الرجل الرؤيا فلا تكون رؤياه شيئًا فقال علي كرم الله تعالى وجهه: أفلا أخبرك بذلك يا أمير المؤمنين؟ يقول الله تعالى: {الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا والتى لَمْ تَمُتْ في مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ التي قضى عَلَيْهَا الموت وَيُرْسِلُ الاخرى إلى أَجَلٍ} [الزمر: 24] فالله تعالى يتوفى الأنفس كلها فما رأت وهي عنده سبحانه في السماء فهي الرؤيا الصادقة وما رأت إذا أرسلت إلى أجسادها فهي الكاذبة لأنها إذا أرسلت إلى أجسادها تلقتها الشياطين في الهواء فكذبتها وأخبرتها بالأباطيل فكذبت فيها فعجب عمر من قوله رضي الله تعالى عنهما؛ وظاهر هذا الأثر أن النفس النائمة المقبوضة تكون في السماء حتى ترسل، ومثل ذلك مما يجب تأويله على القول بتجرد النفس ولا يجب على القول الآخر.