فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والإِلقاء: حقيقته رميُ الشيء من اليد إلى الأرض، ويستعار للاعطاء إذا كان غير مترقب، وكثر هذا في القرآن، قال: {فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون وألقوا إلى الله يومئذٍ السلم} [النحل: 86، 87].
واستعير هنا للوحي لأنه يجيء فجأة على غير ترقب كإلقاء الشيء إلى الأرض.
والروح: الشريعة، وحقيقة الروح: ما به حياة الحيّ من المخلوقات، ويستعار للنفيس من الأمور وللوحْي لأنه به حياة الناس المعنوية وهي كمالهم وانتظام أمورهم، فكما تستعار الحياة للإِيمان والعِلمِ، كذلك يستعار الروح الذي هو سبب الحياة لكمال النفوس وسلامتها من الطوايا السيئة، ويطلق الروح على المَلَك قال: {فأرسلنا إليها روحَنا فتمثل لها بشرًا سويا} [مريم: 17].
و{مِنْ} ابتدائية في {مِن أمْرِهِ} أي بأمره، فالأمر على ظاهره.
ويجوز أن تكون {من} تبعيضية ظرفًا مستقرًا صفة {الروح} أي بَعْضَ شؤونه التي لا يطلع عليها غيره إلا من ارتضى فيكون الأمر بمعنى الشأن، أي الشؤون العجيبة، وقيل: {من} بيانية وأن الأمر هو الروح وهذا بعيد.
وهذه الآية تشير إلى أن النبوءة غير مكتسبة لأنها ابتدئت بقوله: {فادعوا الله مخلصين له الدين} [غافر: 14] ثم أُعقب بقوله: {رفيع الدرجات} فأشار إلى عبادة الله بإخلاص سبب لرفع الدرجات، ثم أعقب بقوله: {يُلقِي الرُّوح من أمرِه} فجيء بفعل الإِلقاء وبكون الروح من أمره وبصلة {مَن يَشاء مِن عِباده} فآذن بأن ذلك بمحض اختياره وعلمه كما قال تعالى: {الله أعلم حيث يجعل رسالاته} [الأنعام: 124].
وهذا يرتبط بقوله في أول السورة (2) {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصًا له الدين} فأمَر رسولَه صلى الله عليه وسلم بالإخلاص في العبادة مفرعًا على إنزال الكتاب إليه، وجاء في شأن الناس بقوله: {فادعوا الله مُخْلِصين} [غافر: 14] ثم أعقبه بقوله: {رَفِيع الدرجات}.
وقد ضَرب لهم العرشَ والأنبياء مثلين لرفع الدرجات في العوالم والعقلاء، وفيه تعريض بتسفيه المشركين {فقالوا أبشرًا منا واحدًا نتبعه} [القمر: 24]، {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} [الزخرف: 31] و{قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله} [الأنعام: 124].
وتخلص من ذكر النبوءة إلى النذارة بيوم الجزاء ليعود وصف يوم الجزاء الذي انقطع الكلام عليه من قوله تعالى: {ذلكم بأنه إذا دُعي الله وحده كفرتم} [غافر: 12]. إلخ.
والإِنذار: إِخبار فيه تحذير مما يسوء، وهو ضد التبشير إذ هو إخبار بما فيه مسرة.
وفعله المجرد: نَذِر كعلم، يقال: نَذِر بالعدوّ فحَذِره.
والهمزة في أنذر للتعدية فحقه أن لا يتعدى بالهمزة إلا إلى مفعول واحد، وهو الذي كان فاعل الفعل المجرد، وأن يتعدى إلى الأمر المخبَر به بالباء، يقال: أنذرتُهم بالعَدوّ، غير أنه غلب في الاستعمال تضمينه معنى التحذير فعدوه إلى مفعول ثان وهو استعمال القرآن، وأما قوله في أول [الأعراف: 2] {لتنذر به} فالباء فيه للسببية أو الآلة المجازية وليست للتعدية.
وضمير به عائدًا إلى الكتاب.
والضمير المستتر في {لينذر} عائد إلى اسم الجلالة من قوله: {فادعوا الله} [غافر: 14]، والأحسن أن يعود على {مَن} الموصولة لينذر من ألقَى عليه الروحَ قومَه، ولأن فيه تخلصًا إلى ذكر الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم الذي هو بصدد الإِنذار دون الرسل الذين سبقوا إذ لا تلائمهم صيغة المضارع ولأنه مرجِّح لإِظهار اسم الجلالة في قوله: {لا يخفى على الله منهم شيء} كما سيأتي.
و{يوم التَلاَقي} هو يوم الحشر، وسمي يوم التلاقي لأن الناس كلهم يلتقون فيه، أو لأنهم يلقون ربهم لقاء مجازيًا، أي يقفون في حضرته وأمام أمره مباشرة كما قال تعالى: {الذين لا يرجون لقاءنا} [يونس: 7] أي لا يرجُون يوم الحشر.
وانتصبَ {يوم التلاقي} على أنه مفعول ثان ل {ينذر} وحذف المفعول الأول لظهوره، أي لينذر الناسَ.
وبَين {التَّلاَقي} و{يُلْقي} جناس.
وكتب {التَّلاَقي} في المصحف بدون ياء.
وقرأه نافع وأبو عمرو في رواية عنه بكسرة بدون ياء.
وقرأه الباقون بالياء لأنه وقع في الوصل لا في الوقف فلا موجب لطرح الياء إلا معاملة الوصل معاملة الوقف وهو قليل في النثر فيقتصر فيه على السماع.
وكفى برواية نافع وأبي عمرو سماعًا.
و{يَوْمَ هُم بارزون} بدل من {يَوْمَ التَّلاَقي}.
و{هم بارزون} جملة اسمية، والمضاف ظرف مستقبل وذلك جائز على الأرجح بدون تقدير.
وضمير الغيبة عائد إلى {الكافِرُونَ} من قوله: {وَلَوْ كَرِهَ الكافرون} [غافر: 14].
وجملة {لا يَخْفَى على الله منهم شيءٌ} بيان لجملة {هُم بارزون} والمعنى: أنهم واضحة ظواهرهم وبواطنهم فإن ذلك مقتضى قولهم: {مِنْهم شَيءٌ}.
وإظهار اسم الجلالة لأن إظهاره أصْرح لبعد معاده بما عقبه من قوله: {على مَن يَشَاءُ من عِبادهِ} ولأن الأظهر أن ضمير {ليُنذِر} عائد إلى {مَن يَشَاء}.
ومعنى {مِنهُم} من مجموعهم، أي من مجموع أحوالهم وشؤونهم، ولهذا أوثر ضمير الجمع لما فيه من الإِجمال الصالح لتقدير مضاف مناسب للمقام، وأوثر أيضًا لفظ {شَيْءٌ} لتوغله في العموم، ولم يقل لا يخفى على الله منهم أحد، أو لا يخفى على الله من أحدٍ شيءٌ، أي من أجزاء جسمه، فالمعنى: لا يخفى على الله شيء من أحوالهم ظاهرها وباطنها.
{شَىْءٌ لِّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد} مقول لقول محذوف، وحذف القول من حديث البحر.
والتقدير: يقول الله لمن الملك اليوم، ففعل القول المحذوف جملة في موضع الحال، أو استئناف بياني جوابًا عن سؤال سائل عما ذا يقع بعد بروزهم بين يدي الله.
والاستفهام إما تقريري ليشهد الطغاة من أهل المحشر على أنفسهم أنهم كانوا في الدنيا مخطئين فيما يزعمونه لأنفسهم من مُلك لأصنامهم حين يضيفون إليها التصرف في ممالك من الأرض والسماء، مثل قول اليونان بإله البحر وإله الحرب وإله الحكمة، وقول أقباط مصر بإله الشمس وإله الموت وإله الحكمة، وقول العرب باختصاص بعض الأصنام ببعض القبائل مثل اللاتتِ لثقيف، وذي الخَلَصة لدوْس، ومناةَ للأوس والخزرج.
وكذلك ما يزعمونه لأنفسهم من سلطان على الناس لا يشاركهم فيه غيرهم كقول فرعون: {ما علمت لكم من إله غيري} [القصص: 38] وقولِه: {أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي} [الزخرف: 51]، وتلقيب أكاسرة الفرس أنفسهم بلقب: ملك الملوك شاهنشاه، وتلقيب ملوك الهند أنفسهم بلقب ملك الدنيا شاه جهان.
ويفسر هذا المعنى ما في الحديث في صفة يوم الحشر «ثم يقول الله أنا المَلِك أين ملوك الأرض» استفهامًا مرادًا منه تخويفهم من الظهور يومئذٍ، أي أين هم اليوم لماذا لم يظهروا بعظمتهم وخيلائهم.
ويجوز أيضًا أن يكون الاستفهام كناية عن التشويق إلى ما يرد بعده من الجواب لأن الشأن أن الذي يسمع استفهامًا يترقب جوابه فيتمكن من نفسه الجوابُ عند سماعه فَضْلَ تمكُّن، على أن حصول التشويق لا يفوت على اعتبار الاستفهام للتقرير، وقريب منه: {وإذَا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دَعان} [البقرة: 186].
و{اليوم} المعرف باللام هو اليوم الحاضر، وحضوره بالنسبة إلى القول المحكي أنه يقال فيه، أي اليوم الذي وقع فيه هذا القول كما هو شأن أسماء الزمان الظروف إذا عُرِّفت باللام.
وجملة {لله الواحد القَهَّار} يجوز أن تكون من بقية القول المقدر الصادر من جانب الله تعالى بأن يصدر من ذلك الجانب استفهام ويصدر منه جوابه لأنه لما كان الاستفهام مستعملًا في التقرير أو التشويق كان من الشأن أن يتولى الناطق به الجواب عنه، ونظيره قوله تعالى: {عَمَّ يتساءَلُون عَننِ النبأ العَظِيم} [النبأ: 1، 2].
ويجوز أن تكون مقول قول آخر محذوف، أي فيقول المسؤولون: {لله الواحد القهَّار} إقرارًا منهم بذلك، والتقدير: فيقول البارزون لله الواحد القهار، فتكون معترضة.
وذكر الصفتين {الواحد القَهَّار} دون غيرهما من الصفات العُلَى لأن لمعنييهما مزيد مناسبة بقوله: {لِمَننِ المُلْكُ اليَوْمَ} حيث شوهدت دلائل الوحدانية لله وقهره جميعَ الطغاة والجبارين.
{الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17)} لا ريب في أن هذه الجمل الثلاث متصلة بالمقول الصادر من جانب الله تعالى، سواء كان مجموع الجملتين السابقتين مَقولًا واحدًا أم كانت الثانية منهما من مقول أهل المحشر.
وترتيبُ هذه الجمل الخمس هو أنه لما تقرر أن الملك لله وحده في ذلك اليوم بمجموع الجملتين السابقتين، عددت آثار التصرف بذلك المُلككِ وهي الحكم على العباد بنتائج أعمالهم وأنه حكم عادل لا يشوبه ظلم، وأنه عاجل لا يبطىء لأن الله لا يشغله عن إقامة الحق شاغل ولا هو بحاجة إلى التدبر والتأمل في طرق قضائه، وعلى هذه النتائج جاء ترتيب {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت} ثم {لا ظُلم اليوم} ثم {إن الله سَرِيع الحِساب} وأما مواقع هاته الجمل الثلاث فإن جملة {اليوم تجزى} إلخ واقعة موقع البيان لما في جملة {لمن الملك اليوم} [غافر: 16] وجوابها من إجمال، وجملة {لا ظلم اليوم} واقعة موقع بدل الاشتمال من جملة {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت} أي جزاء عادلًا لا ظلم فيه، أي ليس فيه أقل شوب من الظلم حسبما اقتضاه وقوع النكرة بعد {لا} النافية للجنس.
وتعريف {اليَوْم} في قوله: {اليوم تجزى كل نفس} وقوله: {لا ظلم اليوم} نظير تعريف {لِمَن المُلك اليوم} [غافر: 16]، وجملة {إن الله سريع الحساب} واقعة موقع التعليل لوقوع الجزاء في ذلك اليوم ولانتفاء الظلم عن ذلك الجزاء.
وتأخيرها عن تينك الجملتين مشير إلى أنها علة لهما، فحرف التوكيد واقع موقع فاء السببية كما هو شأن {إنَّ} إذا جاءت في غير مقام رَد الإِنكار، فسرعة الحساب تقتضي سرعة الحكم.
وسرعة الحكم تقتضي تملُّؤٍ الحاكم من العلم بالحق، ومن تقدير جزاء كل عامل على عمله دون تردد ولا بحث لأن الحاكم علام الغيوب، فكانَ قوله: {سَريعُ الحساب} علة لجميع ما تقدمه في هذا الغرض.
والمعنى: أن الله محاسبهم حسابًا سريعًا لأنه سريع الحساب.
والحساب مصدر حاسب غيره إذا حَسِب له ما هو مطلوب بإعداده، وفائدة ذلك تختلف فتارة يكون الحساب لقصد استحضار أشياء كيلا يضيع منها شيء، وتارة يكون لقصد توقيف من يتعين توقيفه عليها، وتارة يكون لقصد مجازاة كل شيء منها بعدله، وهذا الأخير هو المراد هنا ولأجله سمّي يوم الجزاء يومَ الحساب، وهو المراد في قوله تعالى: {إن حسابهم إلا على ربي} [الشعراء: 113].
والباء في قوله: {بما كسبت} للسببية، أي تُجزى بسبب ما كسبت، أي جزاء مناسبًا لما كسبت، أي عملت.
وفي الآية إيماء إلى أن تأخير القضاء بالحق بعد تبينه للقاضي بدون عذر ضَرب من ضروب الجور لأن الحق إنْ كان حق العباد فتأخير الحكم لصاحب الحق إبقاء لحقه بيد غيره، ففيه تعطيل انتفاعه بحقه برهة من الزمان وذلك ظلم، ولَعل صاحب الحق في حاجة إلى تعجيل حقه لنفع معطَّل أو لدفع ضر جَاثم، ولعله أن يهلك في مدة تأخير حقه فلا ينتفع به، أو لعل الشيء المحكوم به يتلف بعارض أو قصد فلا يصل إليه صاحبه بعد.
وإن كان الحق حقَّ الله كان تأخير القضاء فيه إقرارًا للمنكر.
في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل أبا موسى على اليمن ثم أتبعه معاذَ بن جبل فلمّا قدِم معاذ على أبي موسى ألقى إليه أبو موسى وسادة وقال له: أنزل، وإذا رجُل موثق عند أبي موسى، قال مُعاذ: ما هذا؟ قال: كان يهوديًا فأسلم ثم تَهوَّد، قال مُعاذ: لا أجلس حتى يُقتَل، قضاءَ الله ورسوله، ثلاث مرات، فأمر به أبو موسى فقتل. اهـ.

.قال القرطبي:

باب يفنى العباد ويبقى الملك الله وحده:
البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض؟ وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يطوي الله السماء يوم القيامة. ثم يأخذهن بيده اليمنى. ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرض بشماله. ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ انفرد به مسلم.
وعن عبد الله بن مقسم أنه نظر إلى عبد الله بن عمر كيف يحكي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: يأخذ الله سماواته وأرضيه بيده. فيقول: أنا الله ويقبض أصابعه ويبسطها فيقول: أنا الملك حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل حتى إني أقول: أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم.
فصل: هذه الأحاديث تدل على أن الله سبحانه يفني جميع خلقه أجمع كما تقدم ثم يقول الله عز وجل: لمن الملك اليوم فيجيب نفسه المقدسة بقوله: لله الواحد القهار.
وقيل: إن المنادي ينادي بعد حشر الخلق على أرض بيضاء مثل الفضة لم يعص الله عليها على ما يأتي لمن الملك اليوم فيجيبه العباد لله الواحد القهار رواه أبو وائل عن ابن مسعود واختاره أبو جعفر النحاس قال: والقول صحيح عن ابن مسعود وليس هو مما يؤخذ بالقياس ولا بالتأويل.
قال المؤلف رضي الله عنه: والقول الأول أظهر لأن المقصود إظهاره انفراده تعالى بالملك عند انقطاع دعوى المدعين وانتساب المنتسبين. إذ قد ذهب كل ملك وملكه وكل جبار ومتكبر وملكه، وانقطعت نسبتهم ودعاويهم وهذا أظهر. وهو قول الحسن ومحمد بن كعب وهو مقتضى قوله الحق: أنا المالك أين ملوك الأرض؟.
وفي حديث أبي هريرة ثم يأمر الله عز وجل إسرافيل فينفخ نفخة الصعق فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلا ما شاء الله.
فإذا اجتمعوا أمواتًا جاء ملك الموت إلى الجبار فيقول: قد مات أهل السماء والأرض إلا ما شئت. فيقول الله سبحانه- وهو أعلم- من بقي؟ فيقول يا رب بقيت أنت الحي الذي لا تموت وبقي حملة العرش وبقي جبريل وميكائيل وإسرافيل وبقيت أنا. فيقول الله عز وجل: ليمت جبريل وميكائيل. فينطق الله عز وجل العرش. فيقول أي رب يموت جبريل وميكائيل؟ فيقول: اسكت إني كتبت الموت على كل من تحت عرشي فيموتان. قال: ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار جل جلاله. فيقول يا رب قد مات جبريل وميكائيل قيول الله سبحانه- وهو أعلم- من بقي؟ فيقول يا رب بقيت أنت الحي الذي لا تموت وبقي حملة عرشك وبقيت أنا. فيقول: ليمت حملة العرش. فيموتون فيأمر الله العرش فيقبض الصور من إسرافيل. ثم يقول: ليمت إسرافيل. فيموت. ثم يأتي ملك الموت فيقول يا رب قد مات حملة عرشك. فيقول- وهو أعلم- من بقي؟ فيقول بقيت أنت الحي الذي لا تموت، وبقيت أنا. فيقول الله: أنت خلق من خلقي خلقتك لما رأيت فمت فيموت. فإذا لم يبق إلا الله الواحد الأحد الصمد الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد. فكان كما كان أولًا طوى السماء كطي السجل للكتاب. ثم قال: أنا الجبار. لمن الملك اليوم فلم يجبه أحد فيقول جل ثناؤه وتقدست أسماؤه لله الواحد القهار.