فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وإذا كان الإنسان في خير، ومعه عشيرته وأهله، كان أبهج عنده وأسر لقلبه.
والظاهر عطف ومن على الضمير في وأدخلهم، إذ هم المحدث عنهم والمسؤول لهم.
وقال الفراء، والزجاج: نصبه من مكانين: إن شئت على الضمير في {وأدخلهم} وإن شئت على الضمير في {وعدتهم}.
{وقهم السيئات} أي امنعهم من الوقوع فيها حتى لا يترتب عليها اجزاؤها، أو وقهم جزاء السيئات التي إجترحوها، فحذف المضاف ولا تكرار في هذا، وقوله: {وقهم عذاب الجحيم} لعدم توافق المدعو لهم أن الدعاء الأول للذين تابوا، والثاني أنه لهم ولمن صلح من المذكورين، أو لا ختلاف الدعاءين إذا أريد بالسيئات أنفسهم، فذلك وقاية عذاب الجحيم، وهذا وقاية الوقوع في السيئات.
والتنوين في {يومئذ} تنوين العوض، والمحذوف جملة عوض منها التنوين، ولم تتقدم جملة يكون التنوين عوضًا منها، كقوله: {فلولا إذا بلغت الحلقوم} {وأنتم حينئذ} أي حين إذ بلغت الحلقوم، فلابد من تقدير جملة يكون التنوين عوضًا منها كقوله، يدل عليها معنى الكلام، وهي {ومن تق السيئات} أي جزاءها يوم إذ يؤاخذ بها {فقد رحمته}.
ولم يتعرض أحد من المفسرين الذين وقفنا على كلامهم في الآية للجملة التي عوض منها التنوين في يومئذ، وذلك إشارة إلى الغفران.
ودخول الجنة ووقاية العذاب هو الفوز بالظفر العظيم الذي عظم خطره وجل صنعه.
ولما ذكر شيئًا من أحوال المؤمنين، وذكر شيئًا من أحوال الكافرين، وما يجري لهم في الآخرة من اعترافهم بذنوبهم واستحقاقهم العذاب وسؤالهم الرجوع إلى الدنيا.
ونداؤهم، قال السدي: في النار.
وقال قتادة: يوم القيامة، والمنادون لهم الزبانية على جهة التوبيخ والتقريع.
واللام في {لمقت} لام الابتداء ولام القسم، ومقت مصدر مضاف إلى الفاعل، التقدير: لمقت الله إياكم، أو لمقت الله أنفسكم، وحذف المفعول لدلالة ما بعده عليه في قوله: {أكبر من مقتكم أنفسكم}.
والظاهر أن مقت الله إياهم هو في الدنيا، ويضعف أن يكون في الآخرة، كما قال بعضهم لبقاء {إذ تدعون} مفلتًا من الكلام، لكونه ليس له عامل تقدم، ولا مفسر لعامل.
فإذا كان المقت السابق في الدنيا، أمكن أن يضمر له عامل تقديره: مقتكم إذ تدعون.
وقال الزمخشري: وإذ تدعون منصوب بالمقت الأول، والمعنى: أنه يقال لهم يوم القيامة: إن الله مقت أنفسكم الأمارة بالسوء والكفر حين كان الأنبياء يدعونكم إلى الإيمان، فتأبون قبوله وتختارون عليه الكفر، أشد مما تمقتونهن اليوم وأنتم في النار، إذ أوقعتكم فيها بأتباعكم هواهن.
انتهى، وفيه دسيسة الاعتزال.
وأخطأ في قوله: {وإذ تدعون} منصوب بالمقت الأول، لأن المقت مصدر، ومعموله من صلته، ولا يجوز أن يخبر عنه إلا بعد استيفائه صلته، وقد أخبر عنه بقوله: {أكبر من مقتكم أنفسكم} وهذا من ظواهر علم النحو التي لا تكاد تخفي على المبتدئين، فضلًا عمي تدعي العجم أنه في العربية شيخ العرب والعجم.
ولما كان الفصل بين المصدر ومعموله بالخبر، لا يجوز قدرنا العامل فيه مضمر، أي مقتكم إذ تدعون، وشبيهة قوله تعالى: {إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر} قدروا العامل برجعه {يوم تبلى السرائر} للفصل ب {لقادر} بين المصدر ويوم.
واختلاف زماني المقتين الأول في الدنيا والآخرة هو قول مجاهد وقتادة وابن زيد والآكثرين.
وتقدم لنا أن منهم من قال في الآخرة، وهو قول الحسن.
قال الزمخشري: وعن الحسن لما رأوا أعمالهم الخبيثة مقتوا أنفسهم فنودوا: {لمقت الله}.
وقيل: معناه لمقت الله إياكم الآن أكبر من مقت بعضكم لبعض، كقوله تعالى: {يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضًا} {وإذ تدعون} تعليل. انتهى.
وكان قوله: {وإذ تدعون} تعليل من كلام الزمخشري.
وقال قوم: {إذ تدعون} معمول، لأ ذكر محذوفة، ويتجه ذلك على أن يكون مقت الله إياهم في الآخرة، على قول الحسن، قيل لهم ذلك توبيخًا وتقريعًا وتنبيهًا على ما فاتهم من الإيمان والثواب.
ويحتمل أن يكون قوله: من مقت أنفسكم، أن كل واحد يمقت نفسه، أو أن بعضكم يمقت بعضًا، كما قيل: إن الأتباع يمقتون الرؤساء لما ورطوهم فيه من الكفر، والرؤساء يمقتون الأتباع، وقيل: يمقتون أنفسهم حين قال لهم الشيطان: {فلا تلوموني ولوموا أنفسكم} والمقت أشد البغض، وهو مستحيل في حق الله تعالى، فمعناه: الإنكار والزجر.
{قالوا ربنا أمتنا اثنتين} وجه اتصال هذه بما قبلها أنهم كانوا ينكرون البعث، وعظم مقتهم أنفسهم هذا الإنكار، فلما مقتوا أنفسهم ورأوا حزنًا طويلًا رجعوا إلى الإقرار بالبعث، فأقروا أنه تعالى أماتهم اثنتين وأحياهم اثنتين تعظيمًا لقدرته وتوسلًا إلى رضاه، ثم أطمعوا أنفسهم بالاعتراف بالذنوب أن يردوا إلى الدنيا، أي إن رجعنا إلى الدنيا ودعينا للإيمان بادرنا، إليه.
وقال ابن عباس، وقتادة، والضحاك، وأبو مالك: موتهم كوبهم ماء في الأصلاب، ثم إحياؤهم في الدنيا، ثم موتهم فيها، ثم إحياؤهم يوم القيامة.
وقال السدي: إحياؤهم في الدنيا، ثم إماتتهم فيها، ثم إحياؤهم في القبر لسؤال الملكين، ثم إماتتهم فيه، ثم إحياؤهم في الحشر.
وقال ابن زيد: إحياؤهم نسمًا عند أخذ العهد عليهم من صلب آدم، ثم إماتتهم بعد، ثم إحياؤهم في الدنيا، ثم إماتتهم، ثم إحياؤهم، فعلى هذا والذي قبله تكون ثلاثة إحياءات، وهو خلاف القرآن.
وقال محمد بن كعب: الكافر في الدنيا حي الجسد، ميت القلب، فاعتبرت الحالتان، ثم إماتتهم حقيقة، ثم إحياؤهم في البعث، وتقدم الكلام في أول البقرة على الإماتتين والإحياءين في قوله: {كيف تكفرون وكنتم أمواتًا} الآية، وكررنا ذلك هنا لبعد ما بين الموضعين.
قال الزمخشري: فإن قلت: كيف صح أن يسمي خلقهم أمواتًا إماتة؟ قلت: كما صح: سبحان من صغر جسم البعوضة وكبر جسم الفيل، وقولك للحفار ضيق فم، الركية ووسع أسفلها، وليس ثم نقل من كبر إلى صغر، ولا من صغر إلى كبر، ولا من ضيق إلى سعة، ولا من سعة إلى ضيق، وإنما أردت الإنشاء على تلك الصفات.
والسبب في صحته أن الصغر والكبر جائزان معًا على المصنوع الواحد من غير ترجيح لأحدهما، وكذلك الضيق والسعة، فإذا اختار الصانع أحد الجائزين، وهو متمكن منهما على السواء، فقد صرف المصنوع إلى الجائز الآخر، فجعل صرفه عنه كنقله منه. انتهى.
يعني أن خلقهم أمواتًا، كأنه نقل من الحياة وهو الجائز الآخر.
وظاهر {فاعترفنا بذنوبنا} أنه متسبب عن قبولهم.
{ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين} وثم محذوف، أي فعرفنا قدرتك على الإماتة والإحياء، وزال إنكارانا للبعث، {فاعترفنا بذنوبنا} السابقة من إنكار البعث وغيره.
{فهل إلى الخروج} أي سريع أو بطيء من النار، {من سبيل} وهذا سؤال من يئس من الخروج، ولكنه تعلل وتحير.
{ذلكم} الظاهر أن الخطاب للكفار في الآخرة، والإشارة إلى العذاب الذي هم فيه، أو إلى مقتهم أنفسهم، أو إلى المنع من الخروج والزجر والإهانة، احتمالات.
مقوله.
وقيل: الخطاب المحاضرين رسول الله صلّى اللّه عليه وسلم، والضمير في فإنه ضمير الشأن.
{إذا دعي الله وحده} أي إذا أفرد بالإلهية ونفيت عن سواه، {كفرتم وإن يشرك به} أي ذكرت اللات والعزى وأمثالهما من الأصنام، صدقتم بألوهيتها وسكنت نفوسكم إليها.
{فالحكم} بعذابكم، {لله} لا لتلك الأصنام التي أشركتموها مع الله، {العلي} عن الشرك، {الكبير} العظيم الكبرياء.
وقال محمد بن كعب: لأهل النار خمس دعوات، يكلمهم الله في الأربعة، فإذا كانت الخامسة سكتوا.
{قالوا ربنا آمتنا اثنتين} الآية، وفي إبراهيم: {ربنا أخرنا} الآية، وفي السجدة: {ربنا أنصرنا} الآية، وفي فاطر: {ربنا أخرجنا} الآية، وفي المؤمنون: {ربنا غلبت علينا شقوتنا} الآية، فراجعهم اخسؤا فيها ولا تكلمون، قال: فكان آخر كلامهم ذلك.
ولما ذكر تعالى ما يوجب التهديد الشديد في حق المشركين، أردفه بذكر ما يدل على كمال قدرته وحكمته، ليصير ذلك دليلًا على أنه لا يجوز جعل الأحجار المنحوتة والخشب المعبودة شركاء لله، فقال: {هو الذي يريكم آياته} أيها الناس، ويشمل آيات قدرته من الريح السحاب والرعد والبرق والصواعق ونحوها من الأثار العلوية، وآيات كتابه المشتمل على الأولين والآخرين، وآيات الإعجاز على أيدي رسله.
وهذه الآيات راجعة إلى نور العقل الداعي إلى توحيد الله.
ثم قال: {وينزل لكم من السماء رزقًا} وهو المطر الذي هو سبب قوام بنية البدن، فتلك الآيات للأديان كهذا الرزق للأبدان.
{وما يتذكر} أي يتعظ ويعتبر، وجعله تذكرًا لأنه مركوز في العقول دلائل التوحيد، ثم قد يعرض الاشتغال بعبادة غير الله فيمنع من تجلى نور العقل، فإذا تاب إلى الله تذكر. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا} يُريهم آياتِ فَضْلِه فيما يُلاطِفُهم، ويريهم آياتِ قَهْرِه فيما يكاشفهم، ويريهم آياتِ عَفْوِه إذا تَنَصَّلُوا، وآياتِ جوده إذا توسَّلُوا، وآياتِ جلالِه إذا هابوا فغابوا، وآياتِ جمالِه إذا آبوا واستجابوا.
{وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقًا} لأبدانكم وهو توفيق المجاهدات، ولقلوبكم وهو تحقيق المشاهدات، ولأسراركم وهو فنون المواصلات والزيادات.
{وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ} يرجع من العادة إلى العبادة، ومن الشَّكِّ إلى اليقين، ومن الخَلْقِ إلى الحقِّ، من الجهل إلى العِلْم، ومن النَّكرة إلى العرفان.
{فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14)} شَرْطُ الدعاء تقديم المعرفة لتعرفَ من الذي تدعوه، ثم تدعو بما تحتاج إليه مِمَّا لابد لك منه، ثم تنظر هل أعطاكَ ما تطلب وأنت لا تدري؟ والواجبُ ألا تطلب شيئًا تكون فيه مخالفةٌ لأمره، وأن تتباعد عن سؤالك الأشيئاء الدَّنِيَّة والدنيوية، وأن ترضى بما يختاره لك مولاك. ومن لإخلاص في الدعاء ألا ترى الإجابة إلاّ منه، وألا ترى لنفسك استحقاقًا إلا بفضله، وأن تعلم أنه إن بقيت سؤالك عن مطلوبك- الذي هو حَظُّكَ- لا تَبْق عن عبادة ربِّك- التي هي حَقُّه «فإنَّ الدعاء مُخُّ العبادة» ومن الإخلاص في الدعاء أن تكون في حال الاضطرار لما لا يكون ابتداؤه جُرْمًا لك، وتكون ضرورتُك لسراية جنايتك.
{رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15)} رافعُ الدرجات للعُصاةِ بالنجاة، وللمطيعين بالمثوبات، ولأصفياء والأولياء بالكرامات، ولذوي الحاجات بالكفايات، وللعارفين بتنقيبهم عن جميع أنواع الإرادات.
ويقال درجاتُ المطيعين بظواهرهم في الجنة، ودرجاتُ العارفين بقلوبهم في الدنيا؛ فيرفع درجاتهم عن النظر إلى الكَونيْن دون المساكنه إليهما. وأمَّا المحبون فيرفع درجاتِهم عن أن يطلبوا في الدنيا والعُقبى شيئًا غيرَ رضاءِ محبوبهم.
{ذُو الْعَرْشِ} ذو المُلْكِ الرفيع. ويقال العرش الذي هو قِبْلَةُ الدعاء، خَلَقَه أرفعَ المخلوقاتِ وأعظمَها جُثة.
{يُلْقِى الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} روحٌ بها ضياءُ أبدانهم- وهو سلطانُ عقولهم، وروحٌ بهاء ضياء قلوبهم- وهو شفاءُ علومهم، وروحٌ بها ضياء أرواحهم- والذي هو للرُّوح رَوْحٌ- بقاؤهم بالله.
ويقال: روحٌ هو روح إلهام، وورح هو روح إعلام، وروح هو روح إكرام.
ويقال: روح النبوة، وروح الرسالة. وروح الولاية، وروح المعرفة.
ويقال: روح بها بقاءُ الخلق، وروح بها ضياء الحق.
قوله جلّ ذكر: {يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لاَ يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَىْءٌ}.
يعلم الحاصل الموجود، ويعلم المعدوم المفقود؛ والذي كان والذي يكون، والذي لا يكون مما عَلِمَ أنه لا يجوز أن يكون، والذي جاز أن يكون أن لو كان كيف كان يكون.
{لِّمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}.
لا يتقيد مُْلْكُه بيومٍ، ولا يختصُّ مُلْكُه بوقتٍ، ولكنَّ دَعَاوَى الخَلْقِ- اليومَ- لا أصلَ لها؛ إذ غدًا تنقطع تلك الدعاوى وترتفع تلك الأوهام.
{الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17)} يجازيهم على أعمالهم بالجنان، وعلى أحوالهم بالرضوان، وعلى أنفاسهم بالقربة، وعلى محبتهم بالرؤية.
ويجازي المذنبين على توبتهم بالغفران، وعلى بكائهم بالضياء والشفاء.
{لاَ ظُلْمَ الْيَوْمَ} أي أنه يستحيل تقديرُ الظلم منه، وكل ما يفعل فله أن يفعله.
{إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} مع عباده؛ لا يشغله شأنٌ عن شأنٍ، وسريعُ الحساب مع أوليائه في الحال؛ يطالبهم بالصغير والكبير، والنقير والقطمير. اهـ.

.تفسير الآيات (18- 20):

قوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (20)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما تم هذا على هذا الوجه المهول، وكان يوم القيامة له أسماء تدل على أهواله باعتبار مواقفه وأحواله، منها يوم البعث وهو ظاهر، ومنها يوم التلاق لما تقدم، ومنها يوم التغابن لغبن أكثر من فيه خسارته، ومنها يوم الآزفة لقربه وسرعة أخذه، وكان كأنه قيل خطابًا للنبي- صلى الله عليه وسلم: وأمن ممن ألقينا هذا الروح الأعظم من أمرنا فأنذرهم ما مضى من يوم التلاقي وما عقبناه به، عطف عليه قوله زيادة في بيان هوله إعلامًا بأنه مع ثبوته وثبوت التلاقي فيه قريب تحذيرًا من تزيين إبليس للشهوات وتقريره بالتسويف بالتوبة: {وأنذرهم} أي هؤلاء المعرضين إعراض من لا يجوز الممكن {يوم الآزفة} أي الحالة الدائبة العاجلة السريعة جدًّا مع الضيق في الوقت وسوء العيش لأكثر الناس، وهي القيامة، كرر ذكرها الإنذار منها تصريحًا وتلويحًا تهويلًا لها وتعظيمًا لشأنها.