فصل: من أقوال المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولما كان التقدير: أهلكهم الله وما ظلمهم، عبر عنه تعميمًا مقرونًا بما تضمنه من الخبر بدليله فقال: {وما الله} أي الذي له الإحاطة بأوصاف الكمال.
ولما كان في مقام الوعظ لهم ومراده ردهم عن غيهم بكل حال، علق الأمر بالإرادة لأنها متى ارتفعت انتفى الظلم، ونكر تعميمًا فقال: {يريد ظلمًا} أي يتجدد منه أن يعلق إرادته وقتًا ما بنوع ظلم {للعباد} لأن أحد لا يتوجه أبدًا إلى أنه يظلم عبيده الذين هم تحت قهره، وطوع مشيئته وأمره، ومتى لم يعرفوا حقه وأرادوا البغي على من يعرف حقه عاقبهم ولا بد، وإلا كان كفه ظلمًا للمبغي عليهم.
ولما أشرق من آفاق هذا الوعظ شمس البعث ونور الحشر، لأنه لا يسوغ أصلًا أن ملكًا يدع عبيده يبغي بعضهم على بعض من غير إنصاف بينهم ونحن نرى أكثر الخلق يموت مقهورًا من ظالمه، ومكسورًا من حاكمه، فعلم قطعًا أن الموت الذي لم يقدر ولا يقدر أحد أصلًا أن يسلم منه إنما هو سوق إلى دار العرض وساحة الجزاء للقرض- كما جرت به عادة الملوك إذا وكلوا بمن يأمرون باحضاره إليهم لعرضه عليهم ليظهر التجلي في صفات الجبروت والعدل، ومظاهر الكرم الفضل قال: {ويا قوم} ولما كانوا منكرين للبعث أكد فقال: {إني أخاف} وعبر بأداة الاستعلاء زيادة في التخويف فقال: {عليكم} ولما كان قد سماه فيما مضى بالتلاقي والآزفة لما ذكر، عرف هنا أن الخلق فيه وجلون خائفون وأنهم لكثرة الجمع ينادُون وينادَون للرفعة أو الضعة وغير ذلك من الأمور المتنوعة التي مجموعها يدل على ظهور الجبروت وذل الخلق لما يظهر لهم من الكبرياء والعظموت فقال: {يوم التناد} أي أهواله وما يقع فيه، فينادي الجبار سبحانه بقوله: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدو الشيطان} وينادونه بلى يا ربنا وتنادي الملائكة بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب يا فلان ابن فلان أقبل لفصل النزاع وينادي ذلك العبد ألا سمعًا وطاعة وينادي الفائز ألا نعم أجر العاملين وينادي الخائب ألا بئس منقلب الظالمين وينادي أصحاب الأعراف وأهل الجنة أهل النار وأهل النار أهل الجنة وينادي الكل حين يذبح الموت، ويدعى كل أناس بإمامهم، وتتنادى الملائكة وقد أحاطوا بالثقلين صفوفًا مترتبة ترتب السماوات التي كانوا بها بالتسبيح والتقديس، وترتفع الأصوات بالضجيج، بعضهم بالسرور وبعضهم بالويل والثبور، وتنادي ألسن النيران: أي الجبارون أين المتكبرون، وتنادي الجنة، أين المشمرون في مرضاة الله والصابرون، فيا له يومًا يذل فيه العصاة العتاة ويعز المنكسرة قلوبهم من أجل الله وقرأ ابن عباس- رضى الله عنهما- في آخرين بتشديد الدال من التناد على أنه مصدر تنادّ من ند البعير- إذا هرب ونفر، وهو كقوله: {يوم يفر المرء من أخيه} [عبس: 34] وتقدم في حذف ياء التلاق وإثباتها ما يمكن الفطن تنزيله هنا.
ولما كانت عادة المتنادين الإقبال، وصف ذلك اليوم بضد ذلك لشدة الأهوال فقال مبدلًا أو مبينًا: {يوم تولون مدبرين} أي حين تخرج ألسنة النيران فتخطف أهل الكفران، وتزفر زفرات يخر أهل الموقف من خشيتها، فترى كل أمة جاثية ويفرون فلا يقصدون مكانًا إلا وجدوا به الملائكة صافين كما قال تعالى: {والملك على أرجائها} [الحاقة: 17] وينادي المنادي {يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان} [الرحمن: 33].
ولما كان المدبر إنما يقصد في إدباره معقلًا يمنعه ويستره أو فئة تحميه وتنصره، قال مبينًا حالهم: {ما لكم من الله} أي الملك الجبار الذي لا ند له، وأعرق في النفي فقال: {من عاصم} أي مانع يمنعكم مما يراد فما لكم من عاصم أصلًا، فإنه سبحانه يجير ولا يجار عليه.
ولما كان التقدير: لضلالكم في الدنيا فإن حالكم في ذلك اليوم مكتسب من احوالكم في هذا اليوم، عطف عليه قوله معممًا: {ومن يضلل اللهُ} أي الملك المحيط بكل شيء الباطن في اردية الجلال الظاهر في مظاهر القهر والجمال، إضلالًا جبله عليه فهو في غاية البيان- بما أشار إليه الفلك {فما له من هاد} أي إلى شيء ينفعه بوجه من الوجوه، وأما الضلال العارض فيزيله الله لمن يشاء من عباده، وهذا لا يعرف إلا بالخاتمة كما قاله الإمام أبو الحسن الأشعري: فمن مات على شيء فهو مجبول عليه. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

ثم حكى تعالى أن ذلك المؤمن رد هذا الكلام على فرعون فقال: {إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ مّثْلَ يَوْمِ الأحزاب}.
واعلم أنه تعالى حكى عن ذلك المؤمن أنه كان يكتم إيمانه، والذي يكتم كيف يمكنه أن يذكر هذه الكلمات مع فرعون، ولهذا السبب حصل هاهنا قولان الأول: أن فرعون لما قال: {ذَرُونِى أَقْتُلْ موسى} [غافر: 26] لم يصرح ذلك المؤمن بأنه على دين موسى، بل أوهم أنه مع فرعون وعلى دينه، إلا أنه زعم أن المصلحة تقتضي ترك قتل موسى، لأنه لم يصدر عنه إلا الدعوة إلى الله والإتيان بالمعجزات القاهرة وهذا لا يوجب القتل، والإقدام على قتله يوجب الوقوع في ألسنة الناس بأقبح الكلمات، بل الأولى أن يؤخر قتله وأن يمنع من إظهار دينه، لأن على هذا التقدير إن كان كاذبًا كان وبال كذبه عائدًا إليه، وإن كان صادقًا حصل الانتفاع به من بعض الوجوه، ثم أكد ذلك بقوله: {إِنَّ الله لاَ يَهْدِى مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} [غافر: 28] يعني أنه إن صدق فيما يدعيه من إثبات الإله القادر الحكيم فهو لا يهدي المسرف الكذاب، فأوهم فرعون أنه أراد بقوله: {إِنَّ الله لاَ يَهْدِى مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} أنه يريد موسى وهو إنما كان يقصد به فرعون، لأن المسرف الكذاب هو فرعون والقول الثاني: أن مؤمن آل فرعون كان يكنم إيمانه أولًا، فلما قال فرعون {ذَرُونِى أَقْتُلْ موسى} أزال الكتمان وأظهر كونه على دين موسى، وشافه فرعون بالحق.
واعلم أنه تعالى حكى عن هذا المؤمن أنواعًا من الكلمات ذكرها لفرعون الأول: قوله: {يا قوم إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ مّثْلَ يَوْمِ الأحزاب} والتقدير مثل أيام الأحزاب، إلا أنه لما أضاف اليوم إلى الأحزاب وفسرهم بقوم نوح وعاد ثمود، فحينئذٍ ظهر أن كل حزب كان له يوم معين في البلاء، فاقتصر من الجمع على ذكر الواحد لعدم الالتباس، ثم فسّر قوله: {إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ مّثْلَ يَوْمِ الأحزاب} بقوله: {مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ} ودأب هؤلاء دونهم في عملهم من الكفار والتكذيب وسائر المعاصي، فيكون ذلك دائبًا ودائمًا لا يفترون عنه، ولابد من حذف مضاف يريد مثل جزاء دأبهم، والحاصل أنه خوفهم بهلاك معجل في الدنيا، ثم خوفهم أيضًا بهلاك الآخرة، وهو قوله: {وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} والمقصود منه التنبيه على عذاب الآخرة.
والنوع الثاني: من كلمات ذلك المؤمن قوله تعالى: {وَمَا الله يُرِيدُ ظُلْمًا لّلْعِبَادِ} يعني أن تدمير أولئك الأحزاب كان عدلًا، لأنهم استوجبوه بسبب تكذيبهم للأنبياء، فتلك الجملة قائمة ههنا، فوجب حصول الحكم ههنا، قالت المعتزلة: {وَمَا الله يُرِيدُ ظُلْمًا لّلْعِبَادِ} يدل على أنه لا يريد أن يظلم بعض العباد بعضًا، ويدل على أنه لا يريد ظلم أحد من العباد، فلو خلق الكفر فيهم ثم عذبهم على ذلك الكفر لكان ظالمًا، وإذا ثبت أنه لا يريد الظلم ألبتة ثبت أنه غير خالق لأفعال العباد، لأنه لو خلقها لأرادها، وثبت أيضًا أنه قادر على الظلم، إذ لو لم يقدر عليه لما حصل المدح بترك الظلم، وهذا الاستدلال قد ذكرناه مرارًا في هذا الكتاب مع الجواب، فلا فائدة في الإعادة.
النوع الثالث: من كلمات هذا المؤمن قوله: {وياقوم إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التناد} وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
التنادي تفاعل من النداء، يقال تنادى القوم، أي نادى بعضهم بعضًا، والأصل الياء وحذف الياء حسن في الفواصل، وذكرنا ذلك في {يَوْمَ التلاق} [غافر: 15] وأجمع المفسرون على أن {يَوْمَ التناد} يوم القيامة، وفي سبب تسمية ذلك اليوم بذلك الاسم وجوه الأول: أن أهل النار ينادون أهل الجنة، وأهل الجنة ينادون أهل النار، كما ذكر الله عنهم في سورة الأعراف {ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة} [الاعراف: 50]، {وَنَادَى أصحاب الجنة أصحاب النار} [الاعراف: 44]، الثاني: قال الزجاج: لا يبعد أن يكون السبب فيه قوله تعالى: {يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بإمامهم} [الإسرار: 71]، الثالث: أنه ينادي بعض الظالمين بعضًا بالويل والبثور فيقولون {يا ويلنا} [الأنبياء: 14]، الرابع: ينادون إلى المحشر، أي يدعون الخامس: ينادي المؤمن {هَاؤُمُ اقرؤا كتابيه} [الحاقة: 19] والكافر {ياليتنى لَمْ أُوتَ كتابيه} [الحاقة: 25]، السادس: ينادى باللعنة على الظالمين السابع: يجاء بالموت على صورة كبش أملح، ثم يذبح وينادى يا أهل القيامة لا موت، فيزداد أهل الجنة فرحًا على فرحهم، وأهل النار حزنًا على حزنهم الثامن: قال أبو علي الفارسي: التنادي مشتق من التناد، من قولهم ند فلان إذا هرب، وهو قراءة ابن عباس وفسرها، فقال يندون كما تند الإبل، ويدل على صحة هذه القراءة قوله تعالى: {يَوْمَ يَفِرُّ المرء مِنْ أَخِيهِ} [عبس: 34] الآية.
وقوله تعالى بعد هذه الآية {يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ} لأنهم إذا سمعوا زفير النار يندون هاربين، فلا يأتون قطرًا من الأقطار إلا وجدوا ملائكة صفوفًا، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه.
المسألة الثانية:
انتصب قوله: {يَوْمَ التناد} لوجهين أحدهما: الظرف للخوف، كأنه خاف عليهم في ذلك اليوم، لما يلحقهم من العذاب، إن لم يؤمنوا والآخر أن يكون التقدير إني أخاف عليكم عذاب يوم التناد وإذا كان كذلك كان انتصاب يوم انتصاب المفعول به، لا انتصاب الظرف، لأن إعرابه إعراب المضاف المحذوف، ثم قال: {يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ} وهو بدل من قوله: {يَوْمَ التناد} عن قتادة: منصرفين عن موقف يوم الحساب إلى النار، وعن مجاهد: فارين عن النار غير معجزين، ثم أكد التهديد فقال: {مَا لَكُمْ مّنَ الله مِنْ عَاصِمٍ} ثم نبه على قوة ضلالتهم وشدة جهالتهم فقال: {وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَقَالَ الذي آمَنَ يا قوم} زادهم في الوعظ {إني أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِّثْلَ يَوْمِ الأحزاب} يعني أيام العذاب التي عذب فيها المتحزبون على الأنبياء المذكورين فيما بعد.
قوله تعالى: {وياقوم إني أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التناد} زاد في الوعظ والتخويف وأفصح عن إيمانه، إما مستسلمًا موطنًا نفسه على القتل، أو واثقًا بأنهم لا يقصدونه بسوء، وقد وقاه الله شرهم بقوله الحق {فَوقَاهُ الله سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُواْ}.
وقراءة العامة {التناد} بتخفيف الدال وهو يوم القيامة؛ قال أمية بن أبي الصَّلت:
وبَثَّ الخلْق فيها إِذْ دَحاها ** فَهُمْ سُكَّانُها حتّى التَّنَاد

سمي بذلك لمناداة الناس بعضهم بعضًا؛ فينادي أصحاب الأعراف رجالًا يعرفونهم بسيماهم، وينادي أصحاب الجنة أصحاب النار: {أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا} [الأعراف: 44] وينادي أصحاب النار أصحاب الجنة: {أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الماء} [الأعراف: 50] وينادي المنادي أيضًا بالشقوة والسعادة: ألا إن فلان بن فلان قد شقى شقاوة لا يسعد بعدها أبدًا، ألا إن فلان بن فلان قد سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدًا.
وهذا عند وزن الأعمال.
وتنادي الملائكة أصحاب الجنة {أَن تِلْكُمُ الجنة أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 43] وينادي حين يذبح الموت: يا أهل الجنة خلود لا موت ويا أهل النار خلود لا موت.
وينادي كل قوم بإمامهم إلى غير ذلك من النداء.
وقرأ الحسن وابن السميقع ويعقوب وابن كثير ومجاهد: {يوم التَّنَاد} بإثبات الياء في الوصل والوقف على الأصل.
وقرأ ابن عباس والضحاك وعكرمة {يوم التَّنَادِّ} بتشديد الدال.
قال بعض أهل العربية: هذا لحن؛ لأنه من نَدَّ يَنِدّ إذا مَرَّ على وجهه هاربًا؛ كما قال الشاعر:
وبَرْكٍ هُجُودٍ قَدْ أثارتْ مَخَافتِي ** نَواديهَا أسْعى بِعَضْبٍ مُجَرَّدِ

قال: فلا معنى لهذا في القيامة.
قال أبو جعفر النحاس: وهذا غلط والقراءة بها حسنة على معنى يوم التنافر.
قال الضحاك: ذلك إذا سمعوا زفير جهنم ندّوا هربًا، فلا يأتون قطرًا من أقطار الأرض إلا وجدوا صفوفًا من الملائكة، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه؛ فذلك قوله: {يَوْمَ التناد}.
وقوله: {يامعشر الجن والإنس إِنِ استطعتم أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ السماوات والأرض} [الرحمن: 33] الآية.
وقوله: {والملك على أَرْجَآئِهَآ} [الحاقة: 17] ذكره ابن المبارك بمعناه.
قال: وأخبرنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدّثنا عبد الجبار بن عبيد الله بن سلمان في قوله تعالى: {إني أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التناد يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ} ثم تستجيب لهم أعينهم بالدمع فيبكون حتى ينفد الدمع، ثم تستجيب لهم أعينهم بالدم فيبكون حتى ينفد الدم، ثم تستجيب لهم أعينهم بالقيح.
قال: يرسل عليهم من الله أمر فيولون مدبرين، ثم تستجيب لهم أعينهم بالقيح، فيبكون حتى ينفد القيح فتغور أعينهم كالخرق في الطين.
وقيل: إن هذا يكون عند نفخ إسرافيل عليه السلام في الصور نفخة الفزع.
ذكره علي بن معبد والطبري وغيرهما من حديث أبي هريرة، وفيه: «فتكون الأرض كالسفينة في البحر تضربها الأمواج فيميد الناس على ظهرها وتذهل المراضع وتضع الحوامل ما في بطونها وتشيب الولدان وتتطاير الشياطين هاربة فتلقاها الملائكة تضرب وجوهها ويولي الناس مدبرين ينادي بعضهم بعضًا وهي التي يقول الله تعالى: {يَوْمَ التناد يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِّنَ الله مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}» الحديث بكماله.
وقد ذكرناه في كتاب التذكرة وتكلمنا عليه هناك.
وروي عن عليّ بن نصر عن أبي عمرو إسكان الدال من {التَّنَاد} في الوصل خاصة.
وروى أبو معمر عن عبد الوارث زيادة الياء في الوصل خاصة وهو مذهب ورش.
والمشهور عن أبي عمرو حذفها في الحالين.
وكذلك قرأ سائر السبعة سوى ورش على ما ذكرنا عنه وسوى ابن كثير على ما تقدّم.
وقيل: سمّي يوم القيامة يوم التناد؛ لأن الكافر ينادي فيه بالويل والثبور والحسرة.
قاله ابن جريج.
وقيل: فيه إضمار أي إني أخاف عليكم عذاب يوم التناد؛ فالله أعلم.
{يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ} على البدل من {يَوْمِ التَّنَاد} {وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} أي من خلق الله في قلبه الضلال فلا هادي له.
وفي قائله قولان: أحدهما موسى.
الثاني مؤمن آل فرعون وهو الأظهر.
والله أعلم. اهـ.