فصل: مطلب خلق السموات والأرض وما فيها ولما ذا كان في ستة أيام وفي خلق آدم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.مطلب خلق السموات والأرض وما فيها ولما ذا كان في ستة أيام وفي خلق آدم:

{أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} استفهام انكار عن هذا المنكر وعن المنكر الآخر المبين في قوله: {وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدادًا} أكفاء وأشباها من الملائكة والجن وغيرهما من سائر الأوثان المنحوتة من أحجار وأخشاب والمصوغة من الفضة والذهب والحديد وغيرهما من المعادن بصنع أيديكم لا تقدر على خلق شيء لأنها عاجزة عن حفظ نفسها ومع هذا فإنكم تعبدونها وتعرضون عن الإله الخلاق {ذلِكَ} المستحق للعبادة وحده {رَبُّ الْعالَمِينَ} 9 أجمع الناطق منهم والأعجم والمتحرك والجامد {وَجَعَلَ فِيها} في الأرض التي خلقها في يومين الأحد والأثنين {رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها} راجع الآية 9 من سورة لقمان المارة {وَبارَكَ فِيها} بالأشجار والثمار والزروع والأنهار والحيوان والحيتان من جميع ما يحتاجه البشر وغيره {وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها} أرزاقها لكل ما فيها وكميّتها وكيفيتها {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} اليومين الأولين والخميس والجمعة لأنه خلق السماء بعد الأرض في يومي الثلاثاء والأربعاء قبل خلق الروامي وتقدير الأقوات لا أنه غيرهما وهذا كما تقول سرت من القنيطرة إلى دمشق في يومين والى النبك في أربعة أيام أي في تنمة أربعة أيام، ولابد من هذا التقدير لأنه بغيره يكون تمام الخلق بثمانية أيام وهو مناف لما جاء في قوله تعالى في آيات عديدة {في ستة أيام} كما أوضحناه في الآية 54 من سورة الفرقان والآية 59 من الأعراف في ج 1 {سَواءً لِلسَّائِلِينَ} 10 الذين يسألونك يا أكرم الخلق عن مقدار الزمن الذي خلق ربك فيه الأرض وما فيها بلا زيادة ولا نقص.
{ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ} شيء ظلماني كالدخان، وقد مرّ أن عرش الرحمن كان على الماء وكان قبله عماء، راجع الآية 6 من سورة هود المارة، وأحدث اللّه في هذا الماء سخونة، فارتفع زبد ودخان، فأما الزبد فبقي على وجه الماء فأيبسه اللّه وأحدث منه الأرض، وأما الدخان فارتفع وعلا، فخلق منه السموات، قال الراجز في صفة الأرض:
فبطنها محشوة بالغار ** وقشرها قد شق بالبحار

ومما يدل على هذا قوله تعالى: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} الآية 7 من سورة الطور الآتية، وقوله صلّى اللّه عليه وسلم: «البحر طباق جهنم» وقد أسهبنا البحث في هذا في الآية 27 من سورة الحجر المارة فراجعها، وفي هذه الآية معجزة من معجزات القرآن أيضا، إذ لم يكن عالم أو فيلسوف في ذلك العهد أخبر حضرة الرسول أن هذا الكون كان بادىء بدء مملوء بالسديم أي الأثير والهيولى، مع أن هذه القضية لم تعرف إلا بعد نزول القرآن بمئات من السنين.
والدخان أجزاء أرضية لطيفة ترتفع بالهواء مع الجرارة، والبخار أجزاء مائية ترتفع في الهواء مع الأشعة الراجعة من سطوح المياه، فعبر بالدخان عن مادة السماء أي الهيولى والصورة الجسمية أو عن الأجزاء المتصغرة المركبة منها أي الأجزاء التي لا تتجزأ.
ولما كان أول حدوثها مظلمة سميت بالدخان تشبيها لها به من حيث أنها أجزاء متفرقة غير متراصة ولا متواصلة عديمة النور، أشبه شيء بالدخان.
أما الإستواء فقد تقدم توضيحه في الآية 54 من سورة الأعراف والآية 5 من سورة طه المارتين في ج 1، وهو متى ما عدّي بعلى يكون بمعنى الاستيلاء والاستعلاء كقوله تعالى: {الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى} الآية المذكورة من طله، ومنى ما عدي بإلى كما هنا يكون بمعنى الانتهاء، فاحفظ هذا وتذكره عند كل جملة من هذا القبيل، وراجع بيانه فيما أرشدناك إليه من المواضع.
قال تعالى: {فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} وهذا تمثيل لتحتيم قدرة اللّه تعالى فيها واستحالة امتناعهما المشعر به {قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ} 11 فوجدتا كما أرادهما اللّه تعالى، وجاء الجمع بلفظ العقلاء لأنه تعالى لما خاطبهما بأوصاف العقلاء أجراهما في الجمع مجرى من يعقل، ونظيره {ساجِدِينَ} في الآية 4 من سورة يوسف وهو جمع للكواكب وقد خاطب اللّه تعالى من لا يعقل بصيغة من يعقل في كثير من آي القرآن، لدلك السبب، ولهذا جرينا أيضا على هذا المجرى تبعا لكلام اللّه تعالى ولتلك الأسباب نفسها.
وليعلم أن اللّه تعالى خلق أولا الأرض، ثم السماء، ثم دحا الأرض، بدليل قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها} الآية 30 من سورة النازعات الآتية لا انها خلقت بعد السماء بل خلقت قبلها ودحيت بعدها، ولهذا قلنا آنفا في الآية العاشرة إن خلق الأرض في يومي الأحد والاثنين وما فيها في يومي الخميس والجمعة، إذ كان خلق السماء في الثلاثاء والأربعاء تدبر، ولا تغفل.
وعلى هذا {فَقَضاهُنَّ} ذلك الإله العظيم كلهن وما فيهن وسواهن {سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها} مما أراد أن يكون فيها مما لا يعلمه على الحقيقة غيره، ولهذا البحث صلة في الآية المذكورة من سورة النازعات الآتية إذ يفهم من هذه الآية أن خلق الأرض ودحوها قبل خلق السماء، وآية النازعات توضح أن الدحو بعد خلق السماء وهو ما أجمع عليه المفسرون وقال الأخباريون وأصحاب السير والمؤرخون: أول ما خلق اللّه التربة، أي الأرض بلا دحو ولا بسط ولا مد ولا تمهيد في يومي الأحد والإثنين، ثم سوى السموات السبع وما فيهن في الثلاثاء والأربعاء، ثم مد الأرض ودحاها وشق بحارها وأنهارها وثقلها بالجبال وجعل فيها فجاجا وأودية في الخميس والجمعة، ثم خلق آدم في آخر ساعة من يوم الجمعة أي سوى خلقه من التراب وتركه ولم ينفخ فيه الروح بدليل أول سورة الإنسان وما جاء في الأخبار أن إبليس كان يمر به ويتأمله ويفكر في خلقه، ويقول إنه أجوف لا يتمالك، وهكذا إلى أن أراد اللّه تعالى نفخ الروح فيه فنفخها وصار بشرا سويا، أو أنه خلقه في غير تلك الجمعة التي أتم فيها خلق السموات والأرض، بدليل خلق الجان الذين سكنوا الأرض قرونا كثيرة، ثم فسدوا وبغوا فأهلكهم اللّه ولم يبق منهم طائعا في الظاهر إلا إبليس بدلالة الآية 30 من البقرة في ج 3 فراجعها، وبعد أن خلق اللّه الحيوانات بأصرها والوحوش والأشجار وكل ما في الأرض خلق آدم أي نفخ فيه الروح، لأن كل ما في الأرض خلقه لأجله ولذريته.
هذا واعلم أن اللّه تعالى قادر على خلق الكون بما فيه وإبادته في لحظة واحدة، لأنه عبارة عن الأمر بلفظ كن فيكون بين الكاف والنون، قال تعالى: {إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} الآية 81 من سورة يس وهي مكررة كثيرا في القرآن في المعنى، وقال تعالى: {وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} الآية 20 من سورة القمر المارة في ج 1، وإنما القصد من خلقها في ستة أيام هو أنه جعل لكل شيء حدا محدودا لا يتعداه، فلا يدخل شيء من مخلوقاته في الوجود إلا بالوقت الذي قدره لدخوله، وانه ليعلّم خلقه التثبت في الأمر والتأني بفعله، قال صلّى اللّه عليه وسلم «التأني من اللّه والعجلة من الشيطان» وانه إذا جعل الشيء دفعة واحدة ظن وقوعه اتفاقيا، وإذا حدث تدريجيا شيئا فشيئا على سبيل المصلحة والحكمة كان أبلغ في القدرة وأقوى في الدلالة، والقول الفصل في هذا وأمثاله هو أن يقال إن أفعال اللّه لا تعلل، ومن علم أنه لا يسأل عما يفعل، وأيقن بالقدرة، وأن الحكيم لا يفعل شيئا إلا عن حكمة، وعلم أن اللّه أحكم الحاكمين حكما وحكمة، سكت وسلم فحفظ وغنم وسلم، وإلا فهو على خطر عظيم حفظنا اللّه ووقانا.
وهو القائل {وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ} كواكب مختلفة في الحجم والشكل واللون والضياء والسير {وَحِفْظًا} من الشيطان الذي يسترق السمع، راجع الآية 11 من سورة الصافات المارة {ذلِكَ} الصنع البديع والتقدير العظيم {تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} 12 البالغ علمه كل خفي وجلي العالم بشئون خلقه كلها وفيما أودعه في مكوناته من الحكم والمنافع والمصالح لعباده {فَإِنْ أَعْرَضُوا} عنك يا سيد الرسل بعد أن أبديت لهم ذلك ولم يعتبروا بما أبدعه ربك من الآيات الدالات على وحدانيته وعظيم سلطانه وبالغ قدرته {فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ} 13 وقرئ {صعقة} والصعق الموت خوفا، وذلك أن عادا أهلكوا بالريح وثمود بالصيحة، وإنما أهلكهم اللّه لأنهم حين {إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ} من كل جانب بمعنى أنهم بذلوا وسعهم وقصارى جهدهم بأنواع الإرشاد والنصح وأنذروهم {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} وحده واتركوا عبادة الأوثان {قالُوا} عنادا وعتوا إنا لا نطيع بشرا مثلنا {لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً} يدعوننا لعبادته لأن البشر لا يصلح للنيابة عن اللّه في الدعوة إليه {فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ} 14 لا نصدق بما جئتم به ونكذبكم لأنكم مثلنا لا فضل لكم علينا يؤهلكم لهذه الدعوة.

.مطلب قول رسول قريش لمحمد صلّى اللّه عليه وسلم وما رد عليه به حضرة الرسول والأيام النحسات:

قال ملأ من قريش وأبو جهل: قد التبس علينا أمر محمد فالتمسوا رجلا عاقلا عالما بالشعر والسحر والكهانة يكلمه ويأتينا ببيانه، فاتفقوا على عتبة بن ربيعة، فذهب إليه، وقال يا محمد أنت خير أم هاشم، أنت خير أم عبد المطلب، أنت خير أم عبد اللّه، فيم تشتم آلهتنا وتضلل آباءنا، فإن كان ما بك للرياسة عقدنا لك ألويتنا فكنت رئيسا ما بقيت، وإن كان ما بك من الباءة زوجناك عشر نساء تختارهن من بنات قريش كلها، وإن كان ما بك من المال جمعنا لك ما تستغني به أنت وعقبك من بعدك، والنبي صلّى اللّه عليه وسلم ساكت، فلما فرغ قال اسمع يا عتبة:
بسم اللّه الرحمن الرحيم حم حتى بلغ هذه الآية، فقام عتبة وأمسك على فيه، وناشده الرحم، ورجع إلى أهله، واحتبس عن قومه لما أدركه من مغزى ما تلاه عليه وقر لديه معناه، وما دخل في روعه من الخشية، فقال أبو جهل صبأ واللّه عتبة يا معشر قريش، وأعجبه طعام محمد لفاقته، هلم فانطلقوا إليه نؤنبه على ذلك، فلما وصلوا إليه قال له أبو جهل ما قال وزاد على التأنيب بأن قال له سنجمع لك من أموالنا ما يغنيك عن طعام محمد، فغضب عتبة وأقسم لا يكلم محمدا أبدا، وقال يا معشر قريش إني من أكثركم مالا، ولكن أتيته فكلمته، وذكر لهم ما قال له، فأجابني بشيء واللّه ما هو بسحر ولا شعر ولا كهانة، وقرأ عليهم ما سمعه منه، ولما قرأ {فَإِنْ أَعْرَضُوا} نهضت فأمسكت بقية وناشدته الرحم أن يكف، وقد علمتم أن محمدا إذا قال لم يكذب فخفت أن ينزل بكم العذاب، وهذا الذي ألزمني بيتي ما هو كما يقول أبو جهل، وأنتم تعلمون أني لست بذلك الرجل.
وهذا الخبر رواه البغوي بإسناد الثعلبي عن جابر بن عبد اللّه ونقله محمد بن كعب القرظي بزيادة، وقال إن عتبة كان سيدا حليما، وكانت هذه القصة بعد إسلام حمزة رضي اللّه عنه وتكاثر المسلمين، وقال أطيعوني يا معشر قريش واعتزلوه، فو اللّه ليكوننّ له نبأ، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه، وإن يظهر فعزّه عزكم، وأنتم أسعد الناس به.
قالوا سحرك واللّه، لقد جئت بغير الوجه الذي ذهبت به، قال هذا رأيي فاصنعوا ما بدا لكم، ولم يرد اللّه له، ولأبي جهل وجماعته الخير، فأصروا على عنادهم فهلكوا كفارا.
{فَأَمَّا عادٌ} قوم هود عليه السلام {فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} وتعاظموا على أهلها واستولوا على ما ليس لهم منها ظلما {وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} لينزعنا عنها، يهدّدون نبيهم بهذا القول حينما خوفهم عذاب اللّه معتمدين على ضخامة أجسادهم وقوة سواعدهم، قالوا كان أحدهم يقلع الشجرة من الأرض والصخرة من الجبل بيده، فرد اللّه عليهم بقوله عزّ قوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} لأنه قادر على إبادتهم بصيحة من أحد ملائكته، ولو شاء لانتزع قوتهم وجعلهم أضعف خلقه ولكنهم بغوا بما أنعم اللّه عليهم {وَكانُوا بِآياتِنا} التي أريناهم إياها {يَجْحَدُونَ} 15 ويكذبون قدرتنا مع اعترافهم بها {فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا} عاصفا شديدا باردا له صوت قاصف، وهذا أحد أسماء رياح العذاب، وعاصف وقاصف وعقيم، ورياح الرحمة لها أربعة أسماء أيضا: ناشرات ومبشرات ومرسلات وذاريات، ويأتي في القرآن العظيم ذكر الريح غير الموصوف للعذاب، والرياح للرحمة، كما أن المطر للعذاب، والغيث للرحمة، وكان ذلك الريح الصرصر {فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ} نكدات مشؤومات مغيرات للنعم مكدرات للعبش، قالوا كان أولها يوم الأربعاء من صفر، وآخرها الأربعاء من آخره، قالوا وما أنزل اللّه عذابا إلا يوم الأربعاء، وقدمنا ما يتعلق في هذا في الآية 20 من سورة القمر في ج 1 والآية 102 من سورة الصّافات والآية 22 من سورة الحجر المارتين، وذكرنا أنه لا قباحة للأيام، وأن الشؤم والقباحة بعمل أهلها، قال الأصمعي:
إن الجديدين في طول اختلافهما ** لا يفسدان ولكن يفسد الناس

وقال الآخر:
نعيب زماننا والعيب فينا ** وما لزماننا عيب سوانا

إلى أن قال: ولو نطق الزمان لقد هجانا راجع الآيتين 62، 51 من سورة الزمر المارة، ومنه تعلم أن النحس والسعد والصفاء والكدر بتقدير اللّه تعالى لا علاقة للأيام والنجوم والأمكنة وغيرها بذلك، واعلموا أيها الناس إنما أرسلنا عليهم هذا العذاب بالدنيا {لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ} بسبب استكبارهم فيها فيذلوا ويحتقروا {وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى} أشد إهانة وأكثر مهانة {وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ} 16 منه البتة وكل ما كان من اللّه لا رافع ولا مؤخر له.
قال تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ} قوم صالح {فَهَدَيْناهُمْ} ودللناهم على طريق النجاة بواسطة نبيهم {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى} اختاروا الكفر على الإيمان بطوعهم ورضاهم سوقا ورغبة ولم يلتفتوا لدعوة نبيهم عليه السلام ونبذوا نصحه وإرشاده وراء ظهورهم {فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ} داهية وقارعة الذل والمهانة {بِما كانُوا يَكْسِبُونَ} 17 في الدنيا من إهانة نبيهم واحتقار معجزته وهي الناقة إذ عقروها فعقرهم اللّه {وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا} منهم مع نبيهم {وَكانُوا يَتَّقُونَ} 18 التعدي عليه وعلى معجزته فأنجيناهم معه جزاء خشيتهم عقاب اللّه الدنيوي وخوفهم عذابه الأخروي.