فصل: فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

قال إلكيا هراسي:
سورة حم السجدة:
قوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} الآية: 34.
كان ذلك قبل فرض القتال.
قوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا} الآية: 44.
فيه دليل على أن القرآن بلغة العرب، وأنه ليس أعجميا وإذا نقل عن اللسان العربي إلى غيره لم يكن قرآنا. اهـ.

.من مجازات القرآن في السورة الكريمة:

.قال ابن المثنى:

سورة حم السّجدة:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
قوله: {وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها} (10) واحدها قوت وهى الأرزاق وما احتيج إليه.
{فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ} (10) مجاز نصبها مجاز المصدر..
{قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ} (11) هذا مجاز الموات والحيوان الذي يشبّه تقدير فعله بفعل الآدميين..
{وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظًا} (12) مجاز نصبها كنصب المصادر..
{فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا} (16) الشديدة الصوت العاصف، وقال ابن ميّادة:
أشاقك المنزل والمحضر ** أودت به ريدانة صرصر

{نَحِساتٍ} (16) ذوات نحوس أي مشاييم..
{الْعَذابِ الْهُونِ} (17) أي الهوان..
{يُوزَعُونَ} (19) يدفعون مجازها يفعلون من وزعت..
{كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (34) الحميم القريب..
{وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ} (37) أي خلق الليل والنهار والشمس والقمر فلما انتهى الكلام إلى الشمس والقمر وهما يعبدان نهى عن عبادتهما وأمر بعبادة الذي خلقهما وخلق الليل والنهار فصار هاهنا جميعا وجميع الحيوان ذكرا كان أو مؤنثا أو ذكرا مع مؤنث يخرج إلى التأنيث..
{اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ} (40) لم يأمرهم بعمل الكفر إنما هو توعد.
وفيه قال ابن حجر: ولى حميم القريب: كذا للأكثر وعند النسفي وقال معمر فذكره ومعمر هو إن المثنى أبو عبيدة وهذا كلامه قال في قوله كأنه. إلخ (فتح الباري 8: 421).
{مِنْ أَكْمامِها} (47) أي أوعيتها واحدها كمّة وهو ما كانت فيه وكم وكمّة واحد وجمعها أكمام وأكمّة..
{مِنْ مَحِيصٍ} (48) يقال: حاص عنه حاد عنه.
{يئوس} (49) فعول من يئست..
{قَنُوطٌ} (49) فعول من قنط ومجازهما واحد..
{أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ} (51) أي تباعد عنى..
{مِرْيَةٍ} (54) ومرية أي امتراء. اهـ.

.قال الشريف الرضي:

ومن حم وهي السورة التي تجب فيها السجدة:

.[سورة فصلت: آية 5]:

{وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ (5)} قوله تعالى: {وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ} (5) وهذه استعارة. والأكنّة جمع كنان، وهو الستر والغطاء. مثل: عنان، وأعنّة.
وسنان، وأسنّة.
وليس هناك على الحقيقة شيء مما أشاروا إليه. وإنما أخرجوا هذا الكلام مخرج الدلالة على استثقالهم ما يسمعونه من قوارع القرآن، وبواقع البيان. فكأنهم من قوة الزهادة فيه، وشدّة الكراهية له، قد وقرت أسماعهم عن فهمه، وأكنّت قلوبهم دون علمه.
وذلك معروف في عادات الناس أن يقول القائل منهم لمن يشنأ كلامه، ويستثقل خطابه: ما أسمع قولك، ولا أعى لفظك. وإن كان صحيح حاسّة السمع. إلا أنه حمل الكلام على الاستثقال والمقت.
وعلى هذا قول الشاعر:
وكلام سيّىء قد وقرت أذنى ** عنه وما بي من صمم

.[سورة فصلت: آية 11]:

{ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (11)}.
وقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ} (11). وهذه استعارة. فليس هناك- على الحقيقة- قول ولا جواب، وإنما ذلك عبارة عن سرعة تكوين السموات والأرض. كما قال تعالى: {إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ولو لم يكن المراد ما ذكرنا لكان في هذا الكلام أمر للمعدوم، وخطاب لغير الموجود. وذلك يستحيل من من فعل الحكيم سبحانه.
ومعنى قوله تعالى: {قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ} أنهما جرتا على المراد، ووقفتا عند الحدود والأقدار، من غير معاناة طويلة، ولا مشقة شديدة. فكانت في ذلك جارية مجرى الطائع المميّز إذا انقاد إلى ما أمر به، ووقف عند ما وقف عنده.
وقال بعضهم: معنى قوله سبحانه: {ائْتِيا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} أي: كونا على ما أريد منكما من لين وشدة، وسهل وحزونة، وصعب وذلول، ومبرم وسحيل.
والكره والشدة بمعنى واحد في اللغة العربية. يقول القائل منهم لغيره: أنا أكره فراقك. أي يصعب علىّ أن أفارقك.
وقال سبحانه: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} أي شديد عليكم. ومعنى الطوع هاهنا: التشهد والانقياد من غير إبطاء ولا اعتياص.
وإنما قال سبحانه: {قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ} لأنه جعل السموات والأرض كلّها كالواحدة والأرض جميعا كذلك، فحسن أن يعبر عنهما بعبارة الاثنين دون عبارة الجميع.
وأما قوله سبحانه: {قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ} فكان وجه الكلام أن يكون طائعتين، أو طائعات ردا على معنى التأنيث. فالمراد به- واللّه أعلم- عند بعضهم: قالتا أتينا بمن فينا من الخلق طائعين. فكان {طائعين} وصفا للخلق المميزين، لا وصفا للسموات والأرض.
وقال بعضهم: لمّا تضمّن الكلام ذكر السموات والأرض في الخطاب لهما، والكناية عنهما بما يخاطب به أهل التمييز ويكنى به عن السامعين الناطقين، أجريتا في رد الفعل إليهما مجرى العاقل اللبيب، والسامع المجيب. وذلك مثل قوله تعالى: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ} ولو أجرى اللفظ على حقيقته، وحمل على محجّته لقيل ساجدات. ولكن المراد بذلك لما كان ما أشرنا إليه حسن، أن يقال ساجدين، وطائعين.

.[سورة فصلت: آية 17]:

{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (17)}.
وقوله سبحانه: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى (17)} وهذه استعارة. والمراد بالعمى هاهنا ظلام البصيرة، والمتاه في الغواية. فإن ذلك أخفّ على الإنسان وأشد ملاءمة للطباع، من تحمل مشاق النظر، والتلجيج في غمار الفكر.

.[سورة فصلت: آية 23]:

{وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (23)}.
وقوله تعالى: {وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ} (23) وهذه استعارة. لأن الظن الذي ظنوه على الحقيقة لم يردهم بمعنى يهلكهم. وإنما أهلكهم اللّه سبحانه جزاء على ما ظنوه به من الظنون السيئة، ونسبوه إليه من الأفعال القبيحة. فلما كان ذلك الظن سببا في هلاكهم جاز أن ينسب إليه الهلاك الواقع بهم.

.[سورة فصلت: آية 39]:

{وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)}.
وقوله سبحانه: {وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ (39)} وهذه استعارة. وقد مضى الكلام على نظيرها في الحج. إلا أن هاهنا زيادة، وهى صفة الأرض بالخشوع، كما وصفت هناك بالهمود. واللفظان جميعا يرجعان إلى معنى واحد، وهو ما يظهر على الأرض من آثار الجدب، وأعلام المحل، فتكون كالإنسان الخاشع الذي قد سكنت أطرافه، وتطأطأ استشرافه.

.[سورة فصلت: الآيات 41- 42]:

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)}.
وقوله سبحانه: {وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (41)، (42) وهذه استعارة. وقد قيل فيها أقوال:
منها أن يكون المراد بذلك أن هذا الكتاب العزيز لا يشبهه شيء من الكلام المتقدم له، ولا يشبهه شيء من الكلام الوارد بعده. فهذا معنى: {مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ} لأنه لو أشبهه شيء من الكلام المتقدم أو الكلام المتأخر لأبطل معجزته، وفصم حجته.
فكأن الباطل قد أتاه من إحدى الجهتين المذكورتين، إما من جهة أمامه، وإما من جهة ورائه. وهذا معنى عجيب.
وقال بعضهم: معنى ذلك أنه لا تعلق به الشّبهة من طريق المشاكلة، ولا الحقيقة من جهة المناقضة، فهو الحق الخالص الذي لا يشوبه شائب، ولا يلحقه طالب.
وقال بعضهم: معنى ذلك أن الشيطان والإنسان لا يقدران على أن ينتقصا منه حقا، ولا يزيدا فيه باطلا.
وقال بعضهم: معنى ذلك أنه لا باطل فيه من الإخبار عمّا كان وما يكون. فكأنّ المراد بقوله سبحانه: {لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ} أي من جهة ما أخبر عنه من الأمور الواقعة.
وبقوله: {وَلا مِنْ خَلْفِهِ} أي من جهة ما أخبر عنه من الأمور المتوقعة.

.[سورة فصلت: آية 44]:

{وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُ ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (44)}.
وقوله سبحانه: {أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (44)} وهذه استعارة.
والمراد بها- واللّه أعلم- صفتهم بالتباعد عن طريق الرشد، والإعراض عن دعاء الحق.
كأنهم من شدة الذهاب بأسماعهم، والانصراف بقلوبهم ينادون من مكان بعيد. فالنداء غير مسمع لهم، ولا واصل إليهم. ولو سمعوه لضلّ عنهم فهمه، للصدّ المنفرج بينهم وبينه.

.[سورة فصلت: آية 51]:

{وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ (51)}.
وقوله سبحانه وتعالى: {وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ (51)} وهذه استعارة، والمراد بها صفة الدعاء بالسّعة والكثرة، وليس يراد العرض الذي هو ضد للطول. وذلك أن صفة الشيء بالعرض تفيد فيه معنى الطول، لأنه لو لم يكن مع العرض طول لكان العرض هو الطّول.
ألا ترى أنهم يصفون الرّمح بالطول، ولا يصفونه بالعرض إذ كان طوله أضعاف عرضه.
ويصفون الإزار بأنه عريض إذ كان عرضه مقاربا لطوله.
وقد استقصينا شرح ذلك في كتابنا الكبير، واقتصرنا منه هاهنا على البلغة الكافية، والنكتة الشافية. اهـ.