فصل: القراءات والوقوف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا فأخذهم الله} ثم ذكر تعالى من حزب المكذبين فرعون وهامان وقارون، وبسط القصة تنبيهًا على سوء عاقبة من عتند وجادل بالباطل وكذب الآيات، ثم قال تعالى بعد آيات {إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه} إذ الحول والقوة ليست لهم.
{فاستعذ بالله} [الأعراف: 200] من شرهم، فخلق غيرهم لة استبصروا أعظم من خلقهم {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس} [غافر: 57].
وهو غير آمنين من الأخذ من كلا الخلقين {إنما نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفًا من السماء} [سبأ: 9].
ثم قال تعالى بعد هذا: {ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنّى يصرفون} إن أمرهم لعجيب في صرفهم عن استيضاح الآيات بعد بيانها، ثم ذكر تعالى سوء حالهم في العذاب الأخروي وواهي اعتذارهم بقولهم: {ضلوا عنا بل لمن نكن ندعو من قبل شيئًا} [غافر: 74] ثم صبر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: {فاصبر إن وعد الله حق} [الروم: 60] ثم أعاد تنبيههم فقال تعالى: {أفلم يسيروا في الأرض} إلى ختم السورة، ولم يقع من هذا التنبيه الذي دارت عليه آي هذه السورة في سورة الزمر شيء ولا من تكرار التحذير من تكذيب الآيات، فلما بينت على هذا الغرض أعقبت بذكر الآية العظيمة التي تحديت بها العرب، وقامت بها حجة الله سبحانه على الخلق، وكان قيله لهم: احذروا ما قدم لكم، فقد جاءكم محمد صلى الله عليه وسلم بأوضح آية وأعظم برهان {تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنًا عربيًا لقوم يعلمون بشيرًا ونذيرًا} وتضمنت هذه السورة العظيمة من بيان عظيم الكتاب وجلالة قدره وكبير الرحمة به ما لا يوجد في غيرها من أقرانها كما أنها في الفصاحة تبهر العقول بأول وهلة، فلا يمكن العربي الفصيح في شاهد برهان أدنى توقف، ولا يجول في وهمه إلى معارضة بعض آيها أدنى تشوف، وأنه لكتاب عزيز {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ولو جعلناه قرآنًا أعجميًا لقالوا لولا فصلت آياته أعجمي وعربي} فوبخهم سبحانه وتعالى وأدحض حجتهم وأرغم باطلهم وبكَّت دعاويهم ثم قال: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في اذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد إنما يستجيب الذين يسمعون} وقرعهم تعالى في ركيك جوابهم عن واضح حجته بقولهم: {قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر} وقولهم: {لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه} وهذه شهادة منهم على أنفسهم بالانقطاع عن معارضته، وتسجيلهم بقوة عارضته، ثم فضحهم بقوله: {قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به} الآية، وتحملت السورة مع هذا بيان هلاك من عاند وكذب ممن كان قبلهم وأشد قوة منهم، وهم الذين قدم ذكرهم مجملًا في سورة غافر في آيتي: {أو لم يسيروا في الأرض}، {أفلم يسيروا} فقال تعالى مفصلًا لبعض ذلك الإجمال: {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود} ثم قال: {فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة} ثم قال تعالى: {فأرسلنا عليهم ريحًا صرصرًا} الاية، ثم قال: {وأما ثمود} فبين تعالى حالهم وأخذهم، فاعتضد التحام السورتين، واتصال المقصدين- والله أعلم- انتهى.
ولما كان حال الإنسان إن مال إلى جانب الخوف الهلع أو إلى جانب الرجاء البطر، فكان لا يصلحه إلا الاعتدال، بالتوسط الموصل إلى الكمال، بما يكون لطبعه بمنزلة حفظ الصحة ودفع المرض لبدنه، قال واصفًا ل {قرآنًا} {بشيرًا} أي لمن اتبع {ونذيرًا} أي لمن امتنع فانقطع.
روى أبو نعيم في الحلية في تلاجمة إمامنا الشافعي رضي الله عنه وأرضاه أنه روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجه أنه قال في خطبة له: وأعجب ما في الإنسان قلبه، وله مواد من الحكمة وأضداد من خلافها إن سنح له الرجاء ادلهمه الطمع، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص، وإن ملكه اليأس قتله الأسف، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ، وإن سعد بالرضى نسي التحفظ، وإن ناله الخوف شغله الحزن، وإن أصابته مصيبة قصمه الجزع، وإن أفاد مالًا أطغاه الغنى، وإن عضته فاقة شغله البلاء، وإن أجهده الجوع قعد به الضعف، فكل تقصير به مضر وكل إفراط به مفسد.
ولما كانت عادتهم دوام الاحتياط في كل بشارة ونذارة بأمر دنيوي، سبب عن هذا مخالفتهم لعادتهم في ترك الحزم بالجزم بالإعراض فقال: {فأعرض أكثرهم} أي عن تجويز شيء من بشائره أو نذائره فهم لذلك {لا يسمعون} أي يفعلون فعل من لا يسمع فهم لا يقبلون شيئًا مما دعا إليه وحث عليه.
ولما أخبر عن إعراضهم، أخبر عن مباعدتهم فيه فقال: {وقالوا} أي عند إعراضهم ممثلين لمباعدتهم في عدم قبولهم: {قلوبنا في أكنَّة} أي أغشية محيطة بها، ولما كان السياق في الكهف للعظمة كان الأنسب له أداة الاستعلاء فقال: {إنا جعلنا على قلوبهم أكنة} وعبروا هنا بالظرف إبعادًا لأن يسمعوا {مما} أي مبتدئة تلك الأغشية وناشئة من الأمر الذي {تدعونا} أيها المخبر بأنه نبي {إليه} فلا سبيل له إلى الوصول إليها لنفيه أصلًا.
ولما كان القلب أفهم لما يرد إليه من جهة السمع قالوا: {وفي آذاننا} التي هي أحد الطرق الموصلة إلى القلوب {وقر} أي ثقل قد أصمها عن سماعه {ومن بيننا وبينك} أي مبتدئ من الحد الذي فصلك منا والحد الذي فصلنا منك في منتصف المسافة قي ذلك {حجاب} ساتر كثيف، فنحن لا نراك لنفهم عنك بالإشارة، فانسدت طرق الفهم لما نقول {فاعمل} أي بما تدين به.
ولما كان تكرار الوعظ موضعًا للرجاء في رجوع الموعوظ قطعوا ذلك الرجاء بالتأكيد بأداته، وزادوه بالنون الثالثة والتعبير بالاسمية فقالوا: {إننا عاملون} أي بما ندين به فلا مواصلة بيينا بوجه ليستحي أحد منا من الآخر في عمله أو يرجع إليه، ولو قال: وبيننا من غير من لأفهم أن البينين بأسرهما حجاب، فكان كل من الفريقين ملاصقًا لبينه، وهو نصف الفراغ الحاصل بينه وبين خصمه، فيكون حينئذ كل فريق محبوسًا بحجابة لا يقدر على عمل فينا في ما بعده أو يكون بينهما اتصال أقله بالإعلام بطرق من أراد من المتباينين الحجاب، فأفادت من التبعيض مع إفادة الابتداء، فإنهم لا يثبتون الحجاب في غير أمور الدين. اهـ.

.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{سواء} بالرفع: يزيد.
وقرأ يعقوب بالجر. الباقون: بالنصب {نحسات} بسكون الحاء: ابن كثير وأبو عمرو ونافع وسهل ويعقوب {وأما ثمود} بالنصب: المفضل {نحشر} بالنون {أعداء} بالنصب: نافع ويعقوب. الآخرون: بالياء مجهولًا {أعداء} مرفوعًا.

.الوقوف:

{حم} كوفي {الرحيم} o ج لأن قوله: {كتاب} يصلح أن يكون بدلًا من {تنزيل} وأن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هو كتاب. ويجوز أن يكون {تنزيل} هو مع وصفه مبتدأ {وكتاب} خبره {يعلمون} o ج لأن {وبشيرًا} صفة أخرى ل {قرآنًا} {ونذيرًا} o ج لاختلاف الجملتين {لا يسمعون} o {عاملون} o {واستغفروه} ج {للمشركين} o لا {كافرون} o {ممنون} o {وأندادًا} ط {العالمين} o لا للآية مع العطف {أيام} ط لمن نصب {سواء} أو رفع ومن خفض لم يقف {للسائلين} o {كرهًا} ط {طائعين} o {أمرها} ج للعدول {بمصابيح} ج لحق المحذوف أي وحفظناها حفظًا ولعل الوصل أولى لما يجيء {وحفظًا} o {العليم} o {وثمود} o بناء على أن {إذ} يتعلق بمحذوف هو اذكر أو بمعنى الفعل في الصاعقة أي يصعقون إذ ذاك، ولا يجوز أن يتعلق ب {أنذرتكم} {إلا الله} ط {كافرون} o {منا قوّة} ط {منهم قوّة} ط للفصل بين الإخبار والاستخبار {يجحدون} o {الدنيا} ج {لا ينصرون} o {يكسبون} o {يتقون} o {يوزعون} o {يعملون} o {علينا} ط {ترجعون} o {تعملون} o {الخاسرين} o {مثوى لهم} ط {المعتبين} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2)} اعلم أن في أول هذه السورة احتمالات أحدها: وهو الأقوى أن يقال حام اسم للسورة وهو في موضع المبتدأ وتنزيل خبره، وثانيها: قال الأخفش: تنزيل رفع بالابتداء وكتاب خبره، وثالثها: قال الزجاج: تنزيل رفع بالابتداء وخبره كتاب فصلت آياته ووجهه أن قوله: {تَنزِيلَ} تخصص بالصفة وهو قوله: {مِّنَ الرحمن الرحيم} فجاز وقوعه مبتدأ.
واعلم أنه تعالى حكم على السورة المسماة بحام بأشياء أولها: كونه تنزيلًا والمراد المنزّل والتعبير عن المفعول بالمصدر مجاز مشهور، يقال هذا بناء الأمير أي مبنيه، وهذا الدرهم ضرب السلطان أي مضروبه، والمراد من كونها منزلًا أن الله تعالى كتبها في اللوح المحفوظ وأمر جبريل عليه السلام بأن يحفظ تلك الكلمات ثم ينزل بها على محمد صلى الله عليه وسلم ويبلغها إليه، فلما حصل تفهيم هذه الكلمات بواسطة نزول جبريل عليه السلام سمي لذلك تنزيلًا وثانيها: كون التنزيل من الرحمن الرحيم، وذلك يدل على كون التنزيل نعمة عظيمة من الله تعالى لأن الفعل المقرون بالصفة لابد وأن يكون مناسبًا لتلك الصفة، فكونه تعالى رحمانًا رحيمًا صفتان دالتان على كمال الرحمة، فالتنزيل المضاف إلى هاتين الصفتين لابد وأن يكون دالًا على أعظم وجوه النعمة، والأمر في نفسه كذلك، لأن الخلق في هذا العالم كالمرضى والزمنى والمحتاجين، والقرآن مشتمل على كل ما يحتاج إليه المرضى من الأدوية وعلى كل ما يحتاج إليه الأصحاء من الأغذية، فكان أعظم النعم عند الله تعالى على أهل هذا العالم إنزال القرآن عليهم وثالثها: كونه كتابًا وقد بينا أن هذا الاسم مشتق من الجمع وإنما سمي كتابًا لأنه جمع فيه علوم الأولين والآخرين ورابعها: قوله: {فُصّلَتْ ءاياته} والمراد أنه فرقت آياته وجعلت تفاصيل في معان مختلفة فبعضها في وصف ذات الله تعالى وشرح صفات التنزيه والتقديس وشرح كمال علمه وقدرته ورحمته وحكمته وعجائب أحوال خلقه السموات والأرض والكواكب وتعاقب الليل والنهار وعجائب أحوال النبات والحيوان والإنسان، وبعضها في أحوال التكاليف المتوجهة نحو القلوب ونحو الجوارح، وبعضها في الوعد والوعيد والثواب والعقاب درجات أهل الجنة ودرجات أهل النار، وبعضها في المواعظ والنصائح وبعضها في تهذيب الأخلاق ورياضة النفس، وبعضها في قصص الأولين وتواريخ الماضين، وبالجملة فمن أنصف علم أنه ليس في يد الخلق كتاب اجتمع فيه من العلوم المختلفة والمباحث المتباينة مثل ما في القرآن وخامسها: قوله: {قُرْءَانًا} والوجه في تسميته قرآنًا قد سبق وقوله تعالى: {قُرْءانًا} نصب على الاختصاص والمدح أي أُريد بهذا الكتاب المفصل قرآنًا من صفته كيت وكيت، وقيل هو نصب على الحال وسادسها: قوله: {عَرَبِيًّا} والمعنى أن هذا القرآن إنما نزل بلغة العرب وتأكد هذا بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: 4] وسابعها: قوله تعالى: {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} والمعنى إنا جعلناه عربيًا لأجل أنا أنزلناه على قوم عرب فجعلناه بلغة العرب ليفهموا منه المراد، فإن قيل قوله: {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} متعلق بماذا؟ قلنا يجوز أن يتعلق بقوله: {تَنزِيلٌ} أو بقوله: {فُصِّلَتْ} أي تنزيل من الله لأجلهم أو فصلت آياته لأجلهم، والأجود أن يكون صفة مثل ما قبله وما بعده، أي قرآنًا عربيًا كائنًا لقوم عرب، لئلا يفرق بين الصلات والصفات وثامنها وتاسعها: قوله: {بَشِيرًا وَنَذِيرًا} يعني بشيرًا للمطيعين بالثواب ونذيرًا للمجرمين بالعقاب، والحق أن القرآن بشارة ونذارة إلا أنه أطلق اسم الفاعل عليه للتنبيه على كونه كاملًا في هذه الصفة، كما يقال شعر شاعر وكلام قائل.
الصفة العاشرة: كونهم معرضين عنه لا يسمعون ولا يلتفتون إليه، فهذه هي الصفات العشرة التي وصف الله القرآن بها، ويتفرع عليها مسائل:
المسألة الأولى:
القائلون بخلق القرآن احتجوا بهذه الآية من وجوه الأول: أنه وصف القرآن بكونه تنزيلًا ومنزلًا والمنزل والتنزيل مشعر بالتصيير من حال، فوجب أن يكون مخلوقًا الثاني: أن التنزيل مصدر والمصدر هو المفعول المطلق باتفاق النحويين الثالث: المراد بالكتاب إما الكتاب وهو المصدر الذي هو المفعول المطلق أو المكتوب الذي هو المفعول الرابع: أن قوله: {فُصّلَتْ} يدل على أن متصرفًا يتصرف فيه بالتفصيل والتمييز، وذلك لا يليق بالقديم الخامس: أنه إنما سمي قرآنًا لأنه قرن بعض أجزائه بالبعض وذلك يدل على كونه مفعول فاعل ومجعول جاعل السادس: وصفه بكونه عربيًا، وإنما صحت هذه النسبة لأجل أن هذه الألفاظ إنما دخلت على هذه المعاني بحسب وضع العرب واصطلاحاتهم، وما جعل بجعل جاعل وفعل فاعل فلابد وأن يكون محدثًا ومخلوقًا الجواب: أن كل هذه الوجوه التي ذكرتموها عائدة إلى اللغات وإلى الحروف والكلمات، وهي عندنا محدثة مخلوقة، إنما الذي ندعي قدمه شيء آخر سوى هذه الألفاظ، والله أعلم.
المسألة الثانية:
ذهب أكثر المتكلمين إلى أنه يجب على المكلف تنزيل ألفاظ القرآن على المعاني التي هي موضوعة لها بحسب اللغة العربية، فأما حملها على معان أُخر لا بهذا الطريق فهذا باطل قطعًا، وذلك مثل الوجوه التي يذكرها أهل الباطن، مثل أنهم تارة يحملون الحروف على حساب الجمل وتارة يحملون كل حرف على شيء آخر، وللصوفية طرق كثيرة في الباب ويسمونها علم المكاشفة والذي يدلل على فساد تلك الوجوه بأسرها قوله تعالى: {قُرْءَانًا عَرَبِيًّا} وإنما سماه عربيًا لكونه دالًا على هذه المعاني المخصوصة بوضع العرب وباصطلاحاتهم، وذلك يدل على أن دلالة هذه الألفاظ لم تحصل إلا على تلك المعاني المخصوصة، وأن ما سواه فهو باطل.
المسألة الثالثة:
ذهب قوم إلى أنه حصل في القرآن من سائر اللغات كقوله: {إِسْتَبْرَقٍ} [الكهف: 31] و{سِجّيلٍ} [هود: 82] فإنهما فارسيان، وقوله: {مشكاة} [النور: 35] فإنها من لغة الحبشة وقوله: {قسطاس} [الإسراء: 35] فإنه من لغة الروم والذي يدل على فساد هذا المذهب قوله: {قُرْءَانًا عَرَبِيًّا}، وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: 4].
المسألة الرابعة:
قالت المعتزلة لفظ الإيمان والكفر والصلاة والزكاة والصوم والحج ألفاظ شرعية لا لغوية، والمعنى أن الشرع نقل هذه الألفاظ عن مسمياتها اللغوية الأصلية إلى مسميات أخرى، وعندنا أن هذا باطل، وليس للشرع تصرف في هذه الألفاظ عن مسمياتها إلا من وجه واحد، وهو أنه خصص هذه الأسماء بنوع واحد من أنواع مسمياتها مثلًا، الإيمان عبارة عن التصديق فخصصه الشرع بنوع معين من التصديق، والصلاة عبارة عن الدعاء فخصصه الشرع بنوع معين من الدعاء، كذا القول في البواقي ودليلنا على صحة مذهبنا قوله تعالى: {قُرْءانًا عَرَبِيًّا}، وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ}.