فصل: قال أبو السعود في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وبارك فيها}: أكثر فيها خيرها.
{وقدر فيها أقواتها}: أي أرزاق ساكنيها ومعايشهم، وأضافهما إلى الأرض من حيث هي فيها وعنها برزت، قاله السدي.
وقال قتادة: أقواتها من الجبال والأنهار والأشجار والصخور والمعادن، والأشياء التي بها قوام الأرض ومصالحها.
وقال مجاهد: أقواتها من المطر والمياه.
وقال عكرمة والضحاك ومجاهد أيضًا: خصائصها التي قسمها في البلاد مما خص به كل إقليم، فيحتاج بعضها إلى بعض في التفوّت من الملابس والمطاعم والنبات.
{في أربعة أيام}: أي في تمام أربعة أيام باليومين المتقدمين.
وقال الزمخشري {في أربعة أيام}، فذلكة لمدة خلق الله وما فيها، كأنه قال: كل ذلك في أربعة أيام كاملة مستوية بلا زيادة ولا نقصان.
وقال الزجاج: في تتمة أربعة أيام، يريد بالتتمة اليومين.
انتهى، وهذا كما تقول: بنيت جدار بيتي في يوم، وأكملت جميعه في يومين، أي بالأول.
وقال أبو عبد الله الرازي: ويفقه من كلام الزمخشري في أربعة أيام فائدة زائدة على قوله في يومين، لأن قوله في يومين لا يقتضي الاستغراق لذلك العمل.
أما لما ذكر خلق الأرض وخلق هذه الأشياء، ثم قال في أربعة أيام سواء، دل على أن هذه الأيام مستغرقة في تلك الأعمال من غير زيادة ونقصان. انتهى.
ولا فرق بين يومين وأربعة أيام بالنسبة إلى الاستغراق، فإن كانت أربعة تقتضي الاستغراق، وكذلك اليومين يقتضيانه، ومتى كان الظرف معدودًا، كان العمل في جميعه، إما على سبيل التعميم، نحو: سرت يومين، وقد يكون في بعض كل يوم منها، نحو: تهجدت ليلتين، فاحتمل الاستغراق، واحتمل في بعض كل واحد من الليلتين؛ وإذا كان كذلك، احتمل أن يكون وقع الخلق للأرض في بعض كل واحد من اليومين، واحتمل أن يكون اليومين مستغرقين لخلقها، فكذلك في أربعة أيام يحتمل الاستغراق، وأن يكون خلق الأرض والجبال والبركة وتقدير الأقوات وقع في بعض كل يوم من الأربعة، فما قاله أبو عبد الله الرازي لم تظهر به فائدة زائدة.
وقرأ الجمهور: {سواء} بالنصب على الحال؛ وأبو جعفر بالرفع: أي هو سواء، وزيد بن عليّ والحسن وابن أبي إسحاق وعمرو بن عبيد وعيسى ويعقوب: بالخفض نعتًا لأربعة أيام.
قال قتادة والسدي: معناه سواء لمن سأل عن الأمر واستفهم عن حقيقة وقوعه وأراد العبرة منه، فإنه يجده كما قال تعالى.
وقال ابن زيد وجماعة: معناه متسوٍ مهيأ.
أمر هذه المخلوقات ونفعها للمحتاجين إليها من البشر، فعبر بالسائلين عن الطالبين لأنهم من شأنهم ولابد طلب ما ينتفعون به، إذ هم بحال حاجة.
وقال الزمخشري: فإن قلت: بم تعلق قوله: {للسائلين}؟ قلت: بمحذوف، كأنه قيل هذا الحصر لأجل من سأل في كم خلقت الأرض وما فيها، أو يقدر، أو قدر فيها أقواتها لأجل الطالبين لها المحتاجين المقتاتين.
انتهى، وهو راجع لقول المفسرين المتقدمين.
ولما شرح تخليق الأرض وما فيها، أتبعه بتخليق السماء فقال: {ثم استوى إلى السماء}: أي قصد إليها وتوجه دون إرادة تأثير في غيرها، والمعنى: إلى خلق السماء.
والظاهر أن المادة التي خلقت منها السماء كانت دخانًا.
وفي أول الكتاب الذي يزعم اليهود أنه التوراة إن عرشه تعالى كان على الماء قبل خلق السموات والأرض، فأحدث الله في ذلك سخونة، فارتفع زبد ودخان، أما الزبد فبقي على وجه الماء، فخلق الله منه اليبوسة وأحدث منه الأرض؛ وأما الدخان فارتفع وعاد فخلق الله منه السموات.
وفيه أيضًا أنه خلق السماء من أجزاء مظلمة. انتهى.
وروي أنها كانت جسمًا رخوًا كالدخان أو البخار.
قال ابن عطية: هنا لفظ متروك يدل عليه الظاهر، وتقديره: فأوجدها وأتقنها وأكمل أمورها، وحينئذ {قال لها وللأرض ائتيا}.
انتهى، فجعل ابن عطية هذه المحاورة بين الباري تعالى والأرض والسماء بعد خلق الأرض والسماء، ورجح قول من ذهب إلى أنهما نطقتا نطقًا حقيقيًا، وجعل الله لهما حياة وإدراكًا يقتضي نطقهما، بعد أن ذكر أن المفسرين منهم من ذهب إلى أن ذلك مجاز، وأنه ظهر منهما عن اختيار الطاعة والتذلل والخضوع ما هو بمنزلة القول، قال: والقول الأول أحسن، لأنه لا شيء يدفعه، وأن العبرة فيه أتم، والقدرة فيه أظهر. انتهى.
وقال الزمخشري: ويعني أمر السماء والأرض بالإتيان وامتثالهما أنه أراد تكوينهما، فلم يمتنعا عليه، ووجدتا كما أرادهما، وجاءتا في ذلك كالمأمور المطيع، إذ أورد عليه فعل الآمر فيه.
على أن الله تعالى كلم السماء والأرض وقال لهما: {ائتيا}، شئتما ذلك أو أبيتما، فقالتا: آتينا على الطوع لا على الكره.
والغرض تصوير أثر قدرته في المقدورات لا غير، من غير أن يحقق شيء من الخطاب والجواب، ونحوه قول القائل: قال الجدار للوتد: لم تشقني؟ قال الوتد: سل من يدقني، فلم يتركني وراء الحجر الذي ورائي.
فإن قلت: لم ذكر السماء مع الأرض وانتظمهما في الأمر بالإتيان، والأرض مخلوقة قبل السماء بيومين؟ قلت: قد خلق جرم الأرض أولًا غير مدحوة، ثم دحاها بعد خلق السماء، كما قال: {والأرض بعد ذلك دحاها} فالمعنى: ائتيا على ما ينبغي أن تأتيا عليه من الشكل والوصف؛ ائت يا أرض مدحوة قرارًا ومهادًا لأهلك، وائت يا سماء مقببة سقفًا لهم.
ومعنى الإتيان: الحصول والوقوع، كما يقول: أتى عمله مرضيًا مقبولًا.
ويجوز أن يكون المعنى: لتأت كل واحدة صاحبتها الإتيان الذي أريده وتقتضيه الحكمة، والتدبير من كون الأرض قرارًا للسماء، وكون السماء سقفًا للأرض، وينصره قراءة من قرأ: {أتيا} و{أتينا} من المواتاة، وهي الموافقة، أي لتوات كل واحدة أختها ولتوافقها، {قالتا} وافقنا وساعدنا.
ويحتمل وافقا أمري ومشيئتي ولا تمتنعا.
فإن قلت: ما معنى {طوعًا أو كرهًا} ؟ قلت: هو مثل للزوم تأثير قدرته فيهما، وأن امتناعهما من تأثير قدرته محال، كما يقول الجبار لمن يحب بلوه: لتفعلن هذا شئت أو أبيت، ولتفعلنه طوعًا أو كرهًا.
وانتصابهما على الحال بمعنى طائعتين أو مكرهتين.
فإن قلت: هلا قيل طائعتين على اللفظ أو طائعتان على المعنى لأنهما سموات وأرضون؟ قلت: لما جعلت مخاطبات ومجيبات، ووصفت بالطوع والكره، قيل: طائعين في موضع طائعات نحو قوله: ساجدين. انتهى.
وقرأ الجمهور: {ائتيا} من الإتيان، أي ائتيا أمري وإرادتي.
وقرأ ابن عباس وابن جبير ومجاهد: {أتيا} على وزن فعلا، قالتا: أتينا على وزن فعلنا، من آتى يؤتى، كذا قال ابن عطية، قال: وذلك بمعنى أعطيا من أنفسكما من الطاعة ما أردته منكما، والإشارة بهذا كله إلى تسخيرها وما قدره الله من أعمالها. انتهى.
وتقدم في كلام الزمخشري أنه جعل هذه القراءة من المواتاة، وهي الموافقة، فيكون وزن آتيا: فاعلًا، وآتينا: فاعلنا، وتقدمه إلى ذلك أبو الفضل الرازي قال: آتينا بالمد على فاعلنا من المواتاة، ومعناه: سارعنا على حذف المفعول منه، ولا يجوز أن يكون من الإيتاء الذي هو الإعطاء لبعد حذف مفعوله. انتهى.
وقرأ الأعمش: {أو كرهًا} بضم الكاف، والأصح أنه لغة في الإكراه على الشيء الموقوع التخيير بينه وبين الطواعية، والأكثر أن الكره بالضم معناه المشقة.
قال ابن عطية: وقوله قالتا، أراد الفرقتين المذكورتين: جعل السموات سماء، والأرضين أرضًا، وهذا نحو قول الشاعر:
ألم يحزنك أن حبال قومي ** وقومك قد تباينتا انقطاعًا

وعبر عنها بتباينتا. انتهى.
هذا وليس كما ذكر، لأنه إنما تقدم ذكر الأرض مفردة والسماء مفرد لحسن التعبير عنهما بالتثنية، والبيت هو من وضع الجمع موضع التثنية، كأنه قال: ألم يحزنك أن حبلى قومي وقومك؟ ولذلك ثنى في قوله: تباينتا، وأنث على معنى الحبل، لأنه لا يريد به الحبل حقيقة، إنما عنى به الذمة والمودة التي كانت بين قومهما.
والظاهر من هذه الآية أنه خلق الأرض وجعل فيها الرواسي وبارك فيها، ثم أوجد السماء من الدخان فسواها سبع سموات، فيكون خلق الأرض متقدمًا على خلق السماء، ودحو الأرض غير خلقها، وقد تأخر عن خلق السماء، وقد أورد على هذا أن جعل الرواسي فيها والبركة.
وتقدير الأقوات لا يمكن إدخالها في الوجود إلا بعد أن صارت الأرض موجودة.
وقوله: {وبارك فيها وقدر فيها أقواتها} مفسر بخلق الأشجار والنبات والحيوان فيها، ولا يمكن ذلك إلا بعد صيرورتها منبسطة.
ثم قال بعد: {ثم استوى إلى السماء}، فاقتضى خلق السماء بعد خلق الأرض ودحوها.
وأورد أيضًا أن قوله تعالى للسماء وللأرض: {ائتيا طوعًا أو كرهًا}، كناية عن إيجادهما، فلو سبق إيجاد الأرض على إيجاد السماء لاقتضى إيجاد الموجود بأمره للأرض بالإيجاد، وهو محال، وقد انتهى هذا الإيراد.
ونقل الواحدي في البسيط عن مقاتل أنه قال: خلق الله السماء قبل الأرض، وتأول قوله: {ثم استوى إلى السماء وهي دخان} قبل أن يخلق الأرض، فأضمر فيه كان، كما قال تعالى: {إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل} معناه: إن يكن سرق. انتهى.
وقال أبو عبد الله الرازي: فقدر ثم كان قد استوى جمع بين ضدين، لأن ثم تقتضي التأخر، وكان تقتضي التقدم، فالجمع بينهما يفيد التناقض، ونظيره: ضربت زيدًا اليوم، ثم ضربت عمرًا أمس.
فكما أن هذا باطل، فكذلك ما ذكر يعني من تأويل ثم كان قد استوى، قال: والمختار عندي أن يقال: خلق السماء مقدم على خلق الأرض.
وتأويل الآية أن الخلق ليس عبارة عن التكوين، والإيجاد يدل عليه قوله: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون} وهذا محال، لا يقال للشيء الذي وجد كن، بل الخلق عبارة عن التقدير، وهو في حقه تعالى حكمه أن سيوجد، وقضاؤه بذلك بمعنى خلق الأرض في يومين، وقضاؤه بأن سيحدث كذا، أي مدة كذا، لا يقتضي حدوثه ذلك في الحال، فلا يلزم تقديم إحداث الأرض على إحداث السماء. انتهى.
والذي نقوله: أن الكفار وبخوا وقرعوا بكفرهم بمن صدرت عنه هذه الأشياء جميعها من غير ترتيب زماني، وأن ثم لترتيب الأخبار لا لترتيب الزمان، والمهلة كأنه قال: فالذي أخبركم أنه خلق الأرض وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها، ثم أخبركم أنه استوى إلى السماء، فلا تعرض في الآية لترتيب، أي ذلك وقع الترتيب الزماني له.
ولما كان خلق السماء أبدع في القدرة من خلق الأرض، ألف الأخبار فيه بثم، فصار كقوله: {ثم كان من الذين آمنوا} بعد قوله: {فلا اقتحم العقبة} ومن ترتيب الأخبار {ثم آتينا موسى الكتاب} بعد قوله: {قل تعالوا أتل} ويكون قوله تعالى: {فقال لها وللأرض}، بعد إخباره بما أخبر به، تصويرًا لخلقهما على وفق إرادته تعالى، كقولك: أرأيت الذي أثنيت عليه فقلت إنك عالم صالح؟ فهذا تصوير لما أثنيت به وتفسير له.
فكذلك أخبر بأنه خلق كيت وكيت، فحد ذلك إيجادًا لم يتخلف عن إرادته.
ويدل على أنه المقصود الإخبار بوقوع هذه الأشياء من غير ترتيب زماني قوله في الرعد: {الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها} الآية، ثم قال بعد: {وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارًا} الآية.
وظاهر الآية التي نحن فيها جعل الرواسي، وتقدير الأقوات قبل الاستواء إلى السماء وخلقها، ولكن المقصود في الآيتين الإخبار بصدور ذلك منه تعالى من غير تعرض لترتيب زماني، وما جاء من ذلك مقصورًا على يومين أو أربعة أو ستة إنما المعنى في مقدار ذلك عندكم، لا أنه كان وقت إيجاد ذلك زمان.
{فقضاهن سبع سموات}: أي صنعهن وأوجدهن، كقول ابن أبي ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما ** داود أو صنع السوابغ تبع

وعلى هذا انتصب سبع على الحال.
وقال الحوفي: مفعول ثان، كأنه ضمن قضاهن معنى صيرهن فعداه إلى مفعولين، وقال الزمخشري: ويجوز أن يكون ضميرًا مبهمًا سبع سموات على التمييز.
ويعني بقوله مبهمًا، ليس عائدًا على السماء، لا من حيث اللفظ ولا من حيث المعنى، بخلاف الحال أو المفعول الثاني، فإنه عائد على السماء على المعنى.
{وأوحي في كل سماء أمرها}، قال مجاهد وقتادة: وأوحى إلى سكانها وعمرتها من الملائكة وإليها هي في نفسها ما شاء تعالى من الأمور التي هي قوامها وصلاحها، وقاله السدي وقتادة: ومن الأمور التي هي بغيرها مثل ما فيها من جبال البرد ونحوها، وأضاف الأمر إليها من حيث هو فيها.
وقال الزمخشري: أمرها ما أمر به فيها ودبره من خلق الملائكة والنيرات وغير ذلك.
{وحفظًا}: أي وحفظناها حفظًا من المسترقة بالثواقب، ويجوز أن يكون مفعولًا له على المعنى، كأنه قال: وخلقنا المصابيح زينة وحفظًا انتهى.
ولا حاجة إلى هذا التقدير الثاني، وتكلفه مع ظهور الأول وسهولته ذلك إشارة إلى جميع ما ذكر، أي أوجده بقدرته وعزه وعلمه. اهـ.

.قال أبو السعود في الآيات السابقة:

{حم} إنْ جُعلَ إسمًا للسورةِ فهو إما خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ وهو الأظهرُ لما مرَّ مِنْ سرِّه مِرارًا أو مبتدأٌ خبرُهُ {تَنزِيلَ} وهو عَلى الأولِ خبرٌ بعدَ خبرٍ، وخبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ إن جُعلَ مسرودًا على نمطِ التعديدِ وقولُه تعالى: {مّنَ الرحمن الرحيم} متعلقٌ به مؤكدٌ لما أفاده التنوينُ من الفخامةِ الذاتيةِ بالفخامة الإضافيةِ، أو خبرٌ آخرُ. أو تنزيلٌ مبتدأٌ لتخصصِه بالصفةِ خبرُهُ {كِتَابٌ} وهو على الوجوهِ الأُوَل بدلٌ منه أو خبرٌ آخرُ أو خبرٌ لمحذوفٍ. ونسبةُ التنزيلِ إلى الرحمن الرحيمِ للإيذانِ بأنه مدارٌ للمصالحِ الدينيةِ والدنيويةِ، واقعٌ بمقتضى الرحمةِ الربانيةِ حسبما ينبىءُ عنه قولُه تعالى: {وَمَا أرسلناك إِلاَّ رَحْمَةً للعالمين} {فُصّلَتْ ءاياته} ميزتْ بحسبِ النظمِ والمَعنْى وجُعلتْ تفاصيلَ في أساليبَ مختلفةٍ ومعانٍ متغايرةٍ من أحكامٍ وقصصٍ ومواعظَ وأمثالٍ ووعدٍ ووعيد. وقُرئ {فُصِلَتْ} أي فَرَقتْ بينَ الحقِّ والباطلِ، أو فُصلَ بعضُها من بعضٍ باختلافِ الأساليبِ والمعانِي من قولكَ فُصلَ من البلدِ فُصُولًا {قُرْءانًا عَرَبِيًّا} نصبٌ على المدحِ أو الحاليةِ من كتابٌ لتخصصه بالصفة أو من آياته {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} أي معانيَهُ لكونِه على لسانِهم، وقيلَ لأهل العلم والنظر، لأنهم المنتفعونَ به. واللامُ متعلقةٌ بمحذوفٍ هو صفةٌ أُخْرى لقرآنًا، أي كائنًا لقومٍ الخ، أو بتنزيلٌ على أنَّ منَ الرحمن الرحيمِ ليستْ بصفة له أو بفصِّلَتْ {بَشِيرًا وَنَذِيرًا} صفتانِ أُخريانِ لقرآنًا أي بشيرًا لأهل الطاعة ونذيرًا لأهل المعصية، أو حالانِ منْ كتابٌ، أو من آياتِه. وقُرِئَا بالرفع على الوصفية لكتابٌ أو الخبريةِ لمحذوف {فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ} عنْ تدبره مع كونه على لغتهم {فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ} سماعَ تفكرٍ وتأملٍ حتى يفهمُوا جلالَة قدرِه فيؤمنُوا به.