فصل: قال السمرقندي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ويكون فعل {تُرْجَعُونَ} مستعملًا في الاستقبال على أصله، والكلام استدلال على إمكان البعث.
قال تعالى: {أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد} [ق: 15].
وتقديم متعلق {تُرْجَعُونَ} عليه للاهتمام ورعاية الفاصلة.
{وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ} قلّ من تصدى من المفسرين لبيان اتصال هذه الآيات الثلاث بما قبلها، ومن تصدّى منهم لذلك لم يأت بما فيه مقْنع، وأوْلى كلام في ذلك كلام ابن عطية ولكنه وَجيز وغير محرر وهو وبعض المفسرين ذكروا سببًا لنزولها فزادوا بذلك إشكالًا وما أبانوا انفصالًا.
ولنبدأ بما يقتضيه نظم الكلام، ثم نأتي على ما روي في سبب نزولها بما لا يفضي إلى الانفصام.
فيجوز أن تكون جملة {وَمَا كُنتُم تَسْتتِرُونَ} بتمامها معطوفة على جملة {وَهُوَ خَلَقَكُم أوَّلَ مَرَّةٍ} [فصلت: 21] إلخ فتكون مشمولة للاعتراض متصلة بالتي قبلها على كلا التأويلين السابقين في التي قبلها.
ويجوز أن تكون مستقلة عنها: إمّا معطوفة على جملة {وَيَوْمَ نَحْشُر أعْدَاءَ الله إلى النَّارِ} [فصلت: 19] الآيات، وإما معترضة بين تلك الجملة وجملةِ {فَإِنْ يَصبِرُوا فالنَّارُ مَثْوَىً لَهُم} [فصلت: 24]، وتكون الواو اعتراضية، ومناسبة الاعتراض ما جرى من ذكر شهادة سمعهم وأبصارهم وجلودهم عليهم.
فيكون الخطاب لجميع المشركين الأحياء في الدنيا، أو للمشركين في يوم القيامة.
وعلى هذه الوجوه فالمعنى: ما كنتم في الدنيا تخفون شرككم وتستترون منه بل كنتم تجهرون به وتفخرون باتباعه فماذا لومكم على جوارحكم وأجسادكم أن شهدت عليكم بذلك فإنه كان أمرًا مشهورًا فالاستتار مستعمل في الإخبار مجازًا لأن حقيقة الاستتار إخفاء الذوات والذي شهدت به جوارحهم هو اعتقاد الشرك والأقوال الداعية إليه.
وحرف {ما} نفي بقرينة قوله بعده: {ولكن ظَنَنتُمْ أَنَّ الله لاَ يَعْلَمُ} الخ، ولابد من تقدير حرف جر يتعدى به فعل {تَستتِرُونَ} إلى {أَن يَشْهَدَ} وهو محذوف على الطريقة المشهورة في حذف حرف الجر مع أَنْ.
وتقديره: بحسب ما يدل عليه الكلام وهو هنا يقدر حرفَ مِن، أي ما كنتم تستترون من شهادة سمعكم وأبصاركم وجلودكم، أي ما كنتم تستترون من تلك الشهود، وما كنتم تتقون شهادتها، إذ لا تحسبون أن ما أنتم عليه ضائر إذ أنتم لا تؤمنون بوقوع يوم الحساب.
فأما ما ورد في سبب نزول الآية فهو حديث الصحيحين وجامع الترمذي بأسانيد يزيد بعضها على بعض إلى عبد الله بن مسعود قال: كنت مستترًا بأستار الكعبة فجاء ثلاثة نفر قرشيان وثقفي أو ثقفيان وقرشي قليلٌ فِقْهُ قلوبهم كثيرٌ شحْم بطونهم فتكلموا بكلام لم أفهمه، فقال أحدهم: أترون الله يسمع ما نقول، فقال الآخر: يَسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا، وقال الآخر: إن كان يسمع إذا جهرنا فهو يسمع إذا أخفينا، قال عبد الله: فذكرتُ ذلك للنبيء صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: {وَمَا كُنْتم تَستَتِرُونَ أَن يَشْهَد عَلَيكُم سَمْعُكُم وَلا أبصاركم} إلى قوله: {فَأَصْبَحْتُم مِنَ الخاسرين}.
وهذا بظاهره يقتضي أن المخاطب به نفر معين في قضية خاصة مع الصلاحية لشمول من عسى أن يكون صدر منهم مثل هذا العمل للتساوي في التفكير.
ويجعل موقعها بين الآيات التي قبلها وبعدها غريبًا، فيجوز أن يكون نزولها صادف الوقت الموالي لنزول التي قبلها، ويجوز أن تكون نزلت في وقت آخر وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بوضعها في موضعها هذا لمناسبة ما في الآية التي قبلها من شهادة سمعهم وأبصارهم.
ومع هذا فهي آية مكية إذ لم يختلف المفسرون في أن السورة كلها مكية.
وقال ابن عطية: يشبه أن يكون هذا بعد فتح مكة فالآية مدنية، ويشبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ الآية متمثلًا بها عند إخبار عبد الله إياه. اهـ.
وفي كلامه الأول مخالفة لما جزم به هو وغيرهُ من المفسرين أن السورة كلها مكية، وكيف يصح كلامه ذلك وقد ذكر غيرهُ أن النفر الثلاثة هم: عبد ياليل الثقفي وصفوان وربيعة ابنا أمية بننِ خلف، فأما عبد ياليل فأسلم وله صحبة عند ابن إسحاق وجماعة، وكذلك صفوان بن أمية، وأما ربيعة بن أمية فلا يعرف له إسلام فلا يلاقي ذلك أن تكون الآية نزلت بعد فتح مكة.
وأحسن ما في كلام ابن عطية طرفه الثاني وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ الآية متمثلًا بها فإن ذلك يُؤَوِّل قول ابن مسعود فأنزل الله تعالى الآية، ويبين وجه قراءة النبي صلى الله عليه وسلم إياها عندما أخبره ابن مسعود بأنه قرأها تحقيقًا لمثال من صور معنى الآية، وهو أن مثل هذا النفر ممن يَشهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم، وذلك قاض بأن هؤلاء النفر كانوا مشركين يومئذٍ، والآية تحق على من مات منهم كافرًا مثل ربيعة بن أمية بن خلف.
وعلى بعض احتمالات هذا التفسير يكون فعل {تَستَتِرُونَ} مستعملًا في حقيقته أي تستترون بأعمالكم عن سمعكم وأبصاركم وجلودكم، وذلك توبيخ كناية عن أنهم ما كانوا يرون ما هم عليه قبيحًا حتى يستتروا منه وعلى بعض الاحتمالات فيما ذكر يكون فعل {تستترون} مستعملًا في حقيقته ومجازه، ولا يُعوزك توزيع أصناف هذه الاحتمالات بعضها مع بعض في كل تقدير تَفرِضُه.
وحاصل معنى الآية على جميع الاحتمالات: أن الله عليم بأعمالكم ونياتكم لا يخفى عليه شيء منها إن جهرتم أو سترتم وليس الله بحاجة إلى شهادة جوارحكم عليكم وما أوقعكم في هذا الضر إلا سوء ظنكم بجلال الله.
{وذلكم ظَنُّكُمُ} الإِشارة إلى الظن المأخوذ من فعل {ظَنَنتُم أَنَّ الله لاَ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ}، ويستفاد من الإِشارة إليه تمييزه أكمل تمييز وتشهير شناعته للنداء على ضلالهم.
وأتبع اسم الإِشارة بالبدل بقوله: {ظَنُّكُم} لزيادة بيانه ليتمكن ما يعقبه من الخبر، والخبر هو فعل {أَردَاكُم} وما تفرع عليه.
و{الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُم} صفة ل {ظَنُّكُمُ}.
والإِتيان بالموصول لما في الصلة من الإيماء إلى وجه بناء الخبر وهو {أَرْدَاكُم} وما تفرع عليه، أي الذي ظننتم بربكم ظنًا باطلًا.
والعدول عن اسم الله العَلَم إلى {بِرَبِّكُم} للتنبيه على ضلاللِ ظنهم، إذ ظنوا خفاء بعض أعمالهم عن علمه مع أنه ربهم وخالقهم فكيف يخلقهم وتخفى عنه أعمالهم، وهو يشير إلى قوله: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} [الملك: 14]، ففي وصف {بِرَبِّكُم} إيماء إلى هذا المعنى.
والإِرداء: الإِهلاك، يقال: رَدِيَ كرضِي، إذا هلَك، أي مات، والإِرداء مستعار للإِيقاع في سوء الحالة بحيث أصارهم مثل الأموات فإن ذلك أقصى ما هو متعارف بين الناس في سوء الحالة وفي الإِتيان بالمسند فعلًا إفادة قصرٍ، أي ما أرداكم إلا ظنكم ذلك، وهو قصر إضافي، أي لم تُردِكم شهادة جوارحكم حتى تلوموها بل أرداكم ظنكم أن الله لا يعلم أعمالكم فلم تحذروا عقابه.
وقوله: {فَأَصبحتم مِنَ الخاسرين} تمثيل لحالهم إذ يحسبون أنهم وصلوا إلى معرفة ما يحق أن يعرفوه من شؤون الله ووثقوا من تحصيل سعادتهم، وهم ما عرفوا الله حق معرفته فعاملوا الله بما لا يرضاه فاستحقوا العذاب من حيث ظنوا النجاة، فشبه حالهم بحال التاجر الذي استعدّ للربح فوقع في الخسارة.
والمعنى: أنه نُعي عليهم سوء استدلالهم وفساد قياسهم في الأمور الإِلهية، وقياسُهم الغائبَ على الشاهد، تلك الأصولُ التي استدرجتهم في الضلالة فأحالوا رسالة البشر عن الله ونفوا البعث، ثم أثبتوا شركاء لله في الإِلهية، وتفرع لهم من ذلك كله قطع نظرهم عما وراء الحياة الدنيا وأمنهم من التبعات في الحياة الدنيا، فذلك جماع قوله تعالى: {وذلكم ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بربِّكم أرداكم فأصْبَحْتُم مِنَ الخاسرين}.
واعلم أن أسباب الضلال في العقائد كلها إنما تأتي على الناس من فساد التأمل وسرعة الإِيقان وعدم التمييز بين الدلائل الصائبة والدلائل المشابهة وكل ذلك يفضي إلى الوهَم المعبر عنه بالظن السيِّىء، أو الباطل.
وقد ذكر الله مثله في المنافقين وأن ظنهم هو ظن أهل الجاهلية فقال: {يظنون باللَّه غير الحق ظن الجاهلية} [آل عمران: 154]، فليحذر المؤمنون من الوقوع في مثل هذه الأوهام فيبُوءُوا ببعض ما نُعي على عبدة الأصنام.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث» يريد الظن الذين لا دليل عليه.
وأصبحتم بمعنى: صرتم، لأن أصبح يكثر أن تأتي بمعنى: صار.
{فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24)} تفريع على جواب {إذا} [فصلت: 20] على كلا الوجهين المتقدمين، أو تفريع على جملة {وَقَالُوا لِجُلُودِهِم لِمَ شَهِدْتُم عَلَيْنا} [فصلت: 21]، أو هو جواب {إذا}، وما بينهما اعتراض على حسب ما يناسب الوُجوه المتقدمة.
والمعنى على جميع الوجوه: أن حاصل أمرهم أنهم قد زُجَّ بهم في النار فإن صَبَروا واستسلموا فهم باقون في النار، وإن اعتذروا لم ينفعهم العذر ولم يقبل منهم تنصل.
وقوله: {فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُم} دليل جواب الشرط لأن كون النار مثوى لهم ليس مُسبَّبًا على حصول صبرهم وإنما هو من باب قولهم: إن قَبِل ذلك فذاك، أي فهو على ذلك الحال، فالتقدير: فإن يصبروا فلا يَسَعُهم إلا الصبر لأن النار مثوى لهم.
ومعنى {وَإن يَسْتَعتِبُوا} إنْ يسألوا العُتْبَى بضم العين وفتح الموحدة مقصورًا اسم مصدر الإِعتاب وهي رجوع المعتُوب عليه إلى ما يُرضي العاتب.
وفي المَثل مَا مُسيء من أعْتَبَ أي من رجع عمَّا أساء به فكأنه لم يسىء.
وقلما استعملوا المصدر الأصلي بمعنى الرجوع استغناء عنه باسم المصدر وهو العتبى.
والعاتب هو اللائم، والسين والتاء فيه للطلب لأن المرء لا يسأل أحدًا أن يعاتبه وإنما يسأله ترك المعاتبة، أي يسأله الصفح عنه فإذا قبل منه ذلك قيل: أَعْتبه أيضًا، وهذا من غريب تصاريف هذه المادة في اللغة ولهذا كادوا أن يميتوا مصدر: أعتب بمعنى رجَع وأبقوه في معنى قَبِل العُتَبى، وهو المراد في قوله تعالى: {فَمَا هُم مِنَ المُعتَبِينَ} أي أن الله لا يُعتبهم، أي لا يقبل منهم. اهـ.

.قال السمرقندي في الآيات السابقة:

قوله تبارك وتعالى: {حم} اسم السورة.
ويقال: حم يعني: قضي ما هو كائن ويقال هو قسم أقسم الله تعالى به.
{تَنزِيلَ} أي: نزل بهذا القرآن جبريل، {مّنَ الرحمن الرحيم} تنزيل صار رفعًا بالابتداء، وخبره، {كتاب فُصّلَتْ ءاياته} ويقال: صار رفعًا بإضمار فيه.
ومعناه: هذا تنزيل من الرحمن الرحيم، {كِتَابٌ} يعني: القرآن {فُصّلَتْ ءاياته} يعني: بينت، وفسرت دلائله، وحججه.
ويقال: بيّن حلاله، وحرامه، {قُرْءانًا عَرَبِيًّا} صار نصبًا على الحال.
أي: بينت آياته في حال جمعه، {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} أي: يصدقون، ويقرون بالرسل.
ويقال: يعلمون ما فيه، ويفهمونه.
{قُرْءانًا عَرَبِيًّا} أخذ من الجمع، ولو كان غير عربي لم يعلموه.
قوله تعالى: {بَشِيرًا وَنَذِيرًا} يعني: {بَشِيرًا} للمؤمنين بالجنة {وَنَذِيرًا} للكافرين بالنار.
{فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ} يعني: أعرض أكثر أهل مكة، {فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ} يعني: لا يسمعون سمعًا ينفعهم، لأنهم لا يجيبون، ولا يطيعون.
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا في أَكِنَّةٍ} يعني: في غطاء لا نفقه ما تقول، {مّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ} من التوحيد لا يصل إلى قلوبنا، {وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِى} يعني: ثقلًا فلا نسمع قولك.
يعني: نحن في استماع قولك، كالصم لا نسمع ما تقول، {وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} أي ستر، وغطاء، {فاعمل إِنَّنَا عاملون} يعني: اعمل على أمرك، نعمل على أمرنا.
ويقال: اعمل لإلهك الذي أرسلك، إننا عاملون لآلهتنا، وهذا قول مقاتل، والأول قول الكلبي.
ويقال: اعمل في هلاكنا، إننا عاملون في هلاكك.
روى محمد بن كعب القرظي عمن حدثه: أن عتبة بن ربيعة قال ذات يوم وهو جالس في نادي قريش: ألا أقُوم إلى هذا الرجل، وأكلمه، وأعرض عليه أمورًا، لعله يقبل منا بعضها، فنعطيه أيها شاء، ويكف عنا، وذلك حين رأوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يزيدون، ويكثرون.
فقالوا: بلى يا أبا الوليد.
فقام عتبة: حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا ابن أخي إنك منا حيث علمت من المكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت جماعتهم، وعبت آلهتهم، ودينهم، وكفرت من مضى من آبائهم، فإن كنت، إنما تريد بما جئت به مالًا، جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثر مالًا، وإن كنت تريد شرفًا شرفناك علينا، حتى لا نقطع أمرًا دونك، وإن كنت تريد به ملكًا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيًا تراه، أي: خيالًا، لا تستطيع أن تردّه عنك نفسك، طلبنا لك الطب، وبذلنا لك فيه أموالنا حتى نبريك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل، حتى يداوى منه.
فلما فرغ منه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم {حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرحمن الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُه} حتى انتهى إلى قوله: {فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صاعقة مِّثْلَ صاعقة عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: 13] فقام عتبة، وجاء إلى أصحابه.
فقال بعضهم لبعض: تالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب، فلما جلس إليهم قالوا: ما وراءك؟ قال: سمعت قولًا ما سمعت بمثله قط، والله ما هو بالشعر، ولا بالسحر، ولا بالكهانة.
يا معشر قريش أطيعوني، وخلوا بيني وبين الرجل، وبين ما هو فيه.
فقالوا: سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه.
فقال: هذا الرأي لكم، فاصنعوا ما بدا لكم.
يقول الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: {قُلْ} يا محمد، {إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ} يعني: آدميًا مثلكم، {يوحى إِلَىَّ} ما أبلغكم من الرسالة، {أَنَّمَا إلهكم إله واحد فاستقيموا إِلَيْهِ} يعني: أقروا له بالتوحيد، {واستغفروه} من الشرك، {وَوَيْلٌ لّلْمُشْرِكِينَ} يعني: الشدة من العذاب للمشركين، {الذين لاَ يُؤْتُونَ الزكواة} يعني: لا يعطون الزكاة، ولا يقرون بها، {وَهُمْ بالآخرة هُمْ كافرون} يعني: بالبعث بعد الموت.
ثم وصف المؤمنين فقال: {إِنَّ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} يعني: صدقوا بالله، وأدوا الفرائض، {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} يعني: غير منقوص.
ويقال: غير مقطوع.